حلقة 489: هل يقدم الحج بالوالدة أم تزويج الأخ؟ - توجيه لمن لم يرزق بأولاد - هل يصح أن يخالف الإنسان والديه ويأخذ زوجته معاه - حكم كشف المرأة وجهها عند أبناء عمها - حكم مشاهدة المسلسلات في الفيديو

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

39 / 50 محاضرة

حلقة 489: هل يقدم الحج بالوالدة أم تزويج الأخ؟ - توجيه لمن لم يرزق بأولاد - هل يصح أن يخالف الإنسان والديه ويأخذ زوجته معاه - حكم كشف المرأة وجهها عند أبناء عمها - حكم مشاهدة المسلسلات في الفيديو

1- والدتي امرأة كبيرة في السن، وهي تريد مني أن أحججها، وأيضاً لي أخٌ شقيق بلغ من العمر خمسة وعشرين سنة، وهو يريد الزواج، ووالدنا لم يترك شيئاً من المال، وسؤالي: هل أقوم بإرضاء والدتي أولاً أو بتزويج أخي، وما الحكم في كلا الحالين، هل هو واجب علي أو لا؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فلا ريب أن الحج إنما يجب مع الاستطاعة كما قال عز وجل: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً (آل عمران:97)، وثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال لما ذكر أركان الإسلام قال: (وحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً) وما دامت الوالدة لا تستطيع الحج لا يلزمها الحج ولا يلزمك تحجيجها، لكن إذا فعلت ذلك فهو من باب القربات ومن باب البر والصلة، ومن باب الإحسان فيها تحقيقاً لرغبتها وإعانة لها على الخير والفضل أما التزويج فهو واجب عند القدرة وهو واجب على أخيك أن يتزوج إذا كان يستطيع وإذا كان لا يستطيع وأنت تستطيع فالصحيح أنه يجب عليك أن تزوجه لأنه من صلة الرحم الواجبة، كما يجب على الوالد أن يزوج أولاده إذا احتاجوا لزواج وهم عاجزون لأنه من باب الصلة وصلة الرحم من أهم الفرائض، وخطر عدم الزواج معروف فإن بقاء الشاب أعزب غير متزوج فيه خطر عظيم، وبر الوالدة معروف حاله ولكن إنما يجب برها بشرطين أحدهما: أن يكون ذلك من باب المعروف لا من المعصية، وأن يكون ذلك لا يضرك أيضا يكون فيه نفع لها من دون ضرر عليك، ومعلوم أن الحج ينفعها ولا يضرك إذا كنت تستطيع ذلك فإذا حجتها فهو من باب البر والصلة لا من باب أنه واجب عليها لعدم استطاعتها، لكن من باب البر، وصلة الأخ وتزويجه لا شك أنه من صلة الرحم، لكن جنس البر مقدم على جنس الصلة لبقية الأرحام، فإن استطعت أن تجمع بين الخيرين فتحججها وتزوج أخاك هذا خير عظيم وفضل كبير، تجمع بين الأمرين والحمد لله، حجج الوالدة واجبر خاطرها وأنت شريكها في الأجر، وصل أخاك بالتزويج لتصونه عما حرم الله عليه ويكون لك أجر عظيم في ذلك، فأما إن عجزت عن الجمع بين الأمرين فالأظهر والأقرب أنك تبدأ بإمك وتجبر خاطرها فإن برها أهم من صلة الأخ، تجمع بين برها والإحسان إليها وتؤجل تزويج أخيك إلا ما بعد تحجيجها إذا لم تستطع الجمع بين الأمرين، أما إن استطعت أن تزوج أخاك الآن ثم تحججها بعد ذلك في وقت الحج فبين الوقتين مسافة فإن القدرة على الحج ربما تتيسر لك في هذه المدة الطويلة فتحسن في أخيك وتبر في أمك، فعليك بالحزم والجد وأبشر بالخير فزوج أخاك الآن المدة بين الحج وبين هذا وقت طويل، زوج أخاك وأحسن إليه فإذا جاء وقت الحج فإنك إن شاء الله تستطيع تحجيجها لأن تحجيجها في الغالب لا يكلف كثيراً إنما الزواج هو الذي يكلف، أما الحج فإنه لا يكلف كثيرًا والحمد لله ونسأل الله أن يعينك على الخير وأن يوفقك على البر والصلة جميعاً. إذن ليبدأ أخوانا على قدر استطاعته أولا بتزويج أخيه أولاً؟ هذا طيب لأن المدة طويلة ومع النية الصالحة ومع الحرص على الخير سوف يسهل الله تحجيج أمه، ولعل أخاه ييسر فيساعده أيضا على تحجيج أمه؟ ربما، والله يقول سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)(الطلاق: من الآية4)) (الطلاق:3).    
 
2- تزوجت وأنجبت ولداً واحداً وتوفي إلى رحمة الله، ولم يولد لي غيره، ثم تزوجت بامرأة أخرى ومضى أربع سنوات ولم أنجب، وبعد ذلك ذهبت إلى الأطباء وأجريت التحاليل اللازمة فقال الطبيب: إنك بخير وليس في رجولتك أي نقص، لكن في نفسي شيء،
نوصيه بسؤال الله جل وعلا أن يسهل لك الذرية الطيبة وأن يشفيك من كل ما يمنعك من ذلك، فاضرع إلى الله جل وعلا واسأل الشفاء من كل سوء وأن يمنحك الذرية الطيبة، وأن يشفيك من كل مانع، ولا مانع من مراجعة بعض المختصين من الأطباء قد يكون بعضهم لم يطلع على مانع ويطلع الآخر على مانع فيرشدك إلى العلاج، ولا مانع من الزواج بثالثة أيضاً والحمد لله كل ذلك متيسر لمن عنده قدرة والأسباب تبذل في هذا الخير العظيم.  
 
3- أنا مقيم في المملكة ولي زوجتان في مصر، وأردت أن آتي بواحدة منهن معي في المملكة لكن أهلي لم يوافقوا على ذلك الأمر، هل يصح أن أخالف والديَّ أم أطيعهم وأنا مضطر؟
لعلك تجمع بين المصالح فتتزوج هنا في السعودية وتترك الزوجتين عند أهلك ولا مانع من الزوجة الثالثة ولعل الله يجعل فيها خير وبركة وإذا كنت تخشى أن يغضبا عليك فلا تخبرهما لأن هذا عمل صالح وعمل بر وطلب خير فلا يضرك لو لم تخبرهما بذلك لعل الله يرزقك من هذه الجديدة شيء من الذرية.  
 
4- إنني فتاة أبلغ من العمر أربعة عشرة عاماً، توفي والدي وأنا في الثالثة من عمري، فعشت مع عمي حتى يومي هذا آكل وأشرب مع أولاده، والآن أصبح أولاد عمي شباباً، فهل يجوز لي كشف وجهي عندهم أم يجب علي أن أتغطى؟ علماً بأنني أنظر لهم كإخوتي تماماً، وعشت معهم في نفس البيت
الواجب عليك الاحتجاب عنهم لأنهم أجنباب، أبناء عم، الواجب عليك الاحجاب عنهم ولا مانع من التحدث والكلام معهم لا بأس، لكن مع الحجاب والتحصن من أسباب الفتنة، ولأحدهم أن يتزوجك إذا رغبتي في ذلك لأنه وابن عم ليس أخاً وإن عشت معه وإن تربيتي معه، إذا كانت أمهم زوجت عمك أمهم لم ترضعك فإنك أجنبية منهم بالنسبة للنكاح فلا مانع أن يتزوجك بعضهم، وعليك الاحتجاب منهم حتى يسهل الله لك الانتقال والزواج، المقصود أنهم أجناب عليك أن تحتجبي منهم ولو عشت معهم.  
 
5- ما حكم مشاهدة المسلسلات في الفيديو وكذلك المباريات الرياضية؟
هذا يختلف فيه تفصيل إذا كانت المشاهدة تنفع في الدين كمشاهدة ندوة صالحة لأهل العلم والخير، أو مبارات فيما ينفع فلا بأس، أما إذا كان مبارات يظهر فيها بعض العورات أو يوجد فيها شيء من الملاهي أو تخشين الفتنة من النظر إليهم فاتركي ذلك، وقد ثبت عن عائشة - رضي الله عنها –أنها نظرت إلى الحبشة يلعبون إلى المسجد بإذن النبي عليه الصلاة والسلام-، فإذا كان النظر لا يفضي إلا فتنة ولا يفضي إلى عورات الرجال كالفخذ فلا بأس بذلك وأنت متحجبة وبعيدة عن الفتنة والمسلسلات كذلك إذا كان فيها شر فلا تنظري إليها أما إذا كان مسلسل فيه ما ينفع الناظر من الندوات الدينية والتوجيه إلى الخير والتعليم الذي ينفع المشاهد هذا لا بأس به فالحكم يدور مع العلة فإن كانت مشاهدة تنفعك في دينك ولا تضرك وليس فيها ما حرم الله فلا بأس، فإن كانت مشاهدة تضرك لأن فيها ما حرم الله من الأغاني والملاهي والصور الخليعة التي تفتن الرائي من الرجال والنساء فابتعدي عن ذلك واحرصي على سلامة دينك والله المستعان.  
 
6- لي قربية تستعمل الطب العربي فتكوي النساء والرجال، فإذا نصحتها ألا تكوي الرجال، تقول: إنني أكويهم بنية طيبة وأرجو الثواب من الله، فما الحكم في ذلك؟
لا حرج من ذلك؛ لأن هذا من باب الطب فإذا تيسر للرجل أن يكويه من أهل العلم بهذا الشيء فهو أولى، وهكذا المرأة تكويها النساء من أمراضها التي تحتاج إلى كي أما إذا تعسر وجود الرجل الذي يكوي هذا الرجل من مرضه الذي تعرفه هذه المرأة فلا حرج في ذلك؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( الشفاء في ثلاث كية نار، أو شرطة محجم، أو شربة عسل وما أحب أن أكتوي) وفي لفظ: (وأنا أنهى أمتي عن الكي) رواه البخاري في الصحيح فإذا دعت الحاجة إلى الكي فالرجل يكويه الرجل والمرأة تكويها المرأة، فإن تعسر ذلك كوى الرجل المرأة وكوت المرأة الرجل لعدم تيسر من يقوم بالمهمة بالنسبة للرجال من الرجال وبالنسبة للنساء من النساء، كالطب العادي إذا دعت الحاجة إلى أن يطب الرجل المرأة طبها؛ لدعم وجود طبيبة تقوم بذلك وهكذا إذا دعت الحاجة إلى أن يطب الرجل امرأة لدم وجود رجل يحسن علاج هذا الأمر سوى هذه الطبيبة فإنها تطبه مع التحجب اللازم ومع عدم الخلوة يكون عليها من البرقع الذي يستر وجهها كله وبدنها يكون مستور كله إلا العين أو العينين حتى تستعين بذلك من العلاج وتكون مستورة البدن متحشمة بعيدة الطيب ونحو ذلك هكذا وعدم الخلوة أيضاً، تعالجهم مع وجود ثالث، مع وجود زوجها مع وجود أبيها أو ممرضة معها أو ما أشبه ذلك مما يبعد عن الخلوة. شيخ عبد العزيز كان لكم توضيح كريم حول بيان الرسول - صلى الله عليه وسلم – بأن في الكي دواء وأنه ينهى عن ذلك، حبذا لو ذكرتموه في هذا المقام؟ نعم الكي من أنواع العلاج وقد يحتاج إليه لكنه يكون آخر الطب يكون أخر الطب فإذا تيسر ما يقوم مقامه من العلاج اكتفي بذلك، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام:(وما أحب أن أكتوي) وفي اللفظ الآخر: (وأنا أنهى أمتي عن الكي) وهنا للكراهة ولهذا كوى بعض أصحابه عليه الصلاة والسلام، ولا يزال المسلمون يستعملون الكي من عهد النبي - صلى الله عليه وسلم – إلى يومنا هذا عند الحاجة إليه فإذا تيسر من الأدوية ما يقوم مقام الكي فذلك أفضل فإن دعت الحاجة إليه فلا بأس بذلك ولهذا يشرع أن يكون هو آخر الطب يعني إنما يستعمل عند الحاجة إليه. إذن يحمل ذلكم النهي الذي نهاه الرسول - صلى الله عليه وسلم – نهى الأمة عن الكي،يحمل على ماذا؟ يحمل على الكراهة عند عدم الحاجة فإذا جاءت الحاجة زالت الكراهة.  
 
7- هل يجوز للمرأة أن تلبس ثوب ضيقاً من عند الخصر وكم قصير أم لا؟
المشروع لها أن يكون لباسها متوسطاً ليس فيه ضيق يبين حجم أعضائها وعورتها، وليس فيه سعة كأن يبدو منها بعض عورتها وأعضائها، فالسنة أن تكون الملابس وسطاً للمرأة والرجل أيضاً وليس لها أن يبدو منها شيئاً من عورتها، وإذا اعتادت ذلك ربما تساهلت فيه عند الرجال، فينبغي لها أنت تحرص على الوسط والتستر الكامل، أما هذا عند النساء أمره أسهل، عند النساء أمره أسهل؛ لأن عورتها عند النساء ما بين السرة والركبة لكن اعتيادها لهذا عند النساء قد يجرها إلى التساهل بذلك عند الرجال، أو عند المحارم وقد يكون فيه فتنة لبعض المحارم من الرجال فينبغي لها التوقي لهذا الشيء وأن تكون ملابسها ساترة غير ضيقة بل متوسطة حتى لا تفتن ولا تفتن.   
 
8- إنني امرأة في الخمسين من عمري، وقد توفي زوجي من مدة خمس سنوات، وقد ترك لي بيتاً وترك مالاً ولم توزع التركة، وأنا ليس لي ولد، وإنني الآن وحيدة، وللمرحوم أخت واحدة حية، وله أخت أيضاً ماتت قبله، وله أولاد عمه عددهم سبعة وهم أقرب الناس إليه، وله ابنة أخ وله ابنة ابن أخ، وكانت حياتنا دون قسمة للمال، فقد كان راتبه وما أجلبه من دجاج أربيها وأبيعها وأبيع البيض، وكان أيضاً يأخذ أجرة الخياطة والعيدنيات التي آخذها من أهلي، وكان مالنا مشتركاً، وله أيضاً دكان مؤجرً منذ وفاته والمبلغ المردود منها أصرفه على نفسي، فهل قيمة الأجرة تدخل في التركة، وقد قال لي زوجي قبل وفاته: إن مالي كله لكي بعد وفاتي ولا تعطي أحداً منه شيئاً، وتوجد ورقة كتبها وأشهد عليها أولاد عمه بأن كل ما يملكه لي بعد وفاته، فهل لهذه الورقة قيمة، وهل تعطيني الحق في التركة كلها، وكيف ستوزع التركة في هذه الحالة؟ جزاكم الله خيراً.   
أولاً يقول النبي عليه الصلاة والسلام-:(إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث) ووصيته لكِ بماله وصية غير صحيحة، فنسأل الله أن يعفو عنه، وليس لك إلا إرثك فأنتِ زوجة ليس له ولد فلك الربع ولأخته النصف إذا كانت أختاً له من أبيه أو من أمه وأبيه يكن لها النصف ولكِ الربع والباقي يكون لأبناء عمه إذا كانوا أبناء عمه من أب أو أبناء عم شقيق يكن لهم الربع الباقي، لك الربع ولأخته النصف ولأبناء عمه الربع الباقي وهو ربع الرابع عصْباً لهم لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:(ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر) والله يقول سبحانه:وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ(النساء: من الآية12) فأنتِ لك الربع لأنه ليس له ولد كما قلتِ، والأخت لها النصف إذا كانت له أخت من أبيه أو من أبيه وأمه جميعاً كما قال الله تعالى:يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ(النساء: من الآية176) قال علماء التفسير المراد بذلك الأخت الشقيقة وهكذا الأخت لأب عند عدم الشقيقة وهذا بإجماع المسلمين ويبقى ربع واحد وهو سهم الأربعة يكون لأبناء عمه إن كانوا في درجة واحدة فإن كان بعضهم أقرب من بعض فإنه يكون للأقرب العصب الأقرب لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:(ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر) هذه هي قسمة مسألتك في جميع ما وراه من التركة وما أشكل عليك وعلى أختك فراجعي المحكمة والمحكمة تنظر في ذلك على الوجه الشرعي لأن هذه من المسائل الأحوال الشخصية والمحكمة تنظر فيها تحكم بأمر الشرع في الأردن فعليك أن تراجعي المحكمة فيما أشكل عليك، والحمد لله. أختنا سماحة الشيخ تشير إلى أن لها بعض المال في تركة المتوفى؟ هذه مسألة تحتاج إلى نظر من جهة المحكمة؛ لأن الأخت قد يكون لها دعوى، وقد يكون لأولاد العم دعوى، هذه مسألة لا بد من نظر القاضي فيها، إلا إذا تسامحوا إذا حصل بينك وبين الأخت وأولاد العم تسامح فيما تدعين، وسمحوا لك في ذلك وكانوا مرشدين وأنت مرشدة وأولاد العم مرشدين إذا تصالحتم فلا حرج في ذلك، أما عند النزاع وعدم الصلح فلا بد من المحكمة.  
 
9- لقد سمعت امرأة من إحدى الدول العربية تقول بأنها تزور قبر أبيها وذلك في المقبرة الموجودة ببلدها، وإنني قلت لها: إن هذا لا يجوز، وإن الله سبحانه وتعالى لعن زائرات القبور، واستدليت لها ببعض الآيات القرآنية، وقالت: إنها لا تفعل شيئاً محرماً سوى أنها  تقرأ القرآن، وإنها قالت أيضاً: إنني أحس في المقبرة بالإيمان أكثر، وأن كل إنسان مصيره إلى هذه الحال، فهل يجوز لتلك المرأة في الاستمرار بزيارة قبر أبيها أو غيره من أهلها، أم أن هذا حراماً؟ مع أنها كما تقول: لا تفعل شيئاً محرماً من نياح وتقديم الفاكهة والورود مثل بعض الناس الجهال سوى قراءة القرآن والاتعاظ؟ أفيدونا افادكم الله، وجزاكم الله عنا وعن المسلمين كل خير، وبماذا ننصح هذه السيدة ومن ماثلها؟   
الصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم أن الزيارة مختصة بالرجال، وأن النساء ليس لهن زيارة القبور لما ثبت عنه- عليه الصلاة والسلام- :(أنه لعن زائرات القبور) جاء هذا من حديث أبي هريرة ومن حديث حسان بن ثابت ومن حديث ابن عباس - رضي الله عنهم-، فالواجب على المرأة التي ذكرتِ أن تدع هذه الزيارة، وأن تدعو لأبيها في بيتها وفي كل مكان بالمغفرة والرحمة إذا كانا ماتا على الإسلام والحمد لله، ولا حاجة إلى الزيارة الدعاء بحمد الله متيسر في كل مكان تدعو له، تستغفر له، تتصدق عنه فيما يسر الله من المال للفقراء والمحاويج، تحج عنه، تعمتر عنه كل هذا طيب، أما الزيارة لقبره فلا ينبغي لها بل لا يجوز لها ذلك؛ لأن الحديث الصحيح دل على منعها في حق النساء، بل اللعن في ذلك، وهذا يدل على أنه هذا من الكبائر، نعم ذهب بعض العلماء إلى الترخيص في الزيارة لكنه قول مرجوح، كانت الزيارة ممنوعة ل لجميع الرجال والنساء أول ما هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة، ثم جاءت الرخصة عامة، ثم خص النبي - صلى الله عليه وسلم – النساء بالمنع لحكمة بالغة، وبقي الرجال على الرخصة، أما النساء فجاء المنع في حقهن، والحكمة في ذلك والله أعلم أنهن قليلات الصبر، قد لا يصبرن عند رؤية القبور ورؤية الآباء والأمهات، قد يجزعن وينحن، والأمر الثاني من الحكمة أن المرأة فتنة، وقد يكون ذهابها إلى المقبرة من أسباب الفتنة للرجال، فينبغي لها أن تبتعد عن أسباب الفتنة، فالحاصل أن الواجب على المرأة عدم الزيارة للقبور، أما كون الحكمة كذا أو كذا فهذا محل نظر، والواجب علينا تقبل أحكام الله والرضا بها والأخذ بها وإن لم نعرف الحكمة، المهم أن نأخذ بأمر الله وأن ننتهي عن نهي الله، فإذا ثبت لنا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم – لعن زائرات القبور، وجب على النساء ترك ذلك، أما الحكمة فيحتمل أن الحكمة أنها فتنة وأن يخشى أن تفتتن أو يفتتن بها في المقابر، وقد تختلط بالزوار، ويحتمل غير ذلك أنها قد لا تصبر تجزع عند النظر إلى القبور، وقد يصبها شيء من الجزع يحتمل أن هناك حكم أخرى لا نعرفها، فالواجب علينا الأخذ بما قاله الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، والامتثال في الأوامر والنواهي وإن لم نعرف الحكمة، هذا هو الواجب على المرأة وعلى غيرها في مثل هذا أن تترك الزيارة في القبور، أما الدعاء للميت والترحم عليه، والصدقة عنه فهذا أمر مطلوب وفي إمكانها أن تفعل ذلك في بيتها وفي كل مكان الدعاء والصدقة، والحج، والعمرة، وقضاء الدين، هذه الأمور تنفع الميت، والحمد لله.  
 
10- ما رأي سماحة الشيخ في أن يكون في داخل سور المسجد بعض الأغنام؟ علماً بأن الإمام هو صاحب هذه الحيوانات ، ولا أدري هل ننصحه أم لا ؟.
لا يجوز جعل الغنم في داخل المسجد؛ لأنها تلوث من بعرها وأبوالها ونحو ذلك، فالواجب إبعادها عن ذلك، والمساجد يجب أن تنظف، أمر النبي - صلى الله عليه وسلم – أن تنظف وتطيب، وقال: (عرضت علي مساوي أمتي، أو قال:(وعرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد)، فالواجب على الإمام أن يزيل هذا الأمر، وأن لا يترك الأغنام في داخل المسجد؛ لأن في ذلك ... المسجد، وتلويث له بأبعارها وأبوالها، وعلى الجماعة أن ينصحوه بالكلام الطيب، والحكمة، والأسلوب الحسن حتى يبعد هذه الأغنام عن المسجد؛ لأن المسجد محل التطهير ومحل التنظيف، ومحل العناية، ومحل التطييب ليس محل الأذى والقذر والله المستعان. 
 
11- استشير سماحتكم في الكتاب التالي (فقه السنة) ؟
كتاب طيب ومفيد، فقه السنة كتاب طيب ومفيد وفيه علم كثير، فننصح باقتنائه ومراجعته والاستفادة منه، وما قد يقع فيه من زلة أو خطأ فهو مثل غيره من العلماء كل عالم له بعض الخطأ وبعض النقد فإذا أشكل على طالب العلم أو على طالبة العلم بعض المسائل فعليه أن يسأل أهل العلم عما أشكل عليه، وأنا لم أقرأه ولكن قرأت بعضه فرأيت فيه خيراً كثيراً وفوائد فإذا أشكل على طالب العلم شيئاً من المسائل أو على طالبة العلم شيئاً من المسائل فعليها أن تتثبت حتى يسأل أهل العلم وحتى يراجع الأدلة التي ذكرها المؤلف وذكرها غيره حتى تتم الفائدة، فكل واحد من أهل العلم يؤخذ من قوله ويترك، كل واحد له أغلاط قد ينسى وقد يغلط وقد يشتبه عليه الدليل فليس صاحب كتاب فقه السنة معصوماً ولا غيره من العلماء ولكن الواجب على طلبة العلم وطالبات العلم أن يكون عند الجميع من اليقظة والانتباه وتحري الحق ما يمنع الوقوع في الخطأ ولا تتوقف طالب العلم على مسألة ذكرها بعض العلماء أو كذا طالبة العلم فإن من توقف عندها أن يسأل وأن يتبصر ويراجع الأدلة إن كان عنده قوة في ذلك وإلا أن يسأل خواص العلماء الذين يظن فيهم الخير والعلم حتى يفيدوه وحتى يرشدوه إلى ما هو الصواب.

416 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply