حلقة 807: سؤال حول نصيحة وجهها الشيخ للعلماء والدعاة - حكم بقاء المرأة مع زوج لا يصلي - حكم أخذ المصاحف والكتب من المسجد واستبدالها بغيرها - حكم السفر للعمل وترك الوالدة - هل ذو القرنين نبي؟

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

7 / 50 محاضرة

حلقة 807: سؤال حول نصيحة وجهها الشيخ للعلماء والدعاة - حكم بقاء المرأة مع زوج لا يصلي - حكم أخذ المصاحف والكتب من المسجد واستبدالها بغيرها - حكم السفر للعمل وترك الوالدة - هل ذو القرنين نبي؟

1- صدر من سماحتكم بيان منذ أسبوعين تقريباً حول ما ينبغي للدعاة والعلماء من النقد البناء، وعدم تجرح الأشخاص، فتأوله بعض الناس على أناس معينين، فماذا ترون في هذا التأويل؟

بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعــد: فهذا البيان الذي أشار إليه السائل أردنا منه نصيحة إخواني العلماء والدعاة بأن يكون نقدهم لإخوانهم فيما يصدر من مقالات، أو نصيحة، أو محاضرة، أو ندوة أن يكون نقداً بناءاً بعيداً عن التجريح وتسمية الأشخاص؛ لأن هذا قد يسبب شحناء وعداوة بين الجميع، وكان من عادات النبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن بعض أصحابه شيء لا يوافق الشرع نبه عن ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم : (ما بال أقوام قالوا كذا وكذا)، ثم يبين الأمر الشرعي عليه الصلاة والسلام. ومن ذلك أنه بلغه أن بعض الناس قال أما أنا فأصلي ولا أنام، قال الآخر: أما أنا فأصوم ولا أفطر، وقال آخر: أما أنا فلا أتزوج النساء، فخطب الناس عليه الصلاة والسلام وحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (ما بالك أقوام قالوا كذا وكذا؟ لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني). فمقصودي هو ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم مقصودي أن التنبيه يكون بمثل هذا الكلام، بعض الناس يقول كذا، وبعض الناس قال كذا، والواجب كذا، والمشروع كذا، يكون الانتقاد من غير تجريحٍ لأحد معين، ولكن من باب بيان الأمر الشرعي، أن الواجب كذا وأن المشروع كذا، وينبغي كذا من دون أن يقول فعل فلان، وقال فلان، حتى تبقى المودة والمحبة بين الإخوان وبين الدعاة وبين العلماء، ولست أقصد بذلك أناساً معينين، وإنما قصدت العموم، قصدت جميع الدعاة، وجميع العلماء في الداخل والخارج، نصيحتي للجميع أن يكون التخاطب فيما يتعلق بالنصيحة والنقد من طريق الإبهام لا من طريق التعيين، إذ المقصود التنبيه على الخطأ، والغلط والتنبيه على ما ينبغي في هذا المقام من بيان الصواب، والحق، من دون حاجة إلى تجريح فلان، أو فلان هذا هو المقصود وليس المقصود أحداً معيناً بذلك دون غيره. وفق الله الجميع. إذاً التصريح باسم صاحب الخطيئة ليس من مبادئ الإسلام؟ نعم.  
 
2- يسأل سؤالاً عن امرأة تصلي وتصوم وصاحبة طاعة إلا أنها مع رجل لا يصلي، كيف تتصرف مثل هذه المرأة؟
إذا كان الزوج لا يصلي فالواجب عليها تركه، والذهاب إلى أهلها؛ لأن ترك الصلاة جريمة عظيمة، ومنكر عظيم، بل كفر أكبر في أصح قولي العلماء، وإن لم يجحد وجوب الصلاة، أما إن جحد وجوبها، فإنه يكون كافراً بإجماع المسلمين ليس فيه نزاع بين أهل العلم، وإنما النزاع فيما إذا تركها مع إقراره بأنها واجبة عليه، ولكن حمله الكسل والتشاغل بأمور الدنيا فهذا هو محل النزاع، والصواب أنه يكفر بذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ( الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة). خرَّجه الإمام مسلم في صحيحه رحمه الله عن جابر بن عبد الله الأنصاري. وخرج أحمد رحمه الله وأهل السنة بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). في أحاديث أخرى تدل على المعنى فالواجب على كل مسلم أن يتقي الله، وأن يحافظ على الصلاة في وقتها، وأن يؤديها في جماعة أيضاً كما شرع الله، وأن يحذر التهاون بها، ومتى تركها الإنسان فإن الزوجة يحرم عليها البقاء معه، وهي مسلمة مصلية لا تبقى معه، هذا هو الصواب وهذا هو أرجح القولين ، ومتى تاب تاب الله عليه، متى تاب وثبتت توبته أمكن الإصلاح بينه وبين زوجته، وهكذا كل من يتعاطى مكفراً يخرجه من الإسلام يفرق بينه وبين زوجته المسلمة حتى يعود إلى الإسلام، وحتى يتوب وبعد هذا ينظر في مراجعته لها، نسأل الله للجميع الهداية. 
 
3- هل يجوز أخذ المصاحف والكتب من المسجد واستبدالها بغيرها من المصاحف، كأن يأخذ الشخص مصحفاً من المسجد ويضع غيره في طبعة أخرى ولون آخر؟
لا يجوز لأي مسلم أن يأخذ من مصاحف المسجد، أو كتب المسجد شيئا؛ لأن الذي وضعها قصد أن ينتفع بها المسلمون بهذا المسجد، فليس لأحد أن يأخذها من المسجد ولا من مكتبته، بل تبقى في المسجد لأهل المسجد ومراجعي المكتبة وإذا أحب أن يزيد و يضع وكتباً أخرى ومصاحف أخرى، فجزاه الله خيرا، أما أن يأخذ مصحفاً؛ لأنه أنسب له لحسن طبعته، أو لكبر حروفه ويأتي بمصحف آخر، أو كتاب آخر لا، بل يترك ما في المسجد للمسجد ولأهل المسجد وفي مكتبة المسجد وإذا كان هناك فضل في المصاحف لا مانع من نقلها إلى مسجد آخر، إذا كان هناك فضل فيها، وعدم حاجة إلى بعضها تنقل إلى مسجد آخر محتاج وهكذا إذا كان في المكتبة كتب كثيرة، وهناك مكتبات تابعة لمساجد أخرى تحتاج إليها ونقل بعضها إلى هناك فلا بأس، إلا أن يكون صاحب الكتاب نص على هذه المكتبة المعينة أن يبقى فيها فيبقى فيها.  
 
4- إنني رجل متزوج والحمد لله، أعمل في الخارج، ووجود زوجتي معي ضروري شرعاً، لكن أترك والدتي وحيدة، علماً بأنني العائل الوحيد لها، وتكون تحت رعاية أختي المتزوجة، ولكن لا أسافر إلا بموافقتها، وهي تتمنى أن أجلس معها وألغي سفري؛ لأن سفري يؤلمها، مع العلم بأن وجود زوجتي معها يخفف من آلامها، فهل أمكث معها وألغي سفري نهائياً، أم أُبقي معها زوجتي وليس علي حرج في تأثر والدتي؟
هذا فيه تفصيل، إذا أمكنك العمل في المحل الذي فيه والدتك، وأن تجبر خاطرها وترضيها فهذا أولى؛ لأن مراعاة خاطرها من أهم المهمات ومن أفضل القربات، أما إذا كنت مضطراً للسفر لطلب الرزق وليس في بلدك سبب يعينك على حاجتك، ويسبب غناك عن السفر فأنت معذور في هذا، الله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (16) سورة التغابن. وإذا كان لا يضرك بقاء الزوجة عند أمك فأبقها عند أمك جبراً لها وإيناساً لها، أما إذا كان عليك خطر، تخشى على نفسك، فإنك تسافر بزوجتك وتطلب من الوالدة السماح ومتى سمحت فالحمد لله، فإن لم تسمح فهذا محل نظر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الطاعة في المعروف) وأنت قد يكون عليك ضرر كبير في بقائك بدون زوجة، في بلاد الغربة فالأقرب، والله أعلم فأنه يجوز لك السفر بها وإن لم ترض الوالدة من اجل الضرورة و شدة الحاجة إليها معك، حرصاً على عفتك وسلامتك وسلامتها أيضاً، ولكن متى أمكن أن تستسمح الوالدة وتجتهد في راضاها عنك فهو أولى وأكمل، يسر الله أمرك، وقضى حاجتك.  
 
5- المستمع: هاشم عيسى حسين هاشم بعث برسالة يسأل فيها عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويورد معنى الحديث فيقول: (إذا ولغ الكلب في إناء فليغسل هذا الإناء سبع مرات بالماء والثامنة بالتراب، أو إحداهن بالتراب) أو كما قال، وجاء في الحديث الشريف، ويسأل ويقول: هل إذا اكتفينا عن التراب بالصابون لما فيه من مركبات كيماوية نجد بعضها في التراب، والحياة واضحة في هذا الموضوع، فهل يعني هذا أنا قمنا بتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم نرجو التوجيه والإيضاح؟ جزاكم الله خيراً.
الحديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول عليه الصلاة والسلام: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً أولاهن بالتراب) رواه مسلم .
وفي رواية أخرى (اغسلوه سبعاً وعفروه الثامنة بالتراب) فسماها ثامنة لأنها زيادة عن الغسلات السبع، وإلا فالغسلات سبع والثامنة تراب مع إحدى الغسلات، والأفضل أن تكون مع الأولى، حتى تكون الغسلات الأخيرة منقية للإناء من جميع الوجوه
وإذا تيسر التراب فهو أولى من غيره، عملاً بالحديث الصحيح، ولعل هناك سراً خاصاً في التراب، فمهما وجد التراب فهو أولى في الامتثال، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
أما إذا لم يتيسر التراب فالصابون والأشنان وغيرهما مما يزيل الآثار يكفي إن شاء الله، والحمد لله، لكن إذا تيسر التراب فهو أولى في الامتثال وأحب إلي؛ لأنه نص عليه النبي عليه الصلاة والسلام. 
 
6- في سؤاله الأول يسأل عن ذي القرنين، وهل هو نبي، وهل تتفضلون بإيراد شيء من قصته إذا أمكن؛ لأن هذا المستمع يطلب هذا في نهاية سؤاله؟
ذو القرنين ملك عظيم، وصاحب خير وإحسان وإصلاح، واختلف الناس في نبوته، والمشهور أنه ملك صالح، قصته معروفة في القرآن الكريم في كتاب الله، ما يحتاج أن نقرأها، من أرادها وجدها في سورة الكهف، من أراد أن يقرأها بحمد الله واضحة، قصة بيِّنة في كتاب الله عز وجل، وفي ما بينه سبحانه الكفاية عن هذا الرجل العظيم.  
 
7- هل التيمم يصلح للصلوات كلها، أم يتيمم المرء لكل صلاة؟
الصواب أنه كالماء يكفي في الصلوات كلها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: في الحديث الصحيح: (وجعلت لي الأرض مسجداً وطهورا) فسماها طهوراً، وفي اللفظ الآخر: (وجعلت ترتبها لنا طهورا)، وفي اللفظ الثالث: (وجعل التراب لي طهورا)، كلها أحاديث صحيحة، وقال عليه الصلاة والسلام: (الصعيد وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين). فإذا تيمم عند عدم الماء للمغرب مثلاً، وبقي على طهارته حتى جاء العشاء يصلي به العشاء والحمد لله، هذا هو الصواب، وهكذا لو تيمم في الظهر وجاء في العصر وهو على طهارته، أو جاء العصر والمغرب وهو على طهارة صلى بذلك والحمد لله، هذا هو الصواب؛ لأنه كالماء.  
 
8- مات ميت وترك زوجتين وثمانية أولاد، فقامت إحداهن -وهي أم البنات- بإحضار مال مقداره مائة ألف ريال، ثم بعد ذلك وزعته على بناتها، وعندما عرف البنات أن هذا المال لا يصح، وأنه حرام قمن فتصدقن بالمال، فما حكم ذلك؟ علماً بأن أم الأولاد كان لديها مبلغ مقابل، ولم يصرحوا بهذا، فما رأي سماحتكم؟
هذا فيه تفصيل إن كان هذا المال جلبته من جهةٍ أخرى من خيانة، أو سرقة، أو أشباه ذلك فهذا المال حرام، والصدقة به للفقراء والمساكين من البنات أمر طيب، ليس لهن أن يأكلن الحرام وهم يعرفون أنه حرام، لكن إذا عرفوا أن صاحب المال فلان وجب رده إليه، إن كان مسروقاً منه، أو مغصوباً منه يجب رده إلى صاحبه فإن كان المال من كسبه الحرام من الربا، أو من أكساب أخرى ليس له مالك معروف ولا يعرفون أحداً يملكه، ولا يدرون من أين جاء هذا المال، إلا أنهم يعرفون أنه حرام فإذا تصدقوا به فلا شيء عليهم، أما إن كان المال من مال الميت، فليس لها حق أن تعطي بناتها إلا حقهم ، لا تعطيهم إلا الحق؛ لأن معه زوجة ثانية، الزوجة الثانية لها نصف الثمن، والبنات لهن الثلثان ويبقى بقية للعاصب، فإذا كان المال من مال الزوج الميت فلا حق لها أن تعطي بناتها إلا نصيبهن فقط لا زيادة، وفي إمكان النبات أن يتحاسبن مع أمهم ويعطون الزوجة نصبها والعاصب نصيبه من المال الذي خلفه الزوج وليس لهن أن يتصدقن به على أحد، بل هذا مال مشترك، والنظر في موضوع هل هو حرام، أو غير حرام، هذا مشترك بين الورثة، وإذا اشتبه عليهم يرجعون إلى الحاكم في المحكمة وتبين لهم المحكمة الحكم الشرعي ولا يتصرفون في مال غيرهم، فالمقصود أنه إذا كان للميت، هذا المال للميت، فليس لأم البنات التصرف فيه وحدها، وليس لها إلا حقها، وليس للبنات إلا حقهن، وللزوجة حقها الثانية، وللعصبة حقهم، والنظر إلى كونه حراماً، أو ليس بحرام هذا يرجع إليهم جميعاً إذا اتفقوا على شيء وتصدقوا به جميعاً، أو تصدق بعضهم بنصيبه هذا إليهم، وإن أشكل عليهم يراجعوا المحكمة، والمحكمة ترشدهم، أو إلى بعض العلماء في بلدهم، بعض علماء الحق في بلدهم حتى يبين لهم الحق.  
 
9- ما حكم الشرع فيمن يذهبن مع سائق أجنبي، علماً بأن المدرسة تبعد عن مكان المعلمات هؤلاء عشرة كيلو مترات، ولا يوجد معهن محرم، وأيضاً فهن يحافظن على الحجاب ومحتشمات؟
لا حرج في ذلك؛ لأن هذا ليس بسفر، الممنوع السفر، لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، أما كونه ينقلهن من بيوتهن إلى المدرسة، أو إلى السوق هذا لا يحتاج إلى محرم، لكن لا يخلو بواحدة، يكون معه جماعة، وإذا بقي اثنتان تنزلان جميعاً، وهكذا في الركوب أول يركبن جميعاً حتى لا يخلو بواحدة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الخلوة وقال: (لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها محرم). وقال عليه الصلاة والسلام: (لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما). فالسائق الأجنبي يكون مع أمه، أو زوجته لا بأس حتى لا يخلو بأحد ، فإذا لم يكن معه لا زوجة لا أم، ولا أحد فلا بد أن يكون معه ثنتان فأكثر، بعيدات عن الفتنة، وعن التهمة، حتى لا يحصل خلوة، ولا مانع من نقلهن إلى المدرسة، أو إلى زيارة بيت صديقاتهن ونحو ذلك، المقصود أن النقل في البلد وأطراف البلد ليس بسفر، لكن لا بد أن يكون ليس فيه خلوة. يعني إذا كانت واحدة لا بد أنها يكون معها ثانية.  
10- عندما يقرأ المسلم أي سورة من القرآن، أو من الأحاديث النبوية الشريفة، هل يلزمه أن يحفظها، وهل من حفظ ونسي يكون آثماً؟
لا يلزمه الحفظ إنما يتدبر القرآن ويكثر من تلاوته حتى يستفيد؛ لأن قراءة القرآن فيها الخير العظيم، والله يقول سبحانه : إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (9) سورة الإسراء . ويقول سبحانه: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء (44) سورة فصلت، ويقول عز وجل : كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ (29) سورة ص. فالمشروع للرجاء والنساء جميعاً لكل مسلم أن يدرسوا هذا القرآن الكريم ويتدبره، ويكثر من تلاوته ويعمل بما فيه، ويسأل عما أشكل عليه أهل العلم من طريق الهاتف التلفون من طريق المكاتبة من طريق المشافهة هذا هو المشروع لكل مسلم، ولكن لا يلزم الحفظ، إن حفظ فهو أفضل، فهو خير عظيم، ولكن لا يلزمه الحفظ، إنما يجتهد في شرف التلاوة والتدبر والعمل ؛ لأن المقصود من التلاوة العمل في أداء الواجبات وترك المحرمات وفي قراءة القرآن تذكر الجنة والنار، ومعرفة أحوال الماضين، والاعتبار بما جرى عليهم، كل هذه موجودة في القرآن الكريم، وهكذا الأحاديث يجتهد المؤمن والمؤمنة بمراجعتها، وقراءتها، والاستفادة منها مثل الصحيحين البخاري ومسلم، ومثل كتب السنن الأربعة، مثل رياض الصالحين، مثل المنتقى، مثل بلوغ المرام، مثل عمدة الأحكام، جامع الأصول، المؤمن والمؤمنة إذا كانا من طلبة العلم يستفيدون من هذه الكتب وغيرها إذا تيسر الحفظ، كونه يحفظ ما تيسر من الأحاديث في بلوغ المرام، من عمدة الحديث، من الأربعين النووية وتتمتها لبن رجب، هذه فيها فائدة كبيرة عظيمة، لكن بكل حال متى أكثر المراجعة والقراة سوف يستفيد، ويحفظ بعض الشيء، وهذا خير عظيم ينبغي لكل طالب علم، وطالبة علم العناية بهذا الأمر من جهة القرآن، ومن جهة السنة.  
 
11- يسأل فيها عن تفسير آية الاستئذان الواردة في سورة النور؟
آية النور آية واضحة، يقول جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ (58) سورة النــور الآية. فالمؤمن إذا كان عنده، معه ملك يمين يستأذن عليهم؛ لأنه قد يكون في حالة، قد يكون في حالة لا ترضى، لا يرضون أن يرون عليها، فيستأذن عليهم في هذه الأوقات، وهكذا أهل بيته يستأذن عليهم في الأوقات الثلاثة التي بينها الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة، حتى لا يراهن على حال ما تناسب من قبل صلاة الفجر يعني آخر الليل، وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة يعني في القائلة، ومن بعد صلاة العشاء، يعني هذا الأوقات قد يتساهل فيها أهل البيت في عدم التحرز من ستر العورة، وقد تكون ملك اليمين على حالة غير مناسبة وقد ينكشف منها بعض الشيء، المقصود أن في هذه الأحوال قد يتساهل أهل البيت في وقت الظهيرة، وقبل صلاة الفجر، وبعد صلاة العشاء كل هذه الأوقات فيها خلوة الإنسان بنفسه، فليستأذن إذا دخل عليه يستأذن، سواء كان ملك يمين، أو صبي لم يبلغ الحلم، وإن كان صبي؛ لأنه لا يرضون على أن يطلع على شيء من حالاتهم في هذه الأوقات الثلاثة، فالخادم سواء كان مملوكاً، أو كما نصت عليه الآية، أو غير مملوك من باب أولى، وهكذا من لم يبلغ الحلم من الصبيان يستأذن في هذه الأوقات الثلاثة، وغير الصبي من باب أولى، الكبير من باب أولى، والمقصود من هذا التحرز من كونه يرى أهل البيت على حالة غير مناسبة، فإذا استأذن استعدوا وحرصوا على أن يكونوا في حالةٍ حسنة.  
 
12- هل يخلق الإنسان بعد موته مثلما كان في الدنيا، أم يخلق الروح فقط؟
يقول الله سبحانه وتعالى: كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104) سورة الأنبياء. الله يعيدهم كما بدأهم على حالهم، يعيدهم كما بدأهم على حالهم سبحانه وتعالى جسداً وروحاً، يجازيهم بأعمالهم خيرها وشرها سبحانه وتعالى، كما قال تعالى: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31) سورة النجم. فالله يعيدهم كما بدأهم سبحانه وتعالى ويجازيهم بأعمالهم خيرها وشرها، لكن الكافر يعظم إذا دخل النار حتى يكون ضرسه كالجبل، كجبل أحد، والمؤمنون إذا دخلوا الجنة يكونون على طول أبيهم آدم ستين ذراعا، ليسوا على حالهم في الدنيا، بل تكون أجسامهم على طول ستين ذراعاً في السماء، وجاء في بعض الأحاديث العرض سبعة أذرع، فالمقصود أنه يعيدهم كما بدأهم جل وعلا بأجسادهم وأرواحهم ويجازون بأعمالهم لكن أجسامهم تختلف، الكفار يعظمون في النار والعياذ بالله، والمسلمون تكون أجسامهم كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم على طول أبيهم آدم ستين ذراعاً في السماء، والعرض جاء في حديث في سنده ضعف أن العرض يكون سبعة أذرع، لكن الحديث في ذلك العرض فيه بعض الضعف، لأن في سنده علي زيد بن دعامة وهو يضعف في الحديث، أما الطول فهو ثابت في الصحيحين طولهم على طول أبيهم آدم ستين ذرعاً.   

546 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply