حلقة 712: التبليغ وراء الإمام - المصافحة بالنسبة للرجال والنساء - ما يقال في الركوع والسجود - دفع الزكاة على الأخ والأخت الفقيرين - تقدم الإمام خطوتين إذا جاء ثالث - الطلاق قبل الدخول وبعد الخلوة الشرعية - الحائض لا تقضي الصلاة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

12 / 50 محاضرة

حلقة 712: التبليغ وراء الإمام - المصافحة بالنسبة للرجال والنساء - ما يقال في الركوع والسجود - دفع الزكاة على الأخ والأخت الفقيرين - تقدم الإمام خطوتين إذا جاء ثالث - الطلاق قبل الدخول وبعد الخلوة الشرعية - الحائض لا تقضي الصلاة

1-   ما حكم التبليغ وراء الإمام، وهل هو يلزم في كل صلاة أن يكون عندما لا يسمع الإمام جميع من يؤمهم، واطلب عدد المرات التي بلغ فيها في حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله, وصلى الله وسلم على رسول الله, وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد.. فالتبليغ مشروع عند الحاجة إليه، حتى يتمكن المأمون من الاقتداء بالإمام، أما إذا لا يحتاج إليه لكون الإمام يُسمعهم فلا حاجة إلى التبليغ، وهكذا لما يسر الله مكبرات الصوت استغنى الناس عن التبليغ بسبب المكبرات, إلا إذا كان المسجد كبيراً والنواحي كثيرة يخشى أن لا يسمعوا الإمام فلا مانع من التبليغ كما في المسجد الحرام والمسجد النبوي؛ لأنهم قد يخفى عليهم صوت الإمام في بعض الجهات، فالحاصل أن التبليغ مشروع عند الحاجة إليه، وإذا انتفت الحاجة لم يشرع سواءٌ كانت انتفت الحاجة بوجود المكبر، أو لأن الجماعة قليلون يسمعون فلا حاجة إلى التبليغ، وقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه صلى في مرضه الأخير قاعداً، وصلى أبو بكر عن يمينه قائماً، وصلى الناس خلفهما قياماً، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الذي يصلي بالناس، وأبو بكر يبلغ عنه؛ لأن صوته -بسبب المرض- لا يسمعهم، فكان أبو بكر يبلغ عنه، فهذه هي الحادثة المحفوظة التي بُلغ فيها عنه -عليه الصلاة والسلام- فيما نعلم، والحكم يعم كل حادثة بعده، متى وجدت الحاجة فإن التبليغ يشرع، ومتى انتفت الحاجة لم يشرع التبليغ. جزاكم الله خيراً.  
 
2-   أرجو أن تتفضلوا بتبيين حكم المصافحة بالنسبة للرجال للنساء، مع بيان من تجوز للرجل مصافحته منهن؛ لأن البعض يقول: ما دام القلب لا يخالجه شيء من إثارة شهوة وما إلى ذلك فالسلام لا إثم فيه، أريد منكم أن تردوا على هؤلاء؟ جزاكم الله خيراً.
المصافحة للنساء لا تجوز، إذا كان النساء لسن محارم للمصافح, سواءٌ كن بنات عم، أو زوجات إخوة أو زوجات أعمام، أو من الجيران كل ذلك لا يجوز؛ لأن المصافحة خطرها عظيم، وربما سببت ما لا تحمد عقباه، ولهذا ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إني لا أصافح النساء) لما أرادت المرأة أن يصافحها، قال: (إني لا أصافح النساء) وقت البيعة، وقالت عائشة -رضي الله عنها-: (والله ما مست يد رسول الله يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام). فلا تجوز المصافحة للنساء غير المحارم أبداً، ولو من وراء حائل، إنما يسلم عليهن بالكلام، كان النبي يسلم عليهن بالكلام ويردون عليه بالكلام، وهكذا الصحابة لا مانع من السلام على النساء، ورد السلام عليهن من دون مصافحة، ومن دون كشف بل مع الستر والحجاب، وعدم الخلوة، وقد كان النساء يسلمن على النبي -صلى الله عليه وسلم- ويسألن عن حاجاتهن، ويسلم عليهن ويكلمهن، وهكذا مع الصحابة -رضي الله عن الجميع-. جزاكم الله خيراً. - بعض النساء إذا أرادت مصافحة الرجال تضع على يدها جزءاً من لباسها ما رأيكم شيخ؟ ج/ لا،ما يصلح؛ هذا وسيلة للتساهل، لا يصافحها, لا من وراء حائل ولا مكشوفة اليد، سداً للباب وأخذاً بالعموم (إني لا أصافح النساء) هكذا قال -عليه الصلاة والسلام- وهو القدوة يقول -جل وعلا-: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ (21) سورة الأحزاب. ولأن المصافحة وسيلة إلى التلذذ والفتنة حتى قال بعض أهل العلم أنها أعظم من النظر، أخطر من النظر، والله -جل وعلا- يقول: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ (30) سورة النــور. أقول لمس اليد قد يكون أخطر من النظر. جزاكم الله خيراً.  
 
3-  يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حديث له: أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم، وفي صلاة للرسول -صلى الله عليه وسلم-، قال رجل عند الرفع من الركوع بعد قوله ربنا ولك الحمد: (حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه)، وعندما انتهى الرسول صلى الله عليه وسلم من الصلاة سأل عن القائل بهذا الكلام فقال الرجل: أنا يا رسول الله! فقال صلى الله عليه وسلم: (لقد رأيت بضعاً وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أولاً) ، فأقر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قاله الرجل، السؤال: هل يفهم مما تقدم أن يقول الواحد في صلاته في الركوع مما يرى فيه تعظيماً للرب، كقوله: سبحانك يا مالك زمام الخلق، وبيده كل شيء، أحمدك حمداً كثيراً، مما فيه تعظيم للرب، أو أن يقول في السجود بأي دعاء من أمر الدنيا والآخرة، وأقصد بذلك عدم الاقتصار على أذكار الركوع والسجود الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن الصحابة كانوا يأتون بدعاء فيقره رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
الحديث المذكور في النهي عن القراءة، راكعاً وساجداً, ثابت رواه مسلم في الصحيح عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم) المعنى حريٌ أن يستجاب لكم، أقول المعنى معناه أنه شطره الأول ثبت عن علي -رضي الله عنه- في النهي عن القراءة راكعاً أو ساجداً فلا يجوز للمسلم أن يقرأ في الركوع والسجود، لكن لو دعا في السجود بدعاء يوافق ما في القرآن لم يكن قارئاً إذا أراد الدعاء فقط، كأن يقول: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) سورة البقرة. رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ (8) سورة آل عمران. لا يقصد القراءة يقصد الدعاء ولا حرج في ذلك، وكذلك إذا عظم الرب بأنواع من التعظيم لم ترد لا بأس؛ لأن الرسول قال: (عظموا فيه الرب) فعمم فإذا قال من التعظيم ما قاله السائل، أو اقتصر على الوارد كله طيب، وكونه يقتصر على الوارد ويكثر من الوارد ويكرر أفضل، ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم- لما سمع الرجل قال: "حمداً كثيراً طيباً..."، قال:-كما في السؤال- (لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها) فأقره، فدل ذلك على استحباب مثل هذا التحميد، يقول: (ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد)؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فعل بعض هذا وأقر هذه الزيادة حمداً كثيراً، وكان يقول -صلى الله عليه وسلم- "ربنا ولك الحمد" و"اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد" فلما أقر الرجل على قوله "حمداً كثيراً..." إلى آخره، دل على شرعية ذلك، وأن يقول: ربنا ولك الحمد أو: "اللهم ربنا لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد", لأن هذا كله ثناء، وكان -صلى الله عليه وسلم- ربما زاد: "أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد" في وقوفه بعد الركوع -في اعتداله بعد الركوع- أقله "اللهم ربنا ولك الحمد" أو "ربنا ولك الحمد" هذا الواجب عند جمعٍ من أهل العلم، وأكثر أهل العلم على أنه سنة، لكن القول بوجوب هذا المقدار هو الأصح؛ لأن الرسول أمر به -عليه الصلاة والسلام- وما زاد على ذلك فهو كله سنة، وقوله: "حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد" كل هذا سنة، كذلك قوله: "أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد" يعني ولا ينفع ذا الغنى والحض و......... منك غناه، المعنى كلنا فقراء إلى الله -سبحانه وتعالى- فإذا أتى بهذا تارة وهذا تارة فلا بأس؛ لأنه سنة، وفي الدعاء كذلك يدعو بما يسر الله من الدعاء، ولكن تحري الدعاء الوارد أفضل، كما أنه يتحرى التعظيم الوارد في الركوع والسجود "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي" هذا مما ورد في الركوع والسجود، سبحانك الله ربنا وبحمدك, اللهم اغفر لي، سبوح قدوس رب الملائكة والروح، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، ولو قال سبحان الملك العظيم، أو سبحان الله العظيم كله تعظيم، لكن كونه يتحرى الأذكار الواردة في الركوع والدعوات الواردة في السجود كله طيب، أفضل من غيره، ولكن إذا دعت الحاجة إلى أن يدعو بدعوات أخرى يدعو؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء), وللحديث الثاني رواه مسلم في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء) رواه مسلم، فهذا يدل على أنه يشرع الدعاء في السجود بما يحتاجه المسلم، فإذا كان محتاجاً للزواج قال: "اللهم يسر لي زوجة صالحة" أو للذرية "اللهم يسر لي ذرية طيبة" أو لكسب الحلال قال: "اللهم يسر لي كسباً حلالاً", كل هذا لا بأس به؛ لأن الحاجة تدعو إلى ذلك، وإذا أكثر من الدعوات المشروعة الواردة كان أفضل، إذا قال: "اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله, وأوله وآخره، وعلانيته وسره"؛ لأن هذا ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كذلك: "اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم"، هذا دعاء وارد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. أو "اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت" هذا من الدعاء الوارد، ولكن يشرع مع هذا أن يقول: "سبوح قدوس رب الملائكة والروح" يقول في السجود كما يقول في ركوعه، ويقول: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي" في الركوع والسجود، تعظيم ومعه دعاء. قالت عائشة -رضي الله عنها- كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي). جزاكم الله خيراً.  
 
4-  هل تجوز زكاة الفلوس على الأخ، والأخت إذا كانت ساكنة بحوزة المزكي، الأخت مطلقة وتسكن مع أولادها بحوزة المزكي؟
إذا كانت محتاجة, وكان الأخ محتاجاً جاز صرف الزكاة فيهما؛ لأنهما من أهلها بسبب فقرهم، لكن إذا تيسر للأخ أن يقوم بحالهم، وأن ينفق عليهم من ماله كان هذا أفضل وأحسن تبعاً لذريته، ولعائلته، أما إذا خصها بشيء لحاجتها أو لحاجة أطفالها في كسوةٍ ونحوها فإن هذا لا بأس به، أما الأكل فتأكل معهم في طعامهم، وشرابهم في البيت؛ لأن الأكل موضوع للجميع، أما إذا كان على حدة تصنع طعامها على حدة، لها حجرة من البيت كانت على حدة فإنها تعطى ما يكفيها من الزكاة لها ولأولادها، للكسوة والطعام وغير ذلك بسبب الحاجة. جزاكم الله خيراً.  
 
5-   إذا كان اثنان يصليان صلاة الجماعة، أحدهما على اليمين، ودخل عليهما الثالث يريد الصلاة جماعة، هل يجوز للإمام أن يتقدم أمام الصلاة وهو يقرأ؟
لا حرج في ذلك يتقدم أو يؤخرهما نحوه ويبقى في مكانه، ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يصلي فجاء جابر وصف معه عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فصف عن يساره فأخذهما وجعلهما خلفه -عليه الصلاة والسلام- وبقي في مكانه -عليه الصلاة والسلام- فالإمام حينئذ ينظر ما هو الأنسب, فإن كان الأنسب أن يتقدم؛ لأن ما خلفه لا يتسع لهما تقدم، وإن كان ما خلفه يتسع لهما أخرهما وبقي في مكانه وصلى بهما. جزاكم الله خيراً.  
 
6-  رجل طلق قبل الدخول بزوجته وبعد الخلوة، فهل له أن يسترد المهر؟
إذا طلق بعد خلوة كاملة يعني أغلق الباب وتمكن من جماعها فإنها لا ترد عليه شيئاً إذا طلق يكون لها المهر كاملاً؛ لأن الخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم- قضوا بأن الخلوة من ......ذات المسيس، فليس له شيء وعليها العدة، أما إذا كانت الخلوة لا، في محل مكشوف وليس هناك رادعٍ من الدخول عليهم، فإنها لا تسمى خلوة ويكون له النصف, إذا طلقها يكون له النصف، لقوله تعالى: وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ (237) سورة البقرة. والخلوة التي لا يتمكن معها من الجماع؛ لأن الباب ........أو مردود رد لم يغلق، فهذا لا تمنع التنصيف بل يبقى له النصف؛ لأنها خلوة غير معتبرة. -وإذا كانت الخلوة كاملة, لكنه لم يتمكن الدخول لمرض ونحوه؟ ج/ لا, لا, ليس له النصف تنزل منزلة الجماع, يكون لها المهر كاملاً وعليها العدة. جزاكم الله خيراً.  
 
7-   يوجد لدينا في بلدتنا -عندما يتوفى أحد- يخرج النساء على القبور بالأكل والمشروبات والحلويات والخضر ويعطوها لبعض الناس، فهل هذا يجوز أم لا يجوز، ثم إن أهل المتوفى يفرشون ويحضرون مقرئاً له، ويضعون له ميكرفون، ويعطونه مبلغاً من المال، فما هو رأيكم تجاه هذه المسألة؟
هذه الأفعال من البدع، فلا يجوز فعل ذلك لا خروجهم بالأطعمة عند القبور، ولا نصب ميكرفون هناك, وإيجاد قارئ، كل هذا من البدع، فالمقصود أنه لا يقرأ عند القبور ولا يجتمع عندها للقراءة، ولا يجتمعون عندها لتوزيع الأطعمة أو خروج الأطعمة حتى توزع عند القبور، كل هذا لا أصل له؛ لأنه ليس من فعل السلف الصالح بل هو من البدع، وقد قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: (من أحدث في أمرنا –يعني في ديننا- هذا ما ليس منه فهو رد) متفق على صحته. ومعنى فهو رد يعني مردود، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) رواه مسلم في الصحيح، يعني فهو مردود، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، والله يقول –سبحانه-: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ (21) سورة الشورى. ويقول سبحانه: ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا (18) سورة الجاثية. فالواجب على أهل الإسلام إتباع الشريعة التي ثبتت عنه -عليه الصلاة والسلام- والتقيد بها والحذر مما يخالفها. جزاكم الله خيراً.  
 
8-   إنني ربة بيت، وشغلي أخيط ملابس نسائية وملابس أطفال، والأجرة التي أقتضيها أصرفها على البيت والأولاد؛ لأن زوجي حالته متواضعة، هل علي زكاة، وإني أخيط منذ عشر سنوات، لكن لم أجمع مالاً, أصرفه أولاً بأول؟ أرشدوني أثابكم الله، وجزاكم الله خيراً.
أنتِ مأجورة, جزاكِ الله خيراً بالمساعدة لزوجك والقيام على أولادك، وهذا العمل طيب لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لما سئل: (أيُّ الكسب أطيب؟ قال: عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور). وهذا من عمل اليد, الخياطة من عمل اليد، وفي الحديث الصحيح يقول -عليه الصلاة والسلام-: (ما أكل أحدٌ طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داوود -عليه الصلاة والسلام- كان يأكل من عمل يده). هذا العمل طيب وأنتِ مأجور في عملك، وعليك أن تنصحيه بالخياطة, عليك أن تتقي الله بالخياطة وتنصحيه وأنتِ مأجورة في ذلك والكسب طيب ولا حرج في ذلك، وأنتِ في إحسانك إلى زوجك وإلى أولادك أنتِ مأجورة في ذلك. والخلاصة أن الخياطة والنجارة والحدادة والكتابة كل هذا مكاسب طيبة، هكذا التجارة إذا نصح المؤمن لذلك ولم يخن ولم يكذب, يتحرى النصيحة والأمانة وعدم الكذب، وعدم الغش، وهو مأجور والكسب طيب، أما إذا دخلها الخيانة والكذب فهذا لا يجوز -نسأل الله العافية- والله يقول -جل وعلا-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (27) سورة الأنفال. ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في البيعين البائع والمشتري (فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركت بيعهما). فالمهم في عمل اليد النصح والجد، وعدم الغش، وعدم الخيانة، وبذلك تكون المكاسب طيبة, البيع والشراء والخياطة، والنجارة والحدادة، وغير ذلك. جزاكم الله خيراً. -هل لكم من كلمة حول هذا الاسم سماحة الشيخ أم رزاق؟ ج/ لا ينبغي؛ لأن الرزاق هو الله -سبحانه وتعالى- الرزاق هو الله -جل وعلا- إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) سورة الذاريات. فينبغي أن يقال: عبد الرزاق، أم عبد الرزاق، تزيد عبد، أم عبد الرزاق هذا هو الذي ينبغي، ولا يقال أم خلاق ولا أم رزاق؛ لأن هذين الاسمين من خصائصه -سبحانه وتعالى- هو الخلاق وهو الرزاق. - قد تتعب في بعض الإجراءات النظامية، وصيتكم سماحة الشيخ؟ ج/ تعمل ما تستطيع, وإذا تكلمت تقول: أنا أم عبد الرزاق، تقول لمن يكلمها أنا أم عبد الرزاق، وإذا كان لها تابعية تغيرها إذا استطاعت. جزاكم الله خيراً. -إن واجهتها بعض المتاعب ولم تستطع؟ ج/ لا حرج, ولكن لا تقول إلا أم عبد الرزاق. جزاكم الله خيراً.   
 
9-   إن بقايا القماش الصغيرة التي أرميها مع النفايات، هل عليّ فيها حرام، علماً بأنه إذا كانت كبيرة أعيدها مع القماش إلى أهلها؟ جزاكم الله خيراً.
إذا كانت القطعة لا يرغب بها أهلها فلا حرج، أما إذا كنتِ تشكين فأعيديها إليهم، يتصرفون فيها، أما إذا كنت تعلمين أنهم يرغبون في إتلافها وتركها في القمامة فلا بأس. وأما الزكاة فليس عليك زكاة، الزكاة ليس عليك زكاة إذا كانت النقود تصرف في حاجة البيت، ولا يمضي عليها سنة، أما إذا كانت تبقى عندك نقود يمضي عليها سنة وهي نصاب فعليك الزكاة، فعلى هذا لو كان عندك ألف ريال –مثلاً- بقي عندك سنة ما أنفقتيه تؤدين زكاته وهي ربع العشر، خمسة وعشرون من ألف، أما إذا كانت الأجرة تنفق في وقتها، أو بعد وقتها, لكن لا تنفق بعد سنة، فليس عليك زكاة، إلا إذا اجتمع مالٌ من أهل الخياطة يبلغ النصاب، ودارت عليه السنة فإنه يزكى، وأقل النصاب ستة وخمسون ريال فضة أو ما يقوم مقامها من النقود الورقية. جزاكم الله خيراً.  
 
10-   هل صحيح أن المرأة إذا طهرت من العادة الشهرية عليها أن تعيد الصلاة فرضاً بفرض ووقتاً بوقت طيلة الأيام التي قضتها في العادة، أو تصلي الصلاة نفسها بغير مكررة؟ ولكم جزيل الشكر.
ليس على الحائض والنفساء قضاء، قالت عائشة -رضي الله عنها-: (كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة) إنما تقضي أيام رمضان التي أفطرتها في حال النفاس أو في حال الحيض، وأما الصلاة فالله -جل وعلا- أسقطها عنهما، عن الحائض والنفساء، والحكمة في ذلك -والله أعلم- أنها كثيرة تتكرر فلو أمرت بقضائها لشق عليها، فمن رحمة الله أن أسقط عنها الصلوات في حال الحيض وفي حال النفاس فلا تقضيها، وإنما تقضي الصوم، الأيام التي أفطرتها في رمضان تقضيها. جزاكم الله خيراً.  
 
11-   أفيدكم أنني قمت هذه السنة بأداء العمرة، وقد قمت بأدائها على الوجه الشرعي، إلا أنني حين خروجي من مكة المكرمة لم أطف طواف الوداع، لظني أن طواف الوداع واجب من واجبات الحج فقط ولا علاقة له بكمال العمرة، أرجو إفتائي في حكم عمرتي هذه، وماذا يجب عليّ في حالة كونها ناقصة؟
العمرة لا يجب لها الوداع، الوداع من خصائص الحج، ولهذا لم يأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- المعتمرين أن يودعوا، وإنما أمر الحجاج فقال -عليه الصلاة والسلام-: (لا ينفرأحدٌ منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت) وهو يخاطب الحجيج، وفي حديث ابن عباس: (أمر الناس -يعني الحجاج- أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض). فالحجاج عليهم وداع، أن يطوفوا سبعة أشواط عند الخروج، إلا الحائض والنفساء فليس عليهما وداع, وأما العمرة فليس لها وداع، لكن إن ودع عند الخروج فلا حرج؛ لأن الطواف عبادة خير فإذا طاف عند الخروج حسن، لكن ليس عليه وداع واجب –المعتمر- سواءٌ كان في أيام الحج أو غيرها، وقد اعتمر الناس في عهده -صلى الله عليه وسلم- ولم يأمرهم بطواف الوداع، واعتمر المسلمون معه في حجة الوداع، ولم يأمرهم بطواف الوداع لما خرجوا إلى منى وعرفات، ولم يقل من خرج فليودع، وكانوا يخرجون مع إبلهم يرعونها مسافات طويلة ولم يأمرهم بالوداع لما فرغوا من عمرتهم، وهكذا في عمرة القضاء خرج ولم يذكر عنه أنه ودع -عليه الصلاة والسلام-. وفي عمرة الجعرانة لما فرغ منها خرج منها ولم يودع -عليه الصلاة والسلام-. جزاكم الله خيراً. 

401 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply