حلقة 645: تفسير قوله إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا - حكم تقريب القرابين والنذور للقبور وحكم الصلاة في مسجد به قبور - حكم الصلاة في مسجد بداخله قبر

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

45 / 50 محاضرة

حلقة 645: تفسير قوله إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا - حكم تقريب القرابين والنذور للقبور وحكم الصلاة في مسجد به قبور - حكم الصلاة في مسجد بداخله قبر

1-   يسأل عن تفسير آية هي قول الحق تبارك وتعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا))[الإسراء:36]؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فهذه الآية الكريمة مظمونها التحذير من أن تسمع ما لا يحل لك، أو تنظر ما لا يحل لك أو تعتقد ما لا يحل لك، فأنت مسئول عما سمعت وعما نظرت إليه وعما اعتقدته بقلبك، والفؤاد هو القلب، والإنسان مسؤول عن سمعه وبصره وفؤاده، فعلى المؤمن أن يتقي الله في سمعه وبصره وقلبه، وألا يسمع ما حرم الله عليه من سماع الأغاني، الأغاني وآلات اللهو، أو سماع الغيبة والنميمة، لما فيهما من الضرر العظيم، أو ما أشبه ذلك مما يضر سماعه فليستمع الخير، كاستماعه للقرآن الكريم وللسنة المطهرة أو للأحاديث المفيدة، وسماعه لكلام أهله المباح، أو كلام إخوانه وما أشبه ذلك مما هو مباح، أما المحرم فليحذر، ومن ذلك أن يستمع لقوم يكرهون سماعه ولا يرضون أن يسمع حديثهم ولا يجوز له ذلك، كما في الحديث في الصحيح عن رسول الله عليه وسلم: (من سمع حديث قوم وهم له كارهون، صب في أذنيه الآنك يوم القيامة)، رواه البخاري، الآنك يعني الرصاص، هذا تحذير من سماع أحاديث الناس وهم يكرهون ذلك، كأن تستمع لهم من عند الباب سراً أو من طاقة أو من سماعة التلفون أو ما أشبه ذلك، ليس لك أن تستمع حديث قوم يكرهون ذلك، لهذا الحديث العظيم، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (من تسمع حديث قوم وهم له كارهون، صب في أذنيه الآنك يوم القيامة)، يعني الرصاص، نسأل الله العافية، وهكذا البصر، أنت مأمور بغض البصر عما حرم الله، غض البصر عن النسوان، عن النساء، لئلا تفتن بهن، كما قال جل وعلا: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، تغض بصرك عما حرم الله عليك من النساء، الأجنبيات، كزوجة أخيك أو زوجة عمك، أو ما أشبه ذلك من غير المحارم، وهكذا عن المردان إذا خشيت الفتنة، تغض بصرك عن النظر إلى الأمرد إذا خشيت الفتنة، وهكذا ما أشبه ذلك مما يحرم النظر إليه كعورات الناس، ليس لك أن ترى عورات ولا من خلال بيوتهم، لأنك ممنوع من ذلك، وهكذا يجب عليك أن تحذر الاعتقادات الباطلة، بل يجب أن تنـزه قلبك وعقلك عما حرم الله، فلا تعتقد ما حرم الله عليك من حل ما حرم الله، أو اعتقاد عدم وجوب ما أوجب الله، أو عملاً بقلبك مما حرم الله، كاعتقاد مثلاً أن الزنا حلال، هذا من مرض القلب، وهو كفر نسأل الله العافية، وهكذا اعتقاد أن شرب الخمر، حلال، وهذا من مرض القلب وهو كفر أكبر نسأل الله العافية، وهكذا سوء ظنك بالله وسوء ظنك بإخوانك من غير دليل، هذا أيضاً من مرض القلب، وهكذا قنوطك عن رحمة الله وأمنك من مكر الله، كلها أعمال قلبية خطيرة منكرة من كبائر الذنوب، وهكذا النفاق مرض قلبي كونك تظهر الإسلام وتعتقد الكفر والنفاق في قلبك، تعتقد أن الرسول ليس بصادق أو أن الدين ليس بحق، أو ما أشبه هذا من اعتقادات أهل النفاق، والخلاصة أن السمع والبصر والفؤاد كلها يجب أن تصان عما حرم الله، عليك أن تصون سمعك عما حرم الله، وبصرك عما حرم الله، وقلبك عما حرم الله، وأن تنظر وتسمع لما ينفعك ويرضي الله عنك أو ما أباح الله لك، وتعتقد في قلبك ما شرعه الله وما أباح الله تعمل بذلك كحب الله ورسوله، خوف الله ورجائه كلها هذه أعمال قلبية مطلوبة، كحسن الظن بالله، اعتقاد أنه الواحد الأحد المستحق للعبادة، واعتقاد ما أوجب الله عليك، كالصلاة والصوم، تعتقد هذا بقلبك أن الله أوجب الصلاة على المكلفين من المسلمين وأوجب الزكاة لمن لديه مال فيه الزكاة، أوجب صوم رمضان لمن استطاع ذلك، أوجب الحج على من استطاع ذلك، وهكذا وأنت مسؤول عن هذه كلها، يوم القيامة، فإن كنت حافظت عليها وصنتها سلمت، وحمدت العاقبة، أما إن كنت أسأت التصرف ولم تصنها عما حرم الله، فإنك على خطر عظيم، وفيه تفصيل كما تقدم.  
 
2-   في مدينة دنجلا مسجد كبير وبه ضريحان لشخصين يعتقد الناس أنهم من الصالحين، وهذه الأضرحة تزار وتقدم له القربان والمقابر من جهة القبلة، ويفصل بينها وبين المصلين حائط المصلى فقط، السؤال: هل يجوز لي أن أصلي في هذا المسجد لتبليغ الدين، علماً بأن المسجد يجمع أناساً كثيرين من مناطق مختلفة، وإذا صليت ما حكم صلاتي، هل أعيدها أم ماذا أفعل؟
بناء المساجد على القبور، منكر عظيم، كونه من وسائل الشرك، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، فلا يجوز البناء على القبور، ولا اتخاذ المساجد عليها ولا جعلها مصلى، فالمسجد الذي فيه قبر أو أكثر لا يصلى فيه، والصلاة غير صحيحة؛ لأن الرسول نهى عنها ولعن من فعل ذلك عليه الصلاة والسلام، وقال في الحديث الآخر الذي رواه مسلم في الصحيح: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك)، فنهى عن اتخاذ القبور مساجد وقال إنه ينهى عنها، ولعن من فعل هذا، وذمه، فلا يجوز للمسلمين أن يصلوا في المساجد التي فيها القبور، بل يجب نبشها من قبل الدولة، وعلى أهل الحل والعقد أن ينبشوها ويجعلوها في مقابر المسلمين، تبقى المساجد ليس فيها قبور، على الدولة إذا كانت تدين بالإسلام أن تنبش هذه القبور التي في المساجد، وأن تجعلها مع المسلمين في قبورهم، حتى تخلو المساجد من القبور، هذا إن كانت القبور بعد المسجد، أما إن كان المسجد بني عليها وهي قديمة، فالواجب أن يهدم المسجد، ولا يصلى فيه، وليتلمس أهل الحي أرضاً أخرى ليس فيها قبور، فيعمر بها مسجداً ويصلون فيه، أما المسجد الذي بني على القبور الواجب هدمه، لأنه أسس على معصية الله، وقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن تجصيص القبور، والقعود عليها والبناء عليها رواه مسلم في الصحيح من حديث جابر رضي الله عنه، والخلاصة أن القبر إن كان جديداً والمسجد هو الأسبق وجب نبش القبر ونقل الرفات إلى المقابر الأخرى، يوضع في حفرة يسوى ظاهرها كالقبر، وهكذا لو كان أكثر من قبر، قبرين، ثلاثة كلها تنقل، كل رفات قبر تجعل في حفرة وحدها في المقابر العامة، ويجعل ظاهرها كظاهر القبور، حتى لا تمتهن، ويبقى المسجد خالياً يصلى فيه، أما إن كانت القبور هي الأصل، والمسجد هو الحادث بني عليها، فإنه يهدم، لأنه أسس على غير التقوى، على المعصية فيهدم، ويبنى لأهل الحي مسجد في محل آخر ليس فيه قبور، طاعة لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، وعملاً بما دلت عليه النصوص وتحذيراً للمسلمين من الشرك، وقطعاً لوسائله، لأن وجود القبور في المساجد من وسائل الشرك والغلو فيها، ومن وسائلها دعائها والاستغاثة والنذر لها، والطواف بها، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فيجب الحذر من ذلك، أما إن كان القبر خارج المسجد عن يمينه أو شماله أو أمامه أو خلفه وليس في داخله فالصلاة صحيحة، لكن لو تيسر إبعاده في المقابر، يكون أولى، حتى لا يغلو فيه أحد، إذا كان خارج المسجد، خارج بناء المسجد، عن يمين أو شمال أو أمام أو خلف فالأولى والأفضل أن ينقل لا يبقى القبر عند المسجد لئلا يغلى فيه، وينقل إلى المقابر العامة ولكن الصلاة فيه صحيحة لأن المسجد سليم من القبور، ليس بداخله قبور، ونسأل الله أن يوفق ولاة أمور المسلمين لتطهير بلادهم من أثر الشرك ووسائله، وأن يعينهم على كل خير، وأن يصلح قلوبهم وأعمالهم وبطانتهم وأن يوفق العلماء للقيام بما يجب من النصيحة لولاة الأمور وإرشادهم إلى الخير وإعانتهم عليه، فإن واجب العلماء عظيم في كل مكان، في السودان وغير السودان، واجب العلماء عظيم، يجب عليهم أن يرشدوا الناس، إلى أن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات أمر منكر، بل شرك أكبر، وأنه لا يجوز النذر للقبور، ولا الطواف بها ولا دعاء أهلها والاستغاثة بهم ولا أن يطلب منهم المدد، هذا منكر عظيم وشرك أكبر، فالواجب على أهل العلم في السودان، وفي مصر وفي الشام وفي الأردن وفي كل مكان وفي هذه الجزيرة كلها، في اليمن وفي هذه الجزيرة وفي الخليج في كل مكان، الواجب على العلماء أن يبنوا أمر الله ويرشدوا الناس إلى توحيد الله وطاعة الله، وأن ينكروا عليهم المنكرات حتى يعرف الناس المنكر وحتى يحذروه فالعلماء هم ورثة الأنبياء، وعليهم واجب عظيم، وهو واجب الدعوة والبلاغ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في كل بلد، وفي كل دولة، وعلى العلماء إذا كانت دولة كافرة أن يرفعوا إليها ويبينوا لها أن هذا الأمر كذا وكذا حتى تسمح لهم بعمل ما شرعه الله لأنه لا بد من قوة تعين على إزالة المنكر، لأن العامة الجهلة قد يعترضون على أهل العلم، فلا بد من الاستعانة بالله ثم بالدولة حتى تعينهم على هدم المساجد التي بنيت على القبور، وحتى تعينهم على نقل القبور التي وضعت في المساجد، ينقل رفاتها إلى المقابر العامة، وليس لأحد أن يفعل ما يحصل به التشويش، بل عليه أن يستأذن من ولاة الأمور حتى تجري الأمور على طريقة حسنة مضبوطة من جهة ولاة الأمور، وإذا كان ولي الأمر قد جعل الأمر لأمير البلد وعلماء البلد قاموا بالواجب، العلماء يرفعون لأمير البلد وأمير البلد ينفذ ويتعاون الجميع على البر والتقوى، كما قال الله سبحانه: وتعاونوا على البر والتقوى، ولا يجوز للعالم السكوت عن هذا الأمر العظيم والأمر الكبير، ويجب على أنصار السنة في مصر والشام والسودان وفي كل مكان وعلى العلماء جميعاً في كل مكان، أن يبينوا للناس أمر الله، وأن يشرحوا حقيقة الدين وأن يوضحوا لهم أنواع الشرك الأكبر، والأصغر، وسائر المعاصي حتى يجتنبوها وحتى يحذروها، والواجب على العلماء أن ينكروا على الناس دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر للأموات والذبح لهم، وجعل صناديق للنذور، فهذا منكر عظيم وشر وخيم، يجب أن ينكر، يجب على العلماء أن ينكروه في غاية النشاط وبالأساليب الحسنة التي يحصل بها إنكار المنكر، ولا يحصل بها التشويش مع ولاة الأمور، بل يتصل مع ولاة الأمور ويخبرونهم بما يجب حتى تتفق الكلمة مع ولاة الأمور في إنكار المنكر، والقضاء على أسباب الشر والفساد والشرك، فالعلماء واجبهم عظيم، وهم مسؤولون أمام الله يوم القيامة، مسؤولون عما قصروا فيه، وعما لم يقوموا به من الواجب، هم ورثة الرسل، هم خلفاؤهم يقول الله سبحانه: فوربك لنسألنهم أجمعين، عما كانوا يعملون، ولا سيما فيما يتعلق بالعقيدة فيما يتعلق بالشرك والتوحيد، فإنه أعظم من غيره، فأصل الدين وأساس الملة عبادة الله وحده وهو معنى لا إله إلا الله، فإن معناها لا معبود حق إلا الله، كما قال سبحانه: وإلهاكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وقال سبحانه في سورة الحج: ذلك بأن الله هو الحق وأنما يدعون من دونه هو الباطل، فدعوة الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم وطلبهم المدد هذا من الشرك الأكبر، سواء كانوا أنبياء وصالحين أو غيرهم هذا حق الله، العبادة حق الله وحده، لا يدعى إلا الله ولا يستغاث إلا به، فالأموات قد انقطعت أعمالهم إلا مما شرع الله بصدقة جارية أو علم ينفع به، أو ولد صالح يدعو لأبيه وأمه، المقصود أنهم لا يدعون مع الله ولا يستغاث بهم ولا ينذر لهم ولا يذبح لهم، ولا يطلب منهم مدد ولو كانوا عظماء في الدين كالعلماء والرسل لا يجوز، هذا أبداً، فدين الله سبحانه إخلاص العبادة لله وحده، قال: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه، إياك نعبد وإياك نستعين، وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، هكذا يقول سبحانه، ويقول عز وجل: فادعوا الله مخلصين له الدين، فاعبد الله مخلصاً له الدين، أما الحي القادر لا بأس أن يستعان به، الحي القادر، تقول لأخيك أعني على كذا، ليسمع كلامك أو من طريق الهاتف أو من طريق الكتابة، تقول يا أخي ساعدني على كذا، أعني على مزرعتي، على إصلاح سيارتي، اشتر لي كذا، لا بأس التعاون بين الأحياء، أما دعاء الأموات ودعاء الغائبين يعتقد أن لهم سراً يسمعون الغائبون بدون واسطة، هذا شرك أكبر، أو دعاء الجن أو دعاء الملائكة أو الاستغاثة بهم، هذا من الشرك الأكبر، الذي بعث الله الرسل بإنكاره، والنهي عنه والتحذير منه، وهو مصادم لقوله عز وجل: إياك نعبد وإياك نستعين،ولقوله سبحانه: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه، وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، نسأل الله أن يوفق ولاة الأمور من الأمراء والعلماء، لكل ما فيه صلاح البلاد والعباد، وأن يعينهم على كل خير، وأن يصلح لهم البطانة، وأن يجعلهم هداة مهتدين وإيانا وسائر إخواننا ولا حول ولا قوة إلا بالله.  
 
3-   هل لي أن أبلغ في هذا المسجد والحال كما ذكرت؟ يبلغ ولا يصلي معهم، ما دام القبور داخل المسجد لا يصلي معهم. إذا كان القبر داخل المسجد لا يصلي؟
يجلس فإذا صلوا ينبههم أو في أوقات أخرى، في غير المساجد، في التجمعات الأخرى، أما إذا كان القبر خارج المسجد، فلا بأس يصلي معهم ويذكرهم بالله. ويعلمهم دينهم، أما إذا كان القبر في داخل المسجد، أو القبور في داخل المسجد فلا يصلى فيها، (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، هكذا قال عليه الصلاة والسلام، ولكن المؤمن يتحرى الأوقات المناسبة فإذا جاءهم وقد صلوا أو ذكرهم قبل الصلاة وقال: إني أحب أن أصلي معكم لولا هذا القبر، والمساجد التي فيها قبور لا يصلى فيها، فيعلمهم ويرشدهم أو بعد الصلاة كذلك يرشدهم، ولا حرج في ذلك، والحمد لله.  
 
4-  رجل اكتسب مبلغ مائة جنيه سوداني عن طريق الرشوة، ونمى هذا المال بالتجارة، هل الأرباح المحققة حلال، وإذا تاب ماذا يفعل؟
إذا تاب يكفيه إن شاء أن يخرج المائة التي من طريق الرشوة, والتوبة تجب ما قبلها، وإن تصدق بالجميع وأغناه الله عن الجميع فذلك أحوط لأن العلماء منهم من قال: إنه يتصدق بالجميع أو يرد المال إلى صاحبه، إذا كان يعرف صاحب الرشوة، يرد المال إلى صاحب الرشوة، أما إن كان لا يعرفه، فإنه يتصدق بها في وجوه البر، مع التوبة إلى الله والندم، أما الأرباح التي حصلت من عمله وبيعه وشرائه فهي ماله، في أحد قولي العلماء، لأنه نماها بعمله واجتهاده فيكون المال الذي دخل عليه من طريق الرشوة حراماً، ولكنه ما عمله فيه باجتهاده وبيعه وشرائه يكون له لأنه تسبب عن عمله وعن تصرفاته وقال آخرون: إنه ـــ المال الخبيث، فينبغي أن يتصدق به أو يرده مع أصله إلى صاحبه، وهذا القول هو الأحوط للمؤمن وأبعد عن الشر، إذا استطاع ذلك، فإنه يرد المال إلى صاحبه الأصل إذا عرفه، وإذا رد الربح أو استباحه وقال: سامحني في الربح أو في بعضه فهذا طيب، أما إذا لم يعلم ونسيه صاحبه ولم يعلمه فإنه يتصدق به، والربح ينبغي له أن يتصدق بما ربح، من باب (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)، عملاً بقول ما قال أنه تبع أصله،والمؤمن يحتاط لدينه ولا سيما إذا كان عنده ما يسد حاجته، فإنه ينبغي له أن يحتاط ويبتعد عن كسب أصله خبيث، ولا حول ولا قوة إلا بالله.  
 
5-   معظم مناسبات الزواج والمآتم عندنا مخالفة للسنة، مثلاً: في الزواج غناء واختلاط، وفي المآتم جمع بعد الدفن، هل يجوز لي الذهاب للتعزية بدون الجلوس معهم، وفي الزواج إذا دعيت للوليمة ولم يبدأ وقت الحفل ولا الاختلاط هل يجوز لي الذهاب، علماً بأن عدم ذهابي يترتب عليه مقاطعات وردود فعل عنيفة منهم؟
إذا استطعت أن تذهب وتعلمهم وتنكر المنكر فهذا هو واجبك، تذهب وتعلم وتنكر المنكر في المآتم وفي الزواجات، وإذا لم تستطع ذلك فلاحرج عليك أن تترك الذهاب إليهم، وإذا قطعوك فهم الآثمون أما أنت فقد فعلت ما شرع الله لك من ترك حضور المنكر، لكن لو حضرت وأنكرت استطعت ذلك تحضر وتنكر المنكر، في المآتم وفي حفل الزواج، والغناء في الزواج إذا كان من النساء بينهن لا حرج، الأغاني التي يعتادها الناس في الزواج، يمدحون الزوج والزوجة وآل الزوج والزوجة ونحو ذلك بالدف لا بالعود ولا بالطبل ولا بالمزامير ولكن بالدف هذا لا بأس به، وهذا من إعلان النكاح، كان يفعل في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وعهد الصحابة أما إذا كان فيه الاختلاط اختلاط الرجال بالنساء في الأعراس واستعمال ما حرم الله من المزامير والعود والطبول وأشباه ذلك فإنك لا تحضر، لكن إن استطعت أن تحضر وتنكر لعلهم يستجيبون لك وجب أن تحضر وتنكر المنكر، وهكذا في المآتم إذا كان المأتم من أهل الميت يحيون أياماً وليالي يصنعون طعاماً للناس ويحيون المأتم فهذا منكر يعلمون،أن هذا من أمر الجاهلية، يعلمون أن هذا لا يجوز، ولكن يشرع لهم أن يقبلوا الطعام من غيرهم، إذا صنع لهم أقاربهم وجيرانهم طعاماً يقبلونه، هذا مشروع للجيران والأقارب، أن يصنعوا لأهل الميت طعاماً لأنهم قد شغلوا بميتهم، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه قال لأهله لما جاء نبأ جعفر يوم مؤتة في مؤتة في الشام، أمر أهله أن يصنعوا لهم طعاماً، فإنه قد آتاهم ما يشغلهم، فإذا صنع لهم الجيران والأقارب لأهل الميت ودعوا إليه من يأكل معهم من جيرانهم وأقاربهم فلا بأس بذلك، ولا بأس أنهم يصبوا قهوة أو شاي لمن جاء يعزيهم لا بأس بذلك، لكن يجتمعون على طبول أو أغاني أو ملاهي أو يصنعون هم طعاماً للناس من أجل الميت هذا هو منكر لا يجوز، أما إذا جاءهم ضيف من بعيد وصنعوا طعاماً له ولهم فلا بأس بهذا، أو صبوا له القهوة، جاء يعزي وصبوا له الشاي أو أسقوه شراب، لا بأس بذلك، هذا من مكارم الأخلاق، أما يجتمعوا اجتماعاً خاصاً من أجل الميت، على الطبول والمزامير أو على الذبائح والأكل ونحو ذلك فهذا هو الذي من عمل الجاهلية، لا يجوز أن يصنعه أهل الميت، ولكن يصنعه الناس لهم، يهدون إليهم طعاماً من جيرانهم وأقاربهم لأنهم شغلوا بالمصيبة، فالسنة أن يهدى لهم من جيرانهم وأقاربهم، وإذا جاءهم الطعام الكثير ودعوا إليه من يأكل معهم فلا بأس بذلك ولا حرج في ذلك.  
 
6-  أرجو أن تتكرموا ببيان الفرق بين الطلاق السني والطلاق البدعي؟
الطلاق السني هو الذي يقع في حال الحمل أو في حال تكون المرأة طاهراً لم يجامعها زوجها،هذا هو الطلاق السني ويكون طلقة واحدة فقط، هي طالق أو مطلقة طلقة واحدة، ويكون ذلك في حال كونها حاملاً أو في حال كونها طاهراً طهراً لم يجامعها فيه، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- لابن عمر لما طلق امرأته وهي حائض راجعها، ثم أمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شئت طلقها طاهراً أو حاملاً قبل أن تمسها، وفي لفظ: ثم تطلقها قبل أن يمسها، وفي لفظ آخر: طلقها طاهراً أو حاملاً، فالمقصود أنه - صلى الله عليه وسلم- أمره أن يطلقها في طهر لم يمسها فيه، أو في حال كونها حاملاً، وهذا هو معنى قوله جل وعلا: يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن، قال العلماء: معنى ذلك أنهن طاهرات بغير جماع، أو في حال الحمل، هذا الطلاق في العدة، ويكون طلقة واحدة، لا ثنتين ولا ثلاث، أن يطلق ثنتين بلا سبب مكروه، وإن طلق ثلاث لا يجوز، أما الطلاق البدعي فهو في القول أن يطلقها ثلاثاً، هذا البدعي لا يجوز أن يطلقها بالثلاث، أما في حيضها فلا يطلقها إذا كانت حائضاً أو نفساء، أو في طهر جامعها فيه، هذا بدعي، إذا كانت حائضاً أو في النفاس أو في طهر جامعها فيه وليست آيسة ولا حامل، بل تحمل شابة فإن هذا يكون بدعي، أما إذا كانت حاملاً أو آيسة كبيرة السن فإنه يطلقها في أي وقت، لأنه ليس لديها حيض ولا نفاس ولا خشية الحمل، فإذا طلق الحامل في أي وقت طلقة واحدة أو الآيسة كبيرة السن التي لا يأتيها الحيض طلقة واحدة كله موافق للسنة لا حرج في ذلك، أما إذا كانت تحيض فإنه لا يطلقها في حال الحيض ولا في حال طهر جامعها فيه، ولا في حال النفاس. 

368 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply