حلقة 718: الصلاة في مسجد بني من الحرام - من لم يفرق بين الضاد والظاء - حكم من حلف على ترك شيء ففعله - تفسير أأمنتم من في السماء - من يدعو غير الله كافر - صلاة من به سلس البول - عدد ركعات صلاة التراويح

18 / 50 محاضرة

حلقة 718: الصلاة في مسجد بني من الحرام - من لم يفرق بين الضاد والظاء - حكم من حلف على ترك شيء ففعله - تفسير أأمنتم من في السماء - من يدعو غير الله كافر - صلاة من به سلس البول - عدد ركعات صلاة التراويح

1-   الاستفهام عن الصلاة في مسجد بناه رجل بمال أكثره من الحرام، هل يشمله حكم الصلاة في الأرض المغصوبة، فإن لم يكن يشمله فلماذا؟ نرجو أن تتفضلوا بمعالجة هذه القضية، جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالمساجد التي تبنى بمالٍ حرام، أو بمالٍ فيه حرام لا بأس بالصلاة فيها، ولا يكون حكمها حكم الأرض المغصوبة؛ لأن الأموال التي فيها حرام أو كلها من حرام تصرف في المصارف الشرعية ولا تترك ولا تحرق، بل يجب أن تصرف في المصارف الشرعية، كالصدقة على الفقراء وبناء المساجد وبناء دورات المياه، ومساعدة المجاهدين، وبناء القناطر، وغيرها من مصالح المسلمين، ولا يكون لها حكم الغصب؛ لأن الغصب مأخوذٌ بالقوة والظلم، أما هؤلاء دخلت عليهم الأموال من طرق غير شرعية، فالواجب عليهم صرفها في وجوه شرعية مع التوبة إلى الله من ذلك سبحانه وتعالى، والمال الذي صرف في هذه الجهات الشرعية يكون قد سلم صاحبه من أذاه مع التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، ويكون نفع به المسلمين بدلاً من إتلافه وإحراقه.  
 
2-  يسأل عن أولئك الذين لا يفرقون في النطق بين حرف الضاد (ض) والظاء (ظ)، ويرجون التوجيه، وهل يعتبر فعلهم هذا من اللحن أو لا؟
كثيرٌ من الناس لا يستطيع أن يفرق بين "الضاد" و"الظاء" فيغتفر له ذلك ولا يضره ذلك، وقراءته صحيحة وصلاته صحيحة، والحمد لله؛ لأن الله جل وعلا يقول: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (16) سورة التغابن، وهذه قاعدة كلية، ويقول سبحانه: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا (286) سورة البقرة، ويقول جل وعلا: يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ (185) سورة البقرة، وقد صرح الحافظ ابن كثير رحمه الله في كتابه التفسير بهذه المسألة وذكر أن الصحيح من أقوال أهل العلم التسامح في ذلك، وأنه لا حرج في ذلك. 
 
3-   لقد عاهدت الله تعالى على شيء ألا أفعله، لكني فعلت ذلك الشيء وأجبرتني الظروف -كما يقول-، ويرجو التوجيه وبيان الحكم، وهل عليه شيء؟ جزاكم الله خيراً.
إذا كان السائل قد حلف فعليه كفارة اليمين، أما مجرد المعاهدة فليس فيها كفارة، إلا أن يكون المفعول حراماً فعليه التوبة إلى الله من ذلك ولو لم يفعل عهداً، إذا كان حراماً عاهد الله أن لا يشرب الخمر أن لا يزني أن لا يتعاطى التدخين أن لا يحلق لحيته ثم فعل فإن عليه التوبة من ذلك؛ لأن هذه معاصي، عليه التوبة إلى الله منها حتى ولو ما عاهد، لكن إن كان حلف قال: والله لا أفعل، ثم فعل عليه كفارة يمين مع التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، أما إذا كان إنما جرى منه عهد فقط وليس فيه يمين فليس فيه كفارة، وإنما عليه التوبة إلى الله مما فعل إذا كان المفعول معصية، أما إذا كان المفعول غير معصية مثل عاهد الله أنه ما يزور فلان، أو ما يسافر إلى بلد فلان، على وجهٍ ليس فيه معصية فهذا ما يضره ليس عليه إلا اليمين كفارة اليمين، وإنما التوبة تكون من شيء فيه معصية، فإذا كان عاهد الله أن لا يزور رحماً له هذا من باب القطيعة فعليه التوبة إلى الله من ذلك، وإذا كان عاهد الله أن لا يسافر لأداء الحج أو لأداء العمرة فهذه معصية عليه التوبة إلى الله من ذلك، وإذا كان فيه يمين عليه كفارة يمين. 
 
4-   يسأل عن تفسير بعض الآيات القرآنية، منها: قوله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ [الملك:16]، وقوله تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [يونس:3] يرجو أن تفسروا هذه الآيات، وعنون لها بقوله: آيات عن العلو والاستواء؟ 
هذه الآيات الكريمات فسرها أهل العلم من أهل السنة والجماعة كالبغوي في التفسير وابن كثير وابن جرير وغيرهم، ومعناها عند أهل السنة واضح، فقوله جل وعلا: (أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء) يفسر بمعنيين، أحدهما: في السماء يعني المبينة، السماوات المعروفة، فيكون معنى في يعني على مَن على السماوات، كما قال جل وعلا: (فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ) يعني على الأرض، وقال جل وعلا عن فرعون أنه قال لخصومه: (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) يعني على جذوع النخل، والمعنى الثاني: أن المراد بالسماء العلو، جهة العلو، فتكون (في) للظرفية، والمعنى: أأمنتم من في العلو، وهو الله سبحانه فإنه في العلو فوق العرش جل وعلا، قد استوى على العرش استواء يليق بجلاله وعظمته، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته سبحانه وتعالى، وهو فوق جميع الخلق في أعلى شيء فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى، وهكذا قصَدَ فرعون اللعين حينما قال: (فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ) يعني الطرق (أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ) يعني طرق السماوات (فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى) عرف الخبيث أنه في العلو؛ لأن موسى بلَّغه أنه في العلو، فلهذا زعم هذا الزعم، وهو لا يستطيع ذلك ولا هامان، فإن العلو إلى السماوات لا يستطيعه المخلوق إلا بأمر من الله عز وجل، كما عرج الله بنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى العلو مع جبرائيل عليه الصلاة والسلام، فالسماوات لها أبواب ولها حرس لا يستطيع أحد الدخول إليها إلا بإذن من الله عز وجل، وهذه من مكابرة فرعون من مكابرته، ودعواه الباطلة، فهو يعلم أن الله في العلو كما أخبره موسى، ولهذا قال هذه المقالة، وهي من أدلة أهل السنة على أن الله في العلو، وأن موسى بلغ فرعون أن الله في العلو؛ فلهذا قال هذه المقالة، وهكذا قوله سبحانه: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) يعني ثم علا على العرش، وهذا قاله سبحانه في سبعة مواضع في كتابه جل وعلا، بيَّن في ذلك استواءه على العرش سبحانه، وأنه فوق العرش كما قال في سورة طه: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) سورة طـه، فالمعنى الاستواء العلو والارتفاع، ومنه استوى على السفينة يعني ارتفع عليها، ومنه استواء السفينة على الجودي يعني ارتفعت على الجودي، فالاستواء معناه العلو والارتفاع، استوى فلان على الدابة يعني صار على ظهرها، واستوى على السطح صار فوق السطح، واستوى على الجمل صار فوق الجمل، فمعنى استوى على العرش يعني ارتفع فوق العرش جل وعلا، واستواؤه يناسبه سبحانه، ويليق به عز وجل، ولا يشابه الخلق في استوائهم على دوابهم وعلى الجبال وعلى غيرها، وهكذا كل صفات الله تليق به سبحانه وتعالى، ولا يشبه فيها خلقه جل وعلا، كما قال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (11) سورة الشورى، وقال عز وجل: وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) سورة الإخلاص، وقال سبحانه: فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ (74) سورة النحل، وقال عز وجل: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65) سورة مريم، يعني لا سَمِيَّ له، ولا كُفء له سبحانه وتعالى، وهكذا أيضاً هذه الآيات كلها تدل على علو الله وأنه فوق العرش مثل: وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) سورة البقرة، فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (12) سورة غافر، هو العلي العلو الكامل، علو الذات وعلو القهر والسلطان، وعلو المكان، فهو فوق العرش جل وعلا، فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى، والعرش سقف المخلوقات وأعلاها، والله فوقه سبحانه وتعالى، ومع هذا لا يخفى عليه شيء من أحوال عباده يعلم كل شيء سبحانه وتعالى. 
 
5-   ما حكم الإسلام فيمن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويصوم، ويصلي، ولكنه يقرب الذبائح لغير الله، ويحلف بغير الله، ويشد الرحال إلى قبور الصالحين، ويدعوهم، ويستغيث بهم!!!!! المطلوب: بيان هوية فيمن يفعل ذلك، هل هو مسلم، وهل صلاته صحيحة، أم غير ذلك؟
هذه المسألة قد وقع فيها جمٌّ غفير ممن ينتسب إلى الإسلام جهلاً منهم وتقليداً لآبائهم وأسلافهم، فالذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويصلي ويصوم ولكنه مع ذلك يتقرب إلى أصحاب القبور بالذبائح ويستغيث بهم وينذر لهم أو إلى الجن أو إلى الأصنام هذا مشرك، وصلاته باطلة وشهادته باطلة؛ لأنه نقضها بأفعاله الشركية، مثل المنافقين الذين يصلون مع الناس ويصومون ويشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ولكن يقولون محمد ما هو بصادق في بعض منهم، وينكرون البعث والنشور في الباطن، هؤلاء في الدرك الأسفل من النار، كما قال الله جل وعلا: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ (145) سورة النساء، وقال عنهم سبحانه: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً * مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء) (142-143) سورة النساء، يعني لا مع المسلمين ولا مع الكفار، وقال في الآية الأخرى: (وَمَا مَنَعَهُمْ) يعني المنافقين (أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ * فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ) (54-55) سورة التوبة، فسماهم كفرة، ولم يقبل منهم أعمالهم مع أنهم يصلون! لماذا؟ لأنهم في الداخل وفي الباطن قد كذبوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأنكروا البعث والنشور فلهذا صاروا كفاراً باعتقادهم الباطن، فلا ينفعهم صلواتهم وشهاداتهم الظاهرة؛ لأن باطنهم يخالف ذلك، فهكذا الذي يتقرب للقبور بالذبائح والنذور يستغيث بهم ويذبح لهم هذا ليس بمسلم، يكون كافراً وإن صلى وصام، وإن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله عند أهل العلم، عند جميع أهل السنة والجماعة، ليس بهذا خلاف بحمد لله؛ لأن نواقض الإسلام متى وجد منها ناقض بطلت أعمال العبد، ومن ذلك مما يبين هذا الأمر، لو أن إنسان يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويصلي ويصوم ولكنه يسب الله ويلعن الله ويلعن الرسول هذا كافر عند جميع العلماء، ولو شهد! لو لعن الله ولعن الرسول كفر بإجماع المسلمين، أو قال: الرسول بخيل، ذمَّه، قال: بخيل، أو قال: جبان، كفر عند جميع العلماء، ولو شهد أن محمداً رسول الله، وهكذا لو سب الله كفر إجماعاً، أو قال كما قالت اليهود: إن الله بخيل، كفر إجماعاً، أو قال: يداه مغلولتان كفر بإجماع المسلمين، ولو صلى وصام، أو قال في باطن الأمر أنه ما هناك جنة ولا نار كذِب، كما يقول المنافقون كفر بالإجماع، ولو شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فهذه مسألة مهمة عظيمة، وهكذا لو أن إنسان يصلي ويصوم ويشهد أن لا إله الله وأن محمداً رسول الله ويقول: إن الزنا حلال! ما في حرج أن الإنسان يزني! أو ما في حرج أنه يشرب الخمر! أو ما في حرج أنه يعق والديه ما في بأس ما في حرج! صار كافراً بإجماع المسلمين، فينبغي للعاقل أن ينتبه لهذا، ينبغي له أن ينتبه لهذا، وهكذا كل مسلم ومسلمة يجب الانتباه لهذا الأمر، التقرب للقبور بالذبائح والنذور، والاستغاثة بأهل القبور شركٌ أكبر كما يفعله بعض الناس عند قبر ابن علوان في اليمن، أو عند العيدروس في اليمن، أو عند ابن عربي في الشام، أو عند الشيخ عبد القادر الجيلاني في العراق، أو عند قبر أبي حنيفة في العراق، أو يفعله مع البدوي في مصر أو مع الحسين في مصر، أو مع غيرهم، كل هذا كفرٌ أكبر، شركٌ أكبر، فالذي يستغيث بهؤلاء وينذر لهم ويذبح لهم ويسألهم الغوث والنصر والشفاء كافرٌ عند جميع أهل السنة والجماعة، ولا تنفعه صلاته ولا صومه ولا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، كالمنافقين الذين يقولونها وهم يسبون الرسول ويكذبون الله في الباطن. فهذه مسائل عظيمة يجب التنبه لها من جميع المسلمين، ويجب على العلماء في أي قطر وفي أي مكان أن ينبهوا الناس على هذا الأمر حتى يتبصَّر المسلمون، وحتى يتبصر عُباد القبور وغيرهم، وحتى يكونوا على بينة، وحتى يقلعوا من هذا العلم السيئ، وحتى يتوبوا إلى الله من ذلك، هذا هو واجب العلماء أينما كانوا، في هذه المملكة وفي الشام وفي مصر وفي أفريقيا وفي العراق وفي كل مكان، يجب على علماء الشريعة علماء السنة أن يبينوا للناس أحكام هذه الأمور، وأن يرشدوهم إلى توحيد الله والإخلاص له، كما قال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ (23) سورة الإسراء، وقال سبحانه: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (5) سورة الفاتحة، وقال عز وجل: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء) (5) سورة البينة، وقال عن الكفار من قريش وغيرهم: (وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ) (18) سورة يونس، جعل شفاعتهم طلبهم الشفاعة من آلهتهم جعلها كفر شركا أكبر جعلها كفراً وشركاً أكبر! فكيف بالذي يذبح لهم وينذر لهم ويستغيث بهم؟!! أعظم وأعظم. فالواجب على جميع المسلمين وعلى جميع من وقع في هذه الأمور أن ينتبه وأن يتوب إلى الله، وأن يخلص العبادة لله وحده، وأن لا يذبح إلا لله، وأن لا يستغيث إلا بالله وأن لا ينذر إلا لله، يقول سبحانه في سورة الأنعام في آخرها: (قُلْ) يا محمد (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي) يعني قل يا محمد للناس (إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي) يعني ذبحي (وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (162-163) سورة الأنعام، ويقول سبحانه يخاطب نبيه -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (1-2) سورة الكوثر، فالصلاة لله والذبح لله جل وعلا، ويقول جل وعلا: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14) سورة غافر، وقال جل وعلا: فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18) سورة الجن، وهذا يعم الأنبياء وغيرهم، وقال سبحانه: وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ (106) سورة يونس، يعني المشركين، والآيات في هذا المعنى كثيرة، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً) ويقول لابن عباس: (إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله)، فالعبادة حق الله وحده، هو الذي يستعان به ويستغاث به، أما المخلوق إذا كان حياً فلا بأس أن يُستعان فيما يقدر عليه الحي الحاضر، تقول له: أعني على إصلاح سيارتي، لا بأس، أعني على بناء بيتي لا بأس، حاضر يسمع كلامك ويعينك، أما سؤال الأموات والاستغاثة بالأموات أو بالأحجار أو بالأصنام أو بالأشجار أو بالجن هذا كفرٌ أكبر وشركٌ أعظم، نسأل اله العافية.  
 
6-   هنالك رجل مصاب بمرض سلس البول وهو شيخ كبير، وأكثر الأحيان وفي أغلب الأوقات يكون فراشه غير نظيف، ولا يستطيع السيطرة على نفسه، وأيضاً لا يستطيع القيام من فراشه بسهولة، فهل تجوز له الصلاة على حالته هذه؟ جزاكم الله خيراً.
يقول الله سبحانه: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (16) سورة التغابن، فعليه أن يتوضأ لكل صلاة ويتحفظ بخرقة أو نحوها على فرجه، ويغسل ما أصاب بدنه وثيابه أو يغسله له زوجته أو أولاده، ويجزئه ذلك، كل صلاة يتوضأ، ولو أنه خرج منه بعد ذلك في الوقت، فيتوضأ للظهر ويصلي ويقرأ القرآن من المصحف لا بأس حتى يجيء وقت العصر، فإذا جاء وقت العصر يعيد الوضوء مرةً أخرى إذا خرج منه شيء، وهكذا المغرب وهكذا العشاء وهكذا الفجر، والفراش يُطهر له يوضع له رداء طاهر يصلى عليه كل صلاة، إذا كان الذي أصابه بول يؤخر يؤتى بداله أو يغسل ما أصابه في كل وقت، وإذا نزل به شيء وهو يصلي ما يضره، مثل المستحاضة التي ينزل منها الدم دائماً (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) لكن في الوقت، إذا خرج الوقت يعيد الوضوء، ويغسل ما أصاب ثوبه أو يبدله وهكذا (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ).  
 
7-   لقد قرأت في بعض الكتب أن صلاة التراويح عشرين ركعة لم ترد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك لم ترد عن عمر بن الخطاب -كما يزعم بعض الناس-، فهل صلاة عشرين ركعة بدعة أم هي جائزة ولا حرج فيها أبداً؟ جزاكم الله خيراً.
صلاة التراويح ليس فيها حدٌ محدود، من صلى عشرين فلا بأس ومن صلى ثلاثين فلا بأس، ومن صلى أربعين فلا بأس، ومن صلى إحدى عشرة فلا بأس، ومن صلى ثلاثة عشرة فلا بأس، ومن صلى أكثر أو أقل فلا بأس أمرها واسع، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صلاة الليل مَثْنى مثنى) ولم يحدد حداً عليه الصلاة والسلام، هكذا جاء في الصحيح من حديث ابن عمر قال: (صلاة الليل مثنى مثنى..) وهذا يعم رمضان وغيره (فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعةً واحدةً توتر له ما قد صلى) فأبان -صلى الله عليه وسلم- أن صلاة الليل مثنى مثنى، إن صلى عشر يوتر بواحدة بعد ذلك، صلى عشرين يوتر بواحدة، صلى ثلاثين يوتر بواحدة، صلى أربعين يوتر بواحدة صلى مائة يوتر بواحدة ما فيه حدٌ محدود، ما قال: صلاة الليل عشر وإلا عشرين، قال: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح) يعني لو مد الصلاة وخشي الصبح يوتر بواحدة، وهكذا في أول الليل لو أوتر في أول الليل يصلي ما قسم الله له ويوتر بواحدة، أو في جوف الليل كذلك، وكان -صلى الله عليه وسلم- ربما أوتر بسبع، وربما أوتر بخمس، وربما أوتر بتسع، وكان في الأغلب يصلي إحدى عشرة، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، وربما صلى ثلاث عشرة، صلى ثنتي عشرة ثنتين ثنتين ثم يوتر بواحدة، هذا هو الغالب من فعله -صلى الله عليه وسلم-، وربما نقص فصلى سبعاً أو تسعاً أو خمساً أو ثلاثاً، لكن الغالب والأكثر يصلي إحدى عشرة، وفي بعض الأحيان ثلاث عشرة، ولكن ما نهى عن الزيادة عليه الصلاة والسلام، من شاء زاد، وثبت عن عمر -رضي الله عنه- والصحابة أنهم فعلوا ذلك، صلوا إحدى عشرة وصلوا ثلاثاً وعشرين، ثبت هذا وهذا عن عمر -رضي الله عنه-، فالذي أنكر ثبوته عن عمر قد غلط، بل هو ثابت عن عمر أنه صلى ثلاثاً وعشرين وفي بعض الليالي صلى إحدى عشرة، فالأمر واسع والحمد لله، ومن صلى أكثر كما فعل بعض الصحابة فلا بأس، بعض السلف كان يصلي ستاً وثلاثين ويوتر بثلاث، الجميع تسعة وثلاثين، بعضهم يصلي إحدى وأربعين، فليس في هذا حدٌ محدود والحمد لله، لكن مثنى مثنى، ثنتين ثنتين هذا هو السنة في رمضان وفي غيره، ولكن كونه يصلي ثلاثة عشرة وإحدى عشرة أفضل؛ لأنه أرفق؛ ولأنها توافق فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإن صلى ثلاثاً وعشرين مثلما فعل عمر في بعض الأحيان فلا بأس، وإن أحب الزيادة هو وجماعته فلا بأس، لكن يرفق بمن معه لا يطول عليهم، ويطمئن في ركوعه وسجوده ويرتل في قراءته؛ لأن هذا أنفع للمسلمين، ولا يجوز له أن ينقرها نقراً بل يجب أن يطمئن، فإذا صلى إحدى عشرة مع الطمأنينة والترتيل في القراءة كان أفضل من عشرين، وإذا صلى ثلاثة عشرة كذلك، وإذا كان يشق عليه صلى سبع مع الترتيل ومع الطمأنينة أفضل، وهكذا خمس ثلاث حسب طاقته، (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (16) سورة التغابن، وإن من أهم المهمات أنه يطمئن ولا يعجل في قراءته، يطمئن ويرتل حتى يستفيد وحتى يستفيد الجماعة اللي خلفه ينتفعون بالقراءة، إذا رتل واطمأن استفاد الجميع هو والجماعة، فيطمئن في ركوعه وسجوده ويرتل في قراءته، ويخشع فيها حتى يستفيد مَن وراءه، وحتى يستفيد هو، وفق الله الجميع. المقدم: جزاكم الله خيراً،

372 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply