حلقة 79: إذا تزوجت المتوفى عنها زوجها فلمن أولاده - كثرة التثاؤب في الصلاة - اجتماع الأيام البيض مع الاثنين والخميس - وطء الناس والدواب على القبور - حكم جماع الحائض والنفساء - حكم صيام المرأة التي أتاها الحيض بعد الإفطار

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

29 / 50 محاضرة

حلقة 79: إذا تزوجت المتوفى عنها زوجها فلمن أولاده - كثرة التثاؤب في الصلاة - اجتماع الأيام البيض مع الاثنين والخميس - وطء الناس والدواب على القبور - حكم جماع الحائض والنفساء - حكم صيام المرأة التي أتاها الحيض بعد الإفطار

1- عندي ولد عمي توفي وله بنت وبقت حي، وبقيت هي ووالدتها في الدار بعد وفاته، يقول: وبعد وفاته تزوجت زوجته، وأخذت زوجاً غريباً عن عشيرتي ولا من أقربائي، فأخذت البنت معها، ولم تعطينيها وأنا أقرب الأقربين إليها، فذهبت إلى المحكمة الشرعية فقدمت شكوى، وجرت المرافعة بيني وبين أم البنت، والقاضي أعطى الحق إلى أم البنت، هل هذا صحيح؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعـد : فالحضانة للأطفال الصغار من الذكور والإناث تدور في الأغلب على رعاية المصلحة، سواء كانت المصلحة في جانب الأم أو في جانب الولي الذي هو من جهة الأب، والقاضي هو الذي ينظر في هذه المسائل، ويقدر المصلحة، وهذه القضية التي ذكرتها أيها السائل، وهي كون ابن عمك توفي وخلف ابنة، وهذه الابنة تزوجت أمها ورأى القاضي أن تكون مع أمها، هذه من جملة وسائل الحضانة التي ينظر فيها القاضي ويراعي الأصلح، فإذا رأى القاضي أن الأصلح بقاؤها مع أمها المزوجة، فلا بأس، ويقدم ذلك على ابن عمها بل وعلى عمها، بل وعلى أبيها إذا رأى القاضي أن بقائها مع أمها أصلح من تسلميها لأبيها لو كان موجوداً مُطلِّقاً، إن كان طلق أمها، وكان موجوداً، ورأى القاضي أن دفعها إلى أبيها لا يصلح؛ لفسقه و بدعته أو نحو ذلك، أو لأسبابٍ أخرى، فهكذا من باب أولى إذا رأى أن لا تسلم لعمها، أو جدها أو ابن عمها، فبكل حال ينبغي لك-يا أخي- أن لا تتأثر بهذا، وأن تحسن الظن بما فعله القاضي وهو-إن شاء الله- موفق؛ لأن وجودها عند أمها فيه مصالح كثيرة، ولا سيما إذا كان زوجها طيباً ولا يُخشى منه عليها شر.  
 
2- أنا كثير التثاؤب وخصوصاً في صلاة الفجر، مما يعطلني كثيراً عن الصلاة، وقد يصيبني أربع أو خمس مرات بالذات في صلاة الفجر، حيث أنا قلق بسبب هذا التثاؤب الذي أخبر عنه النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه من الشيطان، كيف أقي نفسي منه؟
التثاؤب لا شك من الشيطان، كما قاله النبي-صلى الله عليه وسلم- : (إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب)([1])، وأخبر (أن التثاؤب من الشيطان)([2])، وأن السنة للمؤمن إذا تثاءب أن يكتم ما استطاع، وأن يضع يده على فيه، وأن لا يقول هااه فإن الشيطان يضحك منه، فالسنة في مسألة التثاؤب أن يكتم ما استطاع، وأن لا يتكلم عند التثاؤب، وأن يضع يده على فيه، وإذا ابتلي به الإنسان؛ فإنه يعالجه بما يستطيع من الطرق التي تزيله وهو في الغالب ينشأ عن الكسل والبِطنة والشبع، فلعلك-أيها السائل- تتأخر في النوم، فإذا قمت للفجر قمت وأنت كسلان، ضعيف، لم تأخذ حظك من النوم، فلهذا يصيبك التثاؤب وكثير في صلاة الفجر، فنصيحتي لك-أيها السائل- أن تبكر بالنوم حتى تأخذ حظك الكثير الطيب من النوم فتصبح نشيطاً طيبا، وأوصيك أيضاً إذا قمت من النوم أن تفعل ما شرعه الله بأن تقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور، هكذا علمنا النبي-عليه الصلاة والسلام- عند قيامه الليل، فينبغي أن تقول هذا إذا قمت من النوم آخر الليل، تقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهكذا، إذا استيقظت في أثناء النوم تقول هذا أيضاً، وتقول أيضاً عند قيام آخر الليل : الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور، وعند هذا يزول هذا التثاؤب-إن شاء الله- لأنه من الشيطان، والذكر يطرد الشيطان، والتبكير في النوم يزيل الكسل والضعف الذي يحصل لمن تأخر نومه، فإذا اجتمع التبكير بالنوم مع ذكر الله-عز وجل- عند القيام من النوم فإن الله-عز وجل- يزيل عنك هذا التثاؤب، وهكذا الوضوء الشرعي يعين على ذلك، فعليك أن تفعل ما شرعه الله من التبكير بالنوم، ومن الذكر عند الاستيقاظ، والله-جل وعلا- يعينك ويزيل عند هذا الشر الذي تأذيت به وقلقت منه.  
 
3- أنني أصوم الأيام البيض من كل شهر، وأحيانا يصادف صيام الاثنين، أو يوم الاثنين، أو يوم الخميس، أي اليوم الرابع مثلا إذا ابتدأ صيامي بالجمعة والسبت والأحد، هل يجوز لي أن أصوم اليوم الرابع، إذا كان يوم الاثنين أو خميس؟، تقول: أرجو من فضيلتكم أن تفتوني في ذلك وفقكم الله؟
نعم، إذا كنتِ تصومين أيام البيض وصادف اليوم السادس عشر يوم الاثنين، أو الخميس وأحببت الصوم، فلا بأس، لأنه يوم فاضل، يوم الاثنين والخميس إن-شاء الله- صيامهما مستقلين، لأن النبي-عليه والسلام- كان يصومهما، ويقول: إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم، فإذا صمتِ أيام البيض وصادف اليوم السادس عشر يوم الاثنين أو الخميس وأحببت صومهما، فهذا حسن، فهما يومان عظيمان.  
 
4- توجد لدينا مقابر ولا يوجد عليها أحواش وتوجد بداخلها أشجار منوعة، وتدخل الدواب في المقبرة وبعض الناس، يقضون حاجتهم من خلف القبور، فما الحكم في ذلك؟
المقابر التي يساء إليها بمشي الناس فوقها، أو الدواب أو يقع عليها بعض الزبل أو يتخلى بينها، ينبغي أن تحوش، ينبغي أن تسور، يتعاون أهل البلد في تسويرها في ذلك، يمنع الدواب ويمنع تساهل النار بالمرور عليها، وإذا عجز أهل البلد يكتبون لوزارة الشؤون البلدية والقروية، وهي-إن شاء الله- لا تقصر في هذا بأن تساعد في تسوير المقابر حتى لا تمتهن، ولا يجوز للمسلم أن يبول بين القبور أو يتخلى بين القبور، هذا لا يجوز له، ولا يجوز أيضاً المشي فوقها وإهانتها، كل هذا لا يجوز، وإذا كانت هناك أشجار قد تسبب دخول البهائم المقبرة وإيذاء المقبورين فينبغي أن تقطع، وتزال هذه الأشجار المؤذية التي تسبب امتهان القبور، وإيذاء الموتى، فتقطع هذه الأشجار حتى لا يبقى سبب لدخول هذه البهائم التي قد تحفر القبور وتسبب امتهانها.  
 
5- سمعت من بعض الناس يقولون: إذا جامع الرجل زوجته قبل أن تغلق الأربعين يوما-يعني من النفاس- كأنه يزني بها، وما الحكم لو فعل ذلك، هل يلزمه كفارة، أو التوبة إلى الله، وإذا جامعها وهي حائض يقولون نفس الكلام، أفيدونا جزاكم الله عنا كل خير.
الحائض والنفساء لا يجوز للزوج جماعهما، حرام على الرجل أن يجامع زوجته في الحيض أو في النفاس، لأن الله –سبحانه- يقول:وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) سورة البقرة. فلا يجوز للزوج أن يأتي الزوجة في حال الحيض حتى تغتسل تطهر وتغتسل من حيضها، ثم له أن يجامعها، وكذلك النفساء ليس له أن يأتيها في حال، ما دام الدم موجوداً، فإذا طهرت واغتسلت جاز له جماعها، ولو كانت في الأربعين، فلو طهرت لشهرٍ فاغتسلت جاز له أن يجامعها في العشر الباقية، فإن عليها أن تصلي وتصوم وتحل لزوجها في بقية الأربعين لأن ...... النفاس ليس له حد، قد تطهر لعشرين، قد تطهر لثلاثين،و قد تطهر لأقل أو أكثر، فإذا طهرت واغتسلت عليها أن تصوم وتصلي، ولزوجها أن يأتيها في وقت الطهر، أما في وقت الدم فلا، فإذا تمت الأربعين، إذا أكملت الأربعين وجب عليها أن تغتسل ولو كان الدم موجودا، لو استمر معها الدم حتى كملت الأربعين، فإنها تنتهي المدة، فعليها أن تغتسل ولو كان الدم جارياً، وتصلي وتصوم وتعتبر هذا الدم دماً فاسداً لا يمنعها من صومها وصلاتها، ولا يمنع زوجها من قربائها؛ لأن هذا الدم المستمر يعتبر دماً فاسداً بعد تمام الأربعين، لأن نهاية النفاس وتمامه الأربعون، فإذا انتهت الأربعون؛ فإن النفاس قد انتهى، فعلى المرأة أن تغتسل وعليها أن تصلي وتصوم إذا كان في رمضان، وتحل لزوجها ولو كان الدم جارياً؛ لأنه والحال ما ذكر يكون دم فساد لا يعتبر، وإذا جامع الرجل امرأته في الحيض، أو في النفاس، فقد أساء وأثم وأتى كبيرةً من الكبائر، فالواجب عليه أن يتقي الله، وأن يتوب إليه-سبحانه وتعالى- عما فعل والتوبة تجب ما قبلها، وعليه-مع ذلك- في أصح قولي العلماء الكفارة، وهي نصف دينار أو دينار، إذا أتى زوجته في الحيض ومثله النفاس، عليه الكفارة مع التوبة إلى الله والندم والإقلاع، وال..... الصادق أن لا يعود في ذلك وعليه كفارة وهي دينار أو نصف دينار من الذهب أو قيمة من الفضة، ومقداره نصف الدينار من الجنية السعودي اليوم سهمان من سبعة، لأن الجنيه السعودي اليوم ديناران إلا ربع يعني مثقالان إلا ربع، فنصف الدينار منه سهمان من سبعة، والدينار أربعة من سبعة، فعليه أن يكفر بذلك إذا أتى زوجته وهي حائض أو نفساء، ينظر في صرف الجنيه السعودي فإذا عرف أن الصرافين يخرج مقدار سهمين من سبعة من الجنية، من صرف الجنيه، ويتصدق به على بعض الفقراء، أو أربعة من سبع من غير الدينار فيتصدق به على بعض الفقراء توبةً إلى الله-عز وجل- وكفارةً لما أتى من الوطء في الحيض أو النفاس وقت وجود الدم، أما بعد الطهر فليس في ذلك شيء، إذا طهرت واغتسلت من حيضها أو نفاسها حلت للزوج كما تقدم.   
 
6- امرأة صامت في رمضان، ولما جاء يوم من أيام رمضان وجاء المغرب وأذن المؤذن أفطرت، وبعد ذلك ذهبت للوضوء للصلاة، ولكنها وجدت العادة الشهرية قد جاءتها، فهل صيامها صحيح، أم لا؟
إذا حصل الدم بعد غروب الشمس فإن الصوم صحيح، إذا لم تعلم وجود الدم إلا بعد غروب الشمس؛ فإن الصوم صحيح ذلك اليوم، أما إذا أتاها الدم قبل غروب الشمس وتيقنت ذلك، فإن هذا الصوم لا يصح، بل عليها أن تعيده، أن تقضيه، فينبغي أن يُعلم ذلك، إن أتاها الدم بعد الغروب فصومها صحيح، أو لم تعلم ذلك إلا بعد الغروب فصومها صحيح، إذا كانت ما تعلم أنها حصل في النهار وإنما تيقنته في الليل فصومها صحيح، أما إن علمت أن الدم أصابها قبل غروب الشمس، وأنه خرج منها شيء قبل غروب الشمس، فإن هذا الصوم الذي خرج فيه الدم قبل غروب الشمس يكون غير صحيح، وعليها أن تقضيه بعد رمضان. مثل هذه الحالة المرأة لم تعلم إلا بعد أن ذهبت للوضوء بعد الإفطار، فإن شاء الله –تعالى- صومها صحيح. صومها صحيح.   

392 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply