حلقة 632: بعض الحالات النفسية وعلاجها من الشرع - من تلفظ بكلمة كفر هل عليه كفارة - استخدام وسماع الطبل في الأفراح إذا تعذر وجود الدف - رقص المرأة بين النساء في الأفراح - بيع الوكيل بالتقسيط هل يلزم إخبار الموكل سيما والربح يكون للوكيل

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

32 / 50 محاضرة

حلقة 632: بعض الحالات النفسية وعلاجها من الشرع - من تلفظ بكلمة كفر هل عليه كفارة - استخدام وسماع الطبل في الأفراح إذا تعذر وجود الدف - رقص المرأة بين النساء في الأفراح - بيع الوكيل بالتقسيط هل يلزم إخبار الموكل سيما والربح يكون للوكيل

1-   لقد تزوجت برجل من مدة ست وعشرين سنة، وأنجبت منه ابنين وأربع بنات، وقد مكثنا عشر سنوات على خير ما يرام، وبعدها بدأت ألاحظ على زوجي تغيراً في عينه، مما جعلني أخاف من ذلك وأكره هذا المنظر ولا أطيقه، وإذا دخل علي في البيت أرى كأن في عينيه ناراً، مما يجعلني لا أطيق الاجتماع به ولا السير معه، ولا أجلس معه من أجل الخوف الذي يساورني إذا رأيته؛ لأنه في حالة غير طبيعية مما أشاهده في عيونه، وقد أخذني أخي إلى جدة ليعالجني هناك خشية أن يكون بي مرض، وأنا ليس بي مرض، وقد ذهبت إلى أهلي أربع مرات من أجل ذلك ويردونني عليه، وبعد ذلك أخذت إحدى البنات وذهبت إلى الرياض واستأجرت بيتاً وسكنت فيه، ثم جاء أهلي وأخذوني وردوني إلى بيت زوجي في المنطقة الشرقية، وقد اتهمت أيضاً بفقدان الذاكرة، وأنا ليس بي شيء بحمد الله، وقال أخي: إن عندي انفصاماً في الشخصية، وإني مجنونة، فأرجو من مكارم أخلاقكم أن تتفضلوا بتوجيهي، كيف أتصرف حتى أعود إلى حياتي الزوجية كما كنت؟ جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالذي أرى في مثل هذا عرض الحالة على من تظنين أن عنده خبره بهذا المرض النفسي الذي حدث لك، لعله يجد علاجاً لهذا، هذا مرض نفسي يعرض على أطباء العلاج النفس، علاج الأمراض النفسية لعله يجد لك علاجا، وإما أن يعالج مثل هذا العناية بالقرآن الكريم، النفث في يديك عند النوم، تنفثي في يديك عند النوم، تقرئين: (قل هو الله أحد) والمعوذتين ثلاث مرات عند النوم، وتمسحين بذلك على ما أقبل من جسدك، على الرأس والوجه، وما أقبل من الجسد ثلاث مرات عند النوم، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يستعمل هذا إذا اشتكى شيئاً -عليه الصلاة والسلام-، مع التعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق صباحاً ومساء ثلاث مرات، وكذلك: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات صباحاً ومساء، وقراءة آية الكرسي عند النوم، كل ذلك من أسباب العافية والسلامة، وهكذا قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة، قراءة: (قل هو الله أحد) والمعوذتين بعد كل صلاة، مع تكرار السور الثلاث بعد المغرب والفجر ثلاث مرات، كل هذا من العلاج لهذا المرض إن شاء الله، لأنه قد يكون هناك شيء، إما عين، وإما غير ذلك من أعمالٍ سيئة من بعض خصومك أنت وزوجك. المقصود أن هذا قد يكون هناك عمل غير صورة زوجك في نظركِ، وفي مقابلتك له، من عمل بعض المفسدين، أو عين من النظر، يسمونها النظرة، قد يكون هذا وقد يكون هذا، فإذا فعلت ما ذكر من القراءة والتعوذات فلا بأس، ونرجو لك الشفاء وإن عرضت نفسك على بعض الأطباء النفس رجال أو نساء وأخبرتيهم بالواقع ربما يكون عندهم شيء من العلاج، نسأل الله لك الشفاء والعافية. أما ما يتعلق بالنزاع والخصومة فهذا لدى المحكمة، إذا كان هناك نزاع غير هذا المرض هذا عند المحكمة. يبدو أن النزاع أو الخلاف بسبب هذه الحالة؟ هذا هو الظاهر، هو ما حصل لها عند التغير في نظرها بالنسبة إلى زوجها، قد يكون هذا شيئاً واقعاً، وقد يكون شيء في عينها فقط. والله أعلم. نفترض أن الزوج يستمع إلينا الآن، هل من كلمة للزوج والمرأة في هذه الحالة الحديثة عليه؟ نوصي الزوج بالعناية بها، بالأساليب الحسنة، والكلام الطيب، والخطاب المناسب، والدعاء، كل منهما يدعو الله أن يزيل ما حصل، وهي تدعو ربها أن الله يشفيها مما أصابها، والزوج يدعو الله أن يشفيه مما وقع، ويشفيها مما وقعت، يسأل ربه أن يشفيه مما وقع إن كان هناك شيء فيه، ويسأل ربه لها أيضاً أن الله يشفيها ويعافيها مما أصابها، الدعاء سلاح المؤمن، والله يقول -سبحانه-: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ[غافر: 60]. فنوصي كلاً منهما بسؤال الله العافية والشفاء مما حصل وأن الله يعيد الحالة إلى حالتها الأولى الحسنة وهو قادر على كل شيء -سبحانه وتعالى-. سماحة الشيخ المريض قد لا يحسن معالجة نفسه؟ هل تنصحونها بأن يقرأ عليها بعض الناس أو يصف لها بعض الوصفات المناسبة؟ لا هي تقرأ، إذا كانت تقرأ، أو يقرأ لها زوجها، أو يقرأ لها أخوها أو أبوها أو امرأةً صالحة تقرأ وتنفث عليها، طيب. 
 
2-  إذا لعب الشيطان الرجيم بالإنسان وتلفظ لسانه بكلمة إلحاد، هل عليه كفارة يكفر بها عن هذا الذنب العظيم، وما هي هذه الكفارة؟
عليها التوبة إلى الله، البدار بالتوبة والندم، بأن يندم على ما حصل منه، ويجزم على أنه لا يعود، يعزم عزماً صادقاً أنه لا يعود، ويكثر من الاستغفار والعمل الصالح، لأن الله يقول -جل وعلا- في كتابه الكريم: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا[الفرقان: 68-70]، سبحانه وتعالى، ويقول -جل وعلا-: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[النــور: 31]، فكل ذنب من كفرٍ أو غيره علاجه التوبة، وإذا كان فيه حد شرعي كالزنا ونحوه فعلاجه الحدود الشرعية، ولكن العبد يستتر بستر الله، ولا يبدي عورته، بل إذا وقع منه شيء عليه المبادرة بالتوبة فيما بينه وبين الله -سبحانه وتعالى-، واللجوء إليه، وسؤاله أن يمن عليه بالتوبة، ويندم على ما مضى، ويعزم على أن لا يعود، ويجتهد في بعده عن أهل الشر، وعن مجالسة أهل الشر، والله يتوب على التائب -سبحانه وتعالى-. 
 
3-  هل يجوز استخدام وسماع الطبل في الأفراح إذا تعذر وجود الدف؟
لا يجوز استعمال الطبل ولا غيره من آلات الملاهي، كالعود والكمان والموسيقى وأشباه ذلك، إنما يباح الدف فقط، إن وجد وإلا فلا، ما له لزوم شيء آخر، يكفي التحدث والكلام والأغاني الجائزة بين النساء فيما بينهن لا بأس، أما الطبل فلا يصلح. 
 
4-  هل يجوز للمرأة المسلمة الرقص بين النساء فقط بمناسبة الأفراح؟
لا حرج في الرقص بين النساء خاصة، إذا كان ما في أخلاط بين الرجال لا بأس بالرقص ولا حرج فيه، ولا نعلم فيه بأساً، وكذلك الأغاني العادية في مدح الزوج أو الزوجة، أو أهل الزوج أو الزوجة، الأغاني التي ليس فيها فحش، وليس فيها دعوة إلى منكر، ولا تحبيب بمنكر، كل هذا لا بأس به. 
 
5-   امرأة وكلت امرأة أخرى ببيع حليها، وقالت لها: بيعيه بهذا الثمن وما زاد فهو لك، وباعته المرأة الأخرى بالتقسيط دون إذن المالكة، ودفعت لصاحبتها الثمن الذي حددته لتكسب الباقي، هل في هذا ربا؟
إذا سمحت صاحبة المال بالتقسيط فلا بأس، وإلا فلا؛ لأنها لم تأذن لها بالتقسيط، إنما أمرتها بالبيع بكذا وكذا وما زاد فهو لها، فإذا سمحت بالبيع بالتقسيط فلا حرج في ذلك؛ لأن الحق حقها. إذا دفعت الثمن تلك مقدماً وهي استلمت القيمة بالتقسيط؟ إذا باعته بثمن مؤجل أو معجل بأن قالت لها بيعيه بعشرة آلاف وباعته بعشرة آلاف معجلة وثلاثة آلاف أو أربعة مؤجلة فالزيادة لها، الزيادة للبائعة، للوكيلة، لأنها لم تضر الموكلة، المال الذي طلبته الموكلة أعطته إياها، حصل لها، وهو عشرة مثلاً، فالمقصود أنه إذا حصل مطلوب الموكلة الآذنة، فالزائد للدلالة. 
 
6-  حلفت ثلاثاً على ألا أفعل شيئاً معينا وفعلت ذلك الشيء، فماذا علي؟
عليك كفارة يمين، ولو كررت اليمين مراتٍ كثيرة، ما دام شيء واحد، ما دام المحلوف عليه شيئاً واحدا، فالواجب كفارة واحدة، مثل أن تقول: والله لا أكلم فلان، والله لا أكلم فلان، والله لا أكلم فلان، ثم كلمته عليك كفارة واحدة، أو والله لا أزور فلان، والله لا أزور فلان، والله لا أزور فلان، ثم زرته كفارة واحدة، أما إذا كان على أفعال فكل فعل له كفارة، كأن تقول: والله لا أزور فلان، والله لا أكلم فلان، والله لا أفعل كذا شيئاً آخر، كل واحدة لها كفارة.  
 
7-  ما حكم من يطوف بالقبر ويدعو الله عنده، وهذا ألاحظه كثيراً في بعض الأماكن؟
الطواف عبادة لله -عز وجل-، من أفضل العبادات، ولكنه يختص بالكعبة، ما يُطاف بغير الكعبة، فمن طاف بالقبور يريد التقرب إلى أهلها فقد أشرك، مثل من يدعوها أو يستغيث بها، أو ينذر لأهلها، أما إذا طاف بالقبر يقصد التقرب إلى الله، يحسب أنه جائز فهذا بدعة ومنكر، وعليه التوبة إلى الله -عز وجل-، لأنه ما قصد صاحب القبر، وإنما قصد التقرب إلى الله يظن أنه يجوز، فهذا بدعة ومنكر وعليه التوبة إلى الله -سبحانه وتعالى-، ولا يكون بهذا مشركاً، إلا إذا قصد التقرب بالطواف للميت، ليشفع له، هذا يكون مثل قول: يا سيدي أغثني، أو اشف مريضي، أو المدد المدد، كل هذا من الشرك الأكبر، أو ينذر له، أو يذبح له. 
 
8-   لي جدة تدعو الله وتدعو معه النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعض الأشخاص، وإني لأغضب لذلك بشدة، مع أن جدتي قليلة السمع لا تسمع إلا برفع الصوت، كيف أتصرف معها لو تكرمتم؟
عليك أن تعلمها ولو برفع الصوت، لأنها لا تسمع، هذا الرفع لا يضر؛ لأنك إنما رفعت لتسمعها، لا لإهانتها ولا لإدخال السوء عليها، والنهي الذي جاء في القرآن، ولا تنهرهما، هذا إذا كان على سبيل الإيذاء والإهانة، أما إذا كان على سبيل التفهيم لأنها ضعيفة السمع فلا حرج في ذلك، المقصود أن تفهمها وتعلمها أن دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- والاستغاثة بالنبي شرك أكبر، وأنه لا يجوز لها أن تستغيث بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أن تدعوه مع الله، ولا تقول: المدد المدد، أو انصرني أو اشف مريضي، أو عافني يا رسول الله، أو رد علي كذا وكذا، هذا من خصائص الله، لا يجوز طلبه من الموتى، لا من النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا من غيره، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يصلى عليه ويدعى له، أما أن يطلب منه الدعاء، يطلب منه شفاء المرضى، أو يطلب منه النصر على الأعداء، أو ما أشبه ذلك، هذا شرك أكبر، لا يجوز معه ولا مع غيره من الناس، وهكذا طلب المدد، أو شفاء المرض، أو الرزق، أو طول الأجل، أو ما أشبه ذلك، كل هذا لا يطلب إلا من الله -سبحانه-، لا يطلب من غيره لا من الأنبياء ولا من غيرهم. 
 
9-   هل تجوز الصلاة في البيت، علماً بأن المسجد ليس ببعيد عن بيتي، ولكني أذهب لصلوات الجمعة، وأصلي التراويح، وأذهب بعض الأوقات، فهل صلاتي صحيحة؟
لا يجوز للمسلم أن يصلي في البيت وهو قادر على المسجد، وهو يسمع النداء، بل عليه أن يجيب ويصلي مع المسلمين، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من سمع النداء فلم يأتي فلا صلاة له إلا من عذر)، قيل لابن عباس -رضي الله عنه- ما هو العذر؟ قال: مرض أو خوف. وجاءه -صلى الله عليه وسلم- رجل أعمى، فقال: يا رسول الله ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له المصطفى -عليه الصلاة والسلام-: (هل تسمع النداء بالصلاة قال: نعم، قال: فأجب)، وفي رواية قال: (لا أجد لك رخصة)، فإذا كان رجل أعمى الذي ليس له قائد يلائمه ليس له رخصة فكيف بالصحيح البصير؟ المقصود أن الواجب على المسلمين من الرجال الصلاة في المساجد، وعدم الصلاة في البيوت. واختلف العلماء هل تصح أم لا تصح، إذا صلى في البيت، فالأكثرون على أنها تصح مع الإثم، وقال آخرون: لا تصح، لأن من شرطها أن تؤدى في الجماعة مع القدرة، فالواجب عليك يا أخي أن تحرص على أدائها في الجماعة في بيوت الله -عز وجل-، وأن تحذر التساهل في ذلك، وقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه هم أن يحرق على المتخلفين بيوتهم، وما ذاك إلا لشدة الجريمة، فاحمد الله يا أخي على ما أعطاك من العافية، وبارد وسارع إلى الصلاة في الجماعة، ما دام المسجد قريباً وتسمع النداء، لو كان النداء بالصوت العالي لا بالمكبر، فإنه يلزمك الحضور، أما بالمكبر فإن المكبر يسمع من بعيد فإذا كان بعيداً عنك يشق عليك الحضور وربما فاتت الصلاة إذا خرجت بعد الأذان، ربما فاتت الصلاة لبعده فلا يلزمك، بل تصلي أنت وجيرانك في محلٍ آخر حتى يبنى لكم مسجد، أما ما دامت تسمع النداء فالواجب عليك أن تذهب إليه، وإذا كان السماع بالمكبر واستطعت أن تذهب فهذا خير عظيم، وإن شق عليك ذلك فجاز لك أن تصلي وحدك، حتى يتيسر لك جماعة أو مسجد قريب؛ لأن الله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ[التغابن: 16]، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من سمع النداء)، وأنت لا تسمع النداء لولا المكبر، إما إذا كان تسمعه وكان هناك النداء بدون مكبر تسمعه لقربه فإنه يلزمك الصلاة مع إخوانك. 
 
10-   كيفية الصلاة على الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وهل يجوز أن نصلي ركعتين وعندما ننوي نقول: أصلي ركعتين عن روح الرسول محمد، وأقرأ فيهما التحيات وسورة قصيرة من القرآن؟
الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- ليست بالصلاة التي ذكرتها، الصلاة عليه أن تقول ما أوصى به أمته، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمدٍ وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيـد. هذه الصلاة عليه- عليه الصلاة والسلام -، لما سأله الصحابة -رضي الله عنهم- قالوا: يا رسول الله! أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك؟ قال : قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمدٍ وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيـد. هكذا أمرهم -عليه الصلاة والسلام- وهي ذات أنواع هذا أكملها. ومن أنواعها: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيـد. هذا نوع. ومن أنواعها: اللهم صل على محمد، وعلى أزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم. وبارك على محمد، وعلى أزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. وإذا أتى المسلم بواحد من هذه الأنواع أو ما جاء فيما معناها كفى ذلك، ولكن أفضلها أن يجمع بين الصلاة على محمدٍ وآله، والتبريك على محمدٍ وآله. فيقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيـد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيـد. هذا أكملها. 
 
11-   إذا ذهبت إلى المسجد وانتهى المؤذن من الأذان وصلوا السنة القبلية ولم أدركها معهم بل قاموا لأداء صلاة الفرض، فهل يجوز أن أصلي السنة القبلية بعد الفرض، أم أصلي السنة البعدية وسقطت عني القبلية؟
المشروع لك أن تصليهما جميعاً، القبلية والبعدية، بعد الصلاة، إذا جئت في الظهر وقد أقيمت الصلاة فإنك تصلي مع المسلمين، ثم إذا فرغت من الصلاة والأذكار تصلي السنة القبلية أربع ركعات، والبعدية ركعتين. هذا هو المشروع، وقد روى الترمذي بإسنادٍ جيد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه فعل ذلك، في بعض الأحيان لم يصل القبلية إلا بعد الصلاة -عليه الصلاة والسلام-. 
 
12-   إنني عندما أذهب إلى المسجد أصلي ركعتين وأقول: أصلي ركعتين تحية المسجد، فهل يجوز، وهل كان أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- يفعلون هذا؟
السنة للمؤمن إذا دخل المسجد أن يصلي ركعتين تحية المسجد، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)، حتى ولو كان الخطيب يخطب يوم الجمعة، حتى ولو كان في وقت النهي على الصحيح، كالعصر وبعد الفجر، فالسنة له إذا دخل المسجد أن يصلي ركعتين، ولا حاجة إلى أن يقول: أصلي ركعتين تحية المسجد، تلفظ بالنية، لا حاجة، يكفي القلب، نية القلب تكفي، والتلفظ بالنية بدعة في أصح قولي العلماء، فلا يتلفظ بالنية عند الوضوء، ولا عند الصلاة، ولكن بقلبه، يصلي ركعتين التحية وناوي بقلبه أن هذه ركعتا التحية، وهكذا ينوي للظهر والعصر والمغرب والعشاء ويكفي، ولا حاجة إلى أن يتلفظ. 
 
13-   إنني أقوم في أيام رمضان عند انتهائي من صلاة التراويح، وأعود إلى البيت في قراءة القرآن والصلاة حتى صلاة فجر اليوم الثاني، وأقول: أصلي ركعتين طاعة لله -تعالى-، وأكبِّر، وهذا طيلة الليل حتى انتهاء رمضان، فهل عملي هذا صحيح؟
أما في العشر الأخيرة فلا بأس، كان النبي يحييها -عليه الصلاة والسلام- في رمضان يحييها بالعبادة، ويوقظ أهله -عليه الصلاة والسلام-، وأما في العشرين الأول، فالأفضل لك أن لا تحييها، بل تنام فيها بعض الوقت، حتى تستعين بنومتك على قومتك، وعلى أعمالك النهارية، فتصلي ما يسر الله مع المسلمين في المساجد وتنام، أما العشر الأخيرة فيستحب إحيائها بالعبادة بالقراءة والصلاة، ثم المؤمن لا يتلفظ بالنية يقول: أصلي كذا وكذا، ينوي بقلبه ويكفي، سواء التراويح أو صلاة الفريضة أو الراتبة أو غير ذلك، لا حاجة للتلفظ، فلا يقول: نويت أن أصلي الظهر، أو نويت أن أصلي ركعتي التحية، أو نويت أن أصلي ركعتين الضحى، أو نويت أن أصلي صلاة العشاء، كل هذا لا أصل له، كما أنه لا يقول أيضاً: نويت أن أتوضأ أو أن أطوف أو أن أسعى، كل هذا لا أصل له، القلب هو محل النية، ينوي بقلبه والحمد لله.  
 
14-  كيف صيام عاشوراء، وكيف صيام أيام هجرة الرسول، وهل يجوز صيام اليوم العاشر منه؟ أرجو توضيح ذلك، جزاكم الله خيراً.
أما صيام عاشوراء فالسنة أن يصوم الإنسان اليوم العاشر من المحرم، وأن يصوم معه يوماً قبله أو يوماً بعده، والأفضل أن يصوم التاسع مع العاشر لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع) يعني مع العاشر، ولما روي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (خالفوا اليهود، صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده)، فالسنة للؤمن أن يصوم التاسع والعاشر جميعاً، أو يصوم العاشر ومعه الحادي عشر، أو يصوم الثلاثة جميعاً، التاسع والعاشر والحادي عشر، كل هذا فيه مخالفة لليهود، والمؤمن يخالفهم، لأنه مأمور بمخالفة أعداء الله من أهل الكتاب، ومن غيره من الكفرة. أما أيام الهجرة فلا يشرع صيامها، ولم يصم النبي -صلى الله عليه وسلم- أيام الهجرة لا اليوم الأول ولا غيره، وهكذا يوم بدر، وأيام الأحزاب، كلها لا تصام، وهكذا يوم الفتح، كلها لم يشرع الله صيامها-سبحانه وتعالى -، وإنما شرع لنا صيام يوم عاشوراء، صيام الاثنين والخميس، صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وإذا صامها في أيام البيض كان أفضل، صيام ست من شوال بعد رمضان، كل هذه أمور مستحبة، أما أيام الهجرة فلا يشرع صيامها بل يكون بدعة إذا قصد ذلك. 
 
15-   لقد أصابني حريق في شهر رمضان ولم أستطع الصيام، والطبيب الذي كان يشرف على علاجي كان طبيباً مسلماً ونصحني بعدم الصيام، لم أطعم مساكين لحالتي المادية الضعيفة، وجهوني كيف أتصرف جزاكم الله خيراً؟
إذا كنت تستطيع الصيام تصوم، تقضي والحمد لله، وإن كنت لا تستطيع العام فيؤجل حتى تستطيع وإذا استطعت تصوم والحمد لله وليس عليك شيء، فاتقوا الله ما استطعتم، والله يقول سبحانه: ومن كان مريضاً أو على سفرٍ فعدة من أيام أخر. والحرق الذي أصابك نوع من المرض، أما إن قال الأطباء أنك لا تستطيع الصوم وأن هذا المرض مستمر وأنه صار هذا المرض ملازم ما فيه حيلة فيما يظهر لهم فإنك تطعم عن كل يوم مسكين، الأيام التي أفطرتها، نصف صاع من التمر أو نحوه كالرز أو الحنطة ويكفي إذا كنت عاجزاً عن الصيام حسب تقرير الأطباء أن هذا المرض الذي حصل بسبب الحريق ملازم وأنه لا يرجى برءه يشق عليك الصوم معه تطعم عن كل يومٍ مسكيناً من قوت البلد، نصف صاع من قوت البلد. أما إذا قدرت فإنك تصوم، وإذا أخرت الصيام مع القدرة حتى جاء رمضان الآخر يكون عليك إطعام مع الصيام زيادة، تصوم وتطعم عن كل يوم مسكين، لأنه لا يجوز تأخير الصيام إلى رمضان الآخر وأنت قادر.

400 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply