حلقة 732: الرقبة ليست من أعضاء الوضوء - حكم تنشيف الماء بعد الوضوء - الإجابة على الأسئلة ورد السلام أثناء الوضوء - النية في الوضوء والصلاة - تكرار الفاتحة في الصلاة - حكم من نسي السجود في الركعة الأولى

32 / 50 محاضرة

حلقة 732: الرقبة ليست من أعضاء الوضوء - حكم تنشيف الماء بعد الوضوء - الإجابة على الأسئلة ورد السلام أثناء الوضوء - النية في الوضوء والصلاة - تكرار الفاتحة في الصلاة - حكم من نسي السجود في الركعة الأولى

1- هل الرقبة من أعضاء الوضوء؟ أرجو إفتائي، جزاكم الله خيراً

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالرقبة ليست من أعضاء الوضوء، وإنما المسح ينتهي بآخر الرأس، يبدأ بقدمه إلى قفاه، آخر منابت الشعر، هكذا كان النبي يفعل -عليه الصلاة والسلام-، كان -صلى الله عليه وسلم- إذا مسح رأسه بدأ بمقدمه إلى قفاه بيديه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه، هذا هو أفضل المسح، وكيفما مسح أجزأ، لو بدأ بمؤخره أو بوسطه وعمم المسح أجزأه ذلك، لكن كونه يبدأ بمقدم ثم يمر يديه إلى قفاه إلى آخر منابت الشعر ثم يعيدهما إلى المكان الذي بدأ منه، هذا هو السنة، التي فعلها المصطفى -عليه الصلاة والسلام-. أما الرقبة فليست محلاً للمسح، وليست من أعضاء الوضوء. س2/ يسأل سماحة الشيخ عن جانبي الرأس هل يشترط لها المسح؟ ج/ نعم جانبي الرأس يمسحان مع أعلى الرأس ومقدمه، يمسح الجميع.   
 
2- هل تجفيف الماء بعد الوضوء جائز؟
لا بأس، لا حرج في ذلك، تجفيف الأعضاء لا حرج، لا بأس بعد الوضوء.  
3- هل الرد على المسلِّم والإجابة على الأسئلة أثناء الوضوء جائزة ؟
لا حرج، إذا كان في غير محل قضاء الحاجة، محل خارج عن قضاء الحاجة يسلِّم ويسلَّم عليه ويجيب عن الأسئلة، وهو في محل الوضوء لا في محل قضاء الحاجة.    
 
4- إنني أنوي للوضوء بحيث أقول بدون تلفظ: (اللهم نويت الوضوء في هذا الماء الطاهر للطهارة للصلاة). وعند الصلاة أنوي بدون تلفظ أيضاً: (نويت أن أصلي صلاة الظهر -مثلاً- حاضراً لله -تعالى-)، وسؤالي هنا: هل النية صحيحة في هذا، وهل التلفظ جائزٌ أو لا؟
النية لابد منها في العبادات كلها، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى). فالنية بالقلب في الصلاة، في الحج في الصيام في جميع العبادات في الصدقة إلى غير ذلك، لكن التلفظ غير مشروع كونه يقول: نويت بلسانه يتكلم، نويت أن أصلي الظهر كذا، العصر كذا، المغرب كذا، هذا غير مشروع، ولم يفعله النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه، ولا السلف الصالح، وإنما النية بالقلب، فما يفعله بعض الناس يقول: نويت أن أتوضأ كذا، نويت أن أصلي الظهر أربع ركعات إماماً أو مأموماً إلى آخره، كل هذا لا أصل له، بل هو من البدع، وإنما النية تكون بالقلب لا باللسان.   
 
5- إنني أعيد قراءة الفاتحة عدة مرات أثناء الصلاة؛ لأنني أخطئ في قراءتها، فما حكم ما فعلت؟
هذا غير مشروع، السنة أن تُقرأ مرة واحدة، تقرأ قراءة مرتلة، تتدبرها، وبتعقلها حتى تؤدي الحروف كما ينبغي. أما التكرار فمكروه، لكن إذا غلطت فيها تعيد ما غلطت فيه، إذا غلطت في آية تعيد الآية وما بعدها، أما أن تكررها يعني من بعد الوسوسة هذا لا ينبغي، بل هو مكروه، وكذلك من باب الاحتياط مكروه، كان النبي يقرؤها مرة واحدة -عليه الصلاة والسلام-، وهكذا أصحابه -رضي الله عنهم وأرضاهم- والخير كله في اتباعه -صلى الله عليه وسلم- واتباع أصحابه، والبدع كلها شر. فأنت إذا تيقنت غلطاً في الآية تعيد الآية بإصلاح الخطأ، ولا تعيد السورة كلها، فإذا قلت مثلاً: (إياك نِعبد!). تعيد تقول: (إياك نَعبد). أو قلت: (اهدنا الصراطُ! المستقيم) تعيدها: (اهدنا الصراطَ المستقيم). مع أن الرفع لا يضر في هذا، ما يغير المعنى. أو قلت: (الحمد لله ربَّ! العالمين) ثم انتبهت وعدت وقلت: (الحمد لله ربِّ العالمين) بالخفض، هذا هو الصواب، ولكن النصب لا يضر، لو قلت: الحمد لله ربَّ العالمين ما يضر الفاتحة ؛ لأن المعنى لا يتغير. أو قلت: (الحمد لله ربُّ! العالمين) ما يضر المعنى. فالحاصل أن اللحن الذي ما يغير المعنى ولا يؤثر في المعنى لا يضر القراءة، لكن لو أعاد الآية فأصلحها على الوجه الأكمل لا بأس. أما الذي يحيل المعنى لابد من إعادة الآية، لو قرأ: (اَهدنا) بفتح الهمزة، يعيد الآية يقول: (اهدنا) يعيدها بكسر الهمزة (اهدنا الصراط المستقيم). أما لو قرأ (إياكِ! نعبد) هذا غلط، يخاطب امرأة! ما يصلح، لابد يعيد القراءة يقول: (إياكَ نعبد). أو قرأ: (صراط الذين أنعمتُ!) هذا غلط، يعيد الآية، يقول: (صراط الذين أنعمتَ) يخاطب الرب -جل وعلا-، أو يقول: (أنعمتِ!) هذا غلط خطاب المرأة، هذا يعني ضمير امرأة: (أنعمتِ) ما يجوز، يغير المعنى، لابد يعيد الكلمة يقول: (صراط الذين أنعمتَ عليهم) يخاطب الرب -جل وعلا-، هو المنعم -سبحانه وتعالى-. فالحاصل أن اللحن الذي يغير المعنى يجب أن يعيد الآية حتى يصلح اللحن، ولا حاجة إلى أن يعيد السورة كلها.  
 
6- إذا نسيت السجود في الركعة الأولى، ولم أذكر إلا عند الشروع في الركعة الثانية، فهل آتي بركعة أخرى قبل التشهد الأخير أم بعده قبل السلام؟
إذا ذكرت السجود قبل الشروع تأتي بالسجود، إذا سجدت سجدة واحدة ثم أردت النهوض تحسب أنك سجدت الثانية ثم انتبهت تسجد للثانية، ولا تنهض، ولو نهضت ترجع، تأتي بالسجود الثاني سواءٌ نبهك المأمون أو انتبهت أنت بنفسك إن كنت إماماً، أو مأموماً أو منفرداً ترجع تأتي بالسجود، لكن إذا كنت شرعت في القراءة تستمر في صلاتك، تزيد ركعة بدل الركعة التي بطلت، تزيد ركعة أخرى بدل الركعة التي تركت سجودها كأنها معدومة، وتسجد للسهو إن كنت إماماً أو منفرداً. أما إن كنت مأموماً فإنك إذا سلم إمامك تقوم وتأتي بركعة بدل الركعة التي تركت منها السجود وتسلم، وليس عليك سجود للسهو؛ لأنك تبع الإمام من أول الصلاة. أما إن كنت، لا، مسبوقاً بركعة أو بركعتين فإنك تكمل وتسجد للسهو بعد التكميل. أما إذا كنت مع الإمام من أول الصلاة ونسيت سجدة ما ذكرتها إلا وأنت مع الإمام قائم في القراءة فإنك تأتي بركعة بعد سلام إمامك، وليس عليك سجود سهو لأنك دخلت معه من أولها فيتحمل عنك سجود السهو.   
 
7- أنها مخطوبة لابن عمها وترجو أن يكون قد تاب عما كان يرتكب من المعاصي، كتركه للصلاة، وهي تقول: إنها كانت تاركة للصلاة وغير متحجبة إلا أنها الآن احتجبت وبدأت تصلي، وترجو سماحة الشيخ التوجيه فيما ينبغي للمخطوبين أن يكونا عليه؟ جزاكم الله خيراً
إذا كانا جميعاً، إذا كنتما جميعاً حين النكاح لا تصليان فالنكاح صحيح، كما لو كنتما تصليان النكاح صحيح، وعليكما تقوى الله، والاستقامة على دينه، والتعاون على البر والتقوى، وسؤال الله التوفيق سبحانه وتعالى، هكذا المؤمن والمؤمنة يجتهدان في الاستقامة على أمر الله، والمحافظة على دينه من الصلاة وغيرها، مع سؤال الله الثبات على الحق، والإعانة على الخير. أما إن كان أحدكما حين النكاح لا يصلي والآخر يصلي فإن الراجح من قولي العلماء في هذا أن عليكما أن تعيدا النكاح؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر في أصح قولي العلماء وإن لم يجحد التارك الوجوب، فإذا كان أحدكما يصلي والآخر لا يصلي عند عقد النكاح فإنه يجدد النكاح بعدما تبتما بعدما تاب الذي لا يصلي وصلى يجدد النكاح، بعقد جديد ومهر جديد وولي وشاهدي عدل يحضران النكاح. والمهر ولو قليلاً الذي ترضى به المرأة ولو قليلاً، ويجدد العقد من الولي، يقول: زوجتك، ويقول: قبلت، بحضرة شاهدين عدلين، في الحال، ما يحتاج تأجيل، متى علما الحكم الشرعي بادرا بعقد النكاح، يمتنع عنها حتى يجدد النكاح، هذا هو الصواب في هذه المسألة. المقدم: سماحة الشيخ هما لا زالا في دور الخِطبة ويسألان عن الشروط الواجب اتباعها أو توفرها في كل من الخاطب والمخطوب؟ الشيخ: إذا كانا لم يتم النكاح، ولم يتم العقد، فعليهما جميعاً التوبة إلى الله من تقصيرهما، وأن يحافظا على الصلوات الخمس، فإذا علم كل واحد من صاحبه أنه مستقيم فليتزوجا، إذا علم الزوج أن المرأة مستقيمة، وهي كذلك علمت أنه مستقيم الحمد لله، بعدين يُجرى النكاح. أما ما داما أحدهما لا يصلي فلا يُجرى النكاح، بل يتوقف فيه حتى يعلم كل واحد صلاح صاحبه، وأنه مستقيم، حتى لا يقدم أحدهما على ما يضره، فإذا كانت تشك فيه أو هو يشك فيها فلا ينبغي تعجيل العقد حتى يتم الاطمئنان والعلم بأنهما يصليان جميعاً، وأن الحالة مستقيمة حتى يدخل في العقد على بصيرة، والله -جل وعلا- قال في كتابه الكريم: وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ [(221) سورة البقرة]. وقال: وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ [(221) سورة البقرة]. وقال في الكفار مع المسلمين: لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [(10) سورة الممتحنة]. وترك الصلاة كفرٌ أكبر في أصح قولي العلماء وإن لم يجحد الوجوب التارك، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) رواه مسلم في الصحيح. ولقوله عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). في أدلة أخرى. وهذه المسألة قد عمّ فيها البلوى في كثير من الناس، وعظمت المصيبة بترك الصلاة، ولا حول ولا قوة إلا بالله من كثير من الناس، فالواجب على الخاطب أن يعتني بالمرأة حتى يعلم أنها تصلي، فلا يقدم إلا على بينة وعلى بصيرة، وهي كذلك الواجب عليها أن لا تعجل حتى تعرف أنه طيب، وأنه يصلي، وأنه مستقيم، حتى يكون العقد على بينة، وعلى حالة مرْضية من الطرفين، أصلح الله حالهما جميعاً.  
 
8- والدي دائماً يترك صلاة العشاء، وأحياناً كثيرة يترك صلاة العصر، وأنا أستحيي أن أخبره بهذا، فهل عليّ إثم ؟
نعم، الواجب عليك تنبيهه، والإنكار عليه، بالكلام الطيب واللطف؛ لقول الله -سبحانه-: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ[(71) سورة التوبة]. ولقوله سبحانه: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ [(110) سورة آل عمران]. ولقوله سبحانه: وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [(104) سورة آل عمران]. هذه الآيات العظيمات كلها تدل على وجوب إنكار المنكر من الولد على والده، والوالد على ولده، والأخ على أخيه، والمسلم على أخيه، هذا عام، يجب على الجميع التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر، لكن الولد مع والده يكون باللطف، والكلام الطيب، والحرص على أن يتأثر الوالد بالنصيحة، ولا مانع أيضاً من استعانته ببعض الأقارب والأصدقاء الذين يجلُّهم تارك الصلاة حتى ينصحوه، وحتى يوجهوه، وحتى يعينوه على نفسه وعلى شيطانه، وهكذا كل آمر وناهي يتوخى الأسلوب المناسب، ولو كان غير الولد، يتوخى الأسلوب المناسب الذي يرجو أن ينفع الله به، فالشدة في محلها، واللين في محله، الأسلوب الحسن هو المطلوب، وإذا عاند تارك الصلاة استعمل معه الأسلوب الشديد، إذا كان الآمر والناهي له سلطة، له قوة، يستعمل معه الأسلوب الشديد والعقاب أيضاً إذا استطاع العقاب حتى يستقيم، كما يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فقلبه). وهذا عام، يعم الولد والوالد، والأخ، والخال، والعم، إلى غير ذلك. فالواجب على الولد أن يعتني بوالده، وينصح له في الصلاة وغيرها، بتحري الأسلوب الطيب المؤثر الذي يرجو من ورائه أن ينتفع والده بذلك، وأن لا يتكبر عليه، وأن لا ينفر من الحق، وسوف يعينه الله إذ صدق، وأخلص لله، سوف يعينه الله على أبيه، ويعين المرأة على أبيها، كلٌ من الذكر والأنثى، عليه أن يجاهد في هذا السبيل مع الوالد، ومع الأخ، ومع الخال، ومع العم، وهكذا، مع الصديق، والجار، ونحو ذلك، والله ولي التوفيق. 
 
9- أرجو أن تفيدوني مأجورين عن معنى النمص، وهل يشمل الوجه كله أم الحاجب فقط؟ وهل إزالة الشارب بالنسبة للمرأة يعتبر منه؟ جزاكم الله خيراً.
النمص: إزالة شعر الحاجبين، وهكذا شعر الوجه يقال له: نمص، والرسول لعن النامصة والمتنمصة. لكن إذا كان هناك شعرٌ يشوه الخلقة جاز للمرأة أخذه كالشارب واللحية؛ لأن هذا ليس من خصائصها، بل هو للرجل، فإذا نبت فيها شوه خلقتها، فلهذا أجاز أهل العلم أخذ الشارب واللحية من المرأة حتى لا تكون مشوهة في خلقتها لدى زوجها، ولدى من نظر إليها من أخواتها ومحارمها، والله المستعان. المقدم: جزاكم الله خيراً، نقول: النَمَص أو النمْص سماحة الشيخ؟ الشيخ: النمْص، نعم، بالتسكين نعم.   
 
10- توفيت والدتي منذ خمسة عشر عاماً، وتزوج أبي من أختها، ومنذ أن تزوجها أبي وهي لا تصلي، ولم أرها صلت ولو مرة واحدة!! رغم ما قلته لها من عقوبة تارك الصلاة، وهي لا تصلي كسلاً وتهاوناً، وتقول بتهاون شديد: صلِّ أنتِ نيابةً عني!! فماذا أفعل معها، وما هو حدود  تعاملي معها؟ أرجو أن توجهوني جزاكم الله خيراً.
تقدم الكلام في هذا، في الجواب السابق، وأن الواجب الإنكار عليها وتعليمها وتوجيهها، وعلى الزوج أيضاً أن يؤدبها في ذلك حتى تصلي، وإذا كان حين العقد لا تصلي وجب تجديد العقد كما تقدم، إذا كان هو يصلي وهي لا تصلي العقد غير صحيح على الصحيح، بعض أهل العلم يراه صحيحا إذا كانت لا تنكر وجوبها، ولكنه تساهل وتكاسل ولكن الصواب أن العقد غير صحيح للأحاديث السابقة. فالواجب امتناعه منها حتى تصلي، ويجدد العقد وإلا فليطلقها؛ لأن هذه شرها كثير، ولها حكم الكفرة بتركها الصلاة -نسأل الله العافية-، لكن إذا تابت فإنه يجدد العقد بمهرٍ جديد، وعقد جديد، وحضرة شاهدين، كما تقدم. 
 
11- أرجو أن تفيدوني عن صلاة الوتر، هل هي ركعة واحدة أم ثلاث؟ جزاكم الله خيراً.
صلاة الوتر أقلها ركعة واحدة بعد العشاء أو في آخر الليل ركعة واحدة، هذا أقلها، وإن صلى ثلاثاً أو خمساً أو أكثر فهو أفضل، لكن أقلها واحدة بعد سنة العشاء، أو في وسط الليل، أو في آخر الليل، والأفضل أن يزيد يصلي ثلاث أو خمس أو أكثر من ذلك ثنتين ثنتين، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، هذا هو السنة، لقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلّى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى). وكان صلى الله عليه وسلم يصلي إحدى عشرة في الغالب، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، وربما صلّى سبعاً، وربما صلى تسعاً، وربما صلّى خمساً، وربما صلّى ثلاثاً -عليه الصلاة والسلام-، وربما صلّى أكثر، صلّى ثلاثة عشر، فهكذا المسلم يصلي ما يسر الله له، ويسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، فإن لم يصلِ إلا واحدة فقط أجزأه ذلك، والحمد لله.   
 
12- يسأل عن تفسير بعض الآيات بدأها بقوله تعالى: ((وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ)) [ص:21]، يقول: أرجو أن تفسروا هذه الآيات إلى قوله سبحانه: ((فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ)) [ص:24]؟
الآية واضحة، فإنه أتاه ملكان، وتسورا عليه المحراب، وأخبراه أنهما خصمان، وقد بين الله القصة في الآية واضحة -سبحانه وتعالى-، وبيَّن داود ما رآه في موضوعهما، فليس في الآية إشكال، أما ما يحكيه القُصَّاص، وبعض المفسرين من الحكايات في ذلك فلا ينبغي أن يعتمد عليها، بل ينبغي أن يخبره بالقرآن ويكفي، والله أعلم بما وراء ذلك. أما الحكايات التي فيها أن داود فعل كذا أو فعل كذا، هذا لا يعتمد عليه، نسأل الله السلامة.   
 
13- هل يجوز وضع مصحف عند الطفل أو تعليقه في السرير؟ جزاكم الله خيراً.
هذا لا أصل له، إذا كان المقصود من ذلك أنه يكون حرزاً له، هذا لا أصل له، ثم أيضاً وضعه عنده قد يعبث فيه، ويستهين به؛ لأنه طفل، فلا يجوز وضعه عنده إذا كان يستهين به، أو يلعب به، ولا يوضع عنده إذا كان القصد من ذلك أنه يكون حرزاً له من الشياطين أو من الجن، كل هذا لا أصل له، وإنما أهله يسمون عليه، ويعيذونه بكلمات الله التامات من شر ما خلق، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- في الليل يعوذ الحسن والحسين عند النوم يقول: (أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة). فوالده أو أمه تقول له عند النوم: (أعيذك بكلمات الله التامات من شر ما خلق). (أعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة). أما جعل المصحف عند رأسه، أو عند سرير لأجل يكون حرزاً له، أو كتابة أوراق تُعلق عليه كل هذا لا يجوز، والله المستعان.  
 
14- هل يجوز عند وفاة الميت بعد دفنه تفرقة التمر على من حضر، وقراءة القرآن على القبر، هل ذلك من السنة، وذلك بعد موته يقرؤون القرآن أيضاً ثلاثة أيام في المسجد في الصباح وفي المساء، وآخر الثلاثة الأيام يفرقون تمراً على الذين حضروا في المسجد مع شرب القهوة، ويقول أهل الميت: هذه صدقة! أفتونا مأجورين عن ذلك، ثم إنهم بعد ثلاثين يوماً أيضاً يقرءون القرآن مع تفرقة التمر والقهوة.
كل هذا بدعة، لا أصل له، لا تمر ولا غير التمر، كونه يتخذ عادة عند القبر، أو ثلاثة أيام، أو بعد عشرين يوم، أو بعد شهر، أو بعد سنة، تفريق تمر، أو دراهم، أو خبز، أو غير ذلك، كل هذا من البدع، السنة بعد الدفن أن يوقف عليه ويدعى له، إذا فرغوا من دفنه دعوا له بالمغفرة والثبات ثم انصرفوا. ويعزيهم الناس في الطريق، في المقبرة، في المسجد، في البيت، ما في تعزية، وإذا جاء المعزي وصبوا له قهوة أو صبوا له شاي لا يضر، أما أن يُتعمد تقسيم تمر أو توزيع خبز أو توزيع لحم في أيام معلومة، يوم الموت أو ثلاثة أيام أو على رأس الشهر أو رأس السنة، كل هذا من البدع، لا أصل له. وهكذا قراءة القرآن عند القبر أو ثلاثة أيام أو شهر أو أقل أو أكثر للميت كل هذا بدعة، لا أصل له. فعلى الناس أن يتقيدوا بما شرع الله، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). ولم يكن -صلى الله عليه وسلم-، ولا أصحابه إذا مات الميت يقرءون عنده القرآن، أو يجتمعون في البيت يقرءون ثلاثة أيام أو أربعة أيام أو عشرة أو أقل أو أكثر، ولم يكونوا يوزعون تمور، ولا يوزعون خبز، ولا يوزعون حلاوة، ولا غير ذلك. الميت إذا مات يعزى أهله، يدعى له بالمغفرة، يقال: أحسن الله عزاءكم، جبر الله مصيبتكم، في البيت، في الطريق، في المسجد، في محل البيع والشراء، في أي مكان. وإن زاروهم في البيت، وصبوا لهم قهوة أو شاهي أو طيبوهم، كل هذا طيب. أما أن يتخذ عادة متبعة ثلاثة أيام، أو عشرة أيام، أو على رأس الشهر، أو رأس السنة، يكون فيها توزيع تمر أو توزيع لحوم، أو قراءة قرآن، هذا لا أصل له، بل هو من البدع.   

383 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply