حلقة 353: حكم عقوق الوالدين - ما هي الأوقات المستحبة لصلاة التطوع - حكم الدعاء في السجود أثناء صلاة الفريضة - حكم تغطية اليدين والرجلين للمرأة في الصلاة - حكم معاملة المسلم لغير للكافر - ما حكم اتباع المذاهب الأربعة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

3 / 50 محاضرة

حلقة 353: حكم عقوق الوالدين - ما هي الأوقات المستحبة لصلاة التطوع - حكم الدعاء في السجود أثناء صلاة الفريضة - حكم تغطية اليدين والرجلين للمرأة في الصلاة - حكم معاملة المسلم لغير للكافر - ما حكم اتباع المذاهب الأربعة

1-   فتاة تكره أمها كراهية شديدة، والأم لا تعرف ذلك، وهذه الفتاة عاشت بعيدة عن أمها مع والدها ولم ترها إلا في الكبر بسبب طلاق الأم لظروف عائلية، مع العلم إنها تقدم لأمها الهدايا وقد سألت بعض العلماء فقالوا: إن ميل القلب لا يحاسب عليه الرب، فما رأيكم؟ وترجوا التوجيه؛ لأنها تخشى أن يكون ذلك من العقوق، وهل للطلاق أثر على تلك الحالة التي تعيشها تلك البنت؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله, وصلى الله وسلم على رسول الله, وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فلا ريب أن القلوب بيد الله- عز وجل- يصرفها كيف يشاء- سبحانه وتعالى-, فالمحبة في القلب والكراهة أمران بيد الله- عز وجل-, لكن لهما أسباب, فإذا كانت الوالدة ذات عطف على البنت, وعناية بشئونها كان هذا من أسباب المحبة, وإذا كانت الوالدة ليست كذلك بل عندها إعراض عن البنت وعدم اكتراث بها, أو طالت غيبتها عنها كالسائلة فإن هذا قد يسبب شيئاً من الكراهة والجفوة, والواجب عليك أيها البنت تقوى الله في ذلك, وأن تحرصي على صلتها, والإحسان إليها, وبرها والكلام الطيب معها في جميع الأحوال, وأن تسألي ربك أن يشرح صدرك لمحبتها؛ لأن حق الوالدة عظيم, وبرها من أهم الفرائض, فإذا لم تستطيعي ذلك, فالأمر بيد الله ولا يضرك, فأمر القلوب بيد الله هو الذي يصرفها كيف يشاء- سبحانه وتعالى-, ولهذا كان من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك, ويا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك), فالقلوب بيد اله هو مقلبها- سبحانه وتعالى- فأنت تضرعين إلى الله- عز وجل-وتسألينه أن يشرح صدرك لمحبتها, والقيام بحقها وبرها كما شرع الله, وعليك أن تفعلي ما تستطيعين من البر والصلة من هدايا وغيرها من الأشياء التي تسبب أداء الواجب ويحصل بها رضا الوالدة ومحبة الوالدة لكِ, وأما أنتِ فليس عليك إلا ما تقدرين فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ(التغابن 16) لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا(البقرة286) ولا يجب عليك من المال أو الهدايا ما لا تقدرين, ولا يجب عليك شيء من جهة النفقة إذا كانت بحمد لله مستغنية, إنما هذا من باب العطف, ومن باب الإحسان, ومن باب التودد إذا أهديت لها شيئاً وأنت قادرة من مال طيب فهذا كله طيب نسأل الله لك التوفيق. أختنا تعزو السبب بأنها افترقت عن أمها بسبب الطلاق؟ قد يكون هذا هو السبب, قد يكون هناك أسباب أخرى لكن كم لله من بنت تبتعد عن أمها وهي تحن إليها ولو بعدت, تحن إليها وتحرص على لقائها ولكن الأمر بيد الله, فقد يكون هناك أسباب أخرى من جهة كون الأم ما تكتب إليها, أو ما تسأل عنها, أو ما توصي عليها بالسلام, أو ما أشبه ذلك من أنواع الجفا. بارك الله فيكم ، إذا كان الفرقة بين الأبناء يسبب هذا فما بالكم إذا ابتعد المرأة عن بيتها وتركت أطفالها للخدم أو ما أشبه ذلك؟ لا شك أن هذا يضر كثيراً, ويجعل الولد ينشأ نشأة فيها نظر, ولاسيما إذا كانت الخادمة ليست ذات دين, فإن الأولاد ينشئون نشأة غير دينية, وعليهم خطر من ذلك, فمن الأهم أن تتولى الأم تربية الأولاد التربية الإسلامية, وأن تعطف عليهم, وتحن عليهم, وتواسيهم, وتنظر في حاجاتهم وشئونهم, وتقدم ذلك على الوظيفة مادام الزوج يقوم بحالها وحاجاتها فلا حاجة إلى الوظيفة, قيامها بأولادها وتربية أولاها, والإحسان إليهم, وتوجيههم إلى الخير أهم وأهم وأهم من الوظائف التي تدر مالاً ليست في حاجة إليه, ولا في ضرورة إليه والله المستعان. 
 
2-  ما هي الأوقات المستحبة لصلاة التطوع، وهل تجوز الصلاة قبل المغرب بساعة، صلاة التطوع؟
كل الليل والنهار محل تطوع, كل الليل والنهار الله- جل وعلا- جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً -سبحانه وتعالى- كما قال- عز وجل- في كتابه العظيم: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا(الفرقان62), لكن يستثنى من ذلك أوقات النهي ما بين صلاة الفجر إلى ارتفاع الشمس هذا وقت نهي عن الصلاة, كذلك ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس محل نهي عن الصلاة, كذلك عند قيامها قرب الظهر عند وقفة الشمس يعني عند توسطها كبد السماء وهي مدة قليلة هذا وقت نهي أيضاً, أما بقية الأوقات مثل الضحى بعد ارتفاع الشمس إلى وقوف الشمس, بعد الظهر كله ما بين الظهر والعصر كله محل صلاة, الليل كله محل صلاة, فصلاة الضحى متأكدة وسنة مؤكدة, هكذا التهجد في الليل وبين العشاءين كله محل عبادة فيه خير كثير وفضل كبير, لكن أوقات النهي لا يصلى فيها إلا لسبب كصلاة الطواف لمن طاف بعد العصر أو بعد الصبح يصلي صلاة الطواف, مثل سنة الوضوء لمن توضأ يصلي ركعتين سنة الوضوء ولو بعد العصر والصبح, مثل لو كسفت الشمس بعد العصر شرع أن يصلى لها صلاة الكسوف في أصح قولي العلماء, مثل تحية المسجد لو دخل المسجد؛ لأجل الدرس بعد العصر, أو ليجلس فيه إلى الغروب سن له أن يصلي تحية المسجد هذا مستثنى, ويقال لها ذوات الأسباب هذا الصحيح أنها تستثنى ولا بأٍس بها في أوقات النهي على الصحيح من أقوال العلماء. بارك الله فيكم  
 
3- ما هو الدعاء الذي أدعو به ليستجاب لي، وهل الدعاء بطلب دنيا كالزواج وغيره جائز في السجود أثناء صلاة الفريضة؟
الله شرع لعباده الدعاء فقال- سبحانه-: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ(غافر60), وقال -عز وجل-: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ (البقرة186) والسجود محل دعاء, وأحسن الأوقات للدعاء آخر الليل وجوف الليل وجميع الليل, وهكذا السجود في الصلاة ولو فريضة, وهكذا آخر الصلاة قبل السلام بعد التحية بعد التشهد, وبعد الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - محل دعاء قبل السلام, فينبغي لمن أراد أن يدعوا أن يتحرى هذه الأوقات, وهكذا بين الأذان والإقامة الدعاء لا يرد فينبغي تحري الدعاء في هذه الأوقات, ومن أهمها آخر الليل يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ينزل ربنا إلى السماء كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر ويقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له), وفي لفظ آخر يقول- سبحانه-: (هل من داعٍ فيستجاب له هل من سائل فيعطى سؤله هل من تائب فيتاب عليه حتى ينفجر الفجر), هذا وقت عظيم ينبغي للمؤمن والمؤمنة أن يكون لهما فيه حق بالتهجد والصلاة والدعاء والاستغفار, وهذا التنزل الإلهي تنزل يليق بالله -جل وعلا- لا يشابه في خلقه- سبحانه وتعالى- فهو ينزل-جل وعلا-نزولاً يليق بجلاله لا يعلم كيفيته إلا هو-سبحانه وتعالى-, ولا يشابه خلقه في شيء من صفاته كالاستواء, والرحمة, والغضب, والرضا, والمجيء, ونحو ذبك يقول-سبحانه-:الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى(طه5) يعني استواءً يليق بجلاله, ومعناه العلو والارتفاع فوق العرش, لكن استواء يليق بالله لا يشابه فيه خلقه, فهكذا التنزل في آخر الليل وهو تنزلاً يليق بالله لا يشابه فيه خلقه, ولا يعلم كيفيته إلا هو-سبحانه وتعالى-كما قال-عز وجل-: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ(الشورى11), وكما قالت أم سلمة في الاستواء لما سئلت عن الاستواء قالت - رضي الله عنها - وهي أم المؤمنين إحدى زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: (الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول, والإقرار به إيمان, وإنكاره كفر), وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن شيخ مالك أحد التابعين-رحمه الله-لما سئل عن ذلك قال: (الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول - مثل ما قالت أم سلمة - ومن الله الرسالة, وعلى الرسول التبليغ, وعلينا التصديق) يعني على الأمة التصديق على الوجه اللائق بالله-سبحانه وتعالى-ولما سئل مالك- رحمه الله- إمام دار الهجرة في زمانه في القرن الثاني عن الاستواء قال: (الاستواء معلوم -يعني العلو والارتفاع-و الكيف مجهول - لا نعلم كيفيته -, والإيمان به واجب, والسؤال عنه بدعة ، وما أراك إلا رجل سوء ، ثم أمر بإخراجه), هذا الذي قاله مالك, وربيعة, وأم سلمة - رضي الله عن الجميع - هو قول العلماء كافة هو قول علماء السنة كافة من الصحابة ومن عبدهم كلهم يقولون في أسماء الرب وصفاته أنها يجب إثباتها لله على الوجه اللائق به-سبحانه وتعالى-, فالإقرار بها واجب, والإيمان بها واجب, والتكييف منفي لا يعلم كيفيتها إلا هو- سبحانه وتعالى-, ولهذا يقول سبحانه: وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (الإخلاص(4),ويقول- عز وجل-: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ(الشورى11) ويقول-سبحانه-: فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ(74), فهكذا النزول آخر الليل الكلام فيه واحد ينزل ربنا كما يشاء على الوجه اللائق به-سبحانه وتعالى-, ولا يعلم كيفيته إلا هو-سبحانه وتعالى-, وهكذا يغضب على أهل معصيته والكفر به, وهكذا يرضى عن أهل طاعته, وهكذا يحب أولياءه ويبغض أعداءه كلها تليق بالله بغض, ومحبة, وغضب, ورضا كله يليق بالله لا يشابه غضب المخلوقين, ولا بغض المخلوقين, ولا محبة المخلوقين بل ذلك إليه-سبحانه وتعالى-على الوجه اللائق به-جل وعلا- من غير تشبيه, ولا تعطيل, ولا تكييف, ولا تمثيل هذا قول أهل السنة والجماعة, وهو قول أهل الحق في جميع الصفات, فالواجب التزام هذا القول والثبات عليه, والرد على من خالفه والله المستعان. بارك الله فيكم ، إذاً من الأوقات المستحبة لرفع الدعاء ومن الأوقات المؤمل فيها الإجابة الثلث الأخير من الليل حيث ينـزل ربنا سبحانه كما تفضلتم؟ وهكذا السجود ولو في الفريضة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أما الركوع فعظموا فيه الرب, وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم) يعني فحريٌ أن يستجاب لكم وقال-عليه الصلاة والسلام-: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء) فإذا سألت المرأة زوجاً صالحاً في السجود, أو في آخر الصلاة, أو في آخر الليل, أو ذرية طيبة, أو مالاً حلالاً, وهكذا الرجل سأل ربه أن يعطيه زوجة صالحة أو مالاً حلالاً كل ذلك طيب, والزواج من الخير العظيم ليس من الدنيا المحضة بل هو من العبادات النكاح عبادة, وفيه مصالح كثيرة للرجل والمرأة, فإذا سألت المرأة في السجود, أوفي آخر الصلاة, أوفي آخر الليل أن الله يهبها زوجاً صالحاً, أو ذرية صالحة هذا من أفضل الدعاء, وهكذا بقية الحاجات اللهم أغنني بفضلك عمن سواك ، اللهم يسر لي مالاً طيباً حلالاً, اللهم أغنني عن سؤال خلقك اللهم ارزقني ذرية صالحة, أو ما أشبه ذلك مما يحتاجه الناس. بارك الله فيكم  
 
4- أختنا تسأل مع من يسأل من أخواتنا المستمعات سماحة الشيخ عن تغطية اليدين والرجلين في الصلاة، هل هو واجب على المرأة أم يجوز كشفها، ولاسيما إذا لم يكن هناك أجانب أو كانت في الصلاة مع نساء؟
أما الوجه في السنة كشفه في الصلاة إذا لم يكن هناك أجانب, السنة كشفه في الصلاة, وأما القدمان فالواجب سترهما عند جمهور أهل العلم عند الأكثر من أهل العلم, فالواجب تركه وفيه خلاف بعض أهل العلم يسامح في القدمين ولكن الجمهور على المنع, وأن الواجب سترهما ولهذا روى أبو داود-رحمه الله-عن أم سلمة -رضي الله عنها - أنها سئلت عن المرأة تصلي في خمار وقميص قالت: (لا بأس إذا كان الردع يغطي ظفر قدميها), فستر القدمين أولى وأحوط بكل حال, أما الكفان فأمرهما أوسع إن كشفتهما فلا بأس, وإن سترتهما فلا بأس الأمر فيهما واسع, بعض أهل العلم يرى أن سترهما أولى, ولكن الأمر فيما واسع إن سترتهما فهذا حسن إن شاء الله, وإن صلت وكفاها مكشوفتان فلا بأس. جزاكم الله خيراً   
 
5- كيف يحدد المسلم علاقته بالآخرين غير المسلمين من حيث المعاملة ومن حيث الاشتراك بحفلات توديعه لبعض الزملاء غير المسلمين؟
هذا أمرٌ فيه تفصيل فإن الكافر له حالات مع المسلم غير حالاته مع الكفار وغير حالات المسلم مع إخوانه المسلمين, المقصود أن المسلم لا يبدأ الكافر بالسلام, ولا مانع بل يجب أن يرد عليه إذا سلم يقول وعليكم ، ولا مانع من أن يسأله عن أولاده كيف حالك كيف أولادك لا بأس ، ولا بأس أن يأكل معه إذا دعت الحاجة إلى ذلك, ولا بأس أن يجيب دعوته كما أجاب النبي دعوت اليهود- عليه الصلاة والسلام-, وهكذا من طعامهم لكن لا يتخذه صديقاً, ولا حبيباً, ولا يواليه بمعنى ينصره على أخيه المسلم, أو يعينه على أخيه المسلم, بل يتخذه من عرض الناس لا يسأله خصوصية في صداقة مادام العمل يجمعهما, إنما يرد عليه السلام إذا سلم عليه يسأله عن حاله, يبيع أو يشتري منه, فالنبي باع من أهل الكتاب واشترى-عليه الصلاة والسلام-, ورد عليهم السلام, وأجاب دعوتهم كل هذا لا حرج فيه, إنما المحذور أن يتخذه صديقاً, أو ولياً هذا لا يجوز, فالمشركون بعضهم أولياء بعض, وأهل الإيمان بعضهم أولياء بعض, وإذا كان حفلة للتوديع بأن دعا بعضهم بعضاً في التوديع فهذا توقيه أولى عدم الحضور أولى, كون دعوة إلى توديع كافر البعد عن هذا أولى؛ لأن فيه شيء من الاحترام وشيء من التعظيم, فترك هذا أولى وأحوط فيما أرى. بارك الله فيكم  
 
6- قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (سيأتي زمانٌ على أمتي لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ومن الإيمان إلا رسمه، ومن القرآن إلا حرفه، همهم بطونهم، دينهم دراهمهم، قبلتهم نساؤهم، لا بالقليل يقنعون، ولا بالكثير يشبعون) ، السؤال: هل الحديث صحيح، وهل يدل على اقتراب يوم القيامة؟
لا أعلم صحة هذا الأثر, ولكن جاء معنى بعضه عن علي - رضي الله عنه - أنه قال: (يأتي على الناس زمان لا يبقى فيما يبقى من الإسلام إلا اسمه, ولا من القرآن إلا رسمه, مساجدهم عامرة وهي خرابٌ من الهدى, علماؤهم شر من تحت أديم السماء, من عندهم تخرج الفتنة وفيهم تعود), هذا مروي عن علي - رضي الله عنه -, وفي صحته نظر, وهذا معناه صحيح, فإن الأمور في آخر الزمان تتغير, ولا يبقى من الإسلام إلا اسمه, ولا يبقى من القرآن إلا رسمه؛ لأنهم لا يعملون به ثم يرفع إذا لم يبق إلا رسمه يرفع في آخر الزمان, وهو من أشراط الساعة, ويأتي على الناس زمان لا يقال فيه الله الله, ولا يقال فيه لا إله إلا الله كما صح به الحديث عن رسول الله- عليه الصلاة والسلام-, فهذا المعنى صحيح, هذا المعنى وإن كان الأثر فيه نظر لكن معناه صحيح؛ لأنه تتغير الأحوال في آخر الزمان, ويقل العلم والفضل كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (يتقارب الزمان, ويظهر الجهل, ويقل العلم, ويفشوا الزنا, ويشرب الخمر, ويكثر الهرج، قيل: يا رسول الله! وما الهرج؟ قال: القتل القتل) كل هذا واقع كما أخبر به النبي- عليه الصلاة والسلام-, وكذلك في آخر الزمان تعمر المساجد في اللبن بالحجر والإسمنت بأنواع العمارة, ولكن يقل قاصدوها والمصلون فيها لقلة الرغبة في كثرة الخير, وقلة الإيمان, وضعف الوازع الإيماني, كذلك يوجد علماء لكن منحرفون عن الهدى في آخر الزمان, وقد وجدوا في هذا الزمان وفي غير هذا الزمان ولكن يزداد الأمر شدة, يكونون علماء سوء علماء ضلالة يدعون إلى الفساد والشر, وإلى الشرك بالله- عز وجل-, وإلى البدع والخرافات وهم علماء في الاسم ولكن في الحقيقة ليسوا بعلماء لضلالهم وبعدهم الهدى نسأل الله السلامة. جزاكم الله خيراٌ  
 
7-   الطرائق الأربعة -ولا أدري لعله يقصد المذاهب سماحة الشيخ-: الأحمدية، والشافعية، والمالكية، والحنفية، هل هذه الطرائق صحيحة، وفي أي زمنٍ وجدت؟
هذه المذاهب الأربعة قصده المذاهب الأربعة, الأحمدية يعني أحمد بن حنبل, والشافعية أتباع الشافعي محمد بن إدريس الشافعي- رحمهم الله-, والمالكية أتباع الإمام مالك بن أنس- رحمه الله-, والحنفية أتباع أبي حنفية النعمان بن ثابت -رحمه الله- ، وهذه مذاهب معروفة, انتشرت في القرون المتأخر في القرن الثالث وما بعده, أما مذهب أبو حنيفة فعرف وانتشر في القرن الثاني, وهكذا مذهب مالك في القرن الثاني, وأما مذهب الشافعي وأحمد فاشتهرا بعد ذلك في القرن الثالث وما بعده, وهما على خير, وعلى هدى, وعلى حق- رضي الله عنهم ورحمهم- فهم علماء هدى, وعلماء خير, ولكن ليس معناه أن كل واحد معصوم ما يقع منه الخطأ, كل واحد له أغلاط حسب ما بلغهم من السنة, وحسب ما عرفوا من كتاب الله- عز وجل-, فقد يفوت بعضهم شيء من العلم وشيء من السنة هذا أمر معلوم هم وغيرهم, كالأوزاعي, وإسحاق بن راهوية, وسفيان الثوري, وسفيان بن عيينة, ووكيع بن الجراح, وإبراهيم الكلبي وغير ذلك من الأئمة المعروفين كل واحد منهم قد يفوته بعض العلم؛ لأن ليس كل واحد يحيط بالسنة ويحيط بالعلم قد يفوته بعض الأشياء, لكنهم أئمة هدى ولهم أتباع نظموا مذاهبهم وجمعوا مسائلهم وفتواهم, وكتبوا في ذلك حتى انتشرت هذه المذاهب, وعلمت بسبب أتباعهم الذين ألفوا فيها, وجمعوا فيها مسائل هؤلاء الأئمة وما أفتوا به في ذلك فقد يقع به بعض الأخطاء من بعضهم؛ لأنه لم تبلغه السنة في بعض المسائل فأفتى باجتهاده فقد يقع الخطأ من أجل ذلك, والآخر بلغه الحديث وعرف الحديث فأفتى بالصواب, فهذه تقع لكل واحد منهم في مسائل معدودة- رحمهم الله-. جزاكم الله خيراً  
 
8-  ما هي الأدعية التي تقال لغرض التخلص من وسوسة الشيطان؟
يدعوا الإنسان بما يسر الله له من الدعوات, اللهم أعذني من الشيطان, اللهم أجرني من الشيطان, اللهم احفظني من الشيطان, اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك, اللهم احفظني من مكائد عدوك الشيطان, ويكثر من ذكر الله, ويكثر من قراءة القرآن, ويتعوذ بالله عند الوسوسة, إذا عرضه الوسواس يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم, حتى ولو في الصلاة إذا غلب عليه في الصلاة ينفث عن يساره ثلاث مرات, ويتعوذ بالله من الشيطان ثلاث مرات, فقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه شكى إليه عثمان بن أبي العاص الثقفي ما يجده من الوساوس في الصلاة فأمره أن ينفث عن يساره ثلاث مرات, ويستعيذ بالله من الشيطان وهو في الصلاة, ففعل ذلك فأذهب الله عنه ما يجد. فالحاصل أن المؤمن والمؤمنة إذا ابتلي بهذا الشيء عليهما أن يجتهدا في سؤال الله العافية من ذلك, وأن يتعوذا بالله من الشيطان كثيراً, وأن يحرص على مكافحته فلا يطاوعانه لا في الصلاة ولا في غيرها, إذا توضأ يجزم أنه توضأ ولا يعيد الوضوء, إذا صلى يجزم أنه صلى ولا يعيد الصلاة, إذا كبر يجزم أنه كبر ولا يعيد التكبير مخالفة لعدو الله ومحاربة له, هكذا يجب على المؤمن أن يكون عدواً للشيطان محارباً له مكافحاً له لا يخضع له, فإذا قال أملى عليك أنك ما توضيت, ما صليت, وأنت تعرف أنك توضأت وصليت تشوف يديك الماء وتعلم أنك صليت فلا تطاوع عدو الله, اجزم بأنك صليت, واجزم بأنك توضأت ولا تعد شيئاً من ذلك, وتعوذ بالله من عدو الله الشيطان, هكذا يجب على المؤمن يكون قوياً في حرب عدو الله وفي مكافحته حتى لا يغلب عليه, وحتى لا يؤذيه فإنه متى غلب على الإنسان جعله كالمجنون يتلاعب به, فالواجب على المؤمن وعلى المؤمنة الحذر من عدو الله, الاستعاذة بالله من شره ومكائده, وبالقوة في ذلك, والصبر في ذلك حتى لا تطاوعه لا بإعادة صلاة, ولا بإعادة وضوء ولا في إعادة التكبير ولا في غير ذلك, وهكذا إذا قال لك ثوبك نجس, البقعة نجسة, الأرض التي وطئتها نجسة, مصلاك في كذا لا تطعه في ذلك, كذب عدو الله واستعذ بالله من شره, وصلي المكان الذي أنت تصلي فيه, والسجاد الذي تصلي عليها كذلك, والأرض التي تطأ عليها اعرف أنها طاهرة, إلا إذا رأيت بعينك نجاسة وطئتها رطبة اغسل رجلك والحمد لله, أما وساوس الأرض هذه فيها نجاسة, الحمام فيه نجاسة كذا كذا هذا كله من عدو الله, لا تطاوع عدو الله, واعرف أن الأصل هو الطهارة هذا هو الأصل, فلا تطاوع عدو الله في شيء إلا بيقين رأيته بعينك, وشاهدته بعينك حتى لا يغلب عليك عدو الله نسأل الله للجميع العافية. سماحة الشيخ، صاحب هذا السؤال هو الأخ السائل عن المذاهب الأربعة؟ نسأل الله أن يوفقنا وإياه للعلم النافع, والعمل الصالح, وأن يعيذنا وإياه من شر عدو الله الشيطان. جزاكم الله خيراً، لعل لاختيار مذهب معين أو كذا سماحة الشيخ له علاقة بهذا السؤال؟ هذا في حق طلبة العلم, أهل العلم عليهم أن لا يقلدوا أحداً, ولكن إذا انتسب إلى أحد المذاهب من باب الانتساب؛ لأنه رأى قواعده وأصوله توافقه فلا بأس, لكن ليس له أن يقلد زيد أو عمر لا الشافعي, ولا أحمد, ولا مالك, ولا أبا حنيفة بل عليه أن يأخذ من حيث أخذوا, وعليه أن ينظر في الأدلة فما رجح في الأدلة في مسائل الخلاف أخذ به, وأما ما أجمعوا عليه فالحمد لله, لكن في مسائل الخلاف ينظر في الأدلة, إذا كان الدليل مع أبي حنيفة أخذه, مع مالك أخذه, مع الشافعي أخذه, مع أحمد أخذه, مع الأوزاعي مع غيرهم أخذ الدليل، ورجح بالدليل؛ لأن الله يقول سبحانه: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59) سورة النساء، ويقول سبحانه: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ (10) سورة الشورى، فالواجب على أهل العلم أن يعرضوا ما تنازع فيه الناس على الأدلة الشرعية، فما رجح في الدليل وجب الأخذ به، أما العامي يسأل أهل العلم في زمانه، يتخير الناس الطيبين العالم الطيب الذي يظهر عليه التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم والورع ويظهر منه العلم ويشهد له الناس بالخير، يتحرى ويسأل، ومذهبه مذهب من أفتاه لا يتخلف، لكن يتحرى أهل العلم ويسأل في بلاده أو غير بلاده عن المعروفين بالعلم والفضل واتباع الحق المحافظين على الصلوات، الذين يعرفون باتباع السنة من توفير اللحى وعدم الإسبال، والبعد عن مواقف التهم، إلى غير هذا من الدلائل على استقامة العالم، فإذا أرشد إلى العالم ظاهره الخير، ومعروفٌ بالعلم سأله عما أشكل عليه والحمد لله، فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (16) سورة التغابن. سماحة الشيخ في ختام... 

497 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply