حلقة 493: الرد على من يستدل بجواز القراءة عند القبر بفعل ابن عمر - الكلام على حديث صلاة التسبيح - حكم صلاة الخامس عشر من شعبان - حكم كشف المرأة باطن القدم أثناء الصلاة - حكم تخليل المرأة شعرها عند غسلها من الجنابة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

43 / 50 محاضرة

حلقة 493: الرد على من يستدل بجواز القراءة عند القبر بفعل ابن عمر - الكلام على حديث صلاة التسبيح - حكم صلاة الخامس عشر من شعبان - حكم كشف المرأة باطن القدم أثناء الصلاة - حكم تخليل المرأة شعرها عند غسلها من الجنابة

1- استمعت في إحدى حلقات نور على الدرب عن القراءة والصلاة والدعاء عند القبور، حيث أفتى سماحة الشيخ عبد العزيز بأن قراءة القرآن عند القبور لا تجوز، وطالب الشيخ بالدليل لمن يقول بجواز قراءة القرآن عند القبر، وقد اطلعت على كتاب (الروح) لابن قيم الجوزية حيث وجدت الحديث التالي: قال الخلال: وأخبرني الحسن بن أحمد الوراق، حدثني علي بن موسى الحداد وكان صدوقاً قال: كنت مع أحمد بن حنبل ومحمد بن قدامة الجوهري في جنازة، فلما دفن الميت جلس رجل ضرير يقرأ عند القبر فقال له أحمد: يا هذا! إن القراءة عند القبر بدعة، فلما خرجنا من المقابر قال محمد بن قدامة لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله! ما تقول في مبشر الحلبي، قال: ثقة. قال: كتبت عنه شيئاً؟ قال: نعم، فأخبرني مبشر عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتمتها وقال: سمعت ابن عمر يوصي بذلك، فقال له أحمد: ارجع وقل للرجل يقرأ! انتهى. وقال الحسن الزعفراني سألت الشافعي عن القراءة عند القبر فقال: لا بأس بها، انتهى. وقد نقلت هذين النصين حرفياً من كتاب الروح لابن قيم، وهناك أقوال كثيرة في هذا الكتاب تجيز القراءة والصلاة عند القبر، أرجو من سماحة الشيخ توضيح هذه المسألة، مأجورين بإذن الله تعالى، وفقكم الله، وجزاكم الله خيراً.   

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فقد اطلعت على ما ذكره السائل وما نقله عن كتاب الروح، قد اطلعت عليه في كتاب الروح، ولكن ينبغي أن يعلم السائل أن الأدلة الشرعية منحصرة في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم – وفي إجماع أهل العلم، أما ما يتعلق بأقوال أفراد الصحابة فهي تعرض على الكتاب والسنة، والعبادات توقيفية لا يجوز منها إلا ما أجازه الشرع ولم يثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا عن خلفائه الراشدين أنهم كانوا يقرؤون عند القبور ولا يصلون عند القبور، أما ما فعله ابن عمر هذا اجتهاد منه - رضي الله عنه- وهكذا من فعله بعده من بعض السلف من باب الاجتهاد، والاجتهاد يخطئ ويصيب، والواجب هو عرض ما تنازع فيه الناس على كتاب الله وعلى سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وعلى ما أجمع عليه أهل العلم، ومعلوم أن القراءة محلها البيوت والمساجد وليس محلها المقابر، والمقابر إنما تزار ويدعى لأهلها، وهكذا الصلاة ليس محلها المقابر وإنما محلها المساجد والبيوت، فكما أنه لا يصلى عند القبور كذلك لا تتخذ محلاً القراءة؛ لا عند الدفن ولا بعد الدفن لقول النبي - صلى الله عليه وسلم – : ( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وقوله - صلى الله عليه وسلم - : (اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبوراً) فدل ذلك على أن القبور ليست محلاً للصلاة، قال: (لا تتخذوها قبوراً) يعني بترك الصلاة فيها يعني صلوا في بيوتكم، وهكذا قوله - صلى الله عليه وسلم – لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها، وكلها أحاديث صحيحة ثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر: (اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة) فالمقصود أن المساجد والبيوت هي محل قراءة وهي محل الصلاة، وليست المقابر محل صلاة ولا محل قراءة وإنما تزار للدعاء لأهلها ولتذكر الآخرة والزهد في الدنيا وتذكر الموت، وكان عليه الصلاة والسلام إذا زار القبور يدعو لأهلها يسلم عليهم ويدعو لهم، وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المسلمين والمؤمنين وإنا إنشاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية)، ولم يعلمهم أن يقرؤوا عندها القرآن، وقالت عائشة - رضي الله عنه – : كان عليه الصلاة والسلام إذا زار القبور يقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لا حقون يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد) فلم يكن عليه الصلاة والسلام يقرأ عند القبور، ولم يكن يصلي عند القبور عليه الصلاة والسلام والخير كله في اتباعه والسير على منهاجه عليه الصلاة والسلام، ولهذا قال جل وعلا في كتابه العظيم :(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (الأحزاب:21) ولم يكن خلفاؤه الراشدون يفعلون ذلك، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ)، وابن عمر له اجتهادات خالف فيها السنة فمن ذلك أنه كان يغسل داخل عينيه، وهذا خلاف السنة وهذا من اجتهاده - رضي الله عنه -، ومن ذلك أنه كان إذا حج أو اعتمر يأخذ من لحيته ما زاد على القبضة، وهذا خلاف السنة، وقد قال عليه الصلاة والسلام : (قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين) خرجه البخاري في صحيحه، وقال عليه الصلاة والسلام: ( قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين) متفق علي صحته، وكان يأخذ ماءً لأذنيه، والسنة أن تمسح الأذنان بماء الرأس، فالحاصل أنه له اجتهادات - رضي الله عنه – لا يوافق عليها من جهة السنة، فهكذا ما يروى عنه من القراءة عند القبر وقت الدفن هذا شيء اجتهد فيه - رضي الله عنه – والسنة بخلافه، والإمام أحمد - رحمه الله تعالى - لما بلغه ذلك كان باجتهاده - رضي الله عنه – ورحمه رأى أن يوافق ابن عمر، وأن يقر الكفيف على قراءته بعد أن قال له إنها بدعة، فقوله الأول هو الصواب، قول الإمام أحمد الأول هو الصواب، وهو الذي يوافق الأدلة الصحيحة الكثيرة عن رسول لله عليه الصلاة والسلام؛ ولأن القراءة عندها والصلاة عندها وسيلة إلى عبادتها من دون الله، فالناس قد يظنون أن القراءة عندها أن لها مزية وأن لها شيء زائد وهكذا الصلاة عندها فيجرهم هذا إلى اتخاذها مساجد وإلى دعاء أهلها والاستغاثة بأهلها والتوسل بأهلها فيقع الشرك ولا حول ولا قوة إلى بالله ولا حول ولا قوة إلا بالله. شيخ عبد العزيز تضعون مدرسة ينبغي أن ينهل منها طلاب العلم ذلكم أنكم كثيراً ما تقدرون لابن تيمية ولابن القيم بالذات اجتهاداتهم، وأنتم هنا تدعون إلى الرجوع إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله عندما يكون هناك خلاف بين العلماء أطمع في كلمة في هذه المناسبة لو تكرمتم؟ نعم، نعم، شيخ الإسلام بن تيمية - رحمه الله تعالى – وابن القيم والإمام الشافعي والإمام مالك والإمام أبو حنيفة والإمام أحمد - رحمة الله على الجميع، والإمام الثوري والإمام إسحاق ابن راهوية والإمام الأوزاعي وغيرهم من الأئمة كلهم لهم المنزلة العظيمة عندنا وعند غيرنا من أهل العلم، يعرفون لهم فضلهم واجتهادهم وعلمهم لا شك في هذا ولكن لا يلزم من كوننا نعظمهم، ونعرف لهم أقدارهم أن نوافق على ما قد يقع من خطأ من بعضهم؛ لأن كل إمام يقع له بعض الأخطاء أو بعض الأغلاط وكل إمام يؤخذ من كلامه ويترك إلا رسول الله عليه الصلاة والسلام فإن قوله هو الحق، كما قال مالك - رحمه الله تعالى - : "ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر، يعني الرسول عليه الصلاة والسلام،وقال الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى – :أجمع الناس على أن من استبانت له سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم – لم يكن له أن يدعها لأحد من الناس لم يكن يدعها لقول أحد من الناس، حكاه إجماعا لأهل العلم، وهذا صحيح فإن الواجب على الأمة كلها تقديم ما قاله الله ورسوله في مسائل النزاع، وفي مسائل الإجماع فكما أن مسائل الإجماع يجب أن تحترم وأن يؤخذ بها وأن لا يلتفت إلى من خالفها فهكذا من باب أولى الكتاب والسنة، يجب تعظيمهما والأخذ بهما وترك ما خالفهما من أقوال الناس.  
 
2- قرأت في كتاب (تنزيه الشريعة المرفوعة) صلاة التسبيح، وهي أربع ركعات، ويُقرأ في كل ركعة الفاتحة وسورة صغيرة، ثم يسبح في الركعة الأولى خمساً وسبعين تسبيحة في القيام وفي الركوع والسجود، وفي الركعة الثانية هكذا، وفي الأربع الركعات ثلاثمائة تسبيحة، هل هذا حديث صحيح، وما رأيكم فيما أورده صاحب ذلكم الكتاب؟   
صلاة التسبيح مشهورة عند أهل العلم، وقد تنازع أهل العلم في صحتها فمن أهل العلم من عمل بها وصححها لما في ذلك من الأجر العظيم الذي ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم – وغفران السيئات، ومن أهل العلم من ضعف الرواية ولم يصححها وذكر أنها رواية شاذة وحديث شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة وهذا القول الثاني هو الأصح أن صلاة التسبيح حديثها شاذ غير صحيح، وأن المعتمد قول من قال أنها غير صحيحة وأنها موضوعة لا أساس لها من الصحة، وأسانيدها كلها معلولة ومتنها شاذ منكر مخالف للأدلة الشرعية الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فإن صلاته بالليل والنهار محفوظة عليه الصلاة والسلام وقد رواها الثقات والأثبات في الصحيحين وغيرهما ولم يحفظ عنه عليه الصلاة والسلام أنه صلى هذه الصلاة، فوجب على أهل الإيمان أن يردوا ما خالف الأدلة المعروفة إلى الأدلة المعروفة، فالأدلة المعروفة الثابتة دالة على صفة صلاته عليه الصلاة والسلام وأن ليس فيها هذه التسبيحات المذكورة بل هذه انفردت بها هذه الرواية فالصواب أنها شاذة المتن ضعيفة الأسانيد، فلا ينبغي تعويل عليها ولا العمل بها وإن صححها بعض المتقدمين أو بعض المتأخرين، لكن العمدة في هذا: أن كل متن يخالف الأحاديث الصحيحة وإن صح سنده فإنه يعتبر شاذاً فكيف إذا كان السند معلولاً، وقد قال الأئمة في مصطلح الحديث: أن الأحاديث المختلفة يرجع فيها أولاً إلى الجمع إذا تيسر الجمع، فإذا أمكن الجمع جمع بينها وقبلت، كلها فإن لم يتسير الجمع ولم تتوفر شروطه رجع إلى النسخ إذا علم الناسخ إذا علم الأخير من المتقدم صار الأخير ناسخاً للمتقدم عند تعذر الجمع، فإذا لم يعلم التأخر من المتقدم ولم تتوافر شروط النسخ ولا شروط الجمع انتقل إلى أمر ثالث وهو الترجيح، وهذه الصلاة ليس فيها ما يدل على التاريخ وأنها متأخرة عن غيرها، وليس فيها ما يدل على أنها سنة استعملها النبي-صلى الله عليه وسلم –سابقاً ولاحقاً، وليس فيها ما يقتضي الجمع بينها وبين غيرها؛ فتعين الأمر الثالث وهو أنها غير صحيحة وأنها شاذة مخالفة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ومخالفة لسنته المعروفة في ليله ونهاره مدة حياته عليه الصلاة والسلام، فلم يحفظ عنه أنه فعلها مرة واحدة عليه الصلاة والسلام ولم يعرف عنه عليه الصلاة والسلام ما يدل على أنها سنة متبعة في أحاديث صحيحة، فعلم بذلك أنها شاذة وأنها مختلقة وأنه لا أساس لها في الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.  
 
3- هل صلاة الخامس عشر من شعبان مائة ركعة ويقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب عشر مرات، وقل هو الله أحد، وتكون ألف مرة في المائة ركعة، أو اثني عشر ركعة في كل ركعة ثلاثون مرة، هل هي جائزة أو صحيحة، وما رأيكم في ذلك؟ جزاكم الله خيراً.
هذه أيضا بدعة لا أساس لها من الصحة، هذه صلاة لا أساس من الصحة؛ لها بل هي بدعة لا أساس لها. 
 
4- ماذا عن كشف باطن القدم عند المرأة أثناء الصلاة؟
إذا كان ثوبها ساتراً يستر أقدامها في قيامها وركوعها وسجودها؛ فظهور بطن القدم لا يضر في ظاهر السنة ولا يبطل صلاتها؛ لأن في حديث أم سلمة لما سئلت عن ذلك قيل لها: يا أم المؤمنين أتصلي المرأة في درع وخمار؟ فقالت - رضي الله عنها: إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها، يغطي ظهور قدميها، وقد روي مرفوعاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم – ولكن الراجح عند الأئمة وقفه على أم سلمة - رضي الله عنها، فظاهره أن البطون لا يجب سترها عند السجود مثلاً والغالب أنها تستتر لأن ثيابها الساترة إذا سجدت تكون من ورائها ساترة، لكن لو فرض أن شيئاً من بطن قدميها ظهر في بعض الأحيان عند ركوعها لا يضر ذلك؛ لقول أم سلمة إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها فإذا كانت ملابسها سابغة كفى ذلك.  
 
5- هل يجوز للمرأة تخليل شعرها بالماء سبع مرات أثناء الغسل من الجنابة دون أن تصب الماء على شعرها؟
لا يكفي ذلك لابد من صب الماء على شعرها ثلاثاً، النبي - صلى الله عليه وسلم – أمر بأن تحثي عليه ثلاث حثيات، أما إذا كانت .... لكن عمت الرأس أجزأت، تعمه، أما مجرد تخليله بمجرد صب الماء فلا يكفي لا بد من صب الماء، لا بد من جريان الماء على الرأس، أما مجرد تخليله بأصابع فيها رطوبة تخلل ولكن من غير صب الماء لا، لا بد من صب الماء ولو مرة، لكن السنة ثلاث لأن في حديث أم سلمة قالت: "يا رسول الله إني أشد شعر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة؟" وفي رواية: "والحيضة؟" عند مسلم - رحمه الله تعالى – ،قال: (يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضي عليك الماء فتطهرين) فبين لها - صلى الله عليه وسلم – أنه يكفيها أن تحثي عليه ثلاث حثيات، فلو أنها روته بالماء من دون ثلاث حثيات صبت عليه الماء كفى، لكن ثلاث أفضل كما قال النبي عليه الصلاة والسلام وأكمل في الإبلاغ.  
 
6- إنني ممن يستمعون لبرنامجكم هذا والحمد لله، وأقوم بتسجيل كل حلقة على شريط لكي يكون مرجعاً لي ولمن يريد حل مشكلة قد تعرض لها، أو حكم يتمنوه، فهل هذا العمل أستمر عليه أم لا؟ علماً بأنني أنظم تسجيل الحلقات لكي لا يكون اختلاط في الحلول؟
هذا عمل طيب وأنت مأجورة شكر الله لك سعيك؛ لأن هذا من باب تحصيل العلم ومن باب حفظ العلم لك ولغيرك فتسجيل مثل هذه البرامج فيه خير كثير وفيه فائدة كثيرة فاستمري على هذا وأبشري بالخير.  
 
7- إنها تعرف إحدى النساء واكتشفت أنها لا تصلي إلا في رمضان، وتسأل هل تستمر معها كصديقة لها، أو تقاطعها؟
الواجب نصيحتها وتعليمها ما ينفعها، وإفهامها أن الصلاة فرض دائماً في رمضان وفي غيره وأنها عمود الإسلام وأنها واجبة على المرأة المكلفة أن تصليها وأن تحافظ عليها كالرجل في رمضان أو في غيره، وأن تركها للصلاة في غير رمضان كفر أكبر نعوذ بالله كما قال النبي عليه الصلاة والسلام :(العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح وقال عليه الصلاة والسلام: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله) فالصلاة عمود الإسلام وأعظم أركانه بعد الشهادتين، فالتي لا تصلي كالرجل الذي لا يصلي سواء بسواء كلاهما كافر حتى يتوبا إلى الله ويرجعا من عملهما السيئ فإن هداها الله واستجابة لك وتابت إلى الله فلا مانع من اتخاذها صديقة والبقاء على صحبتها؛ أما إن أصرت على ترك الصلاة فهي كافرة ويجب عليك أن تعاديها في الله وأن تقاطعيها وأن لا تقربيها بالكلية لا تجيبي دعوتها ولا تدعيها إلى زيارتك، ولو زارتك لا تقابليها ولا تسلمي عليها حتى ترجع عما هي عليه من الباطل وحتى تتوب إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن عملها عظيم النكارة عظيم الشر عملها كفر نسأل الله العافية، والمسلم واجبه النصحية لإخوانه في الله وأخواته في الله فإذا كانت لا تقبل النصيحة ولا تنتفع بالنصيحة وجبت المقاطعة نسأل الله لنا ولها الهداية ونسأل الله لك التوفيق في نصيحتها.  
 
8- سألني أخٌ مسلم أين الله؟! فقلت له: في السماء. فقال لي: فما رأيك في قوله تعالى:وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ [البقرة:255] وذكر آيات كثيرة، ثم قال: لو زعمنا أن الله في السماء لحددنا جهة معينة، فما رأي سماحتكم في ذلك، وهل هذه الأسئلة من الأمور  التي نهينا عن السؤال عنها ؟ 
قد أصبت في جوابك وهذا الجواب الذي أجبت به هو الجواب الذي أجاب به النبي - صلى الله عليه وسلم – فالله جل وعلا في السماء في العلو سبحانه وتعالى كما قال سبحانه وتعالى : أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (الملك:17) وقال جل وعلا : الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طـه:5) وقال سبحانه : إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ(لأعراف: من الآية54) فهو سبحانه وتعالى فوق العرش في جهة العلو فوق جميع الخلق عند جميع أهل العلم من أهل السنة، قد أجمع أهل السنة والجماعة رحمة الله عليهم على أن الله في السماء فوق العرش فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى، وهذا هو المنقول عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحابه - رضي الله عنهم وعن أتباعهم بإحسان كما أنه موجود في كتاب الله القرآن وقد سأل النبي - صلى الله عليه وسلم – جارية جاء بها سيدها ليعتقها فقال لها الرسول : أين الله ؟ فقالت : في السماء، قال من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة) رواه مسلم في الصحيح فالرسول أقر هذه الجارية على هذا الجواب الذي قلته أنت، (قال لها: أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة) وما ذاك إلا لأن إيمانها بأن الله في السماء يدل على إخلاصها لله وتوحيدها لله وأنها مؤمنة به سبحانه وبعلوه في جميع خلقه وبرسوله محمد حيث قالت: أنت رسول الله، أما قوله جل وعلا: وسع كرسيه السموات والأرض هذا لا ينافي ذلك، الكرسي فوق السموات، والعرش فوق الكرسي، والله فوق العرش، فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى. وتحديد الجهة لا مانع منه جهة العلو؛ لأن الله في العلو وإنما يشبه بهذا بعض المتكلمين، بعض المبتدعة ويقولون ليس في جهة، وهذا كلام فيه تفصيل فإن أرادوا ليس في جهة مخلوقة وأن ليس في داخل السماوات وليس بداخل الأرض ونحو هذا فصحيح، أما أن أرادوا ليس في العلو هذا باطل وهذا خالف ما دل عليه كتاب الله وما دلت عليه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وما دل عليه إجماع سلف الأمة فقد أجمع علماء الإسلام أن الله في السماء فوق العرش فوق جميع الخلق، والجهة التي هو فيها هي جهة العلو وهي ما فوق جميع الخلق، وهذه الأسئلة ليست بدعة ولم ننه عنها بل هذه الأسئلة مأمور بها نعلمها الناس، كما سئل عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أين الله؟، وسأله ... قال: أين ربنا؟ قال: هو في العلو سبحانه وتعالى، فالله عز وجل في العلو في جهة العلو فوق السموات فوق العرش فوق جميع الخلق وليس في الأرض ولا في داخل الأرض وليس في داخل السموات، ومن قال إن الله في الأرض وأن الله في كل مكان كالجهمية والمعتزلة ونحوهم فهو كافر عند أهل السنة والجماعة لأنه مكذب لله ولرسوله في إخبارهما بأنه سبحانه في السماء فوق العرش جل وعلا، فلا بد من الإيمان بأن الله فوق العرش، فوق جميع الخلق وأنه في السماء يعني العلو معنى السماء يعني العلو، فالسماء يطلق على معنيين أحدهما: المسوات المبنية يقال لها سماء، والثاني: العلو يقال له سماء فالله سبحانه في العلو في جهة العلو فوق جميع الخلق، وإذا أريد السماء المبنية يعني عليها، في، يعني على، في السماء يعني على السماء وفوقها كما قال الله سبحانه : فسيحوا في الأرض فسيروا في الأرض يعني عليها فوقها، وكما قال الله عن فرعون أنه قال: لأصلبنكم في جذوع النخل يعني على جذوع النخل فلا منافاة بين قول من قال في السماء يعني على السماء وبين من قال إنه في العلو لأن السماء المراد به العلو، فالله في العلو فوق السموات فوق جميع الخلق وفوق العرش سبحانه وتعالى ومن قال أن في على يعني فوق السماء المبنية فوقها ولا شك أنه فوقها فوق العرش فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى فأنت على عقيدة صالحة وأبشر بالخير والحمد لله الذي هداك ذلك ولا تلتفت إلى قول المشبهين والملبسين فإنهم في ضلال وأنت بحمد لله ومن معك على هذه العقيدة أنتم على الحق في إيمانكم بأن الله في السماء فوق العرش فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى، وعلمه في كل مكان جل وعلا، ولا يشابه خلقه في شيء من صفاته جل وعلا، وليس فيه حاجة إلى العرش ولا إلى السماء بل هو غني عن كل شيء سبحانه وتعالى والسموات مفتقرة إليه والعرش مفتقر إليه وهو الذي أقام العرش وهو الذي أقام الكرسي وهو الذي أقام السموات وهو الذي أقامها سبحانه وتعالى كما قال تعالى: ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره، وقال سبحانه: إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا، فالله الذي أمسك السموات وأمسك العرش وأمسك هذه المخلوقات فلولا إمساكه لها وإقامته لها لكان بعضا على بعض، فهو الذي أقامها وأمسكها حتى يأتي أمر القيامة إذا جاء يوم القيامة صار لها حالها فهو سبحانه على كل شيء قدير وبكل شيء عليم وهو العلي فوق جميع خلقه وصفاته كلها علا وأسمائه كلها حسنى فالواجب على أهل العلم والإيمان أن يصفوا الله سبحانه بما وصف به نفسه وبما وصف به رسوله عليه الصلاة والسلام من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل بل مع الإيمان بأنه سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. 

436 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply