حلقة 93: حكم من ترك الرمي للأيام الثلاثة بدون عذر أو بعذر؟ - حكم من نسي ركعتي الطواف وصلاها بعد السعي - حكم من لبس ثيابه لمرضه بعد نية العمرة والحج متمتعاً - مسألة في صرف المكافأت

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

43 / 50 محاضرة

حلقة 93: حكم من ترك الرمي للأيام الثلاثة بدون عذر أو بعذر؟ - حكم من نسي ركعتي الطواف وصلاها بعد السعي - حكم من لبس ثيابه لمرضه بعد نية العمرة والحج متمتعاً - مسألة في صرف المكافأت

1- ما حكم من ترك الرمي للأيام الثلاثة بدون عذر أو بعذر؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وصفوته من خلقه ، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: أما من تركها بغير عذر فهذا عاص لربه ، وهو على خطر من عاقبة هذه المعصية، وعليه التوبة إلى الله - عز وجل- والإنابة إليه، صادقاً، بالندم على ما مضى منه، والعزيمة أن لا يعود في ذلك، وعليه دم أيضا مع التوبة دم يذبحه في مكة للفقراء؛ لأن الرمي واجب وقد تركه، فعليه أن ينحر عن هذا دماً، ويوزع بين الفقراء في مكة. والدم المراد به إذا أطلق رأس من الغنم ثني أو معز، أو جذع ضأن، أو سبع بقرة، أو سبع بدنة، هذا هو المراد بالدم. أما المعذور فهذا لا إثم عليه، وعليه أن يوكل كالمريض ونحوه ، لا حرج عليه في التأخر، ولكن يلزمه أن يوكل من يرمي عنه.  
 
2- ما حكم من نسي ركعتي الطواف وصلاها بعد السعي؟
لا حرج ركعتا الطواف سنة، فلو تركها طوافه صحيح، وحجه صحيح، وعمرته صحيحة ، لكنها سنة مؤكدة لا ينبغي تعمد تركها ، بل ينبغي أن يحافظ عليها خلف المقام إذا تيسر، أو في أي بقعة من المسجد الحرام، أو في بقعة من الحرم فعلها أجزأت، وإذا فعلها بعد السعي أجرأت أيضاً ولا حرج.  
 
3- ما حكم من مرض بعد نية العمرة والحج متمتعاً، ومرض بعد وصوله مكة ولبس ثيابه لمرضه؟
حكمه أنه لا يزال في إحرامه، ما دام أحرم بالعمرة والحج ، أو بالعمرة قاصداً بها التمتع إلى الحج، ثم مرض بعد دخوله مكة، حكمه أنه لا يزال في إحرامه، وعليه إذا شفاه الله أن يطوف ويسعى، وعليه أن يزيل ملابس المخيط، ويبقى في الإزار والرداء إلا إذا قال الطبيب : إنه يحتاج إلى تدفئة ، ويغطي رأسه ، ويلبس لباساً يعني مخطياً فلا بأس وعليه الفدية ، وهي إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة ، أو صيام ثلاثة أيام كما تقدم عن اللبس، وهكذا عن تغطية الرأس إذا غطاه للحاجة للمرض هكذا كله إذا كان لم يستثن، أما إذا كان استثنى، فقال: فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، فإنه يحل ولا شيء عليه، إذا أصابه مرض يمنعه من أداء النسك فإنه يتحلل ولا شيء عليه لأنه اشترط، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال لضباعة بنت الزبير، (بنت عم الزبير بن عبد المطلب) لما دخل عليها وهي شاكية، وقالت: يا رسول الله إني أريد الحج قال: حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني. قال العلماء معناه أنها إذا اشترطت المرآة أو اشترط الرجل في إحرامه أن محله حيث يحبس، أو لئن حبسني حابس فمحلي حيث حسبتني، أو قال: فإن حبسني حابس فأنا حلال، أو قالت: هي حلال ، أو ما أشبه ذلك من العبارات، فإنه إذا حبسه حابس من مرض أو ضياع نفقة، أو ما أشبه ذلك مما يمنعه من الحج فإنه يحل.  
 
4- ما هو الراجح لأهل مكة بالنسبة للصلاة في عرفة ومزدلفة ومنى؟
النبي - صلى الله عليه وسلم- صلَّى بالناس في عرفات وفي مزدلفة وفي منى قصراً ركعتين، ركعتين، الظهر والعصر والعشاء، ومعه أهل مكة وغيرهم، ولم يأمرهم بالإتمام ، فدل ذلك على أن أهل مكة مع الناس سواء سمينا الخروج إلى منى وعرفات سفراً أو لم نسمه سفراً، سواء سمينا سفراً أم لم نسمه سفراً. فإنهم يقصرون مع الحجيج وهكذا جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - في عرفات، وفي مزدلفة بين الظهر والعصر في عرفة، والمغرب والعشاء في مزدلفة، والناس معه، ولم يقل يا أهل مكة أتموا، ولم يقل لهم لا تجمعوا، فدل ذلك على أنه لا حرج عليهم في الجمع والقصر، وهذا هو المختار، وهو الأرجح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة.  
 
5- ما حكم من حلف يميناً وهو مصلح بين طرفين ونكث فيها؟
هذا مجمل لكن يفسر حسب ما تحتمله العبارة إذا قال: والله لا أفعلنَّ كذا ، لا أزاورنَّكم، أو والله لأعيننكم على كذا وكذا، أو والله إن فلانا ما فعل كذا، وما فعل كذا في طريق الإصلاح، فهو في حلفه بقصد الإصلاح حلف لا يضر أحدا، لا حرج عليه في ذلك، والله إن فلاناً قال فيك كذا، والله إن الجماعة فلان أثنو عليك ، ويشكرونك ، ويقول إنه صاحبنا، وكذا، ليصلح بينهم، أو قال : والله لأزورنكم وأساعدنكم على مهمة إذا صلحتم وتركتم هذا الشقاق فإنه عليه أن يوفي لهم بهذا الشيء؛ لأن الوعد له شأن، ومن خصال المؤمن الوفاء بالوعد، قال الله في حق إسماعيل: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا [(54) سورة مريم]. ولا ينبغي له أن يخل بالوعد؛ لأن الإخلال بالوعد من صفات أهل النفاق، المنافق إذا وعد أخلف، وعليه كفارة يمين إذا أخل بذلك مع كونه اتصف بصفات أهل النفاق في الإخلال بالوعد، عليه أيضاً كفارة اليمين، إذا قال: والله لأزورنكم في يوم كذا، أو والله لأساعدنكم ولم يفعل، فعليه كفارة اليمين، وعليه معرة خلاف الوعد، وقد يأثم عند من قال بوجوب الوفاء، وهو ظاهر الأدلة ، وقد لا يأثم ولكنه وقع في خصلة من خصال أهل النفاق ينبغي أن لا يقع فيها، وظاهر الأدلة الشرعية أن الوفاء بالوعد أمر واجب ، وأن الإخلال به محرم، ومن صفات أهل النفاق، فلا يليق بالمصلح، والموجه أن يخلف في الوعد؛ لأن هذا مخل بالإصلاحات المستقبلة، فلا ينبغي له أبدا أن يخلف الوعد ، بل ينبغي له أن يفي في الوعد، ويحرص في ذلك ، وهكذا الأيمان الأخرى ما كان منها كذباً للإصلاح ولا يترتب عليها مضرة أحد فلا حرج عليه إذا كان للإصلاح ؛ كما في الحديث الصحيح من حديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط قالت: سمعت رسول الله - عليه الصلاة والسلام- يقول: (ليس الكذاب من يصلح بين الناس، فيقول خيراً وينمي خيراً. قالت: ولم أسمعه يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث: في الإصلاح بين الناس، وفي الحرب، وفي حديث الرجل امرأته والمرآة لزوجها. فالإصلاح يباح فيه الكذب الذي لا يضر الناس، ولكنه ينفع الجماعة أن يصلح بينهم، ولا يضر غيرهم.  
 
6- لقد تفضل الملك حفظه الله بمكرمة زيادة راتب على راتب شهر رمضان، ولكن الأوقاف كانت تسأل أئمة المساجد هل أنت موظف أم لا، فمن كان موظفاً لا تصرف له المكرمة، بحجة تكرار المكرمة، مع أن الأعمال مختلفة، فإذا قال لهم فراش لست موظفاً وهو يشتغل في العسس أو خلافه، فما حكم ما أخذه هل يرجعه أم لا؟
هذا إلى الجهات المسؤولة، كل موظف يرجع إلى الجهة المسؤولة.  
 
7- العمال والمتعاقدون الذين وفدوا إلى مكة للإقامة لمدة سنة أو أكثر، وبعضهم أحضر معه عائلته، فهل يعتبرون من أهل مكة في موضع الهدي، وقد تكون العمرة التي أتوا بها في أشهر الحج، أحرموا لها من التنعيم، فهل يلزمهم هدي أم لا؟
هذا محل نظر؛ لأنهم غير مستوطنين ، ولأنهم غير وافدين في وقت الحج، فهم بين هؤلاء وبين هؤلاء ، والله – سبحانه - لما ذكر المتعة والهدي فيها قال: ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [(196) سورة البقرة]. ولهذا اختلف أهل العلم في هذا هل يعتبر مثل هذا من حاضري المسجد الحرام؛ لأنه مقيم قبل العمرة، وقبل الحج. أما يعتبر أفقياً لأنه ليس بمستوطن، وإنما أقام لحاجة وسوف يرجع إلى بلاده، هذا موضع نظر واحتمال. والأحوط عندي والأقرب عندي أن مثله ليس بحاضري المسجد الحرام في الحقيقة؛ لأنه إنما جلس لعارض وأقام لعارض من تليس أو طلب أو عمل آخر ثم يرجع إلى بلاده، فالأحوط له الهدي، وأن يعامل نفسه معاملة الوافدين للحج، هذا هو الأحوط، والقول بأنه من حاضري المسجد الحرام، وأنه يلحق بهم قول قوي، لا يدفع، قول قوي جداً، ولكن الأحوط في مثل هذا والأقرب في مثل هذا أنه يفدي، وأن جانب كونه أفقيا أقرب من جانب كونه من حاضري المسجد الحرام.
 
8- هل يجوز أن يجمع شخص بين امرأة وبنت ولد أخيها؟
ثبت في الصحيحين عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أنه نهى أن يجمع الرجل بين المرآة وعمتها وبين المرآة وخالتها. وبين أهل العلم أن العمة تكون قريبة وتكون بعيدة، والخالة كذلك، فليس للرجل أن يجمع بين المرآة وبنت أخيها التي هي عمتها ، ولا بنت ابن أخيها التي هي عمة أبيها مثل هذا السؤال، فإن عمة الرجل عمة لأولاده وإن نزلوا، وهكذا خالته، خالة لأولاده وإن نزلوا، فليس له أن يجمع بين امرأة وبنت أخيها ولا بنت بنت أخيها، ولا بنت ابن أخيها، ولا بنت ابن ابن أخيها، وهكذا.. لأنها عمة الجميع، وهكذا ليس له أن يجمع بين المرآة ولا بنت أختها، ولا بنت بنت أختها، ولا بنت ابن أختها؛ لأنها خالة الجميع، وإن نزلوا.  
 
9- عند الإمام مالك القنوت في صلاة الصبح في الركعة الثانية، وعند الإمام أحمد بن حنبل القنوت في صلاة العشاء في الوتر، فما دليل كل واحد منهم؟
القنوت مشروع في الليل، ليس في العشاء، بل بعد العشاء إلى آخر الليل هذا مشروع عند الجميع، القنوت في الليل مشروع عند جميع أهل العلم، سنة الوتر من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر ، ويشرع فيه القنوت لحديث الحسن بن علي قال: علمني رسول الله كلمات أقولهن في قنوت الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت.. الحديث.. هذا مشروع الوتر عند الجميع، أما القنوت فلست أدري الآن هل هو محل إجماع أو محل خلاف، لكنه سنة بلا شك ، وإن لم يكن فيه إجماع ، وهو سنة لحديث الحسن في قنوت الوتر في الليل. أما القنوت الذي يفعله بعض أهل العلم في الصباح كالشافعية والمالكية فهو على الصحيح غير مشروع إلا في النوازل، إذا حدث نازلة بالمسلمين مثل عدو أحاط البلد، أو ببلدان المسلمين يقنتوا في الفجر وغير الفجر، للدعاء عليه، أما القنوت الدائم في الفجر فهذا غير مشروع على الصحيح، وقد احتج من قال بشرعيته بحديث جاء عن أنس - رضي الله عنه أنه قال: ما زال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا. لكنه حديث ضعيف، وجاءت الأحاديث تفسره بأنه لم يزل يقنت يعني في النوازل خاصة ، وأما من قال بأنه لا يشرع في الصبح فحجته أظهر ، وهو ما رواه أحمد وأبو داود والنسائي وغيره عن سالم عن أبيه قلت لطارق بن أشيم يا أبتاه إنك صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي هل كانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني محدث. فهذا الحديث يدل على أنه محدث، وأنه لا ينبغي في الصبح إلا في النوازل، أما كونه يفعل دائما فالصواب أنه محدث ولا يشرع، والذين قالوا بشرعيته لعله خفي عليهم هذا الحديث، ما بلغهم هذا الحديث حديث سعيد بن طارق، ولو بلغهم لقالوا به، لكن لعله لم يبلغهم أو بلغهم وتأولوه على غير ظاهره. فالحاصل أن الصواب والأرجح أن القنوت يكون في الوتر في الليل ، وفي النوازل في الفجر وغيرها في النوازل، أما الاستمرار على القنوت في صلاة الفجر دائماً فهذا الصواب تركه، وأنه ليس بمشروع لحديث طارق بن أشيم هذا الذي سمعت، والعبادات توقيفية لا يجوز منها إلا ما قام عليه الدليل، ولكن لو صلَّى الإنسان خلف واحد من هؤلاء فلا بأس يتابعه في ذلك؛ لأنه له شبهة في هذا الشيء فلا حرج إذا صلَّى مع واحد يقنت في الفجر وتابعه لا حرج في ذلك، لكن ينصح من يفعل ذلك ينصح بأن الأفضل والأولى والأرجح ترك ذلك؛ لأن طارقاً ذكر أن هذا محدث، وأنه ليس من عادة النبي - صلى الله عليه وسلم- ولا من عادة خلفائه الراشدين ، ومن كان كذلك، فالواجب تركه إلا إذا وجد سبب لذلك من جنس ما تقدم ، من جنس النوازل.    

399 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply