حلقة 32: قصر الصلاة وهو مؤتم بمقيم - هل تارك الصلاة مشرك - معنى وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين - حديث يأتي على الناس زمان يصلون ولا يصلون ما صحته - حكم قضاء الصلاة الفائتة - حكم من فاتته الصلاة فأخرها إلى وقتها في اليوم الثاني - الحج عن الميت

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

32 / 50 محاضرة

حلقة 32: قصر الصلاة وهو مؤتم بمقيم - هل تارك الصلاة مشرك - معنى وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين - حديث يأتي على الناس زمان يصلون ولا يصلون ما صحته - حكم قضاء الصلاة الفائتة - حكم من فاتته الصلاة فأخرها إلى وقتها في اليوم الثاني - الحج عن الميت

1-ما حكم من صلى قصراً مع إمام يتم، أي أنه صلى ركعتين معه ثم سلم، وترك الإمام في صلاته؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعـد: فالقصر سنة مؤكدة ثابتة عن النبي عليه الصلاة والسلام في حق المسافر، لكن إذا صلى المسافر خلف المقيم فإن الواجب عليه هو التمام، هذا هو الحق وهذا هو الصواب الذي عليه جمع من أهل العلم وليس له أن يقصر مع الإمام المتم بل يتابعه ويصلي معه أربعاً، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ما يدل على ذلك فإن ابن عباس رضي الله عنهما سئل: قيل له: ما بالنا نصلي مع الإمام أربعاً وإذا صلينا في رحالنا صلينا ركعتين؟ قال: هكذا السنة، أخرجه الإمام أحمد والإمام مسلم رحمهما الله، وهذا يدل على أن السنة أن المسافر يصلي أربعاً مع الإمام، وإذا صلى مع أصحابه المسافرين صلى ركعتين، والذي يصلي مع الإمام المتم وهو مسافر يصلي معه ركعتين، يلزمه أن يعيد إذا سلم من ذلك ولم يتابع إمامه فقد غلط وقد أخطأ وعليه أن يقضي هذه الصلاة التي صلاها مع الإمام وقصرها، يقضيها فيصليها أربعاً، عملاً بهذه السنة.   
 
2- ما معنى هذه الآية التي وردت في سورة الروم:(( منيبين إليْه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من الْمشْركين من الذين فرقوا دينهمْ وكانوا شيعاً...))[الروم:31-32] وهل يقال لتارك الصلاة أنه مشرك؟
ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -أنه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أيضاً أنه قال: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، خرجه مسلم في الصحيح من حديث جابر فهذا يدل على أن تارك الصلاة يسمى كافراً ويسمى مشركاً، وهو الحق، وهو المعروف عن الصحابة رضي الله عنهم، فإن عبد الله بن شقيق بن عقيل رضي الله عنه ورحمه التابعي الجليل قال: لم أر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يعدون شيئاً تركه كفر إلا الصلاة، فهذا يدل على أن الصلاة عند الصحابة يعتبر تركها كفراً، يعني كفراً أكبر، ويسمى الكافر مشركاً، فالذي ترك الصلاة قد فرق دينه، وقد خرج عن جماعة المسلمين، واستحق أن يقتل إن لم يتب، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (لا يحل دم امرئٍ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة)، فالذي يترك الصلاة يعتبر تاركاً لدينه مفارقاً للجماعة، نسأل الله العافية والسلامة. لكن هل يقال لمن ترك الصلاة أنه مشرك؟ نعم، يقال له مشرك ويقال له كافر، في أصح قولي العلماء، لكن الجمهور قالوا كفر دون كفر، وشرك دون شرك، والصواب الذي عليه جمع من أهل العلم أنه كفر أكبر، وشرك أكبر، كما حقق ذلك ابن القيم رحمه الله في كتابه الصلاة، وذكره الذهبي عن جماعة في الكبائر وذكره آخرون رحمهم الله، ودل عليه الحديث السابق الذي رواه مسلم في الصحيح من حديث جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة). فسماه كفراً وشركاً، والكفر المعرف والشرك المعرف بأل التعريف هو كفر أكبر وشرك أكبر.  
 
3- ما معنى هذه الآية: ((... وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من الْمشْركين من الذين فرقوا دينهمْ وكانوا شيعا... ))[الروم:31-32]؟
يبين أن هذا من صفات المشركين، تفريق الدين والتشيع، كل شيعةٍ لها رأي ولها كلام ولها أنصار، هكذا يكون المشركون وهكذا الكفار، يتفرقون وكل طائفةٍ لها رئيس ولها متبوع تغضب لغضبه وترضى لرضاه، ليس همه الدين وليس تعلقهم بالدين، أما المسلمون فهم يجتمعون على كتاب الله وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام وهدفهم هو اتباع الكتاب والسنة، فهم مجتمعون على ذلك معتصمون بحبل الله، أما غيرهم من الكفار فهم أحزاب وشيع فالله عز وجل يحذرنا أن نكون مثلهم، ويأمرنا أن نقيم الصلاة وأن نستقيم على دين الله، وأن نجتمع على الحق وأن لا نتشبه بأعداء الله المشركين الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً، وهكذا أصحاب البدع شابهوا المشركين، فرقوا دينهم وكانوا شيعاً، هذا معتزلي هذا جهمي، هذا مرجئ، هذا شيعي.. إلى غير ذلك، فهذا تفرق في الدين ومخالفة لما أمر الله به من الاعتصام بحبل الله والاستقامة على دين الله وعدم التنازع والفشل.  
 
4- ما مدى صحة هذا الحديث: يأتي على الناس زمان يصلون ولا يصلون، وحبذا لو كان هناك تعليقاً عليه إذا كان صحيحاً؟
لا أعرف حال هذا الحديث وسنراجعه إن شاء الله ونتكلم عليه في حلقةٍ أخرى إن شاء الله، ذكرونا بذلك إن شاء الله.  
 
5- إذا فاتت شخص فرض فهل يجوز قضاء هذا الفرض مع الفرض الثاني، وهل يجوز صلاة الفجر بعد طلوع الشمس؟ وهل يجوز قراءتها سراً أو جهراً؟
إذا فات المؤمن بعض الصلوات لنوم أو نسيان فإن الواجب عليه البدار بقضائها، ولا يؤخر ذلك إلى صلاةٍ أخرى، مثل الواجب البدار بالقضاء حالاً، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -(من نام عن الصلاة أو نسيها فليصليها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك)، هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، فالواجب البدار إلى أن يؤدي الصلاة التي نام عنها أو نسيها وليس لها وقت نهي، فلو نسي الظهر فلم ينتبه لها إلا العصر بادر وصلاها وصلى العصر، ولو نسى العصر فلم ينتبه لها إلا عند الغروب بادر، وهكذا لو نسي المغرب أو العشاء ثم ذكرها في أثناء الليل بادر وسارع إلى ذلك، ولا يؤخر إلى صلاةٍ أخرى، بل هذا واجب عليه، ليس له تأخير الصلاة إذا ذكرها، وليس له تأخير الصبح إلى بعد طلوع الشمس، لا يجوز، لا للرجال ولا للنساء، بل الواجب أن تصلى في الوقت، الرجل يصليها في الجماعة، يخرج إلى المساجد في بيوت الله مع المسلمين، والمرأة تصليها في البيت في وقتها قبل الشمس، ولا يجوز لمسلم ولا لمسلمة تأخير صلاة الفجر إلى بعد طلوع الشمس، لأن حد الوقت طلوع الشمس، فإذا طلعت الشمس خرج الوقت، فلا يجوز للمسلم أبداً أن يؤخرها إلى طلوع الشمس، ولا لمسلمة أيضاً، بل هذا من أعمال المنافقين، نعوذ بالله، والله يقول جل وعلا: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً، يعني خساراً ودماراً، وقيل أن الغي وادي في جهنم بعيد قعره كبير قعره نسأل الله العافية، قال ابن عباس في هذا: ليس المراد أنهم تركوها، لو تركوها لكفروا، ولكن أخروها عن وقتها، هذا الوعيد لمن أخرها عن الوقت، أما من تركها فإنه يكفر، من تركها بالكلية يكون كافراً نعوذ بالله - كما تقدم -. فالحاصل أنه لا يجوز لأي مسلم ولا لأي مسلمة تأخير الصلاة عن وقتها، لا الفجر إلى طلوع الشمس ولا الظهر إلى وقت العصر، ولا العصر إلى وقت المغرب، ولا إلى أن تصفر الشمس، ولا المغرب إلى أن يغيب الشفق، ولا العشاء إلى بعد نصف الليل، بل يجب أن تصلى كل صلاةٍ في وقتها، هذا هو الواجب على المسلمين، الرجال والنساء، الرجل يصليها جماعة مع المسلمين، وليس له تأخيرها عن الجماعة، وليس له تأخيرها عن الوقت، والمرأة عليها أن تصليها في الوقت، في بيتها، وليس لها أن تؤخرها عن الوقت، وإذا كان النوم قد يغلب في الفجر فينبغي أن توضع ساعة، الساعة المنبهة وتوقت على الوقت حتى إذا جاء الوقت نبهتم على وقت الصلاة، لأن هذا من الأسباب التي تعين على الخير، وإذا كان عنده من يوقظه فالحمد لله، فالحاصل أن الواجب على المسلم والمسلمة أن يهتموا بهذا الأمر، فإن كان عندهم من يوقظهم لصلاة الفجر فالحمد لله، وإلا وجب أن يضع ساعةً عندهما للتنبيه على وقت الصلاة حتى يقوم الرجل فيصلي مع المسلمين، وحتى تقوم المرأة تصلي الصلاة في وقتها، هذا هو الواجب وما أعان على الواجب وجب. أيضاً يقول: إذا فاتته صلاة الفجر هل يجوز قراءتها سراً أو جهراً وهي قد طلعت الشمس؟ يقرأها جهراً، لا بأس، كما شرع الله، النبي - صلى الله عليه وسلم -لما فاتته صلاة الفجر ولم يصليها إلا بعد الشمس صلاها كما كان يصليها في الليل، في أول النهار، كما كان يصليها بعد طلوع الفجر، يصليها كما هي، ركعتين بصلاةٍ جهرية، ويصلي راتبتها قبلها، كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم-.  
 
6- إذا فاتته الصلاة عن وقتها تركها إلى أن يأتي وقت الثانية، يعني إذا فاتته الظهر تركها إلى الظهر في اليوم التالي، هل لهم شيء يتعلقون به؟
لا، هذا جهل من قول بعض العامة، لا أصل له، لا يجوز تأخيرها إلى وقتٍ آخر، ولو قليل، إذا فاتته الظهر، ليس له أن يؤخرها إلى وقت العصر، ولا إلى الظهر الآتي، بل يجب أن يبادر بها إذا تنبه وذكر، متى تنبه وجب أن يفعلها كما تقدم، وليس له تأخيرها متى ذكر.  
 
7- والدي توفي وما قام بتأدية الحج، فهل يجوز قضاء الحج عنه أم لا؟
إن كان غنياً وجب أن يقضى من ماله، الحج، وإن كان معسراً فلا شيء عليه، لكن إذا حججت عن أبيك هذا طيب وهذا من البر، إذا حججت عن أبيك ولو كان فقيراً، إذا حججت عنه فقد أحسنت، وهذا من البر، تحج عنه وتعتمر، أما إن كان غنياً ولكن تساهل فالواجب أن يحج عنه، إن حججت عنه بنفسك فجزاك الله خيراً، وإن لم تحج عنه فلا بد من إخراج مال يعطاه من يحج عنه من الثقاة الأمناء الأخيار.  
 
8- إذا نويت أن أحج وقمت ببيع بعض المواشي، واقترضت من أي إنسان مبلغ، فهل يتم الحج أو لا يجوز؟
لا بأس، إذا اقترضت شيئاً فلا بأس، إذا كان عندك ما يسدده بعد الرجوع فلا بأس، وأما إذا ما كان عندك شيء فالأولى أن لا تقترض، وأنت بحمد الله معذور، لأن الحج إنما يجب مع الاستطاعة، والذي لا يستطيع إلا بالقرض والاستدانة غير مستطيع، لكن إذا كان عندك بحمد الله ما تستطيع أن تؤتي منه، من غلة عقار، من تجارة، من غير ذلك، فلا بأس ولا حرج أن تستدين أو تقترض أو تحج، كل ذلك لا حرج فيه، والحج صحيح، والحمد لله. 

443 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply