حلقة 598: التوبة عما مضى من الذنوب - حكم صلاة من سلم الإمام عن نقص فلم يسلم معه - الحرص على بر الوالدين ولو قصرا في حق الولد - حكم الغربة عن الأهل أكثر من سنة - قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية - حكم قيام التلاميذ عند دخول المعلم

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

48 / 50 محاضرة

حلقة 598: التوبة عما مضى من الذنوب - حكم صلاة من سلم الإمام عن نقص فلم يسلم معه - الحرص على بر الوالدين ولو قصرا في حق الولد - حكم الغربة عن الأهل أكثر من سنة - قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية - حكم قيام التلاميذ عند دخول المعلم

1-   أنا من أسرة أجداد والدي لم يكونوا مسلمين بل كانوا يعبدون الأوثان، وعلى ذلك تزوج والدي على غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأنجبنا نحن، ولكن لحسن حظنا نشأنا في بيئة مسلمة، ودخلت المدرسة في وسط تلاميذ وأساتذة مسلمين، ومنذ الصغر تعلمنا في المدرسة قراءة القران والصلاة، وإن تخلل ذلك بعض التهاون بالصلوات، ولكن في نهاية الأمر هداني ربي والتزمت بسنة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم- منذ عدة سنوات والحمد لله، وسؤالي هو: هل إسلامي هذا صحيح، وذلك لأنني مارست بعض الطقوس والعادات على طريقة أجدادي، وكان ذلك فقط من باب حب الاستطلاع، ولجهلي بحرمتها، كما أن والدي كان غير مسلم، والدي الآن يصلي ويصوم، وترك العادات والطقوس غير الإسلامية، وذلك بدون أية مقدمات، كإشهار الإسلام؛ لأنه كان يعيش ومنذ فترة طويلة في وسط مسلم، ولكنه كان يمارس الطقوس غير الإسلامية، كما وأنه كان يصلي ويصوم في نفس الوقت، ولكن في نهاية الأمر ترك الطقوس غير الإسلامية وبدأ الصلاة والصوم وغيرها من الشعائر الإسلامية، هل إسلامه صحيح بالرغم من تركه الإشهار وعدم الاغتسال الخاص بدخول الإسلام، ماذا على والدي بخصوص زواجه الذي كان في السابق بدون إسلام، وعلى غير سنة النبي - صلى الله عليه وسلم-؟ وجهوني في هذه القضايا، جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد.. الحمد لله ما دام حصلت التوبة والندم والرجوع إلى الله والاستقامة منك ومن والدك فالحمد لله، أما الأنكحة الماضية فلا ينظر إليها لأنها على طريقتهم والكفار إذا أسلموا أقروا على أنكحتهم فلا ينبغي النظر في ذلك بل ينبغي النظر في الوقت الحاضر، فإذا تاب المؤمن وتاب الرجل مما عنده من طقوس مخالفة للشرع أو أعمال مخالفة للشرع كفى والحمد لله، فعليك لزوم التوبة على أبيك لزوم التوبة وما دامت الزوجة صالحة ليس أختاً له ولا عمةً له وإنما قد يكون في بعض الطقوس عندهم خلل فالحكم في ذلك أنها تقر على ما هي عليه كسائر أنكحة الكفار ولا ينظر فيها بعد ذلك يقرون على إسلامهم وعلى أنكحتهم كما أقر النبي - صلى الله عليه وسلم - من أسلم يوم الفتح وغيره على أنكحتهم ولم يغيرها، لكن لو فرضنا أن بان له أن تزوج أختاً له من الرضاعة أو عمةً له من الرضاعة، أو بنت أخيه من الرضاعة فإنه يفارقها بعد إسلامه لأن المانع موجود أما إذا كان خلل في شيء من العقد لعدم الولي أو ما أشبه ذلك فإنه يقرون على أنكحتهم. ماذا عن الغسل سماحة الشيخ يقول إن والده عندما دخل الإسلام لم يغتسل؟ الغسل سنة مستحب وليس بواجب. إذاً ليس عليه شيء؟ نعم، ليس عليه شيء.  
 
2-   في ذات يوم من الأيام وفي صلاة المغرب كنا نصلي في جماعة، وبعد انتهاء الصلاة سلم الإمام، وقام أحد المصلين وقال: سبحان الله الصلاة ناقصة ركعة، البعض سلم خلف الإمام، والآخرين لم يسلموا فنهض الإمام ليأتي بالركعة الناقصة، ونهض معه الذين لم يسلموا، أما الذين سلموا فظلوا جالسين، أيهما صلاته صحيحة؟
كلهم صلاتهم صحيحة الذي نهض معه وكمل، والذي جلس وكمل لنفسه أو نهض معه وكمل كلهم صلاتهم صحيحة وعليهم سجود السهو مع إمامهم جبراً للصلاة والأفضل أن يكون السجود بعد السلام، كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سلم عن نقص ركعة في بعض المرات نقص ركعتين كمل الصلاة ثم سلم ثم سجد للسهو ثم سلم بعد ذلك، هذا هو الأفضل في حق من سلم عن نقص ركعة أو أكثر أنه يتمم الصلاة ويسلم منها ثم يسجد للسهو ثم يسلم بعد سجود السهو، والذين سلموا مع إمامهم يلزمه أن يقوم معه إذا قام وهكذا الذين لم يسلموا لو سلموا كان أولى ثم يقوم يتابعون إمامهم لكن لما سلموا لاعتقادهم النقص فلا شيء عليهم يتابعون والحمد لله.   
 
3-   طلق والدي والدتي وأنا في بطنها، ثم كبرت وتزوجت وأصبح عندي أولاد، وأنا أعيش مع والدتي، ولا أعرف والدي إلا بالاسم، ولم يقم بالصرف علي أو تعليمي أو الاهتمام بي، وتزوج والدي من امرأة أخرى وأنجب منها أولاداً أصبحوا هم الذين يُديرون أعماله ويتحكمون في مسئولياته، ولكن في الآونة الأخيرة أصبح والدي يشتكيني لكل شخص في المدينة بأنني عاق، وبأنني أعمل في الخارج ولا أبعث له نقوداً، مع أنه غني، وسؤالي يا سماحة الشيخ: هل له الحق في أن أرسل له أي مبلغ من المال والأمر بالصورة التي ذكرتها؟ ثم يستطرد في رسالته ويقول: والدتي غنية جداً حيث أنها تتاجر في الكثير من السلع، وليس لديها أولاد غيري، وتطلب مني أن أرسل لها نقوداً، مع أن حالتي المالية لا تسمح بذلك، حيث أن راتبي متواضع ومسؤوليات الزوجة والأولاد كثيرة، هل يجب على مع هذا أن أرسل لها نقوداً أم لا، وإذا رفضت هل يدخل هذا في باب العقوق؟ جزاكم الله خيراً.
الواجب عليك يا أخي الحرص على بر والدك ووالدتك ولو كان أبو قصر بحقك فالواجب عليك أن تحرص على بره والإحسان إليه بالمكاتبة والكلام الطيب والزيارة إذا تيسرت والأخذ بخاطره حتى لا يقع بينكما عقوق، أما هو فالواجب عليه أن يعدل بينك وبين أولادك الآخرين لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) فإذا أعطاهم أعطاك، وساوى بينك وبينهم غير النفقة التي ينفق عليهم النفقة العادية إذا أعطاهم أشياء من أراضي أو سيارات أو شركات أو غير ذلك عليه أن يعدل بينكم، وأنت عليك أن تراعي خاطره بالكلام الطيب والأسلوب الحسن والزيارة إذا أمكن حتى لا يقع بينكما العقوق أما أن تعطيهم من المال أو تعطي والدك من المال وأنت راتبك قليل ولا يكفي، وحَدُّه أن يكفيك وأسرتك وهما بخير الوالد بخير والوالدة بخير فلا يلزمك، لا يلزمك أن ترسل إليهم مالاً ولكن تعتذر إليهم بالكلام الطيب والأسلوب الحسن وتقول لأبيك إن راتبي قليل وأنا مسئولياتي كثيرة وأنه لا يحصل لي عند فضل حتى أرسل إليك وأنت بحمد لله بخير، وهكذا تقول للوالدة أنتِ بحمد الله في خير وراتبي كذا وكذا وأرجو مسامحتي وتأخذ خاطرهما بالكلام الطيب ولا يلزمك أن ترسل لهما مالاً وهما غنيان وأنت بحاجة إلى المال لا يلزمك، لكن عالج الموضوع بالأسلوب الحسن والكلام الطيب والمكالمة الحسنة حتى تكسب رضاهما وفقك الله ويسر أمرك.  
 
4-  أنا أقيم في العراق منذ حوالي سنتين، ويمكن أن تمر السنة كاملة دون أن أسافر إلى أهلي بحكم ظروف العمل، هل يلحقني إثم؟
ينبغي لك أن تحرص على الزيارة ولكن لا يلزمك، إذا كانت الزوجة عندك الحمد لله، أما الزوجة فلا بد أن تكون عندك تنقلها إليك أو تزورها بين وقت وآخر في ستة أشهر أو أقل لأن الوقت خطير، والمجتمع الآن فيه شرٌ كثير، فالواجب عليك أن تتحرى ما يسبب حفظ زوجتك وسلامة عرضها بأن تنقلها إليك أو تسافر إليها بين وقت وآخر ليس بطويل لعفتها ومراعاة أحوالها وشئونها والإحسان إليها إلى غير ذلك أما الوالدان والأقارب فيكفي المكاتبة والكلام الطيب أو الكلام بالهاتف وإذا تيسرت الزيارة فهذا أكمل وأحسن.   
 
5-   يسأل عن حكم قراءة الفاتحة بالنسبة للمأموم، حيث يقول: إنه سمع حديثاً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب)، فعند انتهاء الإمام من قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية هل نقرأ الفاتحة، وهل إذا قرأنا الفاتحة وبدأنا في السورة هل نكمل قراءة الفاتحة، أم كيف نتصرف؟ جزاكم الله خيراً.
عليك أن تقرأ الفاتحة وتجتهد لأن الصحيح أنها تجب على المأموم وإذا شرعت في القراءة تكمل ولو شرع، ثم تنصت لقراءة إمامك وفي السرية تقرأ الفاتحة وما تيسر معها لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم، قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها) فتجمع بين الأمرين تنصت لقراءة إمامك وتقرأ الفاتحة ولو كان يقرأ في مكان لم يسكت سكوتاً يكفي.   
 
6-  يسأل عن السنة القبلية لصلاة الجمعة، هل لها سنة أو لا؟
تقدم أنه لا سنة لها القبلية ولكن يصلي ما كتب الله له يصلي ثنتين أو تسليمتين أو ثلاث تسليمات ركعتين ركعتين حسب ما يسر الله له إذا وصل المسجد، يصلي ما قدر الله كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم يجلس ينتظر خروج الإمام وسماع الخطبة والصلاة، فالحاصل أنه ليس لها سنة راتبة قبلية ولكن يصلي ما يسر الله وإذا صلى ركعتين تحية المسجد كفى وإذا صلى معهما ركعات كان أفضل وأكمل، لأنه يوم عظيم ويوم فاضل يوم عيد فإذا صلى قبلها ركعات يسلم من كل ثنتين كان ذلك أفضل، ثم يجلس ينتظر مسبحاً ومهللاً أو قارئاً أو مستغفراً أو ساكتاً.   
 
7-  يقول: (لا تقوموا كما تقوم الأعاجم)، هل هذا الحديث ينطبق على الطلبة في المدرسة عند دخول المدرس أم لا؟
النبي - صلى الله عليه وسلم - لما كان أصابه بعض الأثر بسقوطه على الفرس صلى جالساً والجرح يشقه، لأنه أصابه شيء في شقه عليه الصلاة والسلام شق عليه معه القيام فصلى جالساً، فلما وقف الصحابة خلفه قياماً أمرهم بالجلوس وقال: (لا تقوموا عليَّ كما تفعل الأعاجم بملوكها)، أما الطلبة فلا يجوز لهم الوقوف على رؤوس المدرسين تعظيماً أما إذا قام لأمر آخر ليسمع الأستاذ جواب المسألة، أو سأله عن مسألة فأراد أن يسمع الطلبة جوابه، أو لأسباب أخرى فهذا ليس من هذا الباب، إذا قام الطالب من أجل الجواب عن مسألة أو من أجل تلاوة حديث أو تلاوة كلام مطلوب من الأستاذ حتى يسمعه الطلبة، أو حتى يسمعه الأستاذ فهذا ليس من هذا الباب، أما قيامه له من أجل إذا دخل وقوفاً هذا لا ينبغي بل إذا دخل يجلسون ويردون السلام وهم جالسون هذا هو السنة ولا ينبغي أن يأمرهم بالقيام من أجل تعظيمه، كان الصحابة - رضي الله عنهم - لا يقومون للنبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل عليهم وهو أعظم الناس وأفضل الناس لما يعلمون من كراهته لذلك عليه الصلاة والسلام ولكن يسلمون وهم على مجالسهم جالسون.   
 
8-   كثر السؤال سماحة الشيخ عن رفع اليدين للدعاء في يوم الجمعة، وكذلك الإمام حين يدعو بالمأمومين ويجهر بصوته، وتأمين المأموم، هل هذا صحيح أو لا؟
السنة للإمام يوم الجمعة في الخطبة أن لا يرفع يديه ما كان النبي يرفع يديه عليه الصلاة والسلام لا في الجمعة ولا في العيد، وهكذا الجماعة لا يرفعون أيديهم ولكن إذا أمنوا بينهم وبين أنفسهم على دعائه سمعوا الدعاء وأمنوا بينهم وبين أنفسهم فلا حرج في ذلك، وإنما الرفع يكون في خطبة الاستسقاء كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا استسقى وطلب الغيث رفع يديه واستسقى، والسنة للجماعة أن يرفعوا أيديهم أيضاً كما رفع الإمام؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رفع يديه ورفع الصحابة أيديهم في الاستسقاء لطلب الغيث لطلب المطر، أما الجمعة والعيد فيدعو الإمام في الخطبة ولكن لا يرفع يديه وهكذا الجماعة لا يرفعون أيديهم هذا هو السنة.   
 
9-   هناك عادة في بلدنا، فحين يتوفى شخص يكثر الإسراف، ثم هناك الأربعين يوماً وأُكول، فهل على المؤمن أن ينصحهم ببطلان ما يفعلون، أم لا يأتي لتعزيتهم؟
ينصحهم، يعزيهم وينصحهم؛ لأن القيام لأهل الميت بإسراف أو طعام الناس في يوم الموت أو في العاشر في الأربعين أو على رأس السنة لا أصل له بل هو من عمل الجاهلية، وإنما يصنعون طعاماً لحاجتهم، والسنة لأصحابهم وأقاربهم أن يبعثوا لهم طعاماً كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهله لما مات جعفر، لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - يوم قتل في مؤتة في الشام فجاء خبره أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أهله أن يصنعوا لأهل جعفر طعاماً وقال: (إنهم قد أتاهم ما يشغلهم) فالسنة لأقرباء الميت أو جيرانه أن يصنعوا لهم طعاماً إذا جاءهم نعي الميت لأنهم مشغولون بالمصيبة، أما أن أهل الميت يقومون يصنعون الطعام للناس ويدعونهم في اليوم الأول أو في اليوم الثالث أو السابع أو العاشر أو الأربعين أو على رأس السنة كل هذا لا أصل له، لكن إذا صنعوا لأنفسهم طعاماً وجاءهم الغير وشاركهم، أو صنعوا للضيف طعاماً بغير قصد إقامة الميت لكن لما نزل الضيف فإن الضيف يجب إكرامه إذا صنعوا له طعاماً لا بأس، لا من أجل الميت بل من أجل الضيافة.   
 
10-  هل يجوز أن يعزي المؤمن في شخص لا يصلي؟
هذا محل نظر في التعزية في الكافر ذكر أهل العلم أنه لا بأس أن يقول: أحسن الله عزاءكم أو جبر الله مصيبتكم أو نحو ذلك ولا يدعى له لا يقال غفر الله لميتكم ولكن إذا دعا لهم بحسن العزاء وحثهم على الصبر وأن الرجل هذا قد أتى مصيبة عظيمة فلا ينبغي الحزن عليه، ولا ينبغي التكدر لموته لأنه ليس أهلاً لذلك بسبب كفره أو سبب تركه الصلاة التي ترْكها كفر على الصحيح من قولي العلماء ولو كان ما جحد الوجوب، فإن العلماء اختلفوا فيمن تركها تكاسلاً هل يكفر أم لا؟ والأرجح أنه يكفر إذا تركها تساهلاً أما إذا تركها جحداً للوجوب كفر إجماعاً نسأل الله العافية، فمثل هذا لا يدعى له ولكن إذا دعا لهم هم، قال: أحسن الله عزاءكم أو جبر مصيبتكم أو عوضكم الله خيراً منه، أو ما أشبه ذلك فلا بأس بذلك ولكن ينبغي له أن يطمئنهم أن مثل هذا ليس كفؤاً للحزن عليه، وليس أهلاً للحزن عليه لما عليه من الباطل والكفر نسأل العافية فينصحهم ويدعو لهم بالدعوات المناسبة.   
 
11-   في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا عاهد أخلف، وإذا خاصم فجر)، هل تتفضلون بتوضيح هذا الحديث وخصوصاً إذا خاصم فجر، فهل يعني الرسول - صلى الله عليه وسلم- سرعة الغضب، أم ماذا يعني؟
الرسول - صلى الله عليه وسلم - أخبر عن المنافقين بخصال لحذرنا منها حتى نبتعد منها يقول - صلى الله عليه وسلم -: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان) يحذرنا من إخلاف الوعد، ومن الكذب في الحديث والأخبار، ومن الخيانة في الأمانة وأنها من خصال النفاق نعوذ بالله، فيجب الحذر منها، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: (أربعٌ من كنَّ فيه كان منافقاً خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر وإذا عاهد غدر) رواه الشيخان من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -. فهذا يدل على أن المنافق من خصاله إخلاف الوعد والكذب في الحديث والخيانة في الأمانة وأنه إذا خاصم فجر، ومن الفجور التوسع في المعصية والكذب، وإذا عاهد غدر إذا عاهد إخوانه أو عاهد الكفار غدر بهم فلم يوف بالعهد لضعف إيمانه أو عدم إيمانه، وإذا خاصم كذب في خصومته، وتوسع في الكذب والفجور وظلم لعدم إيمانه أو لضعف إيمانه، فالفجور هو التوسع في المعصية وإظهارها ــ فالحاصل أنه يتوسع في الكذب والعدوان على الخصم واللدد في الخصومة، لضعف إيمانه أو عدم إيمانه نعوذ بالله، هكذا شأن المنافقين لعدم إيمانهم ولهم صفات بينها الله في القرآن غير هذه الصفات قال تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء) هذه من صفاتهم، الخداع والمكر والعدوان على الناس، ومن خصالهم التكاسل عن الصلاة والتثاقل عنها، وقلة الذكر، يعني يغلب عليهم الغفلة، ومن خصالهم الرياء في أعمالهم يصلون رياءً يتصدقون رياءً يدعون الله رياءً، ومن خصالهم الخبيثة أنهم مالهم ثبات عندهم تردد تارةً مع المؤمنين وتارةً مع الكافرين، قد ترددوا في دينهم وتذبذبوا ولهذا قال: (مذبذبين) يعني ليس لهم ثبات، لا مع أهل الحق ولا مع أهل الباطل، هم مع من رأوا المصلحة أن يكونوا معه في دنياهم، فإن نصر الكفار صاروا معهم، وإن نصر المؤمنون صاروا معهم لطلب الدنيا والأمان ونحو ذلك نسأل الله العافية هذه حالهم عدم الثبات.  
 
12-   أيضاً يطلبون شرح حديث آخر: (بكروا بالصلاة في يوم الغيم فإنه من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله)، هل ترك الصلاة هنا مع الجماعة، أم يعني من ترك الصلاة ثم قضاها وهو غير متعمد؟
الحديث له لفظان أحدهما يقول - صلى الله عليه وسلم -: (من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله) يعني فاتته مع الجماعة أو في الوقت فكأنما سلب ماله وأهله، يعني مصيبة عظيمة نسأل الله السلامة واللفظ الثاني: (من ترك صلاة العصر حبط عمله) هذا يدل على أن ترك الصلاة كفر إذا تركها عمداً عازماً على تركها بالكلية فهذا يحبط عمله؛ لأن تركها كفر، إذا عزم على تركها بالكلية صار كفراً لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) رواه مسلم في صحيحه وقال - صلى الله عليه وسلم -: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) إذا تعمد تركها بالكلية كفر، أما إذا تأخرها وهو يريد الصلاة فهذا يكون عاصي ولا يكفر لكن يكون عاصياً بعمله السيئ نسأل الله العافية.    
 
13-   سمعت أنه حين سماع أذان صلاة العشاء وأنا أتعشى لا يصح لي ترك الطعام للذهاب إلى المسجد، فهل هذا ينطبق لو أني لم أبدأ عشائي بعد؟ أرجو الإيضاح، جزاكم الله خيراً.
نعم، إذا أحضر العشاء عند صلاة المغرب أو العشاء أو العصر قدمت الأكل لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا قدم العشاء وحضر العِشاء فابدؤوا بالعَشاء) وفي اللفظ الآخر: (إذا قدم العَشاء فابدؤوا به قبل أن تصلوا المغرب) وفي اللفظ الآخر: (لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافع الأخبثان) فالمؤمن إذا حضر طعامه يبدأ بالطعام لأنه إذا ذهب إلى الصلاة والطعام قد حضر ذهب وقلبه مشغول فلا يؤديها كما ينبغي، يبدأ بالطعام ثم يصلي الصلاة بقلب مقبل فارغ يخشع في الصلاة ويقبل عليها، لكن لا ينبغي له أن يجعل ذلك عادةً له ويأمرهم بإحضار الطعام وقت الصلاة لا، بل يجب عليه أن يبدأ بالصلاة ويعتني بالصلاة ولا يأمر بإحضار الطعام لكن لو صادف أنه أحضر الطعام فإنه يبدأ به لكن لا يجوز أن يتخذه عادة ويحتج به لإضاعة الصلاة في الجماعة نعوذ بالله من ذلك.   
 
14-  كم مرة كلم الله موسى، وهل كلمه في نفس المكان الذي كلمه به أول مرة، إن كان كلمه مرة أخرى؟
الله أعلم، قال: (وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) أما عدد الكلمات فالله أعلم لم يبلغني في هذا عدد.   
 
15-  هل يجوز الصلاة جماعة بإمام بدون عمامة، وهل العمامة من السنة في الصلاة؟
يجوز أن يصلي الإمام من دون عمامة، ليست شرطاً في الصلاة ولا سنة في الصلاة، لكن الأفضل أن يصلي الإنسان بالزينة المعتادة لأن الله قال: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ) أي عند كل صلاة، فإذا صلى في عادته المعتادة فهو أحسن وأولى؛ لأنه إذا تركها قد يستنكر ذلك قد يقدح في عقله أو في اتزانه أو في أخلاقه فالحاصل أنه إذا كان من عادة أهل بلده أنهم يصلون في العمامة لا يدع العمامة يصلي في العمامة حتى لا يظن به السوء وحتى لا يقدح فيه أنه متساهل أو أنه لا يبالي بالزي المناسب أو ما أشبه ذلك، وإلا فليست شرطاً النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يصلي أحدكم بالثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء) ولم يقل ليس على رأسه ولذا قال:(ليس على عاتقه منه شيء) فالمشروع أن يصلي في إزار ورداء أما الرأس لو صلى وهو مكشوف لا بأس، فالسنة أن يصلي في قميص أو في إزار ورداء وإذا كان معروف في بلد أن الرأس عليه عمامة أو غترة أو شيء أو طاقية أو قلنسوة فيصلي كما كانوا يصلون حتى لا يظن به خلاف ما ينبغي، ولو تركها لأنهم يتركونها ولا يحصل بذلك بأس فلا حرج، ولو تركها عمداً فصلاته صحيحة لكنه ينصح بأن يفعلها حتى لا يظن به خلافه. جزاكم الله خيراً، 

434 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply