حلقة 366: تفسير قوله تعالى فللذكر مثل حظ الأنثيين - أهمية العدل بين الأبناء - أهمية تربية الأبناء على الصلاة - حكم قتل الحيوان المؤذي - حكم المرور بين يدي المصلي - صلاة الوتر - حكم من ارتكب ذنبا يقام عليه الحد وهو لم يبلغ الحلم - اليمين الغموس

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

16 / 50 محاضرة

حلقة 366: تفسير قوله تعالى فللذكر مثل حظ الأنثيين - أهمية العدل بين الأبناء - أهمية تربية الأبناء على الصلاة - حكم قتل الحيوان المؤذي - حكم المرور بين يدي المصلي - صلاة الوتر - حكم من ارتكب ذنبا يقام عليه الحد وهو لم يبلغ الحلم - اليمين الغموس

1- أرجو من سماحة الشيخ أن يبين لي في الآية الكريمة: ((فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ))[النساء:176]، هل ذلك في الميراث فقط، أم في جميع الأشياء من مأكل ومشرب وملبس, وسواء كان الأولاد أطفال صغار أم رجال ونساء كبار,

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالتفضيل بين الذكر والأنثى في الميراث هو نص القرآن الكريم قال الله جل وعلا: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ.. (11) سورة النساء ، في سورة النساء، وقال في آخرها: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176) سورة النساء، سبحانه وتعالى، هذا في المواريث، أما غير المواريث ففيه تفصيل: إذا كان عند الإنسان أولاد بعضهم أغنياء وبعضهم فقراء فإنه يلزمه إذا كان قادراً أن ينفق على الفقراء حتى يسد حاجتهم، وأما الأغنياء فلا يلزمه أن يعطيهم مثلما يعطي الفقراء، لأن هذه ليست عطية ولا مواريث إنما هي نفقة واجبة، وهكذا لو كان عنده أطفال نساء وذكور كبار أغنياء، فإنه ينفق على النساء حاجتهن وليس للذكور حق في ذلك، لأنها من باب النفقة لا من باب العطية ولا من باب الإرث، وإنما التسوية في العطية، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، يسوى بينهم في العطية كالإرث، للذكر مثل حظ الأنثيين، إذا أعطى الذكر ألفين أعطى الأثنى ألف، غير النفقة، أما النفقة فإنها على حسب الحاجة، فإذا كان الولد غنياً والبنت فقيرة أنفق على البنت، والعكس إذا كان الولد فقيراً والبنت غنية أنفق على الولد، ولا يلزمه في هذا التسوية ولا التفضيل، وهذا أمر معلوم عند جميع أهل العلم، وفق الله الجميع.  
 
2- بعض الآباء في المعاملة يميلون إلى البعض دون الآخرين, ويفرقون بينهم, هل من توجيه للآباء حول ذلك؟
الواجب على الآباء والأمهات تقوى الله في أولادهم والعدل بينهم في النصيحة والتوجيه والإرشاد والتعليم لأنهم جميعاً في الذمة أمانة، فيجب على الوالدين أن يتقوا الله في أولادهم، وأن يجتهدوا في تربيتهم التربية الإسلامية، وأن يحرصوا على الجد في الإحسان إليهم جميعاً وعدم التخصيص؛ لأنهم جميعاً في الذمة، فالواجب العناية بهم جميعاً، والحرص على تربيتهم التربية الإسلامية وإذا كانوا محاويج جميعاً وجب الإنفاق عليهم بحسب حاجتهم إذا كان والدهم قادراً على ذلك، أما أن يخصص بعضهم من غير موجب شرعي، بل بالهوى فلا يجوز، الواجب تقوى الله والعدل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، فعلى الأب وعلى الأم العدل وتحري الحق في تربية الأولاد والإنفاق على الأولاد وغير ذلك، لكن من عصى الله من الأولاد وعق والديه لا يكون حق مثل حق من أطاع وبر والديه، من عصا والديه وعقهم فهو يستحق العقوبة والتأديب، وليس له حق مثل حق من أطاع وبر، فالعاق يؤدب ويعامل بما يستحق حتى يدع العقوق وحتى يستقيم على بر والديه وألا يكون له من الحق مثل حق من بر والديه واستقام على طاعة الله فيهما، وهكذا من كان غنياً ليس له حق فيما يعطاه الفقير إذا كان أحد الأولاد فقيراً أو مريضاً ليس عند القدرة على الكسب وأبوه يستطيع فإنه ينفق عليه، وليس للغني حق في ذلك، بل هذا من أجل الحاجة، فالأب ينفق على ولده الفقير والأم كذلك، ولا يكون جائراً ولا ظالماً إذا أنفق على الفقير وعالج المريض؛ لأنه لا يستطيع وترك القادر الذي يستطيع، عنده المال ينفق على نفسه ويعالج نفسه فهو مستغني عن والديه بما أعطاه الله من المال. أما الفقير كالطفل والمريض الذي ليس عنده ما يعالج به ونحو ذلك ممن يعجز عن النفقة لفقره أو مرضه أو علة به أو نحو ذلك ليس مثل الصحيح الغني، والله جل وعلا يقول سبحانه في كتابه العظيم: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ.. (16) سورة التغابن، ويقول جل وعلا: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا.. (286) سورة البقرة، فعلى المؤمن أن يتقي الله في جميع ما يأتي ويذر حسب شرع الله، وعليه أن يحذر الظلم والعدوان في أولاده أو في غيرهم، بل عليه أن يتحرى الحق والعدل في كل شيء. وفق الله الجميع.  
 
3- هل لنا أن نطالب الأبناء والبنات الذين لم يتجاوزوا الثانية عشر إذا كانوا مصابين بالإرهاق أو التعب أو مصابين بأحد الجروح أو الكسور, هل لنا أن نوقظهم للصلاة، ونطلب منهم أن يقضوا هذه الصلاة؟
نعم يُعلَّمون ويوقظون للصلاة ويصلون على حسب أحوالهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر)، فيوقظ في وقت الصلاة، ويصلي على حسب حاله، إن استطاع قائماً صلى قائماً، وإن عجز صلى قاعدا، وإن لم يستطع صلى على جنب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين لما مرض: (صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا)، هذا هو الواجب على الوالدين مع أولادهم تنفيذا لأمر النبي عليه الصلاة والسلام على حسب الطاقة، فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ.. (16) سورة التغابن، ولو كان غير بالغ ما دام قد بلغ سبعا فأكثر، فالذي بلغ السبع ودون العشر يؤمر أمراً ولا يضرب، أما إذا بلغ عشرا فأكثر فإنه يؤمر ويضرب إذا تخلف، ويصلي على حسب حاله، إذا كان مريضا أو به جرح أو نحو ذلك، يُعلَّم ويوجه ويصلي على حسب حاله، كالبالغ. وفق الله الجميع.  
 
4- هل قتل القطط أو الكلاب التي تتسبب في فساد الطيور أو تقوم بأكلها, هل هذا حرام؟ وإذا كانت والدتي قد قتلت مجموعة من القطط إحداها عن طريق الخنق, والآخر عن طريق الحرق بمياه النار الساخنة, بسبب تعذر الإمساك بهذه القطط, فماذا تفعل الآن إذا كان قتلها حرام؟
إذا كانت القطط أو الكلاب تؤذي كالكلب العقور فإنه يُقتل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خمس من الدواب كلهن فواسق يقتلن في الحل و الحرم: الغراب والحدأة والفأرة والحية والكلب العقور)، فالكلب العقور يقتل في الحل والحرم، وهكذا القط الذي يؤذي يأكل الدجاج، يأكل الحمام، ولا ينفع طرده؛ بل يطرد ويأتي ويأكل ويؤذي فإنه يقتل، أما إذا تيسر طرده وإبعاده من دون قتل فإنه يكفي ولا يقتل. وكذلك لا يقتل بالنار، فإن النار لا يعذب بها إلا الله، يقتل بغير النار، يقتل بالسم، بالضرب إذا لم يتسر الخلوص منه إلا بذلك، أما إذا تيسر طرده وإبعاده وتخويفه حتى يبتعد فلا يقتل، فإذا اضطر الإنسان إلى قتل القط لإيذائه وعدم التخلص منه بغير ذلك فلا بأس، لكن بغير النار، أما الكلب فلا يقتل إلا إذا كان عقوراً، ولكن يطرد إذا كان مؤذياً، إذا كان يؤذي يطرد، يطرد من المزرعة يطرد من الحارة يبعد، ولا يقتل إلا إذا كان يؤذي بالعقر، إذا كان يعض الناس، يعقر الناس.  
 
5-   روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم فيما ما معنى الحديث بأنه لا يجوز لنا المرور من أمام المصلي ولو نقف أربعين, فما هي المسافة التي من حق المصلي التي يجب ألا نمر أمامه فيها, وينطبق عليه الحديث؟
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه -يعني من الإثم- لكان أن يقف أربعين خير له من أن يمر بين يدي المصلي)، وهو حديث صحيح، فالواجب الحذر من المرور بين يدي المصلي، إلا إذا كان أمامه سترة تمرُّ من وراء السترة، والسترة مثل مؤخرة الرحل نحو ذراع أو أقل منه كالذراع إلا ربع ونحو ذلك، فإذا مررت من ورائها فلا حرج عليك، أو بعيدا عنه، إذا كان ما عنده سترة تمر أمامه بعيداً، بينك وبينه ثلاثة أذرع أو أكثر، بينك وبين محل قدمه ثلاثة أذرع أو أكثر، أما إذا كان له سترة فإنك تمر من وراء السترة، ولا تمر بينه وبين السترة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان)، وقال عليه الصلاة والسلام: (يقطع صلاة المرء المسلم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل: المرأة والحمار والكلب الأسود)، وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان). فالواجب على المؤمن ألا يمر بين يدي أخيه وهو يصلي، وأن يحذر ما نهى الله عنه ورسوله، وعلى المصلي أن يضع سترة أمامه حتى لا يشق على إخوانه، يضع سترة مثل كرسي، مثل يصلي إلى سارية، إلى عصا منصوبة، فإن لم يجد وضع العصا قدامه بين يديه مطروحة بين يديه، أو خط بين يديه إذا كان في أرض يمكن أن يخط فيها، أو كرسي يضعه أمامه أو ما أشبه ذلك، كعباءة يصوبها أمامه حتى يمر المار من ورائها حسب الطاقة.  
 
6-  ما هو حكم دعاء القنوت، وهل يجب أن يواظب عليه في صلاة الوتر أم لا، وكذلك حكمه في صلاة الفجر؟
القنوت مستحب في صلاة الوتر وليس بواجب، فقد صح عن رسول الله عليه وسلم أنه قال للحسن بن علي أن يقنت في وتره بقوله: (اللهم اهدنا فيمن هديت...إلخ)، فالقنوت مستحب وليس بواجب، فلو أوتر ولم يقنت فلا شيء عليه. أما قنوت الفجر فلا يستحب وليس بمشروع إلا إذا كان للنوازل؛ لما ثبت عن سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي أنه قال لأبيه: يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: (أي بني محدث)، لكن ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قنت في النوازل، في الفجر وفي غيرها، إذا نزل بالمسلمين نازلة عدو قنت يدعو على العدو بعد الركوع في الركعة الأخيرة في الفجر وغيرها، يدعو على المشركين إذا آذوا المسلمين قتلوهم أو قاتلوهم دعا على جماعة كثيرة من أهل الشرك، وقنت على قوم شهراً يدعو عليهم، فالقنوت في النوازل أمر مشروع ضد الكفار المعتدين، أما أن يقنت في الفجر من دون حاجة من دون وجود نوازل، لا، فلا يشرع هذا، هذا هو الصحيح. - قد يشكل على البعض من المستمعين كلمة النوازل سماحة الشيخ؟ ج/ النوازل هي ما ينـزل بالمسلمين من العدو، كعدو يحاصر بلاد المسلمين أو يقاتلهم، فهذا يدعى عليه في الصلوات في الركعات الأخيرة بعد الركوع، يدعو عليه ولي الأمر، ويدعى عليه في المساجد في الركعة الأخيرة بعد الركوع يرفع الإمام يديه والمأموم ويدعون: اللهم اقتلهم، اللهم اقتلهم، اللهم اكفنا شرهم، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، بالدعوات التي مضمونها الدعاء عليهم، بالنصر للمسلمين، والهزيمة للكافرين.   
 
7- ما حكم من ارتكب ذنباً يقام عليه الحد وهو لم يبلغ الحلم, هل يسجل هذا الذنب في الصحف, ويعاقب عليه يوم القيامة، أم لا؟
إذا كان لم يبلغ الحلم لا يؤاخذ بذلك حتى يبلغ الحلم، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يبلغ)، إذا فعل معصية وهو صغير ضرب أحداً أو سب أحداً أو سرق أو ما أشبه ذلك ما يؤاخذ من جهة الله؛ لأنه غير بالغ، لكن على ولي أمره وعلى المسؤولين منعه من التعدي، يؤدب حتى يستقيم، مثلما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ضرب من بلغ عشراً إذا تخلف عن الصلاة، وهكذا إذا فعل ما لا ينبغي يؤدب، إذا تعدى على أحد، سرق وضرب أحداً بغير حق أو سب أحداً يؤدب حتى يعتاد الخير ويتعلم الخير، لكنه لا يؤاخذ بهذا يوم القيامة لأنه غير بالغ، وإنما على أوليائه أن يعلموه ويؤدبوه وينصحوه ويحذروه من التعدي على المسلمين أو فعل المعاصي التي حرمها الله.  
 
8-  ما هي اليمين الغموس، وهل توجد كفارة لليمين الغموس إن كان كذلك؟
اليمين الغموس هو اليمين الكاذبة التي يقتطع بها الإنسان حق أخيه بغير حق، هذه اليمين الغموس الكاذبة، وهي التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: (من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم بغير حق فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة)، وفي اللفظ الآخر: (لقي الله وهو عليه غضبان) فالذي يحلف كاذباً أنه اشترى كذا أو أنه أعطي كذا، أو ما أشبه ذلك وهو كاذب فهذه هي اليمين الفاجرة الغموس، يأخذ بها مال أخيه بغير حق، أو يحلف على أنه ما فعل كذا من العدوان على أخيه أو أنه ما سبه أو ما أشبه ذلك وهو كاذب، هذه اليمين الغموس الذي يقتطع بها حق أخيه بغير حق، فكل كاذبة فهي يمين غموس، لكنها تختلف في الكبر والعظم على حسب ما يترتب عليها من الظلم والشر. وليس فيها كفارة فيها العقوبة العظيمة والوعيد الشديد، فلو قال: والله ما سافرت ويكذب تكون يمين غموس كاذبة، يأثم بها، ولكنها ليست مثل من قال: والله ما أخذت منه ولا شيء وقد أخذ منه شيئاً، لأن هذا أخذ مال أخيه بغير حق، كأن ادَّعى عليه الإنسان يقول أنه اقترض مني ألف ريال، فيحلف ويقول: ما اقترضت منه، والمقرض ما عنده بينة والمقترض كاذب يقول: والله ما اقترضت منه، هذه يمين غموس؛ لأنه أخذ بها مال أخيه بغير حق، أو أعاره عارية مثل سلاح أو عباءة أو إناء، ثم يجحد ويحلف أنه ما استعار هذه يمين غموس؛ لأنه أخذ مال أخيه بغير حق، بهذه اليمين، أو باع على أخيه شيئاً ثم جحد البيع وليس عنده بينة، ليس عند المشتري بينة، فيحلف أني ما بعتك! فهذه يمين غموس عظيمة خطيرة؛ لأنه أخذ مال أخيه بغير حق، جحد حق أخيه بغير حق، وهكذا ما أشبه ذلك، واليمين الغموس -كما تقدم- هي الكاذبة لكنها تختلف وتتفاوت تفاوتاً عظيماً على حسب ما يترتب عليها من الشر.   
 
9- هل يخوِّل الشرع الزوجة الناشز في كل ما تطلبه من أغنام ولباس وأواني أكل وطبخ وغطاء وأثاث؟
الناشز لا حق لها في مهرها إذا كانت ناشزة بغير حق، ظالمة، ولهذا لما نشزت امرأة ثابت بن قيس على زوجها ثابت قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (أتردين عليه حديقته؟) قالت: نعم، فقال لزوجها: (اقبل الحديقة وطلقها تطليقة)، لأنها نشزت عليه بغضاً له فقط، لم يتعدَّ عليها ولم يظلمها إنما هي مبغضة، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن ترد عليه مهره، فالناشز بغير حق عليها أن ترد المهر كله، فيطلقها الزوج؛ لأن هذا خير له من وجودها معه وهي تبغضه، فإذا ردت عليه ماله يؤمر بطلاقها، ولا حق لها في مهرها سواء كان مهرها نقوداً أو بيتاً أو أرضاً أو أمتعة عليها أن ترد عليه مهره، إلا إذا سمح بالبعض ورضي بالنصف أو الربع فلا بأس، أما إذا أبى إلا المهر كله فإنها تعطيه مهره كله إذا لم يظلمها إنما هي مبغضة له، أما إذا ظلمها فهذا ينظر فيه القاضي، يتحاكموا إلى المحكمة يتحاكم عليه إلى المحكمة والمحكمة تنظر في الأمر.  
 
10- عندما نريد أن نتوضأ من أحد المساجد وعندما نقوم بفتح الماء يخرج لنا مياه مختلطة بالصدأ؛ بفعل أنابيب المياه, هل نتوضأ من هذه المياه المصدية, أم نقوم بصرف الماء بكثرة حتى يخرج لنا ماء صافٍ؟
لا حرج في الوضوء والغسل بالماء المتغير بالصدأ لا يضر، يغتسل به ويتوضأ منه ولا يضر الصدأ، والحمد لله، وهكذا إذا تغير بالتراب أو بأوراق الشجر أو ما أشبه ذلك لا يضره ذلك.  
 
11-  ما حكم من يكثر من أكل الثوم لرغبته فيه وحبه له, هل يذهب إلى المسجد للصلاة فيه, أم يكفيه الصلاة في المنزل, ويتعذر بذلك؟
من يأكل الثوم أو البصل أو الكراث لا يجوز له الذهاب إلى المسجد؛ لأنه يؤذي الناس بذلك والنبي نهى عن ذلك، وقال صلى الله عليه وسلم: (من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا وليعتزل مسجدنا، وليقعد في بيته)، وثبت أنه صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج من تعاطى هذه الأمور عن المسجد، وقال: (إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم)، فلا يجوز للمسلم أن يتعاطى الكراث أو الثوم أو البصل أن يصلي مع المسلمين لأنه يؤذيهم بذلك، وإذا كان ليس هناك حاجة لهذا فليترك ذلك حتى لا يحرم الصلاة مع المسلمين. أما إذا دعت الحاجة إلى ذلك لجوع أو مرض فلا حرج، أما اعتاد ذلك شهوة فالذي ينبغي له ترك ذلك، حتى لا يحرم صلاته مع المسلمين، وإذا قصد بذلك التخلف عن الجماعة يتحيَّل بهذا لترك الجماعة فهذا منكر ولا يجوز، نسأل الله العافية.  
 
12- إذا دخل المصلي للمسجد الحرام بمكة فهل يصلي ركعتين, أو يطوف حول البيت, وإذا لم يطف بالبيت بسبب قرب الصلاة فهل يصلي ركعتين تحية المسجد، وهل ينطبق الحكم على المعتمر؟
إذا دخل المسلم المسجد الحرام فالسنة له أن يطوف ثم يصلي ركعتين، فإن لم يتيسر ذلك أو كسل عن هذا، أو كان الصلاة قريبة لتقام، فإنه يصلي ركعتين تحية المسجد، سواءٌ كان حاجاً أو معتمراً أو مقيماً في البلد، بدأ بالطواف وهو الأفضل إذا تيسر ذلك، وإذا كان هناك أسباب تمنع البداية بالطواف صلى ركعتين، ثم يطوف في حجه وعمرته بعد ذلك، لكن لا يجلس حتى يصلي ركعتين تحية المسجد، إلا إذا جاء وقت الصلاة وأقيمت دخل معهم في الصلاة والحمد لله، ثم يطوف بعد ذلك، فإذا جاء قبل أن تقام الصلاة فإما أن يبدأ بالطواف، وإما أن يصلي ركعتين، ويجلس ينتظر الصلاة ثم يطوف بعد ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين) وهذا عام يعم المسجد الحرام ويعم المسجد النبوي وغيرهما من المساجد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في عمره وحجه يبدأ بالطواف، إذا دخل إلى المسجد بدأ بالطواف عليه الصلاة والسلام. جزاكم الله خيراً أيها الإخوة والأخوات.... 

367 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply