حلقة 101: فرائض الوضوء وسننه - فضل صلاة الجماعة تشمل الإمام والمأمومين - حول تحية المسجد أثناء الأذان - حكم البدء بالسلام والرد - حكم رد السلام سرا - التصافح في المسجد بعد الصلاة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

1 / 50 محاضرة

حلقة 101: فرائض الوضوء وسننه - فضل صلاة الجماعة تشمل الإمام والمأمومين - حول تحية المسجد أثناء الأذان - حكم البدء بالسلام والرد - حكم رد السلام سرا - التصافح في المسجد بعد الصلاة

1- حددوا لنا الوضوء من الفرض والسنة؟

فإن الله شرع لعباده الوضوء عند إرادة الصلاة قال -سبحانه-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ [(6) سورة المائدة]. الآية.. فهذا يدل على وجوب استعمال الوضوء الشرعي على ما ورد في الآية الكريمة، وقد فصل النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك بفعله عليه الصلاة والسلام-، فدل ذلك على أن هناك لمن قام إلى الصلاة من الوضوء الشرعي إذا كان على غير طهارة، وهو كما بينه الله: غسل الوجه ثم غسل اليدين مع المرفقين، ثم مسح الرأس، ثم غسل الرجلين، وهذا فرض، .... مرة مرة، والسنة أن يغسل قبل اليدين ثلاث مرات قبل إدخالهما في الإناء كما بينه النبي -صلى الله عليه وسلم- فيغسل يديه ثلاثة مرات يعني كفيه، ثم يشرع في الوضوء، وينبغي أن يقدم التسمية على غسل اليدين، فيقول: بسم الله، قبل أن يغسل يديه، والجمهور على أنها سنة، وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب التسمية مع الذكر، وسقوطها مع الجهل والنسيان لما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام-: (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه). وهو حديث له طرق، وفيها ضعف، لكن مجموعها يدل على أن أصلا، وأنه حسن. فينبغي على من أراد الوضوء أن يسمي الله أن يسمي الله عند بدءه بغسل اليدين، ثم يتمضمض ويستنشق، ثم يغسل وجهه من منابت الشعر من أعلى إلى الذقن من الأسفل، وعرضاً إلى فروع الأذنين، هذا الوجه، يغسله جميعاً، ثم يغسل يديه إلى المرفقين، ومعنى: إلى مع، يعني مع المرفقين، ويدل على ذلك فعله-صلى الله عليه وسلم-، فإنه كان يغسل يديه حتى يشرع في العضد، يعني يغسل المرافق مع الذراع، ثم يمسح برأسه مع أذنيه كما جاء في السنة، وهذا فرض أيضاً، ثم يغسل رجليه إلى الكعبين أي مع الكعبين، ويدل على هذا فعله -صلى الله عليه وسلم- فإنه كان يغسل رجليه حتى يشرع في الساقين؛ كما رواه في الصحيحين من حديث أبي هريرة هذا هو الوضوء المفترض: غسل الوجه مع المضمضة والاستنشاق مرة مرة، غسل اليدين مع المرفقين مرة، مسح الرأس مع الأذنين مرة، غسل الرجلين مع الكعبين مرة؛ هذا المفترض، فإن كرره مرتين فهو أفضل وسنة، وإن كرره ثلاثا فهو أكمل وأكمل؛ كما بينه النبي -صلى الله عليه وسلم- في عمله، ......... ويتمضمض ويستنشق مرة واحدة، وهذا فرض وإن كرر العمل ثلاث مرات فهذا أكمل وأفضل، ثم يقول بعد ذلك: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المطهرين، هكذا جاء الحديث، وهذا السنة بعد الفراغ يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، روى مسلم في الصحيح عن عمر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما من عبد يتوضأ فيسبغ الوضوء أو قال فيبلغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة يدخل من أيهما شاء). وهذا فضل عظيم، في هذه الشهادة بعد الوضوء، ويستحب أن يزيد: اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين. لما رواه الترمذي –رحمه الله- بإسناد صحيح عن المغيرة بهذه الزيادة. وبهذا يعلم المفترض من الوضوء والسنة، فالتسمية في أول الوضوء سنة، تكرار المضمضة والاستنشاق ثلاث سنة، غسل الوجه ثلاث مرات سنة ، غسل اليدين مع الوجه مرة هذا فرض تكرارها ثلاث مرات سنة، مسح الرأس مع الأذنين فرض، ولا يشرع التكرار، غسل الرجلين مع الكعبين مرة مرة فرض، تكرار ذلك مرتين أو ثلاث سنة، الشهادة بعد الوضوء والدعاء سنة الدعاء الذكر الذي تقدم ذكره.
 
2- فضلت الجماعة عن صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة، هل هذا الفضل يشمل صلاة الإمام والمأمومين أم المأمومين خاصة؟
هذا فضل يشمل الجميع، هذا فضل للإمام والمأموم جميعا، صلاة الجماعة أفضل عن صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة، للإمام والمأموم جميعا، من فضل الله -سبحانه وتعالى- على عباده.
 
3- إذا دخل الإنسان المسجد والمؤذن يؤذن، هل يمكث حتى يفرغ المؤذن فيصلي تحية المسجد، أم يصليها والمؤذن يؤذن
الأفضل أنه يقف حتى يكمل الأذان؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول) وهذا أمر. وأقل أحواله التأكد والسنية. وهو لأنه -صلى الله عليه وسلم- كان إذا سمع الأذان أجاب المؤذن كلمة كلمة إلا في الحيعلة يقول لا حول ولا قوة إلا بالله. وجاء في حديث عمر -رضي الله عنه- أن العبد إذا أذن المؤذن في كلماته إلا في الحيعلتين يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله ثم يكبر يقول مثله لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة. وهذا فضل عظيم ما ينبغي أن يفوته فإذا فرغ من إجابة المؤذن يصلي تحية المسجد، هذا هو الأفضل، وهذا هو السنة حتى يجمع بين السنتين، سنة الإجابة للمؤذن وسنة تحية المسجد.
 
4- ما حكم من يُسلم عليه ولا يرد السلام؟
السنة للمسلَمين إذا تلاقيا أن يسلما وخيرهما الذي يبدأ بالسلام، هذا هو السنة، النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن المسلم له حقوق على أخيه منها أن يبدأه بالسلام ومنها أن يرد السلام. وقال في المتهاجرين: خيرهما الذي يبدأ بالسلام. وقال عليه الصلاة والسلام: (والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم). وقال -عليه الصلاة والسلام- لما أتى المدينة: أيها الناس: أطعموا الطعام، وأفشوا السلام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام). فإفشاء السلام والإعلان للسلام والبدء به من السنن العظيمة، والرد واجبة، لمن بدئ بالسلام فالرد عليه واجب؛ لأن الله -سبحانه- يقول: وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [(86) سورة النساء]. فالرد واجب والزيادة بالأحسن أفضل، فإذا قال السلام عليكم، يقول: وعليكم السلام، هذا واجب، فإن زاد وقال: ورحمة الله كان أفضل، فإن زاد وقال: وبركاته، فهو أفضل، وإن قال المسلم: السلام عليكم ورحمة الله وجب على المسلم عليه أن يقول: وعليكم السلام ورحمة الله، فإن زاده: وبركاته كان أفضل، وإن قال المسلم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجب على المسلم عليه أن يقول وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فإذا زاد بعدها وقال كيف حالك؟ كيف أصبحت؟ كيف أمسيت؟ كيف أولادك؟ كان خيراً.
 
5- وإذا رد السلام سراً ولم يسمعه المسلم فماذا عليه أيضاً؟
ما يكون رد السلام، إذا رده سراً ولم يرفع صوته حتى يسمعه المسلِم حكمه حكم أنه ما رد، لم يرد السلام؛ لأن المقصود أيضاً أن يرد ردا يسمعه المسلم حتى يكون قد رد عليه تحيته بمثلها أو أحسن منها. وقد يكون هذا من الكبر، فإذا كان من الكبر كان أقبح. والمقصود أنه ما رد إذا كان لم يرفع صوته فإنه ما رد السلام حتى يرفع صوته على وجه يسمعه المسلِم. 
 
6- دخلت أنا وصديقي إلى المسجد ونحن نتحدث بعضنا إلى بعض، وبعد أن أدينا تحية المسجد سلمت عليه على العادة التي تجري في المساجد، ومددت يدي إليه، فنظر إلي وأبى أن يمد يده إلي وقال: لم أفارقك وهذه بدعة لم يفعلها الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا صحابته الكرام، وقد اتخذها الناس كالواجب اليوم عندما ينتهون من تحية المسجد، ووقفت مدهوش أمامه، هل زميلي هذا أو صديقي على حق أم أنا الذي على حق؟
لا أعلم بأساً في أن يصافح المسلم أخاه بعد فراغهما من تحية المسجد أو من الراتبة قبل الصلاة كراتبة الظهر أو راتبة الفجر لا أعلم بأساً في ذلك ولو كان جاءا جميعاً، ولو كان قد سلم أحدهما على الآخر قبل الصلاة، لكن إذا كانا ما جاءا جميعاً أو ما سلم أحدهما على الآخر قبل الصلاة يتأكد، يتأكد المصافحة بعد ذلك؛ لأن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كانوا إذا تلاقوا يتصافحون، وكانوا إذا قدموا من سفر تعانقوا، قال أنس -رضي الله عنه- والشعبي: كان أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- : إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا. وقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يصاحب إخوانه -عليه الصلاة والسلام- عند اللقاء، فهذه سنة معروفة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وعن أصحابه. أما إذا كان دخل مع أخيه أو سلم عليه في الصف قبل أن يصلي التحية لما تلاقيا في الصف فإن هذا يكفي، وقد حصل المقصود، والحمد لله، ولكن لو سلم عليه ثانياً بعد الفراغ من التحية، أو من راتبة قبلية فصافحه مرة أخرى فلا أعلم بأساً ولا أعلم ما يوجب جعل ذلك بدعة، فإن السلام كله خير، ولا يأت إلا بخير، وفيه إيناس من بعضهم لبعض ودعاء من بعضهم لبعض فلا حرج فيه إن شاء ولا يسمى بدعة. ومما يدل على هذا ما ثبت في الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان جالساً في المسجد ذات يوم فدخل بعض الناس فصلى ولم يتم صلاته ثم جاء فسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- : ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع فصلى، ثم جاء، فسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- فرد عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: ارجع فصل فإن لم تصل، فرجع فصلى، ثم جاء فسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- فرد عليه النبي عليه الصلاة والسلام- فقال: ارجع فصل فإنك لم تصل، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق نبياً ما أحسن غير هذا فعلمني، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- : إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استوي إلى القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها. فهذا الحديث العظيم الجليل يدل على وجوب وفضيلة الطمأنينة في الصلاة والخشوع فيها، فيجب أن يعطي كل ركن حقه من الاعتدال والطمأنينة وعدم العجلة في الركوع والسجود والاعتدال بعد الركوع والجلوس بين السجدتين هذا من أهم الفرائض. فكثير من الناس يعجل ولا يكمل هذه الفروض، وهذا خطأ عظيم لا تصح معه الصلاة. وفي هذا الحديث نفسه أنه رد على الرجل السلام وهو يصلي في قربه، فجاء إليه ثلاث مرات، وسلم عليه، وهو يرد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم- ولا قال يكفي السلام الأول بما أنه يصلي قربه، ويشاهده النبي -صلى الله عليه وسلم- ويرى حركاته، ويرى طمأنينته وعدمها، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يشاهده، وكلما سلم عليه، قال: وعليك السلام، ورد عليه السلام، ثم قال ارجع فصل. فدل ذلك على أن إعادة السلام على شخص حولك تراه وتشاهده يعمل عملاً ثم يسلم عليك مرة ثانية أن هذا لا شيء فيه. وثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان إذا سلَّم سلم ثلاثا، والقصد في ذلك –والله أعلم- ليفهم المستمعون، أو لعلهم لم يردوا في الأولى والثانية، فينتبهون للرد. فالمقصود أن تكرار السلام للتعليم أو لتنبيه الحاضرين حتى يردوا السلام أو لأسباب أخرى دعت إلى ذلك، كاشتغاله بالصلاة فإن الصلاة فيها شغل، فإذا فرغ منها سلم على أخيه، وهذا لا حرج فيه -إن شاء الله- ولا ينبغي التشديد في هذا أبداً. المذيع: لكن في بعض العامة يعتقدون أنه مكمل للصلاة؟ الشيخ: هذا غلط، هذا ما له تعلق بالصلاة، إنما هو متعلق بإيناس أخيه، والسلام على أخيه، والدعاء لأخيه بعد شغله بالصلاة، فإنه قد اشتغل بالصلاة وأقبل على الله في قيامه وركوعه وسجوده، فهذا أعظم في نفس الأمر مما لو حال بينه وبين أخيه شجرة أو جدار ثم سلم عليه، جاء في الحديث أنه إذا حال بينه وبين أخيه شجرة فإنه يسلم عليه مرة أخرى. إذا سلم على أخيه، ثم حال بينهما شجرة أو جدار سلم عليه مرة أخرى، فأي هذا وأي شغله في الصلاة أعظم؟! فإذا حال بينه وبينه شجرة نخلة، أو ..... لحظة، نصف دقيقة، أو دقيقة، أو ثانيتين، أو ثلاث. فالمقصود أنه شيئاً يسيراً ثم يلقاه يسلم عليه، فهذا أقل بكثير من شغله في الصلاة.  

698 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply