حلقة 239: الاختلاف في الرضاع - حلفت بالطلاق بالثلاث - كيف يرد المال المسروق - حكم الانقطاع عن الصيام المستحب - حكم صلاة الفجر بعد ظهور نور الفجر - حكم وضع الحناء بيدي المرأة المعذورة شرعا - الطاعة في المعروف - حكم زكاة الذهب الملبوس

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

39 / 50 محاضرة

حلقة 239: الاختلاف في الرضاع - حلفت بالطلاق بالثلاث - كيف يرد المال المسروق - حكم الانقطاع عن الصيام المستحب - حكم صلاة الفجر بعد ظهور نور الفجر - حكم وضع الحناء بيدي المرأة المعذورة شرعا - الطاعة في المعروف - حكم زكاة الذهب الملبوس

1- لي ابنة خالة أريد الزواج منها لكن أهلها رفضوا ذلك بحجة أنها أختي من الرضاع، ولكن أهلي أخبروني خلاف ذلك، والرضاع قد حصل بين ابنة خالتي وأختي، فهل يمنع ذلك الزواج من ابنة خالتي أم لا؟ أفيدوني أفادكم الله.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالرضاع الكامل المستوفي لشروطه يمنع من النكاح، فهذه المسألة التي ذكرت تعرض على المحكمة حتى تنظر في الموضوع، وتحضر المرضعة وتسألها عن صفة الرضاع، وفيما تراه المحكمة الكفاية، إن شاء الله، ولا تقدم على الزواج إلا على بصيرة وعلى علم لأن هناك سلامة لدينك مما حرم الله عليك جل وعلا.  
 
2- أنا ساكن مع واحدٍ من زملائي وقد غضبت منه، وحلفت بالطلاق بالثلاث لا أبيت في نفس الغرفة، فقالوا لي الزملاء: بأن علي أن أبيت وأن هذا لا يضر، فما حكم عملي هذا؟ وفقكم الله.
هذا يختلف بحسب نيتك: إن كنت أردت إيقاع الطلاق إن بت في الغرفة ثم بت بها فإنه يقع الطلاق، أما إن كنت أردت منع نفسك من المبيت ولم ترد إيقاع الطلاق وإنما أردت بهذا منع نفسك من المبيت فإن عليك كفارة يمين إذا بت فيها، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فمتى فعلت واحدة من هذه الثلاث حصل المقصود، إطعام عشرة مساكين كل مسكين له نصف الصاع يعني كيلو ونصف من التمر أو غيره من قوت البلد أو كسوتهم كل واحد يكسى بما يجزئه في الصلاة كقميص أو إزار ورداء أو عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تستطع تصوم ثلاثة أيام، هذا إذا كنت أردت منع نفسك من المبيت ولم ترد إيقاع الطلاق، أما إن كنت أدرت إيقاع الطلاق ثم بت فإنه يقع الطلاق ثم عليك أن تستفتي بعد ذلك المحكمة في الطلاق أو تكتب لنا في ذلك.  
 
3- منذ سنين طويلة أخذت من منزل امرأة حاجاتٍ خاصة بالنساء تقدر بحوالي عشرين ريالاً، وعندما طلبتها صاحبتها أنكرتها، وقالت: سوف آخذها منك يوم القيامة، ولا زالت هذه الكلمة تؤلمني كثيراً بعدما كبرت، وكنت في ذلك الوقت لا أعرف حكم السرقة لجهلي وصغري، وقد رميتها في ذلك الوقت في بئر خوفاً من أهلي حتى لا يضربوني، والآن أنا متألمة، أريد أن تدلوني ماذا أفعل حتى أنجو من الإثم؟ بارك الله فيكم.
عليك أن تستسمحي صاحبة الحق، أو تعطيها ما يقابل ذلك المال، فإن سمحت فالحمد لله، وإن أبت فعليك أن تدفعي إليها ما يقابل ذلك حتى تسمح.  
 
4- إذا كان الإنسانُ يصوم بعض التطوع كالست من شوال، أو عاشوراء، أو الاثنين والخميس، صامه في فترة معينة، هل إذا انقطع عن الصيام هل يأثم أم عليه أن يستمر؟
هذه العبادات مستحبة نافلة ليست واجبة، فإذا صام الإنسان يوم عاشوراء أو ثلاثة أيام من كل شهر أو يوم الاثنين والخميس أو صام ستاً من شوال في بعض السنوات ثم ترك هذا فلا حرج عليه، هذه أمور مستحبة غير واجبة، فمن فعلها فله أجر ومن تركها فلا شيء عليه، لكن يستحب للمؤمن الاستمرار في العبادة والحرص على بقاء العمل الصالح، فإن الله يحب العمل الذي يداوم عليه صاحبه، كما في الحديث الصحيح يقول -صلى الله عليه وسلم- : (أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل) فالإنسان يدوم على صيام الاثنين والخميس أو على صيام ست من شوال كل سنة أو على صيام يوم عاشوراء كل هذا طيب، لكن لا يلزمه، متى أحب أن يترك أو شغله شاغل فلا حرج عليه والحمد لله.  
 
5- ما حكم صلاة الفجر بعد ظهور نور الفجر؟
متى طلع الفجر واتضح الفجر الصادق الذي يتسع في المشرق فإن المرأة والرجل كلاهما يصح منه صلاة الفجر، متى اتضح؛ لأن الفجر فجران: فجر صادق وهو الذي ينتشر في الجو في الجو الشرقي ويتسع، وفجر كاذب وهو الذي يستطيل قائماً في الأفق ثم يذهب ويزول، فإذا جاء الفجر الصادق المنتشر في المشرق فإن هذا يدخل به وقت الفجر وتصح به الصلاة، لكن عدم العجلة حتى يتضح وحتى ينشق الفجر ويكون واضحاً هذا هو الأفضل مع بقاء الغلس، هذا هو الأفضل، والرجل يذهب إلى المسجد ويصلي مع الناس والمساجد عندها علم بهذا الأمر فإنها لا تعجل حتى يتضح الفجر، هذا هو الواجب على الأئمة أن يعنوا بالفجر وأن لا يعجلوا حتى يتحققوا طلوع الفجر وحتى يتضح الفجر ثم يصلوا بعد ذلك بغلس هذا هو الأفضل، والوقت يستمر إلى طلوع الشمس، لكن لا يجوز تأخير الصلاة إلى طلوع الشمس، ويكره تأخيرها إلى الإسفار الكثير، ولكن السنة البدار بها بعد التحقق من طلوع الفجر وبعد وضوحه، لكن مادام هناك بعض الغلس هذا هو الأفضل.   
 
6- حكم وضع الحناء بيدي المرأة التي لديها العذر الشرعي؟

 

لا حرج في ذلك، لا حرج على المرأة أن تضع الحناء في يديها وهي في النفاس أو في الحيض لا يضر ذلك، تتحنى في يديها أو في رأسها أو في رجليها لا حرج في هذا وإن كانت في حالة الحيض.  

 

 
7- إنه متزوج وله أطفال ويستقل في بيتٍ لوحده هو وزوجته وأولاده، وأما والده فهو في بيتٍ مستقلٍ أيضاً مع والدته وإخوته، ويقول: إن عمل والده غير العمل الذي يعمل فيه، وكلٌ منهما يسعى لكسب الرزق الحلال، إلا أن والدي يطلب مني مساعدته في عمله وأن أترك عملي، فهل إذا رفضت طلبه أكون عاقاً لوالدي، أو ماذا؟
إن كنت تنضرُّ بذلك إذا كان عليك ضرر في طاعتك لوالدك فلا يلزمك؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (إنما الطاعة في المعروف) هكذا يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام: (إنما الطاعة في المعروف)، حق الوالد عظيم وكبير فإن استطعت أن تعينه وأن تعمل معه على وجه لا يضرك فافعل، أما إن كان يضرك ذلك وأن عملك الذي أنت فيه في أشد الضرورة إليه، وأنت في حاجة إليه شديدة للقيام بحاجتك وحاجة أولادك ونفقة الجميع فلا يلزمك أن تطيعه في شيء يضرك، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا ضرر ولا ضرار) هكذا يقول عليه الصلاة والسلام: (لا ضرر ولا ضرار)، ولكن تجتهد في طاعة والدك فيما ينفعه وفيما يعينه من دون ضرر عليك، تجمع بين المصلحتين، تجتهد في أن تعمل عملك الذي أنت في ضرورة إليه، وتجتهد أيضاً في أن تطيع والدك في الشيء الذي تستطيعه ويحصل به رضا والدك، جمعاً بين المصلحتين وحرصاً على إرضاء الوالد وعدم إغضابه، مع مراعاة الأصول، الأصول: (إنما الطاعة في المعروف) هكذا يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام، الأصل الثاني: (لا ضرر ولا ضرار)، هذه قاعدة كلية، فليس للوالد أن يضر بك وليس له أن يدخل المشقة عليك، وليس لك أن تعصي والدك في المعروف، ولكن تطعه بالمعروف، مع مراعاة عدم الضرر الذي يلحقك في طاعته.   
 
8- ما حكم زكاة الذهب الملبوس؟
الذهب فيه الزكاة، واختلف العلماء فيما يتعلق بحلي المرأة المعد للبس والملبوس أيضاً، والصواب أن فيه الزكاة، الصواب الذي هو مقتضى الدليل أن في الحلي من الذهب والفضة الزكاة إذا حال عليها الحول وقد بلغت النصاب، والنصاب من الفضة مائة وأربعون مثقالاً، ومن الذهب عشرون مثقالاً، فإذا بلغت الحلي من الأسورة أو الخواتم أو القلائد من الذهب عشرين مثقالاً وجبت الزكاة في ذلك كلما حال الحول على المرأة، هذا هو الصواب هذا القول الأرجح من قولي العلماء. والزكاة ربع العشر فعليها من كل ألف خمس وعشرون زكاة وهكذا في الألفين خمسون ربع العشر، وينظر ذلك ويعرف ذلك بالنظر في قيمة الذهب بالأسواق كلما حال الحول؛ لأنها تزيد وتنقص القيمة، فعلى المرأة أن تنظر في ذلك أو تستعين بمن تراه في ذلك من زوج أو أب أو نحو ذلك حتى تعرف الحقيقة وحتى تؤدي الزكاة كما أمر الله. والنصاب أحد عشر جنيهاً ونصف بالجنيه السعودي والإفرنجي كذلك أحد عشر جنيه ونصف يعني ثلاثة أسباع جنيه نصف إلا يسيراً، فإذا بلغ الحلي هذا المقدار أحد عشر جنيهاً ونصفاً، وعشرون مثقالاً فهذا فيه الزكاة، وبالجرام: اثنين وتسعين جراماً إذا بلغ الحلي اثنين وتسعين غراما فهو نصاب أيضاً، فعليها أن تعتبر ما عندها بهذا بالمثاقيل المعروفة بالجنيه السعودي والإفرنجي كذلك بالغرام فإذا بلغ ما عندها النصاب أو أكثر أو نصابين أو أكثر فعليها الزكاة كلما حال الحول في أصح قولي العلماء، ومن الأدلة على ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيام صفحت له صفائح من نار) الحديث، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: للمرأة التي دخلت عليه وفي يد ابنتها سَكَّتان من ذهب -يعني سواران- فقال: (أتعطين زكاة هذا؟) قالت: لا، قال: (أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيام سوارين من نار؟) فألقتهما وقالت: هما لله ولرسوله. فهذا يدل على وجوب الزكاة في الحلي؛ لأنها أسورة والسكتان سواران، ومع هذا أوجب عليها الزكاة وتوعدها عليه الصلاة والسلام، وهكذا ما جاء في حديث أم سلمة أم المؤمنين - رضي الله عنها - أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب فقالت: يا رسول الله أكنز هذا؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: (ما بلغ يزكى فزكي فليس بكنز) هذا بيانه عليه الصلاة والسلام للأمة. فالواجب على النساء أن يزكين حليهن إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول في أصح القولين من أقوال العلماء رحمة الله عليهم، والقاعدة عند أهل العلم: أن المسائل التي فيها النزاع بين أهل العلم ترد إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله عليه الصلاة والسلام كما قال الله عز وجل: ..فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59) سورة النساء، وإذا رددنا هذا إلى الله فالله يقول سبحانه: مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ.. (80) سورة النساء، ويقول عز وجل: ..وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا.. (7) سورة الحشر، ومن السنة يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ما تقدم: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره) الحديث، ويقول للمرأة لما رأى على ابنتها سكتين من الذهب (أتعطين زكاة هذا؟) قالت: لا ، قال: (أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟) الحديث، فهذا من سيد الأولين والآخرين نبينا وإمامنا وسيدنا وقدوتنا محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام بيان وضح في وجوب الزكاة في الحلي، فالواجب الأخذ به وعدم العدول عنه؛ لأن الله جل وعلا ألزمنا وأوجب علينا اتباعه والتمسك بما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام وعدم العدول عن ذلك إلى قول غيره من الناس.  
 
9- حدث حوارٌ بيني وبين صديق لي عن الإسلام، حيث قال هذا الصديق: إنه لا يصلي على الإطلاق، فقلت له: أنت كافر؛ لأن الله تعالى يقول: ((أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ))[البقرة:85]، وقال لي: أنت أيضاً كذلك، وذكر لي القول: (من كفَّر مسلماً فقد كفر)، وبعد ذلك تركته وذهبت حتى لا يحتدم النقاش إلى أكثر مما وصل إليه، فما حكم كلامنا هذا الذي تم بيننا، وهل نأثم عليه؟
الصواب أن من ترك الصلاة فهو كافر وإن كان غير جاحد لها، هذا هو القول المختار والمرجح عند المحققين من أهل العلم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) خرَّجه الإمام أحمد وأهل السنن عن بريدة بن حصين - رضي الله عنه -، ولقوله أيضاً - صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه-: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) خرَّجه الإمام مسلم في صحيحه، ولقوله أيضاً عليه الصلاة والسلام: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله) خرَّجه الإمام أحمد والإمام الترمذي رحمة الله عليهما بإسناد صحيح عن معاذ - رضي الله عنه -، ولأحاديث أخرى جاءت في الباب، فالواجب على من ترك الصلاة أن يتوب إلى الله وأن يبادر بفعلها ويندم على ما مضى من تقصيره، ويعزم أن لا يعود، فهذا هو الواجب عليه. وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يكون عاصٍ معصية كبيرة وجعل هذا الكفر كفراً أصغر، واحتج بما جاء في الأحاديث الصحيحة من فضل التوحيد ومن مات عليه فهو من أهل الجنة إلى غير هذا، لكنها لا تدل على المطلوب، فإن ما جاء في فضل التوحيد وأن من مات عليه فهو من أهل الجنة إنما يكون بالتزامه أمور الإسلام ومن ذلك أمر الصلاة، فمن التزم بها حصل له ما وعد به المتقون، ومن أبى حصل عليه ما وعد به غير المتقين، ولو أن إنساناً قال: لا إله إلا الله ووحد الله ثم جحد وجوب الصلاة كفر ولم ينفعه قول لا إله إلا الله أو توحيده لله مع جحده وجوب الصلاة، فهكذا من تركها تساهلاً وعمداً وقلة مبالاة فحكمه حكم من جحد وجوبها في الصحيح، ولا تنفعه شهادته بأنه لا إله إلا الله؛ لأن ترك حق هذه الكلمة، فإن من حقها أن يؤدي الصلاة، وهكذا لو وحد الله وأقر بأنه لا إله إلا الله ولكنه استهزأ بشيء من دين الله فإنه يكفر، كما قال الله عز وجل: ..قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ* لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ.. (65-66) سورة التوبة، وهكذا لو قال: لا إله إلا الله ووحد الله وجحد وجوب الزكاة أو جحد وجوب صوم رمضان أو جحد الحج مع الاستطاعة أو جحد تحريم الزنا أو جحد تحريم السرقة أو جحد تحريم اللواط أو ما أشبه ذلك فإن من جحد هذه الأمور كفر إجماعاً، ولو أنه يصلي ويصوم، ولو أنه يقول لا إله إلا الله؛ لأن هذه النواقض تفسد عليه دينه وتجعله بريئاً من الإسلام بهذه النواقض. فينبغي للمؤمن أن ينتبه لهذا الأمر، فهكذا من ترك الصلاة وتساهل بها يكون كافراً وإن لم يجحد وجوبها في الأصح من قولي العلماء للأحاديث السابقة وما جاء في معناها. فنسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين وأن يرد كافرهم إلى التوبة، ومن ذلك من ترك الصلاة نسأل الله أن يهديه للإسلام، وأن يرده إلى ما أوجب الله عليه من إقامة الصلاة، وأن يمن عليه بالتوبة الصادقة النصوح، والله المستعان. سماحة شيخ هنا لا أدري هذا السائل ذكر أن كفَّر هذا الشخص المعين، يعني أطلق عليه الكفر وهذا رد عليه بقول: (من كفر مسلماً فقد كفر) ما أدري ما الحكم في هذا؟ ج/ نعم، وقوله: (من كفَّر مسلماً فقد كفر) هذا إذا كان التكفير في غير محله، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (من قال لأخيه يا عدو الله أو قال: يا كافر وليس كذلك إلا حار عليه)، لكن هذا الذي قال له: أنت كافر بترك الصلاة قد وقعت في محلها فقد وقع تكفيره في محله، فلا يرجع إلى القائل، فلا يكون القائل كافراً؛ لأن القائل قد نفذ أمر الله وأدى حق الله وبين ما أوجبه الله من تكفير هذا الصنف من الناس، فهو مأجور وليس بكافر، وإنما الكافر الذي ترك الصلاة وعاند وكابر، نسأل الله العافية.  
 
10- أسكن في حجرة مع بعض الإخوة المصريين وهم لا يصلون، وأنا أصلي والحمد لله، ولكنني أنصحهم بالصلاة فيعتذرون بأعذار غير مقنعة، ولذلك فأنا لا أقبل أن أشترك معهم في الأكل وآكل لوحدي، وعندما تكلموا كثيراً حول سبب أكلي وحدي ذكرت لهم أني لا آكل مع مسلمٍ لا يصلي، فهل فعلي هذا معهم صحيح أم لا؟
نعم، قد أحسنت وأصبت، ماداموا يكابرون في ترك الصلاة ولم يقبلوا نصيحتك فالواجب بغضهم في الله وعدم مصاحبتهم وعدم الأكل معهم؛ لأن هؤلاء مرتدون عن الإسلام في أصح قولي العلماء، من ترك الصلاة صار مرتداً في أصح قولي العلماء، فالواجب نبذهم وعدم صحبتهم وينبغي أن لا تبقى معهم في الحجرة أيضاً بل تكون في محل آخر حتى لا يضرك قربهم؛ لأن صحبة الأشرار والقرب منهم فيه خطر عظيم، فنسأل الله أن يمن عليهم بالتوبة وأن يهديهم إلى رشدهم، وأن يعيذهم من شر الشيطان والنفس الأمارة بالسوء، وأن يمن عليهم بالتوبة، أما أنت فقد أحسنت في نصيحتهم، وقد أحسنت في مفارقتهم حتى لا يصيبك شيء من شرهم. 
 
11- أنا لا أستطيع أن أسكن لوحدي؛ نظراً لارتفاع الأجور، وقد بحثت عن أناس يصلون لأسكن معهم حتى أفارق هؤلاء فلم أستطع، فما حكم بقائي مع مفارقتي لهم في الأكل ونحوه؟
لا حرج عليك حتى تجد مخلصاً، لا حرج عليك من البقاء معهم مع بغضهم في الله ومع النصيحة لهم حتى تجد مكاناً آخر وحتى تجد أصحاباً آخرين، وأبشر بالخير يقول الله سبحانه: ..وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ.. (2-3) سورة الطلاق، ويقول عز وجل: ..وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) سورة الطلاق، فأبشر فسوف يجعل الله لك فرجاً ومخرجاً بسبب صدقك وبسبب جهادك في سبيل الله في نصيحة هؤلاء والبعد من شرهم والبراءة من عملهم. بارك الله فيكم 
 
12- أرجو توضيح صلاة القصر توضيحاً كاملاً، وهل عندما يسافر الإنسان لمسافة بعيدة، فهل يجمع صلاة يومٍ كامل، خاصةً وأنه ليس في وسعه أن يجعل الناس المسافرين معه ينتظروه حتى يصلي، وسينتهي اليوم كله في السفر، فما حكم جمع الصلوات كلها مع صلاة الصبح أو مع صلاة المغرب قصراً ، وهل هذا موافق للصحيح؟
صلاة القصر بيَّنها الرب عز وجل في كتابه بياناً مجملاً وأوضحها نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - قال تعالى: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ.. (101) سورة النساء، وبينها النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان يقصر في السفر، إذا سافر صلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين والعشاء ركعتين، أما المغرب فلا تقصر كان يصليها ثلاثاً دائماً في السفر والحضر، وهكذا الفجر لا تقصر الصلاة اثنتين دائماً في السفر والحضر، وإنما القصر في الظهر والعصر والعشاء يعني أبع إلى اثنتين, أما الجمع فهو رخصة إن احتاج إليه الجمع وإلا تركه، فإذا ارتحل بعد الظهر وأحب أن يصلي العصر مع الظهر فلا بأس، وهكذا لو ارتحل بعد المغرب وأحب أن يقدم العشاء معها فلا بأس كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - في كثير من أسفاره، وهكذا لو ارتحل قبل الظهر فأحب أن يؤخر الظهر مع العصر كان هذا أفضل حتى يصليهما في وقت العصر، وهكذا لو ارتحل في السفر قبل المغرب فأخر المغرب مع العشاء وصلاهما في وقت العشاء كان هذا حسناً؛ لأن الرسول فعله عليه الصلاة والسلام. أما المقيم النازل الذي نزل على الماء أو في قرية من القرى لعارض فهذا إذا كان مقيماً نازلاً الأفضل له أن يصلي الظهر في وقتها والعصر في وقتها والمغرب في وقتها والعشاء في وقتها إقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه في حجة الوداع في منى لما كان مستقراً في منى نازلاً في منى كان يصلي الظهر وحدها اثنتين والعصر وحدها اثنتين والمغرب وحدها ثلاثاً والعشاء وحدها اثنتين والفجر وحدها اثنتين هكذا كان يعمل في منى في حجة الوداع قبل أن يموت بنحو ثلاثة أشهر عليه الصلاة والسلام، فهذا هو الأفضل، وإن جمع المسافر وهو مقيم بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء فلا بأس، أما الفجر فلا تجمع إلى غيرها الفجر تصلى وحدها ولا تجمع إلى غيرها، والقصر لا يكون إلا في الظهر والعصر والعشاء، أما المغرب فإنها تصلى ثلاثاً والفجر تصلى ثنتين، وإذا كانت الإقامة غير طويلة فهذا هو العمل، أما إن كانت طويلة قد عزم أكثر من أربعة أيام فهذا ينبغي له أن يتم يصلي أربعاً عند جمهور أهل العلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما أقام في مكة في حجة الوداع أربعة أيام قصر، والأصل أن المقيم يتم، فعلمنا أن الإقامة لمدة أربعة أيام لا تمنع القصر؛ لأنه قدم مكة في اليوم الرابع وارتحل منها إلى منى في اليوم الثامن، وكانت مدة الإقامة أربعة أيام قبل الحج، فاحتج بها جمهور أهل العلم على أنها مدة لا تمنع القصر، فإذا نوى إقامة طويلة تزيد على أربعة أيام فإن الأولى به والأحوط له أن يصلي أربعاً كما قاله جمهور أهل العلم رحمة الله عليهم. وبالنسبة إلى ما ذكره السائل من مثال في جمع الصلوات كاملة في اليوم للمسافر؟ مثل ما تقدم بينا، الجمع يكون للظهر والعصر في وقتٍ لهما، والمغرب والعشاء في وقت إحداهما، أما الفجر فلا تضم إلى شيء، فيصلى وحدها بعد طلوع الفجر قبل الشمس، فالفجر لا تضم إلى شيء بل يجب أن تصلى وحدها بعد طلوع الفجر وقبل أن تطلع الشمس.    

404 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply