حلقة 238: المسبوق يدخل مع الإمام ويتابعه ثم يكمل مافاته - الإتئمام بالمسبوق - المسافة بين المصلي وبين السترة - حكم مد البصر أثناء الصلاة في الصحراء - حكم الآذان والإقامة للمرأة - الصيام المستحب خلال السنة - حكم الإسلام في تحديد النسل

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

38 / 50 محاضرة

حلقة 238: المسبوق يدخل مع الإمام ويتابعه ثم يكمل مافاته - الإتئمام بالمسبوق - المسافة بين المصلي وبين السترة - حكم مد البصر أثناء الصلاة في الصحراء - حكم الآذان والإقامة للمرأة - الصيام المستحب خلال السنة - حكم الإسلام في تحديد النسل

1- إذا دخلت إلى صلاة المغرب والجماعة في التشهد الأخير، ودخلت معهم ثم سلم الإمام، وقمت لأكمل الصلاة، فهل أصلي ركعة وأجلس للتشهد الأول، أم أصلي ركعتين وأجلس للتشهد الأول وآتي بثالثة؟ أفيدوني أفادكم الله

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صلي وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه، أما بعد: فإن المصلي إذا دخل والإمام في الركعة الأخيرة في التشهد أو في السجود فإنه يدخل معه ويكمل الصلاة معه، ثم إذا سلم الإمام قام فأتى بركعتين ثم يجلس للتشهد الأول، ثم يأتي بالثالثة، هذه هي الصفة الشرعية لأداء صلاة المغرب لمن فاتته الصلاة كلها، أما من فاتته واحدة فإنه بعدما يسلم الإمام يقوم ويأتي بواحدة تكون ثانية له ويجلس ويأتي بالتشهد الأول ويصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم – ثم يقوم للثالثة فيكمل صلاته، والله ولي التوفيق.  
 
2- لقد حضرت لصلاة العصر ودخلت في الركعة الثالثة، وبعد تسليم الإمام قمت لتكملة ما فاتني من الصلاة، وأثناء ذلك حضر مسلم وصلى خلفي وجعلني إماماً له، فهل يحق لي أن أكون إماماً له، وهل تحسب له صلاة الجماعة؟ أفيدونا أفادكم الله.
لا حرج في ذلك إن شاء الله على الصحيح، يكون مأموماً وأنت إمام، ويرجى أن يكون لكما فضل الجماعة، وإن صلى وحده وكمَّلت وحدك فلعله أحوط خروجاً من خلاف العلماء المانعين من ذلك.  
 
3- لقد سمعنا منكم أنه إذا مر كلب أو حمارٌ أو امرأةٌ أمام المصلي تبطل الصلاة، فما هي المسافة التي تمر فيها هذه الأشياء، وهل إذا كانت المرأة هذه من المحارم أيضاً تبطل الصلاة؟
ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (يقطع صلاة المرء المسلم -إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل- المرأة والحمار والكلب الأسود) وجاء في الحديث الآخر: (المرأة الحائض) يعني البالغة، فإذا كانت بين يديه قريباً منه بثلاثة أذرع فأقل فإنها تقطع هذه الثلاث، أما إذا كانت بعيدة أكثر من ثلاثة أذرع فإنها لا تقطع. أما إن كانت له سترة كمؤخرة الرحل مثل الكرسي مثل الجدار مثل السارية إذا مرت هذه الثلاث بينه وبين السترة فإنها تقطع صلاته، أما إن كانت من وراء السترة فإنها لا تقطع صلاته، يعني تبطلها هذا معنى قطعها يعني تبطلها. أما غير الثلاثة كالرجل وكالكلب غير الأسود وكالدواب الأخرى فإنها لا تبطل الصلاة، لكن لا ينبغي مرورها، يعني يحرص المصلي على أن يمنع المرور بين يديه مطلقاً حتى غير الثلاثة، لكن لا يقطع الصلاة ويبطلها إلا هذه الثلاثة: المرأة البالغة والحمار والكلب الأسود، هذه الثلاث هي التي تبطل الصلاة، وأما غيرها فإنه لا ينبغي مروره لكنه لا يبطل الصلاة كالكلب غير الأسود وكمرور الرجل ومرور الناقة مثلاً أو ما أشبه ذلك.  
 
4- نحن نصلي في الصحراء ولا يتقيد الواحد منا بالنظر إلى مكان سجوده، بل يمد بصره في الصحراء، فهل هذا يبطل الصلاة؟
مد البصر إلى جهات الأمام في الصحراء أو عن يمين أو شمال لا يبطل الصلاة لكنه مكروه، والسنة الخشوع في الصلاة والإقبال عليها وطرح البصر إلى محل السجود كما قال الله عز وجل: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) (1-2 المؤمنون) وروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن من الخشوع طرح البصر إلى محل السجود، وهكذا نص الأئمة والعلماء على شرعية طرح البصر إلى موضع السجود؛ لأن هذا أجمع للقلب وأبعد عن الحركة والعبث، فالسنة للمؤمن أن يطرح بصره وأن لا ينظر هاهنا وهاهنا لا في الصحراء ولا في غير الصحراء، بل يخشع في صلاته ويقبل عليها ويدع الحركات. بعض الناس قد يعبث بالساعة أو بلحيته أو بأنفه أو بشيء من ثيابه وهذا خلاف المشروع، العبث يكره إلا من حاجة قليلة، أما العبث الكثير المتوالي فإنه يبطل الصلاة، فينبغي للمؤمن أن يتحرى الخشوع وأن يحرص على الخشوع في صلاته والسكون وعدم الحركة حتى يكملها عملاً بقوله سبحانه: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) (1-2 المؤمنون)، وعملاً بقول النبي عليه الصلاة والسلام: (اسكنوا في الصلاة) لما رأى ناساً يشيرون بأيديهم في الصلاة قال: (اسكنوا في الصلاة) فأمرهم بالسكون وهو ترك الحركة وترك العبث، وفق الله الجميع.  
 
5- هل يجوز للمرأة فعل الأذان والإقامة للصلاة أم لا؟
لا يشرع للمرأة أن تؤذن أو تقيم في صلاتها، إنما هذا من شأن الرجال، أما النساء فلا يشرع لهن أذان ولا إقامة، بل يصلين بدون أذان ولا إقامة، وعليهن العناية بالوقت والخشوع وعدم العبث في الصلاة كالرجل، عليها أن تخشع وأن تطرح بصرها إلى موضع سجودها، وأن تبتعد عن العبث لا في الأيدي ولا بغيرها، هكذا السنة للمؤمن في صلاته وللمؤمنة كذلك.  
 
6- أريد أن أعرف منكم صيام أيام البيض، ما المقصود به وما أجره، وهل هو سنة، وما هي الأيام التي حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على صيامها، وهل إذا صام الإنسان في رجب وشعبان فقط الاثنين والخميس له أجر أم لا؟
ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه كان يصوم الاثنين والخميس عليه الصلاة والسلام، وثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه رغب في صيام يوم الاثنين والخميس وقال: (إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم) ورغب الناس في ذلك عليه الصلاة والسلام، وحث عبد الله بن عمرو وأبا هريرة وأبا الدرداء وغيرهم على صيام ثلاثة أيام من كل شهر. فالسنة صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وإذا كانت في أيام البيض كان أفضل، وهي: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر هذه أيام البيض، إذا صامها كان ذلك أفضل لأنها في وسط الشهر وسميت بيضاً لأن ليلها أبيض بالقمر ونهارها أبيض بضوء الشمس، وإن صام الثلاثة في غير أيام البيض صامها في العشر الأول أو في العشر الوسط أو في العشر الأخيرة في غير أيام البيض فهذا كله لا بأس به. المقصود صيام ثلاثة أيام، هذا المقصود أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر هذا هو المشروع والسنة، لكن إذا صامها في أيام البيض كان ذلك أفضل، كان هذا مزيد فضيلة، وإذا صامها من رجب أو من شعبان فلا بأس، لكن إذا استمر فيها يكون أفضل، وإن صامها في بعض الشهور وتركها في بعض الشهور فلا حرج. لكن تخصيص رجب وشعبان؟ ج/ ما يضر، ما يضر؛ لأن الرسول كان يصوم شعبان كله عليه الصلاة والسلام، والمكروه إفراد رجب، أما إذا صام بعضه ما يضر.  
 
7- ما حكم الصلاة في المساجد التي بها قبور، علماً بأن القرية التي نحن بها لا يوجد فيها مسجد إلا وفيه قبر؟!! فما الحكم إذا تركت صلاة الجماعة أو الجمعة، علماً بأن هذه المساجد لا نستطيع إزالة هذه القبور؛ لأنها تابعة لوزارة الأوقاف -كما يقول-؟
الرسول -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصلاة عند القبور، ولعن اليهود والنصارى لاتخاذهم المساجد على القبور، قال عليه الصلاة والسلام: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) قالت عائشة - رضي الله عنها-: (يحذر ما صنعوا)، خرجه البخاري ومسلم في الصحيحين، وقال عليه الصلاة والسلام: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) خرجه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي، وفي الصحيحين عن أم سلمة وأم حبيبة - رضي الله عنهما - أنهما ذكرتا للنبي -صلى الله عليه وسلم- كنيسة رأتاها في أرض الحبشة وما فيها من الصور فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله) فأخبر أنهم بهذا العمل هم شرار الخلق لكونهم يبنون على قبور الصالحين مساجد ويصورن صورهم عليها، هذا من عمل شرار الخلق. فالواجب على حكام المسلمين وعلى أعيان المسلمين التعاون في هذا الأمر، وأن لا يبنى مسجد على قبر وأن لا يدفن ميت في مسجد، بل المقابر على حدة والمساجد على حدة، هذه سنة المسلمين، وهذا هو المشروع الذي بينه الرسول للأمة عليه الصلاة والسلام، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- كان والمسلمون يدفنون في البقيع في المدينة وكان مسجده -صلى الله عليه وسلم- ليس فيه قبور ولكن لما وسع المسجد في عهد الوليد بن عبد الملك في آخر القرن الأول أدخل الوليد في الحجرة في المسجد النبوي فظن بعض الناس لجهلهم أنه يجوز اتخاذ القبور في المساجد والبناء عليها، وهذا جهل وخلاف لما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يدفن في المسجد وإنما دفن في بيته في بيت عائشة، وهكذا دفن معه صاحباه أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - وعند التوسعة التي فعلها الوليد بن عبد الملك أدخل الحجرة برمتها في المسجد، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- دفن في بيته وهكذا صاحباه ولم يدفنوا في المسجد. فلا ينبغي لعاقل أن يحتج بهذا على ما فعله أولئك الذين غلطوا وخالفوا السنة فبنوا على القبور واتخذوا عليها المساجد أو دفنوا في المساجد، كل هذا غلط ولا يجوز الصلاة بالمساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها، إذا كان القبر في داخل المسجد، أما إذا كان القبر خارج المسجد عن يمينه أو شماله أو أمامه وراء حائط من أمام فلا يضر ذلك، أما إذا كان في المسجد في نفس المسجد فإنه لا يصلى في هذا المسجد. والواجب على الحكام حكام المسلمين أن ينظروا في الأمر: فإن كان المسجد هو الأخير هو الذي بني على القبر يهدم وتكون القبور بارزة للمسلمين يدفن في الأرض التي فيها القبور وتكون بارزة غير مسقوفة وغير مبني عليها حتى يدفن فيها المسلمون وحتى يزوروها ويدعون لأهلها بالمغفرة والرحمة، والمساجد تبنى في محلات ليس فيها قبور. أما إن كان القبر هو الأخير والمسجد سابق فإن القبر ينبش ويخرج من المسجد رفاته، ويوضع الرفات في المقبرة العامة يحفر للرفات في حفرة وتوضع الرفات في الحفرة ويسوى ظاهرها كالقبر وحتى يسلم المسجد من هذه القبور التي فيه المحدثة، وإذا نبشت القبور التي في المساجد ونقلت ونقل رفاتها إلى المقابر العامة صلي في هذه المساجد، والحمد لله، إذا كانت المساجد هي الأولى هي القديمة والقبر حادث فإنه ينبش القبر ويخرج الرفات ويوضع في المقبرة العامة، والحمد لله. أما إذا كان القبر هو الأصل والمسجد بني عليه فهذا صرَّح العلماء بأنه يهدم لأنه أسس على غير التقوى، فوجب أن يزال وأن تكون القبور خالية من المصليات لا يصلى عندها ولا فيها؛ لأن الرسول نهى عن هذا عليه الصلاة والسلام؛ ولأن الصلاة عندها وسيلة للشرك، الصلاة عندها وسيلة إلى أن تدعى من دون الله وإلى أن يسجد لها وإلى أن يستغاث بها، فلهذا نهى النبي عن هذا عليه الصلاة والسلام، وسد الذرائع التي توصل إلى الشرك عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم.  
 
8- ما حكم الإسلام في تحديد النسل؟
تحديد النسل فيه تفصيل: الأصل أنه لا يحدد النسل ولا يجوز، وليس لدولة أو أي إنسان أن يتدخل في تحديد النسل، بل هذا يترك إلى الناس، وليس لدولة أن تقول: يجب أن يكون النسل أربعة أو خمسة أو ثلاثة، لا، هذا حرام ومنكر وظلم لا يجوز، لكن الإنسان إذا كان على زوجته مشقة لمرض في رحمها أو مرض بها يضرها الحمل بتقرير الأطباء جاز أن يؤجل الحمل إلى وقت آخر حتى يأذن الأطباء في ذلك ويقولوا إنه لا يضرها، وهكذا لو كانت تحمل هذا على هذا وكثر عليها الأولاد وشق عليها التربية لكثرة الأولاد فلا مانع من تعاطي ما يحدد النسل لمدة سنة أو سنتين حتى تستطيع التربية وحتى تتمكن من أداء ما يجب لأولادها من تربية وإحسان وملاحظة، مثل مدة الرضاع سنة سنتين أو سنة تتعاطى ما يمنع الحمل حتى يحصل لها الفراغ لتربية أولادها الصغار، وأما تحديده مطلقاً فلا يجوز.  
 
9- لي أخٌ من أبي وأمي لا يصلي، وقد نصحته وبينت له ما وعد الله به قاطع الصلاة في الدنيا وفي الآخرة، وما يحل به من عذاب في القبر، ولم يستجب للنداء، وقد أمضى معي في الغربة حوالي أربع سنوات وأنا أنصحه ولكن بدون فائدة، والسؤال: هل يجوز لي مقاطعته، وهل يجوز رد السلام عليه، وهل إذا قاطعته وكانت هذه المقاطعة سبب في غضب والدتي عليّ هل علي في ذلك إثم؟ ويسأل عن الأكل والشرب معه... الخ.
قد أحسنت في نصيحته والاستمرار في ذلك، أما كونه استمر في مقاطعة الصلاة ولم يوفق لقبول النصيحة فهذا إلى الله سبحانه وتعالى، هو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء، فعليك أن تدعو له كثيراً بالهداية، وهكذا الوالدة تدعو له بالهداية أن الله يهديه ويرده إلى الصواب في السجود في آخر الصلاة في أوقات الإجابة مثل آخر الليل مثل بين الأذان والإقامة لعل الله يهديه ولعل الله يستجيب دعاءك ودعاء الوالدة. أما المقاطعة فالواجب مقاطعته مادام لم يقبل فالواجب هجره ومقاطعته لعله يستفيد من هذا الهجر ولعل الله يهديه بذلك، ولا تتخذه جليساً يكون أكيلك أو شريبك، ولا تجب دعوته إذا كان في بيت آخر إذا دعاك بل تظهر له المقاطعة والبغضاء حتى يهديه الله عز وجل، وهكذا الوالدة عليها أن تنكر عليه وعليها أن تبغضه في الله وعليها أن تقاطعه حتى يهديه الله؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر في الصحيح من قولي العلماء، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة) ويقول النبي أيضاً عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) ويقول عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) فالصلاة عمود الإسلام من أضاعها أضاع دينه، نسأل الله العافية، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لما ذكر الصلاة يوماً قال: (من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف)، وهؤلاء من صناديد الكفار ومن أخبث الكفار فبين -صلى الله عليه وسلم- أن من ضيع الصلاة يحشر مع هؤلاء الكفرة، نسأل الله العافية. فالمقصود أن الواجب عليك وعلى الوالدة النصيحة وقد بذلت منك النصيحة وعلى الوالدة أن تبذل النصيحة وبعد ذلك لا بد من المقاطعة ولا بد من إعلان البغضاء له حتى يعرف أنكما تبغضانه في الله، وأنكما تقاطعانه في هذا الأمر لعل الله يهديه ويمن عليه بالتوبة ولا مانع من النصيحة بعد ذلك بين وقت وآخر بالكلام أو بالتلفون أو بالبرقيات والكتابة ونحو ذلك لا مانع أن يستمر المؤمن في النصيحة، لكن مع البغضاء في الله ومع الهجر في الله كما قال الله عز وجل: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) فترك الصلاة كفر وضلال، نسأل الله العافية، نسأل الله له الهداية، ونسأل الله أن يعينك والوالدة على كل خير، وأن ينفع بنصيحتكما وأن يقبل دعواتكما له حتى يهديه الله.  
 
10- يوجد لدينا في بلدنا نظام من المحكمة ألا يتجاوز المهر ألفي ريال، وقد عمم ذلك، ولكن أولياء الأمور والخاطبون منهم يتفقون فيما بينهم على دفع مبالغ قد تزيد على ستين ألف ريال، ويشترط ولي الفتاة على الزوج ألا يخبر المحكمة بذلك، وإذا سألت المحكمة قالوا: إن المهر ألفا ريال فقط، ولو علمت المحكمة أو علمت الدولة لدخل واحدٌ منهما السجن، وإذا استمر في الزواج ووفق فلا مشكلة، ولكن المشكلة إذ اختلفا وجاءت البنت إلى أهلها، وجاء زوجها يريدها قال لها أهلها: طلقها، فإذا أراد أن يطلقها وطلب ما عندهم من مال، قالوا: إنك لم تدفع لنا سوى ألفي ريال، ولا يستطيع أن يشتكي حتى لا يسجن؛ لأنه متستر، فماذا يفعل في هذه الحالة؟ هل يحق له إذا أكل هؤلاء الناس ماله أن يحرق مزرعة لهم أو يحرق شيئاً لهم انتقاماً أو يضايقهم، وهل يجوز لنا أن نقاطع هذا الولي الذي أكل مال هذا الزوج، ونترك السلام عليه ونهجره لعل الله أن يهديه، أم ماذا؟
الواجب في هذا عند التنازع الرجوع إلى المحكمة ولو جرى ما جرى من سجن أو غيره، الواجب الرجوع إلى المحكمة حتى تنظر في الأمر وتجمع بين الزوج والزوجة بالطرق التي تراها المحكمة، ولعل الله يجعلها سبباً للهداية، وهذا كله بعد العناية بعد توسيط الرجال الطيبين بينك وبين أهل الزوجة لعل الله أن يهديها فترجع إليك، والحمد لله. المقصود أن الزواج بما زاد على المحدد فيما بينك وبين أهل المرأة إذا دعت إليه الحاجة والضرورة فلا بأس حتى لا تجلس بدون زوجة، ولكن ينبغي للجميع أن يتأدبوا وأن يأخذوا بما عينته الدولة وأن يتعاونوا على الخير؛ لأن المغالاة في المهور لا خير فيها، وقد تضر الجميع وقد تعطل الشباب والفتيات، والدولة أرادت الخير وأرادت الإصلاح فينبغي للشعب رجالاً ونساءً أن يتعاونوا مع الدولة وأن يرضوا بهذا المقرر ولو قليلاً، ومتى صلحت الحال فسوف يعطيها الشيء الكثير، لكن ينبغي للشعب أن يتعاونوا مع الدولة بقبول ما قرر والرضا به والتسامح حتى لا يتعطل الرجال ولا يتعطل النساء، فإذا قدر أنهما تنازعا بعد ذلك فإنهما يوسطان من أهل الخير من الجيران والأقارب من يصلح بينهما، ويفعل الخير بالمفارقة بالمعروف أو بالاجتماع أو الصلح وعدم وصول المحكمة، فإن دعت الضرورة إلى المحكمة فإنه لا مانع من وصوله المحكمة وإن جرى ما جرى وإن حبس أو حبسا الآخر، أما كونه يحرق أرضه أو مزرعته أو يتعدى، لا، هذا لا يجوز، ولكن يطلب حقه من طريق ولاة الأمور، نسأل الله للجميع الهداية. وإن كان خائفاً من السجن وسكت؟ ج/ إذا سمح فلا بأس، وسوف يأخذ حقه يوم القيامة.  
 
11- إذا كان لي أخت تؤذي الجيران بالكلام، وتتسبب في مشاجرات بيننا وبين الجيران، بل إنها تسببت بين أخي وبين زوجته حتى طلقها، وعندما نريد أن نؤدبها ترفض الوالدة، وتقول: من ضربها فلست أمه، فماذا نفعل معها، هل علينا حرج إذا ضربناها حتى ترتدع، علماً أنها متزوجة ولها طفلان، ولكن زوجها غائب في بلاد أخرى، وهي تؤذي الناس، وقد شقت علينا، فما الحكم؟
عليكم أن تنصحوها كثيراً أنت وإخوانك وأقاربك الآخرون، مثل أخوالها مثل أعمامها إن كان لها أعمام حتى يهديها الله، والأم كذلك تنصحون الوالدة حتى تنصحها حتى تقوم عليها ولا ينبغي لكم ولا يجوز لكم أن تفعلوا شيئاً يسبب الشر بينكم وبين الوالدة، فإن حق الوالدة عظيم، ولكن تجتهدون في إزالة شرها بالطرق الحكيمة بالنصيحة والتوجيه والزعل عليها والهجر لها حتى تستقيم حتى تتوب حتى تدع إيذاء الناس، وفي إمكان الناس الذين تؤذيهم أن يشكوها الذين يؤذون منها بإمكانهم أن يشكوها على المحكمة أو على الأمير حتى يدفع شرها، وأنتم تسلمون من غضب الوالدة، رزق الله الجميع الهداية.  
 
12- هل يجوز تقبيل العمة والخالة وبناتهم؟ وماذا يجوز للمرأة تقبيله من أهلها: كالأخ أو الخال أو العم؟ أفيدونا أفادكم الله.
العمة والخالة محرم، فلابن أخي العمة ولابن أخت الخالة أن يقبلها مع رأسها بين عينيها مع أنفها مع خدها لا بأس، أما الفم فالأولى تركه وعدم التقبيل مع الفم؛ لأنه قد يحرك الشهوة؛ ولأنه من شأن الأزواج. المقصود أنه لا مانع من كون المحرم يقبل محرمه كأخته وعمته وأمه وجدته ونحو ذلك، بين العينين على الأنف على الخد، وقد ثبت أن الصديق - رضي الله عنه - قبل عائشة مع خدها، فالمقصود أن التقبيل للمحرم لا بأس، أما بنت الخالة وبنت العمة ما هي بمحرم لا تقبل ولا تصافح، لكن يسلم عليها من بعيد، كيف حالك يا فلانة؟ كيف أنت يا فلانة؟ السلام عليك، وما أشبه ذلك، أما أنه يقبلها أو يصافحها فلا، لأن بنت الخالة ولأن بنت العمة ليستا من المحارم، وهكذا بنات الجيران ونساء الجيران ليسوا بمحارم، لسن محارم، فلا يقبل الإنسان جارته ولا بنت عمه ولا بنت خاله، ولا زوجة أخيه، ولا أخت زوجته، كل هؤلاء ليسوا محارم، ولا يصافحهن، ولكن بالكلام من بعيد. أثابكم الله. 
 
13- إذا نزلت من بلاد الغربة إلى أهلي آخذ معي هدايا لأمي وزوجتي، فهل يلزمني أن أساوي بين أمي وزوجتي في الهدايا، علماً بان الوالدة تهدي هذه الهدايا إلى ناس آخرين، قد يكون منهم من أكرهه ولا أرضاه؟
لا يلزمك التساوي، تنظر الأصلح، إن شئت زدت الوالدة، وإن شئت زدت الزوجة، الزوجة لها شأن والأم إن شئت زدت الأمة وإن شئت زدت الزوجة، وإن شئت سويت بينهما، كل واحدةٍ لها ما يناسبها من اللباس، فأنت تنظر الأصلح وتعطي الوالدة ما يناسبها، وتهدي إلى الزوجة ما يناسبها، وأما تصرف الوالدة في بعض الهدايا فهذا يمكن أن تنصحها بالأسلوب الحسن والكلام الطيب إذا كانت تعطي أناساً لا ترضى أن يعطوا، لكن بالأسلوب الحسن، والكلام الطيب، لعلها تقتنع بكلامك.

381 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply