حلقة 925: السِّحر، وكيف نقي أنفسنا منه - كفارة اليمين هل يجوز تأخيرها عن وقتها أم أن لها وقتاً محدداً - جلوس المرأة المطلقة مع مطلقها - نصيحة لمن يريد أن يطلق زوجته بسبب سوء عشرتها - مس المصحف لمن كان على غير وضوء - الدعاء للميت بعد الدفن والبقية يؤمنون

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

25 / 34 محاضرة

حلقة 925: السِّحر، وكيف نقي أنفسنا منه - كفارة اليمين هل يجوز تأخيرها عن وقتها أم أن لها وقتاً محدداً - جلوس المرأة المطلقة مع مطلقها - نصيحة لمن يريد أن يطلق زوجته بسبب سوء عشرتها - مس المصحف لمن كان على غير وضوء - الدعاء للميت بعد الدفن والبقية يؤمنون

1- ماذا نقول عن السِّحر، وكيف نقي أنفسنا منه؟

فالسحر محرَّم على المسلمين، وهو من أعمال الشياطين وأتباع الشياطين، وهو كفر وضلال؛ لأنه لا يتوصل إليه إلا بعبادة الجن من دون الله عز وجل، قال الله سبحانه: وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ.. (102) سورة البقرة، فأخبر أنهم كفروا بهذا التعليم، قال بعده: وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ -يعني هاروت وماروت- حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ..، فدل على أن تعليمه كفر لأنهما يقولان للمتعلم: فلا تكفر، فدل على أن تعلمه له كفر، فالواجب الحذر من ذلك، وقال بعده: وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ..، يعني من حظ ولا نصيب، اشتراه -يعني اعتاضه- ثم قال بعده: وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ (103) سورة البقرة، فدل على أن السحر ضد الإيمان وضد التقوى، المقصود أن تعلم السحر يكون بعبادة الشياطين والاستغاثة بهم والذبح لهم والنذر لهم ونحو ذلك، فهو من الكفر الأكبر، فلا يجوز تعلمه ولا تعليمه ولا العمل به، ولا المجيء إلى أهله وسؤالهم ولا تصديقهم، بل يجب الحذر من ذلك، ويكفي في هذا قوله جل وعلا: وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ.. (102) سورة البقرة، وقول الملكين له للمتعلم: لا تكفر، دل على أن تعلمه كفر، وقوله في حق الشياطين: ..يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ (102) سورة البقرة. فالمقصود أنه محرم وشره عظيم، وفيه فساد كبير، مع كونه عبادة لغير الله وكفراً بالله عز وجل، فالواجب توقِّيه والحذر منه. ومن أسباب التوقي: أن يتعوذ المسلم بكلمات الله التامات من شر ما خلق صباحاً ومساء، ثلاث مرات، يقول: "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق"، صباحاً ومساء، وفي كل وقت، هذا من أسباب الوقاية، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نزل منـزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منـزله ذلك)، وقال له رجل: يا رسول ما لقيت من عقرب لدغتني هذه الليلة؟ فقال: (أما إنك لو قلت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم تضرك) وهكذا يقول صلى الله عليه وسلم: (من قال حين يصبح أو حين يمسي: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات لم يضره شيء)، فيستحب للمسلم أن يقول هذا صباح ومساء ثلاث مرات، "بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم"، فهذا من أسباب الوقاية، ومن أسباب الوقاية: قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة وعند النوم، فهي من أسباب السلامة من الشياطين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للذي يقرؤها عند النوم لم يزل عليه من الله حافظ ولم يقربه شيطان حتى يصبح، قاله الشيطان لأبي هريرة وصدَّقه النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (لقد صدقك وهو كذوب)، وكذلك: قراءة (قل هو الله أحد) والمعوذتين ثلاث مرات، بعد صلاة الفجر وبعد صلاة المغرب من أسباب السلامة من كل سوء، وقراءة هذه السور الثلاث بعد الظهر وبعد العصر وبعد العشاء مرة واحدة، كذلك من أسباب السلامة. فنوصي السائلة وغيرها ممن يستمع هذا البرنامج أن يستفيد من هذه الأشياء التي بينها النبي عليه الصلاة والسلام، وأن يتوقى الشر بتعاطي هذه الأذكار الشرعية وهذه التعليمات الشرعية التي بينها النبي عليه الصلاة والسلام، ونوصي جميع إخواننا في ليبيا وأخواتنا في ليبيا وفي غيرها في أفريقيا وفي أوربا وفي كل مكان نوصي الجميع بالعناية بهذا البرنامج نور على الدرب، فإنه برنامج مفيد، ويقوم عليه علماء معروفون بالخير والعلم والفضل، فنوصي جميع إخواننا في كل مكان وجميع أخواتنا في كل مكان في ليبيا وغيرها، نوصي الجميع باستماع هذا البرنامج وباستماع إذاعة القرآن من الإذاعة السعودية فإن برنامج نور على الدرب كذلك ما يذاع في إذاعة القرآن من المحاضرات والخطب كله مفيد، وهكذا ما يذاع من القرآن الكريم الذي هو أصل كل خير القرآن، فنوصي الجميع بالاستماع لهذه الإذاعة إذاعة القرآن، والاستماع لهذا البرنامج نور على الدرب، والاستماع لمحاضرات علماء السنة علماء الحق علماء العقيدة الطيبة في كل مكان؛ لأن هذا من باب تعلم العلم، من باب التفقه في الدين، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)، متفق على صحته، فهذا حديث عظيم، (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)، وسماع هذا البرنامج نور على الدرب من التفقه في الدين، وسماع إذاعة القرآن من المملكة العربية السعودية من التفقه في الدين، والتعلم على علماء السنة والأخذ عنهم في كل مكان من التفقه في الدين، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهَّل الله له به طريقاً إلى الجنة)، رواه مسلم في الصحيح، فنوصي جميع إخواننا وأخواتنا في كل مكان بالتعلُّم والتفقه في الدين والعناية بالقرآن الكريم والإكثار من تلاوته وتدبر معانيه عن ظهر قلب أو من المصحف، وسؤال أهل العلم علماء السنة المعروفين بالعلم والفضل والعقيدة الطيبة، وسؤالهم عن كل ما أشكل مع سماع هذا البرنامج والمحافظة على سماعه نور على الدرب في أوقاته وسماع إذاعة القرآن في كل مكان فإن في ذلك خيراً كثيراً وعلماً جمّاً، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.
 
2- كفارة اليمين: هل يجوز تأخيرها عن وقتها أم أن لها وقتاً محدداً؟
الواجب المبادرة في كفارة اليمين إذا حنث، الواجب المبادرة، هذه قاعدة في الأوامر المبادرة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه)، ويقول جل وعلا: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (16) سورة التغابن، ويقول سبحانه: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا (7) سورة الحشر. فالواجب على المؤمن أن يتقي الله في كل شيء، ومن ذلك المبادرة بأداء الواجب في وقته وأداء كفارة اليمين في وقتها إذا حنث، كفارة الظهار في وقتها، كفارة الجماع في رمضان في وقتها وهكذا، يجب على المؤمن أن يبادر بما أوجب الله عليه في وقته مع الاستطاعة. وكفارة اليمين وضحها الله في سورة المائدة في قوله سبحانه: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ (يعني اليمين) إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ.. (89) سورة المائدة. فهذه كفارة اليمين إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام لا من أعلاه ولا من أدناه، من الأوسط، وإذا أخرج من الأعلى كان أفضل، إذا أنفق من الأعلى كان أطيب وأفضل، فإذا حنث قال: الله ما أكلم فلان، وكلمه، أو والله ما أسافر، وسافر، أو ما أشبه ذلك يبادر بالكفارة، إذا حنث بترك ما حلف عليه أو فعل ما حلف على تركه، يبادر بالكفارة بإطعام عشرة مساكين كل مسكين نصف الصاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم من قوت البلد، قوت بلده، رز أو تمر أو شعير أو ذرة أو حنطة، قوت بلده، (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)، أو يكسوهم كسوة كل واحد له قميص، أو إزار ورداء، أو عتق رقبة، عتق عبد ولا عبدة، مخير، ومقدار نصف الصاع كيلو ونصف تقريباً هذا نصف الصاع، من قوت البلد بلده هو، لا يتكلف، من قوت بلده، متوسط، وإن أخرج من الأعلى كان أفضل وأكمل، لكن لا يجوز أن يخرج من الأدنى، الله يقول سبحانه: وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ (267) سورة البقرة، الخبيث: الرديء، ولكن المؤمن يخرج من الوسط أو من الأعلى، وهكذا الزكاة تكون من الوسط أو من الأعلى، فإن عجز صام ثلاثة أيام، والأفضل تكون متتابعة؛ لأن بعض أهل العلم أوجب أن تكون متتابعة فالأفضل الاحتياط، وأن تكون متتابعة إذا عجز عن الإطعام وعن الكسوة وعن الرقبة.
 
3- هل يجوز للمرأة المطلقة أن تجلس مع مطلقها إذا كان لها منه أولاد؛ فتجلس هي وأولادها معه؟
لا مانع من جلوس المطلقة مع مطلِّقها سواء كان لها أولاد أو ما لها أولاد، الله يقول: وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ (237) سورة البقرة، فإذا جلست معه أو سلَّمت عليه أو ردت عليه السلام، أو سألته عن حاله وعياله كل هذا لا بأس به، لكن من دون خلوة، يكون معهم غيرهم بحضرة أخيها أو أبيها أو أبي زوجها أو أمه أو بعض أخواته، المقصود لا تخلو به؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى الخلوة، يقول صلى الله عليه وسلم: (لا يخلُونَّ رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما)، فإذا كلمته من غير خلوة أو سلمت عليه أو جلست في مجلس هو فيه للتحدث بالحديث الجائز فلا حرج في ذلك، والحمد لله.
 
4- أنا متزوج منذ ما يقارب أربع عشرة سنة، وعندي من الأولاد ولدين وأربع بنات وأحمد الله وأشكره على ذلك، والدي ووالدتي يعيشون معنا من حين لآخر، وهم طاعنون في السن، ولا يقدرون الإقامة معنا، ولا يستطيعون القيام بشئونهم، ولا يجدون الراحة النفسية من زوجتي عندما يكونون عندنا، وأنا أحس بالإرهاق؛ لأنني تحملت كثيراً لزوجتي لعل الحال يتغير ولكن بدون جدوى، وأنا أعرف مدى التأثير الذي سيلحق الأولاد عندما أقرر الانفصال، أرشدوني -جزاكم الله خيراً- إذ أنني في حيرة من أمري؟
نوصيك بالإحسان إلى والديك ولو بزوجة ثانية تكون عندهما إذا استطعت تتزوج ثانية تكون عندهما في بيتهما تخدمهما، وأنت على خير ولا تعجل في الطلاق لأم أولادك، وعليك بنصيحتها وتوجيهها إلى الخير وإخبارها بأن لوالديك حقاً عليك عظيماً، وأن لها أجراً عظيماً إذا أحسنت إليهما وساعدتك على برهما، فلا تعجل بالطلاق، وادع لها بالهداية وانصح لها وقل لأبيها أو أمها أو أخواتها أن ينصحوها، وعلى والديك أن يتسامحا معها وأبشر بالخير العظيم، وعلى والديك التسامح والصبر؛ لأن بقاءها مع أولادها قد يكون فيه الخير العظيم والمصلحة، فالوصية ألا تعجل وأن تنصحها وتوصيها بالخير وترفق، وهكذا والداك عليهما أن يتحملا بعض الشيء وأن يصبرا بعض الشيء، وعلى والديها وأقاربها أن ينصحوها ويوجهوها إلى الخير، وإذا تيسر لك زوجة ثانية تكون عند والديك تخدمهما لعلها تكون أطيب من هذه بالنسبة إليهما فهذا طيب.
 
5- موضوع مس المصحف الشريف لمن كان على غير وضوء: أرجو التفصيل في هذا الموضوع، حيث أنني لا يمكن أن أستغني عن لمس المصحف أبداً، سواء كان للعبادة، أو لتعليم الأولاد، أو للحفظ، والوضوء يكون فيه مشقةٌ كبيرة مما يؤدي إلى هجري لكتاب الله عز وجل، مع ذكر الأدلة ما أمكن؟
مس المصحف بيَّن النبي حكمه عليه الصلاة والسلام وقال: (لا يمس القرآن إلا طاهر)، والله يقول جل وعلا: لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) سورة الواقعة، فالواجب على من أراد مس المصحف أن يتوضأ ويمس المصحف ويقرأ فيه أو يقرأ عن ظهر قلب، لكن إذا دعت الحاجة إلى مسه فإنه يمسه من دون حائل، يكون في يديه حائل يمسه بها كالقفازين أو غيرهما عند الحاجة، وإلا فالواجب الوضوء حتى يتمكن من مسه بدون كلفة وبدون مشقة وبدون حائل، أما الجنب فلا يقرأ حتى يغتسل ولا يمس المصحف أيضاً لا يقرأ ولا يمس المصحف، وهكذا الحائض لا تمسُّ المصحف ولكن تقرأ عن ظهر قلب على الصحيح؛ لأن مدتها تطول، وهكذا النفساء ليست من جنس الجنب مدة الحيض تطول والنفاس أكثر، فلهما أن تقرأا على الصحيح عن ظهر قلب، وإذا دعت الحاجة إلى مس المصحف يكون من وراء حائل للحاجة لمراجعة آية أو آيات أو مُعلم يحتاج إلى ذلك.
 
6- رجل يزرع في قطعة أرضٍ مملوكة للدولة مساحتها قيراط واحد، وبعد موته قام بزراعتها واحد من الورثة، لكنه استصلح حول هذا القيراط تسعة قراريط أخرى بجهوده وجهود أولاده، فهل يحق لباقي الورثة المطالبة بشيء من هذا الجزء الذي استصلحه هذا الشخص وأولاده؟
هذا يتعلق بالمحكمة والدولة، فيراجع المحكمة وفيما تراه المحكمة الكفاية، إن شاء الله.
 
7- عندما يدفن الميت يقوم أحد الأشخاص بالوقوف أمام القبر ويدعو بصوت مرتفع وباقي المشيعين يؤمِّنون على دعائه، هل هذا جائز أم هو من المبتدعات؟
لا حرج في ذلك، النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: (استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل)، فالسنة أن يسألوا كلهم كل واحد يقول: اللهم اغفر له، اللهم ثبته عند السؤال، اللهم ثبته على الحق، وإذا قال واحد وأمن الباقون فالحمد لله لا حرج في ذلك، ولكن الأفضل أن كل واحد يدعو مثلما قال -صلى الله عليه وسلم-: (استغفروا لأخيكم) كل واحد يقول: اللهم اغفر له، اللهم ثبته على الحق، هذا من حق المسلم على أخيه، ويكفي، والحمد لله، وإن قام واحد وقال: اللهم اغفر له، اللهم ثبته على الحق، فقالوا: آمين، حصل المقصود إن شاء الله، لكن كون كل واحد يدعو بنفسه يمتثل الأمر يكون هذا هو الأفضل.
 
8- لقد ضايقني كفيلي وحملني أكثر مما أطيق، وذات مرة قلت: تكون زوجتي طالق إذا رجعت مرةً ثانية -أسمعت بها نفسي-، ثم رجعت مرةً ثانية، مع العلم أنني ذهبت إلى بلدي ومكثت فيه ستة أشهر ثم رجعت، والآن مر أكثر من عامٍ ونصف، مع العلم أيضاً -أن ذلك من باب التحدث بالنعم- أنني من حفظة كتاب الله، وأحفظ القرآن كله تقريباً، وكنت أعلِّم ابن كفيلي أحكام التجويد؟
إن كنت أردت بقولك: إذا رجعت فامرأتك طالق وقصدك الامتناع من الرجوع وليس قصدك إيقاع الطلاق، قصدك منع نفسك من الرجوع وليس قصدك بذلك تطليق امرأتك فهذا حكمه حكم اليمين، وعليك كفارة يمين. أما إن كنت قصدت الطلاق فإنه يقع الطلاق إن لم يمنع مانع من وقوعه، فالحاصل أنك تسأل قاضي البلد عندك تحضر مع المرأة ووليها حتى يرشدك القاضي إلى الواجب، المقصود أن هذا فيه تفصيل، وفيما تراه المحكمة لديكم إن شاء الله الكفاية.
 
9- يصف نفسه بأنه كان عاصٍ لله ثم تاب لله تعالى، لكنه أيضاً وقع في معصيةٍ بعد التوبة، وحينئذٍ سببت له قلقاً شديداً، ويسأل: هل سيعاقبه الله، وهل سيقبل منه توبته، علماً بأنه تاب إلى الله وبدأ يقرأ القرآن كثيراً، ويبكي من خشية الله؟
هذه من نعم الله، التوبة من نعم الله العظيمة، والحمد لله الذي من الله عليك بالتوبة، وإذا كانت التوبة صادقة قد اشتملت على شروطها الثلاثة وهي: الندم على الماضي من المعاصي، وتركها والحذر منها، والعزم ألا يعود فيها، وهو صادق في ذلك، حمله على هذا خوف الله وتعظيمه والإخلاص له، فإن الذنوب تمحى بهذه التوبة. والمعصية الجديدة عليه التوبة منها وحدها والتوبة السابقة قد محا الله بها ما مضى، ولا يخفْ، ما دام تاب توبة صادقة خالصة لله نادماً على الماضي تاركاً للماضي وعازماً عزماً صادقاً ألا يعود فيه فإن الله يمحوه بذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (التوبة تَجبّ ما قبلها)، يعني تهدم ما قبلها، ويقول عليه الصلاة والسلام: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، أما المعصية الجديدة فعليه التوبة منها توبة جديدة وإذا تاب من المعصية الجديدة محاها الله عنه أيضاً إذا تاب توبة صادقة بالندم عليها، والإقلاع منها والحذر منها، والعزم ألا يعود فيها عزماً صادقاً خائفاً من الله تعظيماً لله مخلصاً لله محاها الله مثل التي قبلها، إلا إذا كانت المعصية تتعلق بالمخلوق يتعدى على مخلوق أخذ ماله ضربه سفك دمه، هذه لها شرط رابع، لا بد من إعطاء المخلوق حقه، أو تحلله، فلا تتم التوبة من حق المخلوق إلا بشرط رابع، وهو: أن يعطيه الحق أو يتحلَّله من حقه ويسمح له.
 
10- كيف أقوم الليل، وفي أي ساعة بالتحديد، علماً بأنني أنتهي من عملي الساعة العاشرة والنصف في الليل، ثم كم عدد الركعات التي أصليها لقيام الليل بالتفصيل؟
تقوم من الليل حسب التيسير، ما يسر الله لك تقوم، الأفضل في آخر الليل في الثلث الأخير، وإذا صليت في وسط الليل أو في أول الليل كله طيب، وتصلي ثنتين ثنتين ثم تختم بواحدة، تقرأ فيها الحمد وقل هو الله أحد، وليس في هذا حد محدود، تصلي ما تيسر لك من الثلاث خمس سبع تسع إحدى عشر ثلاثة عشر هذا أكثر ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر صلى الله عليه وسلم، وإن صليت أكثر من ذلك عشرين أكثر وتوتر بواحدة كله طيب، المقصود مثلما قال صلى الله عليه وسلم: (اكلفوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (أحب العمل إلى الله ما دام عليه صاحبه وإن قلَّ)، ولو قليل، بعد صلاة العشاء تصلي واحدة، ركعة واحدة وتر، بعد الراتبة، أو تصلي ثلاث تسلم من ثنتين ثم تصلي واحدة وتر، أو تصلي خمس تسلم من كل ثنتين أو تسردها جميعاً كل ذلك لا بأس، على حسب التيسير لا تتكلف، اتق الله ما استطعت، وهي نافلة ليست واجبة، والأفضل إذا تيسر لك أن تكون الصلاة في آخر الليل في الثلث الأخير فهذا أفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (ينـزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول سبحانه: من يدعو لي فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له؟! حتى ينفرج الفجر)، فإذا تيسر لك في آخر الليل فهذا أفضل، ويقول صلى الله عليه وسلم: (من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل)، ويقول أبو هريرة رضي الله عنه: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل النوم. وهكذا أوصى أبا الدرداء، والسبب -والله أعلم- أنهما كانا يدرسان الحديث في أول الليل ويخشيان ألا يقوما من آخر الليل فأوصاهما بالقيام والوتر في أول الليل، أما الذي يطمع في آخر الليل ويستطيع فهو أفضل كما تقدم. وفق الله الجميع.

414 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply