حلقة 92: يجوز للزوج إبقاؤها في عصمته من دون أن ينفق عليها إذا سمحت - الخطبة وعقد القران بعد التحلل الأصغر - رمي الجمرات في أول أيام التشريق - من تحلل من العمرة ثم خرج من مكة - زكاة الأرض التي للتجارة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

42 / 50 محاضرة

حلقة 92: يجوز للزوج إبقاؤها في عصمته من دون أن ينفق عليها إذا سمحت - الخطبة وعقد القران بعد التحلل الأصغر - رمي الجمرات في أول أيام التشريق - من تحلل من العمرة ثم خرج من مكة - زكاة الأرض التي للتجارة

1- رجل أراد السفر لطلب العلم وله أهل من الزوجة والأولاد، وشاور مع زوجته في طلاقها وعدم نفقتها، وقالت: لا تطلقني وقد عفوت عن نفقتي وخلافه، فهل تبقى بدون نفقة ولا يضره شيء أم لا؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فالحق للمرآة لا لغيرها، فإذا سمحت عن نفقتها فلا حرج، ويجوز للزوج إبقاؤها في عصمته من دون أن ينفق عليها إذا سمحت، ومتى عادت وطلبت النفقة فإنه يخير إما أن ينفق وإما أن يطلق.  
 
2- إذا تحلل الحاج التحلل الأصغر وبقي عليه الإفاضة والسعي، فهل له أن يخطب ويعقد القران؟ لقد فعلت ذلك منذ تسع سنوات، وتذكرت ذلك في حج هذا العام؟
هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم ، والأرجح أنه لا حرج عليه في الخِطبة، وفي العقد ؛ لأنه قد تحلل، وصار غير محرم، يتطيب ويقلم أظفاره، ويقص شعره ولا حرج عليه ما بقي عليه إلا جماع النساء، فلا حرج في ذلك، وإن تورع وترك الخطبة، وترك عقد النكاح حتى ينتهي من أعمال الحج من الطواف والسعي فهذا أحوط من باب الخروج من الخلاف، وإلا فالعقد صحيح والخطبة لا بأس بها. وأما قوله - صلى الله عليه وسلم-: (لا ينكح المحرم ولا ينكح). هذا المراد إذا كان في حال الإحرام، أما الذي قد تحلل، تحلل الأول فقد فسخ الإحرام، وصار من جملة الحلال ما عدا شيئاً واحداً وهو ملامسة النساء، يعني جماع النساء.    
 
3- من لم يتمكن من المبيت بمنى في أول ليلة من ليالي أيام التشريق هل يرمي الجمرات في أول أيام التشريق؟ وكذلك من لم يتمكن من المبيت في الليلتين الأوليين هل يمكنه رمي الجمرات عن اليومين في اليوم الثاني من أيام التشريق؟
رمي الجمرات نسك مستقل، والمبيت نسك مستقل ، فالواجب على الحاج هذا وهذا على الحاج أن يبيت في منى في الليلة الحادية عشرة والثانية عشرة إن تعجل، فإن لم يتعجل بات الثالثة عشرة أيضاً، وعليه رمي الجمار في الأيام كلها، يوم العيد والحادي عشر والثاني عشر إن تعجل، وعليه أيضاً أن يرميها في الثالث والرابع عشر إن لم يتعجل، فإذا ترك المبيت لعذر كالسقاة والرعاة والمريض كأن احتاج إلى المستشفى والنقول إليه ، أو نحوه ممن له شغل شاغل يشغله عن المبيت، وهو شغل مهم فلا حرج عليه، وكذلك الرمي مستقل إن تيسر أن يرمي في يوم العيد وفي أي الأيام الثلاثة كل شيء في وقته فهو السنة وهو الأفضل فيرمي جمرة العقبة يوم العيد نهاراً هذا هو الأفضل، وإن رماها في آخر الليل كالضعفة أجزأته على الصحيح، وهكذا يوم الحادي عشر يرميها بعد الزوال نهاراً وإن شق عليه ذلك رماها ليلاً في الليلة في الثانية عشرة لليوم الحادي عشر على الصحيح، والمسألة خلافية في الليل، لكن هذا هو الأرجح يجوز رميها بعد غروب الشمس إلى آخر الليل تبعاً لليوم الذي قبله، وهكذا اليوم الثاني عشر له أن يرمي في النهار والسنة بعد الزوال فإن شق عليه ذلك رمى بعد الغروب في الليلة الثالثة عشرة وأجزأه ذلك على الصحيح، وعليه أن يبيت ويرمي في اليوم الثالث عشر لكونه أدركه المساء ولم يتعجل. ولا يجوز الرمي أبدا قبل الزوال في الأيام الثلاثة؛ لأن الرسول رمى - عليه الصلاة والسلام - رمى بعد الزوال في الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر وقال : (خذوا عني مناسككم). وما يروى عن بعض السلف من الترخص في الرمي قبل الزوال، وما أفتى به بعض المتأخرين كله غلط ولا يجوز الأخذ به، بل يجب التقيد بما فعله الرسول - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ، وهو الرمي بعد الزوال ، لكنه - عليه الصلاة والسلام- لم يحدد النهاية، ولم يقل لا ترموا بعد غروب الشمس، فمن هذا جاز الرمي بعد غروب الشمس توسعة للمسلمين؛ لأن العدد الكثير والوقت الذي بين الزوال والغروب ضيق، فلهذا ترجح قول من قال بجواز الرمي بعد الغروب إلى آخر الليل تابعاً لليوم الذي قبل الليلة. ولو أخر رمي الحادي عشر إلى الثاني عشر ثم رتبهما بالنية بعد الزوال، أو أخر الثاني عشر إلى الثالث عشر ورتبتهما بالنية صار اليوم كاملا بنيته ثم رمى اليوم الذي بعده كاملاً بينته فلا حرج عند جمع من أهل العلم، ولكن رمي كل شيء في وقته هو الأولى والأفضل. والعاجز الذي لا يستطيع الرمي يُوكل كما يرمى عن الصبيان لعجزهم فهكذا يرمى عن العجائز والشيوخ الكبار والمرضى وأشباههم ممن يخشى عليهم من الرمي لما قد يقع فيه من المزاحمة والمضايقة.  
 
4- من أحرم بعمرة من ميقاته، ثم تحلل منها بعد أن أداها، ثم توجه لزيارة المسجد النبوي بالمدينة، وأثناء عودته إلى مكة دخلها بدون إحرام، ظنا منه أن الإحرام بالحج يكون يوم التروية من مكة؟
هذا يقع للناس كثيراً ظنا منهم أن تحللهم للعمرة كافي ولا حاجة إلى أن يحرموا لعمرة أخرى ولا بحج مبكر، والذي ينبغي في مثل هذا أنه إذا عاد من المدينة يعود بإحرام بحج أو بعمرة ثانية، وإذا كان الوقت مبكراً عاد بعمرة ثانية، والعمرة فيها خير عظيم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم­- : (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة). فإذا عاد بعمرة أخرى كان خيراً له، وإن عاد بحج وصبر على البقاء إلى وقت الحج فلا بأس؛ لأنه قد تحلل من العمرة، وإن قلبه إلى العمرة وفسخه إلى عمرة وتحلل منها ، تحلل من العمرة فلا بأس أيضاً إذا كان الوقت طويلاً. أما عوده بدون إحرام فلا ينبغي؛ لأن ظاهر النصوص تدل على أنه لا بد من الإحرام، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - لما وقت المواقيت قال: (هنَّ لهنَّ ولمن أتى عليهن من أهلهن ممن أراد الحج والعمرة). وهذا قد قدم من المدينة يريد الحج، فظاهر النص أنه يلزمه الإحرام، والقاعدة الشرعية الذي عليها جمهور أهل العلم أن من ترك الإحرام من الميقات وهو يلزمه وجب عليه دم، يذبح ويوزع في مكة المكرمة، فهذا وأشباهه إن أهدوا هديا لأنهم تركوا الإحرام فهو أحوط لهم وأولى لظاهر الأدلة، وظاهر كلام أهل العلم - رحمة الله عليهم-، والله - سبحانه وتعالى- أعلم-. ولا شك أن ...... بعض الشبهة لهم، ولهذا قلنا الأحوط لهم أن يهدوا لأن لهم شبهة بأنهم قد حلوا من العمرة وأتوا راجعين إلى مكة ينتظرون الحج فهذه شبهة لهم فلهذا في وجوب الهدي عليهم التوقف، لكن بكل حال إذا أهدوا فهو أولى وأحوط. المقدم: طيب.. إذا تجاوز الحاج ميقاته، هل له أن يأتي بحج مفرد؟ فمثلاً لو خرج مثلاً إلى الطائف وهو من أهل نجد، بعد أن اعتمر العمرة في أشهر الحج، فهل له أن يأتي بحج مفرد؟ الشيخ: مثلما تقدم، مثلما تقدم في قصة أهل المدينة إذا جاء من الطائف يحرم من ميقات الطائف بحج أو بعمرة ثانية، كذلك إذا جاء المدينة أو جاء من اليمن، أو جاء من الشام أو غيره إذا عاد يحرم من الميقات بعمرة ثانية إذا كان الوقت واسع، أو بالحج. المقدم: لكن لو أحرم بالحج هل يلزمه؟. الشيخ: الصواب أنه يكون متمتعا، وأن خروجه إلى الطائف أو إلى المدينة ما يخرجه عن التمتع؛ لأنه في مواضع الحج ، وفي موسم الحج في أشهر الحج على الصحيح إلا إذا عاد إلى أهله، إذا عاد إلى أهله ثم جاء بحج مفرد هذا يكون مفرداً للحج عند الأكثر؛ لأنه جاء عن عمر - رضي الله عنه- وابنه أنهما قالا فيمن ذهب إلى أهله ثم عاد بحج أنه ليس بمتمتع، وأنه لا هدي عليه؛ لأن ذهابه إلى أهله خروج من غاية العمرة السابقة وانتقال منها إلى حاله الطبيعية الأولى ثم عاد بالحج إلى مكة المكرمة فصار حجاً مفرداً بخلاف الذي جاء بالحج والعمرة وبقي إلى الحج والعمرة، لكنه تردد بين المدن المجاورة لمكة والقريبة منها فهذا لم يخرج عن كونه جاء للحج، وتمتع بالعمرة إلى الحج.  
 
5- المسافر بالطائرة الذي لم يحرم إلا من جدة؛ لأن ملابس إحرامه كانت في الحقيبة، والحقيبة كانت في مخزن الأمتعة بالطائرة، وكان يعتقد أن الإحرام لا يصح إلا بملابس الإحرام، ما الذي عليه؟
الذي جاوز ميقاته وأتى جدة وأحرم منها عليه دم عند أكثر أهل العلم، لكونه ترك واجباً عليه لعمرته أو حجه، ولقول ابن عباس - رضي الله عنهما-: من ترك نسكا أو نسيه فليرق دماً. يروى مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- ويروى موقوفاً عليه - على ابن عباس- وهو الأصح، لكنه في حكم الرفع؛ لأن مثل هذا الكلام تأسيس لقاعدة شرعية لا يقال من جهة الرأي، ولهذا أخذ به الجمهور وقالوا على مثل هذا دم لأنه ترك واجبا، ثم ينبغي لمثل هذا أن ينتبه، فإذا جاء وقت الإحرام وليس معه ملابس الإحرام يحرم بما عليه. إن كان عليه سراويل ترك السراويل- (أي يبقي السراويل) - ونزع القميص والعمامة، وجعل بعضها على كتفيه ويكفي، ويبقى السراويل عليه ، ولا عليه شيء، وإن شاء اتخذ قميصه إزاراً حتى يصل إلى جدة وكفى، وأزال ما على رأسه، وبهذا يسلم من تجاوز الميقات بغير إحرام، ويسلم من الفدية، فإن أحرم على حاله فهو أولى، إذا أحرم على حاله ولم يغير فهو أولى من التأخير، لكن إذا أمكنه أن يخلع القميص، ويبقى عليه سراويل إذا كان عليه سراويل هذا هو الواجب عليه يبقى في السراويل، ويزيل القميص والعمامة التي على رأسه ، وهو مخير إن شاء وضع القميص كذا .. على كتفيه ، أو عمامته على كتفيه تقوم مقام الرداء وإن شاء ترك، فإذا وصل إلى جدة أمكنه أن يغير، فإن لم يفعل لزمه أن يحرم ولو بشال على ثيابه هذه التي عليه، لزمه أن يحرم ، وإذا وصل مكة فدى بأحد ثلاثة: صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة؛ كما أفتى النبي - صلى الله عليه وسلم- بذلك كعب بن عجرة لمَّا حلق رأسه، فهذا الذي أحرم في ثيابه المخيطة وعمامته ولم يخلعها عليه أن يفدي بإحدى هذه الثلاث: إما صيام ثلاثة أيام، وإما إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من التمر أو من الأرز، أو غيرهما من قوت البلد ، وإما ذبح شاة هذا عن المخيط، ومثل ذلك على عن تغطية الرأس إذا لم يكشف رأسه فيكون عليه كفارتان إحداهما عن تغطية الرأس إذا لم يكشفه. والثانية عن المخيط الذي عليه، وهذا أولى له من تأخير الإحرام إلى جدة، ونحوها، فيحرم وهو الواجب عليه، ويكون إحرامه في ثيابه، ويفدي هذه الفدية، لكن إذا أمكنه أن يخلعها، ويبقى في السراويل وجب عليه ذلك كما تقدم.   
 
6- هل على من له منحة أرض زكاة وهو ينويها للتجارة، ومضى عليها أربع سنوات وهو لم يستلمها وإنما استلم صكها ورقم القطعة؟
ليس عليها زكاة إلا إذا استلمها وعرفها واستقرت في يده، ونوى عليها التجارة.  
 
7- ما حكم من عكس العمرة، فقدم السعي على الطواف وتحلل؟
الصواب أنه لا حرج عليه، ولا حرج في تقديم السعي على الطواف. السنة أن يكون بعد الطواف ، كما طاف النبي - صلى الله عليه وسلم- وسعى هذا السنة، لكن من جهل أو نسي صحت عمرته وصح حجه، إذا سعى قبل الطواف للعمرة أو سعى قبل الطواف للحج أجزأه ذلك لأمرين أحدهما: قول النبي - صلى الله عليه وسلم- لما سئل عن أعمال الحج يوم العيد : (افعل ولا حرج، افعل ولا حرج). سئل عن التقديم والتأخير فكان يقول : (افعل ولا حرج). قال الراوي: فما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: (افعل ولا حرج). وهذا يعم طواف السعي. وإذا جاز في الحج جاز في العمرة؛ لأن أحكامهما سواء، والحج أعظم. الأمر الثاني: أنه ثبت عنه - عليه الصلاة والسلام - بإسناد صحيح عند أبي داود أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله: سعيت قبل أن أطوف؟ قال: (افعل ولا حرج). لما سأله عن السعي، قال: (لا حرج). يعني السعي قبل الطواف قال: (لا حرج). وهذا نص صحيح صريح، يؤيد العموم السابق، وهذا قول جماعة من أهل العلم، والأكثر على أنه لابد من تقديم الطواف على السعي، لكن الصحيح هو جواز تقديم السعي، وإن كان خلاف قول الأكثر؛ لأن المعول هو الدليل، المعول عليه هو الدليل ، والله يقول – سبحانه -: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ [(59) سورة النساء].. الآية. ويقول سبحانه وتعالى: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [(10) سورة الشورى].. الآية.  

468 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply