حلقة 232: حكم الوتر وهل قنوت الوتر واجب - طلب الزوج الطلاق بدون سبب - المعاملات مع غير المسلمين - دفع كفارة اليمين لأهل بيت لا يعلم عددهم - ما صحة حديث لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد - مدة المسح على الخفين بالساعة - إخراج الزكاة من دون توكيل

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

32 / 50 محاضرة

حلقة 232: حكم الوتر وهل قنوت الوتر واجب - طلب الزوج الطلاق بدون سبب - المعاملات مع غير المسلمين - دفع كفارة اليمين لأهل بيت لا يعلم عددهم - ما صحة حديث لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد - مدة المسح على الخفين بالساعة - إخراج الزكاة من دون توكيل

1- أنا شاب مسلم مصلٍ صائم، أصلي الوتر لكنني أتركه أحياناً مدة ليلة أو ليلتين، هل آثم بذلك؟ أفيدوني أفادكم الله، وهل القنوت ضروري في الوتر أم لا؟ أفيدونا بارك الله فيكم.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، أما بعد.. فالوتر سنة مؤكدة وليس بواجب، فإذا تركه بعض الأحيان فلا حرج عليك، ولكن السنة أن تحافظ عليه، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحافظ على الوتر في السفر والحضر -عليه الصلاة والسلام- فالمستحب للمؤمن والمؤمنة الحفاظ على الوتر ولو ركعة واحدة فقط بعد العشاء، أو في أثناء الليل، أو في آخر الليل، فإن صليت ثلاثاً أو خمساً أو أكثر فهذا أفضل، والركعة الواحدة مجزئة، وكذلك القنوت ليس بواجب إنما هو مستحب في الوتر، وإذا تركته بعض الأحيان فلا بأس ولا حرج في ذلك، والحمد لله. أثابكم الله  
 
2- إذا طلبت المرأة من زوجها الطلاق بدون سبب، ورفض الزوج هذا الطلب، هل يأثم بذلك أم لا؟
إذا كانت ليس لها سبب فإنه لا يلزمه الطلاق، ولكن ينبغي أن يسعى في أسباب الألفة والمحبة وإزالة ما يسبب الطلاق؛ لأنها قد يكون لها أسباب، فينبغي له أن يلاحظ ذلك، قد يكون هناك سبب من سوء الخلق: من البخل من السهر بالليل وتأخير المجيء إليها، قد يكون لها أسباب أخرى، فينبغي له أن يلاحظ، وأن يتقي الله حتى يؤدي حقها. أما هي فلا يجوز لها طلب الطلاق إلا بعلة جاء عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أيما امرأة سألت الطلاق من غير ما بأس لم ترح رائحة الجنة) فهذا وعيد شديد، فالواجب على المرأة أن تعاشر بالمعروف، وأن تسمع وتطيع لزوجها بالمعروف، وأن لا تطلب الطلاق إلا من علة، فإذا كان هناك علة فلا بأس، مثل أن كونه بخيلاً لا يؤدي حقها، أو كونه مثلاً كثير المعاصي كالسكر ونحو ذلك، أو كونه يسهر كثيراً ويعطلها، أو ما أشبه ذلك من الأسباب هذا عذر، أو تكون تبغضه ما جعل الله في قلبها له محبة، تبغضه كثيراً ولا تستطيع أن تقوم بحقه من بغضائه، فلا بأس أن تطلب الطلاق حتى لا تأثم في ترك حقه، وإذا طلبت الطلاق تعطيه مهره إذا كان الداعي للطلاق بغضها له تعطيه ما أعطاه إياه من المهر من الجهاز. أما إذا كانت العلة منه ولا يؤدي حقها يبخل عليها بحقوقها يسهر الليل ولا يأتيها إلا بعد التعب في آخر الليل، أو كونه يتعاطى السكر، أو لا يصلي، هذه أسباب لها عذر في الطلب، وإذا أبى لها أن تحاكمه في المحكمة حتى تنظر المحكمة في أمرها وأمره، والذي لا يصلي ليس لها أن تبقى معه؛ لأن ترك الصلاة كفر بالله نعوذ بالله لأنها عمود الدين، فإذا ترك الزوج الصلاة صار عذراً لها في الامتناع منه، ولا يجوز لها أن يتصل بها حتى يتوب إلى الله من ذلك، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) ولقوله -عليه الصلاة والسلام-: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة) وهكذا يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) فالصلاة أمرها عظيم، وهي عمود الإسلام، وهي أول شيء يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله، فالواجب على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة وعلى كل إنسان يدعي الإسلام أن يتقي الله، وأن يحافظ على الصلوات الخمس في أوقاتها، وأن يؤديها مع المسلمين في جماعة المسلمين في المساجد؛ لأن تركها في المساجد معصية، فالذي يصليها في البيت معصية، وليس كفراً، ولكن كونه يتركها بالكلية ولا يصلي هذا هو الكفر، وإن لم يجحد وجوبها في أصح قولي العلماء. أما من جحد وجوبها كفر بإجماع المسلمين، من جحد وجوب الصلاة أو وجوب صوم رمضان أو جوب زكاة المال مع وجود النصاب أو ما أشبه ذلك مما هو معلوم من الدين بالضرورة، فهذا يكون كافراً بذلك، نسأل الله العافية. أثابكم الله  
 
3- هناك أصحاب مهن، كالحلاقة، والخياطة، والعمل في المطاعم، أو غير ذلك، وهم غير مسلمين، إما مسيحيون أو لا دينيون، فما حكم تعامل المسلم معهم؟
ماداموا في البلاد يتعاطون هذه الأمور فلا مانع من الشراء منهم، وقضاء الحاجة والبيع عليهم، فقد اشترى النبي -صلى الله عليه وسلم- من اليهود، واشترى من بعض المشركين فلا بأس، ولكن لا يحبهم في الله، لا يواليهم، بل يبغضهم في الله، ولا يتخذهم أصدقاء ولا أحباب. فالواجب أن يستخدم المسلمون والمسلمات دون الكفار في كل الأعمال. بارك الله فيكم  
 
4- هل يمكن أن أدفع كفارة اليمين لأسرةٍ واحدة وأنا أجهل عددهم داخل المنزل؟
لابد أن تعرف عددهم، إذا كانوا عشرة فلا بأس، وإن كانوا خمسة تعطيهم النصف، والنصف لغيرهم، وهكذا لو كانوا ستة تعطيهم ستة، ويبقى أربعة تلتمسهم من جهات أخرى، لأن الواجب عشرة، لا بد من عشرة كما أمر الله بهذا -سبحانه وتعالى-. بارك الله فيكم  
 
5- سمعنا حديثاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول فيه: (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد)، فما مدى صحة هذا الحديث؟ أفيدونا أفادكم الله.
هذا الحديث ضعيف فيما نعلم، وإنما هو معروف عن علي -رضي الله عنه- من قوله، وإنما المحفوظ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر)، وعنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لعبد الله بن مكتوم كان أعمى لما قال له: يا رسول الله (ليس لي قائد يلائمني المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له نبينا -عليه الصلاة والسلام-: (هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم ، قال: فأجب) فأمره أن يجيب النداء حي على الصلاة حي على الفلاح، وفي لفظ قال له: (لا أجد لك رخصة)، فدل ذلك على أن الواجب أن تؤدى الصلوات في المساجد مع المسلمين، ولا يجوز أن تؤدى في البيوت، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى ديار رجال لا يشهدون الصلاة أحرق عليهم بيوتهم)، فهذا يدل على أن ترك الصلاة في الجماعة أمر منكر يستحق صاحبه العقوبة، وهو -صلى الله عليه وسلم- لا يهم إلا بالحق -عليه الصلاة والسلام-. فالمقصود أن الواجب على الرجال المؤمنين أن يصلوا في المساجد مع إخوانهم، وليس لهم الصلاة في البيت، أما حديث: (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد) فهذا لا نعلمه صحيحاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما هو مما جاء عن علي -رضي الله عنه- من قوله، ومعناه صحيح، معناه الوعيد على ترك الصلاة في المسجد، وأنه لا صلاة له، يعني لا صلاة له كاملة إلا في المسجد، صلاته صحيحة مع الإثم إذا صلى في البيت، لكن الصلاة الكاملة الصحيحة التي يسلم صاحبها من الإثم، هي التي تؤدى مع إخوانه في بيوت الله. أثابكم الله  
 
6- ما هو تحديد وقت المسح على الخفين للمقيم بالساعة تقريباً؟
الواجب مثل ما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يوم وليلة) الساعة تختلف في هذا، فإذا مسح على الجوربين أو الخفين من صلاة العصر فليس له أن يمسح في اليوم الآتي لصلاة العصر بل يمسح قبل صلاة العصر، يوم وليلة، وإذا مسح عليها لصلاة المغرب مثلاً فإنه يمسح عليها إلى المغرب في اليوم الآتي، يوم وليلة، ومعلوم أن اليوم والليلة أربعة وعشرين ساعة، معروف، فالحاصل أن العبرة بمسحه بعد الحدث، فإذا مسح بعد الحدث مثلاً العصر فإنه يمسح إلى العصر الآتي، وإذا مسح بعد الحدث بعد العشاء فإنه يمسح عليها إلا بعد العشاء في الليلة الآتية، إذا جاء العشاء وقت المسح الذي حصل منه في الماضية انتهت المدة، فليس له أن يمسح من جديد بل يخلع ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً ثم يلبس. بارك الله فيكم  
 
7- أنا معلمة أملك بعض المال، حيث أحصل على راتب مقابل التدريس، لمدة أربع سنوات الآن، وقد تعودت من أول ما استلمت راتبي بالإنفاق على أهلي، فيكون أكبر قسم لوالدتي ثم لوالدي، ثم جدتي، وبعضه لأعمال الخير شهرياً، والباقي أدخره لنفسي، لكن عندما أردت إخراج الزكاة عليه قالت لي والدتي: إنها تخرج من المال الذي عندها وهذا يكفي، لكنها في الحقيقة لا تعلم كم أنا أملك من المال، والآن مضى أربع سنوات على امتلاكي للمال، فأنا في حيرة، هل عليّ زكاة أم لا، وكيف أزكي عن السنوات الأربع الماضية؟
أنت مأجورة في إنفاقك على أمك وعلى أبيك وعلى جدتك وفي وجوه الخير، فجزاك الله خيراً وتقبل الله منا ومنك. أما ما يتعلق بالزكاة فإخراج أمك عنك لا يجزي؛ لأنك لم توكليها للإخراج، كونها تخرج عنك بدون إذن فإنها تكون محسنة في ذلك ولا لكن لا يكون ذلك مجزئاً عن الزكاة، إلا بوكالة منك لها عما عندك من المال، وعليك أن تزكي ما عندك من المال عن السنوات الأربع، إذا كان قد بلغ النصاب فإنك تزكينه عن السنوات الأربع، عن السنة الأولى بمقدار المال وعن الثانية كذلك وعن الثالثة كذلك وهكذا تزكين كل مال بما يجب عليه، عن الألف خمسة وعشرين، عن كل ألف خمسة وعشرين، هكذا الواجب، تخرجين عن الألف خمسة وعشرين، ألفين خمسين، وعن ثلاثة آلاف خمسة وسبعين، وهكذا. بارك الله فيكم  
 
8- هل يجوز إخراج الزكاة من المال الذي بلغ نصاباً، واشتريت بهذا النصاب تمراً وقسمته بالتساوي على الأقارب أو الفقراء؟
إذا نويت بذلك الزكاة أجزى على الصحيح، إن اشتريت بالنصاب كله تمراً أو حنطة أو أرزاً أو ملابس وقسمته ونويت بعضه عن الزكاة فهذا مجزئ عن الصحيح؛ لأنه يجوز إخراج العروض عن الزكاة إذا كانت بقيمتها، وكان ذلك لمصلحة شرعية؛ لأن بعض من تعطينه قد لا يحسنون التصرف، فإذا دفعت عروضاً لهم عن الزكاة لكونهم فقراء فلا بأس، أما إذا كانوا أغنياء لا، لا بد أن يكونوا فقراء، إذا أعطيتيهم مقدار الزكاة من النقود أو من العروض من الحبوب أو الملابس بقدر الزكاة أجزأ ذلك إذا كانوا فقراء، ولكن لا بد أن يكونوا غير الأم والأب، يعني إخوة أو أعمام أو أخوال، أما الأب والأم والأجداد والجدات والأولاد لا تصرف فيهم الزكاة، الزكاة لا تصرف فيهم تصرف في غيرهم، ولكن تعطينهم من مالك غير الزكاة، أما الإخوة والأقارب الآخرون فلا بأس أن يعطوا من الزكاة إذا كانوا فقراء، إما نقود .......، وإما ما يقابل ذلك من الطعام أو من الملابس إذا رأيت أن إعطائهم ذلك أنسب على حسب القيمة. أفادكم الله  
 
9- لقد هداني الله -عز وجل- فتمسكت بالدين ولله الحمد والمنة، لكن أحياناً يصدر مني بعض تصرفات كالغضب مثلاً، أو التعجل، وهناك من يقول لي: إن هذا يضر بدينك، ويبطل أفعال الخير التي تسعين إليها، وأنها ترد عليك مقابل هذه الأخطاء، فأنا بعد ذلك أبكي وأستغفر الله -عز وجل-، ولكن في الحقيقة هم يخوفونني حتى دب إليَّ اليأس، فأخشى أن ترد علي أعمالي؟ أفيدوني أفادكم الله.
ليس عليك في هذا خطر إن شاء الله، إذا وقع منك شيء من المعاصي والأغلاط عليك التوبة إلى الله والحذر، أما أعمالك فهي في طريقها والحمد لله، إنما يبطلها الكفر بالله نعوذ بالله، أما المعاصي فلا تبطلها، ولكن المعاصي خطرها عظيم،فيجب عليك الحذر من شر اللسان وشر الأعمال، ولا حرج عليك إن شاء الله فيما فعلت من الخير، والمؤمن إذا تاب تاب الله عليه يقول الله -سبحانه-: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى[طه: 82] فعليك أن تجتهدي في حفظ لسانك وأعمالك مما حرم الله، وعليك أن تستمري في الخير، وأبشري بالخير، وإذا وقع شيء من الخطأ والمعصية فعليك البدار بالتوبة، سواءً كان اغتبتي أحداً أو سببت أحداً أو كذبت بادري بالتوبة، وهذه المعاصي لا تبطل أعمالك، وإنما هي معاصي عليك التوبة إلى الله منها فقط، وأعمالك الطيبة التي فعلت يرجى لك فيها الخير والقبول. أثابكم الله  
 
10- هل يوجد فرق بين عدة المرأة الحرة والمرأة المملوكة؟
نعم، الذي عليه جمهور أهل العلم أن عدتها نصف الحرة، إذا طلقت الجارية المملوكة اعتدت حيضتين بدل ثلاث حيض، لأن الحيضة لا تنقسم ولكن تجبر فتعتد حيضتين، وهكذا في عدة الوفاة شهرين وخمسة أيام عند الجمهور، وقال بعض أهل العلم إنه لا فرق وأنها تعتد مثل الحرة، ولكن المعروف عن الصحابة أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ورضي الله عنهم التنصيف، كما جعل الله حدها النصف إذا زنت عليه نصف ما على المحصنات، فهكذا العدة عليها النصف المملوكة، فإذا طلقها زوجها فإنها تعتد نصف الحرة، يعني حيضتين، وإذا كان بالشهور كالعانسة والصغيرة تكون شهراً ونصفاً. أثابكم الله  
 
11- هل تجوز الزكاة للمماليك ولو كانوا في غير عصمة الإنسان وهم في أشد الحاجة إليها؟
المملوك غني من سيده إذا كان سيده ينفق عليه لا يعطى الزكاة، أما لو كان سيده قد أهمله وأضاعه ولا يعطيه زكاته فقير لا يستطيع أن يعمل بل هو عاجز أو ما ممنوع من الكسب، لم يتيسر له الكسب، وهو فقير فإنه يعطى؛ لأن العلة المانعة إغناؤه بسيده، وكون سيده يقوم عليه وينفق عليه، فإذا كان سيده لا ينفق عليه وهو محتاج وفقير وليس عنده كسب يقوم بحاله فإنه يعطى من الزكاة. بارك الله فيكم 
 
12- نسمع في بعض الخطب عندنا -خطب الجمعة- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مخلوق من نور وليس من تراب كسائر الناس ، نسأل عن صحة هذا الكلام؟
هذا كلام باطل، وليس له أصل، الله خلق نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- مثل ما خلق بقية البشر، من ماءٍ مهين، من ماء أبيه عبد الله وماء أمه آمنة، كما قال الله -جل وعلا- في كتابه العظيم: ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ[السجدة: 8] لما خلق آدم من الطين قال: ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ[السجدة: 8] يقول سبحانه: ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ[السجدة: 6-8] فمحمد -صلى الله عليه وسلم- من نسل آدم، وجميع نسل آدم كلهم من سلالة من ماء مهين، وهو منهم. أما ما يروى أنه خلق من النور فهذا لا أصل له، وهو حديث موضوع مكذوب باطل لا أصل، وبعضهم يعزوه إلى مسند أحمد عن جابر وهذا لا أصل له، بعضهم يعزوه إلى مصنف عبد الرزاق وهذا لا أصل له. فالمقصود أنه حديث باطل لا أصل له عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما خلقه الله مما خلق منه بني آدم، وخلق منه الأنبياء جميعاً، وهو من ماء الرجل وماء المرأة، هذا هو الأمر المعلوم. وأما ما يدعيه بعض الغلاة وبعض الجهلة أنه خلق من النور فهذا باطل لا أصل له، وهو نور -صلى الله عليه وسلم- هو نور جعله الله نوراً للناس لما أوحى الله إليه من الهدى من الكتاب العزيز والسنة المطهرة، كما قال سبحانه: قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ[المائدة: 15] فهذا النور هو محمد -صلى الله عليه وسلم-، يعني ما أوحى الله إليه من النور، سماه نوراً لأن الله جعله نوراً لما أوحى إليه من الهدى، كما قال في الآية الأخرى (سراجاً منيراً)[الأحزاب: 46] إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا[الأحزاب: 45-46]، فهو سراج منير وهو نور لما أعطاه الله من الوحي العظيم من القرآن السنة فإن الله أمر بهما الطريق وأوضح بهما الصراط المستقيم، وهدى بهما الأمة إلى الخير، فهو نور وجاء بالنور عليه الصلاة والسلام، وليس معناه أنه خلق من نور، لا، خلق من ماء مهين، لكنه نور بما أوحى الله إليه من الهدى وما أعطاه الله من العلم الذي علمه الناس عليه الصلاة والسلام، فالرسل نور والعلماء نور، علماء الحق بما أعطاهم الله من الهدى فهم نور للعالم بما اقتبسوه بما اقتبسوه مما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام.

342 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply