حلقة 742: كيفية الخلاص من الوسوسة في الصلاة - هل الغبار المنبعث من مكان نجس يكون نجسا - إفطار المسافر في رمضان - هل له أن يتزوج بابنة عمه في حالة عدم موافقة أمه - من كان ضعيفا في ترتيل القرآن وتجويده هل تحرم عليه قراءته

42 / 50 محاضرة

حلقة 742: كيفية الخلاص من الوسوسة في الصلاة - هل الغبار المنبعث من مكان نجس يكون نجسا - إفطار المسافر في رمضان - هل له أن يتزوج بابنة عمه في حالة عدم موافقة أمه - من كان ضعيفا في ترتيل القرآن وتجويده هل تحرم عليه قراءته

1-   تذكر أن لها أختاً تشكو من الوسوسة وخاصةً في الوضوء، وترجو من سماحة الشيخ أن يدلها على العمل الأمثل الذي يمكن أن يكون عوناً بإذن الله على الشفاء من هذا المرض؟ جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فهذا المرض وهو مرض الوسوسة يشكو منه كثيرٌ من الناس من الرجال والنساء، والعلاج له هو التعوذ بالله من الشيطان؛ لأنه من نزغات الشيطان ومن أعماله وهو عدو الله، قال فيه سبحانه: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6) سورة فاطر، وقال سبحانه: وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36) سورة فصلت، فالعلاج لهذا الداء هو التعوذ بالله من الشيطان الرجيم في الوضوء وفي الصلاة وفي غيرهما، كلما أحس بشيء من الوساوس يتعوذ بالله من الشيطان، يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويكون عنده القوة والصدق والرغبة إلى الله سبحانه وتعالى، فإن هذا العدو يحتاج إلى قوة وإلى صدق، ولا ينجيك منه إلا ربك الذي هو قادر على كل شيء سبحانه وتعالى، فعلى المؤمن والمؤمنة اللجأ إلى الله بصدق والاستغاثة بالله أن يجيرهم منه وأن يعيذهم منه عند الوسوسة، وهكذا في الأوقات الأخرى، يدعو "يا رب أجرني من الشيطان" "يا رب أعذني من وساوسه"، "يا ربي اكفني شره" يستعيذ بالله يلجأ إليه سبحانه وتعالى، "اللهم أعذني من الشيطان الرجيم، اللهم اكفني شره، اللهم عافني من وساوسه ونزغاته" يسأل ربه ويستعين بالله، والله سبحانه وتعالى يجيره منه، متى صدق العبد فالله سبحانه وتعالى يقول: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (60) سورة غافر، وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ (47) سورة الحـج، سبحانه وتعالى، ولكن الإنسان قد يتساهل وقد يغفل وقد يدعو بدعاء ليس فيه صدق، فالواجب الصدق والرغبة فيما عند الله واللجأ إليه والانطراح بين يديه بصدق وإخلاص ورغبة حتى يجيرك من هذا العدو المبين. وإذا توضأ الإنسان لا يعيد الوضوء بالوسوسة، ولا يعيد الصلاة بالوسوسة، يبني على أن وضوءه صحيح وأن صلاته صحيحة ولا يعيد شيء من ذلك، لأنه متى أطاع الشيطان في تكرار الوضوء والزيادة أو إعادة الصلاة وهكذا طمع فيه عدو الله، ولكن أنتَ متى فعلت الوضوء وأنت تشاهد نفسك فعلت الوضوء فاتقِ الله ولا تعد ولا تطع الوسوسة، وهكذا في الصلاة كمِّلها ولا تطع الوسوسة، وهكذا في كل شيء تعاند عدو الله وتخالفه.  
 
2-  تسأل عن الغبار المنبعث من مكان نجس، هل يعتبر الغبار -أيضاً- من النجاسة؟
لا يضر، لا، الغبار لا يضر، الغبار والدخان لا يضر، فهذا مما يعفى عنه فلا ينبغي الوسوسة في هذا. 
 
3-   سافرت يوماً في رمضان إلى منطقة تبعد عن المنطقة التي أسكن فيها (380) كيلو متر وأنا صائم، وسافرت في الصباح، وعندما وصلت جدة في الثانية عشرة ظهراً لم أستطع أن أكمل اليوم فاضطررت إلى الإفطار، فهل علي من إثم، وبماذا تنصحونني؟ جزاكم الله خيراً.
المسافر السنة له الفطر والأفضل له الفطر، فإذا سافرت فالأفضل لك الفطر حتى ولو ما اشتد عليك الصوم فالأفضل لك الفطر، ولو كنت مستريحاً، وإذا كنت في جدة في طريق السفر ليست هي المقصود فإنك تفطر فيها ولو كان لا شدة عليك في ذلك، أما مع الشدة فيتأكد الفطر؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ليس من البر الصوم في السفر) ولما نزل بأصحابه في بعض الأسفار وفيهم صُوَّام ومفطرون سقط الصوام بسبب شدة الظمأ، وقام المفطرون فضربوا الأخبية وسقوا الركاب، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ذهب المفطرون اليوم بالأجر)، أما إن كانت جدة هي المقصود وأنت مسافر إليها فإن كنت تريد الإقامة فيها أكثر من أربعة أيام أتممت الصوم؛ لأنك الآن في حال الصوم مأمور بالصيام لا تفطر، أما إن كان في الطريق أو ما أردت الإقامة فيها إلا أربعة أيام فأقل فلك الإفطار ولو ما اشتد بك الأمر، هكذا السنة.    
 
4-   أن له عم وقد توفي وخلف بنتين، يريد التزوج بإحداهما إلا أن والدته ترفض ذلك، ويرجو من سماحتكم التوجيه، كيف يوفق بين رغبته وبين رضا والدته؟
المشروع لك -يا أخي- أن ترضي الوالدة، وأن تأخذ خاطرها في هذا، أمرها عظيم وحقها كبير، ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال لما سأله سائل: أي الناس أحق بحسن صحبتي؟ قال: (أمك)، قال: ثم من؟ قال: (أمك)، قال: ثم من؟ قال: (أمك)، قال: ثم من؟ قال: (أبوك)، في الرابعة، وفي اللفظ الآخر: قال: يا رسول الله من أبرُّ؟ قال: (أمَّك)، قال: ثم من؟ قال: (أمك)، قال: ثم من؟ قال: (أمك)، قال: ثم من؟ قال: (أباك، ثم الأقرب فالأقرب)، فالوالدة حقها عظيم، فالمشروع لك أن تبرها وأن لا تتزوج امرأة لا ترضاها. لكن إذا كانت المخطوبة امرأة صالحة دينة فلا تعجل واستمر مع الوالدة في المشورة عليها بالسماح لك، والتوجه إليها ببعض من تحبهم وتقدرهم من الرجال أو النساء حتى يساعدوك عليها لعلها ترضى، حتى تتزوج عن رضا من والدتك ولا تعجل، فإن صممت ولم ترضَ فنصيحتي لك أن تلتمس امرأة أخرى، وسوف يعطيك الله امرأة أخرى ويسهل أمرك بسبب برِّ أمك، (من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه) والنساء سواها كثير. 
 
5-  هل يصح لرجل ضعيف في القراءة أن يقرأ القرآن، أم أن ذلك محرم عليه؟
المشروع له أن يقرأ القرآن ولو كان ضعيفاً في القراءة ولو كان يتتعتع فيها، المشروع للمسلم أن يعتني بالقرآن يقرأ يتعلم ولو تتعتع، فإنه متى استمر على القراءة تحسنت قراءته شيئاً بعد شيء، وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق ويتتعتع فيه له أجران)، فهذا شيء عظيم أخبر النبي أن له أجران وهو يتتعتع في القراءة؛ لأنه مجاهد، فله أجرٌ عن قراءته وله أجرٌ عن تعبه في ذلك واجتهاده في ذلك، فالمشروع لكل مسلم ومسلمة العناية بالقرآن والاستكثار من قراءته، ولو مع التعتعة حتى تستقيم القراءة يتعلم يقرأ الإنسان على أخيه على أبيه على زميله على من تيسر من أهل القرآن حتى يوجهوه حتى يساعدوه، والمرأة كذلك تقرأ على أختها إذا كانت أعلم منها، أو على أمها إذا كانت أعلم منها، أو على أبيها، أو على زوجها أو على أخيها، تقرأ أو على معلمة تطلبها أو تذهب إليها بطريقة سليمة حتى تتعلم، ولو تتعتعت، فإن التتعتع يزول بمواصلة القراءة. 
 
6- جاء في بعض الأحاديث عن زكاة الركاز، فما هو الركاز؟
الركاز: دفن الجاهلية، الأموال التي توجد في بعض الخربات أو في بعض الصحارى من دفن الجاهلية، عليها علامات الجاهلية الكفار، إما ذهب أو فضة أو أواني أو سلاح أو غير ذلك من الأموال، تكون مدفونة في الأرض عليها علامة تدل على أنها من دفن الجاهلية عليها علامة الدولة الكافرة وعليها علامة الكفار، هذا يسمى ركاز، لأنه مركوز في الأرض يعني مدفون فيها، ركاز معنى مركوز، المعنى أنه يجده مدفوناً في الأرض ليس معدناً، لا، مدفون، فهذا فيه خُمُس لولي الأمر إذا كان في بلاد إسلامية يعطي ولي الأمر خُمُس، أما إن كان في غير بلاد إسلامية يتصدق بالخمس على الفقراء والأربعة له، الخمس للزكاة يتصدق على الفقراء، وإن كان في بلاد إسلامية فيها والي مسلم يعطيها إياه لبيت المال، والأربعة الأخماس له، هذا يسمى ركاز. أما المعدن اللي من أصل الأرض معدن من ذهب أو فضة هذا ما يسمى ركاز، هذا لمن استخرجه، من استخرجه يكون له، فإذا استخرج ذهباً يبلغ النصاب زكَّاه إذا حال عليه الحول، واستخرج فضة زكاها إذا حال عليها الحول، أما إذا كان شيء آخر من المعادن: كبريت أو غير ذلك، يكون له، ما أخذه من المعدن يكون له، إذا كان في أرض ميتة ليست مملوكة لأحد. 
 
7- في بعض الأحاديث التي يرويها الترمذي يقول في آخر الحديث: (حديث حسن غريب)، فماذا يعني بهذه الكلمة، وهل يعتبر هذا الحديث الموصوف بهذا الوصف يعتبر ضعيفاً؟ جزاكم الله خيراً.
وصفه بأنه غريب تارة يكون لأنه يدور على واحد يدور على راوٍ واحد فيسميه غريب؛ لأن الغريب ما رواه واحد فقط، صحابي أو من دون الصحابي، الغريب عند العلماء علماء الحديث الذي ما رواه إلا واحد، هذا يقال له غريب، عند الإطلاق، ويقال له: فرد، وتارة يسمى الحديث غريب غرابة نسبية، ولو كان مشهوراً من طرق كثيرة، لكن يقول: غريب، بالنسبة إلى أنه ما رواه في هذا الطريق إلا مالك، والمعروف من غير طريق مالك، أو مثلاً جاء من طريق الزهري والمعروف من طريق غيره، فسماه غريب من طريق الزهري أو من طريق مالك مثلاً، أو يكون غريب من أجل أنه ما رواه من هذا الطريق إلا -مثلاً- يحيي بن سعيد الأنصاري أو ابن المسيب، والطرق الأخرى كلها من غير طريقه، فيسمى غريب من هذه الحيثية، من جهة أن هذا الطريق انفرد به فلان، وأما الطرق الأخرى فهي معروفة عن غيره، فهذا يسمى غرابة نسبية. أما كونه صحيح أو ضعيف فهذا يختلف إن كان رجاله معروفين بالثقة والأمانة متصل السند يسمى صحيح، وإن كان الرواة حفظهم فيه نقص يسمى حسن، إذا كان الراوي حفظه ليس بكامل يسمى حسن، وإن كان حفظه كامل يسمى صحيح، وإن كان من طرق طريقين فأكثر يقال له حسن صحيح، حسن لأجل كثرة طرقه، صحيح لثقة رجاله، أو حسن من جهة أن أحد الطريقين في حفظ رواتهم ضعف، والطريق الثاني رواته ثقات كُمَّل، فيقال حسن من طريق معناه صحيح من طريق آخر، كل هذا بينه العلماء رحمهم الله. هذا يدل سماحة الشيخ على أن الاهتمام قديم بأحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ ج/ نعم، نعم، من عهد الصحابة إلى يومنا هذا، والعلماء مهتمون، الصحابة ومن بعدهم. - هل ترشدون إلى كتاب معين يفيد اهتمام السلف بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ ج/ نعم، كتب المصطلح كلها تفيد هذا الشيء، كتاب ابن الصلاح (المقدمة لابن الصلاح)، (ألفية العراقي) (ألفية السيوطي)، (نخبة الفكر) للحافظ ابن حجر، كلها تفيد هذا المعنى، تدل على اهتمام الأئمة والعلماء بالسنة، وهناك كتب غيرها. 
 
8- كيف يستطيع المرء أن يتعلَّم تفسير الأحلام، وهل توجد كتب صحيحة في هذا المجال؟
يتعلمها من كتب العلماء التي ذكرت الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الرؤيا وتفسيرها، مثل كتاب ابن القيم في (إعلام الموقعين) ذكر جملة من ذلك رحمه الله في الرؤيا، وفي الكتب الأخرى المؤلفة في الرؤيا يستفيد منها، وأكثر ما يفيد هذا تدبر الأحاديث التي جاءت في الرؤيا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وتفسير النبي لها، وتفسير الصحابة يستفيد منه إذا كان عنده علم وعنده بصيرة يستفيد. ولا ينبغي له أن يقدم على التأويل إلا عن بصيرة وعن علم، حتى لا يكذب على الله ولا على رسوله عليه الصلاة والسلام، فينبغي لمن أراد التفسير تفسير الرؤيا وتعبيرها أن يعتني بما جاء في السنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في تفسير الرؤيا، وما جاء عن الصحابة والسلف الصالح، وما ذكره العلماء المعتمدون كابن القيم وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم من أهل العلم. 
 
9- حلفت بالطلاق أن أكسو بنات عمي، وقد كنَّ صغيرات، لكني لم أستطع حتى الآن، والبنات قد كبرن، فكيف أتصرف؟
هذا يختلف بحسب النية، إن كنت قلت: علي الطلاق أن أكسو بنات عمي، وقصدك يعني إذا تيسر ما قصدك الآن في الحال متى تيسر ذلك، متى تيسر تكسوهم، أما إن كنت قصدت يوماً معيناً أو شهراً معيناً أو سنة معينة فأنت على نيتك، فإن تم ذلك وإلا وقع الطلاق إن كنت أردت إيقاع الطلاق، أما إن كنت، لا، إنما أردت حث نفسك ما أردت إيقاع الطلاق، إنما قصدك التأكيد على نفسك وإلزام نفسك بالكسوة وليس قصدك فراق أهلك ولا إيقاع الطلاق عليهم، فإنه يكون عليك كفارة يمين حسب النية لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيات)، وقد أفتى جماعة من السلف في ذلك بهذا المعنى، فإذا كان قصدك من الطلاق أن تلزم نفسك بالكسوة وأن تحث نفسك عليها وليس قصدك إيقاع الطلاق على أهلك إن لم تكسو بنات عمك فإنه لا يقع الطلاق لو لم تكسهم، وعليك أن تكفِّر كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، عشرة، تغديهم أو تعشيهم أو تعطي كل واحد نصف صاع من قوت البلد من تمر أو غيره، أو كل واحد تعطيه قميص أو إزار ورداء هذه الكسوة، ومن عجز كان فقيراً عاجزاً يصوم ثلاثة أيام، وهناك أيضاً عتق رقبة، إذا حنث في يمينه هو مخير بين ثلاثة أشياء: بين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن عجز صام ثلاثة أيام كما نص على ذلك سبحانه في سورة المائدة، وقد بين الله جل وعلا كفارة اليمين بياناً شافياً قال سبحانه: (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ) الآية (89) من سورة المائدة، فعلى المؤمن أن يحفظ يمينه ويجتهد في عدم الأيمان إلا عند الحاجة إليها، وإذا حلف يجتهد في بر اليمين إذا استطاع وكانت المصلحة في بر اليمين، أما إن كان المصلحة تقتضي في عدم البر وأن يحنث فإنه يحنث ويكفِّر، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفِّر عن يمينك وائت الذي هو خير) ويقول -صلى الله عليه وسلم-: (والله إني -إن شاء الله- لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفَّرت عن يميني وأتيت الذي هو خير) هكذا يقول -صلى الله عليه وسلم-، فإذا قال الإنسان: والله لا أكلم فلاناً، أو لا أسلم عليه، ثم رأى أن المصلحة تقتضي أنه يكلمه ويسلم عليه لا موجب لهجره ولا وجه لهجره فإنه يحنث يسلم عليه يكلمه ويكفر عن يمينه، أو قال: والله ما أتصدق اليوم شيء! يكفِّر عن يمينه ويتصدق، أو قال: والله لا أحج هذه السنة، ثم أحب أن يحج يحج، يكفر عن يمينه؛ لأن هذا خير، وهكذا ما أشبه ذلك. 
 
10- ما حكم قراءة الاستعاذة والبسملة في الصلاة بعد تكبيرة الإحرام وقبل قراءة الفاتحة، وما حكم قراءتهما قبل السورة التي تقرأ بعد الفاتحة إذا بدأ المصلي القراءة بعد الفاتحة بأول السورة أو قبل الآيات إذا لم يبدأ المصلي القراءة بعد الفاتحة في أول السورة؟ وهل الأفضل أن تكون قراءتهما سراً أم جهراً؟ وهل تقرأان في جميع ركعات الصلاة، وهل يأثم المصلي إذا لم يقرأهما في الحالات التي أشرت إليها أعلاه؟
السنة أن يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويسمي عند بدئه في قراءة الفاتحة في أول الصلاة، بعد الاستفتاح أولاً يكبَّر يقول: الله أكبر، هذه التكبيرة الأولى وهي تكبيرة الإحرام سواءٌ كان إماماً أو مأموماً أو منفرداً، ثم يأتي بالاستفتاح الإمام والمأموم والمنفرد، والاستفتاح أنواع: أصغرها ما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه استفتح بهذه الكلمات: (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك)، هذا الاستفتاح أصغرها، وهو جاء من حديث عائشة ومن حديث أبي سعيد ومن حديث عمر -رضي الله عنه- يقول: (سبحانك اللهم وبحمد وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك) ثم يستعيذ يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، ثم يقرأ الحمد الفاتحة الإمام والمأموم والمنفرد، الذكر والأنثى، وهناك استفتاحات أخرى ثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- غير هذا، منها: قوله -صلى الله عليه وسلم- في الاستفتاح في الصلاة: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبر) هذا ثابت في الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه استفتح بهذا قبل أن يتعوذ وقبل أن يسمي، بعد الإحرام، وهناك استفتاحات أخرى إذا أتى بواحد منها مما صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كفى، ولكن أقصرها وأسهلها على العامة: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك) ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أو أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم سراً، هذا هو الأفضل سراً، ولو في الجهرية ولو في المغرب والعشاء والفجر يقرؤها سراً هذا هو الأفضل، كان النبي يسر بهما عليه الصلاة والسلام، ثم يقرأ الفاتحة، وهكذا في السور بعد الفاتحة يأتي بالتسمية فقط ما في حاجة للتعوذ، يكفي في أول القراءة التعوذ، فإذا قرأ بعد الفاتحة سورة سمى، وإن كانت آيات ما هي بسورة فلا حاجة إلى تسمية ولا تعوذ، يقرؤها من دون شيء، لأن التسمية والتعوذ الذي حصل قبل الفاتحة كافي، فيقرأ الآيات من دون تسمية ولا تعوذ بعد الفاتحة، وهكذا في الصلوات الأخرى جميع الصلوات، يتعوذ عند قراءة الفاتحة ويسمي، ثم بعد ذلك إن كانت سورة سمى بأولها وإن كانت آيات قرأها من دون حاجة إلى تسمية ولا تعوذ، كما تتعوذ عند أول القراءة، وفي الركعة الثانية والثالثة والرابعة تكفي التسمية؛ لأن الاستعاذة كفت في أول الصلاة؛ لأن القراءة في الصلاة كالقراءة الواحدة يكفي التعوذ الأول، وإن تعوذ في الثانية وفي الثالثة والرابعة فلا بأس، الأمر واسع، بحمد لله، إن تعوذ مع التسمية فلا بأس، قاله بعض أهل العلم، والصحيح أنه يكفي التعوذ الأول في الركعة الأولى ويعيد التسمية عند قراءة الفاتحة في كل ركعة، وعند قراءة كل سورة في كل ركعة، أما إذا كانت آيات فإنه لا يعيد التسمية ولا يعيد الاستعاذة، يكفي أن يقرأ من دون استعاذة، إذا حصلت الاستعاذة في أولها والتسمية عند أول السورة، والآيات لا يسمى في أولها، ما يشرع، إنما يتعوذ عند أول القراءة بالآيات يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لقول الله سبحانه: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) سورة النحل، وإن سمى فلا حرج في أول الآيات، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بباسم الله فهو أجذم) لكن الأفضل في قراءة الآيات أن يبدأ بالتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أما إذا كانت سورة تعوذ وسمى عند أول القراءة، أما في الصلاة فإنه يكفيه التعوذ عند أول الفاتحة، هذا هو الأفضل، وتكفيه التسمية إذا كانت آيات بعد الفاتحة، فإن كانت سورة يعيد التسمية سراً، وإن جهر بعض الأحيان للتعليم مثل الإمام يجهر بعض الأحيان حتى يعلم من ورائه أن هناك تسمية وهناك تعوذ فهذا لا بأس به، فعله بعض الصحابة -رضي الله عنهم وأرضاهم- وفعله أبو هريرة -رضي الله عنه-، وذكر أنه يصف صلاة النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا فعل الإمام بعض ذلك يعني جهر بالاستعاذة حتى يسمعه من حوله أو بالتسمية حتى يسمعه من حوله بعض الأحيان للتعليم فلا حرج في هذا. إذا قرأ من وسط سورة التوبة: فهل يسمي؟ -سماحة الشيخ-. ج/ بعد الفاتحة لا يحتاج تسمية، إذا كان بعد الفاتحة، أما في خارج الصلاة إذا قرأ يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، يبدأ بالتعوذ في براءة وفي الآيات، يبدأ بالتعوذ، وإن سمى في غير أول براءة فلا بأس، أما في أول براءة فالسنة التعوذ فقط. - أما في وسطها فلا بأس! ج/ إن سمى فلا بأس والتعوذ كافي، التعوذ كافي. 
 
11- ما هي الأعذار التي تجيز للمسلم التخلف عن حضور صلاة الجماعة في المسجد؟
الأعذار ذكر العلماء منها عدة، منها: المرض، إذا كان المريض يشق عليه الخروج، ومنها: الخوف إذا كانت البلاد فيها خوف لو خرج يخشى على نفسه، ومنها: حضور أحد الخبثين البول أو الغائط، كونه يتخلف لأجل قضاء حاجته إذا حدث نزل به هذا ولم يتيسر له الخروج لأجل قضاء الحاجة وفاتته الجماعة فهو معذور، لكن ينبغي له أن يتحرى قبل ذلك بوقت حتى يتفرغ للجماعة، لكن لو حدث أراد الخروج فحدث به حدث البول أو الغائط فإنه مأمور بالتخلص منهما؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان)، ومنها: لو حضر الطعام بين يديه فإنه يبدأ به، لا يتخذه عادة يقدم الطعام حتى يتخلف عن الصلاة، لا، لكن لو قدم بين يديه في بيته أو عند بعض من استضافهم فإنه يبدأ بالطعام ولو فاتته الجماعة، فهذه من الأعذار، ومنها: لو كان بعيد ما يسمع النداء المساجد بعيدة عنه ما يسمع النداء فهذا عذرٌ أيضاً، أما إذا كان يسمع النداء فيلزمه أن يجيب من طريق الصوت العادي، أما من طريق المكبرات فقد يسمع من بعيد ولا يلزمه؛ لأنه بعيد، لكن إذا كان بالصوت العالي من غير مكبر يسمع عند هدوء الأصوات يسمع عليه أن يجيب؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من سمع النداء فلم يأتِ فلا صلاة له إلا من عذر)، أو كان في البلد فإنه يجيب لأن البلد لو هدأت الأصوات لسمع فعليه أن يجيب ويصلي مع الناس ولا يتأخر.

393 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply