حلقة 89: مسألة التورق - مداد العلماء ودماء الشهداء - كتاب في فصول الدين والأدب - شرح حديث خمس من الفطرة - ما يجب على الكافر إذا أسلم - حكم الفطر مدة الإقامة في مكة بعد العمرة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

39 / 50 محاضرة

حلقة 89: مسألة التورق - مداد العلماء ودماء الشهداء - كتاب في فصول الدين والأدب - شرح حديث خمس من الفطرة - ما يجب على الكافر إذا أسلم - حكم الفطر مدة الإقامة في مكة بعد العمرة

1- نقص علي فلوس حوالي عشرون ألف ريال، ولم أجد سلف، ورحت لواحد يعطي الدينة، يبيع علي عدد صناديق أقمشة ويقول: إنني بعدما اشتريت منه الصناديق قال: ضع يدك عليها، ووضعت يدي عليها، قال: هل عددتها؟ قلت: نعم، فقال صاحب الدكان، أو الذي باعها علي: هل تريد أن تبيعها في السوق، أو تبيعها على صحاب الدكان؟ قال صاحب الدكان بنازل من رأس المال مائتين ريال، وعد لي صاحب الدكان المبلغ تسعة عشر ألف وثمان مائة ريال، وقال لي المدين: العشرين ألف تصبح عليك بمبلغ وقدره اثنان وعشرون ألفا، كل شهر يبلغ كذا وكذا التسديد، يقول: نريد أن نعرف صحة هذا البيع وهذا الشراء وفقكم الله، وهل هو من الربا؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعـد : فهذه المسألة يسميها الفقهاء مسألة التورق ، وهي مشهورة عند العامة بالوعلة ، وهي ما إذا احتاج الإنسان إلى نقود لزواج ، أو لتعمير بيت ، أو لقضاء دين ، أو لأشباه ذلك ، ولم يجد من يقرضه ، فإنه يحتاج إلى أن يشتري سلعاً إلى أجل ثم يبيعها على الناس بنقد حتى يستفيد من النقد ، وهذا العقد فيه خلاف بين أهل العلم ، من أهل العلم من قال أنه لا يجوز لأنه دراهم بدراهم ، ولأن المقصود دراهم بدراهم يروى هذا عن عمر بن عبدالعزيز وجماعة. والقول الثاني أنه لا بأس به وأنه لا حرج فيه وهو من المداينة الشرعية التي قال الله - سبحانه- فيها : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [(282) سورة البقرة]. وهذا هو الصواب ، وهو داخل في قوله : وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ [(275) سورة البقرة]. فالصواب أن هذه المعاملة ، وهي معاملة التورق التي تسمى الوعذة صحيحة بالجملة ، لكن بشروط ، منها أن يكون البائع قد ملك السلعة ، .......... عند الناس ما يبيع إلا شيء قد ملكه وحاله في بيته وفي دكانه أو في السوق ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (لا تبع ما ليس عندك) وقال : (....... البيع ، ولا بيع ما ليس عندك). فليس له أن يبيع ما عند الناس كونه .... المشتري يعطيه للتجار ، لا ، بل يشتريه أول ، يحوزه ، فإذا حازه في بيته أو في السوق أو في دكانه بعد ذلك يبيع ، ثم المشتري الذي شراه لا يبيع على صاحب الدكان ولا غيره حتى يحوزه أيضاً ، حتى ينقله إلى السوق أو إلى بيته ، أو إلى دكانه ثم يبيع ، وبهذا يعلم أن هذه الصورة التي سأل عنها السائل غير صحيحة، وضع اليد على الصناديق ما يكفي ولا عده ما يكفي على الصحيح المعروف عند أهل العلم ، مجرد العد لا يكفي لابد من قبض لابد من استيفاء المبيع ، ولهذا ثبت عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - أنه قال : (لا تبع ما ليس عندك). (لا يحل سلف وبيع ، ولا بيع ما ليس عندك). ونهى عليه الصلاة والسلام أن تبتاع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، فالتاجر ممنوع أن يبيع ما ليس عنده ، وهكذا غيره من الناس حتى يحوزها إلى رحله ، قال ابن عمر: كنّا نشتري الطعام بزاداً على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وكنّا نضرب إذا دنا في محلنا حتى ننقله إلى رحالنا . وفي لفظ : من أعلى السوق إلى أسفله ومن أسفله إلى أعلاه. والخلاصة أن هذا البيع الذي سأل عنه السائل لا يصح ؛ لأنه باع ما لم يقبض، باعه البائع شيء لم يقبضه، ثم هو باع على ........ ما لم يقبض فلا يصح ، لا يصح هذا البيع ، وليس للبائع إلا الدراهم التي سلمها له صاحب الدكان ؛ لأنها هي للبائع ، هي ثمن المثل ، فيعطيه ثمن المثل ، أو يرد عليه جنس ما شرى من السعلة التي شراها منه ، يعني شرى منه سلعةً معروفة ولم يقبضها القبض الشرعي فباعها قبل ذلك فليس له بيعها ، بيعها غير صحيح، وحينئذٍ فهي باقية في عصمته عليه أن يقبضها ويردها، يبيعها، يتصرف فيها حيث شاء ، والشخص الذي أعطاه الدراهم يرد عليه الدراهم فقط ، دراهمه، الذي أعطاه الدراهم يرد عليه بنفسها ، لأنه باعه شيء لم يقبضه ، والشخص المشتري للصناديق وأشباهه كالسكر وكالخام وأشبه ذلك هذا تبقى السلعة على حسابه فيرد قيمتها ذلك الوقت أو يردها إن كانت موجودة بعينها على بائعها. والحاصل أن البيع الأخير غير صحيح ؛ لأنه باع .....، والبيع الأول غير صحيح إذا كان باعه شيء لم يقبضه ، أما إن كان قد قبضه ونقله إلى دكانه أو السوق فيصح، لكن هذا الرجل ما قبض ، لا الأول ولا الآخر ، كلاهما ما قبض ، فقد باع شيئاً لم يقبضه فلا يصح، والبيع غير صحيح ، وليس للبائع إلا الدراهم التي سلمها المشتري الأخير، سلمها البائع الأخير،.... للمشتري الأخير لأنه اشتراها منه بنقد فله .......... الدراهم التي سلمها لصاحب الوعدة الذي هو صاحب التورق المحتاج ، فإذا كان مثلاً شراها من الأول مثلاً بألفين ثم باعها على صاحب الدكان بألف وستمائة فالذي يلزمه هو الألف والستمائة ؛ لأن ....... الألف والستمائة هي التي قبضها فيردها فقط، يردها على الذي باع عليه السلعة ............ صح..  
 
2- هل هذا الحديث صحيح: قال صلى الله عليه وسلم: (يوزن مداد العلماء ودماء الشهداء يوم القيامة فلا يثقل أحدهما على الآخر). وذكر الحديث طويل حوالي ستة أسطر أو سبعة أسطر؟
لا نعلم له صحة الحديث هذا ، ليس له صحة ، والظاهر أنه من الموضوعات، مما وضعه الكذابون ، ليس له أصل ، وإنما العلماء اختلفوا في هذا ، بعضهم من أهل العلم فضل مداد العلماء على دماء الشهداء ، وبعضهم بالعكس ، وكلاهما فيه فضل ، فإن مداد العلماء الذي كتبوا به العلم ونفعوا به الناس لهم شأن، ودماء الشهداء التي سفكت في سبيل الله لها شأن، وأما الحديث ليس بحديث.  
 
3- ما رأيكم في كتاب: (في فصول الدين والأدب) من تأليف إبراهيم السليمان الطامي؟
لم أطلع عليه ولا أعلم عنه شيئا.  
 
4- يقول صلى الله عليه وسلم: (خمس من الفطرة، الاستحداد، والختان وقص الشارب، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر). ما صحة هذا الحديث؟ ونرجو شرحه لنا؟
هذا الحديث صحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (خمس من الفطرة : الختان، والاستحداد، وقص الشارب ، وتقليم الأظافر، ونتف الآباط). هذه من شؤون الفطرة ، ومن السنن المتأكدة ، فينبغي لكل مسلم ولكل مسلمة أن يتعاهد ذلك. الختان سنة في حق الجميع في حق الرجال والنساء ، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى وجوبه ، ولاسيما في حق الرجال ، وهو المعروف من مذهب أحمد - رحمه الله - أنه واجب الختان. وقال جمع أهل من العلم أنه سنة مؤكدة في حق الجميع ، فينبغي أن يتعاهد ، وأن لا يترك ، وإذا كان في حال الصغر كان أولى ؛ لأنه أسلم للطفل ، وأقل تعباً وألماً ، وأسرع في البرؤ. أما الاستحداد وقص الشارب وقلم الظفر ونتف الإبط ، هذه سنن مؤكدة في حق الجميع ، حق الرجال والنساء ، إلا أن الشارب يتعلق يختص بالرجال ، لكن قلم الظفر ، نتف الإبط ، حلق العانة ، هذا في حق الجميع ، في حق الرجال والنساء جميعاً سنة ، ولا ينبغي أن يترك أكثر من أربعين ليلة لما ثبت في صحيح مسلم عن أنس - رضي الله عنه - قال : وقّت لنا في قص الشارب وقلم الظفر ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك ذلك أكثر من أربعين ليلة. ومعنى : (وقّت لنا) يعني وقت الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما رواه أحمد وغيره. فالحاصل أنه لا ينبغي أن تؤخر هذه الأمور أكثر من أربعين ليلة ، بل ينبغي للمؤمن أن يتعاهدها في أقل من أربعين ليلة، ، قص شاربه، قلم الظفر ، نتف الإبط ، حلق العانة، ينبغي التعاهد في هذه الأشياء ، وأن لا تترك أكثر من أربعين ليلة. وما يعتاده بعض الناس الآن من تطويل الأظافر من بعض النساء هذا غلط ، هذا لا يجوز تطويلها، هذا فيه تشبه بالبهائم وإن كان يفعله بعض الكفرة فهو تشبه بالكفرة ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التشبه بأعداء الله وعن التشبه بالبهائم. فالحاصل أن تطويل الأظافر أمر لا يجوز أكثر من أربعين ليلة ، فالواجب على المرأة والرجل جميعاً أن يتعاهد الأظفار قبل أربعين ليلة بقصها ، قلمها. هكذا الإبط ينتف فإن لم يتيسر نتفه وشق عليه نتفه أزاله بغير ذلك بالنورة ، أو بالأدوية التي تزيله ؛ لأن المقصود إزالته. وكذلك العانة تحلق بالموسى ، فإن لم يتيسر حلقها بالموسى أزالها بما يتيسر من الأدوية ، وحلقها بالموسى أفضل إذا تيسر وهو الاستحداد ، فإن كان ذلك يشق أو لم يتيسر للرجل أو للمرآة فإنها تزال بالأدوية المعروفة التي يعتادها الناس. وقص الشارب يقص بالمقراض ويتعاهد حتى لا يطول ، لأن النبي - عليه الصلاة والسلام - قال : (قصوا الشوارب ، واعفوا اللحى). وقال: (احفوا الشوارب) فالسنة إحفاؤها وقصها . وأما اللحاء فلا، اللحاء يجب إكرامها ، وإعفاؤها وتوفيرها وإرخاؤها ، كما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن المصائب اليوم ومن الأسف المحزن أن كثيراً من الناس صار يعاديها ويقصها ويحلقها ، وهذا منكر ظاهر ، لا يجوز لمسلم أن يتعاطاه، فالواجب إعفاؤها وإرخاؤها وتوفيرها ؛ لأنها جمال المؤمن وزينة وفارق بينه وبين الكافر والمرآة ، فكيف يليق به أن يتشبه بالنساء أو بالحالقين من الكفرة، بل يجب عليه أن يوفرها ويعفيها طاعةً للنبي - عليه الصلاة والسلام - وامتثال لأمره عليه الصلاة والسلام حيث قال : (قصوا الشوارب واعفوا اللحى). جزوا الشوارب ، واعفوا اللحى ، خالفوا المجوس) . هكذا قال عليه الصلاة والسلام.   
 
5- إذا أسلم الكافر هل يلزم تغيير اسمه، وإذا كان رجل كبير ولم يطهر وهو صغير لأنه كان كافرا ماذا يفعل به إذا تكرمتم؟
إذا كان اسمه ليس بحسن شرع له تغيير اسمه بعد الإسلام، ولأن تغييره أيضاً يعطي انطباعاً واضحاً وظاهراً عن انتقاله للإسلام ، وأنه قد انتقل إلى الإسلام ؛ لأنه يسأل عن أسباب التغيير ، فيعرف الناس أنه أسلم. وأيضاً في الغالب أن أسماء .... الكفر أن لا تكون مناسبة ، فيغير بأسماء إسلامية ؛ كصالح وأحمد وعبدالله وعبدالرحمن ومحمد ونحو ذلك. وأما إن كان اسمه معبداً لغير الله كعبد المسيح أو عبد الزهرة أو عبد موسى أو عبد عيسى هذا يجب تغييره ، لأنه لا يعبد إلا لله - سبحانه وتعالى -، فإذا كان اسمه معبداً لغير الله وجب أن يغير بعبد الله أو بعبد الرحمن ونحو ذلك ، أما إذا كان ما عبد لغير الله ، ولكن أسماء معروفة عند الكفرة ومن عادة الكفرة فالأولى تغييرها والأفضل تغييرها إلى أسماءٍ إسلامية. وأما الختان فالأفضل أن يختتن ولو كبيرا، لكن بواسطة الطبيب الحاذق العارف ينبغي له أن يختتن ، وجمع من أهل العلم يقول يجب عليه أن يختتن ، بعض أهل العلم يرى أنه يجب عليه أن يختتن إذا كان ما فيه خطر ، أما إن قال الطبيب إنه فيه خطر فلا لزوم، يسقط ، لكن إذا قال الطبيب أن ختانه أنه لا بأس به ، وأنه لا حرج فيه ، ولا خطر فيه فإنه يختتن ، هذا هو الذي ينبغي له. وهو سنة مؤكدة أو واجب عند جمعٍ من أهل العلم ، وإذا يتيسر له الختان وهو كبير من غير خطر هذا هو الأولى والأفضل والأحوط ، أما إن كان فيه مشقة، أو قال بعض الأطباء أنه في خطر فلا ، فلا حاجة إلى ذلك ويسقط. وإن كان ختنه قد يكون سبباً لتنفيره من الإسلام فلا يذكر ولا يبين له ذلك، يترك لأن دخوله في الإسلام نعمة عظيمة ولو لم يختتن ، فلا ينبغي أن يعرض له بشيء ينفره من الإسلام ، لكن إذا دخل في الإسلام واستقر في الإسلام ينظر إليه بعد ذلك إن تيسر له إختانه من دون مشقة، ومن دون خطر ، هذا أولى وأحوط، وإن لم يتيسر ترك.   
 
6- إذا اعتمرت العائلة في شهر رمضان، هل يجوز لهم أن يفطروا خلال مكثهم في مكة المكرمة، أو أنهم يمسكون عن الأكل بمجرد وصولهم إلى مكة؟
المعتمر في رمضان هو مسافر ، إذا جاء من بلادٍ بعيدة ، من نجد أو من غيره هو مسافر ، فله أن يفطر في الطريق، إذا سافر من الرياض من القصيم من حائل من المدينة من غير ذلك سفر ، فله أن يفطر في الطريق وفي مكة إلا إذا كان قد عزم على الإقامة أكثر من أربعة أيام فإنه إذا وصل مكة فالأحوط له أن يصوم، والأولى أن يصوم ؛ لأن جمع من أهل العلم يرون أنه إذا عزم عزماً صادقاً ، عزماً جازماً على أكثر من أربعة أيام فإنه يتم الصلاة ولا يفطر ، أما إذا كان عزمه يومين ثلاث أربع ما يزيد عليها فله أن يفطر وله أن يصوم ، وله أن يقصر يصلي ثنتين، وله أن يصلي مع الناس أربعاً، وليس له أن .......بنفسه يصلي ثنتين إذا كان فرداً ، لابد أن يصلي مع الجماعة ، ثم إذا كان معه ناس فهو مخير ، إن شاء صلّى اثنتين هو وإياه ، وإن شاءوا صلوا أربعاً مع الناس في الجماعة ، فإن كانت الإقامة أكثر من أربعة أيام فينبغي لهم الصوم ، وإتمام الصلاة عند جمهور من أهل العلم. انتهت الحلقة.. خاتمة مقدم البرنامج..   

647 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply