حلقة 497: حكم سجود التحية - سجود الشكر وما يقال فيه - حكم وضع الحائض الحناء على رأسها - دعاء سجود التلاوة - سؤال حول كتاب (مشاهد القيامة في القرآن) لسيد قطب - هل يبدأ بالزواج أم بالحج؟ - حكم دعاء الأولياء مع الله

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

47 / 50 محاضرة

حلقة 497: حكم سجود التحية - سجود الشكر وما يقال فيه - حكم وضع الحائض الحناء على رأسها - دعاء سجود التلاوة - سؤال حول كتاب (مشاهد القيامة في القرآن) لسيد قطب - هل يبدأ بالزواج أم بالحج؟ - حكم دعاء الأولياء مع الله

1- قرأت في كتاب يسمى (بدائع الزهور في وقائع الدهور)، لما دخل نبي الله يعقوب إلى مصر مشى العسكر بين يديه حتى وصل إلى قصر ابنه يوسف، حيث كان وزير وعزيز مصر في ذلك الوقت، وعندما دخل القصر رفع يوسف أباه وخالته على سريره، وأمر العسكر أن يسجدوا لهما، وكان ذلك عادة أهل مصر في التحية، فهل سجود التحية مباح في مثل هذه المواقف؟ أرجو من سيادتكم تفسير عن ذلك، كم الله وزاكم من علمه، ونفعنا بكم والمسلمين. آمين.   

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فينبغي أن يعلم أن هذا الكتاب وهو (بدائع الزهور) ليس من الكتب المعتمدة بل هو حاطب لليل يذكر الغث والسمين والصحيح والباطل فلا يعتمد عليه، وأخبار بني إسرائيل أخبار قديمة لا يعتمد عليها إذا ما ثبت عن الله وعن رسوله محمد عليه الصلاة والسلام ونص القرآن أن يوسف عليه الصلاة والسلام رفع أبويه على العرش، وهما أبوه وأمه لا خالته، بل أبوه وأمه؛ لأن الله قال: وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا.. (100) سورة يوسف، فكانت السجدة ذاك الوقت مباحة للإكرام والتحية وليست للعبادة، وكما سجد الملائكة لآدم إكراما وتعظيما لا عبادة، فهذه السجدة ليست من باب العبادة ولكن من باب التحية والإكرام، وهي جائزة في شرع من قبلنا ولكن في شريعة محمد عليه الصلاة والسلام ممنوع ذلك؛ ولهذا ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها) وبين أن السجود لله سبحانه وتعالى فلا يُسجد إلى لله وحده سبحانه وتعالى، وقال -عز وجل- في آية آخر سورة النجم: فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62) سورة النجم، وقال في سورة اقرأ : ..وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19) سورة العلق، فالسجود لله وحده، وشريعة محمد عليه الصلاة والسلام هي أكمل الشرائع وأتمها فلا يجوز فيها السجود لغير الله لا تحية ولا عبادة، أما العبادة فلا تصح إلا لله وحده في جميع الشرائع؛ لأن الله جل وعلا قال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ.. (23) سورة الإسراء، وقال سبحانه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) سورة الذاريات، فالعبادة حق الله وحده في كل زمان ومكان، ولكن كان السجود فيما مضى يستعمل تحية وإكراما كما فعل أبوا يوسف وإخوته وكما فعلت الملائكة لآدم هذا من باب التحية والإكرام وليس من باب العبادة، وأما في شريعة محمد عليه الصلاة والسلام فإن الله -عز وجل- منع من ذلك وجعل السجود لله وحده سبحانه وتعالى ولا يجوز أن يسجد لأحد لا للأنبياء ولا غيرهم، حتى محمد عليه الصلاة والسلام منع أن يسجد له أحد وأخبر أن السجود لله وحده سبحانه وتعالى، فعلم بهذا أن جميع أنواع العبادة كلها لله وحده سبحانه وتعالى، ومن أعظمها السجود فإنه ذلك وانكسار لله سبحانه وتعالى فهو من أفضل العبادات فلا يصرف لغيره من الناس لا للأنبياء ولا للجن ولا للإنس ولا لغيرهم، والله المستعان.  
 
2- ما هو سجود الشكر، وهل يسجد في صلاة أم بدون صلاة، وهل حكمه حكم سجود الصلاة من حيث الطهارة وستر العورة وغيرها أم لا، وما هو الدعاء المستحب فيها؟
سجود الشكر هو السجود من أجل نعمة عامة ساقها الله للمسلمين أو نعمة خاصة ساقها الله للشخص، كوجود ولد له وكسلامته من حادث ونحو ذلك، ولما بلغ الصديق - رضي الله عنه – مقتلُ مسيلمة الكذاب خر ساجد لله سبحانه وتعالى شكرا لله على نعمة قتل الخبيث عدو الله مسيلمة الكذاب، فإذا بشر الإنسان بشي يسره وسجد لله سبحانه شكرا فهذا يقال له سجود الشكر ويقال فيه ما يقال في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، ويدعو فيه الإنسان مثل سجود الصلاة سواء، والصحيح لا يشترط له الطهارة بل هو مثل سجود التلاوة الصحيح أنهما لا تشترط لهما الطهارة، بل لا مانع من السجود وإن كان على غير طهارة، فإذا صار يتلو القرآن وليس على طهارة ومر بآيات السجدة فإنه يشرع له السجود وإن كان على غير طهارة، وهكذا سجود الشكر ليس له شرط الطهارة، فيسجد وإن كان على غير الطهارة؛ لأنه ليس من جنس الصلاة بل هو ذلٌّ لله واستكانة وعبادة له سبحانه من جنس الذكر ومن جنس التسبيح والتهليل ومن جنس قراءة القرآن فليس له شرط الطهارة كما أن القارئ من غير المصحف لا يشترط له الطهارة، فهكذا الذاكر والمسبح والمهلل والمستغفر يجوز أن يفعل هذا وإن كان على غير طهارة، هذا هو الصواب وبعض أهل العلم قال: لا بد من طهارة كالصلاة، ولكنه قول مرجوح ليس عليه دليل.  
 
3- هل صحيح أنه لا يجوز وضع الحناء على الرأس والمرأة حائض؟
ليس به بأس، ليس هذا بصحيح، الصواب أنه لا حرج في ذلك لها أن تضع الحناء على رأسها أو في يديها أو رجليها وإن كانت في حال حيض أو نفاس لا بأس بذلك.  
 
4- ما هو الدعاء المستحب في سجود التلاوة؟
مثل السجود مثل الدعاء في سجود الصلاة يستحب له أن يدعو ما تيسر من الدعوات الطيبة، والدعاء المأثور أفضل: (اللهم اغفر لي ذنبي كله دقة وجله، وأوله وأخره وعلانية وسره) (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) (ويا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك) فالدعوات الطيبة المأثورة أولى من غيرها مثل: (اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) يقولها لا على سبيل القراءة بل على سبيل الدعاء، وهكذا كونه يدعو لوالديه ولأقاربه المسلمين يدعو لذريته ويسال الله من فضله رزقا حللا أو زوجة صالحا أو زوجا صالحا إذا كانت امرأة أو ما أشبه ذلك يدعو بما تيسر يقول النبي - صلى الله عليه وسلم – في الحديث الصحيح : (أما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم) يعني حري أن يستجاب لكم، رواه مسلم في صحيحه، وقال عليه الصلاة والسلام: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء) رواه مسلم أيضاً، فهذا يدل على شرعية الإكثار من الدعاء في السجود ولا يتعين دعاء مخصوص بل يدعو المؤمن والمؤمنة بما يسر الله لهما من الدعاء فيما يحتاجان إليه من الدعوات التي ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم بل دعاء مباح.  
 
5- ما هو رأي سماحتكم في كتاب (مشاهد القيامة في القرآن) لسيد قطب؟
لم أقرأه ولكن بلغني عنه أنه لا بأس به، كتب سيد قطب كتب مفيدة ونافعة وليس معناها أنه ليس فيها خطأ، كل عالم له بعض الأخطاء والأغلاط، لكن لم أقرأ الكتاب، وهو فيما بلغني كتاب مفيد ومؤثر، رحم الله مؤلفه.  
 
6- أنا شاب عمري ثلاث وعشرون سنة، عندي مبلغ يكفيني للحج أو للزواج، فأرغب بالحج قبل أن أتزوج، فما رأيكم في الحج أبدأ به أم أبدأ بالزواج؟ جزاكم الله خيراً.
الذي أنصحك أن تبدأ بالزواج؛ لأن الخطر عظيم في العزوبة ولا سيما في هذا العصر؛ لكثرة الفتن وانتشار تبرج النساء، فأنصحك بأن تتزوج، ومتى تيسر لك الحج بعد ذلك تحج، إن شاء الله.  
 
7- في بعض الإخوة المؤمنين بعد فرض كل صلاة يقوم بعضهم بتقبيل أيادي البعض الآخر، فهل هذا صحيح أم لا؟
الأفضل عدم ذلك؛ لأنه ليس من عادة الصحابة - رضي الله عنهم- مع النبي - صلى الله عليه وسلم – تقبيل يده، وإنما يفعله بعضهم نادرا، فالأفضل في مثل هذا التأسي بالصحابة مع نبيهم عليه الصلاة والسلام وهو المصافحة فقط، لكن لو فعل ذلك نادرا قليلا مع أبيه أو مع عالم سني صاحب السنة فلا بأس بذلك، لكن لا ينبغي اتخاذها عادة؛ لأنه ليس من عادة الصحابة مع نبيهم عليه الصلاة والسلام، فالأفضل ترك التقبيل في الأيدي والاكتفاء بالمصافحة، وإذا قدم من سفر عانق أخاه معانقة، أو قبل ما بين عينيه لا بأس، أما اتخاذ تقبيل اليد عادة فلا ينبغي، بل هو مكروه.  
 
8- إذا المسلم وقع في محنة أو ضيق فدعا الله عز وجل، ومن ثم دعا أحد الصالحين مثال الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس الله سره، أو غير ذلك من الصالحين، فهل هذا جائز أم لا؟!! دار جدال بيننا حول هذا الموضوع وذكر أحد الإخوة بأنه سمع بأذنه بأن إحدى الإذاعات ذكرت بأن المؤمن إذا وقع في ضيق يجب عليه أن يقول: يا عبد القادر! ثلاث مرات، ويقول: يا ساكن بغداد! يا راعي الحمراء! -يبدو لي شيخ عبد العزيز- وحينئذٍ يفرج كربه في هذه الحالة، أو يدعو أحد الرجال الصالحين دون ذكر الله؟ أفيدونا أفادكم الله، وشكر الله لكم.   
الواجب على المسلم إذا وقع في ضيق وحاجة أن يضرع إلى الله سبحانه، وأن يتوجه إليه جل وعلا ويسأله حاجته وكشف كربته، كما قال الله -عز وجل-: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ.. (النمل: من الآية62) فهو الذي يكشف المضطر وهو القائل -عز وجل-: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (البقرة:186)، وهو القائل سبحانه: ..ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ.. (60) سورة غافر. فالواجب على المؤمن في هذه الحال أن يضرع إلى الله وأن يلجأ إليه سبحانه وتعالى وأن يسأله تفريج كربته وتيسير أمره. أما الفزع إلى عبد القادر أو غيره من الناس فهذا هو الشرك الأكبر، هذا هو الشرك الأكبر، نعوذ بالله من ذلك، فلا يجوز أن يفزع الإنسان إلى عبد القادر إلى السيد البدوي أو إلى الحسين أو إلى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه – أو إلى غيره من الناس، بل يجب الفزع إلى الله وحده، وهو القائل سبحانه: ..فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18) سورة الجن، وهو القائل: وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ (106) سورة يونس، فهو جل وعلا الذي يجيب المضطر ويكشف السوء ويجود على عباده سبحانه وتعالى، ولا ينبغي لأحد أن يغتر بما يفعله بعض الناس من الفزع إلى الشيخ عبد القادر أو إلى غيره أو أنها تقضى حاجته في بعض الأحيان، هذا من باب الاستدراج وقد يقضيها له بعض الجن يستدرجه بذلك حتى يوقعه في الشرك الأكبر دائماً. فلا ينبغي لعاقل أن يغتر بكون حاجته قضيت لما دعا الشيخ عبد القادر وغيره، قد تقضى الحاجة بأسباب قدرها الله سبحانه وتعالى صادفت وقت دعائه لعبد القادر، وقد تكون حاجة يستطيعها بعض شياطين الجن فيقضيها لك لأجل يستدرجك في الشرك ويوقعك في الشرك مرة أخرى. فالمقصود أن الواجب على المكلف أن يخلص لله عبادته وأن لا يدعو معه أحدا سبحانه وتعالى لا نبياً ولا غيره، وهو يقول جل وعلا: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) سورة الفاتحة، ويقول سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء.. (5) سورة البينة، ويقول -عز وجل-: ..فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ.. (2-3) سورة الزمر، وبهذا تعلم أيها السائل أن هذا الذي قيل لك أمر باطل ومنكر من الشرك الأكبر، وأن الواجب على جميع المسلمين وعلى جميع المكلفين الإخلاص لله في العبادة وألا يدعى أحد معه جل وعلا، لا ملك ولا نبي ولا صالح ولا غيرهم بل لا يدعى إلا الله وحده سبحانه وتعالى، لكن الأحياء لا بأس أن تدعو الحي القادر يساعدك في شيء من الزكاة أو من غيره لا بأس، تقول لأخيك الحاضر: يا أخي ساعدني على إصلاح سيارتي أو على عمارة بيتي أو على قضاء الحاجة الفلانية، وهو حي حاضر يسمع كلامك هذا لا بأس به، كما قال الله -عز وجل- في قصة موسى: (فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ) (القصص: من الآية15) وكما هو معلوم بين المسلمين يتساعدون في أمور دنياهم وفي أمور دينهم والله سبحانه يقول: ..وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى.. (2) سورة المائدة، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)، فالتعاون بين المسلمين فيما يقدرون عليه مشافهة أو من طريق الكتابة أو من طريق الهاتف (التلفون) أو من غيره من الطرق الحسية المعروفة لا بأس بهذا، هذا شيء معروف وجائز لأنه طلب من المخلوق ما يقدر عليه وهو حي حاضر يسمع كلامك، أو تكاتبه في ذلك بالمكاتبة أو من طريق الهاتف أو نحو ذلك. أما دعاء الأموات أو دعاء الغائبين من الملائكة أو الجن أو دعاء الأصنام والأحجار والأشجار هذا الشرك الأكبر، نسأل الله العافية والسلامة، وهذا دين المشركين الأولين دين أبي جهل وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبي لهب ونحوهم، هذا دينهم، كانوا يعبدون الأنبياء والأولياء ويستغيثون بهم وينذرون لهم ويذبحون لهم فكفرهم الله بهذا، وقاتلهم نبيه محمد عليه الصلاة والسلام حتى أسلم من أسلم منهم وحتى ظهر دين الله -عز وجل-. فالواجب على كل مكلف أن يخص ربه بالعبادة أينما كان وأن يفزع إليه في جميع الشئون وجميع الحاجات وجميع الكربات دون كل ما سواه سبحانه وتعالى، ولكن كما تقدم لا بأس أن تستعين بأخيك الحاضر الحي تستعين به في مزرعتك .... تستعين بهم في شئونك تستعين بأبيك بأخيك وهم أحياء يسمعون كلامك أو بالمكاتبة أو بالبرقية أو بالهاتف أو بالتلكس هذه أمور عادية غير داخلة في الشرك إذا صارت في أمور يقدر عليها المستعان به. فأما دعاء الأموات كالشيخ عبد القادر أو الشيخ البدوي أو الحسين أو علي - رضي الله عنه – أو الأنبياء أو غيرهم من الصالحين هذا لا يجوز هذا الشرك الأكبر، وهكذا دعاء الجن أو دعاء الملائكة أو دعاء الأصنام والأحجار والأشجار هذا هو الشرك الأكبر، هذا دين أهل الشرك، هذا الدين الذي بعث الله الرسل بإنكاره والتحذير منه، عليهم الصلاة والسلام.  
 
9- أرجو من سماحتكم أن توجهوا كلمة لهذه الإنسانة البائسة الحزينة تصبرونها بها وترفعون من معنوياتها، حيث أنها ستموت قهراً وحسرة وألماً مما حدث معها. تزوجتْ من رجل اختارته لأنه يماثلها في المستوى الثقافي والاجتماعي، فهي جامعية وهو جامعي، جاءت به محرماً معها للعمل بالتدريس بالمملكة، واستمر زواجها سنة وتسعة أشهر، عاشت معه سنة عند أهله، حيث كان خجلاً لا ينكشف عليها وإذا أراد معاشرتها لا تلحظ منه شيئاً، وهي لا تدري ما السبب، ثم اتضح فيما بعد أنه مخصي ولذا كان يخفي حقيقة أمره عنها، وهي تنوه إلى أنه كان متزوجاً قبلها بامرأة أيضاً، وانفصلت عنه، ولكن في الزواج الثاني نجح في اصطياد فريسته بالتضليل والغش والخداع، فعمل احتياطاته كي تعيش معه الثانية دون أن تلحظ ما به، ولكن لسوء حظه انكشف أمره في الفندق حينما كان يجهزان للسفر للمملكة، ففكرت أن ترجع لأهلها وتبلغهم بذلك وتنفصل عنه، ولكنها عدلت عن تلك الفكرة حيث أنها اعتقدت أن ذلك قد يتطلب منها إرجاع ما خسره عليها من تكاليف الزواج، واستمرت في رحلتها للملكة واستمرت معه التسعة أشهر الأخيرة، ثم في انتهاء العطلة الدراسية رفعت الدعوة للقاضي الذي فصل بينهما وأرجع للزوج منها عشرة آلاف ريال، وهي تتساءل وتقول: هل من الممكن أن نشجع الغش والخداع مع مثل هؤلاء، فنعطيهم أيضاً مكافأة غشهم وخداعهم، لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { من غشنا فليس منا } وهو لو لم يخادعها ويغشها لعاشت معه حتى لو لم ينجب الأولاد، ولكن لأنه خدعها وغشها فقد تركته غير آسفة عليه، ولكن ما قهرها هو دفعها للعشرة آلاف ريال، إنها تحس بالظلم في تلك القضية، ومثل هذا الحكم سيشجعه على الزواج من الثالثة والرابعة والخامسة إلى آخره، دون أن يصارحها بحقيقة أمره، طالما أنه يضمن إرجاع المهر له، والعجيب في ذلك الغش أنه قد يذهب بالمرأة في متاهات مثل ما حدث مع الثانية الذي كانت تعتقد أن إعاقة الحمل منها، فغررت بها أمه وذهبت بها للأطباء، وادعى طبيب منهم أنه لا بد من إجراء عملية جراحية للمرأة، وفعلاً عمل لها الطبيب وهو ساكت ولم يقل الحقيقة، وأمه أيضاً تعرف، ولكن لا تريد أن تثبت على ابنها شيئاً، فما رأي سماحتكم في تلك القضية، وماذا تقولون لهذه المظلومة، وماذا تقولون لأمثال هؤلاء الشبان الذين لا يصارحون زوجاتهم؟ وفقكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.   
لا ريب أن الخداع والغش من المحرمات المعلومة من الإسلام بالأدلة الصحيحة وبالضرورة والرسول عليه الصلاة والسلام قال: (من غشنا فليس منا) والله يقول جل علا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (الأنفال:27). فالواجب على الخاطب أن يبين الحقيقة وأن لا يكتم عن المخطوبة ما هو عيب مثل هذا الحادث، بل يشرح لها الحقيقة حتى تكون على بينة إذا كان به عيب الخصية أو عيب آخر وهو كونه لا يأتي النساء من أجل مرض آخر أو من أجل علة أخرى، أو كونه يصرع أو ما أشبه ذلك من العيوب المعروفة، فالواجب عليه أن يبين للمرأة الحقيقة فإذا لم يبين فلها خيار وليس له حق في المهر، وإذا دخل بها وخلا بها فلها المهر كله، وهو الظالم فليس له حق في ذلك، لكن هذه دعوى منك ما نستطيع أن نحكم عليها، والقاضي الذي حكم بينكما نرجو أنه وفق للصواب، ولا ندري ما هو الشيء الذي اعتمد عليه في إلزامك بالمبلغ الذي ذكرتِ، فالذي أنصحك به أنه ينبغي لك الصبر وعدم الاكتراث بهذا الشيء واحمدي الله الذي خلصك منه، والقاضي قد يكون له اجتهاد في ذلك وقد رأى منك ما يقتضي ذلك، فالحاصل أنصحك بأن تسلي نفسك عن هذا الشيء وتصبري وتحتسبي وتسألي الله للقاضي بالعفو عما حصل إذا كان أخطأ في حكمه، وما عند الله خير وأبقى، وسوف يعوضك الله سبحانه إن شاء الله عن هذا خيرا منه فهو جل وعلا الحكيم العليم، والمظلوم ينتظر النصر وما ذهب من المؤمن بغير وجه شرعي فالله يخلفه عليه سبحانه وتعالى ويعوضه خيرا فضلا منه وإحسانا سبحانه وتعالى، ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا، فاصبري واحتسبي واسألي الله العوض من عنده سبحانه وتعالى، وأن يهبك زوجا صالحا خيرا منه والمال أمره سهل، والله المستعان.  
 
10- أريد من سماحتكم تفسيراً لهذه الرؤيا، حيث أنني ما رأيت رؤياً أو حلمت حلماً إلا ووقع بإذن الله تعالى في حياتي، هذه الرؤيا رأيتها بعد طلاقي من زوجي بيومين، ذلك الزواج الذي دام أقل من سنتين، وانفصلنا عن بعض لوجود عيب في زوجي، قمت من نومي حوالي الساعة الثامنة صباحاً كنت وقتها للتو مستيقظة من الرؤيا وهي كالتالي: رأيت هلالاً في السماء كالهلال الذي يكون في الخمسة الأيام الأولى من بداية الشهر، وكنت أحدث نفسي وأنا أنظر إليه وأقول: سبحان الله هلال في وضح النهار؟! ثم جاء بجانبه هلال آخر ثم آخر، حتى أصبحت سبعة أهلة كما هي موضحة بالرسم -رسمت أربعة أهلة من أعلى وثلاثة من أسفل سماحة الشيخ- ثم استيقظت من نومي مستبشرة وفسرتها لنفسي على أن الله سيعوضني خيراً مما سلف، وأتزوج وأنجب سبعة أولاد، يأتي الأول، ثم أتأخر في الحمل قليلاً، ثم يأتي الأولاد الباقون وراء بعضهم بعضاً، ثم حدثت أخاً لي بالرؤيا فقال لي: قد يكون أخوتك، مثل رؤيا سيدنا يوسف عليه السلام وفعلاً عدد أخوتي سبعة ، ولكن واحد منهم غائب حيث أنه محكوم عليه في سجون الاحتلال الصهيوني أربعة عشرا عاما ، فما هو الصحيح سماحة الشيخ في تفسير هذه الرؤيا حيث أنني رايتها وأنا علي الدورة الشهرية ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؟
الله أعلم بتفسيرها سبحانه وتعالى، لأنه لا يجوز للمسلم أن يعبر رؤيا على غير هدى وعلى غير بصيرة، ولكن نرجو أن يكون تأويلك لها خيراً وواقعاً وأن الله يرزقك خيراً من الزوج السابق وأن يهبك أولاداً سبعة أو أكثر من ذلك وأن يجعل لك الصلاح والخير، فتأويلك ليس ببعيد ولعلهم يكونون أخياراً دعاة للخير ويكون له شهرة كالأهلة ويكون لهم خير إن شاء الله، أما كون هذا هو التأويل فالله أعلم، لكن نرجو الخير والعاقبة الحميدة وأن يكون تأويلك تأويلاً واقعاً فيما فيه مصلحتك وخيرك.

369 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply