حلقة 88: إقامة جمعتين في مكانيين متقاربين - أسباب تفرق الامة - حكم تعليق رجل الذئب على المريض - الأضحية من البقر - الرمي من الجمرات الموجودة تحت أقدام الناس - ما يذبحه الحاج من الهدي لا يجزيء عن الأضحية

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

38 / 50 محاضرة

حلقة 88: إقامة جمعتين في مكانيين متقاربين - أسباب تفرق الامة - حكم تعليق رجل الذئب على المريض - الأضحية من البقر - الرمي من الجمرات الموجودة تحت أقدام الناس - ما يذبحه الحاج من الهدي لا يجزيء عن الأضحية

1- يوجد مسجد تقام فيه صلاة الجمعة والجماعة، وصار الآن ضيق على المصلين وخاصة يوم الجمعة، وبني مسجد حديث أكبر من الأول، فإذا أقيمت صلاة الجمعة في المسجد الحديث هل جائز أم لا؟ للعلم أن القرية الصغيرة لا تقام فيها جماعتين يوم الجمعة؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه واتباعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعـد : فيقوله السائل إن القرية التي هو فيها ، فيها مسجد صغير يضيق بالناس في الجمعة وقد بني مسجد واسع فهل لا تنقل الصلاة إلى المسجد الواسع؟ هذا يرجع إلى أهل البلد ، فعليك أن تراجع أهل البلد ، وعليك أن تراجع فضيلة قاضي البلد وهو ينظر في الموضوع فإن كان المسجد الأول لا يسمع الناس انتقل إلى المسجد الثاني وصلي فيه ، ولا يصلي جمعتين من دون مسوغ شرعي. ولكن بكل حال هذا يرجع إلى فضيلة قاضي البلد وأعيانها ينظرون في الموضوع ، وفيهم إن شاء الله الكفاية.  
 
2- ما معنى قوله تعالى: أن اتبعْ ملة إبْراهيم حنيفا وما كان من الْمشْركين [النحل:123]، وما هي الأسباب التي فرقت المسلمين إلى عدة مذاهب؟
الله - جل وعلا - يأمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يتبع ملة إبراهيم في إخلاصه لله وتوحيده ، وتعظيم أمره ونهيه ، والإعراض عن المشركين ومعاداتهم ، وبغضهم في الله - سبحانه وتعالى - وهكذا الأمة مأمورة بذلك ، كلها مأمورة بأن تعبد الله وحده: إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ [(92) سورة الأنبياء]. إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [(5) سورة الفاتحة]. وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء [(5) سورة البينة]. وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ [(23) سورة الإسراء]. إلى أمثال هذه الآيات.. فالله - عز وجل - خلق الخلق ليُعبد وحده لا شريك له ، وأمرهم بذلك وأرسل الرسل - عليهم الصلاة والسلام - لدعوة الناس إلى توحيد الله والإخلاص له ، فالواجب على جميع أهل الأرض من الجن والإنس وعرب وعجم ، وأغنياء وفقراء ، وذكور ٍوإناث ، عليهم جميعاً أن يعبدوا الله وحده ، ويخصوه بدعائهم وخوفهم ورجائهم وصلاتهم وصومهم وصدقاتهم ، وسائر عباداتهم، فهم ..... سبحانه وتعالى : (إياك نعبد وإياك نستعين) ولا يجوز لهم أن يعبدوا معه إلهاً آخر ، لا ملكاً مقرباً ، ولا نبياً مرسلا. ولا يجوز لهم أن يعبدوا أصحاب القبور ، ويستغيثون بهم ، أو يطلبون منهم المدد أو ينذرون لهم ، أو يذبحون لهم، ولا أن يعبدوا الأصنام والأشجار والأحجار والكواكب ، لا ، هذا كله باطل، وكله شرك بالله - عز وجل - ، الواجب على جميع الثقلين أن يعبدوا الله وحده ، فيخصوه سبحانه بجميع العبادات من خوفٍ ورجاء وصوم وصلاة ، وصدقة وذبح ونذر وغير ذلك. وعلى الأمة جميعاً أن تتفقه في هذا ، وأن تعنى بهذا الأمر ، ومن أهم الأمور العناية بالقرآن العظيم ، فإنه كتاب الله فيه الهدى والنور ، وهو يوضح هذا الأمر ، ويبين أن العبادة حق الله وحده، فعلى جميع المسلمين أن يعنوا بكتاب الله وأن يتدبروه ويتعقلوه ، وهكذا سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، جاء في البيان هذا الأمر ، وأن العبادة حق الله وحده ، فعلى أهل الإسلام أن يعظموا الله ويعبدوه وحده دون كل ما سواه ، وأن يبلغوا الناس ذلك ، وعلى علمائهم بالأخص أن يبلغوا الجهلة ما خفي عليهم ، ويعلموهم ويرشدوهم حتى يستقيموا على دين الله ، وحتى يعبدوا الله وحده ، وعليهم أيضاً أن يبلغوا الناس الآخرين بالطرق الممكنة والرسائل الممكنة توحيد الله كما بلغت الرسل -عليهم الصلاة والسلام-. أما الاختلاف بين أهل الأرض فله أسباب كثيرة ، والاختلاف الضار ما يتعلق بالأصول ، أما المسائل الفقهية الخلاف بين الناس فيها ، فهذا أمر واقع ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - بيّن ما ..... هذا ، وأن الواجب والاجتهاد وتحري الحق ورد ما تنازع فيه الناس إلى الله والرسول ، كما قال سبحانه : فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ [(59) سورة النساء]. وقال عليه الصلاة والسلام : (إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وان حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر). فمسائل الفروع يقع فيها خلاف ، واشتباه الأمر ، وعلى المسلمين فيها أن يعرضوها على الكتاب والسنة عند الاختلاف ، فما دل عليه الكتاب والسنة وجب الأخذ به ، والتمسك به والرجوع إليه دون ما خالفه.   
 
3- وجدتُ بعض الناس إذا أصيب أحد منهم بجن يعلق رجل ذئب على يد المصاب، فما مدى صحة ذلك، وما رأي فضيلتكم فيه؟ وفقكم الله.
تعليق رجل الذئب، أو شعر الذئب ، أو عظام الذئب ، أو غير ذلك على المريض ، أو الذي يظن أن فيه مس من الجن ، أو غير ذلك هذا لا يجوز ، بل هذا من التمائم التي نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها ، وحذر منها حيث قال عليه الصلاة والسلام : (من تعلق تميمة فلا أتم الله له ، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له، ومن تعلق تميمةً فقد أشرك). فلا يجوز تعليق التمائم سواء كانت عظاماً أو ودع أو شعر أو حلقات من حديد أو غير ذلك ، أو بأي جنس، كل هذا لا يجوز ، ولا يختص بالذئب، ذئب أو أسد أو كلب أو فهد، أو غير ذلك ، كل ذلك مما لا يجوز وكله يعتبر من التمائم التي نهى الرسول عن تعليقها ، ولكن يعالج بالقرآن الكريم ، يعالج بالقراءة ، يعالج بالأدوية الطيبة النافعة ، أما التعليق على الأطفال أو على المرضى ، تعليق التمائم من عظام ، عظام الذئب ، أو رجل الذئب ، أو يد الذئب، أو ضرس الذئب ، أو شيء من شعر الذئب ، أو الكلب ، أو الخنزير، أو الأسد ، أو غير ذلك ، كل هذا لا يجوز. وهكذا ما يفعل بعض الناس من كونه يضع آيات في قرطاسة ، أو يضع معها بعض الدعوات ، أو بعض المسامير ، أو بعض الطلاسم ، ثم يجعلها في جلد ، أو في ذلك ، فيعلقها على الطفل ، أو على المريض ، كل هذا لا يجوز. التعليق الذي يراد بها دفع المرض، أو دفع الجن، أو دفع العين ، كل هذا لا يجوز، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لما رأى على رجل حلقةً قال : (انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً). وقال : (إن الرقى والتمائم والتولة شرك). والرقى يعني ........أو التي فيها أشياء منكرة ، وهكذا التمائم كلها لا تجوز ، وهي ما تعلق على الأولاد أو على المرضى عن العين أو عن الجن ، كل هذا لا يجوز. وهكذا التولة ، وهي ........... العطف ، وهي ما يفعله بعض النساء لتحبيب الأزواج إلى نسائهم ، أو تحبيب المرأة إلى زوجها ، كل هذا لا يجوز، وهو من السحر ، هذه كلها محرمة نبّه عليها النبي - عليه الصلاة والسلام - وإنما الرقى الجائزة ، الرقى الشرعية بالقرآن ، وبالدعوات الطيبة ، وبما جاء بالأحاديث ، هذه رقى طيبة ، يرقى بها المريض ويدعى له ، ينفث عليه، ويدعى له، طيب، أما كونه يعلق عليه شيء هذا لا يجوز.  
 
4- نحن في منطقة الجنوب بعضنا يضحي ببقر، أي كل سبعة أشخاص يشترون بقرة ويضحون بها، أي كل واحد منهم يأخذ سبع هذه البقرة عنه وعن أهل بيته منذ قديم الزمان، وفي هذا العام قال بعض القضاة: إن البقرة لا يجوز أن يضحي بها؛ لأنها لا تضحي إلا عن سبعة أشخاص دون عوائلهم، فأرجو إرشادنا في هذا الأمر، هل السبع من البقرة يضحي عن الرجل وأهل بيته، أم وحده دون أهله؟ ولكم منا جزيل الشكر.
قد صحّ عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أن أمر بالاشتراك في البدنة والبقرة عن سبعة ، فإذا أجزأت عن سبعة من الناس في الضحايا والهدايا فهكذا يجوز للرجل أن يجعل السبع الذي يذبحه عن نفسه يكون عنه وعن أهل بيته ؛ لأنه الرجل وأهل بيته كالشيء الواحد ، فلا أرى بأساً في ذلك ، حتى يكون السبع عنه وعن أهل بيته فلا حرج في ذلك، بعض إخواننا من أهل العلم قد توقف في ذلك ، وظن أن هذا فيه تشريك لأكثر من واحد ، وهذا ليس بجيد، لأن الرجل وأهل بيته شيء واحد، ولهذا ذبح النبي - صلى الله عليه وسلم - الشاة عنه وعن أهل بيته والبدنة عن سبع شياه والبقرة عن سبع شياه، فكل جزء منها من السبعة يقوم مقام الشاة ، والشاة تذبح عن الرجل وأهل بيته ، فهكذا سبعها ، سبع البدنة، سبع البقرة يضحى به الرجل عنه وعن أهل بيته ولا حرج في ذلك - إن شاء الله -.  
5- أفيدكم بأني حجيت أول حج الفريضة، وعندما أتيت لرمي الجمرات في اليوم الثاني رميت في مرجم واحد في موقف واحد، وعندما انتهت الحصيات التي معي الاثنتين كررت وأخذت من الحصى الذي تحت رجل الناس في طرف المرجم، ورجمت به في المواقف الأخرى، أفيدونا جزاكم الله عنا خير الجزاء، ماذا علي، وماذا أفعل، حيث رميتها ناسيا
لا بأس إن شاء الله، تجزي إذا رمى الإنسان من الجمرات الموجودة في الطريق أو تحت أقدام الناس يجزئ إن شاء الله . أما إن أخذها من بعيد يكون أحوط وأحسن وإلا فهو مجزي ، لأن الأصل أنها لم يرم بها ، قد تكون سقطت من الناس ، قد تكون رمى بها إنسان ولم تصب. فالحاصل أنه ليس هناك جزم بأنه قد رمى بها ، بل محتملة، فهي مجزئه. ثم القول بأن ما رمي به لا يجزي قول عن اجتهاد وليس نصاً عن النبي - عليه الصلاة والسلام - ، فتوقي الذي قد رمي به هذا لا شك أنه أولى، لا يرمي به. أما شيء تحت أقدام الناس فهذا لا يقال أنه رمي به فهو مجزئ على كل حال ، والرمي به إن شاء الله قد وقع في محله. أما إذا كان في الاختيار فالأولى به أن يأخذ حجراً بعيد عن المراجم، في المواضع البعيدة عن المراجم حتى يكون أبعد عن كونه قد رمي به ، هذا هو الأحوط والأحسن. المقدم: لكن لو أخذ من تحت أرجل الناس؟ الشيخ: يجزئ - إن شاء الله- ، وليس مقطوعاً عنه لأنه قد رمي به. المقدم: كثير من طلبة العلم ينهى الناس نهيا شديدا عن ذلك؟. الشيخ: هذا لا، ليس بجيد ، ليس بجيد. لا ينبغي التشديد في هذا.   
 
6- هل الذي يذبحه الحاج في مكة يوم النحر يجزيه عن الضحية التي يقوم المسلمون بذبحها يوم العيد بقصد أنها أضحية، أم أن من أراد الحج فهل يجب عليه أن يضحي في بلده ومن ثم يحج في عام آخر؟
الضحية شيء والهدي شيء ، فإذا أهدى هدي التمتع هذا يذبح في منى أو في مكة أيام النحر ؛ لأن الرجل أو المرأة إذا أحرم بالعمرة في أشهر الحج ثم حج، أو حج بقران لبى بهما جميعاً هذا عليه هدي، يعني عليه ذبيحة من الغنم ، أو سبع من البدنة ، أو سبع من البقرة، لأن الله - سبحانه وتعالى - قال : فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [(196) سورة البقرة]. والمستيسر إما شاة من ثني المعز أو من جذع الضأن ، أو سُبع بدنة أو سُبع بقرة ، يجب عليه ذلك ، فإن عجز صام عشرة أيام ثلاثة أيام في الحج قبل يوم عرفة أفضل ، وسبعة إذا رجع إلى أهله، هذه غير مسألة الضحية ، أما الضحية التي يذبحها الناس في بلدانهم وقراهم وفي البوادي سنة أيام عيد النحر ، فيضحي الإنسان بشاة عنه وعن أهل بيته أو سبع بدنة أو سبع بقرة هذا سنة ، عن الرجل وعن أهل بيته، عن زوجته وأولاده سنة ، ولو كان حاجاً ، إذا وكّل أهل بيته يذبحون عنه أو ذبح في منى أو في مكة مع الهدي كل هذا لا بأس به. فالهدي شيء واجب ، والضحية سنة ما بلازمة الضحية ، سنة مؤكدة مع القدرة وليست واجبة فالذي يحج إذا كانت تركها لا حرج عليه، إذا اكتفى بالهدي ، هدي التمتع فلا بأس وإن ضحى بعد ذلك في بلاده ووكل عليها أهل بيته أو غيرهم فلا بأس ، وإن ضحى في منى أو في مكة فلا بأس. 
 
7- ما حكم من حج ولم يضح لنفسه خاصة، ولكنه ذبح الهدي في مكة يوم النحر، أو أيام التشريق بالأصح؟
تقدم الجواب عليه، ولا حرج في ذلك ، والضحية ما هي بلازمة ، إذا حج وأفدى بالفدي المعروف ولم يضحِ فلا بأس.  
 
8- هل من أراد أن يضحي - خاصة النساء - وذلك لأنه عندنا بعض أمهاتنا وأجدادنا الأوائل يقولون لنا: لا تقربوا الحناء إلى بعد ذبح الضحية فهل هو صحيح أم أنها خرافات؟
هذا لا أصل له ، من أراد أن يضحى لا بأس أنها تتحنى ولا بأس أنها تتطيب ، ولا بأس أنها تتروش ، متى شاءت ما هو بحرام ، لكن لا تأخذ الشعر ولا الظفر ، إذا دخل شهر ذي الحجة جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (من أراد أن يضحى ودخل شهر ذي الحجة فلا يأخذ من أظفاره ولا من بشرته شيئا). فالذي يضحى عنه وعن أهل بيته ، أو عنه وحده ، أو عن أبيه أو عن أمه ، يعني تبرعاً منه هذا إذا دخل الشهر ، شهر ذي الحجة فإنه لا يأخذ من شعره ولا من أظفاره ولا من بشرته شيئاً ، لا يقص شعراً ولا ظفراً ولا يقطع جلدةً من جلدته من بدنه حتى يضحى، إما في يوم النحر أو بعده هذا هو المشروع. لكن لا بأس أن المرآة تنقض شعرها ، ..... غسله ، لا بأس أن تتحنى لا بأس، لكن لا تشده بالمشط حتى يتقطع الشعر حتى تضحى ، ولكن غسله وفركه ونقضه كل هذا لا بأس به ، إنما الممنوع قطعه بشد أو بغيره. خاتمة المقدم للحلقة.. [ملحوظة : ذكر مقدم البرنامج في خاتمة الحلقة أنه قد عرض عدة أسئلة ومن هذه الأسئلة سؤال يتعلق بوضع البزين في للحناء، ولم يذكر السؤال ولا الإجابة عنه ..].  

472 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply