حلقة 638: سب الدين والرب - زواج أبناء العم فيما بينهم - حكم من طلق زوجته ثلاث مرات وهي حائض - وصايا في طاعة الوالدين - الجمع بين حديث كل بدعة ضلالة - ترك صلاة الجماعة في المسجد وصلاتها في البيت
38 / 50 محاضرة
1- ما رأيكم في المسلم الذي يسب الدين والرب - والعياذ بالله - هل تجوز مقاطعته أو محاربته؟ وهل تبلغ عنه جهات الاختصاص، وجهونا حول هذه القضية؟ جزاكم الله خيراً؟.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعـد: فقد نص أهل العلم في باب حكم المرتد من كتب الفقهاء جميعاً أن من سب الله أو سب الرسول أو سب الدين فقد أتى بناقض من نواقض الإسلام فيكون كافراً مرتداً عن الإسلام. فالذي يسب الدين أو يسخر به ويستهزئ أو يسب الرسول أو يسخر به و يتنقصه كافر بإجماع المسلمين ، يجب أن يقاطع ويهجر ، ويجب على الدولة إذا بلغها ذلك أن تستتيبه فإن تاب و إلا قتل. وقال جمع من أهل العلم أنه لا يستتاب بل يقتل مطلقاً، ولو أظهر التوبة وقالوا إن ساب الرسول لا يستتاب لعظم الجريمة، والعياذ بالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. أما ما دام لم يرفع أمره إلى السلطان فإنه ينصح ويوجه إلى الخير ، ويعلم ويدعى للتوبة فإذا تاب إلى الله وأناب إليه فلا يرفع أمره، لعل الله يمن عليه بالاستقامة ، فيسلم من شر هذا البلاء الذي وقع به، لكن إن استمر في السب والاستهزاء فيجب الرفع عنه إلى ولاة الأمور حتى يقام عليه حد الله، ولا يجوز التساهل في حقه، بل يرفع أمره إلى المحكمة أو إلى أمير البلد حتى ينفذ فيه حكم الله - عز وجل - ؛ لأن سبه للدين يسبب شراً كثيرا، وفساداً عظيما ، فلا ينبغي أن يتساهل معه ، لكن إن بادر بالتوبة والإصلاح والرجوع إلى الله والندم قبل أن يرفع أمره فلا حرج في ذلك، والله يتوب على التائبين - سبحانه تعالى-.
2- لي أعمام كل واحد عنده ولد وبنت، زوجوا أبناءهم من بعضهم، هل يسمى هذا بزواج الشغار، علماً بأنهم أنجبوا أطفالاً، فما رأي سماحتكم في هذا الزواج؟ وهل هذا الزواج باطل، علماً بأن لكل زوجة من الزوجات مهر خاص ولا يساوي مهر الأخرى، فهل في هذه الحالة يجب الطلاق، وهل الأطفال شرعيون أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
إذا كان الزواج من دون اشتراط ، بل خطب هذا وخطب هذا وزوج هذا وزوج هذا بالرضا ، فليس هذا شغارا، ولا حرج أن ينكح الإنسان ابنة عمه أو ابنة خاله والآخر كذلك، لا حرج في ذلك. الشغار أن يكون عن شرط، زوجني وأزوجك، هذا هو الشغار، إذا قال كل منهما للآخر: زوجني ابنتك وأنا أزوجك ابنتي ، أو زوج ولدي وأنا أزوج ولدك ، أو ما أشبه ذلك، هكذا جاء الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن الشغار ، قال: هو أن يقول الرجل زوجني ابنتك وأزوجك بنتي، أو زوجني أختك وأزوجك أختي). هذا هو الشغار، يعني مشارطة، هذا يشرط وهذا يشرط، أما إذا خطب هذا من هذا، وخطب هذا من هذا من دون مشارطة فلا حرج في هذا ولا يسمى شغارا. وإذا كان شغاراً بالمشارطة فالأولاد تابعون لآبائهم من أجل شبهة النكاح؛ لأن نكاح الشغار فاسد ، وفيه خلاف بين أهل العلم ، فالشبهة التي في صحة النكاح وفساده توجب إلحاق الأولاد بآبائهم ، ولكن ما دام كل واحد يرغب في زوجته فإنه يجدد النكاح ، كل واحد يجدد النكاح ، وإذا كانت زوجته لا ترغب فيه فإنه يطلقها طلقة واحدة تكفي. أما إذا كان يرغب فيها وهي ترغب فيه فإنه يجدد النكاح، إذا كان هناك مشارطة فيزوجه من جديد، يزوجه وليها من جديد بعقدٍ شرعي ومهرٍ شرعي وحضور شاهدين ، ولا حاجة إلى عدة ، بل في الحال؛ لأن الماء ماءه إن كانت حاملاً الماء ماءه. الحاصل أنه يزوج في الحال بحضرة شاهدين وبعقدٍ جديد ومهر جديد إذا رضيت به وأحبها فلا بأس في ذلك. أما إذا كان لا يرغب فيها أو هي لا ترغب فيه فيطلقها طلقةً واحدة ، فإذا اعتدت تزوجت من شاءت، فينبغي فهم لهذا المقام ، وأن لا يشتبه المقام فالمشارطة تجعل النكاح شغارا، وعدم المشارطة تجعل النكاح صحيحا، فالذي يقول لعمه أو لخاله : زوجني بنتك وهو يقول أزوجك بنتي، مشارطة زوجني وأزوجك، يعني ما يرضى هذا إلا بزواج هذا، لا يعطيه ابنته حتى يعطيه ابنته، أو أخته حتى يعطيه أخته، هذا هو الشغار. أما إذا كان بالرضا من دون مشارطة فلا حرج في ذلك ، والحمد لله.
3- إنني مستمع لهذا البرنامج منذ سنوات، وأشكر سماحتكم على تفضلكم بالإجابة على أسئلة المستمعين، ومشكلتي أنني طلقت امرأتي بثلاث وهي حائض، وعند طلاقي لم يكن أحداً موجوداً سوى أنا وزوجتي، وعندي ثمانية من الأولاد، ندمت جداً على فعل ذلك، وسؤالي هو: هل وقع الطلاق أم لا، وأنا أريد أن أراجعها؟ أفيدوني ولكم جزيل الشكر؟
عليك أن تحضر معها ووليها لدى المحكمة لديكم ، أو لدى بعض المشايخ حتى يكتب كلامك وكلامها وكلام وليها ، وبعد ذلك تكون الفتوى إن شاء الله، حتى نعرف الحقيقة.
4- أرجو من سماحتكم مناقشة موضوع بر الوالدين، ذلكم أننا نلحظ أن كثيراً من الأبناء يعقون والديهم، وربما منعوا أبناءهم عن زيارة أجدادهم، وهي تقول في سؤالها: والد يمنع ابنته عن زيارة جدتها، أي: عن زيارة أمه، وسبب المنع خلاف بين الجدة وابنها، أرجو التفصيل في هذا الموضوع وفي بر الوالدين بالذات؟ جزاكم الله خيراً؟.
لا ريب أن بر الوالدين من أهم الفرائض ، ومن أعظم الواجبات ، والله - سبحانه وتعالى- ذكر ذلك في مواضع كثيرة من كتابه العظيم ، مثل قوله سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [سورة الإسراء (23) (24)]. ومثل قوله سبحانه: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [(36) سورة النساء]. ومثل قوله جل وعلا: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [(14) سورة لقمان]. في آياتٍ كثيرات فيها الحث على بر الوالدين، وفيها الأمر بذلك. وقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على هذا المعنى أيضاً، فسئل - عليه الصلاة والسلام -: قيل : يا رسول الله أي العمل أفضل؟ قال : الصلاة على وقتها. قيل : ثم أي ؟ قال : بر الوالدين، قيل ثم أي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله. وفي الصحيحين عن أبي بكرة الثقفي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟. كررها ثلاثاً، قالوا : بلى يا رسول الله ؟ قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين . وكان متكئاً فجلس ، فقال: ألا وقول الزور، ألا وقول الزور. فبين - عليه الصلاة والسلام - أن من أكبر الكبائر عقوق الوالدين ، فبرهما من أهم الواجبات ، ومن أعظم الفرائض ، وعقوقهما من أقبح الكبائر والسيئات. وفي الحديث الآخر: (رضا الله في رضا الدين ، وسخط الله في سخط الوالدين). فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة بر الوالدين ، والإحسان إليهما، والرفق بهما ، والأدب معهما في القول والعمل، ومن ذلك أن ينفق عليهما إذا كانا فقيرين وهو يستطيع النفقة. ومن ذلك مخاطبتهما بالتي هي أحسن بالكلام الطيب ، والأسلوب الحسن ، وخفض الصوت ، وعدم رفع الصوت عليهما. ومن ذلك السمع والطاعة لهما بالمعروف ، إذا أمراه بشيء لا يخالف شرع الله ، وهو يستطيعه، لا يضره ذلك، يطيعهما بالكلام الطيب والفعل الطيب . ومن ذلك أن لا يحبس أولاده عن زيارة والديه، إذا رغب الوالد أو الوالدة في زيارة أولاده يزوره ، أن يمكن الأولاد من زيارة الوالدين، فليس له أن يمنع أولاده ذكوراً كانوا أو إناثاً من زيارة أمه أو أبيه إلا أن يكون هناك ضرر؛ لأن الوالد يأمر أولاده بمعاصي الله ، أو الوالدة هذا له منع ذلك؛ لأن طاعة الله مقدمة. أما إذا كان ليس هناك ضرر أن يزورون والوالد يحسن إليهم والوالدة كذلك ولا يترتب على الزيارة معصية لله، فليس له أن يمنع أولاده من زيارة أبويه، بل هذا من برهما أن يمكن أولاده أن يزوروهم ، ويأنسوا بهم ، ويتمتعوا بلعبهم. المقصود أن من بر الوالدين أن تسمح لأولادك بزيارتهما حتى يستمتع بأولادك ويجتمعا بهما ويأنسا بهما ، وربما ترتب على ذلك مصالح كثيرة، لكن إذا كان الوالدان يأمران أولادك بمعاصي الله ، أو يحصل منهما على أولادك ضرر من ضرب، أو غيره من غير علة ، فلك أن تمنع ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا ضرر ولا ضرار). أما أن تمنع أولادك من والديك من دون حق، ومن دون سبب، فهذا لا يجوز، - والله المستعان -. لعل هناك حداً فارقاً سماحة الشيخ بين طاعة الوالدين فيما هو طاعة لله وطاعة الوالدين فيما هو معصية لله، حبذا لو تفضلتم وبينتم هذا الأمر؛ لأن كثيراً من الناس يقع فيه بدون علم؟ الشيخ: طاعة الوالدين مثل ما تقدم، طاعة الوالدين من طاعة الله ، وبرهما من الفرائض ، وعقوقهما من الكبائر، وهذا يشمل الطاعات التي يحبها الله ، ويشمل المباحات .... المباح. إذا طلبا منه أن يذهب بهما إلى كذا من المباحات ، أو يشتري لهما حاجة وهو يستطيع ذلك وجب عليه ذلك إذا كان لا ضرر عليه في ذلك، وهكذا إذا أمراه أن يصلح لهما قهوة ، شاي، يحضر لهما ماء للشرب، ماء للوضوء ، وهو يستطيع ذلك ولو هو شيء مباح وجب عليه طاعتهما في ذلك. المقصود أنه يجب عليه أن يطيعهما في المعروف الذي لا يضرر فيه ، ولا معصية فيه: (أنما الطاعة بالمعروف)؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -. أما إذا أمراه بمعاصي الله، أمراه بأن لا يصلي في المسجد، أمراه بأن يشرب الخمر، أمراه أن يدخن، أمراه أن يعمل بالربا، أمراه بشيءٍ آخر من معاصي الله، لا يلزمه طاعته، أمراه أن يذهب إلى بلاد الشرك، أمراه بشيءٍ آخر مما يضره فإنه لا يلزمه ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (لا ضرر ولا ضرار) . (إنما الطاعة بالمعروف). فإذا أمراه بمعروفٍ وشيءٍ مباح ينفعهما ولا يضره فلا بأس يطيعهما في ذلك. أما شيء يضره أو شيء من معاصي الله فلا يلزمه طاعتهما في ذلك، لكن يرد بالكلام الطيب ، والأسلوب الحسن ، والدعاء لهم بالتوفيق والهداية، ويبين لهما عذره أن المعاصي لا يطاع فيها أحد، المعاصي لا يطاع فيها أحد لا الوالد ولا الأمير ولا السلطان، لا يطاع أحد في المعاصي، الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إنما الطاعة بالمعروف). (لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق). والله قال لنبيه: وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ [(12) سورة الممتحنة]. فإذا أبلغهما ذلك ، وفهمهما ، فإنهما إذا كانا عاقلين يرضيان بذلك؛ لأن العاقل يفهم العذر الشرعي. أما إذا كان متعصبين لآرائهما بدون حجة فإنه لا يلزمه أن يطيعهما فيما يضره ، أو فيما هو من معاصي الله - عز وجل -. لكن هل يصل هذا إلى درجة القطيعة بين الوالد ووالديه مثلاً؟ لا، لا يقطعهما، يحسن إليهما ، ويطيعهما في المعروف ، ويتصل بهما ، ويرفق بهما ، ولا يطيعهما في معاصي الله - عز وجل -، ولا فيما يضره، لو قال له : اهدم بيتك بدون حجة وبدون سبب، أو طلق زوجتك بدون عذر، ما يلزمه ذلك. إذاً كون الولد يقطع والديه لخلاف بسيط بينهما وينهى أبنائه عن مواصلة ذلك؟ لا يجوز، لا يجوز، لا يجوز عقوقهما ، ولا قطيعتهما لفعل شيء مما يضره، بل يصلهما ، ويحسن إليهما ، ويمتنع من الشيء الذي يضره فقط ، مع رفقه بهما ، ومع إحسانه إليهما ، ومع الكلام الطيب معهما، ومع برهما بكل ما يستطيع، لكن ذاك الشيء الذي أمرا به وهو معصية الله لا يطيعهما فيه ، مع كونه يرفق بهما ، ويحسن إليهما ، الله يقول - جل وعلا - في حق الكفرة: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [(15) سورة لقمان]. لأنهما كافران: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا . فأمره أن يصاحبهما في الدنيا معروفا مع أنهما كافران، فكيف بالمسلميَن؟! المقصود أن الوالدين لو جاهداه على الشرك، لو طلبا منه الشرك ما يطيعهما في الشرك لكن لا يعقهما، بل يرفق بهما ، ويحسن إليهما ، وإن كانا قد أساءا إليه ، بأن أمراه بالشرك أو بالمعصية، لكن يبين العذر الشرعي ، ويرفق بهما ، ويدعو لهما بالهداية.
5- (كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار). أو كما قال صلى الله عليه وسلم. ويقول أيضاً: (من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سنّ في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة). أو كما جاء عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، نرجو توضيح هذين الأمرين؛ لأن فيهما إشكالاً على كثير من الناس؟ جزاكم الله خيراً.
نعم كل هذا صحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، صح عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه قال في الحديث الصحيح في خطبة الجمعة: (خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعةٍ ضلالة). خرجه مسلم في الصحيح. زاد النسائي بإسنادٍ حسن: (وكل ضلالةٍ في النار). وقال أيضاً - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح: (إياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثةٍ بدعة ، وكل بدعةٍ ضلالة). وقال أيضاً - عليه الصلاة والسلام -: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). يعني فهو مردود. متفق على صحته. وقال - عليه الصلاة والسلام -: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). خرجه مسلم في الصحيح. فالواجب على علماء الإسلام أن يوضحوا البدع للناس ، وأن ينكروها ، وأن يرشدوا الناس إلى تركها ، وهي الإحداث في الدين، وهي أن يشرع الإنسان شيئاً ما شرعه الله، هذا هو البدعة، إحداث شيء ما شرعه الله من صلاة ، أو صومٍ ، أو غير ذلك على وجهٍ ما شرعه الله، هذا يسمى بدعة، كأن يقول مثلاً: أنه يشرع للناس أن يصوموا يوم الجمعة تطوعاً بها، هذا بدعة، الرسول نهى عن إفرادها بالصوم، نهى أن تفرد الجمعة بالصوم إلا أن يصوم قبلها يوم أو بعدها يوم، فالذي يقول أنها تصام ، وأنه مشروع قد ابتدع وخالف الأحاديث الصحيحة ، أو يقول أنه يشرع للناس أن يصلوا صلاةً ذات ركوعين ، أو ذات لها ثلاثة سجودات في الركعة ، أو ما أشبه ذلك ؛ لأن هذا بدعة إلا ما جاء به النص في صلاة الكسوف فيها ركوعان، وفيها ثلاث ركوعات كما في الأحاديث الصحيحة، مع سجدتين في كل ركعة، ولكن إذا قال يشرع أن يركع ركوعين في الصلاة في كل ركعة غير صلاة الكسوف صار هذا بدعة، وهكذا البناء على القبور ، واتخاذ المساجد عليها من البدع، فإن هذا حدث بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولأن أصحابه يتقربون به إلى الله، وهو مما يبعد من الله، وهي من البدع التي توقع في الشرك، وقد حذر منها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك). وقال - عليه الصلاة والسلام -: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد). ونهى عن تجصيص القبور ، والقعود عليها، والبناء عليها ، فالذي يبني عليها المساجد والقباب قد ابتدع في الدين ، وخالف نص الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأتى بأمرٍ وسيلة إلى الشرك. وهكذا وضع الستور عليها ، والأطياب من البدع، ومن وسائل الشرك، وهكذا الاحتفال بموت فلان ، أو بولادة فلان، هذه من البدع أيضاً. ومن ذلك الاحتفال بمولده - صلى الله عليه وسلم - لا أصل له، لم يفعله الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه - رضي الله عنهم -، ولا العلماء الأخيار في القرون المفضلة، إنما حدث بعد القرون الثلاثة، حدث في المائة الرابعة وما بعدها، والمسلم ليس له أن يتقرب إلا بشيءٍ شرعه الله، كما تقدم في الأحاديث. أما حديث : (من سن في الإسلام سنةً حسنة فله أجرها) الحديث .. فهذا معناه إحياء السنن ، وإظهارها ، والدعوة إليها، هذا معنى : (سن في الإسلام). أظهر السنة ، ودعا إليها ، وعظمها ، حتى عرفها الناس ، وحتى عملوا بها، فيكون له مثل أجورهم، ليس معناها ابتدع بدعة، لا ، البدعة منكرة، حذر منها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويدل على هذا سبب الحديث، فإن سبب الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى ناساً عليهم آثار الفقر والحاجة ، فخطب الناس ، وذكرهم ، وحثهم على الصدقة ، فجاء رجل بصرةٍ من فضة في يده كاد كفه تعجز عنها، بل قد عجزت، ثم تتابع الناس بالصدقات، فقال عند ذلك: (من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص من أجورهم شيئا، ومن سنَ في الإسلام سنةً سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيئا). فالمعنى إظهار السنن والدعوة إليها، يكون لفاعل ذلك أجر ما فعل ، ومثل أجور من اقتدى به في الخير. وهكذا من دعا إلى الباطل والمعاصي ، وابتدع في الدين يكون عليه إثم ذلك ، ومثل آثام من تابعه في البدعة، وليس معنى : (سن في الإسلام) يعني ابتدع، ، لا، هذه مناقضة للأحاديث الصحيحة. ولا يجوز لأحد أن يقول هذا الكلام؛ لأن هذا معناه رد السنة ، وإنكارها، الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنكر البدع ، وحذر منها، و......... في ذلك، الله في القرآن نبه على هذا، ربنا - سبحانه - نبه في القرآن على هذا فقال سبحانه: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ [(21) سورة الشورى]. هذا معناه إنكار أن يشرع في الدين ما لم يأذن به الله، فالذي يأتي بشيء من كيسه لم يشرعه الله ورسوله يكون باطلا، يكون بدعة، مثل ما تقدم في إحداث البناء على القبور ، والمساجد على القبور ، وإحداث الموالد ، والاحتفال بالموالد، والصلاة عند القبور، كل هذا من البدع. فيجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة الحذر منها ، والتحذير منها، تحذير إخوانهم منها حتى يسيروا على السنة، وحتى يتمسكوا بالسنة، وحتى يحذروا ما ابتدعه الناس.
6- يوجد جماعة من المسلمين يجتمعون في بيت رجل عالم في بعض الأيام يذكرون الله - تعالى-، وعند أوقات الصلاة يقوم أحدهم يؤذن للصلاة في البيت ، ويصلون في البيت ، مع أنه يوجد في القرية مسجد على مسيرة عشر دقائق بينه وبين البيت ، فما حكم عملهم هذا ؟
اجتماعهم في بعض الأحيان لقراءة القرآن ، أو المذاكرة طيب، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر أصحابه ، ويجتمعون به، - صلى الله عليه وسلم - ويذكرهم ، ويعلمهم ، ويرشدهم، كان ابن مسعود - رضي الله عنه - يذكر أصحابه كل خميس ، ويعلمهم ، فلا بأس بالاجتماع في بعض الأوقات للتذكير والمدارسة في ليلٍ أو نهار. أما تخلفهم عن الصلاة فهذا لا يجوز، يجب عليهم أن يصلوا في المساجد، وليس لأحدٍ أن يصلي في البيت إلا من عذرٍ شرعي، كالمرض، وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجل فيؤم الناس ، ثم أنطلق برجالٍ معهم حزم من حطب إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم). فتودعهم بتحريق البيوت على من تخلف عن الصلاة في جماعة. وقال أيضاً - عليه الصلاة والسلام -: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر) قيل لا بن عباس: ما هو العذر؟ قال: خوف أو مرض. وهكذا الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لما آتاه رجل أعمى يقول يا رسول الله ليس قائد يلائمني إلى المسجد هل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي – عليه الصلاة والسلام - :(هل تسمع النداء بالصلاة ؟) قال : نعم، قال : (فأجب). وفي لفظ : (لا أجد لك رخصة). فهذا أعمى ليس له قائد يلائمه، ومع هذا يقال له: (أجب) يعني أجب الآذان. ويقول عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - فيما رواه مسلم في الصحيح: لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق أو مريض. فالتخلف عن الصلاة في الجماعة منكر، ومن خصال أهل النفاق. فالواجب على المؤمن أن يصلي الصلوات الخمس في الجماعة، وأن يحافظ على ذلك، وأن يحذر التخلف. فالتخلف فيه مشابهة لأهل النفاق. خاتمة المقدم للحلقة..
590 مشاهدة
-
26 حلقة 626: السنة في القراءة في صلاة المغرب - للإنسان إذا أتى المسجد يوم الجمعة أن يصلي ما شاء - صلاة المرأة في بيتها بالملابس الضيقة - السهو في قراءة الفاتحة - قراءة الأيات والأذكار في الصلاة لا بد أن يسمع الإنسان فيها نفسه
-
27 حلقة 627: حكم الإسلام فيمن غاب عن زوجته ثلاث سنوات برضاها - وجوبة التوبة - الاستمرار في نصيحة تارك الصلاة - حكم الحج من أجرة بيع القات - الحج فرض وطاعة مستقلة والعمرة كذلك - هل للزوج منع زوجته من إخراج زكاة مالها؟
-
28 حلقة 628: هل يجوز للجن أن يسكنوا في أجساد الإنس؟ - الوقاية من الجن - التثاؤب في الصلاة - السنة أن يُنوِّع في دعاء الاستفتاح - حديث من قرأ عشر آيات من سورة البقرة في ليلة - كيفية وضوء وصلاة كبير السن الذي لا يستطيع الحركة مصاب بالشلل؟
-
29 حلقة 629: التمطيط في التكبير - صفة الذكر التهليل التكبير التسبيح التحميد - حكم قراءة القرآن للمرأة المعذورة - كيفية دعاء المرأة بهذا الدعاء اللهم إني عبدك ابن عبدك - لتيمم للمريض - كيف يتوضأ المصاب بسلس البول
-
30 حلقة 630: حديث يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي - هل الاستهزاء بالملتزمين بشرع الله كفر؟ - الاستماع إلى الأناشيد الإسلامية - استماع الحائض للقرآن - الحديث المتفق عليه - ماهو الميزاب وحكم الإحرام منه
-
31 حلقة 631: حكم من يصلي ولا يزكي - إذا كان الماء قليلا فيستنجي به ثم يتيمم - مصافحة المرأة للرجل الأجنبي - كثرة الحلف بالله - تغطية أطراف القدمين في الصلاة - هل تأثم المرأة إن دعاها الزوج لتعلم العلم الشرعي فأبت - شروط الهدي والأضحية
-
32 حلقة 632: بعض الحالات النفسية وعلاجها من الشرع - من تلفظ بكلمة كفر هل عليه كفارة - استخدام وسماع الطبل في الأفراح إذا تعذر وجود الدف - رقص المرأة بين النساء في الأفراح - بيع الوكيل بالتقسيط هل يلزم إخبار الموكل سيما والربح يكون للوكيل
-
33 حلقة 633: حلف رجل أن لا يصلي مع صاحبه أبدا فماذا عليه - هل يجوز التيمم مع وجود ماء الشرب - كان لا يصلي أبداً وبعد التوبة هل عليه قضاء ما فات من الصلاة - صحة حديث ثلاثة أجسامهم حرمت على الأرض - تشميت النصراني إذا عطس
-
34 حلقة 634: امرأة رضعت من عمتها مع ابن عمتها الصغير، فهل يجوز لها أن تتزوج من أخيه الكبير - مبايعة الهاشميين هل ورد فيها شيء - بعض المسائل المتعلق بالزكاة وصرفها - إغضاب الوالد في الصغر هل يعد عقوقا - امرأة تصلي وتصوم ولكنها لا تتحجب
-
35 حلقة 635: صحة حديث حد الساحر ضربه بالسيف - العلاج عند من يجمع الجن ويفرقهم - هل للمرأة أن تصوم من غير إذن من زوجها - رضع من جدته ثم تزوج من ابنة عمه - هل تجوز مصافحة النساء كزوجة الخال، - هل للأب أن يحج عن ابنه المتوفى
-
36 حلقة 636: تعليق صورة المتوفي هل تضره - امرأة كرهت زوجها لأنها تريد أن يقوم الليل وأن يتثقف - هل يجوز تعديل السن البارز بين الأسنان - امرأة تريد أن تحج عن أختها المتوفاة والتي كانت لا تصلي - اللطم والشق والخدش عند الموت
-
37 حلقة 637: حكم الذبح عند وضع العتب - كتابة الاستغاثات على العربات - أولياء الله وعلاماتهم - حكم الزواج من بنت بنت العم التي رضعت أمها مع الأخ الأكبر - سمع أن على أبيه دينا ولكن لا يدري مقداره ولا الدائن - هل يلزم الوفاء بوعد الطفولة
-
38 حلقة 638: سب الدين والرب - زواج أبناء العم فيما بينهم - حكم من طلق زوجته ثلاث مرات وهي حائض - وصايا في طاعة الوالدين - الجمع بين حديث كل بدعة ضلالة - ترك صلاة الجماعة في المسجد وصلاتها في البيت
-
39 حلقة 639: قول المؤذن عقب الأذان بصوت عال الحمد لله رب العالمين - تعليق بعض الأدعية والأذكار للحرز من الشيطان - تعليق بعض الأدعية في عنق الميت لتذكره أثناء سؤال منكر ونكير - قراءة القرآن عند قبر الميت - التسمية بعبد النبي ونحوه
-
40 حلقة 640: تقطيع بعض الآيات لإدخالها في جهاز مرئي - هل يجوز الرجوع في هبة مصحف ناقص بعض الورقات - حكم رد بعض الأحاديث الصحيحة التي تلقاها علماء الأمة بالقبول - هل تجوز قراءة القرآن الكريم لغير المتفقه في الدين
-
41 حلقة 641: حكم أواني النحاس المطعمة بالفضة - استعامل الذهب والفضة للأسنان - الطرق الصوفية وبعض ما يقعون فيه من المخالفات - تفسير قوله قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ - وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا
-
42 حلقة 642: حكم الصلاة على الجنازة بعد العصر - قبور الأنبياء عمران وصالح وأيوب وهود - آدم عليه السلام لا يعرف أين نزل أو أين دفن - حكم من ماتت وفي بطنها جنين حي - عدد ركعات الوتر - ليس كل شيء وجد بعد النبي يكون حراماً
-
43 حلقة 643: توجيه الآباء إلى الإهتمام بتريية الأولاد تربية إسلامية - السفر في هذا الزمن إلى بلاد الكفار وغيرها - السفر للطب أو للتجارة أو للدعوة إلى الله - السفر للسياحة - الإمام يتقدم على المأموم - حكم التيمم مع وجود الماء
-
44 حلقة 644: حج الوالدة قبل زواجها لابنها - الوساوس من الشيطان - حلق بعض الدعاة للحية - هل ثواب قراءة القرآن يصل للميت - حكم من قبل زوجته في نهار رمضان - زكاة الدين - زكاة الحلي - حديث اثنتان في الناس هما بهم كفر
-
45 حلقة 645: تفسير قوله إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا - حكم تقريب القرابين والنذور للقبور وحكم الصلاة في مسجد به قبور - حكم الصلاة في مسجد بداخله قبر
-
46 حلقة 646: حلف بالطلق على زوجته وكفارة اليمين - تصديق السحرة والمشعوذين - عطية الوالد للولد مع موافقة بقية الورثة - رؤية منامية - كشف المرأة وجهها أمام أزواج أخواتها - أسباب النسيان - حكم التلفظ بالنية للصلاة
-
47 حلقة 647: حكم لبس القفازين - النية عند العقيقة - ذكر الله قبل طلوع الشمس وقبل الغروب - الشك واليقين في النذر - الشك في عدد الرضعات - ترك قضاء رمضان جهلاً - النوم أثناء السعي - تحريم نكاح المتعة - تكفير القبوريين
-
48 حلقة 648: حكم وضع المصحف في المنزل بدون قراءة - حكم قراءة كتب النصارى - الطريقة البرهانية إحدى طرق الصوفية - حكم الأدوية المحتوية على مذيبات كحولية - حكم تكفير الساحر - حكم السلام على المبتدع
-
49 حلقة 649: إذا شك في الصلاة فليبن على الأقل - إذا ارتضع الإنسان من المرأة صار أولادها جميعهم إخوة له - حكم الصلاة عند القبور - السنة في مقدار رفع القبور - تذكير من دخل المسجد وجلس ناسياً بتحية المسجد - حكم تقديم صيام النفل على القضاء
-
50 حلقة 650: فضل السواك والأوقات المناسبة لاستعماله - حديث لله تسعة وتسعون اسماً من حفظها دخل الجنة - أول جمعة في الإسلام ومن خطب فيها؟ - حكم لحم الثعلب - حكم اللعن في المسجد وخارجه - حكم زيارة النساء للقبور
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد