حلقة 764: هل يلزم حجاب المرأة حتى داخل البيت - هل يعد سحب رأس الطائر حتى ينفصل من جسده ذبحا - هل تقبيل الزوجة يفطّر الصائم ويبطل الوضوء - الكحل في حق الصائم - أخذ الراتب مع التقصير في العمل

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

13 / 49 محاضرة

حلقة 764: هل يلزم حجاب المرأة حتى داخل البيت - هل يعد سحب رأس الطائر حتى ينفصل من جسده ذبحا - هل تقبيل الزوجة يفطّر الصائم ويبطل الوضوء - الكحل في حق الصائم - أخذ الراتب مع التقصير في العمل

1-  هل يجب على المرأة أن تلتزم بالحجاب حتى ولو كانت داخل بيتها؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فإن الله جل وعلا شرع لعباده ما فيه صلاحهم، وما فيه ستر عوراتهم وهو الحكيم العليم جل وعلا، فإذا كان عند المرأة أجنبي في بيتها وجب عليها التستر والحجاب، أما إذا لم يكن عندها أحد، فلا حرج عليها أن تكشف ما فوق السرة، وما تحت الركبة، أما ما بينهما فليس له كشفه إلا من حاجة كالاستنجاء وقضاء الحاجة والزوج ونحو ذلك؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لمعاوية بن حيدة: (احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك) فالعورة تحفظ إلا من الزوج والسيد الذي هو مالكها، وهكذا عند الحاجة قضاء الحاجة البول أو الغائط، أما ما فوق السرة وما تحت الركبة لا مانع أن تكشفه وهي على فراشها ما عندها أحد لا بأس، أو ما عندها إلا زوجها لا بأس بذلك، أما عند النساء فالأفضل التستر والحشمة، ولا بأس أن ترى منها المرأة ساقها أو صدرها لا بأس، لكن كونها في حشمة والملابس حسنة أكمل وأطيب، حتى عند النساء. 
 
2-   ما حكم من يذبح الطيور باليد، أي: يفصل الرأس عن الجسم، يمسك الرأس بيد والجسم باليد الثانية ثم يسحب بشدة، هل يحل الأكل بهذه الطريقة؟
هذا ذبح منكر، المذبوح يكون ميتة ما يحل؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكل، ليس السن والظفر) فلا يجوز هكذا قلع الرأس باليد، لا بد من المحدد ينهر الدم، فأما مثل هذا فيسمى خنقاً مثل الخنق يعتبر خنقاً، تكون به ميتة، فلا بد من كونه يذبحها السكين، ونحو السكين من المحددات، إلا العظام والسن فلا، كما بينه النبي عليه الصلاة والسلام. 
 
3-  هل تقبيل الزوجة يفطّر الصائم ويبطل الوضوء؟
تقبيل الزوجة لا يفطر الصائم ولا ينقض الوضوء، هذا هو الصواب، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبل امرأته وهو صائم عليه الصلاة والسلام ويباشر وهو صائم، فالقبلة واللمس والضم كل هذا لا يفطر الصائم، والصحيح أنه لا ينقض الوضوء أيضاً؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- كان يقبل وهو صائم عليه الصلاة والسلام، وكان أيضاً يقبل ثم يصلي ولا يتوضأ عليه الصلاة والسلام، هذا هو الحق والراجح، وأما قوله جل وعلا: أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء (43) سورة النساء، فالمراد به الجماع في أصح قولي العلماء، وذهب بعض أهل العلم إلى أن القبلة للمرأة عن شهوة توجب الوضوء، ولكن لا تفطر الصائم، ولكن الصحيح أنها لا تنقض الوضوء ولا تفطر الصائم، هذا هو الصواب، فإذا قبل زوجته أو باشرها وهو صائم فإن صومه صحيح وصومها صحيح أيضاً، إلا إذا خرج مني فإنه يقضي، فإنهما يقضيان جميعاً إذا خرج منه مني قضى، أو منها كذلك قضت، أما تقبيل من دون مني فإنه لا يبطل الصوم، فإن خرج مذي كذلك على الصحيح لا يبطل الصوم، ولكن يوجب الوضوء، إذا توضأ من أجل المذي، والمذي هو الماء اللزج الذي يخرج بسبب الشهوة، هذا يبطل الوضوء يبطل الطهارة من الرجل والمرأة، وعليهما الاستنجاء وغسل الذكر والأنثيين من الرجل، وغسل الفرج من المرأة ثم الوضوء الشرعي، لما سأل النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- عليٌّ -رضي الله عنه- سأله عن المني قال: (فيه الوضوء) وفي اللفظ الآخر: (اغسل ذكرك وتوضأ) وفي اللفظ الآخر: (اغسل ذكرك وأنثييك وتوضأ) هذا شأن المذي، أما المني الذي هو الماء الغليظ الذي يخرج بسبب الشهوة، هذا يبطل الصوم، وعلى صاحبه الغسل، وعليه قضاء الصوم إذا كان الصوم واجباً، وأما الوضوء فإنه يبطل بالمذي، ويوجب الغسل إذا كان منياً، أما مجرد القبلة من دون مني ولا مذي، فهذا لا يبطل به الوضوء، قبلة أو المس باليد، الصحيح أنه لا يبطل به الوضوء؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يقبل بعض نسائه ثم يصلي ولا يتوضأ عليه الصلاة والسلام.  
 
4-  يسأل عن الكحل: هل يؤثر على الصيام أو لا؟
الصواب أنه لا يؤثر، لكن الأفضل في الليل، وإلا فلا يؤثر؛ لأن العين ما هي بمنفذ، لكن بعض العلماء يقول إذا وجد أثر الكحل أو القطرة في الحلق قضى، والصحيح أنه لا يلزمه القضاء، لكن كونه يستعمله في الليل هذا هو الأحوط والأفضل، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك). 
 
5-   صاحب مزرعة عنده عامل لغرض المزرعة فقط، وصاحب المزرعة يشتغل فراش في مسجد، وبعض الأوقات يأخذ العامل إلى المسجد لكي يقوم العامل بنظافة المسجد، والمرتب لصاحب المزرعة، هل يحق له ذلك أو لا؟
إذا سمح العامل فلا بأس، إذا سمح أن يذهب إلى المسجد ويقوم بخدمة المسجد فلا بأس، أما إذا لم يسمح فليس له إلزامه؛ لأن العمل الذي عنده في المزرعة، استأجره ليعمل في المزرعة، أما إذا سمح العامل وأنه يخدم له هذا قربة وطاعة، والحمد لله.   
 
6-   أنا أصلي الصلاة المفروضة، أي: الفرض والسنة، وبعد الانتهاء من الصلاة المفروضة فإني أصلي أربع ركعات، أو ما زاد عنها نفل، في كل صلاة مباشرة، فهل تصلح صلاة النفل بعد الانتهاء مباشرة من الصلاة المفروضة، وقد ورد في كتاب فقه السنة استحباب الفصل بين الفريضة والنافلة بمقدار ختم الصلاة؟ نرجو توضيح ذلك مع الشكر.
السنة فصل النافلة عن الفريضة، النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا صلى أحدكم فلا يصل صلاة بصلاة، حتى يتكلم أو يخرج)، فالأفضل للمسلم والمسلمة بعد الصلاة من الفريضة يقول: "أستغفر الله" ثلاثاً، "اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام"، ثم يأتي بالذكر الشرعي "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد"، هذا مستحب بعد كل الصلوات الخمس، الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، للرجل والمرأة جميعاً، ويستحب مع هذا أيضاً أن يقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير" عشر مرات، بعد صلاة الفجر وبعد صلاة المغرب، هذه زيادة خاصة بهاتين الصلاتين، ويستحب له بعد ذلك في الخمس الصلوات كلها أن يقول: "سبحان الله والحمد لله والله أكبر" ثلاثاً وثلاثين مرة، "سبحان الله والحمد لله الله أكبر" ثلاثاً وثلاثين مرة، الجميع تسعاً وتسعون، ثم يقول تمام المائة: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"، جاء في الحديث أن العبد إذا قالها غفرت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر، وهذا فضل عظيم. يشرع للمؤمن والمؤمنة المحافظة على ذلك، ويستحب بعد هذا أن يقرأ آية الكرسي: (اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (255) سورة البقرة، هذه آية الكرسي، هذه آية واحدة، آخرها (وهو العلي العظيم) وأولها (الله لا إله إلا هو الحي القيوم)، يستحب للمؤمن والمؤمنة أن يأتي بها بعد كل صلاة، ويستحب له أيضاً أن يقرأ: (قل هو الله أحد) والمعوذتين بعد كل صلاة، (قل هو الله أحد)، (قل أعوذ برب الفلق)، (قل أعوذ برب الناس) هذه الثلاث السور، يستحب أن يقرأها المؤمن والمؤمنة بعد كل صلاة، الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ويكررها ثلاثاً بعد الفجر وبعد المغرب، يكررها ثلاثاً بعد الفجر خاصة وبعد المغرب، ويكررها ثلاثاً عند النوم، إذا اضطجع على فراشه يقرأ التسبيح والتحميد والتهليل ثلاثاً وثلاثين مرة، يختمها بـ: الله أكبر، مائة مرة، تمامها: أربعة وثلاثين تكبيرة وثلاثة وثلاثين تحميدة وثلاثة وثلاثين تسبيحة عند النوم، بدل: لا إله إلا إله، في آخرها الله أكبر، يكمل المائة بالتكبير: الله أكبر، أما بعد الصلاة يكملها بلا إله إلا الله، أفضل، وعند النوم يأتي بآية الكرسي أيضاً، ويأتي بالسور الثلاث مكررة ثلاث مرات عند النوم، وهذا أفضل، وإذا أحب أن يصلي بعد الذكر نافلة فلا بأس، لا يقوم مباشرة بعد ما يسلم، لا، بعد الذكر يأتي بالنافلة، والأفضل بعد الظهر أربع، وإن صلى ثنتين راتبة كفت، وإن صلى أربع بعد الظهر فذلك فيه فضل عظيم؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (من حافظ على أربع قبل الظهر، وأربع بعدها حرمه الله على النار) وهذا فضلٌ كبير، أما الراتبة فهي أربع قبل الظهر يعني تسليمتين، وتسليمة بعد الظهر، هذه الراتبة ست ركعات، أربع قبلها وثنتين بعدها، يعني تسليمتين قبلها وتسليمة بعدها، هذه يقال لها الراتبة، كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام في الحضر، وإن زاد وصلى أربعاً بعد الظهر صلى تسليمتين بعد الظهر فذلك فيه فضلٌ عظيم؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (من حافظ على أربعٍ قبل الظهر وأربعٍ بعدها حرمه الله على النار) رواه أهل السنن بإسناد صحيح عن أم حبيبة -رضي الله عنها-. أما بعد العصر فليس بعدها صلاة، ما بعدها صلاة، لا يصلي بعدها لا ثنتين ولا أربع، بعد صلاة العصر، وبعد صلاة الفجر ليس بعدها صلاة، أما بعد المغرب يصلي ثنتين هذا الأفضل راتبة، بعد العشاء ثنتين راتبة، وإن صلى أكثر فلا بأس، الراتبة ثنتان تسليمة واحدة بعد المغرب، ثنتان بعد العشاء تسليمة واحدة، للرجل والمرأة جميعاً، هذه راتبة كان يحافظ عليها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإن صلى أكثر بعد المغرب أو بعد العشاء، فالأمر واسع والحمد لله، يصلي ما شاء، لكن الراتبة ثنتان بعد المغرب وثنتان بعد العشاء، وإذا أحب أن يصلي بين المغرب والعشاء ركعات كثيرة كله طيب، أو بعد العشاء يتهجد طويلاً، كله طيب، لكن الراتبة ثنتين بعد العشاء، وثنتين بعد المغرب. أما العصر فليس بعدها شيء، والفجر ليس بعدها شيء، وأما الظهر فتقدم أنه يصلي بعدها ثنتين راتبة وإن صلى أربع فذلك أفضل كما تقدم، نسأل الله للجميع التوفيق. - جزاكم الله خيراً، هل تعلقون سماحتكم على قولها (الصلاة المفروضة) وهي تعني السنة مع الفرض؟ ج/ المفروضة الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر هذه المفروضة، الظهر أربعاً في حق المقيم، وثنتين في حق المسافر، والعصر أربعاً في حق المقيم وثنتين في حق المسافر، والمغرب ثلاث في حق الجميع، والعشاء ثنتين في حق المسافر وأربع في حق المقيم، والفجر ثنتان في حق الجميع، هذه الفرائض، والجمعة ثنتان كذلك في حق المقيمين، أما النوافل فلا حصر لها، لكن الرواتب التي يشرع أن يحافظ عليها المؤمن اثنا عشر، كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام في حال الحضر والإقامة: أربع قبل الظهر تسليمتين، وثنتين بعد الظهر هذه ست، وثنتين بعد المغرب هذه ثمان، وثنتين بعد العشاء هذه عشر، وثنتين قبل صلاة الصبح، هذه اثنا عشر، فهذه الرواتب يقال لها الرواتب، كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام في الحضر، أما في السفر فكان يتركها إلا سنة الفجر، كان في السفر يترك سنة الظهر والمغرب والعشاء، ولكن يصلي سنة الفجر في السفر والحضر عليه الصلاة والسلام، وأما صلاة أربع قبل العصر فهي مستحبة، ما هي براتبة، لكن مستحبة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (رحم الله امرأً صلى أربعاً قبل العصر) هذه مستحبة وليست راتبة، وإذا صلى قبل المغرب ثنتين قبل العشاء ثنتين أيضاً مستحبة، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (بين كل أذانين صلاة)، (بين كل أذانين صلاة) إذا صلى بعد الأذان ركعتين، بعد أذان المغرب، بعد أذان العشاء ركعتين أو أكثر كله مستحب، طيب، لكن ليس راتب ليس من الرواتب. 
 
7-   بدأت بحفظ القرآن الكريم، وأنا حالياً أحفظ منه اثني عشر جزءاً، ولكني أسرع في الحفظ ولا أراعي حركات المد وأحكام التجويد في بعض الأحيان، وأقول: عندما أحفظ القرآن كاملاً سوف أعود وأراعي جميع الحركات، هل علي إثم في ذلك أو ذنب؟ جزاكم الله خيراً.
المشروع لك العناية بالحفظ عناية كاملة، حتى تقرئي القرآن كما أنزل، من ترتيل وإعطاء الحروف حقها، هذا هو الأفضل، ولكن لو تساهلتِ في بعض المدود، أو التفخيم والترقيق لا يضر، لكن الأفضل العناية، التفخيم والترقيق والمدود، وإعطاء الحروف حقها حسب ما جاء في مقررات علماء التجويد، هذا أفضل وأكمل، ولو تساهل الإنسان في بعض المدود، أو في بعض الترقيق والتفخيم لا يضر إن شاء الله، لكن لا يعجل عجلة يُسقط معها بعض الحروف لا بد يقرأ قراءة واضحة كاملة، يعتني فيها بالحروف، ولا يسقط شيئاً من الحروف حتى يستفيد وحتى يستفيد من يسمع منه، هذا واجب لا بد يعتني بهذا، حتى لا يسقط حرفاً وحتى يأتي بالحروف كاملة وحتى تفهم منه قراءته، وإذا رتل فهو أفضل، الترتيل أفضل وهو الوقوف على رؤوس الآي، الترتيل أن يقف على رؤوس الآية، مثل (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) (سورة الفاتحة). هذا الترتيل، وهكذا في بقية القرآن، (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا* نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا) (1-5) سورة المزمل، وما بعدها، (الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ) (1-3) سورة القارعة، وهكذا، (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا) (1-3) سورة العاديات، وهكذا، (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) (1-5) سورة التكاثر. وهكذا. 
 
8- تسأل عن صلاة التسابيح، تقول: أنا أصليها يومياً بعد صلاة العشاء، وقبل الذهاب إلى النوم، فهل هذا الوقت مناسب؟
الصحيح أنها غير صحيحة, صلاة التسابيح الصحيح أنها غير صحيحة، تصلين كما كان النبي يصلي عليه الصلاة والسلام، تصلي الركعات على القاعدة الشرعية، تقرئين الفاتحة وما تيسر معها، ثم تركعين وتأتين بـ "سبحان ربي العظيم سبحان ربي العظيم، سبحانك الله ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، سبوح قدوس رب الملائكة والروح"، ثم ترفعين: "سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد"، ثم تسجدين، وإن زد بعد الركوع: "أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد من الجد"، فذلك أفضل، إذا تيسر ذلك؛ لأن النبي كان يفعله بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام. فالمقصود أن صلاة التسبيح غير صحيحة، هذا هو الصواب فيها. - إذا صلاة التسابيح غير صحيحة؟! - هذا هو الصواب فيها نعم، كما حققه جمعٌ من أهل العلم
 
9- تسأل بالنسبة لحفظ القرآن الكريم، تقول: كم هو المقرر أن يستغرق المرء في حفظ القرآن؟
ليس لذلك حدٌ محدود، فالإنسان يتحفظ حسب التيسير، وليس له حدٌ محدود لا سنة ولا أقل ولا أكثر، لكن كل إنسان على حسب حاله، يخصص له وقتاً من الليل أو النهار يتحفظ فيه إذا تيسر له ذلك، وحفظ القرآن ليس بواجب مستحب إذا تيسر، فإذا يسر الله له حفظ القرآن أو للمرأة حفظ القرآن، فهذا خيرٌ عظيم وفضلٌ كبير، لكن لا يجب، الواجب أن يحفظ الفاتحة التي هي ركن الصلاة، ويستحب له أن يحفظ ما تيسر معها من السور القصيرة، حتى يقرأ بها في صلاته، وإذا يسر الله له حفظ القرآن، أو حفظ الكثير منه فهذه من نعم الله العظيمة، فالمشروع له أن يجتهد في ذلك، والمرأة كذلك، ولا يُحد له حد، بل حسب التيسير، في شهور في شهر في سنة حسب التيسير، يجعل له راتباً معيناً حتى يعتاده، في كل يوم أو في كل أسبوع ثمن نصف ثمن، ثمنين ثلاثة حسب طاقته، يردد ذلك ويعتني بذلك حتى يحفظه، حتى يستقر في قبله. 
 
10- تسأل عن ثواب من حفظ القرآن؟
له فضلٌ كبير، ولا أعلم فيه حديثاً صحيحاً يدل على فضل معين، لكن له فضل كبير، وله بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، سواءٌ كان عن ظهر قلب، أو من المصحف، من قرأ القرآن فله بكل حرفٍ حسنة، والحسنة بعشرة أمثالها، فالقرآن فضله عظيم، وفي قراءته الخير الكثير، لكن تعيين ثواب خاص لحفظ القرآن ما أعلم فيه دليلاً واضحاً، لا أعلم فيه نصاً واضحاً خاصاً صحيحاً. 
 
11- يسأل عن تفسير قول الحق تبارك وتعالى: ((عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)) [المائدة:105]، وهل معنى هذا أن نترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟!
الآية الكريمة تدل على أن الواجب على الإنسان أن يعتني بنفسه وأن يهتم بها، وأن يجتهد في صلاحها، ولا يضره من ضل بعد ذلك إذا اهتدى، فالإنسان مسئول عن نفسه ولا يضره ضلال غيره، يقول الله جل وعلا: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) (164) سورة الأنعام، وفي الحديث الصحيح يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يجني الجاني إلا على نفسه)، فعلى المؤمن أن يسعى في صلاح نفسه واستقامتها على طاعة الله ورسوله، ولا يضره من ضل إذا اهتدى، والذي يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ما اهتدى، فهو ناقص الهداية ناقص الإيمان، فالمعنى أنه لا يضره من ضل إذا أدى الواجب الذي عليه، ومن الواجب عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، هذا من الواجب عليه، وقد خطب الصديق -رضي الله عنه- الناس وقال لهم: إن بعض الناس يقرأ هذه الآية ويضعونها في غير موضعها، وإني سمعت النبي يقول -صلى الله عليه وسلم-: (إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه!) ومراده -رضي الله عنه- أنه ما يكون مهتدٍ من ضيع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يكون ناقص الهداية ناقص الإيمان، ضعيف الإيمان، فمعنى "إذا اهتديتم" يعني إذا أديتم الواجب الذي عليكم، وتركتم ما حرم الله عليكم، لا يضركم من ضل بعد ذلك، فلا يضرك ضلال أبيك، ولا أخيك ولا أهل بلدك ولا الناس كلهم، لا يضرك، إذا أديت الواجب واجتهدت في الواجب فإنه لا يضرك من ضل، وربك يقول سبحانه: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى). لكن إذا قصر في الواجب عليك يضرك، فإذا كنت لا تدعو إلى الله ولا تأمر بالمعروف ولا تنهى عن المنكر، ولا تؤدي ما أوجب الله عليك لحق أولادك، أو لحق زوجتك، أو لحق جيرانك فأنت ناقص الهداية حينئذ يضرك ذلك، حتى تؤدي الواجب الذي عليك لله ولعباده، ومن حق الله عليك: أن تؤدي ما أوجب عليك من الطاعات، وأن تترك ما حرم الله عليك، ومن حق الله عليك: أن تأمر بالمعروف وأن تنهى عن المنكر، وأن تنصح لله ولعباده، وأن تدعو إلى الله على حسب طاقتك، ومن الحق عليك أيضاً: أن تؤدي حق زوجتك وأولادك بنصيحتهم، وتوجيههم إلى الخير، وتربيتهم التربية الإسلامية، وأن تقوم بحق جيرانك، من إكرامهم والإحسان إليهم، وكف الأذى عنهم وإكرام الضيف إلى غير هذا من الحقوق، فالذي لا يؤدي الحقوق التي عليه ما يسمى مهتدي، يسمى ناقص الهداية ضعيف الإيمان، حتى يؤدي الواجبات التي عليه. 
 
12- يسأل عن علامات الساعة ويقول: إن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام حدد لنا بعضاً منها، وقال في ذلك: (أن تلد الأمة ربتها)، فما معنى هذه العبارة؟
أشراط الساعة كثيرة، ولكنها قسمان: قسم مطلق، وجد منها في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعده، وقسم خاص يقع عند قربها وعند دنوها، أما المطلق العام فهذا النبي -صلى الله عليه وسلم- من أشراط الساعة، نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- هو نبي الساعة، ووجوده من أشراطها عليه الصلاة والسلام، وهكذا ما قال -صلى الله عليه وسلم-: (أن تلد الأمة ربتها) رتبها: يعني سيدتها، وفي اللفظ الآخر: (ربها) يعني: سيدها، ومعنى ذلك: أنها تكثر الإماء والسراري، فإذا حملت من سيدها وهو مالكها، فإن المولودة البنت تكون سيدة ربة والمولود الذكر يكون رباً لها سيداً لها، هذا معنى الحديث، يعني تكثر السراري يكثر الإماء، والناس يكثر تسرِّيهم بسبب كثرة الجهاد، وكثرة الغنائم، فتكثر السراري بين الناس، والسيد يطأ أمته؛ لأنها ملكه مباحاً له، كما قال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) (5-6) سورة المؤمنون. فالملك الذي هو ملكه للأمة يقال له: ملك اليمين، فإذا ملكها بالغنيمة أو بالشراء أو بالورث، فله أن يطأها وهي ملك اليمين، وإذا ولدت يقال للمولود إن كان ذكر ربها وسيدها والمولدة ربتها وسيدتها، هذا معنى الحديث، (أن تلد الأمة ربها) أو (ربتها) يعني سيدها؛ لأن بنت السيد سيدة، وولد السيد سيداً لأمه في المعنى، والمعنى أنها تكثر السراري في الناس وهذا من علامات الساعة كثرة السراري وكثرة الإماء والولادة. ومنه الحديث (أن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان) هذا أيضاً من أشراطها العامة، تطاول العرب في البناء بعدما كانوا أهل خيام بنوا البنايات طولوها، هذا من أشراط الساعة وقد وقع هذا، العرب تحضروا وجاهدوا وبنو البنايات وعمروا العمائر. أما أشراطها الخاصة القريبة منها فقد بينتها الأحاديث، وهي عشر علامات: أولها: المهدي: رجل من أهل البيت في آخر الزمان يملك الدنيا يملك الأرض ويملؤها عدلاً بعد ملئها جوراً، وهو من أهل البيت من بني هاشم، من ذرية فاطمة -رضي الله عنها- جاءت فيه أحاديث كثيرة. الثاني: الدجال، خروج الدجال في آخر الزمان يدعي أنه نبي ثم يدعي أنه رب العالمين!!، وقد صحت فيه الأحاديث وتواترت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. والثالث: نزول المسيح ابن مريم من السماء، عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام يقتل الدجال، ويحصل به الخير العظيم للأمة، ويخرج الله به بركات ما في الأرض عليه الصلاة والسلام، ولا يقبل إلا الإسلام، ويهلك الله في زمانه الأديان فلا يبقى إلى الإسلام، تذهب اليهودية والنصرانية والشيوعية وغيرها، ولا يبقى إلا الإسلام في عهده عليه الصلاة والسلام. والرابع: خروج يأجوج ومأجوج من الشرق وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ (96) سورة الأنبياء، في عهد عيسى عليه الصلاة والسلام، ثم يقتلهم الله يميتهم الله بعد ذلك. ثم بعد ذلك آية الدخان، وهدم الكعبة، ورفع المصحف رفع القرآن من الأرض من الصدور ومن الصحف، ثم خروج الدابة دابة الأرض، وطلوع الشمس من مغربها، وإذا طلعت لا تقبل التوبة بعد ذلك من أحد، وآخرها نارٌ تحشر الناس إلى محشرهم، هذه يقال لها الآيات الخاصة القريبة من قيام الساعة، جاءت بها الأحاديث وبينها أهل العلم. 

506 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply