حلقة 83: حكم الإسبال في الصلاة - الإسبال في السراويل والأزار- الزواج بنية الطلاق - أحكام اللقيط - تقبيل المرأة أحد أقاربها في الفم - الإسبال دون قصد الكبر والعلو - الشرك الاصغر لا يخلد صاحبه في النار

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

33 / 50 محاضرة

حلقة 83: حكم الإسبال في الصلاة - الإسبال في السراويل والأزار- الزواج بنية الطلاق - أحكام اللقيط - تقبيل المرأة أحد أقاربها في الفم - الإسبال دون قصد الكبر والعلو - الشرك الاصغر لا يخلد صاحبه في النار

1- أن المسلمين في رخاء دنيوي لا مثيل له، ويُظهر كثير من المسلمين هذه النعمة بإسبال الملابس من ثياب وبشوت، فهل هذا العمل موافق للصواب، وقد يظهر هذا واضحاً في كثير من المصلين، حيث يمتد ثوبه أو ثوب أحدهم خلفه، فما حكم الإسبال في الصلاة خاصة، وفي غيرها بصفة عامة؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعــد : الإسبال من المحرمات العظيمة ومن كبائر الذنوب، سواء كان في الإزار، أو في السراويل، أو في القميص، أو في العمامة، أو في البشت كل ذلك محرم في حق الرجل، أما المرأة فلها أن تسبل، ترخي ثيابها إلى أقدامها ؛ لأنها عورة، لا لكبر بل لستر وأما الرجل، فيلزمه رفع ثيابه فوق الكعب؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار). رواه البخاري في الصحيح، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، المسبل إزاره، والمنان فيما أعطى، والمنفِّق سلعته بالحلف الكاذب، فهذا يدل على أن هذا من الكبائر، وأن الواجب على المسلم أن يرفع ثيابه وملابسه كلها من بشت وسراويل وإزار، يرفعها فوق الكعب، لا تنزل عن الكعب، بل من نصف الساق إلى الكعب كما جاء في حديث جابر بن سليم، وغيره، (إزرة المؤمن من نصف ساقه ولا حرج عليه فيما بين ذلك إلى الكعب)، هذا محل الملابس، من نصف الساق إلى الكعب، أما إنزال الملابس تحت الكعبين هذا لا يجوز، بل يجب الحذر من ذلك، وإذا كان عن خيلاء وتكبر صار أعظم في الإثم، كبيرة، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-:(من جر ثوبه خيلاء لن ينظر الله إليه يوم القيامة)، وقال -عليه الصلاة والسلام-:(لا ينظر الله إلى من جر ثوبه بطرا)، فالذي يرخي ثيابه ويستحبها، أو يرخيها تحت الكعبين على حالين: أحدهما: أن يفعل ذلك تكبراً وتعاظماً وخيلاء، فهذا وعيده شديد، وإثمه أكبر، والحال الثاني : أن يرخيها تساهلاً من غير قصد الكبر، بل يتساهل، وهذا أيضاً محرم، ومنكر وتعمه الأحاديث الصحيحة عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، ولا يستثنى من ذلك شيء إلا من يغلبه الأمر، بإن كان إزاره يرتخي من غير قصد، ثم يلاحظه ويرفعه، فهذا معفو عنه، كما جاء في قصة أبي بكر، قال: يا رسول الله، إن إزاري يرتخي فقال : لست ممن يفعله خيلاء؛ لأن أبا بكرٍ كان يعتني به، ويلاحظه، أما هؤلاء الذين يجرون ثيابهم فتعمهم الأحاديث، أرخى قميصه، أرخى سراويله، إزاره، البشتة، يعمهم الأحاديث، وقول من قال: إن من غير تكبر يكون مكروها،ً قول ضعيف، بل باطل مخالف للأحاديث الصحيحة، فإخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- عن من جر ثوبه بطراً (أن الله لا ينظر إليه) لا يدل على إباحة من سوى ذلك، بل يدل على أن هذا متوعد بوعيد خاص عظيم إذا جره بطراً، والباقون يسحبون ثيابهم وبشوتهم لهم وعيد آخر، أن الله لا يكلمهم ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.فيجب على المؤمن أن يحذر ذلك، وأن لا يتساهل في هذه الأخلاق الذميمة، بل يرفع ثيابه في الصلاة وخارجها لا يُنزلها عن الكعب أبداً، بل يجب عليه أن تكون ثيابه مرتفعة لا تنزل عن الكعب أبداً، إلى نصف الساق فأقل، وفي حديث جابر بن سليم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إياك والإسبال، فإنه من المخيلة وإن الله لا يحب المخيلة، يعني الخيلاء، يعني الكبر، فوجب على المؤمن أن يحذر هذا الخلق الذميم وأن لا يتساهل، بل تكون ملابسه تنتهي إلى الكعب، ولا تنزل عنه، أيّ ملبسٍ كان من ثوب، أو قميصٍ، أو إزارٍ، أو سراويل، أو بشت، هكذا يجب على المسلمين جميعاً، ولا يجوز التساهل في هذا الأمر، وإذا كان في الصلاة ففيه وعيد خاص أيضاً، يروى عنه -عليه السلام- أنه قال: لما رأى مسبل في الصلاة أمره أن يعيد الوضوء، يتوضأ (مرتين أو ثلاثا) ولم يأمره بقضاء الصلاة، فسئل عن ذلك، فقال: (إن المسبل في صلاته لا يتقبل الله صلاته)، أو كما قال -عليه الصلاة والسلام-، وجاء في حديث مسعود -رضي الله عنه- أنه سئل عن من أسبل في الصلاة ؟ قال : ليس من الله في حل ولا حرم، فالحاصل على أن الإسبال في الصلاة يكون أشد وأقبح، فيجب الحذر من الإسبال في الصلاة والإسبال بغيرها، الصلاة صحيحة لأن الرسول ماأمره بالإعادة، لكنه قد أتى منكراً وأتى سيئةً قبيحةً منكرةً، فوجب على المسلم أن يحذر ذلك، وأن لا يسبل لا في الصلاة ولا في خارجها، بل تكون ثيابه معتدلة، مرتفعة إلى الكعبين، إلى حد الكعبين فأرفع إلى نصف الساق، هذا هو المشروع وهذا هو الواجب، ولا يجوز النزول في الملابس على الكعبين، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله : ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار، وهذا وعيد عظيم. أخرجه البخاري في الصحيح -رحمه الله-، والأحاديث الأخرى في معناه، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله، ونسأل الله أن يهدي المسلمين، وأن يبصرهم بما يرضي الله عنهم وأن يعينهم على ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.  
 
2- سماحة الشيخ السراويل أشرتم أنها يشملها ما يشمل الإزار والثياب، لكن هناك من يقول لا يشملها الإسبال، وأيضا يقول: لا دليل عليه، فما الحكم؟
هذا غلط، لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أطلق، قال: المسبل إزاره، والإزار لبس السراويل، الحكم واحد؛ لأن هذا يلبس سراويل وهذا يلبس الإزار، كذلك ما أسفل الكعبين من إزار، فهو في النار يعم هذا وهذا؛ لأن الإزار كان العرب الغالب عليهم الأُزر، وليس الغالب عليهم السراويل، والسراويل جائزة يجوز لبسها ولبس الإزار، لكن الغالب على العرب الأزر؛ لأنها أستر لحجم الأعضاء، وأستر للعورة من ناحية الحجم، فكانت الأُزر أكثر لبساً من السراويل، والسراويل كذلك إذا أرخى كمه حتى نزل عن الكعب دخل في الحديث ولا حول ولا قوة إلا بالله.  
 
3- محمد سافر إلى الخارج لعدة شهور، وخوفا من الوقوع في الحرام تزوج بامرأة وفي نيته تطليقها إذا أراد العودة إلى بلده، ما هو الحكم في ذلك؟، وما هو الحكم إذا لم تكن لديه نية مسبقة بطلاقها وأنجبت له طفل أو طفلة، ثم طلقها؟
إذا نوى المسافر بزواجه أنه يطلق إذا عزم على الرحيل، هذا فيه اختلاف بين أهل العلم، من أهل العلم من ألحق هذا بالمتعة، من نكاح المتعة، ومنهم من قال: لا يلحق بنكاح المتعة وليس منها في شيء؛ لأنه قد ينوي ولا يعزم، ليس بشرط، بخلاف المتعة، فإنها مشارطة أنه يطلقها بعد شهر، بعد شهرين، يفارقها، أما هذا فليس بينه وبينهم مشارطه إنما في قلبه ونيته، أما إذا أراد الرحيل من مثلاً : من أمريكا، لندن، من كذا من كذا، من المغرب، من الجزائر طلق، وقد يستر هذه النية ويرغب فيها ويرتحل بها، فالأقرب -والله أعلم- أن هذا لا يكون من المتعة، بل يكون جائزاً، ولكن الأولى أن لا ينوي هذه النية، عليه أن يتزوج إن ناسبته ارتحل بها وإلا طلقها، أما ينوي نيةً جازمة أنه يطلقها، فالأولى ترك ذلك خروجاً من خلاف العلماء، هذا هو الأولى، لكن لا يبطل النكاح ولا يكون متعة بهذه النية، هذا هو الصواب، إنما يكون النكاح ناقصاً لأن في هذه النية والذي ينبغي أن يكون لديه رغبة مطلقة، فإذا نوى أنه إذا فارق أراد الرحيل طلق فالصحيح أنه لا يبطل نكاحه، لكنه ترك الذي ينبغي وهو أن يكون أن ينوي نية مطلقة في الرغبة إن ناسبته أبقاها وإلا طلقها، هذا الذي ينبغي للمؤمن، وأما إذا وقع الواقع، ونكح مسلمة أو كتابية يعني محصنة بعيدة عن الفواحش فإن الله إنما أباح لنا نكاح الكتابيات المحصنات، فإذا نكح كتابية محصنة، جاز ذلك، والأولى البعد عن ذلك وترك ذلك؛ لأنها قد تجر عليه بلاءاً، وقد تنجب أولاداً، وتنصِّرَهم، فينبغي له الحذر من ذلك، وألا يتزوج إلا مسلمة، هذا هو الذي ينبغي حرصاً على سلامة دين أولاده، بل على سلامته هو، فقد تجره إلى دينها وتنصره هي، فينبغي له الحذر، وقد يسلم هو لكن لا تسلم ذريته، فينبغي له الحذر، وألا يتزوج إلا مسلمة معروفة بالخير من بيئة صالحة؛ لأن هذا هو الذي يرجى منه الخير، وترجى معه السلامة والإحصان.  
 
4- إذا وجد إنسان طفلا لقيط مرميا عند أحد أبواب المساجد، وأراد أن يأخذه ويربيه فماذا يسميه، ولمن ينسبه، حيث أنه في يوم من الأيام سوف يدخل المدرسة، ويحمل حفيظة نفوس؟
يكون قد أحسن في هذا، إذا رباه وأحسن إليه، يكون قد أحسن ويسميه بالأسماء الشرعية مثل عبد الله بن عبد الله، و عبد الله بن عبد اللطيف و عبد الله بن عبد الكريم، كل الناس عباد الله، حتى لا يحصل عليه مضرة في المدارس وحتى يعني لا يصيبه نقص وانكماش وضرر، فالمقصود يسميه بالأسماء المعبدة، عبد الله بن عبد الكريم، عبد الله بن عبد اللطيف، عبد الله بن عبد الملك، وما أشبه ذلك، هذا هو أقرب -إن شاء الله-، أو يسميه باسم يصلح للنساء والرجال، و قد يكون هذا أسلم أيضاً؛ لأنه ينسب إلى أمه، فإذا سماه اسماً يصلح للرجال والنساء، كأن يقول عبد الله بن عطية، بن عطية الله، عبد الله بن هبة الله؛ لأن هبة الله عطية الله تصلح للنساء والرجال، و......... هبة الله يعني أمه، فهو من هبة الله، عبد الله بن عطية، عبد الله بن هبة الله، عبد الله بن كذا، بأسماء تصلح للنساء والرجال، هذا يكون أسلم. ويسميه اسم ثلاثي وكله ...... ؟ ما فيه بأس، أو مثل عبد الله بن هبة الله بن عطية الله، أو عبد الله بن عطية بن هبة الله، ويكون المراد أمه وجدته، ما فيه بأس، كل واحدة يقال لها هبة الله، يقال لها عطية الله ، يقال لها مثلاً، يأتي باسم يصلح غير هذه الأسماء، يصلح للنساء والرجال لا بأس.  
 
5- تقبيل الأب والأخ والولد في الفم في المناسبات، هل يجوز أن تفعله المرأة الصغيرة السن والكبيرة، وماذا يستحسن عمله في مثل هذه المناسبات؟
ما أعلم فيها نقلاً عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، إنما كثير من أهل العلم يستحبون أن يكون التقبيل بغير الفم، يقبل ابنته في خدها، أختك كذلك، أو مع أنفها، أو مع رأسها إذا كانت كبيرة، وهي كذلك تقبل أباها مع رأسه، مع أنفه، ونحو ذلك، أما تقبيل الفم فالأولى أن يكون للزوج خاصة؛ لأن هذا قد ينشر الفتنة، فالأولى أن يكون التقبيل في الفم للزوج والسيد الذي تباح له جاريته، وأن يقبلها هو مع فمها كالزوجة، أما تقبيل الأقارب كخالها وعمها، وأبيها، وأخيها تقبله مع رأسه، مع أنفه، يكون أولى من الفم، وهو يقبل بنته، وأخته، ونحو ذلك مع خدها، وإذا كانت كبيرة كأمه وجدته قبلها مع جبهتها، مع أنفها، تقديراً لها واحتراماً لها، هذا هو الأولى.  
 
6- يقول عن وضع المناكير قبل الوضوء، هل تصح الصلاة والوضوء لمن وضعته، علما بأنه يكون طبقة مانعة كما تعلمون، وهل يجوز لمن وضعته دخول المسجد؟
الواجب أنها لا تفعله إلا على طهارة، إذا كان ولا بد، مع أن تركه أولى مطلقاً، هذه المناكير تركها أولى مطلقاً؛ لأنها قد تساهلوا فيها، وقد تمنعها من الوضوء، فينبغي تركها بالكلية، لكن إذا كان ولا بد وفعلتها على طهارة، فإنها إذا انتقضت الطهارة وأرادت الوضوء، تزيلها مرة أخرى حتى يبلغ الماء أصل البشرة وأصل الظفر، هذا هو الذي ينبغي، وهذا هو الواجب عليها فيما نعتقد أنها تزيل هذه المناكير عند إعادة الوضوء، ولا تصلي بها وقد وضعتها على غير طهارة، أما ذا كانت وضعتها على طهارة وجاء الوقت وهي على طهارة صلت، لكن لو وضعتها على طهارة، ثم انتقضت الطهارة، تزيلها، ليس مثل الخفين، الخفين يمسح عليهما، هذه لا، تزيلهما، تزيل هذه المناكير حتى تغسل ما تحتها، وقت الوضوء.  
 
7- ما حكم إسبال الثوب إذا كان لم يقصد به الكبر والعلو على الناس؟
تقدم، لا يجوز، ولو ما قصد التكبر، لكن إذا قصد التكبر يكون أعظم في الإثم، وإذا ما قصده وتساهل هذا يكون آثم، ولا يجوز؛ لأن الأحاديث الصحيحة تعمه، والرسول أطلق -عليه الصلاة والسلام- وعمم، فوجب على المسلم أن يحذر ما نهى الله عنه ورسوله.  
 
8- هل الشرك الأصغر وهو الرياء مخلد صاحبه في النار أم لا؟
لا، الشرك الأصغر لا يخلد صاحبه، ليس من الكبائر، لا يخلد صاحبه في النار، مثل قول لولا الله وأنت، ما شاء الله وشئت، مثل شرك الريا والحلف بغير الله، كل هذه أنواع من الشرك الأصغر، لا توجب الخلود في النار، ولا تبطل الأعمال، ولكنها محرمة، مثل كبائر الذنوب، بل أشد من كبائر الذنوب، ولكنها لا توجب خلوده في النار، ولا توجب للأسف المغفرة. هذا بالنسبة للرياء في العبادات. الرياء في العبادات والحلف بغير الله، وقول ما شاء الله وشاء فلان، لولا الله وفلان، هذا من الله وفلان،الذي هو عمل الشرك الأصغر. أيها السادة المستمعون كان معنا في هذا اللقاء سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء، والدعوة والإرشاد وقد عرضنا على سماحته رسائل السادة: حمدان لافي العتيبي طالب جامعي في(الرياض).... 

510 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply