حلقة 85: صلاة المسافر خلف المقيم - دفن الموتى في صندوق - الأذان والإقامة في حق المرأة - إجابة دعوة من لا يصلي - حكم من غسل ميتاً - حكم من قال وجه الله عليك أو جاه الله عليك - إخراج زكاة الفطر نقودا

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

35 / 50 محاضرة

حلقة 85: صلاة المسافر خلف المقيم - دفن الموتى في صندوق - الأذان والإقامة في حق المرأة - إجابة دعوة من لا يصلي - حكم من غسل ميتاً - حكم من قال وجه الله عليك أو جاه الله عليك - إخراج زكاة الفطر نقودا

1- صليت العصر مع الإمام في مدينة الرياض وأنا مسافر، فأدركت معه ركعة فقط، ثم صليت واحدة وسلمت لأني أقصر، فلما سلمت سألني بعض الإخوان: لماذا صليت ثنتين وسلمت؟ فقلت له: لأنني مسافر وقد صليت الظهر لوحدي ركعتين وأدركت مع الإمام ركعة فصليت الثانية وسلمت، فقال لي: لا يجوز؛ لأنك إذا ما أدركت الإمام مع الجماعة فدخلت في الجماعة فلا يجوز لك القصر، ويجب عليك أن تتابع الجماعة متى وجدتها، وقد امتثلت لفتواه في هذه الفتوى، لكن ما الذي أصنعه في الأمور السابقة، لهذه الفتوى إن كانت صحيحة؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعـد: ج/ نعم هذه الفتوى صحيحة، المسافر إذا صلى وحده صلى ثنتين، أو صلى مع جماعة من المسافرين صلى معهم ثنتين، أما إذا صلى مع المقيم مع الإمام المقيم الذي يصلي أربعا، فإنه يصلي معه أربعا ولا يقصر، وإذا أدركه في الصلاة أدرك معه ركعة في صلاة الظهر أو العصر أو العشاء فإنه يأتي بثلاث حتى يكمل أربعاً وإذا أدركه في ركعة المغرب أتى بثنتين حتى يكمل المغرب ثلاثا، وإذا أدركه في ركعة في الجمعة أو الفجر أتى بالركعة الثانية حتى يكملها، وهذا قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن المسافر يصلي مع الإمام؟ قال: (يصلي أربعاً، فإذا صلى مع المسافرين صلى ثنتين)، فقال له السائل في ذلك، فقال: (هكذا السنة)، والسائل قال له: ما بالنا إذا صلينا مع الإمام صلينا أربعاً، وإذا صلينا لحالنا صلينا ثنتين؟! فقال ابن عباس: (هكذا السنة). خرَّجه مسلم في صحيحه، وأخرجه الإمام أحمد رحمه الله بسند جيد، وهذا هو الصواب أن المسافر لا يقصر إلا إذا كان وحده أو مع مسافرين، أما إذا صلى مع المقيمين الذين يصلون أربعاً فإنه يصلي معهم أربعاً، سواء كان من أولها أو في أثنائها، إذا جاء في أثنائها ثم سلم إمامه كمل الأربع، هذا هو الواجب. أما الصلوات التي صليتها سابقاً، صليتها ثنتين وأنت مع الإمام فإن كانت قليلة فالأحوط أن تقضيها، أما إن كان لها دهر طويل فلعله يعفى عنك إن شاء الله؛ لأجل أنك صليت بجهل، والنبي صلى الله عليه وسلم لما رأى المسيئ في صلاته أمره أن يعيد الصلاة الحاضرة، ولم يأمره بقضاء الصلاة الفائتة، من أجل الجهل، فأنت كذلك إذا كانت صلوات قليلة وأعدتها حسن، وإلا فلا شيء عليك، لأن المطلوب أن تفعل ما بلغك من العلم الشرعي، فلما بلغك العلم الشرعي والتزمت فالحمد لله، والماضي نرجوا أن يعفو الله عنك سبحانه وتعالى، والأقرب والله أعلم أنه ليس عليك شيء فيما مضى؛ لأنك فعلته ظناً منك أنك على الصواب والحق ومعك شبهة ما هو المعروف في حق المسافرين من الصلاة ثنتين، فأنت لك شبهة والله يعفو عن الجميع، وليس عليك قضاء ما فات إن شاء الله، ولكن في المستقبل إذا وافقت الأئمة المقيمين تصلي معهم أربعاً، وإذا فاتك شيء فإنك تكمل أربعاً. المقدم: طيب بالنسبة للمسافر إذا وصل إلى المدينة، وأراد أن يصلي لوحده قصراً، هل يجوز له ذلك؟ علماً أنه يسمع الأذان، وقريب من المسجد، ويدرك الجماعة. الشيخ: لا يجوز له إذا كان وحده لا يجوز له، بل يصلي مع الناس، لأن الجماعة واجبة، أما إذا كانوا عدد، ثنتين فأكثر فهم مخيرون، إن شاؤوا صلوا وحدهم قصراً، وإن شاؤوا صلوا مع الأئمة في المساجد وأتموا أربعاً.  
 
2- هل أن الصندوق لوضع الموتى حرام على النساء أو الرجال؟
المشروع للموتى أن يدفنوا في التراب ولا يجعلوا في صناديق، الصندوق ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا فعله أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، هذا خلاف السنة، فلا ينبغي فعله؛ لأنه خلاف سنة نبينا -صلى الله عليه وسلم-، وخلاف ما فعله أصحابه وأهل العلم بعدهم، فالسنة أنه يكفن في ثلاثة أثواب بيض الرجل، هذا هو الأفضل، وإن كفن في غيرها بسوداء أو خضراء أو زرقاء جاز، وإن كفن في ثوب واحد حتى ستره جميعه فلا بأس، لكن لا يوضع في صندوق، بل يوضع على التراب، يوضع في اللحد على التراب، ويوضع عليه اللَّبِن الذي يسد اللحد، ثم يهال عليه التراب، كما فعله نبينا صلى الله عليه وسلم، وفعله المسلمون، أما وضع الموتى في التوابيت في الصناديق هذا لا أصل له، ولا ينبغي فعله.  
 
3- هل يلزم المرأة أذان أو إقامة عند الصلاة؟
أما الرجل فعليه أن يؤذن ويقيم ولو كان وحده إذا كان في السفر فيشرع له أن يؤذن ويقيم ولو كان واحداً، وهو فرض كفاية على الجماعة إذا قام به واحد منهم سقط عن الباقين، إذا أذن واحد وأقام كفى، أما الواحد فاختلف في وجوبه عليه، والذي ينبغي أن يفعل ذلك، ولو أنه واحد يؤذن ويقيم، أما المرأة فلا يشرع لها ذلك، المرأة لا يشرع لها أذان ولا إقامة؛ لأن هذا من شأن الرجال للدعوة إلى حضور الجماعة والعلم بالأوقات والمرأة تصلي في بيتها وليست بحاجة إلى هذا الشيء. فالمقصود أن المرأة ليس عليها إقامة ولا أذان ولا يشرع لها ذلك، بل تبدأ صلاتها بالتكبير: الله أكبر، تستفتح وتصلي كما يصلي الرجال، لكنها لا يشرع لها أذان ولا إقامة لعدم الدليل على ذلك. المقدم: طيب لو نسي الرجل الأذان أو الإقامة؟ الشيخ: لو تركه ناسياً ما يضر، حتى لو تركه عمداً صلاته صحيحة، لكنه يأثم إذا تركه في الجماعة، المؤذن، إذا كان فيه ثلاثة ولم يؤذنوا في السفر أو في القرية التي ما فيها إلا هم، في مسجدهم ولم يؤذنوا يأثمون، وهكذا إذا لم يقيموا لكن الصلاة الصحيحة، لأن هذا واجب خارج الصلاة لا يبطلها، ليس في داخلها، بل هو خارج منها، فإذا ترك المسلم الأذان وترك الإقامة فصلاته صحيحة، لكنه قد يأثم إذا كان في جماعة تركوا الأذان يأثمون جميعاً، أما إذا كان واحداً ففي تأثيمه نظر، الذي في السفر وحده لحاله، كونه يؤذن ويقيم هذا هو السنة، لكن لو ترك ذلك هل يأثم أو لا يأثم؟ محل نظر. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لمالك بن الحويرث وصاحبه: (إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما)، وفي لفظٍ: (فليؤذن أحدكما)، فالحاصل أن الأذان مطلوب من الجميع حتى من الاثنين، والواحد كذلك مطلوب منه الأذان لأنه شريعة معروفة للصلاة، ومعروفة في حق الرجال، فلا ينبغي تركه حتى للواحد في السفر، أو في القرية لو كان ما فيها إلا هو يستحب له أن يؤذن ويقيم، أما إذا كانوا اثنين فأكثر وجب الأذان والإقامة، يؤذن واحد منهما ويقيم أحدهما، المؤذن أو غيره.  
 
4- عند قدوم الطالب أو الموظف المبتعث من البعثة إلى أهله تكون هناك وجبات متتابعة من الأقارب، وقد يكون هذا المبتعث لا يصلي أو يصلي، هل يجوز عمل الوجبات له، وهل نحضر هذه الوجبات إذا دعينا إليها؟ وضحوا لنا بالتفصيل وفقكم الله، مع العلم أن والد ذلك المبتعث لا يصلي، هل نأثم إذا حضرنا أم لا؟
هذه المسألة مهمة، هذه المسألة مهمة وعظيمة، إذا كان الوافد يصلي فلا بأس بدعوته وإقامة وجبات له فرحاً بقدومه، فرحاً بسلامته، لا بأس، أما إذا كان لا يصلي فلا يجوز أن تجاب دعوته، ولا دعوة من احترمه وعظمه بإقامة الوليمة له؛ لأن من لا يصلي كافر، فهو يجب أن يهجر ويجب أن يعادى في الله بعد أن ينصح ويوجه للخير ويعلَّم أن هذا أمر خطير وأن الواجب عليه أن يصلي كما أمره الله، فإذا أصر على ذلك فإن الواجب هجره، مع أن هذا الشيء لا يخفى على الناس، أمر الصلاة معلوم، فالذي لا يصلي يهجر، ولا تجاب دعوته، ولا ينبغي أن يحضر مع من حضر في حق من دعاه لإكرامه؛ لأن الواجب هجره من الجميع حتى يتأدب وحتى يرجع إلى الصواب والحق، ولا مانع من نصيحته مع ذلك، ينصح ويوجه إلى الخير، ويحذر من الباطل، ويُخبَّر أن ترك الصلاة كفر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). فتركها كفر بالله، نعوذ بالله، كفر أكبر في أصح قولي العلماء، فالواجب على من عرف ذلك أن يهجر من فعل هذا المنكر العظيم، وأن لا يجيب دعوته، وأن لا يحضر وليمة التي دعي إليها وأقيمت من أجله.  
 
5- ما حكم من غسل ميتاً، أيحب عليه الغسل أم الوضوء أم غير ذلك؟
من غسَّل ميتاً فينبغي له أن يتوضأ؛ لأنه أفتى بهذا جماعة من الصحابة، فينبغي عليه أن يتوضأ وضوء الصلاة، التمسح يعني، يعني يتمضمض ويستنشق ويغسل وجهه وذراعيه، ويمسح رأسه وأذنيه، ويغسل قدميه، هذا هو الوضوء الشرعي، ينبغي له أن يتوضأ خروجا من خلاف العلماء وعملاً بما أفتى به جماعة من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، أما الغسل فلا يجب عليه، لكن إذا اغتسل فهو أفضل، الغسل التروش أفضل ولا يجب، وجاء في الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يغتسل من غسل الميت، فإذا غسل ميتاً شرع له أن يغتسل، يتروش، وأما الوضوء فيجب وجوب عند جمعٍ من أهل العلم، وإذا مس فرجه وجب الوضوء بكل حال، لكن المشروع للذي يغسل الميت أنه لا يمس الفرج، بل يغسله من وراء خرقة، يغسل فرجه بخرقة لا يلمس الفرج، لكن لو قدر أنه لمسه جهلاً أو خطئاً فإنه ينتقض وضوءه بكل حال، لكن لو غسله بخرقة ولم يمس الفرج الدبر والقبل فإنه ينبغي له أن يتوضأ وضوء الصلاة فقط، هذا يجب عند جمعٍ من أهل العلم، وأما الغسل فلا يجب قولاً واحداً، بل يستحب استحباباً ويشرع ذلك، قال بعض أهل العلم: ولعل العلة في ذلك والحكمة في ذلك أن تقليب الميت إما يوهن القوى ويضعف القوى لأنه سيتذكر الموت ويتذكر حال القبر فيحصل له ضعف في قواه وانهيار فشرع الله الغسل حتى يستفيد من ذلك وحتى يقوى وينشط بعد الضعف الذي أصابه.    
 
6- ما الحكم في قول: وجه الله عليك تفضل معنا. أو وجه الله عليك اعمل هذا الشيء، أو جاه الله عليك، أو أن عليك وجه الله؟
لا أدري في الوقت الحاضر، لا أدري، وسوف أدرسها إن شاء الله، أما الآن فلا أدري، لكن سوف أدرسها وأنظر فيها وتكون في وقتٍ آخر إن شاء الله، يكون الجواب عنها في وقتٍ آخر، وأنت أيها الأخ سليمان تذكرني بها إن شاء الله، حتى أعيد النظر فيها إن شاء الله.  
 
7- إذا أراد صاحب زكاة الفطر أن يدفع نقوداً بدلاً من القمح والشعير وغيره، فهل هذا جائز أم لا؟
هذا لا ينبغي، لا، الذي عليه جمهور أهل العلم أنه يزكي بالطعام ولا يزكي بالنقود، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخرج طعاماً وهكذا أصحابه وهكذا عامة أهل العلم وأكثرهم، فلا ينبغي إخراج النقود، بل يجب إخراج زكاة الفطر من الطعام، هذا هو الواجب.  
 
8-   يوجد بعض البطانيات وعلب الحليب وكل الأغراض اللازمة والأشياء التي ندخلها في بيوتنا فيها صور، هل ترفض هذه الأشياء من أجل صورها أم لا؟
لا، يعفى عن هذا، لأنها ممتهنة، الفراش ممتهن، الوسادة ممتهنة، وحق الصلصة، الذي هو قوطي الصلصة يمتهن ويلقى في القمامة فلا يضر إن شاء الله؛ لأن هذا ممتهن. المقدم: شكراً أثابكم الله. أيها السادة: كان معنا في هذا اللقاء سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، وقد تمكنا من عرض رسائل السادة: منير بن نوار العتيبي من الصمان ويسأل عن القصر في الصلاة، والمرسلة: مريم من بغداد وتسأل عن الدفن في الصندوق، وسالم عبده غالب من مدينة العيون، وعبد الوهاب مسفر زهراني من بلاد زهران، عرضنا عليه ما وردنا في رسائلهم من أسئلة واستفسارات، وإلى هنا نأتي على نهاية هذا اللقاء مع شكرنا الجزيل لسماحة الشيخ عبد العزيز، كما نشكركم أيها السادة، وإلى أن نلتقي بحضراتكم نستودعكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

939 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply