حلقة 82: حكم التدخين ومضاره - ترك الفتاة للدراسة بسبب أمرها بنزع الحجاب - تفسير القرآن بغير علم - حكم وضوء من مس امرأة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

32 / 50 محاضرة

حلقة 82: حكم التدخين ومضاره - ترك الفتاة للدراسة بسبب أمرها بنزع الحجاب - تفسير القرآن بغير علم - حكم وضوء من مس امرأة

1-   سماحة الشيخ نبدأ أولاً برسالة عبد الرحمن بن عبد العزيز الحميضي من بلدة القصب، الوشم، يقول المستمع عبد الرحمن: السلام عليكم ورحمة الله، إنني أبعث إليكم هذه الرسالة، وأرجو من الله العزيز أن تصلكم وأنتم بخير وعافية، وتتضمن رسالتي هذه استفساراً عن كتاب "الدلائل الواضحات على تحريم المسكرات والمفترات"، ويقول: فلقد قرأته وأعجبت به، ولكن لفت نظرنا في هذه الصور المرفقة برسالتي - هو أرفق ثمان صفحات في رسالته هذه سماحة الشيخ- من هذا الكتاب الذي اسمه أعلاه، وبخاصة ما ذكر من مضار الدخان، ومنها أن صاحبه إذا مات ولم يتب منه فإن وجهه يصرف عن القبلة، فإذا كان الكتاب وما فيه تنصحنا بقراءته فأرجو من كل إنسان وبخاصة الذين يشربون الدخان هذا، وأكتب رسالتي من أجله، والله يحفظكم ويرعاكم والسلام عليكم ورحمة الله. ويقول: أرجو من فضيلة الشيخ التعليق على مضار الدخان كما هو موضح في هذه الصور، والصورة يا سماحة الشيخ لا أستطيع عرضها في هذا المقام لأنها ثمان صفحات، لكني لخصت ما كتبه المؤلف في الأمور التالية: يقول: إن الدخان يجامع الحشيش في كثير من المفاسد والمضار وينفرد كل منهما بمضار، فالدخان يفسد العقل، وأنه يسكر وأنه يخدر ويفتر، وأنه يورث الذلة والمهانة، ويهدم الشرف والمروءة، وأنه يفسد المزاج وأنه يفسد العقل ويورث الحمق والرعونة، وأنه يورث قلة الغيرة، وأنه يصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وأنه يضر بالصحة، وأنه يورث موت الفجأة، وأنه سبباً لسوء الخاتمة، وقد ضرب قصصاً رويت له من بعض الناس، وأنه يكون سبباً لصرف الميت عن القبلة قبل دخول القبر وبعده، وأنه يسود القلب، نرجو كما يرجو عبد الرحمن أن تعلقوا على هذا.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فأقول أولاً إن المؤلف وهو أخونا العلامة الشيخ حمود بن عبد الله التويجري، إنما يكتب عن علم وعن بصيرة وعن سؤال أهل الخبرة في هذه المسائل وأشباهها، والدخان بلا شك مضاره كثيرة وعواقبه وخيمة، وقد أخبر الأطباء الذين درسوه وعرفوه عن مضاره الكثيرة، كما أخبر من يعتاد شربه عن مضار أخرى كثيرة، فهو بلا شك له مضار كثيرة جداً، منها: أنه يسبب موت الفجأة، موت السكتة، ومنها كما ذكر جماعة من الأطباء أنه يسبب مرض السرطان والعياذ بالله، ومنها أنه قد يفضي إلى الإسكار إذا أبطأ منه صاحبه ثم شربه، قد يتأثر به ويسكر، ومنها أنه إذا أكثر منه قد يتضرر بذلك أكثر من جهة السكر والتخدير الكثير، هذه أشياء معلومة قد أخبرنا بها الكثير من الأطباء وكتب فيها الناس، ومن ذلك أنه يسبب أيضاً سواد القلب فإن المعاصي تسود القلب، كما في الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، أن العبد إذا أذنب نكت في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب وأناب صقلت، وإن أذنب مرة أخرى، صارت نكتة أخرى سوداء وهكذا إذا ما تاب عن المعاصي تكون نكت كثيرة في القلب حتى يسود القلب وحتى يظلم وحتى لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، وهذا ليس خاصاً بالدخان بل يعم جميع المعاصي، فالدخان له مضار كثيرة ومنها أنه يضر بالصحة ضرراً كبيراً، ومسرف للمال ومضيع للمال في غير حق، وفي غير فائدة، فهو بحق ذو مضار كثيرة، ينبغي للعاقل أن يحذره وأن يتباعد عنه، فإنه مضر بصحته، مضر بسمعته، مضر بعقله، مضر بآخرته، فإنه قد يسبب كثيراً من الشرور، ويسبب كثيراً من الضيق و القلق والغضب الكثير، وسرعة الانفعال فينبغي للمؤمن أن يبتعد عنه وأن يحذره غاية الحذر، ثم هو أيضاً يسبب مضرة الذرية، فإن الذرية يتأسون بأبيهم، وأجدادهم وإخوانهم، فإذا تعاطاه الإنسان فإنه بذلك يسبب تعاطي ذريته لهذا الخبيث، ويصبح أسرى لشره وأضراره الكثيرة، وقد أخبر كثير من الناس، أن شاربه قد يصرف عن القبلة كما ذكر الشيخ حمود، وهذه وقائع توجب الحذر، فإن اطلاع الناس على بعض الوقائع وإخبارهم عنها يسبب الحذر ويقتضي الحذر من هذا الشيء الذي أخبر عنه من شاهده ومن وقع له أنه اقتضى كذا وكذا مما يضر العبد، فصرفه عن القبلة أخبرني بعض من شاهد المدخنين ولا يلزم من ذلك أن يكون كل مدخن بهذه المصيبة، لكن هذا يقتضي أن هذا الأمر قد يسبب هذه الحالة المنفرة، كونه يصرف عن القبلة، في حال قبل موته قبل أن يدفن وبعد أن يدفن هذا لا شك يوجب الحذر منه ويوجب كراهة تعاطيه لأنه مشتمل على المضار الكثيرة التي هذه منها، والحاصل أنه محرم بلا شك ويجب تركه بلا شك، لمضاره كثيرة، أما تعدادها فيحتاج إلى عناية من الأطباء وبصيرة ممن اعتاده فإنه أعلم به وأقدر على تعداد مضاره، الأطباء والذين ابتلوا بشربه والاكتياء بشره وناره هم أعلم الناس بمضاره الكثيرة، فنصيحتي، نصيحتي لكل مسلم أن يحذر هذا الخبيث وأن يتباعد عنه، كما أني أنصح أن يحذر كل مسلم جميع المسكرات جميع أنواع الخمور، جميع أنواع التدخين، جميع أنواع المفترات، وهكذا الحشيشة فإن مضارها كثيرة وخبيثة، فيجب الحذر منها غاية، فهذه الأمور التي ذكرها السائل وذكرها الشيخ حمود في الكتاب يجب على المؤمن أن يتباعد عنها حفظاً لصحته وحفظاً لعقله، وحفظاً لشرفه وابتعاداً عن المضار التي تضر دينه وعقله وبدنه وسمعته وذريته، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.  
 
2-   تقول: إنها على أبواب الجامعة، نحن نرتدي الحجاب الإسلامي، ونؤدي الفرائض من صلاة وصوم وقراءة قرآن ونريد الخير لكل الناس، لقد طلبت منا مديرة المدرسة أن نخلع الحجاب الإسلامي، وأن نرتدي الزي العادي، الذي هو فاضح وغير ساتر لأنوثة المرأة، وإظهار الشر والسير على خطر الموديلات الغربية التي اجتاحت بلادنا اليوم، ولكننا قررنا عدم الرضوخ لمطالبها، والانقطاع عن الدراسة نهائيا، ما هو رأيكم؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا، ولكم مزيد الخير والتوفيق، وسؤالنا هو: هل الانقطاع عن مواصلة العلم قد يسبب ارتكاب الآثام عند تركنا الدراسة؟
أولاً: أشكر الأختين الطالبتين على غيرتهما الإسلامية، وحرصهما على سلامة دينهما وعرضهما، وأسأل الله لهما المزيد من الهداية، كما أسأله للمديرة الهداية والتوفيق حتى تكون عوناً للطالبات على الخير لا على الشر، نسأل الله أن يهدي المديرات في مدارس البنات التوفيق والهداية، نسأل الله لهن التوفيق والهداية، وأن يكن عوناً للطالبات على كل خير. أما نصيحتي للطالبتين فهي الانقطاع عن الدراسة إذا كانت لا تحصل إلا بالملابس الرديئة الفاضحة التي تدعو إليها المديرة، ويدعو إليها كل متحلل من الدين، وكل إنسان ضعيف الغيرة وقليل المبالاة بأمور الدين، فانقطاعهما عن الدراسة أولى من لبسهما ما لا ينبغي في الشرع وما لا يبيحه الشرع، ولا شك أن الحجاب أمر متحتم وواجب على المرأة لأن الله يقول سبحانه في كتابه العظيم: وإذا سألتموهن متاعاً، فاسألوهن من وراء حجاب، ثم قال بعده: ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن، فبين سبحانه وتعالى أن الحجاب أطهر لقلوب الرجال وقلوب النساء جميعاً، فالذي يدعو للحجاب يدعو إلى الطهرة ويدعو إلى العفة والبعد عن أسباب الفتنة، وأما التي تدعو لخلع الحجاب فإنها تدعو إلى الفساد والنجاسة والفحش، والبعد عن الطهرة والقرب من النجاسة والفساد، ولا يستوي هذا وهذا فالدعاة إلى خلع الحجاب، دعاة إلى نبذ الفضيلة، دعاة إلى الفساد، دعاة إلى النجاسة والخباثة، دعاة إلى محاربة الطهرة التي دعا الله إليها سبحانه وتعالى، فنصيحتي ألا تجيب المديرة إلى طلبها، وأن تبقيا على الحجاب، فإن أمكن إكمال الدراسة بذلك فالحمد لله وإن لم يمكن إلا بخلع الحجاب، فلا حاجة إلى إكمال الدراسة في هذه الجامعة وفي الإمكان أن تتيسر الدراسة في مكان آخر، أو تكتفيا بما حصلتما من الدراسة، ثم بالمطالعة والمذاكرة فيما بينكما وبين أمثالكما من الطيبات الطاهرات من النساء، فإن الاجتماع على الدراسة والمذاكرة في كتب العلم يفيد كثيراً وينفع كثيراً، ولا سيما من حصلت الأصل، ودرست الأصول فإنها تستفيد من المطالعة والمذاكرة الخير الكثير ولا ينبغي لها أن تجيب إلى ما حرم الله سبحانه وتعالى.  
 
3- صليت خلف إمام وأنا في طريقي إلى مقر عملي في صلاة المغرب فقرأ بعد الفاتحة سورة تبت يدا أبي لهب، وبعد الفراغ من الصلاة سأله أحد المأمومين عن تفسير قوله تعالى: ((في جيدها حبْل منْ مسد))[المسد:5]، فقال الإمام: معناها ممتد، أي معنى من مسد: ممتد، وهو حين قرأ كلمة (مسد) نطقها: بكسر السين: (مسد)، فرددت عليه حسب معرفتي من الدراسة أن معنى مسد: أي من مسد جهنم، أي حرها ولهبها، فرد علي الإمام بغضب يقول: أنا أكبر منك وأعرف منك علماً، إنه ليس إمام رسمي في مسجد وإنما في الطريق فقط، ولم أرد عليه تقديراً لكبره ولحضور بعض المصلين معنا، فسكت وأنا غير راض عن ذلك، فهل علي إثم على سكوتي، وأتركه يفسر على مزاجه كلام الله المطهر؟ ويقول: إنني التقيت به مرات في هذا المصلى في الطريق، أرجو الإفادة أثابكم وأعظم أجركم.
لا شك أن قوله تعالى في جيدها، يعني في عنقها، حبل من مسد، يعني من النار، لكن تفسير المسد بالنص على المعنى المراد من كلام الله عز وجل يحتاج إلى العناية بكلام أهل التفسير كتفسير ابن جرير وابن كثير والبغوي، وتفسير الشوكاني، فيمكن مطالعة هذه الكتب وأشباهها كالقرطبي أيضاً يتضح كلام أهل التفسير في ذلك، ولا شك أن المراد هنا أنه شيء من العذاب، المسد شيء من العذاب، الحبل المسد، شيء من العذاب التي تعذب به هذه المرأة بسبب إيذائها هي وزوجها وإيذائهما للرسول صلى الله عليه وسلم بما يحملان من الحطب، ويلقيانه في طريقه عليه الصلاة والسلام، فالحاصل أن هذا الشيء يرجع فيه إلى التفسير لا لكلام الإمام هذا المسكين ولا غيره، بل يراجع في هذا كلام المفسرين كما تقدم كابن كثير وابن جرير والبغوي والقرطبي وأشباههم فقد أوضحوا معنى ذلك وبينوا كلام المفسرين الأولين في ذلك، وهم بلا شك يدل على أنه عذاب في جيدها حبل من مسد، حبل من العذاب الذي وعد الله به أمثال هؤلاء لكن تفسير المسد، عين المسد ما هو؟ وجه التسمية، هذا يحتاج إلى مطالعة كتب التفسير ولا يحضرني الآن كلام أهل التفسير في هذه الكلمة، وفي إمكان كل طالب علم أن يراجع كلام المفسرين، ويعلم ما قالوا في هذا فالحمد لله الأمر قريب وواضح.  
 
4- هي حول لمس النساء هل ينقض الوضوء أم لا؟ وأرجو عرض هذه المسألة على أحد الشيوخ العلماء عندكم،
لا شك أن لمس النساء اختلف فيه العلماء، فقال قوم من أهل العلم أن لمس المرأة من دون ساتر من دون حجاب ينقض الوضوء مطلقاً، وهو مشهور في مذهب الشافعي رحمه الله وجماعة، وقال آخرون لا ينقضه مطلقاً، وإنما المراد باللمس الجماع في قوله تعالى: أو لامستم النساء، قالوا المراد هنا الجماع، كما قال ابن عباس وجماعة، وقال آخرون: ينقض إن كان بشهوة، ولا ينقض إن كان من غير شهوة، وهو المشهور عن مذهب الإمام أحمد رحمه الله وجماعة، والأرجح عندي بعد التأمل هو قول من يقول أنه لا ينقض مطلقاً، إذا مسها لا ينقض مطلقاً، وإنما الذي ينقض مس الفرج، أما مس المرأة فقط في يدها أو رجلها فلا ينقض الوضوء لعدم الدليل، أما قوله تعالى: أو لامستم النساء، فالمراد به الجماع، كما تقدم لقول ابن عباس رضي الله عنهما وجماعة من أهل العلم، أما قول ابن مسعود أن المراد به المس فقط، فليس بظاهر، بل الصواب ما قاله ابن عباس في هذا وأن المراد به الجماع خاصة، والدليل على هذا أنه ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ، ثم أمر آخر وهو أن اللمس أمر واقع من الناس في بيوتهم والحاجة ماسة إلى بيانه من النبي - صلى الله عليه وسلم- بياناً شافياً عاماً حتى يعلمه الناس، فلو كان ينقض الوضوء، لبينه النبي - صلى الله عليه وسلم- بياناً واضحاً كافياً شافياً، ولم يرد عنه - صلى الله عليه وسلم- ما يدل على أنه ينقض الوضوء، فعلمنا بذلك أن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقاً سواء كان عن تلذذ وشهوة أم لم يكن كذلك، بل الذي ينقض هو الجماع وكذلك مس الفرج، هذا هو الذي ينقض، أما مجرد لمس المرأة فقط من غير خروج شيء فإنه لا ينقض، أما إن خرج منه شيء كالمذي فإنه يتنقض الوضوء إذا مسها بشهوة وخرج مذي انتقض الوضوء، وعليه حينئذ أن يغسل فرجه من المذي يغسل فرجه من المني وأنثييه ويتوضأ للصلاة ونحوها، أما مس بدون خروج شيء، مسها ولم يخرج منه شيء؛ فإنه لا ينقض الوضوء على الصحيح، والدليل ما تقدم، الدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ، وهذا ثابت عنه بإسناد جيد رواه أحمد وغيره، وله شاهد مرسل عند النسائي، ثم الأصل عدم النقض، هذا هو الأصل، فمن قال بالنقض مطلقاً فعليه الدليل، وهكذا من قال بالنقض بالشهوة فعليه الدليل ولا دليل، فالصواب أنه لا ينقض الوضوء، وكثير من إخواننا في الطواف يتحرجون إذا مست يده يد امرأة أو رجله رجل امرأة راح يتوضأ أخذاً بقول من قال إنه ينقض مطلقاً، وهذا فيه حرج كبير بدون دليل ولا حجة، والصواب إن شاء الله أنه لا ينقض الوضوء مطلقاً، هذا هو الصواب. شكراً سماحة الشيخ، إلى هنا نأتي على نهاية لقائنا هذا الذي عرضنا فيه الأسئلة.   

450 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply