حلقة 644: حج الوالدة قبل زواجها لابنها - الوساوس من الشيطان - حلق بعض الدعاة للحية - هل ثواب قراءة القرآن يصل للميت - حكم من قبل زوجته في نهار رمضان - زكاة الدين - زكاة الحلي - حديث اثنتان في الناس هما بهم كفر

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

44 / 50 محاضرة

حلقة 644: حج الوالدة قبل زواجها لابنها - الوساوس من الشيطان - حلق بعض الدعاة للحية - هل ثواب قراءة القرآن يصل للميت - حكم من قبل زوجته في نهار رمضان - زكاة الدين - زكاة الحلي - حديث اثنتان في الناس هما بهم كفر

1-   أنا شاب أبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً، طالب في المدرسة ثالث ثانوي، ولي والدة تبلغ من العمر حوالي ثمانية وخمسين عاماً، والدي متوفى منذ خمسة عشر عاماً، وتريد والدتي أن تذهب إلى الحج ولكنها تقول: إن ذلك لا يجوز وهو حرام حتى أتزوج، أرجو من سماحتكم إفادتي إذ والدتي تفضل تزويجي قبل أدائها للحج، وجهونا حول هذا الموضوع؟ جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فلا شك أن الحج فرض على كل إنسان، استطاع السبيل إليه، لقول الله عز وجل: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً، فإذا كنت تستطيع الحج من جهة المال وجب عليك الحج، وإذا كانت هي تستطيع الحج من جهة المال وجب الحج، وإن بدأت بالزواج، لأنك بحاجة إلى الزواج فلا حرج، لأن الزواج أيضاً فرض مع الشهوة والرغبة فيه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)، وبكل حال لا بأس أن تقدم الحج على الزواج، وقول أمك أنه حرام غلط منها، عفا الله عنا وعنها، لا بأس بالحج، بل عليك أن تحج إذا استطعت الحج، ولك أن تقدم الزواج إذا كنت ترغب في الزواج وتخشى على نفسك من مضرة التأخير وخطر التأخير، وهي كذلك إذا كان المراد حجها هي فإنها تحج كذلك ولو قبل الزواج إذا كانت تستطيع الحج، أو أنت تستطيع الحج، بأن تحججها من مالك فإنها لا حرج عليها أن تحج قبل أن تتزوج هي وقبل أن تتزوج أنت، حتى لو حجت وهي ثيب، ما تزوجت كذلك أو أنت، إذا كان قصدها أنت لا بأس أن تحج هي قبل أن تتزوج أنت، فالمقصود أن الكلام هذا ليس في محله غلط، فلك أن تتزوج أنت ولها أن تتزوج هي ولا حرج في ذلك، أما تأجيل الحج حتى تتزوج أنت وحتى تتزوج هي لا أصل له، بل هذا جائز وهذا جائز، وإذا كانت تستطيع الحج ولم تحج هي فعليها أن تحج بعد خروجها من العدة، لكن هذه لها مدة طويلة، عليها أن تحج إذا كانت تستطيع الحج، وأنت عليك أن تحج إذا استطعت الحج ولو قبل الزواج وإذا أردت أن تقدم الزواج فلا حرج في ذلك، الأمر في هذا واسع؛ لأن هذا واجب وهذا واجب، مع الشهوة إذا كنت تشتهي النكاح وتخشى على نفسك فإن قدمت النكاح فلا بأس، وإن قدمت الحج فلا بأس، وعليك أن تقنعها وتوجهها إلى الخير وتعلمها بما سمعت الآن ولعلها تسمع أيضاً هذا البرنامج وتستفيد في هذا الباب وترجع عن قولها. مفهوم الرسالة كما فهمت سماحة الشيخ أن الوالدة هي التي تمتنع عن الحج حتى يتزوج ابنها؟ كله لا وجه له، سواء كان المراد هي أو المراد الولد، على كل حال، لها أن تحج هي وإن لم يتزوج ولدها، وله أن يحج قبل الزواج، وليس شرطاً أن يقدم الزواج، لكن إذا احتاج إلى الزواج وخاف عن نفسه وقدم الزواج فلا حرج. لعلها تريد توفير النفقة لزواج ابنها؟ قد يكون هذا، لكن لا يجوز أن تقول حرام، لو قالت أحب أن أزوجك وينبغي أن أبدأ بك، من باب تقديم الزواج على الحج فهذا لا بأس إذا دعت الحاجة إلى ذلك. لكن لا تقل حرام؟ نعم.  
 
2-   منذ سنتين ونصف ابتليت بالوساوس والهواجس والخواطر التي بعضها لا أستطيع دفعه، وأصابني معها شيء من الخوف والقلق والاضطراب، حتى استولت عليَّ هذه الخواطر والوساوس، وأنا خائف منها خوفاً شديداً، حيث أخاف أن تضرني في ديني؛ لأن بعضها في عقيدتي، وإذا سألت بعض أهل العلم يقول لي: الوسوسة من الإيمان، وإلى الآن لم تزل عني هذه الوساوس والخواطر، وأحياناً يصيبني بعض القنوط بسبب كثرة الوساوس، فأرجو من سماحتكم توجيهي إلى النجاة من تلك البلية، وبيان الوسوسة التي ذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (إنها من الإيمان)؟ جزاكم الله خيراً.
أصل الوساوس من الشيطان، هي الذي يملي على الإنسان ما يضره ويشوش عليه دينه كما قال جل وعلا: قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوساوس الخناس، فهو وسواس عند الغفلة وخناس عند الذكر يتصاغر ويخنس عند ذكر الله عز وجل، فعليك يا أخي أن تكثر من ذكر الله وقراءة القرآن، والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لما قيل، قال له بعض الصحابة: يا رسول الله: إن أحدنا ليجد ما لا أن يخر من السماء أحب إليه من أن ينطق به، يعني يجد من الوسوسة أشياء يفضل أن يخر من السماء ولا ينطق بها لشدتها، فقال: (ذاك صريح الإيمان)، المعنى أن الشيطان لما يئس منهم أتاهم بوساوس خطيرة وشديدة في دينهم وعقيدتهم، لأن يخروا من السماء أهون عليهم من أن ينطقوا بها، هذا من كيده الخبيث، فهو صريح الإيمان من جهة ما في قلب المؤمن من كراهتها وإنكارها والحذر منها، هذا صريح الإيمان، ليست الوسوسة من صريح الإيمان، بل كراهتها والخوف منها والحذر منها، والمؤمن لئن يخر من السماء أسهل عليه من أن ينطق بها، هذا صريح الإيمان في قلوبهم، يعني أن قلوبهم أنكرت تلك الوساوس ورأت أن السقوط من السماء أهون من النطق بها كأن يقول له: إن الله غير موجود، أو إن الله لا يجوز أن يدعى أو لا بأس أن يشرك معه غيره في الدعاء والعبادة، أو يقول كما جاء في الحديث الله خلق كل شيء فمن خلق الله؟! وما أشبه هذا الوساوس، المتعلقة بوجود الله واستحقاقه للعبادة، وأنه الخلاق العليم، أو متعلقة بالجنة والنار في أن يوسوس أنه لا جنة وليس هناك نار وأنه لا بعث ولا نشور، كل هذا من وساوس عدو الله، وإنكار هذه الوساوس من صريح الإيمان، إنكارها واعتقاد بطلانها هذا هو صريح الإيمان، فالمؤمن أرشده النبي - صلى الله عليه وسلم- إذا وجد مثل هذا أن يقول: آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، هكذا أمر الصحابة رضي الله عنهم، قال لهم: إذا وجدتم ذلك فليقل أحدكم: آمنت بالله ورسله، وليتعوذ بالله ولينته، هذا هو الدواء، لهذه الوساوس الخبيثة، إذا رآها المؤمن يقول: آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويمضي في حاجته، يستمر في حاجته ولا يركن إليها لا يلتف إليها، أما المسألة الأخرى في صلاته وفي وضوئه فهي أيضاً من الشيطان يجب ألا يلتفت إليها يجب أن يحذرها فإذا توضأ لا يعيد الوضوء، وإذا صلى لا يعيد الصلاة بسبب الوساوس، لا، بل يعتقد أن صلاته صحيحة، ووضوؤه صحيح، ولا يلتفت إلى وساوس عدو الله، فإنه حريص على إفساد أعمال بني آدم وتشويش قلوبهم، وإحراجهم فالواجب الحذر منه بالتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولفظ الصلاة إذا وسوس إذا كان في الصلاة وكثرت عليك الوساوس، تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، تنفث، تنفث عن يسارك ثلاث مرات تقول أعوذ بالله من الشيطان، وقد اشتكى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه، وقال: يا رسول الله، إن الشيطان لبَّس علي صلاتي، فأرشده النبي - صلى الله عليه وسلم- أن يستعيذ بالله من الشيطان ثلاث مرات، في الصلاة ينفث عن يساره ثلاث مرات ويقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثلاث مرات، ففعل عثمان ذلك وزال عنه ذلك الوسواس، فأنت يا أخي إذا كثر عليك في صلاتك، أو في وضوئك تنفث عن يسارك وتقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثلاث مرات، والله يعيذك منه سبحانه وتعالى، وهكذا في جميع الأمور، تتعوذ بالله من الشيطان، وتكثر من ذكر الله وتقول آمنت بالله ورسله، إذا كان في العقيدة، آمنت بالله ورسله، وبهذا تسلم من عدو الله ويبطل كيده، كما فعله الصحابة بإرشاد النبي - صلى الله عليه وسلم- وأبطل الله كيده عنهم، وعافاهم من أذاه وشره.  
 
3-   عندنا في السودان ناس يدعون إلى الإسلام ويعملون لإعلاء كلمة الله وتطبيق شرع الله، ولكن تطالعنا صور بعضهم وهم من قادة هذه الدعوة بدون لحى، أي: يحلقون اللحية، والرسول - صلى الله عليه وسلم- أمر بإطلاق اللحى في عدة أحاديث، ما رأي سماحتكم في مخالفة هذا الأمر؟
الداعي إلى الله جل وعلا، والمعلم لعباد الله ليس بمعصوم، فإذا كان يدعو إلى الله جل وعلا، ويرشد الناس إلى الخير، فهو مشكور، وله أجره العظيم، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله)، والله يقول سبحانه: ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين، فالدعوة إلى الله وإلى توحيده وإلى طاعة أوامره وترك نواهيه هذه هي سبيل الرشد، قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة، والداعي إلى الله قد يقع منه بعض المعاصي ليس بمعصوم، فلا تزهد فيه من أجل هذه المعصية، اسمع ما يقوله من الحق، قال الله، قال رسوله، واستفد من ذلك وانتفع بذلك، وادع الله له أن يوفقه لتوفير لحيته وإرخائها وإعفائها، فلا شك أن حلق اللحية محرم ومنكر كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (قصوا الشوارب وأعفو اللحى، خالفوا المشركين)، وقال- صلى الله عليه وسلم-: (قصوا الشوارب ووفروا اللحى، خالفوا المشركين)، وقال في اللفظ الآخر: (جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس)، كلها أحاديث صحيحة، بعضها في الصحيحين وبعضها في صحيح مسلم، فالواجب على كل مسلم وإن كان من غير أهل العلم أن يعفيها وأن يوفرها وأهل العلم أولى بهذا لأنهم الدعاة ولأنهم القدوة فالواجب عليهم أن يوفروها وأن يحترموها طاعة لله ولرسوله، وعملاً بشرع الله، وحتى تقبل دعوتهم، وحتى لا يساء بهم الظن، لكن لو قصر في ذلك، فإنك لا تترك الاستجابة لدعوته في الحق، وعليك أن تقبل الدعوة بالحق، وإن كان صاحبها مقصراً في بعض الأمور، فليس الداعية إلى الله كاملاً ولا معصوماً فقد يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعو إلى الله وعنده بعض النقص، فاقبل منه فيما دعا إليه من الخير والهدى وانصحه فيما قصر فيه، نصيحة المؤمن لأخيه باللطف والأسلوب الحسن، وأنت مأجور، وهو مأجور، هو مأجور على دعوته وعلى ما قال به من الخير، وأنت مأجور على النصيحة والتوجيه إلى الخير، ولا يمنعك تقصيره من أن تقبل دعوته في الخير، وأنت تعينه على الخير، وفق الله الجميع.  
 
4-  الذين يقرؤون القرآن للميت يعتبرونه صدقة له، هل ثواب قراءة القرآن يصل للميت أم لا؟
هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم : من أهل العلم من يقول: إن قراءة القرآن تصل إلى الميت، إذا قرأ وثوب إلى الميت تصل إليه، كما يصل إليه الصدقة والدعاء والحج عنه والعمرة وأداء الدين ينتفع بهذا كله، فقالوا إن هذا مثل هذا، إن قراءة القرآن أو كونه يصلي له، أنه يلحقه، كما تلحقه الصدقة وتنفعه الصدقة والحج عنه والعمرة والدعاء. وقال آخرون: لا، لعدم الدليل، لأن العبادات توقيفية لا يفعل منها شيء إلا بالدليل لا مجال للرأي فيها، فالعبادات توقيفية معنى أنها تتقلى عن الله وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم- لا بالرأي والهوى، والقياسات لا، العبادات توقيفية، قال الله قال رسوله، ما شرعه الله في كتابه أو رسوله - صلى الله عليه وسلم- في السنة هذا هو الذي يؤخذ به ويعمل به، وما لا، فلا، وهذا هو الصواب، أن القراءة لا تهدى، لا يشرع أن تهدى، وهكذا الصلاة لا يصلي أحد عن أحد، لعدم الدليل، لأن ما كان النبي يفعل هذا عن أقاربه وما فعله الصحابة عن أقاربهم، فالمشروع لنا أن نتبع طريقهم وسبيلهم فلا نقرأ عن الميت ولا لغير الميت، ولا نثوب القراءة له ولا نصلي له ولا أن نصوم له، لأنه ميت إلا إذا كان عليه دين صوم، صوم رمضان ولم يقضه، يصام عنه، كما قال - صلى الله عليه وسلم-: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)، لكن لا يقاس عليه الصلاة، ولا تقاس عليه القراءة، فالعبادات ليست محل قياس، القياس في أمور أخرى غير العبادات، فالمؤمن حق عليه أن يلتزم بما شرعه الله، ويؤدي العبادة كما شرعها الله، ولا يحدث شيئاً لم يشرعه الله، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، رواه مسلم في الصحيح، ولقوله - صلى الله عليه وسلم-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، متفق على صحته، وقوله - صلى الله عليه وسلم- في خطبة الجمعة: (إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)، رواه مسلم أيضاً، فالمؤمن يتبع ولا يبتدع، فيقرأ لنفسه ويصلي لنفسه يرجو ثواب الله، أما أنه يهدي صلاته أو قراءته إلى حي أو ميت فهذا ليس بمشروع على الصواب وينبغي تركه، وإن قال بعض أهل العلم أنه يفعل، فالاعتبار بالأدلة الشرعية لا بأقوال الناس، يقول الله عز وجل: فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول، إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً، ويقول سبحانه: وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله، فهذه المسألة إذا رددناها إلى الله وإلى رسوله لم نجد في الكتاب العزيز ولا في السنة المطهرة ما يدل على أننا نصلي عن فلان أو نقرأ عن فلان، أو نهدي له ثواب قراءتنا أو صلاتنا له، ولا صومنا، لكن جاء في السنة الصدقة عن الميت نافعة والدعاء له بالمغفرة والرحمة نافعة، بإجماع المسلمين وهكذا الحج عنه والعمرة عنه إذا كان ميتاً أو عاجزاً لا يستطيع الحج لهرمه أو لمرض لا يرجى برؤه، لا بأس أن يحج عنه ويعتمر وهكذا إذا كان عليه دين قضاه أخوه المسلم ينفعه أما أن يصام عنه تطوع، أو يصلى عنه أو يقرأ عنه هذا ليس عليه دليل ولا ينبغي أن يفعل ولا يشرع، عملاً بالأدلة الشرعية ووقوفاً عندها، والله ولي التوفيق.  
 
5-  ما حكم من قبل زوجته في نهار رمضان، هل يبطل صومه أو يجرحه، وهل عليه كفارة أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
من قبل زوجته في الصيام فصومه صحيح، وهكذا لو لمسها، أو نام معها، كل ذلك لا يضر صومه، لما ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم-، وسأله عمر عن ذلك، قال أنه قبل امرأته، قال: ــ فقبلت امرأتي، قال: أرأيت لو تمضمضت، قال: ــ، قال: هكذا، فكما أن المضمضة لا تضر الصوم، فهكذا القبلة، إذا كان ما خرج منه شيء، ثم إذا خرج منه المني يبطل الصوم، أما إذا كان ما خرج منه قبلها أو لمسها ولم يخرج شيء فصومه صحيح، ولو أمذى لا يضره على الصحيح، المذي لا يبطل الصوم، وهو الماء اللزج الذي يخرج على أثر الشهوة، على طرف الذكر هذا لا يبطل الصوم، وإنما يبطل بالمني، وهو الماء الغليظ الذي يخرج دفقاً بلذة بسبب الشهوة، وإذا كان يخشى لسرعة شهوته، فينبغي له ترك التقبيل، إذا كان يخشى خروج المني لأن شهوته سريعة، فينبغي له ترك ذلك، وقد روى أبو داود رضي الله عنه ورحمه أن رسول الله استأذنه إنسان في التقبيل فأذن له، واستأذنه آخر فلم يأذن له، فإذا الذي أذن له شيخ كبير، والذي لم يؤذن له شاب، قال بعض أهل العلم: معنى ذلك أن الشاب قد لا يملك نفسه، قد تسبقه شهوته، بخلاف الشيخ الكبير، وفي إسناده نظر، والحاصل والخلاصة أنه إذا كان يخشى، فلا يقبل يترك التقبيل، أما إذا كان لا يخشى يعرف نفسه، وأنه لا خطر في التقبيل فلا بأس في ذلك ولا حرج.  
 
6-   عندي مبلغ من المال وقد أقرضته بعض المحتاجين له، وقد صرفوا هذا المال ولم يبق معهم شيء، هل علي زكاة في هذا المال أم لا؟ أرجو الإفادة، جزاكم الله خيراً.
ما داموا معسرين فليس عليك زكاة إذا كان المقترض معسراً، ليس عليك زكاة، أو كان موسراً لكنه مماطل ما أعطاك، تطلبه ولا يعطيك فلا زكاة عليك حتى تقبضه، ثم تستقبل حولاً جديداً فتزكيه بعد ذلك، أما إذا كان الذي عليه القرض مليئاً باذلاً فعليك الزكاة، ولو مكث عنده سنوات عليك أن تزكي عن كل سنة، ما دام مليئاً لو طلبته أعطاك ليس بمماطل فإنك تزكيه كأنه أمانة، أما إذا كان معسراً فإن الدين الذي عليه ما تجوز زكاته، لأنه ليس في يدك، والزكاة مواساة وأنت لا تملك الآن قبضه فلا زكاة عليك، وهكذا إذا كان يستطيع لكنه يماطل ولم يعطك، ولم يقم بالواجب الذي عليه من حقك، فإنه لا زكاة عليك، لأن المماطل كالمعسر، فلا زكاة عليك حتى تقبضه ثم تستقبل به حولاً كاملاً وتزكيه بعد ذلك.  
 
7-  هل على الذهب الذي تستعمله المرأة للزينة زكاة، علماً بأنه يصل إلى مائة جرام؟ نرجو الإفادة، جزاكم الله خيراً.
نعم، الصواب فيه الزكاة، حلي المرأة من الذهب والفضة فيه الزكاة وهي ربع العشر، ولو أنها تستعمل، هذا هو الصواب، فيه خلاف العلماء، بعض أهل العلم يرى أنه لا يجب الزكاة في الحلي، ولكن الصواب أنها تجب فيها الزكاة إذا بلغت النصاب، والنصاب اثنان وتسعون غرام تقريباً، عشرون مثقالاً، وبالريال السعودي إحدى عشر جنيه ونصف، وبالريال الفضة، الفضة العربي ستة وخمسون ريال من الفضة وما يعادلها فإذا كانت الحلي تبلغ نصاب الزكاة وجب فيها الزكاة على الصحيح، وقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم-أنه دخلت عليه امرأة وعلى ابنتها مسكتان من ذهب يعني سوارين من ذهب، فقال - صلى الله عليه وسلم- أتعطين زكاة هذا، قالت: لا، قال: (أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟)، فألقتهما وقالت: هما لله ورسوله، وقد قال - صلى الله عليه وسلم-: (ما من صاحب ذهب ولا فضة يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة ـــ صفائح من نار، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره.. الحديث، فهذا يعم الحلي التي من الذهب والفضة، والمقصود أن الراجح والصواب أن الحلي ولو أنها مستعملة الواجب أن تزكى، إذا بلغت النصاب، كل حول، ففي الألف خمس وعشرون،وفي الألفين خمسون وهكذا، تعرف قيمة الذهب وقت الحول ويزكى، حسب قيمته.   
 
8-    نرجو أن تشرحوا لنا هذا الحديث، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: اثنتان في الناس هما بهم كفر الطعن في النسب والنياحة على الميت رواه مسلم، اشرحوا لنا هذا الحديث؟ جزاكم الله خيراً.
أوضح العلماء رحمهم الله، أن الكفر كفران، كفر أكبر، وكفر أصغر، فالكفر الأكبر مثل عبادة غير الله ودعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، وطلب المدد من الأموات، أو من الأصنام، أو من الأشجار والأحجار، أو من النجوم أو الجن هذا شرك أكبر، وكفر أكبر، مثل سب الدين، سب الله، سب الرسول صلى الله عليه وسلم، كل هذا كفر أكبر، مثل الحكم بغير ما أنزل الله عن استحلال، يستحل الحكم بغير ما أنزل الله ويرى أنه جائز، هذا كفر أكبر، وما أشبه ذلك من نواقض الإسلام، كجحد بوجوب الصلاة، وجحد وجوب الزكاة، أو استحلال الزنا، كل هذا كفر أكبر، فإذا استحل ما حرم الله، مما هو معلوم من الدين بالضرورة، كالزنا والسرقة أو الخمر كان كافراً كفراً أكبر، أو جحد ما أوجب الله، كالزكاة والصلاة وصوم رمضان صار كفراً أكبر، أو سب الله أو سب الرسول أو سب الدين أو ترك الصلاة عمداً كفراً أكبر نسأل الله العافية. أما الكفر الأصغر مثل ما في الحديث هذا: اثنتان في الناس هما بهم كفر، الطعن في النسب، والنياحة على الميت، هذا كفر أصغر، لأنه كفر منكَّر في سياق الإثبات وهو كفر أصغر، والطعن في النسب معناه عيب أنساب الناس، فلان نسبه كذا، نسب فلان مخيب، حدادون يعيبهم بذلك، نجارون يعيبهم بذلك، إلى غير هذا مما يطعن في أنساب الناس، هذا نوع من الكفر وهو معصية وكبيرة وهكذا النياحة على الميت وأنه إذا مات الميت ينوح عليه، يعني يرفع صوته بالبكاء، هذا نوعه كفر، لكنه أصغر، مثل الحديث الصحيح: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)، أي كفر أصغر، لو قتل بغير حق، يكون كفراً أصغر، إذا لم يستحل ذلك، ـــ براءة من أنسابكم، أو براءة من آبائكم فهو كفر أصغر، إلا إذا استحل سب المسلمين يكون كفر أكبر نعوذ بالله، أو استحل البراءة من نسبه أو من أبيه، يكون كفراً أكبر، يعني إذا استحل ما حرم الله، بإجماع المسلمين كما لو استحل الزنا، قال أنه حلال، أو قال اللواط حلال أو الخمر حلال، يكون كفرا أكبر نسأل الله العافية، هذا هو الفرق بينهما، ما كان فيه دعوة لغير الله وعبادة لغيره كفر أكبر، وما كان فيه استحلال لما حرم الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة أو إنكار لما أوجبه الله وهو معلوم من الدين بالضرورة بالأدلة الشرعية مما أجمع عليه المسلمون هذا كفر أكبر. سماحة الشيخ في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى، على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير. نسأل الله ذلك.

470 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply