حلقة 499: حكم الشرع في الأموال التي تُنذر للأولياء - حكم من غطى رأسه وهو محرم بسبب البرد - حكم ذبيحة تارك الصلاة - حكم الصيام بدل الإطعام في الكفارة في حالة عدم وجود المساكين - تفسير قوله هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

49 / 50 محاضرة

حلقة 499: حكم الشرع في الأموال التي تُنذر للأولياء - حكم من غطى رأسه وهو محرم بسبب البرد - حكم ذبيحة تارك الصلاة - حكم الصيام بدل الإطعام في الكفارة في حالة عدم وجود المساكين - تفسير قوله هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ

1- ما حكم الشرع في الأموال التي تُنذر للأولياء وتوضع في صناديق أخر، وهل لأحد حق فيها لانتسابه إلى هذا الولي؟

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصبحه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالنذر من العبادات التي يجب إخلاصها لله وحده؛ لأنها التزام من المكلف ما ليس لازم له من جهة الشرع تعظيما للمنذور له وتقربا إليه، وهذا لا يصلح إلا لله وحده، فليس لأحد أن يلتزم صلاة ولا صوما ولا صدقة ولا غير ذلك لا لملك مقرب ولا لنبي مرسل، ولا لنجم ولا لشجر، فهذه النذور التي يقدمها بعض الجهال إلى الأولياء من أصحاب القبور تعتبر شركا أكبر كالذبح لغير الله وكالاستغاثة بالأموات كل ذلك من قسم الشرك الأكبر قال الله -عز وجل-: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ (الإسراء:23)، وقال سبحانه : وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حنفاء(البينة: من الآية5) وقال -عز وجل-: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (الفاتحة:5)، وقال سبحانه : وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ (البقرة:270) المعنى سوف يجازيكم عليه سبحانه وتعالى، فالنذور عبادات وقرب يجب أن تكون لله وحده، ومع ذلك فالرسول نهى عن النذر وقال: (إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج من البخيل) فلا ينبغي للمؤمن النذر ولكن متى نذر فليكن لله وحده لا لغيره سبحانه وتعالى، فإذا قال: لله عليه أن يصلي كذا أو يصوم كذا أو يتصدق بكذا لزمه الوفاء؛ لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم – أنه قال : ( من نذر أن يطيع الله فليطيعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه) خرجه البخاري في صحيحه من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-. فإذا قال: لله عليه أن يصلي الضحى ركعتين وجب عليه الوفاء، لله عليه أن يتصدق بكذا وكذا درهم أو بكذا وكذا صاعاً من بر أو شعير أو أرز أو غير ذلك وجب عليه الوفاء، أو قال: لله عليه أن يحج وجب عليه الحج، لله عليه أن يعتمر وجب عليه العمرة وهكذا لقوله عليه الصلاة والسلام: ( من نذر أن يطيع الله فليطعه)، أما أن ينذر للأولياء لأصحاب القبور للجن للكواكب للرسل عليهم الصلاة والسلام لغيرهم من المخلوقين فهذا شرك بالله كما لو ذبح لغير الله أو استغاث بغير الله من الأموات أو من الجن أو من الكواكب أو ما أشبه ذلك كله من الشرك بإجماع أهل العلم، وإنما وقع هذا من المتأخرين الذين جهلوا توحيد الله وجهلوا أحكام شريعته فوقعوا في الشرك. وقد يقع في هذا بعض من ينتسب إلى العلم لعدم بصيرته بالعقيدة الصحيحة التي درج عليها سلف الأمة. وهذه النذور التي تكون من الأموال وتجمع في الصناديق حول القبور هذه حكمها حكم الأموال التي لا رد لها تؤخذ لبيت مال المسلمين أو يأخذها ولي الأمر ويصرفها في مصالح المسلمين كمساعدة الفقراء والمساكين أو إصلاح الطرق أو دورات المياه أو ما أشبه ذلك من المصالح العامة ولا ترد على أهلها، وليس لأحد أن يأخذها من الناس، بل هذه ترجع لولي الأمر إذا كان ولي الأمر صالحاً ينفذ شرع الله وإلا فلأصحاب البصيرة من أهل العلم يأخذونها ويوزعونها في وجوه البر والخير على الفقراء والمحاويج ونحو ذلك، ويبصرون الناس وينذرونهم منها ويحذرونهم منها وأنها منكر وأنها من الشرك حتى لا يعودوا إليها، وتزال هذه الصناديق وترفع من المساجد وغيرها لأنها منكر؛ ولأنها دعوة إلى الشرك بالله -عز وجل-. فالواجب إزالتها والتحذير منها وتوعية الناس وتبصيرهم لأن هذا من الشرك الأكبر وما وجد فيها حين إزالتها من نقود تصرف في أعمال الخير، كما تقدم، مع إزالتها من المساجد ومع تنبيه العامة وتحذيرهم من مثل هذا، وأنه لا يجوز التقرب إلى غير الله لا بالصلاة ولا بالنذور ولا بالصدقات ولا غير هذا لا لأصحاب القبور ولا للأصنام ولا للكواكب ولا للجن ولا لغير هذا، العبادة لله وحده سبحانه وتعالى كما قال -عز وجل-: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (الزمر: من الآية2) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ.. (البينة: من الآية5)، والعبادة كل ما أمر الله به ورسوله، قال بعض أهل العلم: "معناها اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة" وتكون قولية وتكون عملية، تكون بالقلب وتكون باللسان وتكون بالجوارح، كخوف الله وتعظيمه ومحبته هذه عبادات قلبية وهكذا رجاؤه سبحانه ونحو ذلك من سائر العبادات القلبية، وهناك عبادات عملية كالصلاة والزكاة والصدقات والذبح والنذر هذه عبادات عملية، وتكون قولية كالنذر من جهة القول فالنذر عبادة قولية وما يحصل به من صدقات ونحو ذلك عبادات مالية. فالحاصل أن جميع العبادات قولية أو عملية ........!! أو صنم أو غير ذلك، نسأل الله للجميع الهداية والسلامة.  
 
2- أديت بفضل الله تعالى فريضة الحج، وأثناء المبيت بمنى يوم التروية شعرت في آخر الليل ببرد شديد؛ لأني كنت نائماً في الخلاء، وعندما أحسست بشدة البرد قمت بتغطية نفسي ببطانية كانت معي، غطيت جسدي كله بما في ذلك رأسي وأنا محرم، وأعلم أن كشف الرأس واجب حال الإحرام، فما الحكم، وإن كان علي دم فهل يجوز لي أن أذبح في مصر التي أقيم بها، أو أن أوكل غيري ممن يسافرون إلى الحج بالذبح عني بمكة المكرمة؟ جزاكم الله خيراً.   
المحرم ليس له أن يغطي رأسه كما هو معلوم، وليس له أن يلبس المخيط كما هو معلوم، إذا كان ذكرا، لكن إذا اضطر إلى ذلك لمرض أصابه احتاج معه إلى تغطية رأسه أو برد اشتد به حتى اضطر إلى تغطية رأسه فلا حرج عليه، ولكن عليه فدية وهذه الفدية مخيرة بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة، كما في قوله جل وعلا: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ (البقرة: من الآية196) وجاء في حديث كعب بن عجرة في الصحيحين أن الرسول عليه الصلاة والسلام أمره لما اشتد به الأذى في رأسه أن يحلق رأسه وأن يتصدق بثلاثة آصع من التمر بين ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو يصوم ثلاثة أيام أو يذبح شاة، فهذا هو الحكم فيمن احتاج إلى تغطية الرأس أو حلق الرأس أو لبس المخيط أو الطيب أو قلم الأظفار حكمه حكم ما جاء في حديث كعب بن عجرة: يخير بين ثلاثة أمور: إحداها: صيام ثلاثة أيام في أي مكان يصومها في مصر أو في غيرها. الثانية: إطعام ستة مساكين يعني ستة فقراء، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر أو أرز أو حنطة أو شعير أو نحو ذلك، وهذا في مكة، هذا يعطى فقراء مكة. الثالثة: ذبح شاة، والذبح يكون في مكة أيضاً لفقراء الحرم. فعليك أيها السائل أن تصوم ثلاثة أيام في بلادك، وإن شئت أن تطعم ستة مساكين أو تذبح شاة فهذا يكون في الحرم، عليك أن توكل ثقة يقوم بهذه المهمة، أو تحضر بنفسك فتقوم بهذه المهمة، أما الصيام فلك أن تصوم في بلادك، والحمد لله.  
 
3- علمنا من حلقات البرنامج أن تارك الصلاة مطلقاً يعد كافراً خارجاً عن الملة على الصحيح من الأقوال، فهل يحرم علينا أكل شيء مما ذبحه تارك الصلاة؟
نعم، هذا مقتضى الحكم بتكفيره؛ فإن ذبيحة الكافر محرمة إلا أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى خاصة، أما المرتد بترك الصلاة أو بسب الدين أو بالاستهزاء بالدين أو بجحد وجوب الصلاة أو بجحد وجوب صيام رمضان أو بغير هذا من نواقض الإسلام هذا حكمه حكم الوثنيين، بل أشد من الوثنين لا تؤكل ذبيحته إذا ذبح ذبيحة تكون حراما لأنه مرتد ليس من أهل الكتاب، بل مرتد فوق أهل الكتاب في الكفر، فهو من جنس الوثنيين ومن جنس المجوس، لا تؤكل ذبيحته.   
 
4- عند قضاء كفارة اليمين إذا لم نجد عشرة مساكين فهل يجوز الصيام مع القدرة على الإطعام؟
المساكين موجودون ما هم معدومون، المساكين موجودون .... ولو في قرية أخرى غير قريتك، المقصود أن الفقراء موجودون وبكثرة أيضاً لكن عليه أن لا يضعف أن يلتمسهم أو يوكل من يلتمسهم من الثقات في بلد أخرى إذا كان بلده كل أهلها أغنياء فيلتمس في القرى الأخرى وعليه أن يوكل ثقة أو يذهب فيلتمس، ولا يصوم إلا عند العجز ما وجد فقراء.   
 
5- يسأل عن تفسير قوله تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ[الفجر:5]؟.
الحِجر هو العقل، الله يقول سبحانه: وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ* وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ (1-5) سورة الفجر، فهذه الآية تبين أن هذه الأقسام عظيمة أقسم الله بها سبحانه وهو جل علا يقسم بما يشاء سبحانه وتعالى لا أحد يتحجر عليه سبحانه وتعالى، وإنما أقسم بها لأنها من آياته الدالة على قدرته العظيمة وأنه رب العالمين فقال: (والفجر) وهو انفلاق الصبح بعد ذهاب الليل، (وليال عشر) فُسرت هذه الليالي بليالي عشر ذي الحجة وبليالي العشر الأخيرة من رمضان فهي كلها معظمة، (والشفع والوتر) الشفع الاثنين والأربعة والستة ونحو ذلك، والوتر الواحد والثلاثة والخمسة ونحو ذلك، كلها من آيات الله سبحانه وتعالى، جعل شفعا ووترا في مخلوقاته جل وعلا، وهي من آياته سبحانه وتعالى، السماوات السبع وتر والأرض سبع وتر والعرش واحد وتر والكرسي واحد وتر وجعل أشياء شفعا كالليل والنهار شفعا والذكر والأنثى شفعاً وغير ذلك، كما قال سبحانه: وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ (49) سورة الذاريات، (والليل إذا يسر) كذلك من آياته هذا الليل حين يأتي بظلامه وفي النهار حين يأتي بضيائه كلها من آياته سبحانه وتعالى، ثم قال بعد هذا: (هل في ذلك قسم لذي حجر) فالمعنى -والله أعلم- هل في ذلك قسم لذي حجر لذي عقل يقتضي أن يخالف، بل يجب على المؤمن أن يتدبَّر ويتعقَّل ويعرف أنه سبحانه إنما أقسم بهذه الأقسام لدلالة عباده على عظم هذه المخلوقات وأنها من الدلائل على قدرته العظيمة ووحدانيته سبحانه وتعالى وأنه لا يجوز للمؤمن أن يخالف ما دلت عليه فيشرك بالله ويعبد معه سواه وهو الخلاق لهذه الأشياء القائم بأرزاق العباد إلى غير هذا، سبحانه وتعالى. ويحتمل معنى آخر وهو أنه سبحانه يريد هل في ذلك قسم لذي حجر يقسم به، أو إلا من هذه الأقسام التي فيها دلائل على قدرته العظيمة، مع أنه سبحانه حرم القسم بغيره جل وعلا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت) فليس لأحد أن يقسم إلا بربه سبحانه وتعالى، فالآية فيها شيء من الغموض، لكن يحتمل أن المراد أن هذا القسم كافٍ في الدلالة على عظمة هذه المخلوقات وأنها من دلائل قدرته العظيمة، ويحتمل هل في ذلك لذي حجر قسم آخر ينبغي أن يقسم به للدلالة على توحيد الله والدعوة إلى عبادته وإخلاص له سبحانه وتعالى، هذا والله أعلم من المعنى. ويحتمل معنى آخر، ولعنا أن نعود إلى ذلك في حلقة أخرى لمزيد من البيان والإيضاح لما قاله أهل العلم في تفسير هذه الآية، والله جل وعلا أعلم وأحكم سبحانه وتعالى.    
 
6- هل مصاحفة المرأة الأجنبية تنقض الوضوء؟
اختلف العلماء في ذلك: فبعضهم ذهب إلى أن مصافحتها ومسها ينقض الوضوء مطلقاً بشهوة أو بغير شهوة وقال بعضهم مسها لا ينقض الوضوء مطلقا لشهوة ولغير شهوة، وقال بعضهم بالتوسط إن كان بشهوة نقض وإلا فلا. والأرجح من أقوال أهل العلم أن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا؛ لعدم الدليل، بل الدليل يدل على أن مسها لا ينقض؛ لأنه ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم – أنه قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ، فلو كان المس ينقض لتوضأ عليه الصلاة والسلام، وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم – أنه كان في صلاة الليل إذا أراد أن يسجد غمز عائشة فكفت رجلها وإذا رفع مدت رجلها، فدل ذلك على أن مس المرأة لا ينقض الوضوء. أما قوله سبحانه : ..أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء.. (43) سورة النساء، في آية النساء وفي آية المائدة فالصحيح من معناها أن المراد الجماع والله يكني عن الجماع بالمسيس واللمس والمباشرة فقوله جل وعلا : (أو لامستم النساء) أي جامعتم النساء، وهكذا قراءة (أو لمستم) يعني جامعتم لأنه ذكر قبل ذلك ما يتعلق بالحدث الأصغر فقال سبحانه : وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً..(النساء: من الآية43) فذكر سبحانه ما يدل على الحدث الأصغر في قوله: (أو جاء أحد منكم من الغائط) وما يدل على الحدث الأكبر وهو قوله: (أو لا مستم النساء) يعني جامعتم النساء، هذا هو الصواب الذي قاله ابن عباس وجماعة من أهل العلم، وهو أولى من قول من قال: إن المراد به المس باليد، هذا هو الصواب، الصواب أن المراد الجماع؛ ولهذا ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم – أنه قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ؛ ولأن هذا أمر تعم به البلوى، الإنسان يكون في بيته الزوجة ويكون في بيته غير الزوجة فيمسها وهو على وضوء فلو كان هذا ينقض الوضوء لبينه النبي - صلى الله عليه وسلم – بيانا كافيا وأوضحه للأمة، فلما لم يبين في ذلك شيئا علم أنه ليس من النواقض، والله المستعان. - يستوي الأمر بالنسبة للأجنبية وغير الأجنبية؟ ج/ نعم، زوجته والأجنبية والمحرم كل مس النساء لا ينقض مطلقا، إلا إذا خرج منه شيء إذا خرج منه مذي انتقض الوضوء بالمذي، أما مجرد مسه لأمه أو أخته أو زوجته أو أجنبية كل هذا لا ينقض الوضوء. مع أنه لا يجوز له مس الأجنبية، ليس له مس الأجنبية، لكن لو قدر له أن مسها لا ينقض الوضوء.  
 
7- هل تقبل صلاة المرأة السافرة، أي التي لا ترتدي الحجاب إلا في وقت الصلاة؟! وهل يقبل منها حجها إذا أرادت فريضة الحج على أن تعود لحالتها الأولى، كما يحصل كثيراً في زماننا هذا من أهل الفن وغيرهم، وخصوصاً العاملات في الوسط الفني اللائي يثرن الفتنة في أي مكان  يظهرن فيه؟   
إذا استوفت شروط الصلاة صحت صلاتها وإن كان عندها معاصي قبل الصلاة أو بعد الصلاة، إذا استوفت الشروط بأن توضأت وصلت كما أمر الله وسترت عورتها ورأسها وبقية بدنها فصلاتها صحيحة إذا استوفت الشروط والأركان والواجبات، أما مجرد كونها تكشف بعد الصلاة أو قبل الصلاة، تكشف رأسها أو وجهها للأجانب هذه معصية مستقلة ما تتعلق بالصلاة، المهم أن تصلي على الوجه الذي شرع الله وصلاتها صحيحة إذا استوفت ما أو جب الله عليها. أما معصيتها قبل الصلاة أو بعد الصلاة فهذا إثمها عليها لا تبطل الصلاة، وهكذا في الحج إذا حجت كما أمر الله ولو قدر أنها فعلت معصية في الحج أو قبل الحج أو بعد الحج حجها صحيح، لكن إذا كان فيه معصية يكون نقصا في الحج نقصا في الثواب، والحج إنما يبطل بالجماع، الحج إنما يبطل بالجماع، إذا جامع قبل التحلل الأول بطل الحج وصار حجا فاسدا يكمله، حجا فاسدا، فعليه أن يكمله ويتممه ويكون حجه حجا فاسدا عليه قضاؤه مرة أخرى من الميقات الذي أحرم منه، وهكذا العمرة لو جامع فيها أفسدها إذا كان ما قد طاف ولا سعى فإنه يفسدها بالجماع، وعليه أن يكملها ثم يقضيها، لقوله سبحانه : وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ.. (196) سورة البقرة، فإن الصحابة أفتوا بأن على من أفسدها أن يكملها وعليه أن يقضيها أيضا من محل إحرامه الأول يقضيها، وكونه عصى قبل الحج أو بعد الحج لا يبطل حجه ولا عمرته وكونه عصى في الحج مثلا كأن اغتاب أحدا وهو محرم أو سب أحدا وهو محرم يكون نقصا في حجه لكن لا يبطل الحج، أو عقد عقدا ليس بشرعي كالربا أو عقداً اختل فيه بعض الشروط لا يخل بحجه ولا بعمرته.  
 
8- هل زواج الأقارب أوفق للتربية الإسلامية أم زواج الأباعد، وهل في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك؟ أرشدوني أفادكم الله
لا أعلم في السنة ما يدل على تفضيل الأقارب على غيرهم، ولا تفضيل الأباعد على غيرهم، وإنما المفضل أن يختار ذات الدين، هذا هو المفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم– في الحديث الصحيح : ( تنكح المرأة لأربع: لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)، ولم يقل: فاظفر بريبتك أو بالبعيدة الأجنبية قال: (فاظفر بذات الدين تربت يداك)، والله يقول سبحانه: ..إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ.. (13) سورة الحجرات، يعم الأقارب والأباعد. فأفضل النساء من كانت تقية لله ذات دين سواء كانت قريبة أو بعيدة، فلا ينبغي للعاقل أن يقدم الأقارب على الأباعد لمجرد القرابة، لا، بل ينظر ويتأمل ويسأل فمن كانت أقرب إلا الخير وأبعد عن الشر اختارها زوجة له، وإن كانت أجنبية، وإن كانت من أقاربه فهذا خير إلى خير، صلة رحم وزوجة صالحة.  
 
9- يسأل عن الأغاني والموسيقى
الأغاني محرمة عند أكثر أهل العلم، وشذ بعضهم في جواز شيء قليل منها الذي لا يُصحب بشي من آلات الملاهي ولا بالموسيقى ولا بالعود ولا بالكمان ولا بالطبل ولا بغير ذلك، والذي عليه جمهور أهل العلم هو أنها محرمة ما دامت تتعلق بالنساء وصفاتهن والإغراء بهن أو بالخمور أو بشيء مما حرم الله تكون الأغاني محرمة لهذا المعنى، وهكذا ما يكون بأصوات النساء وأصوات المخنثين المعروفين بإثارة الفاحشة والدعوة إلى الفاحشة كل هذا محرم منكر، فإذا كان مع ذلك آلة لهو كالموسيقى أو العود أو الكمان أو غير هذا أو الرباب حرم، حكاه ابن الصلاح بإجماع أهل العلم، وقد بسط العلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى – هذا البحث في كتابه (إغاثة اللهفان من مكايد الشيطان)، فمن أراد أن يراجعه فهو مفيد جداً. والخلاصة أن الأغاني محرمة وكل ما يتعلق بالأغاني أو بالنساء أو بصوت من يتشبه بالنساء أو من يحرك حركات جنسية مما يذكر من صفة النساء وكلام النساء وما يدعو إلى الفاحشة أو اللواط أو يدعو إلى الخمر أو غير هذا من المحرمات كل ذلك محرم، وذلك لا ينبغي أن يكون فيه خلاف، وإنما الخلاف في أصوات الغناء أصوات النساء المغنيات، قد شذ أهل العلم بجواز ذلك إذا كان قليلاً ولا يترتب عليه دعوة إلى منكر ولا يصحبه منكر من آلات اللهو ولكنه قول مرجوح. والصواب الذي عليه الجمهور من أهل العلم تحريمها مطلقا، وإذا كانت معها آلة لهو صارت محرمة بالإجماع؛ لما يترتب عليها من الفساد الكبير ومرض القلوب وميلها إلى الفواحش والصد عن ذكر الله وعن الصلاة؛ ولهذا قال سبحانه: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ.. (6) سورة لقمان، قال جمهور أهل العلم: المراد باللهو الحديث هو الغناء، فذم من فعل ذلك، (ومن الناس من يشتري) هذا على سبيل الذم والتحذير، ولهذا قال بعدها: (ليُضل عن سبيل الله) وقرأ بعض القراء (ليَضل) يعني ليضل بذلك عن سبيل الله. فاستعمال الأغاني واعتيادها من أسباب الضلال عن سبيل الله والإضلال للغير (بغير علم) قد يضل وهو لا يشعر لسكرته بالهوى كحب الشهوة والميل إلى الغناء قد يضل بها ويضل غيره بغير علم بغير بصيرة بغير هدى، وهي وسيلة أيضا لاتخاذ سبيل الله هزواً لما وقع في قلبه من المرض بسبب الأغاني وحبها والمجيء إليها، توعدهم بالعذاب المهين في مقابل هذه الأغاني التي يعتز بها ويترفع بها وأرادوا من ورائها العزة أو المال أو غير ذلك، ثم ذكر بعد هذا سبحانه أن أهل الأغاني يبتلون بالاستكبار عن اتباع الحق وعن سماع القرآن ولهذا قال بعده: وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبراً كأن لم يسمعها، كأن في أذنيه وقراً فبشره بعذاب أليم، فالوعيد عظيم، والغاية خطيرة وأن استماع الأغاني وسيلة إلى الضلال والإضلال ووسيلة إلى اتخاذ سبيل الله هزواً ووسيلة أيضاً إلى التكبر عن سماع القرآن والانتفاع به وهذا خطر عظيم، فيجب الحذر من هذه الخصال الذميمة، قال ابن مسعود رضي الله عنه الصحابي الجليل: الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل، فنسأل الله السلامة والعافية.

353 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply