حلقة 94: حج ولم يطوف طواف الوداع - صلاة الجمعة للحارس - النيابة عن العاجز في الصلاة - قل ما يفضل من الولائم من اللحوم والأطعمة - حكم اللحوم المستوردة - حكم من فاتته الصلاة بسبب فقدانه لوعيه - حكم الاحتفال بالموالد

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

44 / 50 محاضرة

حلقة 94: حج ولم يطوف طواف الوداع - صلاة الجمعة للحارس - النيابة عن العاجز في الصلاة - قل ما يفضل من الولائم من اللحوم والأطعمة - حكم اللحوم المستوردة - حكم من فاتته الصلاة بسبب فقدانه لوعيه - حكم الاحتفال بالموالد

1- إني شاب أبلغ من العمر ما يقارب ثمانية وعشرون عاماً، وقد حجيت لعام (1399 - 1400هـ) إلا أني عندما أردت مغادرة مكة المكرمة لم آخذ طواف الوداع، وفي الحقيقة ما أدري ماذا يترتب عليه في هذه الحالة؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فلا ريب أن الله - عز وجل - شرع للحاج أن يودع البيت قبل خروجه إلى وطنه، وقد ثبت عن النبي - عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت). رواه مسلم في الصحيح. وقال ابن عباس - رضي الله عنهما-: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرآة الحائض. متفق عليه. والصحيح أن ذلك واجب؛ لأن الأمر أصله الوجوب ، والنهي أصله التحريم، فوجب على كل حاج من رجل وامرأة أن يودع البيت قبل أن يغادر مكة إلى وطنه بعد انتهائه من مناسك الحج، بعدما يرمي الجمرات في اليوم الثاني عشر إن تعجل أو في اليوم الثالث عشر إن لم يتعجل فإنه بعد ذلك يطوف للوداع سبعة أشواط بالبيت، وليس فيه سعي، فإذا غادر إلى بلاده ولم يطف هذا الطواف فإنه عليه دماً ، يعني ذبيحة، يذبحها في مكة وتتوزع بين الفقراء سواء ذبحها بنفسه أو وكل من يذبحها في مكة، فإن رجع وطاف للوداع أجزأه عند جمع من أهل العلم، ولكنه ذبحه للهدي وتوزيعه بين لفقراء أولى وأحوط خروجاً من خلاف من قال أنه لا يجزؤه العودة، مع التوبة والاستغفار، فإن التارك لطواف الوداع قد ترك واجباً، وترك الواجب معصية، فالواجب التوبة والاستغفار والندم وعدم العود لفعل هذا ، مع الفدية المذكورة، وهي ذبيحة من جنس الضحايا الهدايا ، يعني جذع ضأن أو ثني معز، سليم من العيوب ، يذبح في مكة، ويقسم بين الفقراء.  
 
2- أنا حارس على شيء مهم من ممتلكات الدولة، وحولي مسجد جمعة، لكن أخشى بعد ذهابي على ما كلفت بحراسته، فهل يجوز لي تركه والذهاب للصلاة؟
لا الحراسة عذر، الحارس على شيء مهم يخشى عليه ليس له أن يدعه، ويذهب إلى صلاة الجمعة والجماعة، بل عليه أن يصلي في محله ويسقط عنه حضور الجمعة والجماعة في هذه الحالة، إلا إذا وجد من ينوب عنه ممن لا جمعة عليه، كالمملوك والنساء وأشباه ذلك.  
 
3- أفيدكم أن والدتي عاجزة عن الصلاة بعض الأوقات، هل أنوب عنها بالصلاة أم لا؟
الصلاة لا ينوب فيها أحد عن أحد، فإن كانت عاجزة عن الصلاة قائمة صلت قاعدة إذا كان عقلها معها، فإن عجزت عن القعود تصلي على جنبها، وإن عجزت عن الجنب تصلي مستلقية، ورجلاها إلى القبلة، هذا هو الواجب عليها: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [(16) سورة التغابن]. أما إن كانت عاجزة بمعنى أنها قد تغير عقلها ، ويسمى خرف، يعني خرفت صارت كبيرة السن لا تعي فلا صلاة عليها، ولا تصلي عنها، وهكذا لو كانت معتوهة مجنونة ليس عليها صلاة، أما العاقل فعليه الصلاة على حسب حاله، العاقل المكلف عليه أن يصلي على حسب حاله، قائماً ، أو قاعداً ، أو على جنبه، أو مستلقياً، هكذا أمر النبي - عليه الصلاة والسلام-: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [(16) سورة التغابن].  
 
4- أفيدكم أنني أشاهد بعضا من الناس تكون عنده مناسبة ويذبح للضيوف ذبائح، ويتوفر من هذه العزيمة والذبائح التي ذبحت لهم شحم وعيش ثم يكبونه في الأرض، فهل عليهم إثم في ذلك؟
هذا شيء واقع من الناس ، وهو نقل ما يفضل من الولائم من اللحوم والأطعمة إلى القمامات ، أو وضعه في كراتين ثم توضع في القمامات كل هذا واقع من الناس، وفيه خطر عظيم، والواجب مع القدرة أن يوزع هذا الباقي من اللحوم والأطعمة على الفقراء والمساكين في أي مكان، فإن لم يوجد يوضع في مكان نظيف في البرية في الصحراء حتى ينتفع به ما شاء الله من حيوانات أو من بني آدم، ولا يطرح مع القمامة، ومع النجاسات ، هذا لا يجوز، وقد نبهنا على هذا غير مرة، وكتبنا في الصحف غير مرة للتنبيه على هذا ، وعلى البلديات أن تلاحظ هذا ، وأن تجعل ما يوضع من الأطعمة واللحوم في كراتين نظيفة ، أو في براميل نظيفة خاصة ينقل إلى محلات مناسبة حتى ييبس، أو تأكله الدواب، أو لا ييبس ويعطاه أهل الدواب فينتفعون به.  
 
5- بعض المسلمين لما يذهبوا إلى الخارج يضطروا إلى أكل اللحوم، وهذه اللحوم مذبوحة على غير الطريقة الإسلامية، فما الحكم فيها؟
البلاد تختلف، إن كانت البلدة بلاد نصارى أو يهود هؤلاء ذبيحتهم حل لنا، الله – سبحانه - أباح لنا طعام أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى، فإذا كنت في بلد من بلدانهم كأمريكا وفرنسا هولندا بلجيكا انجلترا وأشباه ذلك، فإنك تأكل ما وجدت من اللحوم إلا إذا علمت أنه من الخنـزير فلا تأكل، أو علمت أنهم ذبحوا بالخنق أو بالصعق من دون الذبح فلا تأكل، أما إذا لم تعلم فإنك تأكل هو حل لك، وعليك أن تتحرى تسأل المسؤول هل هذا اللحم خنـزير أو بقر أو غنم، فإذا علمت أنه بقر أو غنم أو دلك غيرك على ذلك كلْه، وإذا علمت أنه خنـزير فدعه فلا تأكل منه، ولا ينبغي التكلف والتشدد الذي يخالف أمر الله، فإن الله أباح لنا – سبحانه - طعام أهل الكتاب وهو يعلم حالهم وكفرهم وضلالهم وتحريفهم الكلِم عن مواضعه وعدم قيامهم بالواجب، هو يعلم هذا - سبحانه وتعالى-، هم كفار كفرهم الله في كتابه العظيم، ومع هذا أباح لنا طعامهم، فعلينا أن نقبل هذه الرخصة من الله ، وأن لا نشدد على أنفسنا، بل مع علمنا أنه محرم تركناه، وما لم نعلم فالأصل إباحته والحمد لله. أما إذا كنت في بلاد الشيوعيين في بلاد الوثنيين فلا تأكل إلا ما ذبحه المسلمون أو ذبحه أهل الكتاب، مثل الهند مثل بلاد السوفيت مثل الصين مثل بلغاريا ، وما أشبه ذلك من البلاد التي فيها الشيوعيون والوثنيون فإن ذبحائهم غير حلال، لا تحل لنا، فعليك أن تتحرز في ذلك، وأن لا تأكل منها إلا ما علمت أنه ذبحه مسلم أو كتابي. المقدم: لكن هل يجب على المسلم أن يسأل في البلاد الغربية التي هي ليست بلاد شيوعية؟ الشيخ: إذا خاف أن يكون خنزير يسأل يتحرى حتى لا يأكل خنزير ، أما الذبيحة فقد لا يتسر له من يخبره عن الذبيحة، فقد يكون في هذا مشقة كبرى، لأن الغالب قد ما يكون عنده علم، قد يكون أيضاً في خبرهم يعني غير موثوق به في الخبر، لأنهم ما بين عامل أو شبهه قد لا يعرف الحقائق ، فإذا تيسر من يعرف الحقائق عن هذا المطعم المعين، وسأله فلا بأس.  
 
6- عندي امرأة أصيبت في حادث، وأصيبت في غيبوبة، ودامت الغيبوبة شهراً وخمسة أيام، وثلاثة أشهر لم تحسن الصلاة، أفيدونا جزاكم الله خيراً ما حكم صلاتها التي لم تصليها في السابق؟
الصواب أنه لا قضاء عليها، من أصيب بحادث حتى غاب عنه شعوره فهو من جنس المعتوه والمجنون لا قضاء عليه، أما إذا كانت المدة مثل يوم يومين ثلاثة فلا بأس أن يقضي، كالنائم كالمغمى عليه أما إذا طالت المدة حتى صارت كثيرة فإنه أشبه بالمجنون والمعتوه فلا قضاء عليه، هذا هو الصحيح من أقوال العلماء، أما إذا كانت الغيبوبة يومين أو ثلاث فهو أشبه بالنائم فيقضي ؛ كما روي عن بعض الصحابة أنهم غمي عليهم المدة اليسيرة اليوم واليومين والثلاثة فقضوا.  
 
7- نعمل في مزرعة تبعد عن المدن بحوالي خمسة كيلو مترات، وعدد الرجال خمسة عشر رجلاً، فهل يصلح لنا صلاة الجمعة أم لا؟ وأنا أجيد الخطبة والحمد لله وأجد معي من القرآن جزء عم وبعض الأحاديث الدينية، وبعضا من الدعاء، نرجو إفادتنا هل نقيم جمعة أم لا؟
إذا كانت المزرعة يستوطنها أهلها ويقيمون فيها شتاء وصيفاً مستوطنون فيها، وهم ثلاثة فأكثر وجب عليهم أن يقيموا جمعة ، ومن حضر صلَّى معهم، أما إذا كانت عارضة يقيمون فيها أيام أو مدة للزراعة ثم ينـزلون إلى البلد ، وليست محل استيطان ، وليست محل إقامة ، فهذه لا تقام فيها جمعة ؛ لأنها ليست وطناً، وليس محل استيطان ، وهم بعيدون عن الجمعة فتسقط عنهم الجمعة لبعدهم فيصلون ظهراً، أما إذا كانوا مستوطنين يقيمون فيها شتاء وصيفاً قد عمروا فيها مساكن ، واستقاموا فيها فيصلون جمعة إذا كانوا المستوطنين ثلاثة فأكثر
 
8-   نعلم أن في بعض الدول تقام حفلة بمناسبة مولد من الموالد، كمولد النبي أو مولد علي - كرم الله وجهه-، ويقوم موظفو وزارة العدل بإحياء هذه الذكرى، هل إحياؤها يعتبر من البدع؟ وإذا كانت بدع فكيف لهؤلاء أن يُصدوا عنها؟
الاحتفال بالموالد ليس بمشروع ، بل هو من البدع، فلم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه أنهم بمولد أو .... ، وهكذا في القرون المفضلة القرن الأول والثاني والثالث لم يوجد في القرون المفضلة من يحتفل بالمولد النبوي، فهو من البدع التي أحدثها الناس، وقال بعض أهل العلم: إن أول من أحدثها حكام المغرب ومصر وهو بنو عبيد القداح ، المُسمون الفاطميون، وهم من الشيعة ، قال فيهم شيخ الإسلام ابن تيمية: إن ظاهرهم الرفض وإن باطنهم الكفر المحض. وقال بعض الناس إنما أحدثوا الاحتفال بمولد النبي - صلى الله عليه وسلم- وبمولد علي - رضي الله عنه- والحسين وفاطمة والحاكم الذي يحكمهم ، وهؤلاء ليسو القدوة، فلا يقتدى بهم، ثم أحدث ذلك بعد ذلك الملك إربل وهذا كله لا يجعل هذا الشيء سنة، بل هو حدث وبدعة ولو فعلها هؤلاء، وليسوا هؤلاء بقدوة إنما القدوة النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفاؤه الراشدون وصحابته - رضي الله عنهم وأرضاهم- ، وهذا لم يقع منهم، والنبي - صلى الله عليه وسلم- يجب أن تعظم سنته، وأن يتأسى به دائماً دائماً في جميع الأيام والليالي لا في ربيع أول فقط ، بل الواجب أن يعتنى بسنته، وأن تدرس في كل زمان ، وأن يتعلمها المسلمون ، وأن يدرسوا أوامره ونواهيه ، وما كان عليه حتى يعملوا بذلك ، أما الاحتفال بالمولد في الثاني عشر من ربيع أول أو قبل ذلك أو بعد ذلك بالطريقة المعروفة: جمع الناس، وإقامة الولائم، وقراءة المولد ، هذا بدعة ، لا أصل له، والذي يجب تركه. أما تدريس سنته ، ومولده - في الدرس المعروف - في المساجد ، وفي المدارس ، هذا طيب ، سنة، مطلوب ، حتى يعرف الناس مولده، وما جاء فيه ، وسنته، وسيرته - عليه الصلاة والسلام-، هذا هو الذي قرره المحققون من أهل العلم، ونبه عليه أبو عباس ابن تيمية – رحمه الله- في كتابه : "اقتضاء الصراط المستقيم"، ونبه عليه أيضاً الإمام الشاطبي - رحمه الله- في كتاب : "الاعتصام"، ونبه عليه آخرون. ثم هذا المولد ، وهذا الاحتفال يقع فيه بعض الأحيان من بعض الناس أمور شركية ، وأمور منكرة، علاوة على أنه بدعة يقع فيه منكرات، وغلو في بعض الأحيان، وربما وقع فيه شركيات، ودعاء بالرسول - صلى الله عليه وسلم- ، واستغاثة به، كما في البردة التي ينشدها كثير من الناس في المولد، وهي قصيدة فيها أنواع من الشرك، للبوصيري، هذا كله من آفات هذا المولد ، ومن آفات هذه البدعة ، فينبغي للمسلمين تركها ، والواجب عليهم عدم هذا الاحتفال، وهكذا بقية الموالد كمولد علي - رضي الله عنه - ، أو الحسين ، أو فاطمة ، أو غيرهم، أو مولد البدوي، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو غيرهم، كل هذه الموالد لا يجوز إحداثها ، ولا الاحتفال بها. وهكذا غيرها من الموالد، كالذي يحتفل بمولد أمه أو أبيه تأسياً بالنصارى وغيرهم كل هذا بدعة لا وجه له ، ولا يجوز ، وفيه تشبه أيضاً بالنصارى وغيرهم ، - والله المستعان -.   

305 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply