حلقة 648: حكم وضع المصحف في المنزل بدون قراءة - حكم قراءة كتب النصارى - الطريقة البرهانية إحدى طرق الصوفية - حكم الأدوية المحتوية على مذيبات كحولية - حكم تكفير الساحر - حكم السلام على المبتدع

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

48 / 50 محاضرة

حلقة 648: حكم وضع المصحف في المنزل بدون قراءة - حكم قراءة كتب النصارى - الطريقة البرهانية إحدى طرق الصوفية - حكم الأدوية المحتوية على مذيبات كحولية - حكم تكفير الساحر - حكم السلام على المبتدع

1-   ما حكم وضع المصحف في المنزل بدون قراءة، هل هو حرام أم حلال، مع العلم أنني لا أعرف القراءة؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فلا مانع من وضع المصحف في البيت لعله يأتي من يقرأ فيه من الزوار أو أن تتعلم بعد ذلك وتقرأ ولا حرج في ذلك، أما إذا كان المقصود وضعه لدفع الشياطين أو دفع الجن فهذا شيء لا أصل له، إنما تدفع بالتعوذ بالله جل وعلا وقراءة القرآن والذكر لا بوضع المصحف، أما إذا وضعته في البيت رجاء أن يأتي من يقرأ أو يحفظ القرآن، زوجتك أو أولادك أو غيرك ممن يتصل بكم هذا طيب، ومن باب الإعانة على الخير.  
 
2-   قرأت في تفسير الحافظ ابن كثير الدمشقي قولاً لابن عباس رضي الله عنهما في تفسير أول سورة النساء، يقول ابن عباس: (ألا إن المرأة خلقت من الرجل فجعلت نهمتها في الرجل، وإن الرجل خلق من الأرض فجعلت نهمته في الأرض، فاحبسوا نساءكم)، ما معنى هذا القول، وهل يخالف الأحاديث الصحيحة؟ أفيدونا مشكورين، جزاكم الله خيراً.
لا أعلم صحة الأثر وأحتاج إلى مراجعة، لأني لا أذكر الآن صحة الأثر عن ابن عباس، وأما معناه واضح فإن حواء خلقت من آدم وهي أم بني آدم، كما قال جل وعلا( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ) ، فإن حواء خلقت من آدم عليه الصلاة والسلام وآدم نفسه خلق من الطين ولا شك أن النساء لهن شغف للرجال وتشوف للرجال وفتنة بالرجال، ولا شك أن الإنسان أيضاً له شغف بالأرض وزراعتها والاستفادة منها كل هذا واقع، ولا شك أنه يجب على الأمة أن تعتني بالنساء وأن تصونهن عن الفتنة بالرجال هذا أمر معلوم من الشرع، فالواجب على رب البيت أن يصون أهله عن الفتنة بالرجال من خروجهن متبرجات يراهن الرجال أو تعاطي ما يسبب الفتنة من الكلام مع الرجال أو غير هذا من أسباب الفتنة، قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح (إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيهما وينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) ، وقال عليه الصلاة والسلام: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء). فالفتنة بهن عظيمة وهن لا شك لهن ميول إلى الرجال وحرص على التمتع بالنظر إلى الرجال وربما حرصت كثيرا ً على مكالمته فيما يتعلق بأسباب الفاحشة فالواجب الحذر والمعصوم من عصمه الله والمحفوظ من حفظه الله. يسأل في نهاية سؤاله سماحة الشيخ: هل يخالف الأحاديث الصحيحة على افتراض صحة هذا الأثر؟ هل هناك ما يعارض .. ؟ لا أعلم في مخالفة الأحاديث الصحيحة بل ظاهر الأحاديث يوافق ذلك، لأن الفتنة بالرجال من النساء أمر معلوم، وهكذا الرجل يخدع بالمرأة،ولكن فتنتها به وكثرة ميلها إليه، وقلة صبرها أمر معلوم. فينبغي للمرأة أن تحذر وأن تبتعد عن أسباب الفتنة، وأن تحتجب عن الرجال وتصون نفسها، وأن يقوم أولياؤها بذلك أيضا، قال تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) ، وقال سبحانه وتعالى: ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) ، وقال سبحانه: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ )... الآية. وقال عز وجل: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ ) هذا كله يبين عظم الخطر في تساهل النساء في البروز للرجال وعدم الحذر من الفتنة. الواقع سماح الشيخ هذا الموضوع يحتاج إلى طرح كثيرٍ من الأسئلة أرجو أن نتمكن من العودة إليه مستقبلاً إن شاء الله. نسأل الله ذلك.  
 
3-   ترد بعض أحاديث الرسول وقد تخالف هواي، وأجد بعض الضيق والحرج في تفسيرها وفي نفسي، ولكني لا أتكلم ولا أكتب شيئاً، هل أخرج بذلك من الإسلام، وخاصة أن هذا الأمر يرد علي كثيراً، وكذلك إني أقرأ بعض الكتب النصرانية، أفيدوني إذ أنني في حرج شديد ومرض شديد، وأحيطكم علماً أنني أحافظ على الإسلام والصلوات الخمس، وأحب الله ورسوله؟
هذه من نعم الله العظيمة عليك حب الله ورسوله، والمحافظة على شرع الله في الإسلام هذه من نعم الله، ومن أسباب السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة فنوصيك بالثبات على الحق والحذر مما قد يشتبه عليك لأنه قد تكون هناك أحاديث موضوعة مكذوبة وأحاديث مكذوبة يحصل لك بها شك وضيق وهي غير ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أما ما قاله الله جل وعلا أو ثبت عن رسوله صلى الله عليه وسلم ففيه الخير والصلاح، وفيه الهدى والرشاد، وفيه الخير العظيم لمن تأمله وعرف معناه وتقبله بصدر رحب فإن الله جل وعلا لا يأمر إلا بالخير ولا يدعو إلا إلى الخير، وفي طاعته كل السعادة، وهكذا رسوله عليه الصلاة والسلام إنما يدعو إلى الخير ويأمر بالخير عليه الصلاة والسلام، فالطاعة والسعادة في اتباع شرع الله، وفي التمسك بدين الله ، والوقوف عند حدود الله والهلاك والشقاء في مخالفة ذلك، وإذا أشكل عليك شيء من ذلك فاسأل أهل العلم من أهل السنة والجماعة من أهل البصيرة، عن ما أشكل عليك، وإذا كنت ذا معرفة باختلاف أهل العلم ومعرفة الحديث الصحيح والضعيف راجع كلام أهل العلم واعرف درجة الحديث وصحته وضعفه أو كونه موضوعا حتى تكون على بينة، وحتى يزول ما في نفسك من الحرج فكل ما كان من الشريعة فليس منه بحمد الله إلا الخير والهدى والصلاح، والله جل وعلا بين لعباده ما فيه خيرهم وصلاحهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة وهو أرحم بهم من أمهاتهم سبحانه وتعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم كذلك أرشدهم إلى سبيل النجاة ودعاهم إلى أسباب الخير، فأنت كن مطمئناً أن كل ما شرعه الله وكل ما ثبت عنه سبحانه وعن رسوله فهو حق وهدى وصلاح وما أشكل عليك وضاق به صدرك فلا تعجل حتى تعرف حقيقة الأمر وحتى تسأل أهل العلم عما أشكل عليك، وربما فهمت من النص ما ليس هو معنىً للنص، وربما ظننت أنه صحيح وليس بصحيح، بل هو من الأحاديث الموضوعة أو الضعيفة، فالواجب التثبت في الأمور (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً)(الطلاق: من الآية2). ويقول سبحانه : (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)(الطلاق: من الآية4). ويقول سبحانه: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً )(الأنفال: من الآية29). يعني نورا ًوبصيرةً وهدى. ذكر سماحةَ الشيخ أنه يقرأ بعض الكتب النصرانية؟ أما قراءة بعض الكتب النصرانية فنوصيك بترك ذلك، ونوصيك بترك الكتب الأخرى الضارة سواء كانت من النصارى أو اليهود أو لغيرهم من الكفرة أو لأهل الكلام الباطل كالجهمية والمعتزلة وغيرهم ممن يخوضون في الكلام والأصول من غير طريق الكتاب والسنة، ونوصيك بالإقبال على القرآن والإكثار من تلاوته وتلاوة الأحاديث الصحيحة كالبخاري ومسلم وكتب الأحاديث المعروفة كأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وموطأ الإمام مالك فهذه الكتب كلها خير ونفع وإن كان في السنن بعض الأحاديث الضعيفة التي بينها أهل العلم وهكذا مثل كتاب رياض الصالحين مثل بلوغ المرام مثل الترغيب والترهيب فيها أحاديث عظيمة، صحيحة، مفيدة، اقرأها وتذاكر مع إخوانك طلبة العلم المعروفين بالخير والبصيرة حتى يرشدوك إلى ما قد يخفى عليك وحتى يعينوك على فهم بعض النصوص، نسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية. سماحة الشيخ ألا ترون أن هذه الوسوسة راجعة إلى هذه الكتب التي يقرأ فيها أخونا؟ قد يكون بعض ذلك، قد يكون بعض ما يرد على قلبه من هذه الكتب الضارة، كتب النصارى وأشباههم فإنها قد تضر ضرر عظيم، ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما رأى في يد عمر شيء من التوراة تغير وجهه وقال (لقد جئتكم بها بيضاء نقية لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي) عليه الصلاة والسلام. المقصود أن فيما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الهدى الكفاية وفي تدبر القرآن الخير والبركة يقول جل وعلا: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)(ص:29)، أما التوراة والإنجيل فقد حرفت وغيرت وزيد فيها ونقص منها هي كتب غير مأمونة ثم قد نسخ ما فيها من الحق بما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام وفيما جاء به الكفاية والهدى. حتى يبقى صدر المسلم نظيفاً سماحة الشيخ؟ بم تنصحونه سماحة الشيخ؟ نعم نعم، يبتعد عما يشوش عليه فإن قراءة التوراة والإنجيل والكتب الأخرى التي ألفها أهل الباطل وأهل الكلام وأهل الشكوك وأعداء الإسلام كلها ضرر، كلها تسبب الشكوك والأوهام وضيق الصدر، وتسبب أيضاً ترك الحق، والميل إلى الباطل ومتابعتهم ولا حول ولا قوة إلا بالله.   
 
4-   هناك طريقة استحدثت تسمى بالبرهانية، تابعة لرجل يدعى محمد عثمان البرهاني، وهذه الطريقة تؤول القرآن العظيم، وهي سريعة الانتشار، فما حكم الشرع في هذه الطريقة، وهل هي كافرة أم كما تدعي هي أنها هي الفرقة الناجية، وما الأدلة الشرعية في تكفيرها إذا كانت كافرة؟ وجهونا جزاكم الله خيراً.
جميع الطرق الصوفية، البرهانية والشاذلية وغير ذلك من الطرق الصوفية والتيجانية كلها خطيرة، يجب الحذر منها والبعد منها، وعدم الثقة بها وهم أقسام منهم الكافر ومنهم غير الكافر فينبغي للمؤمن أن يبتعد عن الكتب الصوفية وقراءتها لأنها تضره وفيها من الباطل والشر الشيء الكثير فينبغي لك يا عبد الله أن تبتعد عنها وأن تقرأ كتب أهل السنة والجماعة التي فيها الخير وفيها بيان ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وفيها الكفاية، وفي الإقبال على القرآن وعلى الإكثار من تلاوته وتدبر معانيه الخير الكثير والسعادة وفي كتب السنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخير والبركة فإن السنة تشرح القرآن وتفسر معناه وتبين ما أشكل على طالب العلم من ذلك، فالله أنزل الكتاب هدى للناس كما قال عز وجل: ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ )(الإسراء: من الآية9). ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ)(فصلت: من الآية44). وقال تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)(النحل: من الآية89). وقال سبحانه: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)(ص:29). وقال عز وجل: ( وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الأنعام:155). والنبي صلى الله عليه وسلم بين لنا ما قد يشكل علينا وأوضح للأمة ما يحتاجون إليه، فعليك يا عبد الله أن تكتفي بما جاء به الكتاب والسنة وأن تبتعد عن الكتب التي فيها الخرافات والضلالات والبدع من كتب الصوفية وغيرها مما جمعه الكفرة أو المتكلمون أو أصحاب الطرق المنحرفة فإن فيها من الشر والبلاء والمخالفة عن شرع الله ما يضر العبد إذا تمسك به أو أخذ به أو قرأه وهو على غير بصيرة نسأل الله السلامة.  
 
5-  ما هو الحكم في الأدوية المحتوية على مذيبات كحولية، وهل يحرم تداولها؟
هذا فيه تفصيل، إذا عرفت أن هذه الأدوية فيها ما يسكر كثيره فاجتنبها، وأما إذا لم تعلم فالأصل الإباحة والحمد لله، الأصل في الأدوية الإباحة، والأصل في الطعام الإباحة، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ)(البقرة: من الآية172) . وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً)(البقرة: من الآية168). فالأصل الإباحة إلا ما عرفت أنه محرم إذا كان الدواء بين لك الأطباء أن فيه ما يسكر كثيره، يعني مواد مسكرة فاجتنبه، وأما إذا لم يتبين لك ذلك أونصحك الأطباء بأنه طيب فلا بأس والحمد لله.  
 
6-  هل الساحر الذي يُعلم بأنه ساحر يكفر كفر معين أم كفر العمل؟
إذا عرف أنه ساحر فهو كافر عند أهل العلم يجب قتله ولا يستتاب، يجب على ولي الأمر، ولي أمر المسلمين أن يقتله لقول الله عز وجل عن الملكين الذين يُعلمان السحر (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ )(البقرة: من الآية102). يعلمانه أن ما يقال له فتنة وأنه كفر فالواجب على العبد أن يحذر الاستحضار وتعاطيه والعمل به، كله شر وكله ضرر وكله كفر، وقال في السحرة: (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (البقرة:103). فدل على أن عملهم ضد الإيمان وضد التقوى، فالواجب على ولاة الأمور، ولاة أمور المسلمين إذا عرفوا أن فلاناً ساحر أو فلانة الواجب قتلهم لما فيهم من الشر، لما في بقائهم من الشر والفساد وقد ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه كتب إلى عماله في الشام أن يقتلوا السحرة، وقد ثبت عن حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قتلت ساحرة كانت عندها تخدمها فقتلها فالمقصود أن السحرة شرهم عظيم وفسادهم كبير فالواجب على ولاة أمور المسلمين إذا عرفوا ذلك وثبت أنهم كذلك أن يحكموا عليهم بالإعدام لما في ذلك من الخير العظيم للمسلمين ولما في بقائهم من الشر على المسلمين.  
 
7-  ما حكم إلقاء السلام على المبتدع؟
هذا فيه تفصيل، إذا رجا دخوله في الحق وإجابته للحق وتركه البدعة رد عليه السلام أو بدأه بالسلام ونصحه ودعاه إلى الخير كما يرد السلام على الكافر إذا سلم كما قال عليه الصلاة والسلام: (إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا : وعليكم). أهل الكتاب هم اليهود والنصارى، (وأن لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام)، فدل على أنهم لا يبدؤون لكن يرد عليهم إذا سلموا. فالمبتدع حاله أدنى من الكافر، إذا كان ليس بكافر، ولكن قد يجب هجره لأنه مسلم يحتاج إلى تأديب وتوجيه فيهجر ليتأدب وإذا رأى العالم أو الأمير أو أعيان الناس هجر المبتدع لعله يتوب فهذا حق مطلوب، فقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون كعب بن مالك وصاحبيه لما تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر، هجرهم النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون حتى تاب الله عليهم فتابوا، أما إذا كان يرجو من مكالمته ونصيحته أنه يهتدي وأنه يدع بدعته فإنه يكلمه وينصحه ويوجهه إلى الخير ويبين له سوء عمله، وبطلان بدعته، لعله يستجيب إلى الحق ويهديه الله على يديه فهذا أمر مطلوب كما يدعى الكافر إلى الدخول في الإسلام ويدعى العاصي إلى التوبة فهكذا المبتدع يدعى ويوجه إلى الخير قد يكون جاهلاً لبس عليه الأمر فينصح ويوجه ويبين له بطلان ما تمسك به فإن اهتدى وإلا وجب هجره إذا رجع الهاجر أن هذا الهجر ينفعه ويفيده ويردعه وإلا فليستمر معه إذا كان .. الهجر مفيداً أو أن الاستمرار في الدعوة أفيد يستمر في دعوته إلى السنة وترك البدعة، في وقت من الأوقات المناسبة لعله يستجيب حتى يسلم الناس من شره.  
 
8-   أنا طالب جامعي أدرس في جامعة تبعد عن مدينتي مائة وخمسين كيلو متر، وأرجع إلى مدينتي كل أسبوع أو أسبوعين، وأثناء الدراسة أسكن في المدينة الجامعية، فهل أعتبر نفسي مسافراً وأقصر الصلاة وأحرص فقط على ركعتي الفجر والوتر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحرص عليهما في السفر؟ أفيدوني عن ذلك، جزاكم الله خيراً.
الواجب عليك أن تصلي صلاة المقيم لأنك مقيم في الجامعة، فعليك أن تصلي صلاة المقيم أربع ولست بمسافر وعليك أن تصوم مع الناس رمضان لأن المسافر هو الذي يقيم إقامةً محدودة، أربعة أيام فأقل فإذا كانت الإقامة أكثر من ذلك فالذي عليه جمهور أهل العلم أنه يلزمه الإتمام ويلزمه الصوم ولا يكون في حكم المسافر وهذا قول جيد وفيه احتياط للدين وبعداً عن التساهل والأخذ بالرخص التي ليس عليها دليل واضح، فنوصيك بأن تصلي مع الناس أربعاً وتحافظ على الجماعة وتصوم مع الناس رمضان وأن لا تعتبر نفسك مسافراً لأنك مقيم إقامةً طويلة من أجل الدراسة. هذا إذا كان في المدينة الجامعة أم ماذا إذا كان في زيارةٍ لأهله؟ وهكذا في زيارته لأهله، ما دام نيته الإقامة عند أهله إذا فرغ من الدراسة وإنما أقام من أجل الدراسة فبلد أهله بلد له ووطن له، أما إذا نوى الانتقال إلى بلد الجامعة وترك وطنه فإذا جاء إلى أهله زيارةً فله القصر إذا كان لمدة أربعة أيامٍ فأقل، ولا يصلي وحده، يصلي القصر إذا كان معه جماعة، أما إذا كان وحده فإنه يصلي مع الناس لأن الجماعة متعينة فيصلي مع الناس أربعا، لكن لو فاتته مع الجماعة صلى ثنتين، هذا إذا كانت الإقامة محدودة أربعة أيام فأقل، إذا كان ما عنده نية الإقامة عند أهله، يرتحل من الجامعة أما أقام هناك لأجل الدراسة وإلا فنيته عزم الرجوع إلى وطنه والبقاء في وطنه فهذا ... .. في وطن أهله. ومن الأدلة على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم انتقل من مكة إلى المدينة انتقال المستوطنين في المدينة، ولما رجع إلى مكة صلى ثنتين لأنه مسافر، قد انتقل من مكة واعتبرها غير وطن له، واعتبر المدينة هي الوطن فلما رجع إلى مكة في حجة الوداع لم يتم بل قصر عليه الصلاة والسلام.  
 
9-  صليت وملابسي الداخلية على غير طهارة وكنت ناسياً، هل أعيد ما صليت؟
إذا صلى المسلم وفي ثيابه نجاسة ولم يذكر إلا بعد الصلاة أو لم يعلم إلا بعد الصلاة فإن صلاته صحيحة على الصحيح ومعذور بالجهل والنسيان بأن كانت صلاته قبل أن يعلم، لقول الله سبحانه وتعالى: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )(البقرة: من الآية286). ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه دخل الصلاة يوماً وفي نعليه قذر فأخبره جبرائيل في أثناء الصلاة أن بهما قذراً فخلعهما ولم يعد أول الصلاة بل استمر في صلاته لأنه جاهل بذلك القذر فهكذا من دخل في صلاته وفي ملابسه شيء من النجاسة ولم يعلم أو لم يذكر إلا بعد الفراغ فإن صلاته صحيحة في أصح قولي العلماء.   
 
10-   هل يأثم الوالدان إذا لم يعطيا ابنهما المال لكي يتزوج؛ بحجة أنه يجب عليه أن يكمل الدراسة الجامعية ثم يعمل ويحصل على الأموال من عمله لكي ينفقها على زوجته؟
إذا كان الوالدان يستطيعان أن يزوجاه وجب عليهما تزوجيه ولا يجوز تأخير ذلك إلى أن يكمل الدراسة لأنه معرض للفتنة فالواجب على والديه إعفافه وإعانته على الخير إذا كانا قادرين أو أحدهما، أما إذا كانا عاجزين فليس عليهما حرج، (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ )(التغابن: من الآية16)، أما إذا كان أبوه قادر يستطيع تزوجيه أو أمه كذلك فإن الواجب عليهما تزويجه وعدم تأخير ذلك إذا طلب ذلك بل يجب أن يحرصا على ذلك، يصوناه عما حرم الله وأن يجتهدا في سلامته فكما يجب عليهما أن ينفقا عليه ما يسد حاجته وما يستر عورته فالإنفاق عليه فيما يبعده عن الحرام ويسبب غض بصره وحفظ فرجه أهم من ذلك والله المستعان.  
 
11-  إنه مصاب بسلس البول ، كيف تنصحونه سماحة الشيخ ليؤدي صلواته على الوجه الأكمل ؟
صاحب السلس مثل المرأة صاحبة الاستحاضة، الواجب عليه كما بين أهل العلم أنه يتوضأ لكل صلاة، إذا دخل الوقت يتوضأ ويصلي مع الناس والحمد لله، يتحفظ من شيء من القطن أو غيره على ذكره حتى لا يتأذى بالبول في ثيابه و بدنه كما أن المستحاضة تتنزه وتتحفظ بشيء وتصلي الصلاة في أوقاتها وتتوضأ إذا دخل الوقت، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم للمستحاضة: (توضئي في وقت كل صلاة)، فصاحب السلس ومثل صاحب الريح الذي يخرج منه الريح دائماً وما يستطيع البقاء إلى وقتٍ يؤدي فيه الصلاة فإنه يصلي على حسب حاله، يتوضأ إذا دخل الوقت ويصلي مع الناس ولو خرج منه ريح أو خرج منه البول كما تصلي المستحاضة ولو خرج منها الدم، لكن يتوضأ بعد دخول الوقت، ما دام الحدث قائماً. المهم أنكم تنصحون كلاً من صاحب السلس وصاحبة الاستحاضة بالتحفظ عند تأدية الصلاة؟ نعم، دائماً حتى يكون ذلك أسلم للبدن والثياب.

422 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply