حلقة 565: المنفرد هل يجهر في صلاته - وسوس الشيطان - تفسير قوله تعالى فويل للمصلين إلى آخر السورة - من اكتشف أنه صلى وفي ثيابه نجاسة هل يعيدها - الوضوء في الحمام - قول بذمتك أو بصلاتك - توجيه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

15 / 50 محاضرة

حلقة 565: المنفرد هل يجهر في صلاته - وسوس الشيطان - تفسير قوله تعالى فويل للمصلين إلى آخر السورة - من اكتشف أنه صلى وفي ثيابه نجاسة هل يعيدها - الوضوء في الحمام - قول بذمتك أو بصلاتك - توجيه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

1- هل يُجهر في الصلاة إذا صلاها الإنسان منفرداً مثل صلاة المغرب والعشاء والفجر، أو يجعلها سراً؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالسنة في صلاة المغرب والعشاء والفجر الجهر، سواءٌ كان المصلي إماماً أو منفرداً، هكذا كان النبي يفعل -عليه الصلاة والسلام-، فإذا فاتت الإنسان الصلاة مع جماعة صلاها بالجهر المغرب والعشاء والفجر، كما كان يصليها لو كان إماماً، لكن إذا كان حوله من يتأذى بالجهر من نوام أو قراء خفض قليلاً حتى لا يؤذي أحداً. جزاكم الله خيراً. 
 
2-  إذا وسوس الشيطان للعبد في صلاته ماذا يفعل، وهل صلاته صحيحة؟
الصلاة صحيحة إذا أداها كما أمر الله بأركانها وواجباتها، فالوسوسة لا تبطلها، ولكن تضعف الثواب، فليس للعبد من صلاة إلا ما عقل منها وأقبل عليه، وخشع فيها لربه -عز وجل-، كما في الحديث: (إن العبد ليصلي وليس له من صلاته إلا نصفها أو ثلثها .... إلخ) فينبغي للمؤمن أن يقبل على صلاته، وهكذا المؤمن، بخشوع وحضور قلب وطمأنينة حتى يكون ثوابها أكثر، والوسوسة إنما تأتي من الشيطان، فإذا أحضر قلبه بين يدي الله واستحضر أنه قائم بين يدي الله، وجاهد نفسه لله، فإن الوساوس تقل بتوفيق الله، وإذا دعت الحاجة إلى التعوذ بالله من الشيطان لبقاء الوسوسة فإنه يستعيذ بالله من الشيطان، ينفث عن يساره ثلاث مرات، ويتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وقد قال عثمان بن أبي العاص الثقفي الصحابي الجليل -رضي الله عنه- للنبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا رسول الله إن الشيطان قد لبس علي صلاتي)، فأمره أن يستعيذ بالله من الشيطان في الصلاة إذا وقع له ذلك، ففعل فأذهب الله عنه تلك الوسوسة، فالمشروع للمؤمن والمؤمنة عند وجود هذه الوسوسة أن يستعيذ بالله من الشيطان، وينفث عن يساره، ولو في الصلاة ثلاثاً، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، فإن ذهبت الوسوسة بإقباله على الله وحضور قلبه بين يدي الله كفى ذلك والحمد لله، وإلا استعاذ بالله من الشيطان نافثاً عن يساره يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثلاث مرات، ويزول بإذن الله. جزاكم الله خيراً 
 
3-   الأخوان يطلبون من سماحتكم تفسير قول الحق تبارك وتعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ[الماعون:4-7].
الآية على ظاهرها، والويل إشارة إلى شدة العذاب، والله -سبحانه- يتوعد المصلين الموصوفين بهذه الصفات التي ذكرها -سبحانه- وهي قوله: الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ، ليس سهوهم عنها الترك، لأن الترك كفر أكبر نسأل الله العافية، ولكنه نوع من التساهل كتأخيرها عن أدائها في الجماعة، والتهاون في بعض مكملاتها التي يجب أن تفعل، ونحو ذلك مما يتعلق بالنقص فيها، فهذا فيه الوعيد، أما إذا تركها عمداً، فهذا يكون كافراً كفراً أكبر وإن لم يجحد وجوبها في أصح قولي العلماء، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح، ولقوله -عليه الصلاة والسلام-: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) خرجه الإمام مسلم في صحيحه، فهذان الحديثان وما جاء في معناهما حجة قائمة، وبرهان ساطع في كفر تارك الصلاة نعوذ بالله، وإن لم يجحد وجوبها، لكن إذا تساهل فيها بأن تساهل في أدائها ولم يؤدها كما يجب، أو تأخر عن أدائها في الجماعة فهذا يعتبر من السهو عنها. أما السهو فيها فهذا ليس به شيء، وليس فيه وعيد، فقد سها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وسها المسلمون، فالسهو يقع من المؤمن في الصلاة، وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- أحكامه، ولكن المقصود السهو عنها، وذلك بالتساهل والتهاون في أدائها كما أوجب الله، وأعظم من ذلك وأدهى وأمر الريا نسال الله العافية، كعمل المنافقين، فإن المنافق كفره أشد من كفر الكافر، فإذا صلاها رياءً لا عن إيمان بأنها فرض عليه، فإنه يكون كافراً وصلاته باطلة، فإن صلاها رياءً نافلة بطلت أيضاً. فالواجب أن يصلي المؤمن لله وحده، يريد وجهه الكريم، ويريد الثواب عنده -سبحانه وتعالى-، ولعمله بأن الله فرض عليه الصلاة الصلوات الخمس، يؤديها إخلاصاً لله وطاعة لله وتعظيماً له، وطلباً لمرضاته -سبحانه وتعالى-. ومن صفاتهم أنهم يمنعون الماعون، الماعون فسر بالزكاة، وأنهم يمنعون الزكاة؛ لأن الزكاة قرينة الصلاة: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ[البينة: 5] وقال تعالى: وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ[البقرة: 43]، وقال قوم آخرون من أهل العلم: إنه العارية الذي يحتاجها الناس ويضطرون إليها، كالدلو لجلب الماء، والميزان للحاجة، والقدر للحاجة، ونحو ذلك، ولكن منع الزكاة أعظم وأكبر، فينبغي للمؤمن أن يكون حريصاً على أداء ما أوجب الله، وعلى مساعدة إخوانه عند الحاجة، بالعارية، لأنها تنفعه إخوانه، وتنفعه أيضا ولا تضره، فينبغي له أن يساعد بالماعون الذي يحتاجه جيرانه وإخوانه من قدرٍ أو ميزان أو دلو أو غير هذا مما يحتاجه الجيران، والله ولي التوفيق. جزاكم الله خيراً ونفع بعلمكم. 
 
4-  إذا اكتشف الإنسان أن في ملابسه شيئا من النجاسة وقد صلى بها بعض الفروض، فهل تبطل تلك الصلوات؟
إذا صلاها وهو جاهل بالنجاسة أو ناسياً لها فليس عليه شيء، إذا فرغ من الصلاة وقد وجد في ثوبه نجاسة فإن صلاته صحيحة، سواءٌ كان ناسياً لها قد علمها قبل ثم نسي، أو كان جاهلاً لها بالكلية، فإن الصواب أن صلاته صحيحة، وليس عليه إعادة، لأنه ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه ذات يومٍ صلى في نعليه فنبهه جبرائيل أن فيهما قذراً فخلعهما، ولم يستأنف، بل أكمل صلاته -عليه الصلاة والسلام-، فدل ذلك على أن من صلى في شيء فيه نجاسة ولم يعلم فإن صلاته صحيحة، ولكن متى علم يخلع، إذا علم وهو في الصلاة كالنعل خلعها، وإن كان غترة أو عمامة يخلعها أو بشت يخلعه، وهو في الصلاة ولا يضره، أما إن كان لا يمكن خلعه؛ لأنه ليس عليه إلا ثوب واحد يستر عورته وبان فيه نجاسة فإنه يقطع الصلاة لأجل إزالة النجاسة بالغسل أو بإبدال الثوب. جزاكم الله خيراً 
 
5-  هل يصح الوضوء في الحمام؟
نعم لا حرج لمن توضأ في الحمام، ويسمي في أول الوضوء عندما يبدأ الوضوء بالمضمضة والاستنشاق، أو عند غسل الكفين ثلاثاً، يقول: بسم الله ويبدأ؛ لأن الكراهة التي ذكرها العلماء في قراءة ذكر الله في الحمام، تزول عند الحاجة وهو محتاج إلى أن يسمي الله في أول الوضوء، وقد أوجب ذلك بعض أهل العلم، فحينئذ تزول الكراهة، ويسمي الله عند بدء وضوءه، وإن تيسر أن يكون ذلك خارج الحمام فهذا أفضل وأكمل. 
 
6-   إنني كثيراً ما أسمع أن قول: صدق الله العظيم، عند الانتهاء من قراءة القرآن الكريم بدعة، وقال لي بعض الناس: إنها جائزة، واستدلوا بقوله تعالى: قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا[آل عمران:95]، وكذلك قال لي بعض المثقفين: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يوقف القارئ قال: (حسبك)، ولا يقول: صدق الله العظيم، وسؤالي هو: هل قول صدق الله العظيم جائز عند الانتهاء من قراءة القرآن الكريم؟ أرجو أن تتفضلوا بالتفصيل في هذا، وفقكم الله وسدد خطاكم.
اعتياد الناس أن يأتوا بصدق الله العظيم بعد الفراغ من القراءة شيء لا أصل له، ولا ينبغي اعتياده، بل هو على القاعدة الشرعية من قبيل البدع، إذا اعتقد هذا أنه سنة، فينبغي ترك ذلك ولا يعتاد ذلك، وأما الآية الكريمة: قُلْ صَدَقَ اللّهُ فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ[آل عمران: 95]، فليست في هذا الشأن، وإنما أمره الله أن يبين لهم صدق الله فيما بين في كتبه العظيمة، من التوراة وغيرها، وأنه صادق فيما بين لعباده في التوراة والإنجيل وسائر الكتب المنزلة، كما أنه صادق -سبحانه- فيما بينه لعباده في كتابه العظيم القرآن، ولكن ليس هذا دليلاً على أنه يستحب لأحد أن يقول ذلك بعد قراءة القرآن، أو بعد قراءة آيات أو سورة، وليس هذا ثابتاً ولا معروفاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه -رضي الله عنهم-، ولما قرأ ابن مسعود على النبي -صلى الله عليه وسلم- أول سورة النساء حتى بلغ قوله تعالى: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا[النساء: 41] قال له النبي: (حسبك)، قال عبد الله بن مسعود: فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان -عليه الصلاة والسلام-) يعني يبكي لما تذكر هذا المقام العظيم يوم القيامة فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ يعني يا محمد عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا يعني على أمته -عليه الصلاة والسلام-. فالمقصود أن اعتياد كلمة صدق الله العظيم ليس له أصل في الشرع، أما لو فعله الإنسان بعض الأحيان من غير قصد لا يضر، الله صادق -سبحانه وتعالى-، لكن اعتياد ذلك بعد كل قراءة كما يفعل كثير من الناس اليوم فهذا ليس له أصل، ولا يقول: صدق الله ليس فيها العظيم: قُلْ صَدَقَ اللّهُ فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ[آل عمران: 95]. جزاكم الله خيراً. 
 
7-   هل يجوز التذميم بقوله لأخيه: بذمتك، أو بصلاتك، أو بقوله: بحرج إن فعلت كذا؟ فمثل هذه العادات منتشرة عند النساء والأطفال، نرجو التوجيه جزاكم الله خيراً.
لا يجوز الحلف لا بالصلاة ولا بالذمة ولا بالحرج ولا بغير ذلك من المخلوقات، الحلف يكون بالله وحده، ولا يقول: بذمتي ما فعلت كذا، ولا بذمة فلان، ولا بحياتي، ولا بصلاتي، ولا يطالب قل بذمتي ولا قل بصلاتي ولا قل بزكاتي كل هذا لا أصل له، ولا يجوز؛ لأن الصلاة فعل العباد، والزكاة فعل العباد، وأفعال العباد لا يحلف بها، وإنما الحلف بالله وحده -سبحانه وتعالى-، يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت)، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: (من حلف بشيء دون الله فقد أشرك) خرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن عمر -رضي الله عنه-، وخرج أبو داود والترمذي بإسناد صحيح عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (من حلف بالأمانة فليس منا). فالواجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يحذر ذلك، وأن لا يحلف إلا بالله وحده -سبحانه وتعالى-، وبالله ما فعلتُ كذا، والله ما فعلتُ كذا، إذا دعت الحاجة، والمشروع أن يحفظ يمينه، ولا يحلف إلا عند الحاجة، قال تعالى: وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ[المائدة: 89]، فإذا دعت الحاجة يحلف، يقول: والله ما فعلتُ كذا إن كان صادق، والله ما ذهبتُ إلى فلان، بالله ما فعلتُ كذا، تالله ما فعلتُ كذا، إذا كان صادق فهذه يمين بالله -سبحانه وتعالى-، أما الحلف بغير ذلك بالأمانة أو بالنبي أو بالكعبة أو بحياة فلان أو شرف فلان أو صلاتي أو ذمتي فلا يجوز. أما إذا قال: في ذمتي ليس بيمين، هذا ليس باليمين في ذمتي يعني هذا في ذمتي أمانة، أو ما أخون فيه، أو ما أشبه ذلك، هذا ليس بيمين، أما إذا قال: بذمتي، أو بصلاتي، أو بزكاتي، أو حياتي، أو حياة والدي، فهذا لا يجوز، هذا من الحلف بغير الله -سبحانه وتعالى-، نسأل الله للجميع الهداية. جزاكم الله خيراً. 
 
8- يسأل في أحد أسئلته عن الكيفية الصحيحة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما هي الحكمة المقصودة في مثل هذا المقام؟
هذا سؤال عظيم، وجدير بالعناية؛ لأن الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر من أهم الواجبات، ومن فرائض الإسلام، ولأن القيام بذلك من أهل العلم والإيمان والبصيرة من أعظم الأسباب في صلاح المجتمع، وسلامته من عقاب الله -سبحانه-، واستقامته على الصراط المستقيم، ولهذا يقول -سبحانه-: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ[آل عمران: 110]، فجعله خير الأمة بسبب هذا العمل الطيب، وقال -سبحانه-: وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[آل عمران: 104]، وصفهم بالفلاح لهذا الأمر العظيم لدعوتهم إلى الخير، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، فجعلهم مفلحين بعملهم الطيب، والفلاح هو الحصول على كل خير، والحصول على أسباب السعادة، قال -عز وجل-: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ[التوبة: 71]، فوعدهم بالرحمة على أعمالهم الطيبة التي منها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا يدل على أن هذا هو الواجب على المؤمنين والمؤمنات، ليس خاصاً بأحد دون أحد، بل هذا الواجب على المؤمنين والمؤمنات، وهو من صفاتهم العظيمة، وأخلاقهم الكريمة، لكن يكون بالحكمة، يكون بالعلم لا بالجهل، ولا بالعنف والشدة، ولكن بالعلم، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر عن علم وعن بصيرة بما أمر الله به وما نهى الله عنه. فالمعروف: هو ما أمر الله به ورسوله، والمنكر: هو ما نهى الله عنه ورسوله. فالواجب على الآمر الناهي أن يكون ذا بصيرة، أن يكون على علم، سواءٌ كان رجل أو امرأة لا بد أن يكون على علم، وإلا فليمسك حتى لا يأمر بالمنكر أو ينهى عن معروف، قال -تعالى-: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ[يوسف: 108]، يعني على علم ويقول -سبحانه-: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ[النحل: 125]، والدعوة إلى الله من جنس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنه بيان الحق، وإظهاره للناس، فالآمر كذلك يدعوا إلى الله، والناهي كذلك، إلا أن الآمر والناهي قد يكون عنده من السلطة ما يردع المنكر، ويلزم بالمعروف. والداعي إلى الله أوسع من ذلك، يبين للناس ويرشدهم إلى الحق، وقد لا تكون عنده سلطة للإلزام، فالحاصل أن الواجب على الداعي إلى الله والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون على علم، وأن يكون على بينة، وعلى بصيرة، حتى لا يأمر بما يخالف الشرع، وحتى لا ينهى عما هو موافقٌ للشرع. والواجب أيضاً أن يكون برفق وعدم عنف، وعدم كلمات بذيئة، بل يكون بكلام طيب، وأسلوب حسن، ورفق كما قال الله -عز وجل-: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ[آل عمران: 159]، وقال -سبحانه- لموسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى[طه: 44]، فالآمر الناهي يرفق بالناس، ويأمرهم بالألفاظ الحسنة، وينهاهم بالألفاظ الحسنة، حتى يكون ذلك أقرب إلى قبول أمره ونهيه، والاستفادة من ذلك، إلا من ظلم وتعدى وأبى فهذا له أسلوب آخر، من التعنيف والتأديب، إذا لم يلتزم بالأمر بالمعروف ولم ينته عن المنكر، أما في أول الأمر فإنه يخاطبهم بالتي هي أحسن، ويرشدهم، وينصحهم حتى يلتزموا الحق، فمن عاند وأبى فله حال أخرى، من جهة إجراء ما يستحق من تعنيف وتشديد وتأديب أو سجن، أو غير ذلك مما يقتضيه الشرع المطهر، والله المستعان. جزاكم الله خيراً 
 
9- يسأل أخونا أيضاً عن الأوقات التي فيها ساعات الاستجابة؟
أوقات الإجابة عديدة، جاءت السنة بيانها، منها ما بين الأذان والإقامة، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد)، ومنها جوف الليل وآخر الليل، فالليل فيه ساعة لا يرد فيها سائل، وأحراها جوف الليل وأخر الليل: الثلث الأخير، وقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، حتى إذا انفجر الفجر) فينبغي للمؤمن والمؤمنة تحري هذه الأوقات والحرص على الدعوات الطيبة الجامعة في وسط الليل في أخر الليل، في جميع ساعات الليل، لكن الثلث الأخير وجوف الليل أحرى بالإجابة، مع سؤال الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجيب الدعاء، مع الإلحاح وتكرار الدعاء والإلحاح في ذلك، وحسن الظن بالله، وعدم اليأس، بل يلح يرجوا من ربه الإجابة، ويكثر من توسله بأسمائه وصفاته -سبحانه وتعالى-، وكذلك في السجود ترجى فيه الإجابة، يقول -عليه الصلاة والسلام-: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء)، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم) يعني فحري أن يستجاب لكم، رواه مسلم في الصحيح. وكذلك حين يجلس الإمام يوم الجمعة في المنبر للخطبة، وهو محل إجابة لصلاة الجمعة، وقبل السلام منها، وهكذا آخر كل صلاة قبل السلام محل دعاء، وترجى فيه الإجابة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما علمهم التشهد قال: (ثم ليختر من الدعاء أعجبه إليه فيدعو)، يعني في آخر الصلاة قبل أن يسلم، وهكذا آخر نهار الجمعة بعد العصر إلى غروب الشمس، أيضاً كذلك هو وقت إجابة، فينبغي الإكثار من الدعاء بين صلاة العصر إلى غروب الشمس يوم الجمعة، وأن يكون جالساً ينتظر الصلاة؛ لأن المنتظر في حكم المصلي، وقد صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في يوم الجمعة: (أن فيها ساعة لا يرد فيها سائل) وأشار إلى أنها قليلة، وفيها: (لا يسأل الله وهو قائم يصلي)، قال العلماء: يعني ينتظر الصلاة، فإن المنتظر له حكم المصلي؛ لأن وقت العصر ليس وقت صلاة. فالحاصل أن المنتظر لصلاة المغرب في حكم المصلي، فينبغي أن يكثر من الدعاء قبل غروب الشمس، إن كان في المسجد في المسجد، وإن كانت امرأة أو مريض في بيته، ينتظر الصلاة ويدعو، هذه الأوقات المذكورة كلها أوقات إجابة، ينبغي فيها تحري الدعاء والإكثار منه، مع الإخلاص لله والضراعة والانكسار بين يديه، والافتقار بين يديه -سبحانه وتعالى-، والإكثار من الثناء عليه، وأن يبدأ الدعاء بحمد الله والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن البداءة بالحمد لله والثناء عليه، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- من أسباب الإجابة، رزق الله الجميع التوفيق والهداية. 
 
10-  يسأل الأخ عن الكتب التي تنصحون طلبة المتوسطة بقراءتها من كتب السنة؟
نوصي طلبة المرحلة المتوسطة في العناية بمقرراتهم والإقبال عليها والحرص على الاستفادة منها؛ لأنهم مشغولون بها ولينجحوا بها أيضاً، ولأنها مفيدة، المقررات الدراسية بما يتعلق بالتوحيد والعبادات مهمة ومفيدة، فإذا كان عندهم وقت فنوصي بمثل كتاب التوحيد يدرسه، ومثل كشف الشبهات يحفظه، يتأمل هذين الكتابين فهما مفيدان، مثل الأربعين النووية يحفظها خمسين حديث، 42 للنووي و 8 للحافظ ابن رجب، خمسون حديث من جوامع الكلم يحفظها في هذه المرحلة، وهي أحاديث جيدة يحفظها وفي هذا كفاية حتى ينتقل إلى الثانوي إن شاء الله. 

378 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply