حلقة 857: تفسير سورة البروج - ماذا تفعل من طلقت طلقة واحدة - الجلوس مع أهل المعاصي - هل تقضى الجهرية جهرا - قراءة القرآن أثناء العمل أو المشي عن ظهر قلب - الجمعيات المنعقدة بين الموظفين - هل يتضرر الميت بالبكاء عليه

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

7 / 50 محاضرة

حلقة 857: تفسير سورة البروج - ماذا تفعل من طلقت طلقة واحدة - الجلوس مع أهل المعاصي - هل تقضى الجهرية جهرا - قراءة القرآن أثناء العمل أو المشي عن ظهر قلب - الجمعيات المنعقدة بين الموظفين - هل يتضرر الميت بالبكاء عليه

1- يسأل سماحتكم -جزاكم الله خيراً- تفسير سورة البروج؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فقد ذكر الله -جل وعلا- في البروج حالة الذين اعتدوا على المسلمين وحرقوهم وفتنوهم تحريضاً للمسلمين من أعمالهم الخبيثة وحثاً على الصبر على ما يبتلى به العبد، ولهذا قال جل وعلا: والسماء ذات البروج * واليوم الموعود* وشاهد ومشهود أقسم بالسماء -سبحانه وتعالى - ذات البروج، وهي النجوم العظام، في قول جماعة من المفسرين، والله يقسم بخلقه بما يشاء سبحانه وتعالى، له أن يقسم بالسماء وبغيرها كما أقسم بالطور وبالذارايات وبالضحى والليل إذا يغشى إلى غير ذلك، لأنها آيات دالة على قدرته العظيمة، وأنه الخلاق العظيم سبحانه وتعالى، وأنه القادر على كل شيء، أما العبد فليس له أن يحلف إلا بالله، المخلوق ليس له أن يحلف إلا بربه، ولا يجوز الحلف بالأنبياء ولا بالملائكة ولا بالأمانة ولا بالأصنام ولا بشرف فلان ولا غير ذلك، يقول صلى الله عليه وسلم: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت). ويقول عليه الصلاة والسلام: (من حلف بشيء دون الله فقد أشرك) خرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح. في أحاديث كثيرة، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (من حلف بالأمانة فليس منا)، وقوله سبحانه: واليوم الموعود، يعني يوم القيامة، وقوله: وشاهد ومشهود، الشاهد هو يوم الجمعة، في قول جماعة من أهل العلم، والمشهود هو يوم عرفة؛ لأنه يشهده الأمم الكثيرة من الحجاج، وهما يومان عظيمان، يوم الجمعة هو خير أيام الأسبوع وأفضلها، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، وفيه تقوم الساعة، وفيه ساعة لا يرد فيها سائل، يستجيب الله فيها الدعاء، ويوم عرفة فيها وقفة الحجاج، وفيها دنو الرب من عباده سبحانه وتعالى، كما في الحديث الصحيح، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما من يوم أكثر عتقاء من النار من يوم عرفة، وإن الله سبحانه ليدنو فيباهي بأهل الموقف الملائكة، فيقول: ماذا أراد هؤلاء). ويقول فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الحج عرفة). ويقول صلى الله عليه وسلم في صوم يوم عرفة -يعني من غير الحجاج- قال: (يكفر الله به السنة التي قبله والتي بعده). أما الحجاج فلا يشرع لهم صيام، بل ينهون عن صيام يوم عرفة في حال الحج، السنة أن يقف الحاج مفطراً لا صائماً، كما وقف النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع مفطراً، وقوله جل وعلا: قتل أصحاب الأخدود * النار ذات الوقود * إذ هم عليها قعود * وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود، يبين سبحانه وتعالى عظم جريمة أهل الأخدود، ولهذا: قتل أصحاب الأخدود، يعني لعنوا لجريمتهم العظيمة الشنعاء، حيث ألقوا المؤمنين في الأخدود إذا لم ينقادوا لباطلهم، فهذا يحذر من الاستجابة لأهل الباطل، ويدل على أن الواجب على المؤمن أن يحذر أسباب الهلاك، وأن يبتعد عن الباطل وأهله، وفي شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- شرع الله للمكره أن يدفع الإكراه بالاستجابة إلى ما طلب منه مع طمأنينة قلبه بالإيمان، وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى، أن المكره إذا أكره على الكفر والضلال فله أن ينطق به متابعة لهم ودفعاً للظلم مع إيمان قلبه وطمأنينة قلبه بالإيمان، ويسمى المكرَه، كما في قوله جل وعلا: مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ [(106) سورة النحل] فإذا ألزموه بالكفر أن يحرقوه أو يقتلوه أو يضربوه فله أن ينطق بالكفر مع الإيمان والطمأنينة في القلب، كما فعل بعض الصحابة في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأذن لهم النبي في ذلك- عليه الصلاة والسلام-، فالإكراه بالضرب أو القتل أو نحو ذلك مما يضر العبد ضرراً بيناً يبيح له أن يتكلم بكلمة الكفر إذا كان قلبه مطمئن بالإيمان، وإنما قالها موافقة على دفع الشر، باللسان فقط، وهذا من رحمة الله بهذه الأمة وإحسانه إليها سبحانه وتعالى، قال تعالى: وما نقموا منهم أي من هؤلاء الذين ألقوا في النار وهم أصحاب الأخدود، وما نقم منهم المشركون الكفار الظلمة إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد يعني ما عابوا عليهم ولا عاقبوهم إلا من أجل إيمانهم، وهذا عيب هو محل المدح، هو عيب عند أهل الباطل ولكنه مدح وشرف لأهل الإيمان، فنسأل الله العافية والسلامة. 
 
2- زوجي هجرني في المنزل سبعة أشهر، وهو متزوج من امرأة أخرى؛ لأنني لم أنجب أولاداً، بعد هذه المدة المذكورة أراد الله دخوله للمنزل من ناحية فاتورة التلفون يسأل عنها، ففاتحته في الموضوع، فقال لي: أنا طلقتك طلقةً واحدة! أفيدوني عن هذه الطلقة، حيث أنني متزوجة بابن عمي، ولي معه ثمان سنوات، وسنتان وخمسة أشهر بعد زواجه من المرأة الأخرى، المجموع عشر سنوات وخمسة أشهر، ولم يطلقني إلا هذه الطلقة التي ذكرها، ولم يكتبها، أأمكث في منزلي أم أطلع منه؟
لا مانع من بقائك في المنـزل عند أولادك. الشيخ: تقول لم تنجب؟ المقدم: لم تنجب. الشيخ: لا مانع من بقائك في المنـزل إذا سمح بذلك، وأن تقبلي منه النفقة إذا أنفق عليك، وله العود إليك بعقد جديد، إذا كنت قد خرجت من العدة، إذا كان الطلاق قديماً قد حضت بعده ثلاث حيضات، فله أن يرجع إليك بعقد جديد، إذا كان الطلاق طلقة واحدة فقط كما قال لك. المقدم: بعقد ومهر جديد؟ الشيخ: بعقد ومهر جديد نعم، أما إن كان الطلاق قريباً، لم يمض عليه ثلاث حيضات فله المراجعة من دون عقد، يقول راجعت امرأتي فلانة ويشهد على ذلك شاهدين، عدلين، ويكفي إذا كان الطلاق قريباً، لم تحيضي بعده ثلاث حيضات، ونسأل الله أن يقدر لك وله الأصلح. 
 
3- هل يجوز للإنسان أن يجلس مع أهل المعاصي ولاسيما أولئك الذين يشربون الخمر، وربما يلعبون الميسر؟
ليس للمسلم أن يجلس مع من يتظاهرون بالمعاصي، بل يجب الحذر منهم، والبعد عنهم لئلا يصيبه ما أصابهم، ولئلا يفعل فعلهم، إلا إذا حضر للإنكار والدعوة، بأن وقف عليهم ودعاهم ونصحهم بالأسلوب الحسن فإن استجابوا وإلا انصرف فلا بأس، أما الجلوس معهم لا، الله -جل وعلا- يقول: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [(68) سورة الأنعام. فالله نهى عن القعود بعد الذكرى مع القوم الظالمين، فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين، لأنه قد يميل إليهم، قد يفعل مثل فعلهم، فالواجب الحذر لكن إذا وقف عليهم للدعوة إلى الله والتوجيه إلى الخير وإنكار المنكر بالأسلوب الحسن و النصيحة لعل الله يهديهم بأسبابه لعلهم يستجيبون فهذا أمر مطلوب، وإن استطاع ذلك، وظن أنه ينفع وجب عليه لقوله سبحانه وتعالى: فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى [(9) سورة الأعلى]. فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ [(21) سورة الغاشية]. فالمقصود أن الله -جل وعلا- شرع لنا التذكير والدعوة، فإذا أمكنك أن تدعوهم إلى الله، وأن ترشدهم إلى الخير، وأن تحذرهم من الباطل، فأنت على خير عظيم، أما الجلوس معهم فلا. س/ يسأل سماحتكم عن الميسر المذكور في القرآن الكريم؟ ج/ يقول الله -جل وعلا- في كتابه العظيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [(90) سورة المائدة]. الميسر القمار، وهو اللعب بالمال، كونهم يتسابقون بالأقدام، أو يقولون هذا كذا وهذا كذا ولك إن غلبتني كذا من المال يسمى ميسر ويسمى قمار، أو يتراهنون على شيء بأن يقول إن غلبتني في المصارعة أو غلبتني في السبق إلى كذا على الأقدام أو على الحمير والبغال فلك كذا، هذا كله قمار وميسر، أما إذا كان بالإبل أو بالخيل أو بالرمي فهذا مشروع، لا بأس به، هذه مسابقة بالإبل أو بالخيل أو بالرمي لا بأس أن يأخذ عليها العوض لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر). فالنصل الرمي، والخف الإبل، والحافر الخيل. 
 
4- إذا فات الإنسان صلاة جهرية وأراد أن يقضيها، فهل يكون ذلك سراً أو جهراً؟
السنة أن يقضيها جهراً، في النهار إن قضاها يقضيها جهراً، النبي -صلى الله عليه وسلم- لما نام عن صلاة الفجر فلم يوقظه إلا حر الشمس في بعض أسفاره صلاها بعد طلوع الشمس جهراً، وجهر فيها بالقراءة.
 
5- هل للإنسان أن يقرأ القرآن من غير المصحف عن ظهر قلب وهو يعمل أو يمشي؟
نعم له أن يقرأ وهو يعمل، يبني، يحصد، إلى غير ذلك، أو يمشي، له أن يقرأ، ولو كان على غير طهارة، إلا أن يكون جنباً، فالجنب لا يقرأ حتى يغتسل، أما الحائض والنفساء فاختلف فيها العلماء -رحمة الله عليهم- هل لهما أن تقراءا قبل الطهر؟ والصواب لهما، الصواب لهما أن تقرأءا قبل الطهر عن ظهر قلب، يعني غيب، لا من المصحف؛ لأن مدتهما تطول، ليستا مثل الجنب مدته قصيرة ، يغتسل ويقرأ فمنع حتى يغتسل، لقوله صلى الله عليه وسلم: (أما الجنب فلا ولا آية). وكان لا يحسبه عن القرآن إلا الجنابة -عليه الصلاة والسلام-. أما الحائض والنفساء فليس في منعهما من القراءة حديث صحيح، فإذا قرأت الحائض أو النفساء عن ظهر قلب غيباً فلا بأس بذلك على الصحيح. 
 
6- ما هو الحكم في التعامل في الجمعيات بين عدد من الزملاء في العمل، مثال ذلك: أن يتفق خمسة من الأشخاص على عمل جمعية تعاونية بمبلغ ألفين ريال، ويتم تسليم المبلغ -وهو ثمانية آلاف ريال مثلاً- للأول حسب الترتيب المتفق عليه، ويتم تسليم الثاني نفس المبلغ حتى نهاية الخمسة الأشهر، أرجو إفتاءنا في هذا الموضوع، وهل يدخل هذا في باب القرض بمنفعة
إذا كان القرض من دون زيادة، بل يتفقون على قرض معلوم بينهم كل شهر لواحد ألفين أو ألف أو أقل أو أكثر فلا بأس بهذا، قد صدر قرار من مجلس هيئة العلماء بالجواز في ذلك، إذا كان من دون زيادة. المقدم: يسأل هل هو من القرض بمنفعة؟ الشيخ: ليس من ذلك؛ لأنهم مستوون، ليس هناك فضل لأحد على أحد، وليس فيه فائدة لأحد على أحد. المقدم: الموضوع سماحة الشيخ أنه إذا أراد شخص أن يسهم معهم لكن دون أن يدفع مبلغاً ليقرضوه لا يفعل ذلك فما هو توجيهكم؟ الشيخ: إذا أحبوا أن يقرضوه بدون شيء معروفا منهم فجزاهم الله. المقدم: لا يقرضونه إلا أن يكون مساهماً معهم؟. الشيخ: ما فيه بأس، هذا شرط بينهم، لا حرج، لا يقرضون إلا من ساهم معهم. لا حرج. المقدم: ليس هذا من النفع المذكور في...؟ الشيخ: لا، ما يضر؛ لأن هذا نفع ما فيه زيادة، ما فيه مقابل، كلهم سواء فيه. 
 
7- قمت بتسجيل القرآن الكريم، هل لي أن أسجل على هذه الأشرطة مادةً أخرى أو لا يجوز؟
لا مانع، إذا أردت أن تسجل شيئاً آخر فلا بأس، فيمسح ما فيها من القرآن ثم يسجل فيها حديث شريف أو فقه أو رسائل لا بأس، لأن الإنسان يمكن أن يقرأ القرآن من المصحف، ليس بحاجة إلى التسجيل، فإذا أراد أن ينتفع بالتسجيل في شيء آخر فلا بأس.
 
8- الدعاء أفضل شيء للميت، فهل يصل إليه ثواب التسبيح، والأذكار، وقراءة القرآن الكريم، والصلاة، وصيام التطوع، وتقديم الصدقة من ثياب وطعام ونحوها، مع علمنا بأن ثواب هذه الأعمال يكون للميت وليس لفاعلها نصيب في ثوابها، حيث أن ذلك قد ورد في إحدى حلقات نور على الدرب، ولكن فاعلها يكررها له أيضاً، مثل قراءة سورة الإخلاص عشر مرات، وينوي ثوابها للميت، ثم يقرأها عشر مرات أخرى لنفسه، علماً بأن الميت في السنة الثالثة عشرة وشهرين منذ توفي؟ جزاكم الله خيراً. وما الحكم إذا كان المتوفى لم يبلغ؟
الصدقة على الميت تنفع الميت، بالملابس أو بالنقود أو بالطعام بإجماع المسلمين، وهكذا الدعاء للميت بالمغفرة والرحمة، ورفيع المنازل، والنجاة من النار ينفع الميت ، سواء كان الميت بالغاً أو دون البلوغ، فالدعاء والصدقات كلها تنفع الميت، الميت ينتفع بالصدقات والدعاء وإن كان صغيراً لم يبلغ، وهكذا الحج عنه والعمرة. أما القراءة قراءة القرآن أو التسبيح والتهليل فهذا لا نعرف فيه حجة، وليس عليه دليل أنه يلحق الميت، فالأفضل والأحوط ترك ذلك، قد جاء عن بعض أهل العلم أنه يلحق الميت ولكن ليس عليه دليل فيما نعلم، كونه يقرأ للميت أو يسبح ويهلل له، أو يصوم له تطوعاً ليس عليه دليل فيما أعلم، وإنما المعروف بالأدلة الشرعية الدعاء له والصدقة عنه كل هذا يحلق الميت، ينفع الميت، الحج عنه العمرة عنه، قضاء دينه هذا ينفعه، الصوم عنه إذا كان عليه صوم، مات وعليه صوم رمضان أو صوم نذر، أو كفارة، يصام عنه، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من مات وعليه صوم صام عنه وليه). وسئل عليه الصلاة والسلام عن من مات وعليه صوم فأمر السائل أن يصوم عمن مات وعليه صوم نذر، صوم رمضان صوم الكفارة، أما أن يصوم تطوعاً، أو يصلي تطوعاً فهذا ليس عليه دليل فيما نعلم، إنما الدليل فيما إذا كان عليه صوم واجب، فهذا يستحب الصيام عنه، فإن لم يتسر الصيام أطعم عنه عن كل يوم مسكيناً طعام نصف صاع، إذا لم يتيسر الصوم عنه إذا أفطر من رمضان من أجل السفر، أو المرأة من أجل الحيض أو النفاس ثم تساهلت وماتت قبل أن تقضي أو مات الرجل بعد السفر قبل أن يقضي فإنه يشرع الصيام عنه لأقاربه أو غيرهم، فإن لم يصم عنه أحد أطعم عنه من التركة عن كل يوم مسكيناً نصف صاع عن كل يوم. المقدم: يسأل سماحتكم عن المكلف وغير المكلف في......؟. الشيخ: لا حرج كما تقدم على المكلف وغير المكلف لا بأس، إذا تصدق عن المكلف أو غير المكلف أو دعا له أو حج عنه أو اعتمر ينفعه ذلك، والفاعل له أجر، الميت له أجر، والفاعل له أجر. 
 
9- هل على الإنسان غير المكلف -غير البالغ- صيام شهرين متتابعين كفارةً لقتل الخطأ؛ وذلك لأنه تسبب في قتل أخيه الأصغر بواسطة السيارة، حيث أنه يبلغ من العمر خمس عشرة سنة، ولم يخط شاربه بعد؟
إذا كان قد بلغ خمسة عشر سنة أو احتلم وأنزل المني أو نبت الشعر في عانته عند الفرج، فهذا عليه كفارة؛ لأنه بالغ، يصوم شهرين، أو يعتق، والعتق مقدم إذا تيسر العتق مقدم فإذا عجز صام شهرين متتابعين عن قتل الخطأ، أما إذا كان دون خمسة عشر سنة ولم ينـزل المني عن شهوة، لا باحتلام ولا بغيره، ولم ينبت الشعر الذي حول الفرج، الشعر الخشن الذي حول الفرج حول الذكر إن كان رجل، أو حول القبل إن كانت امرأة، فهذا ليس بمكلف، والتكليف يكون بأحد الثلاثة: إما بإكمال خمسة عشر سنة، أو بإنبات الشعر الخشن حول الفرج، حول القبل، أو بإنزال المني عن شهوة، باحتلام أو غيره، والمرأة تزيد أمراً رابعاً وهو الحيض، فإذا لم يوجد واحدة من هذه الثلاث في حق الرجل والمرأة ولم يوجد الحيض في حق المرأة فليس بمكلفين وليس عليهما كفارة.
 
10- هل يتضرر الميت بالبكاء عليه؟
الشيخ: لا يتضرر إلا بالنياحة، أما البكاء العادي لا يضر، لكن النياحة برفع الصوت هذا يتضرر فيه، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن الميت يعذب في قبره بالنياحة عليه). والنياحة رفع الصوت فلا يجوز لأهل الميت أن ينوحوا عليه؛ لأن هذا حرام عليهم ويضر غيرهم، فالواجب الحذر من ذلك، أما البكاء بدمع العين، وحزن القلب فهذا لا يضر، لقوله صلى الله عليه وسلم: (العين تدمع والقلب يحزن) لما مات ابنه إبراهيم، قال عليه الصلاة والسلام: (العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون). وقال لأصحابه: (ألا تسمعون، إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا، أو يرحم) وأشار إلى لسانه، يريد بالصوت. 
 
11- هل هناك فرق سماحة الشيخ بين من يوصي بالنياحة عليه ومن لم يوصِ في الحكم الذي تفضلتم به؟
الذي يوصي أشد إثماً، والذي ما أوصى أقل خطراً وأقل أذى، لكن إذا أوصى صار ألزم بالمعصية -لا حول ولا قوة إلا بالله-.
 
12- ما هي وصيتكم لنا سماحة الشيخ حتى لا يناح علينا؟
الوصية لكل مسلم أن لا يناح عليه، الوصية لأهل كل مسلم أن لا ينوحوا، أما دمع العين، البكاء بدمع العين بالنشيج لا يضر، لكن رفع الصوت والصياح والصراخ أو نتف الشعر، أو خمص الوجه، أو شق الثوب هذا منكر، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ليس منا من ضرب الخدود أو شق الجيوب أو دعا بدعوى الجاهلية)، واعضداه واناصراه، وانكسار ظهراه، إلى غير هذا من الصياح، ويقول صلى الله عليه وسلم: (أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة) الصالقة التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة هي التي تحلق شعرها عند المصيبة، أو تنتفه، والشاقة هي التي تشق ثوبها أو خمارها أو قميصيها كل هذا محرم لا يجوز، كله من الجزع المحرم.

528 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply