حلقة 814: حديث من أراد الدنيا فعليه بالقرآن - حكم عمليات التجميل للأعضاء المشوهة - الغياب عن الزوجة لمدة طويلة - حكم من حفظ القرآن ولم يعمل به - كيفية التعامل مع الوالد الذي لا يصلي - أكل الطعام الذي يشك فيه أنه حرام

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

14 / 50 محاضرة

حلقة 814: حديث من أراد الدنيا فعليه بالقرآن - حكم عمليات التجميل للأعضاء المشوهة - الغياب عن الزوجة لمدة طويلة - حكم من حفظ القرآن ولم يعمل به - كيفية التعامل مع الوالد الذي لا يصلي - أكل الطعام الذي يشك فيه أنه حرام

1- (من أراد الدنيا فعليه بالقرآن، ومن أراد الآخرة فعليه بالقرآن، ومن أرادهما معاً فعليه بالقرآن)، وأيضاً هناك قول يقول حول القرآن الكريم: (اقرأوا القرآن لما شئتم)، إذا كان هذه أحاديث وجهونا جزاكم الله خيراً، وهل يصح أن يقرن الإنسان الدنيا بالدين؟

بسم الله الرحمن الرحيم، حمد لله ، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فلا أعلم صحة شيء من هذه الأحاديث ، وليس لها أصل فيما نعلم ولكن إذا قرأ القرآن ليستفيد منه في أمور دنياه، وأمور دينه فهو مطلوب لكنه أنزل لعمل الآخرة وليستقيم عليه أمر الآخرة، هذا هو الأهم ، ويترتب على العمل بالقرآن صلاحه في الدنيا والآخرة لكن ليس المقصود من إنزاله صلاح أمر الدنيا إنما الدنيا تابعة, فإذا قرأ القرآن ودرس القرآن وتدبر القرآن ليعلم أمور الدنيا والآخرة وليستفيد من ذلك ما يصلح أمر الدنيا والآخرة هذا كله طيب, ولكن ليكن أكبر همه إصلاح أمر الآخرة والعناية بما أوجب الله عليه وما حرم الله عليه حتى يعرف من كتاب الله ما أوجب الله وما حرم الله, وحتى يستقيم على طاعة الله ورسوله وإذا استفاد من القرآن أيضا فيما يتعلق بطيب الكسب فهذا من أمور الآخرة كمن يجتهد في أن يكون كسبه طيباً حلالاً بعيداً عن الحرام ، يستفيد منه في صلة رحمه، في بر والديه، في إكرام جاره، في حفظ وقته كل هذا ينفع في الدنيا والآخرة, وكهذا اقرأ القرآن لما شئت بمعنى له وجه صحيح يقرأه ليتفقه في الدين, يقرأه ليخاف الله ويراقب الله ، يقرأه ليعالج به مرضه ، يقرأه ليعرف أحكام بيعه، أحكام معاملته للناس ، يعرف به أحكام صلاته إلى غير ذلك. يقرأ لما يشاء ، لكن أهم ما يكون أن يكون يقرأه ليعرف ما يرضي الله وما يقرب إليه، وليعرف أسباب السعادة, وليعرف أسباب النجاة, وليعرف أسباب الهلاك حتى يحذرها ، هو أنزل ليستقيم العبد على طاعة الله ورسوله كما قال- عز وجل-: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (صّ:29) وقال-سبحانه- : وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ(النحل: من الآية89) فلبيان أسباب السعادة في الدنيا والآخرة فإن من سار على القرآن في معاملاته أفلح، فيصدق في الحديث ويصدق في المعاملة،لا يغش، لا يخون, لا يكذب إلى غير هذا من الأخلاق الطيبة التي يدعو إليها القرآن، فهو إذا أخذ بهذه الأخلاق، ولو كان إنما أراد الدنيا ينفعه ذلك, لكن لا يكون له أجر إذا كان ما أراد إلا الدنيا أما إذا أراد بذلك إرضاء الله والتقرب لديه جمع الله له خير الدنيا والآخرة، أثيب ومع ذلك صلح له أمر الدنيا فيما فعل وإن لم يقصد الآخرة وثواب الله ، نفعه ما فعله في الدنيا من صدق والأمانة, وعدم الغش إلى غير هذا من الأشياء التي دل عليها القرآن وأرشد إليها القرآن, ولكن إذا فعله المكلف طاعة لله وتعظيماً لله ورغبة فيما عنده ولإصلاح أيضا أمر دنياه جمع الله له خيري الدنيا والآخرة.  
 
2- هل العمليات الطبية لتجميل جزء مشوه في الإنسان، هل يعتبر هذا تغيير في خلق الله، أم أنه محرم، أم أنه جائز؟
لا حرج في ذلك لو كان في يده عيب أو سواد في وجهه أو في أنفه أو في شفته، وأصلح ذلك لا حرج في ذلك ، الحمد لله ، الرب- جلا وعلا- أمر العباد بأن يعملوا بما فيه خيرهم وصلاحهم فإذا فعل ما ينفعه وما يسره هو داخل في الحديث الصحيح :(ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له شفاء ، علمه من علم وجهله من جهله) ، الحمد لله ...تداووا ولا تتداووا بحرام ، فإذا كان فيه سواد في وجهه, أو عروق تؤذيه, أو تعاليل, أو أشياء نكت تؤذيه فأزالها فلا بأس في ذلك, أو في يده, أو في رجله, أو في رأسه, أو في غير ذلك.  
 
3- أنا رجل مغترب، غبت عن زوجتي ما يقرب من أربعة عشر عاماً، فما حكم الإسلام في تصرفي هذا، وهل أنا آثم؟ وجهوني إلى الصواب،
إذا كانت الزوجة سامحة بذلك راضية بذلك فلست بآثم, وأنت كذلك إذا كنت لم تستعن بها على معاصي الله فلست بآثم, أما كنت استعملت هذه المدة في معاصي الله في الزنا والفواحش فأنت آثم بما فعلت من المعاصي, والمرأة سليمة من ذلك إذا كانت سامحة وأما إذا كانت لم ترضى فعليك أن تستسمحها وأن تتوب إلى الله من هذه المدة الطويلة أما إذا كانت راضية فالحمد لله وجزاها الله خيراً أما أنت الواجب عليك في المستقبل أن تستعين بالله وأن تجتهد في القيام بحقها, وأن تكون أعمالك في المكان الذي فيه زوجتك حتى تجمع بين مصلحتين إما أن تنقلها إلى عملك, وإما تنتقل إليها في محلها وبلدها حتى يجمع الله بينكما على خير مع الاستقامة على طاعة الله ورسوله, ومع الحذر من محارم الله, وإذا كان البلد الذي أنت فيه البلد التي أنت فيها، فيها خطر فانتقل إليها إلى البلد السليمة أنت وزوجتك, ولا تنتقل إلى بلد فيها خطر من تعاطي ما حرم الله, أو ما هو أعظم من ذلك مثل الكفر بالله، احذر الانتقال إلى بلاد الكفر والضلال والبدع, واحرص على أن تكون في بلد سليمة بعيدة عن الخطر أنت وزوجتك.  
 
4- أسأل سماحتكم عمن قرأ القرآن كاملاً وحفظه كذلك، ولكنه لم يعمل بشيء منه -كما ذكر-، فما حكم الإسلام في هذا الرجل؟
يقول النبي- صلى الله عليه وسلم- : (القرآن حجة لك أو عليك) ، فهو حجة لمن عمل به ومن أسباب دخوله الجنة ، وحجة على من لم يعمل به ومن أسباب دخوله النار ، ويقول النبي-صلى الله عليه وسلم- :(اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه) ، أي العاملين به والصنف الآخر يدعى بالقرآن وأهله الذين يعملون به، تقدمهم سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن أصحابهما، ورأى حين أسري به رجلاً يرضخ رأسه بالحجر عليه رجل واقف يرضخه بالحجر, وكل ما تتدحدر الحجر ذهب وأخذه ورجع رأسه إلى حاله والتأم رأسه فضربه مرة أخرى وهكذا يعذب، قال لأنه رجل آتاه الله القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل به بالنهار نسأل الله العافية، فالمقصود أن من عمل به هو حجة له ومن أسباب سعادته ومن حفظه وقرأه ولم يعمل به فهو من أسباب عذابه وغضب الله عليه نسأل الله العافية.  
 
5- والدي لدي لكنه لم يصلِّ أبداً، بعد أن نصحناه وعلمناه وهجرناه وكلمناه، وبينا له بأن عقوبة تارك الصلاة الكفر، وله عذاب شديد، لكن دون جدوى، هل إذا قدّر الله وتوفي يحق له أن يرثه؟
الوالد له حق عظيم سواء كان رجلاً أو امرأة الوالد والوالدة, فالواجب النصيحة والإرشاد, والمخاطبة الحسنة, ولو كان تاركاً للصلاة, ولو كان كافرا بأي كفر، لا بد من الصبر والاستمرار في النصيحة والتوجيه, وعدم الهجر لا تهجره ما يجوز لك هجره الله يقول-سبحانه في كتابه العظيم-وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً (لقمان:15) أمر بأن يصاحبهما في الدنيا في المعروف وألا يطيعهما في المعصية ولا في الكفر ولهذا قال وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ فالمقصود أن والواجب عليك أيها الولد أن تتقي الله وأن تنصح والدك أنت وإخوانك ومن يساعدك من أهل الخير في نصيحته وتوجيهه وعدم اليأس، لكن لا تهجره ولا تؤذه, ولا ترفع الصوت عليه, ولكن تنصحه بالكلام الطيب والأسلوب الحسن كما أنت مأمور بذلك ، يقول الله-جل وعلا-وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا (العنكبوت:8) ويقول-جل وعلا-: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ(لقمان: من الآية14) ثم قال بعدهاوَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ (لقمان:15) فأنت مأمور بأن تصاحبهما بالمعروف والكلام الطيب لكن مع النصيحة مع التوجيه مع الإرشاد عملاً بقول ربك-جل وعلا-: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ, وقوله: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً فقد يهديهما الله على يديك ويكون لك بذلك الخير العظيم, والأجر الكبير, وقال الله-عز وجل-: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً (الإسراء:23-24) فلا تيأس يا أخي, وترك الصلاة لا شك أنه كفر وهو كفر أكبر على أصح قولي العلماء ، كفر أكبر وإذا مات على ترك الصلاة لا يرثه المسلم من أولاده, وإنما يكون للكفرة من أقاربه الذي مثله, وقال آخرون من أهل العلم أنه لبيت المال لأنه مرتد فيكون ماله لبيت المال لا لمن كان كافراً من جماعته بل يؤخذ ماله ويصرف لبيت المال؛ لأنه ليس من الكفار الأصليين وليس من المسلمين, والمرتد يكون ماله فيء لبيت مال المسلمين يصرف في مصالح المسلمين, وهذا قول قوي وجيد ولعله الأقرب والأولى فلا يعطاه الكفار ولا يعطاه المسلمون, ولكن يصرف في بيت المال إذا ارتد بترك الصلاة, أو بسب الدين, أو بشيء من أنواع الكفر والضلال الأخرى فإنه لا يصلى عليه, ولا يغسل, ولا يدفن مع المسلمين ويكون ماله فيء لبيت مال المسلمين ومصالح المسلمين, وإذا رأى ولي الأمر أن يعطاه أولاده المسلمين تقديراً لجهودهم وأعمالهم في نصيحته ولئلا يحرموا منه فلا بأس إذا رأى ولي الأمر ذلك مساعدة لهم على تثبيت الإسلام وتأليف لقلوبهم فهذا أمر حسن.  
 
6-  يسأل عن تفسير قول الحق تبارك وتعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا [النساء:7]؟
الجواب: على ظاهر الآية الكريمة حق، لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا [النساء:7]، أجملها هنا وبينها في الآيات الأخرى، بينها فيما بعدها من الآيات الآتية: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11].. إلى آخر الآيات، فمن الرجال: الزوج يرث زوجته، والأب يرث أولاده، والأم ترث أولادها، وهكذا الإخوة وهكذا البنون يرثون من آبائهم وأمهاتهم، فالرجال والنساء يتوارثون، كل يعطى حقه المفصل في آيات المواريث في سورة النساء في أولها وفي آخرها، وفي الأحاديث الصحيحة، الرجل والمرأة كل يعطى حقه نصيباً مفروضاً، كما بين سبحانه أن للرجل النصف من زوجته إذا كان ما لها أولاد، والربع إذا كان لها أولاد ولو واحداً، والزوجة تعطى الربع من زوجها إذا كان ما له أولاد، وإذا كان له أولاد ولو من غيرها؛ تعطى الثمن، والعبد يعطى السدس إذا كان لولده أولاد، والأم كذلك تعطى السدس، وإذا كان ليس له أولاد تعطى الثلث، إلا أن يكون له إخوة فإنها تعطى السدس، والأب إذا كان ليس لولده أولاد يأخذ المال كله إذا كان مالاً له يأخذه عصباً، أو فرضاً مقدراً لا عصباً، وهكذا بقية الورثة، كلهم داخلون في الآية الكريمة لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ [النساء:7] (للرجال): جنس يشمل الآباء والأولاد والإخوة، وهكذا النساء: يشمل الأمهات والزوجات والبنات والأخوات، فصل الله مواريثهم كلها سبحانه وتعالى.
 
7- إذا كنت أشك في الطعام الذي آكله بأنه حرام، أي: لست متأكدة أنه حلال، وأكلت منه، فما حكم ذلك؟ وإذا زرت أحد أقاربي وأكلت عندهم مما ضيفوني به، وإذا كنت لست متأكدة أنه حلال، فماذا أفعل، وإن أكلته فهل علي إثم؟
الأصل يا أيها الأخت الحلال, فدعي عنك الشكوك وكلي مما يسر الله لك, وهكذا عند أقاربك, وجيرانك, ودعي الشك والأوهام, واحملي أهل بيتك وجيرانك وأقاربك على أحسن المحامل, ودعي الشكوك التي تسبب النفرة وترك الطعام الذي أحله الله- جل وعلا- في بيتك أو بيت جيرانك أو أقارب ، هذا هو الأصل الله- جل وعلا- أحل لنا الطيبات حرم علينا الخبائث وقال- سبحانه- يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (البقرة:168) هذه وساوس من خطوات الشيطان فدعيها واحذريها واحملي ما قدم إليك من أبيك أو أمك أو أولادك على الحلال, وهكذا ما قدم إليك من جيرانك وأقاربك إذا زرتيهم احمليه على الحلال إلا إذا تيقنت أن هذا حرام، أن هذا لحم محرم يعني من لحوم الكلاب, من الميتة حتى تتيقني أن الشيء محرم, أو أنه لم يذبح على اسم الله صاحبه تعمد ترك التسمية ولم يبالي إلى غير هذا المقصود الواجب عليك حسن الظن والبعد عن الشكوك والأوهام, فإذا جزمت يقينا أن هذا الطعام محرم فدعيه لا من طريق الوساوس بل من طريق الجزم ، إذا جزمت أنه خبز مسروق جابته فلانة سرقته, أو غصبته من إنسان لا تأكلي إذا علمت هذا, أو علمت أن هذا اللحم مسروق أو أن لحم حيوان محرم كالحمير, والبغال, والكلاب وما أشبه ذلك, أو أنه لحم لم يسمى عليه اسم الله عمداً أم إن كان عن نسي و جهل يعفى عنه والحمد لله.  
 
8- هل غرف الماء للوضوء بواسطة اليد يجعل الماء غير طاهر، علماً بأني أغسل يدي قبل ذلك بالماء والصابون؟ وإذا توضأت وغرفت بيدي فهل يؤثر ذلك على طهارة الماء، علماً بأني سمعت أن المتوضئ يجب أن تصب له المياه ولا يضع يديه داخلها، ولا يغرف منها، وإن كان ذلك صحيحاً فمن لا يوجد عنده حنفية تصب الماء، أو لا أحد حوله يستعين به ليصب له الماء للوضوء فماذا يفعل، نرجو توضيح كيفية الوضوء بشيء من التفصيل؟
لا حرج في استعمال الماء باليد وأن تغرفي بيدك تغسلي, تتمضمضين, تستنشقين تغسلي وجهك ويديك تمسحي رأسك وأذنينك وتغسلي رجليك بالغرف تغرفي باليد اليمنى وتصبي على العضو ولا حرج في ذلك بل هذا هو المشروع كان النبي يفعل هذا - عليه الصلاة والسلام- كان يغرف إذا أراد الوضوء غسل يديه ثلاثا مرات أولاً كفيه, ثم غرف بيده اليمنى واستنجى بالماء في قبله ودبر, وكان يستعمل الماء يغرف ويتمضمض ويستنشق ويغسل وجهه ثم يدخل يده ويغرف فإدخال اليد في الماء لا يضره ولا حاجة إلى الصابون تغسلي يديك بالماء ثلاث مرات يكفي في أول الوضوء ما في حاجة لصابون ولا غيره الماء يكفي ، كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يغسل يديه بالماء وحده -عليه الصلاة والسلام- ثلاث مرات قبل الوضوء ثم يدخل يده في الماء فيتمضمض ويستنشق إلى آخره هذا الذي سألتي من التكلف والوساوس القبيحة دعي عنك الوساوس واحذريها فإن الشيطان حريص على أن يدخل الوساوس على بني آدم والماء لا يتأثر بذلك, ولا يتنجس بذلك, لكن إذا قمت من النوم يتأكد من غسلها ثلاثاً آكد من النهار ثلاثاً قبل أن تدخليها في الإناء, ولو أدخلتيها فيه لا ينجس الماء حتى ولو من النوم الماء طاهر الماء طهور لكن تكوني قد أخطأت حين أدخلتيها الإناء قبل أن تغسليها ثلاثا, فالمقصود أن السنة غسلها ثلاثاً سواء في اليقظة أو بعد النوم ولكنه يتأكد غسلها بعد النوم ولا سيما نوم الليل, ثم تدخلي اليد اليمنى وتغرفين, وإن كان كباس يصب الماء أخذت من الكباس بيدك اليمنى وغسلت وصبيتي على يدك اليسرى، المقصود أن هذا لا حرج فيه والحمد لله وإياك والوساوس احذريها أما إذا كان في اليد نجاسة أو شيء لزج كالدسم وغسلتيه بالصابون لا بأس طيب.  
 
9- نحن أخوات عدة، وأنا أكبر واحدة في المنزل عند والدي، أقوم بأداء صلاتي بإذن الله، وإن شاء الله أنني مرضية لوالدي، لدي أخت تصغرني بسنتين عمرها الآن ثمان عشرة سنة تشعر أن والدتي تفضلني عليها في كل شيء، في الأكل واللباس وحتى في الحديث والكلام، وهي لأجل ذلك تشعر بكراهية لي ولا تطيق أن تسمع بسيرتي، ولا تجلس معي وتتحدث معي في البيت إلا بأشياء ضرورية جداً، فماذا أتصرف تجاهها، وخاصةً أننا نتشاجر كثيراً، وجميع من أقول له ذلك يقول: هذا شيء طبيعي! فكل أخوين وراء بعض يكون بينهم من الغيرة ما هو غير عادي، وأنا دائماً أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم كلما تشاجرنا، ولا أرد عليها إلا في بعض الأحيان القليلة، وهي تظن عندما أسكت أنني خائفة منها، أرجوكم وضحوا لي حكم هذا، وماذا يجب علي أن أفعل حتى أرضي الله وأرضي والدي؟
الواجب عليك أيها الأخت في الله الصبر والاحتساب, والمخاطبة لأختك بالكلام الطيب, والأسلوب الحسن, ولا سيما إذا كانت تشعر بأن أمها لم تعدل فأشعريها بالكلام الطيب, وتكلمي مع الوالدة في العدل لأنه واجب على أمك أن تعدل بينكما يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) ، فعلى الوالدة أن تعدل في كلامها معكما, وفي كل شيء حتى لا ترى أختك الصغيرة أنها مظلومة, وأنت كذلك عليك الأدب في الكلام, وعدم السب, وعدم الشتم, وعدم النهر والعنف, وعليك بالكلام الطيب, والواجب على أختك أيضا الإنصاف واحترام أمها واحترامك أيضا لأنك الكبيرة فعليها أن تتقي الله, وعليها أن تخاطبك بالكلام الطيب, وأن تخاطب أمها بالكلام الطيب وأن تعرف لأمها حقها, وأن تعرف لك حقك في الكبر, كل هذا واجب عليكما والتعاون خير عليك أيضاً أنت أن تصبري وأن تنصحيها وتنصحي الوالدة حتى يتم العدل, وحتى يكون منك الأخلاق الفاضلة, والصبر الجميل, والعناية بأختك الضعيفة التي تتوهم أنها مظلومة, وبالتعاون بينكما على البر والتقوى يحصل الخير العظيم, وبالنصيحة للوالدة يكون إن شاء الله الخير العظيم, فلا بد من صبر منكم جميعاً ولا بد من الحلم والخلق الكريم مع أختك هذه التي تتوهم أنه مظلومة حتى يزول عنها هذا الوهم إن شاء الله.
 
10- ما هي كيفية الاغتسال لصلاة الجمعة، وهل يكفي الاغتسال عن الوضوء للصلاة، وما الحكم فيما إذا لمس المرء عورته وهو يغتسل، هل يؤثر ذلك على الطهارة؟
غسل الجمعة مثل غسل الجنابة, والأفضل أن يتوضأ وضوءه للصلاة قبل ذلك, ثم يغتسل ويصب الماء على رأسه ثلاث مرات, ثم شقه الأيمن, ثم الأيسر, ثم يكمل الماء على جسده هذا هو الأفضل بعد الوضوء, وإن توضأ بعد ذلك فلا بأس، ولا يجزئه الغسل عن الوضوء, ولكن يتوضأ بعد ذلك, أو يقدم الوضوء وهو الأفضل, وإذا مس عورته بعد الغسل يعيد الوضوء, إذا مسها بعد الغسل يعيد الوضوء أما إذا لمس عورته حين الاستنجاء وقبل الغسل, أو قبل أن يشرع في الغسل لمس عورته لا يعيد الغسل, لكن يعيد الوضوء إن كان قد توضأ يعيد الضوء؛ لأن لمس العورة ينقض الوضوء, ولكن لا ينقض الغسل، الغسل ماشي ولو مس عورته وغسله ماشي صحيح, لكن إذا الوضوء سبق يعيد الوضوء وإن كان وضوءه بعد ذلك كفاه والحمد لله.  

523 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply