حلقة 804: حكم صلاة العيد إلى المقابر - حكم الصلاة خلف إنسان مسبل وحالق للحيته - كيفية التهاني بعيد الأضحى المبارك - زيارة الأقارب الذين لا يصلون - الكتاب الذي يفيد المرأة في حياتها الأخرى - الأجل والصحة بقدر الله

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

4 / 50 محاضرة

حلقة 804: حكم صلاة العيد إلى المقابر - حكم الصلاة خلف إنسان مسبل وحالق للحيته - كيفية التهاني بعيد الأضحى المبارك - زيارة الأقارب الذين لا يصلون - الكتاب الذي يفيد المرأة في حياتها الأخرى - الأجل والصحة بقدر الله

1- هل تجوز صلاة العيد إلى المقابر، وتكون المقبرة أمامهم، وبماذا تنصحوننا؟

بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعــد: فالصلاة إلى القبور لا تجوز؛ لأنه ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها). رواه مسلم في الصحيح، فالقبر لا يصلى إليه، ولا يجلس عليه، يحرم الجلوس عليه، أو التغوط عليه، أو وطئه بالرجل، قبر المسلم لا يجوز ذلك، ولا يصلى إلى القبور، إلى القبلة، ولا بينها؛ لما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك). فنهاهم عن اتخاذ القبور مساجد يعني مصلى، (فإني أنهاكم عن ذلك)، فلا يصلى بينها ولا إليها، بل يجب أن يكون بين المسجد وبينها فاصل مثل جدار، أو مسافةٍ بعيدة كوادٍ بينهم وبين القبور، أو جبل، أو أرضاً واسعة بعيدة حتى لا يظن أنه يصلى إليها، وأنها تفصد، وإذا كان بين المسجد وبينها جدار آخر غير جدار المقبرة، جدار المسجد كان ذلك أبعد عن الفتنة، وإذا كانت المقبرة عن يمين، أو شمال يكون أحسن وأبعد عن الفتنة أيضاً، والمساجد يجب أن تكون بعيدة عن مظآن الشرك وأسباب الشرك، فإذا كانت بين القبور، أو أمامها القبور، أو كانت في وسطها شيء من القبور كان هذا من سائل الشرك، ولهذا نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة في المساجد التي في القبور، وقال عليه الصلاة والسلام في ذم اليهود والنصارى: (اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد). وقال في الحديث الآخر في حديث عائشة رضي الله عنها عن أم سلمة وأم حبيبة أنهما رأتا كنيسة في أرض الحبشة وما فيها من الصور، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصورا فيه الصور، أولئك شرار الخلق عند الله)، فأخبر أنهم شرار الخلق بسبب عملهم الخبيث، وهو بناء المساجد على القبور، واتخاذ الصور عليها، يعني صور أهل القبور كما فعل قوم نوح حين صوروا وداً، وسوعاً، ويغوث، ويعوق، ونسرا، ونصبوها في مجالسهم حتى عبدت من دون الله، والخلاصة: أن الواجب أن تكون المساجد بعيدة عن القبور، وأن لا يقبر فيها احد لا يجوز أن يقبر في المسجد أحد، لا في قبلته ولا شماله ولا جنوبه ولا مؤخره، يجب أن تكون المساجد بعيدة عن القبور، بينها وبين القبور فاصل، حتى لا يظن أن المصلين يصلون إلى القبور، أما فاصل من الجدران، أو البيوت، أو طريقاً فاصل بينها وبين المساجد، أو وادي، أو نحو ذلك مما يبعد الشبهـة.  
 
2- هل تجوز الصلاة خلف إنسان مسبل وحالق للحيته؟ وضحوا لنا هذا الأمر،
حلق اللحى معصية، قصها معصية، وهكذا الإسبال معصية، والإسبال هو إرخاء الملابس تحت الكعب في حق الرجل، كل هذا معصية، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (قصوا الشوارب، وأعفوا اللحى خالفوا المشركين). متفق على صحته، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: (قصوا الشوارب، ووفروا اللحى خالفوا المشركين). خرجه البخاري في الصحيح. ويقول أيضاً عليه الصلاة والسلام: (جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى خالفوا المجوس). معنى أعفوا، معنى أرخوا، معنى وفروا يعني اتركوها على حالها وافرة، معفاة، مرخاة، هكذا يكون المسلم طاعةً لله جل وعلا، وطاعةً لرسوله عليه الصلاة والسلام، وابتعاداً عن مشابهة المشركين من المجوس وغيرهم، ولو وفروها ما نقصها نحن، نوفرها ولو وفروها، لكن الغالب عليهم قصها وحلقها، لكن لو قدر أن المشركين وفروها ما نخالفهم بالقص، نبقيها وافرة، إذا شابهونا لا بأس، نحب أن يدخلوا في الإسلام أيضاً، ويصلوا معنا، ويصوموا معنا، فالحاصل أن علينا أن نخالفهم لكن إذا وافقونا هم ما نخالف ديننا، نبقى على ديننا لا نخالف ديننا من أجلهم، بل نبقى على ديننا وإن وافقونا في إرخائها، نرخيها، نوفرها، وهكذا لا نقصها قصاً بل نعفيها، لا نقص، ولا نحلق، وهكذا الإسبال لا نرخي الإزار، ولا السراويلات، ولا القمص، ولا الجبة، ولا البشة، ولا العباءة، ولا غير ذلك، يجب أن تكون كلها حد الكعب؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( ما أسفل من الكعبين في الإزار فهو في النار)، فما جاوز الكعب فهو الإسبال مطلقا، وإذا كان معه نية التكبر صار أعظم في الإثم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله له يوم القيامة). لكن إذا كان من دون خيلاء يكون الذنب أخف مع أنه محرم مطلقا، هذا هو الصواب، محرم وإن لم يقصد التكبر؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار). رواه البخاري في الصحيح، ولم يشترط أن يكون عن تكبر؛ ولقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الآخر: (إياك والإسبال، فإنه من المخيلة)، جعل الإسبال من المخيلة، من التكبر؛ لأنه وسيلة إلى التكبر، وإن لم يقصد ذلك، وفي الحديث الآخر يقول -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعتـه بالحلف الكاذب). رواه مسلم في الصحيح. هذا وعيد عظيم يدل على أن الإسبال كبيرة من كبائر الذنوب، ذكر الإزار؛ لأن غالب العرب يلبسون الأزر وإلا فالمقصود إسبال الثياب مطلقا، أزار أو قميص، أو سراويل، أو بشت، أو غير ذلك، وأما المنان فيما أعطى، هو الذي يمن بالعطية، يعطي ويمن يقول: أعطيت، فعلت، يمن عليك، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب، معناه الذي يدرج السلع، يعني يمشيها بين الناس بأيمانه الكاذب والعياذ بالله حتى يشتروها، والله أنها .... وهو يكذب، والله أنها علي بكذا حتى تشترى منه بأكثر الثمن. نسأل الله العافية.  
3- ما صيغة تهاني عيد الأضحى المبارك، وقد عرفنا أنه في عيد الفطر يقول الناس لبعضهم: تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، فماذا نقول في عيد الأضحى؟
ليس لهذا صيغة معروفة، فإذا دعا له قال: تقبل الله منا ومنك، أو عيدكم مبارك، أو العيد مبارك، أو جعل الله عيدكم مبارك، سواء كان عيد الأضحى، أو عيد الفطر، كله واحد، وهكذا في الحج، حجك مقبول، تقبل الله منك، عمرة مقبولة تقبل الله منك، كل هذا وأشباهه كافي؛ لأنه ليس له صيغة معروفة، أما أعياد المشركين، والنصارى فلا يجوز تهنئتهم بها، ولا مشاركتهم بها، فإذا كنت في محل في عيد للكفار، نصارى، أو غيرهم، فليس لك أن تهنئهم فيه، ولا أن تشاركهم فيه ولا أن تحضرهم، لما فيه من التشبه بهم، ولما فيه من إظهار الرضا بعيدهم الباطل، فليس للمسلمين إلا عيدان، عيد النحر وعيد الفطر، وتسمى أيام الحج عيداً، يوم عرفة، وأيام التشريق تسمى عيداً للمسلمين، لأنها تتكرر بينهم، ويعبدون الله فيها، أما أعياد المشركين من النصارى وغيرهم فلا يجوز حضورها ولا التهنئة بها، ولا بيع البطاقات بها، كل هذا منكر لا يجوز، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.  
 
4- إن بعض الأقارب لا يصلون، هل زيارتهم ومجاملتهم واجبة، علماً أننا ننصحهم؛ ولكنهم يحاولون الهرب من الموضوع، ولا يتأثرون؟ وجهونا،
إذا كان قريبك، أو جارك لا يصلي فالواجب نصيحته منك ومن إخوانك تنصحونه بالكلام الطيب والتخويف من الله، وأن الصلاة عمود الإسلام وأن تركها كفر بالله عز وجل أكبر على الصحيح من أقوال العلماء، وإن لم يجحد وجوبها، فالصلاة عمود الإسلام وفيها الخير العظيم، والأجر الكبير، فعليك أن تنصح قريبك، أو جارك وتجتهد في ذلك، منك ومن إخوانك لأن الله يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى (2) سورة المائدة. فإذا كان معك بعض إخوانك تكون النصيحة أكثر، وأجدى فإن أبوا ولم يقبلوا استحقوا الهجر، يجب هجرهم عند جمعٍ من أهل العلم، وقال جماعة يستحب هجرهم، فبكل كل حال هجرهم مشروع إلا إذا رأيت أن الاتصال بهم بين وقتٍ وآخر للدعوة أنفع فلا بأس، للدعوة إلى الله والإرشاد، والنصيحة؛ لعلهم يهتدون، وهكذا من تعرفه من جيرانك يتساهل ويشرب الخمر، أو يعامل بالربا، أو تعرف له منكراً آخر قد أظهره وبينه للناس ولم يبال ولم يستح يجب نصحه وتوجيهه إلى الخير، وتخويفه من الله عز وجل منك ومن بعض إخوانك، تعاونوا على البر والتقوى، إذا كانت النصيحة من اثنين، أو ثلاثة يكون انفع؛ لعله يتأثر، وتكراراها عليه كذلك لعله يستجيب، فإن أصر ولم يبال استحق أن يهجر، كما هجر النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة من الصحابة كعب بن مالك وصاحباه، هجرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- خمسين ليلة؛ لأنهم تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذرٍ شرعي، وقد أمرهم بالغزو عليه الصلاة والسلام واستنفرهم، فإذا كان الصحابة إذا حصل لهم معصية يهجرون فغيرهم من باب أولى، في المعصية الظاهرة، أما الذي بينه وبين ربه الله الذي يعلمها سبحانه وتعالى المستورة، لكن المقصود في المعصية الظاهرة، كترك الصلاة، التعامل بالربا، وشرب الخمر علانية، وما أشبه ذلك، يستحق الهجر علي ذلك، إلا أن يستجيب ويهتدي، فالحمد لله.   
 
5- هل يجوز أن نصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- في السجود؟
نعم، يصلى عليه، هذا دعاء، الصلاة على النبي دعاء، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد، فأكثروا من الدعاء). رواه مسلم في الصحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم). يعني فحري أن يستجاب لكم. رواه مسلم أيضاً في صحيحه، وكان النبي يدعو في سجوده عليه الصلاة والسلام ويلح في الدعاء. فإذا حمدت الله في سجودك وصليت على النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا من أسباب الإجابة، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، هذا ثناء على الله، سبوح قدوس رب الملائكة والروح، هذا يقال في السجود، وفي الركوع جميعاً، ويختص في السجود سبحان ربي الأعلى، الركوع يختص به سبحان ربي العظيم، أما سبوح قدوس رب الملائكة والروح هذا في السجود والركوع جميعاً، وهكذا سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، هذا يقال في السجود والركوع جميعاً، وإذا صليت على النبي بعد ذلك في السجود قلت: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، ثم دعوت الله بعد ذلك هذا من أسباب الإجابة، دعوت للنبي -صلى الله عليه وسلم- هذا قربة منك تتقرب بها إلى الله، وإحسان إلى نبيك عليه الصلاة والسلام تدعو له في الصلاة أن الله يثني عليه ويرحمه وهكذا لو قلت: اللهم صل وسلم على الرسول باختصار، اللهم صل وسلم على رسول الله مختصراً كفى، وإن كملتها كما جاءت في الأحاديث الصحيحة فهو أفضل وأكمل، ثم تدعو بما تشاء، اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره، هذا من دعاء -صلى الله عليه وسلم- في السجود، كان يدعو بهذا الدعاء عليه الصلاة والسلام. وإذا دعوت بغير هذا: اللهم إني أسألك رضاك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار، اللهم أصلح قلبي وعملي وارزقني الفقه في دينك، رب زودني علما، اللهم اجعلني من هداةً مهتدين، اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين وما أشبه ذلك، تسأل ربك، اللهم اشرح لي صدري ويسر لي أمري، واجعلني مباركاً أينما كنت، اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم أصلح ولاة المسلمين، اللهم وفقهم لما يرضيك، إلى غير هذا من الدعوات الطيبة في سجودك، كل هذا مشروع وحري بالإجابة ولاسيما إذا كان معه تسبيح والتحميد والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل أن تدعو.  
 
6- لو تفضلت أن توضح لنا ما هو الكتاب الذي يفيد المرأة في حياتها الأخرى، وتستقيم به حياتها في الدنيا؟
أعظم كتاب، وأحسن كتاب، وأصدق كتاب ينفع المرأة والرجل جميعاً كتاب الله القرآن، كتاب الله القرآن هو الهدى والنور، يقول الله سبحانه: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (9) سورة الإسراء، ويقول عز وجل: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى (44) سورة فصلت. ويقول سبحانه: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ (29) سورة ص. ويقول سبحانه وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يعني يا محمد الخطاب للنبي -صلى الله عليه وسلم- وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89) سورة النحل. فأوصي جميع المسلمين ذكوراً وإناثاً، أوصيهم ونفسي بتقوى الله جل وعلا في جميع الأمور، والحرص على أداء ما أوجب وترك ما حرم، والإكثار من ذكره سبحانه بقراءة القرآن وأنواع الذكر، وأوصيهم وصيةً خاصة بالقرآن، العناية بالقرآن، والإكثار من تلاوته، وتدبر معانيه، والعمل بما فيه، وحفظه إذا تيسر، أو ما تيسر منه، هو أصدق كتاب وأنفع كتاب، فأوصي الجميع بكتاب الله، وأوصي الجميع بكتاب الله تدبراً، وتعقلاً، وإكثاراً من تلاوته في الليل، والنهار، وعملاً بما فيه، فيه كل الخير، فيه الأمر بالصلاة، والزكاة، والصدقة، والصيام، والحج، وحسن المعاملة إلى غير هذا، الإكثار من ذكر الله، تسبيحه، وتهليله، الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، إلى غير هذا يأمر بكل خير، فيه الدعوة إلى كل خير، وفيه النهي عن كل شر، يقول عز وجل في كتابه العظيم: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) سورة التوبة. ويقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) سورة الأحزاب. ويقول جل وعلا: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ (152) سورة البقرة. ويقول جل وعلا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) سورة الأحزاب. ويقول جل وعلا: أَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) سورة هود. ويقول سبحانه: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى- يعني العصر- وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ (238) سورة البقرة، ويقول سبحانه: وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) سورة البقرة، ويقول سبحانه: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56) سورة النــور. إلى غير هذا، فيه الأوامر بكل خير، وفيه التحذير من كل شر، يقول سبحانه: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً (32) سورة الإسراء. ويقول سبحانه: وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا (12) سورة الحجرات. ويقول عز وجل: اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا (12) سورة الحجرات, ويقول سبحانه في كتابه العظيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) سورة المائدة. والخمر كل شيء يسكر يقال له خمر، والميسر هو القمار، ففي كتاب الله العظيم الدعوة إلى جميع الخيرات والنهي عن جميع الشرور. ثم بعد ذلك سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل الصحيحين، صحيح البخاري، صحيح مسلم، كتابان عظيمان هما أصح الكتب، وأنفعها بعد كتاب الله عز وجل، مثل رياض الصالحين كتاب جيد، مثل المنتقى لمجد الدين بن تيمية كتاب جيد، بلوغ المرام في الحديث كتاب جيد، عمدة الحديث للشيخ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي كتاب جيد مفيد، مثل كتاب التوحيد فيه حديث وفيه آيات للشيخ محمد عبد الوهاب -رحمه الله-، كتاب جيد عظيم، الثلاثة الأصول، كتاب جيد مختصر للشيخ محمد عبد الوهاب -رحمه الله-، العقيدة الواسطية في عقيدة أهل السنة والجماعة، كتاب مختصر وجيد، لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، فأنا أوصي بهذه الأشياء كلها جيدة بعد كتاب الله عز وجل، نسأل الله للجميع التوفيق و الهداية.  
 
7- أيهما يتحكم في الآخر: الأجل، أم الصحة؟
الأمر إلى الله في هذا سبحانه وتعالى، الأمر إلى الله، ليس لأحد، ليس لهذا ولا لهذا تحكم، بل الأمر راجع إلى قدر الله وحكمته سبحانه وتعالى فمن قدر الله له تمام الصحة، واستمرارها حصل ذلك، ومن قدر الله عليه الأمراض حصل ذلك، كل شيء بقضاءه وقدره، سبحانه وتعالى، كل شيء بقدر حتى العجز والكيس يقول جل وعلا: مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11) سورة التغابن، ويقول سبحانه: مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) سورة الحديد. فإذا نزل المرض هو بمشيئة الله، وشرع الله علاجه واتخاذ الأسباب التي تزيله كما شرع الأسباب التي تقي منه قبل وقوعه من توقي أسباب الشر، والبعد عن أسباب الشر، فيتوقى ما يضره، ويبتعد عما يضره بالأسباب التي شرعها الله، كما يتعاطى أسباب الصحة والعافية من بالأسباب التي شرعها الله، فيأكل ويشرب ويتقي ما يضره؛ لأن الله أمر بذلك، ويعالج الأمراض؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (عباد الله تداووا ولا تتداووا بحرام). وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما أنزل الله داءاً إلا وأنزل له دواءً علمه من علمه، وجهله من جهله). فإذا أراد الله غلبة المرض استمر المرض وصار لا يرجى بره، وإذا أراد الله استمرار الصحة استمرت الصحة وقل المرض، وقد يبتلى الإنسان بهذا وهذا، بهذا تارةً وهذا تارة، ولاسيما المسلم يبتلى بالأمراض؛ ليكفر الله بها من خطاياه ويحط بها من سيئاته، كما في الحديث الصحيح، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- من يرد الله به خيراً يصب منه)، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما أصاب المسلم من هم، ولا غم، ولا نصب، ولا وصب، ولا أذى إلا كفر الله به من خطاياه حتى الشوكة).  
 
8- هل الميت يرى أهله في الدنيا، ومتى يراهم، ومتى يحجب عنهم؟
لم يثبت في هذا شيء يدل على أنه يراهم، إنما ذكر بعض أهل العلم ان الأرواح في النوم قد تلتقي بالأرواح، أرواح الأموات، وهذا قد يقع في بعض الأحيان ما يدل عليه، فإن الروح عند الله عز وجل فروح المؤمن في الجنة وروح الكافر تعذب، لكن قد ترسل هذه الروح إلى البدن للسلام على من يسلم على القبور والرد عليه، هذا الروح قد تلتقي مع روح النائم في النوم، وتتحدث معها في شيء، كما ذكر ابن القيم -رحمه الله- تعالى، وغيره من أهل العلم، وقد يموت الإنسان وعنده دين لأحد، فتتفق روحه مع روح بعض النوَّام، أو بأشياء أنها في محل فلان، أو المحل الفلاني في الرؤيا في المنام التي التقت فيها روم الميت أو وروح النائم، هذه أشياء تدل على أنها قد تلتقي الأرواح، أرواح الميت بأرواح النوَّام من أقاربه، أو غيرهم، لكن ليس في الأحاديث الصحيحة فيما نعلم ما يدل على أن هذه الأرواح تتلاقى وإنما هو من الواقع والتجارب الواقعة بين الناس، ولا أذكر شيئاً في وقتي هذا ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا المعنى لا يحضرني فيه شيء في هذا الوقت، ولكن ابن القيم في كتاب الروح ذكر شيئاً كثيراً في هذا المعنى، وسرد شيئاً كثيراً فمن أحب أن يراجعه فليراجعه ففيه فائدة كبيرة.  

636 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply