حلقة 867: حلية الأولياء - البدع كلها ضلالة - الصلاة خلف أهل البدع - رؤية النبي في المنام - نصيحة بالرفق بالوالدة - هل بناء المساجد مصرفاً من مصارف الزكاة؟ - غسل الزوج لزوجته إذا ماتت - قتل الحشرات المؤذية - حكم الصلاة على والدي النبي

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

17 / 50 محاضرة

حلقة 867: حلية الأولياء - البدع كلها ضلالة - الصلاة خلف أهل البدع - رؤية النبي في المنام - نصيحة بالرفق بالوالدة - هل بناء المساجد مصرفاً من مصارف الزكاة؟ - غسل الزوج لزوجته إذا ماتت - قتل الحشرات المؤذية - حكم الصلاة على والدي النبي

1- يسأل سماحتكم أولاً عن كتاب (حلية الأولياء)، ما هو رأيكم فيه، وما هو توجيهكم للمهتمين بمثل هذا الكتاب؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فكتاب (حلية الأولياء) كتابٌ معروف لصاحبه الحافظ أبي نعيم، وهو كتاب يجمع الضعيف والصحيح والموضوع، فينبغي أن لا يقرأه إلا أهل العلم الذين يعرفون درجات الحديث ويميزون بين الغث والسمين، أما هذا الكتاب فهو لا يصحُّ للعامة وطلبة العلم الذين لم يصلوا إلى حد التمييز بين الضعيف والصحيح، وننصح طلبة العلم وإخواننا جميعاً أن يقرؤوا الكتب المفيدة الصحيحة مثل صحيح البخاري، وصحيح مسلم، رياض الصالحين كتابٌ مفيد، الترغيب والترهيب مفيد وفيه أحاديث ضعيفة لكن نبه عليها صاحب الترغيب نبه عليها فإذا قال يروى أو روي فهي علامة الضعيف، والصحيح يجزم بها ولا يقول فيها روي، فالمقصود أني أنصح إخواني أن يتحروا الكتب المعروفة التي اعتنى أصحابها بالأحاديث الصحيح كالصحيحين، ورياض الصالحين، الترغيب والترهيب، منتقى الأخبار لابن تيمية المجد، بلوغ المرام للحافظ ابن حجر، هذه مفيدة وإن كان فيها أحاديث ضعيفة لكن نبه عليها الحافظ نبه على الضعيف، والمنتقى الأحاديث الضعيفة قليلة وطالب العلم يستطيع أن يعرف الضعيف من شرح المنتقى للشوكاني مفيد، كذلك عمدة الحديث للشيخ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي كتابٌ عظيم ومفيد أحاديثه صحيحة، أما مثل حلية الأولياء فهذا لا يصلح إلا لأهل العلم الذين يميزون بين الصحيح والسقيم.  
 
2- هل هناك بدعة حسنة لا إثم علينا إن عملناها، أم كل البدع سواء، فلقد استشهد لي بعضهم أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد حفظه لسورة البقرة غيباً ذبح عدة نوق لوجه الله، أو أنه صام عدة أيام -لا أعلم بالضبط-، أي أنها ابتدع من عنده بدعة، وهذه -قال- بدعة حسنة، فإذا فعلنا مثل فعله ووزعنا اللحم لوجه الله نكون عملنا عملاً حسناً، فهل تكون هذه البدعة ضلالة، والضلالة إلى النار؟
البدعة كلها ضلالة كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح في خطبة الجمعة: (أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة) رواه مسلم في الصحيح، زاد النسائي: (وكل ضلالة في النار) بإسناد حسن، وفي الحديث الآخر يقول عليه الصلاة والسلام: (إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا هذا -يعني في ديننا- ما ليس منه فهو رد) يعني فهو مردود، متفق على صحته، ويقول أيضاً عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). فالبدع كلها مردودة وكلها غير حسنة وكلها ضلالة، وما ذكرته عن عمر لا أصل له، ما ذكرت عن عمر ليس له أصل ولا نعلم رواه أحد يعتمد عليه، نعم ثبت عن عمر -رضي الله عنه- أنه لما رأى الناس أوزاعاً في المسجد بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم- في خلافته يصلون في رمضان أوزاعاً جمعهم على إمامٍ واحد على أبي بن كعب يصلي بهم، ثم إنه مرَّ عليهم بعض الليالي وهو يصلي بهم فقال: (نعمت البدعة هذه)، سماها بدعة من جهة اللغة؛ لأن البدعة في اللغة ما أحدث على غير مثال سابق يقال له بدعة، وإلا فليست بدعة النبي فعل التراويح وصلاها بالناس فليست بدعة، وكان يقرهم على فعلها في المساجد عليه الصلاة والسلام، ولهذا جمعهم عمر عليها واستقر الأمر على ذلك إلى يومنا هذا، فالتراويح في المساجد ليست بدعة، ولكن سماها عمر بدعة من جهة اللغة، وإلا فهي سنة وقربة وطاعة. أما الصدقة عن الميت فمن أراد أن يتصدق فليس لها حدٌ محدود ولا وقت معلوم يتصدق متى شاء بدراهم أو بطعام يعطيه الفقراء أو ذبيحة يذبحها ويوزعها على الفقراء، كل هذا طيب، لا حرج في ذلك سواءٌ في رمضان أو في غير رمضان، ليس لها حدٌ محدود ولا كيفية محدودة، بل متى تيسر له الصدقة بدراهم أو بملابس أو بطعام أو بلحم كله طيب ينفع الميت إذا كان الميت مسلم ينفعه ذلك.  
 
3- هل تجوز الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بالصيغة الآتية: (اللهم صل على سيدنا محمد وعلى والديه وسلم)؟
هذه الصيغة لا تجوز؛ لأن والديه ماتا في الجاهلية ما يُدعى لهما ولا يصلى عليهما، يقول -صلى الله عليه وسلم-: (استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي)؛ لأنها ماتت في الجاهلية، وقال لرجل سأله عن أبيه، قال: (إن أبي وأباك في النار) رواه مسلم في الصحيح، فلا يُستغفر لأبويه ولا يدعى لهم، ولا يُسبُّون، لا يسبان ولا يدعى لهما، ولكن الصلاة المشروعة بينها النبي للأمة عليه الصلاة والسلام قال: (قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد)، وهناك صفة أخرى جاءت بغير هذه الصفة كلها ثابتة بصفة أخرى معروفة، إذا أتى بواحدٍ منها، إذا أتى الإنسان بواحدٍ منها فقد فعل السنة، ومنها: (اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد)، ومنها: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد) ومنها: (اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آله إبراهيم إنك حميد مجيد)، هذه وغيرها مما صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أتى بواحدة منها فقد فعل السنة، ويقول هذا أيضاً في الصلاة هذه الصلاة يؤديها في التشهد الأول أفضل أيضاً يستحب في التشهد الأول، ويأتي بها في التشهد الأخير بعدما يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله يأتي بهذه الصلاة التشهد الأخير قبل أن يسلم، وقد أوجب ذلك جماعة من أهل العلم واعتبر ذلك بعضهم ركناً في الصلاة، فينبغي للمؤمن أن لا يدعها في الصلاة في التشهد الأخير بعد الشهادتين يقول: (اللهم صل على محمد...) إلى آخره، ثم يتعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال، ويدعو بما أحب وتيسر من الدعوات، هذا في التشهد الأخير، ويستحب أيضاً أن يأتي بالصلاة في التشهد الأول على الصحيح، بعد الشهادتين يأتي بهذه الصلاة ثم يقوم إلى الركعة الثالثة، ويستحب الإكثار منها في جميع الأوقات، الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في الليل والنهار، وإذا مر ذكره عليه الصلاة والسلام صلى عليهِ عليه الصلاة والسلام، كل هذا مما شرعه الله يقول -صلى الله عليه وسلم-: (من صلى عليَّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً) ويقول -صلى الله عليه وسلم- لما جاءه جبرائيل قال: (قل: آمين، قل: آمين، قل: آمين، فقال: آمين، آمين، آمين، فقال له جبرائيل: رغم أنف امرئ ذُكرتَ عنده فلم يصلِّ عليك، قل: آمين، فقلت: آمين)، كررها ثلاثاً. فهذا يدل على شرعية الصلاة والسلام عليه عنده ذكره عليه الصلاة والسلام، وفي التشهد الأخير وفي الأول لفعله -صلى الله عليه وسلم- ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: (من صلى عليَّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً)، اللهم صل عليه وسلم، وإذا اختصر وقال: اللهم صل وسلم على رسول الله عند ذكره كفى إن شاء الله، لكن إذا جاء بالصيغة التي جاءت عنه -صلى الله عليه وسلم- كاملة هذا أفضل وأقرب.  
 
4- إذا تعلمت تلك الصيغة التي سألتكم عنها من أحد المشائخ فهل أصلي خلفه أو لا؟
هذا يحتاج إلى تفصيل يُسأل عنه أهل العلم إن كان موحد من أهل الإسلام يصلى خلفه وينبه على خطئه أن هذا خطأ، الصلاة على والدي النبي خطأ يبين له الخطأ، وإذا كان مسلماً موحداً لا يعبد القبور وأصحاب القبور ولا يشرك بالله شيئاً يصلى خلفه إلا أن يكون عنده بدعة ظاهرة فيُسعى في إزالته عن الإمامة عند ولاة الأمر، لا يكون الإمام مبتدعاً ولا مشركاً، المقصود إذا كان الإمام مسلماً معروفاً بالتوحيد وعدم البدعة يصلى خلفه، وإذا كان يقول هذا: اللهم صل عليه وعلى والديه، ينبه إلى أن هذا الخطأ، فإن أصر على هذا لا يصلى خلفه، وإن تاب فالحمد لله.  
 
5- هل يظهر النبي صلى الله عليه وسلم في المنام لبعض الناس؟ أي أنهم يرونه في المنام، كما أنه قال لي أحدهم: إن شيخه يجالس النبي صلى الله عليه وسلم وهو مستيقظ وليس نائماً، فهل هذا صحيح؟!!!!!!
ليس بصحيح أنه يراه في اليقظة، النبي -صلى الله عليه وسلم- توفي؛ كما قال جل وعلا: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ (30) سورة الزمر، فقد توفي بإجماع المسلمين عليه الصلاة والسلام، وروحه في أعلى عليين في الجنة، وبدنه في الأرض في بيته عليه الصلاة والسلام في بيت عائشة دفن، لكن يُرى في النوم، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي)، فإذا رآه الإنسان في صورته: رَبعة من الرجال من أجمل خلق الله، لحمته بيضاء مشربة بحمرة، كث اللحية عليه الصلاة والسلام، إذا رآه في صورته عليه الصلاة والسلام فقد رآه في صورته عليه الصلاة والسلام، أما إذا رآه ما له لحية أو لحيته شائب أبيض اللحية أو رآه قصير، أو رآه أسود فلم يره عليه الصلاة والسلام؛ لأنه قال: (فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي)، فالشيطان قد يتمثل في صور شتى ويقول إنه النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى يضر الناس وحتى يخدع الناس بما يمليه عليهم من الباطل، وإذا رأيت في منامك من يقول أنه النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر بشيء يخالف الشرع فاعلم أنه الشيطان، إذا أمرك رأيته في المنام يقول: ترى لا بأس بالزنا، أو لا بأس بعقوق الوالدين أو لا بأس بالربا أو بالسرقة أو ما أشبه ذلك مما يخالف الشرع فاعلم أنه شيطان؛ لأن الرسول لا يأمر بالشر ولا يأمر بالفحشاء ولا ينهى عن المعروف عليه الصلاة والسلام.  
6- لي والدة متسلطة، فهي دائماً تخلق لي ولزوجتي المشاكل، بل ولإخوتي الآخرين، وأنا بشكل أخص، فمن ذلك أنها تفضل زوجات أخي بسبب الراتب الذي يتقاضينه بعكس زوجتي التي ليس لديها راتب.. ويستمر في سرد قضايا كهذه القضية سماحة الشيخ، ويرجوكم التوجيه؟
نوصيك بالوالدة خيراً، نوصيك أيها الأخ بالوالدة خيراً وأن تعفو عما يقع منها، وأن تخاطبها بالتي هي أحسن، وتطلب منها السماح والعفو عما قد يقع منك أو من زوجتك، وإذا فضلت بعض الزوجات لأجل ما يحصل من الدراهم اللي عندهم لا حرج عليها في مقابلة المعروف بالمعروف، إذا كانوا يعطونها من رواتبهم وتفضلهم في بعض الشيء لأجل ما يحصل منهم من المساعدة لها لا بأس، الرسول يقول: (من صنع إليكم معروفاً فكافئوه) فإذا كافأتهم بكلام طيب أو بهدية ولم تعطِ زوجتك مثلها فلا بأس؛ لأنهم أحسنوا إليها، المقصود أن عليك أن تعامل الوالدة بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، وتوصي زوجك بالكلام الطيب والأسلوب الحسن مع الوالدة، وما حصل من الوالدة من بعض التفضيل للزوجات، زوجات إخوتك لا حرج فيه إذا كان للأسباب التي ذكرت، وبكل حال حتى لو أخطأت عليك الوالدة وحتى لو سبتك عليك بالرفق والكلام الطيب وطلبها العفو والسماح عنها؛ لأن حقها عظيم، حق الوالدين عظيم وحق الأم أكبر. قال رجل: يا رسول الله من أبَرُّ؟ قال: (أمك)، قال: ثم من؟ قال: (أمك)، قال: ثم من؟ قال: (أمك)، قال: ثم من؟ قال: (أباك، ثم الأقرب فالأقرب) فالأم لها شأن عظيم، فعليك أن تحرص على رضاها وعلى معاملتها بالتي هي أحسن وإن أساءت إليك وإن تعدت عليك، عليك أن تصفح وتعفو عنها وتطلب رضاها دائماً، وهكذا زوجتك عليها أن تجتهد في المعاملة الطيبة مع أمك، أصلح الله حال الجميع. - جزاكم الله خيراً، الواقع سماحة الشيخ كما تفضلتم كثيراً ما يصل شكاوى من الزوجات من أمهات الأزواج لعلها مناسبة كريمة أن تتفضلوا بتوجيه الزوجات كي ما يكنَّ عوناً للأزواج على البر بالأمهات؟ ج/ نعم، الواجب على الزوجات أن يتقين الله عز وجل، وأن يحرصن على إصلاح الحال بين الرجل وأمه وأبيه، وأن لا يكن سبباً للفساد والشر والعقوق، والواجب على الولد أن يتقي الله في أبيه وأمه وأن يبرهما وأن يحسن معاشرتهما وملاطفتهما حتى ولو أساءا إليه، حتى ولو ضرباه، يجتهد في إرضائهما وطلب السماح منهما، قال الله جل وعلا في كتابه الكريم: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) سورة لقمان، وقال سبحانه: (وَإِن جَاهَدَاكَ) يعني الوالدان وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا (15) سورة لقمان، أمر بمصاحبتهما في المعروف وإن كانا كافرين؛ لعظم حقهما قال: (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) لكن لا تطعهما في المعصية والشرك لا يطاع أحد في المعصية والشرك، لكن تجتهد في العبارات الطيبة والأسلوب الحسن في الاعتذار إليهما وعدم السمع والطاعة لهما في المعصية وأن هذا لا يجوز لك، وأن الرسول نهاك عن الطاعة في المعاصي لأحد من الناس، وتجتهد في دعوتهما إلى الخير وترغيبهما في الخير، وهكذا زوجتك تجتهد في المعاملة الطيبة مع والديك حتى لا تكون سبباً لعقوقك إياهما، أو سبباً لتعديهما عليك، أنت وزوجتك عليكما العناية بحق الوالدين والحرص على إكرام الوالدين والسمع والطاعة لهما في المعروف، وعدم الإساءة إليهما، وإذا أخطأ عليك أو إلى الزوجة فاجتهد في طلب السماح والعفو والصفح وأحسن معهما الخلق والكلام.  
 
7- نحن نقوم ببناء مسجد بالجهود الذاتية، ونجمع زكاة المال وننفقها في هذا المسجد، فهل هذا يجوز؟
الصواب أنه لا تنفق الزكاة في المساجد، الصواب عند جمهور أهل العلم أن الزكاة لا تصرف في المساجد، تصرف في الأصناف الثمانية التي بينها الله في قوله عز وجل: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ) يعني الزكوات إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ (60) سورة التوبة، هؤلاء أصحاب الزكاة، ليس منها المساجد والمدارس، في سبيل: الجهاد، فالواجب على المؤمن والمؤمنة أن يتقوا الله في صرف الزكاة، وأن لا تصرف إلا في أهلها، لا في المساجد ولا في الأغنياء ولا في أولادك ولا في آبائك، ولكن تعطيها الفقراء من إخوتك الفقراء أو أخوالك أو أعمامك أو بني عمك الفقراء أو غيرهم من الناس الفقراء المسلمين.  
 
8- سمعت من بعض أئمة المساجد أنه إذا توفيت المرأة لا يجوز لزوجها أن يغسلها، وذلك لأنها أجنبية عنه بوفاتها، هل هذا صحيح؟
ليس بصحيح، الصواب أن له غسلها إذا ماتت، ولها هي أيضاً أن تغسله إذا مات؛ لأن السنة ثبتت بما يدل على ذلك، وغسَّلت أسماء بنت عميس زوجها الصديق -رضي الله عنه- لما مات، وغسل علي زوجته فاطمة غسل علي -رضي الله عنه- زوجته فاطمة -رضي الله عنها-. فالمقصود أن تغسيل الزوج لزوجته، والزوجة لزوجها أمرٌ لا بأس به؛ لأنه أعلم بها وهي أعلم بحاله، وقد بقيت عرضة بينهما وهي العدة، فلا بأس ولا حرج في تغسيلها له وتغسيلها له.
 
9- يوجد في منزلنا كثير من النمل، وهو مؤذٍ، ولدغاته مؤلمة لا تشفى إلا بعد معالجتها بالمطهرات، وأحياناً حتى بعد تطهيرها يبقى أثر الألم لمدة يوم كامل، وأحياناً أكثر من ذلك، والسؤال: هل يجوز لنا قتل هذا النمل، وهل أن هذا الضرر التي تسببه لنا سبب كاف للقضاء عليه
نعم، إذا آذاكم النمل فاقتلوه ولا بأس، ولكن بغير النار بغير التحريق، يقتل بالمبيدات الأخرى غير النار، ولا حرج في ذلك لأذاه، كما تقتل الفواسق الخمس لأذاها يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (خمس من الدواب كلهن فواسق يقتلن في الحل والحرم: الغراب والحدأة والفأرة والكلب العقور والحُديا). فالمقصود أن المؤذيات من الحيوانات كهذه الخمس وأشباهها والذباب والجعران والنمل وكل شيء يؤذي من هذه الأشياء لا بأس بقتله.  
 
10- نعلم أن هناك مجلساً لذكر الله، وعندنا أصبح مجلس اسمه مجلس الصلاة على النبي، فنقول: اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى والديه وسلم!!! أو: اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم على حسب الإمام؛ فهل هذا المجلس جائز؟
الصلاة على والدي النبي لا تجوز؛ لأن والدي النبي ماتا على الجاهلية فلا يصلى عليهما ولا يدعى لهما، وقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي)، وقال لرجل سأله عن أبيه: (إن أبي وأباك في النار)، فلا يجوز الصلاة عليهما ولا الدعاء لهما، ولكن تصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- تقول: "اللهم صل على محمد" "اللهم صل على نبينا محمد، على سيدنا محمد" هذا طيب، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشراً) في أي وقت، أما جعل مجالس خاصة للصلاة على النبي بصوت جماعي أو بلفظ جماعي هذا لا أصل له، لكن إذا سمعت من يصلي على النبي تصلي عليهِ عليه الصلاة السلام، إذا سمعت من يذكر النبي صليت عليهِ عليه الصلاة والسلام، وأنت في طريقك في بيتك في المسجد تصلي على النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشراً) والله يقول في كتابه العظيم في القرآن: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) سورة الأحزاب، اللهم صل عليه وسلم وعلى آله وأصحابه، وإذا قلت: "اللهم صل على محمد وعلى آله وأصحابه، أو اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته" كله طيب، المقصود الصلاة عليه وعلى آله كله طيب. أما ذكر والديه فهذا لا، ولا يدخل والداه في آله؛ لأنهما لم يسلما، فهما غير داخلين في آله، آله يعني أهل بيته المسلمين وأتباعه هم آله، أتباعه وأهل بيته الطيبون كفاطمة وكزوجاته وكعلي وكالحسن والحسين وغيرهم ممن أسلم من بني هاشم هم من آله، أما أبواه فليسا من آله الذين يصلى عليهم ويدعى لهم؛ لأنهما ماتا على دين الجاهلية.  
 
11- هل يجب على الإنسان أن يكون بينه وبين الله عز وجل واسطة، فمثلاً: أنا لا أصلي لمرضاة لله إلا عن طريق الشيخ!!! ويستشهدون بذلك بالحديث -كما يقولون-: (من لا شيخ له فشيخه الشيطان)!!!!!!!، كما أنهم يقولون: هذا الشيخ يمشي على طريقة الشيخ الرفاعي، وهذا الشيخ يمشي على طريقة الشيخ الشاذلي، هل هؤلاء الأولياء لهم كرامات عند الله بعد أن ماتوا، ولهم طرق يجب علينا اتباعها ليرضوا عنا في قبورهم!!! فنبقى على طرقهم -كما يقولون-؟ ويستمر في السؤال عن هذه القضية،
هذه الطرق كلها مبتدعة: الشاذلية والرفاعية والنقشبندية والخلوتية والقادرية وغير ذلك، كلها طريق صوفية مبتدعة يجب تركها، والطريق الذي يجب سلوكه هو طريق النبي -صلى الله عليه وسلم-، طريق أهل السنة والجماعة، طريق الصحابة -رضي الله عنهم وأرضاهم- الذين تلقوه عن نبيهم عليه الصلاة والسلام، فأنت تتبع ما في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وتسأل علماء السنة عما أشكل عليك هذا هو الواجب عليك. أما قولهم: "من لا شيخ له فشيخه الشيطان" فهذا باطل ما له أصل وليس بحديث، وليس لك أن تتبع طرق الشيخ إذا كان مخالفاً للشرع، بل عليك أن تتبع الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم وأرضاهم- ومن تبعهم بإحسان في صلاتك وفي دعائك وفي سائر أحوالك، يقول الله جل وعلا: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ (21) سورة الأحزاب، ويقول سبحانه وتعالى: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ.. الآية (100) سورة التوبة)، فأنت عليك أن تتبعهم بإحسان باتباع الشرع الذي جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- والتأسي بهم في ذلك وعدم البدعة التي أحدثها الصوفية وغير الصوفية. والله المستعان. المقدم: سماحة الشيخ: في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة الإخوة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير. مستمعي الكرام: كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لسماحة الشيخ، وأنتم -يا مستمعي الكرام- شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

582 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply