حلقة 385: معنى الحديث (إن أناساً من أمتي يقادون إلى الجنة بالسلاسل) - تفسير قوله الله وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا - كيف يقوم الناس من قبورهم يوم القيامة - حقيقة التوكل على الله - مامعنى قول الرسول كلهم في النار إلا واحدة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

35 / 50 محاضرة

حلقة 385: معنى الحديث (إن أناساً من أمتي يقادون إلى الجنة بالسلاسل) - تفسير قوله الله وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا - كيف يقوم الناس من قبورهم يوم القيامة - حقيقة التوكل على الله - مامعنى قول الرسول كلهم في النار إلا واحدة

1- ما معنى الحديث: (أن أناساً من أمتي يقادون إلى الجنة بالسلاسل)؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله, وصلى الله وسلم على رسول الله, وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فقد ثبت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (عجبت لقوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل)، معناه أنهم يؤسرون في الجهاد ثم يسلمون ويدخلون الجنة، كانوا كفاراً ثم أسروا، ثم من الله عليهم بالإسلام ودخلوا في الإسلام، وصاروا من أهل الجنة.  
 
2- وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا [مريم:71]؟
هذا بينه النبي- صلى الله عليه وسلم- وأن المراد بذلك: المرور على الصراط، فالمسلم يمر على الصراط وينجو وقد يقع بعض أهل المعاصي، وأما الكفار فإنهم يساقون إليها ويردونها ويحشرون إليها والعياذ بالله، فلا بد من المرور، فالمؤمن يمر وينجو, والكافر يساق إليها ويدخلها، وبعض العصاة قد يخدش على الصراط وينجو وقد يسقط بسبب معاصيه ثم لا يخلد، العاصي لا يخلد في النار، إذا مات على الزنى, أو اللواط, أو الربا, أو عقوق الوالدين، أو غير هذا من المعاصي ولم يتب فهو تحت مشيئة الله، إن شاء الله غفر له وأدخله الجنة بتوحيده وإيمانه وحسناته, وإن شاء أدخله النار بمعاصيه فإذا طهر فيها ومحص أخرج منها إلى الجنة، كما قال الله-سبحانه-: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ(النساء: من الآية48)، فأخبر-سبحانه-أن الشرك لا يغفر لمن مات عليه، أما ما دون الشرك فقد يغفر فقد يعفى عنه لتوبة والتائب يتوب الله عليه، وقد يعفى عنه لحسنات كثيرة وأعمال صالحة قدمها, أو بشفاعة بعض الشفعاء، كما تواترت الأخبار عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-أنه يشفع في جماعة من العصاة فيخرجهم الله من النار، وهكذا يشفع غيره, والمقصود أن العاصي تحت مشيئة الله إذا مات على الإسلام لكن عنده معاصي لم يتب منها فهو تحت مشيئة الله-عز وجل-إن شاء الله غفر الله له وأدخله الله الجنة وإن شاء عذبه على قدر معاصيه ثم يخرجه الله من النار، بشفاعة بعض الشفعاء, أو بمجرد رحمته- سبحانه وتعالى- وجوده- جل وعلا-.  
 
3- كيف يقوم الناس من قبورهم يوم القيامة؟
أخبر الله عنهم بما بين- سبحانه وتعالى-: يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ) (المعارج:43), فهم يخرجون من الأجداث إذا سمعوا الصيحة وهي نفخة البعث النفخة الثانية يخرجهم الله من قبورهم ومن كل مكان، ويجمعهم- جل وعلا- يوم القيامة, والله أعلم بكيفية ذلك- سبحانه وتعالى-، المقصود أنهم يخرجون حفاة عراة غرلا كما جاءت بذلك الأحاديث حفاة لا نعال عليهم، عراة لا لباس عليهم، غرلا غير مختونين حتى يقضى بينهم، وأول من يكسى إبراهيم كما أخبر به النبي- عليه الصلاة والسلام-.
 
4- أود أن تعرف على حقيقة التوكل على الله، ما حقيقة التوكل على الله؟
حقيقة التوكل على الله هو الاعتماد عليه- سبحانه وتعالى- في كل شيء، تعلم أنه مقدر الأمور, ومسبب الأسباب وتعلم أن كل شيء بقضائه وقدره فتعمل بالأسباب تصلي وتصوم وتعمل الأسباب وتتوكل على الله- جل وعلا- في حصول المطلوب من دخول الجنة والنجاة من النار، من ثمرة الزرع, نتاج الحيوان، مثل التجارة تعمل، تأخذ بالأسباب الشرعية التي شرعها الله, وتعمل معتمداً على الله- جل وعلا-، ومتوكلاً عليه في حصول النتيجة المطلوبة من قبول العمل, ومن نجاح الزراعة, ومن نجاح التجارة إلى غير ذلك، تعمل وأنت تعلم أن كل شيء بيده, وأنه مسبب الأسباب، ولكنك تأخذ بالأسباب الشرعية والمباحة معتمداً على الله راجياً له أن يسدد خطاك, وأن ينفع بأسبابك.  
 
5- كما هو معلوم بأن الواجب علينا عندما يذكر الصحابة- رضوان الله عليهم- وأثناء قراءتنا أن نقول:- رضي الله عنهم-, ولكن إذا مر تابعي أو من السلف الصالح وقلنا أيضاً: -رضي الله عنهم-, هل في ذلك حرج؟
ليس في هذا حرج، إذا قال: رضي الله عنهم، عن المؤمنين ولو كانوا من التابعين, أو أتباع التابعين، لكن اشتهر العرف بين أهل العلم الترضي عن الصحابة, والترحم على من بعدهم، والأمر في هذا واسع والحمد لله، فإذا ذكر الصحابي قال رضي الله عنه، وإذا ذكر التابعي وغيره من أهل العلم والأخيار والمسلمين قيل رحمه الله، وإذا قيل رضي الله عنه فلا حرج والحمد لله كله طيب.  
 
6- ما المراد بقول النبي- صلى الله عليه وسلم- عن الأمة حيث يقول في حديث: (كلهم في النار إلا واحدة) وما هي الواحدة، وهل الاثنتان والسبعون فرقة كلهم خالدون في النار؟ أفيدونا مأجورين.
النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة يعني كلها هالكة إلا واحدة، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، يعني كلها هالكة إلا واحدة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين كلها في النار إلا واحدة)، فالواحدة هم أهل السنة والجماعة، هم الصحابة وأتباعهم بإحسان، أهل التوحيد والإيمان، والثنتان والسبعون متوعدون بالنار فيهم الكافر وفيهم العاصي، وفيهم المبتدع، فمن مات على الكفر فله النار مخلداً فيها، ومن مات على بدعة دون الكفر، أو على معصية دون الكفر فهذا تحت مشيئة الله، وهو متوعد بالنار، وبهذا يعلم أنهم ليسوا كلهم كفار، بل فيهم الكافر وفيهم غيره، من العصاة والمبتدعة.  
 
7- ما حكم لبس الخاتم في السبابة اليمنى واليسرى بالنسبة للرجل والمرأة؟
لا أعلم بهذا شيئا، فلا أعلم في هذا بأسا، فالمرأة تلبس خواتم في جميع أصابعها, والرجل يلبس في الخنصر والبنصر كما كان النبي- صلى الله عليه وسلم- في الخنصر أو البنصر؛ لأن المرأة التختم من زينتها ومن حليها, وأما الرجل فلا بأس أن يلبس الخاتم في خنصره أو بنصره لما جاء من الأدلة في ذلك.  
 
8- المضمضة والاستنشاق هل تكون في آن واحد أم كل على حدة؟
السنة جميعاً يتمضمض ويستنشق في غرفة واحدة هذا هو السنة في غرفة واحدة، كان النبي يتمضمض ويستنشق في غرفة واحدة ثلاث مرات، وإن أخذ لكل غرفة للمضمضة غرفة وللاستنشاق غرفة فلا حرج.  
 
9- تقدم لخطبتها رجل يصلي الفروض في أوقاتها في المسجد, لكنه يشرب الشيشة وهي محتارة, فهي تستفتي منكم في هذا وتريد نصيحتكم
شرب الشيشة معصية لا تمنع من الزواج، إذا تيسر من هو أفضل منه فهو أطيب, إذا تيسر من لا يفعل المعاصي فهو أطيب وأحسن, وإذا تزوجت من عنده بعض المعاصي فلا حرج، لكن إذا تيسر لها من هو معروف بالخير والاستقامة والستر وعدم المعصية فهو أولى وأفضل.  
 
10- هل يجوز الصرف على المساجد وذلك لترميمها، وفرشها الفرش الطيب، ونحو ذلك، وذلك من الزكاة؟
المساجد ليست من مصارف الزكاة لا بناؤها ولا فرشها، مصارف الزكاة وضحها الرب-جل وعلا-في قوله: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (التوبة:60)، فليست المساجد من مصارف الزكاة لا بناء ولا فرشا ولا غير ذلك، وفي سبيل الله يعني الجهاد، فالزكاة لا تصرف في المساجد لا في تعميرها ولا في فرشها.  
 
11- إنها امرأة ذات عيال عددهم سبعة، وهي تأخذ في هذه الفترة مانع الحمل؛ لكي تستريح من التعب والإرهاق, ولكن الزوج يصر على عدم أخذها لمانع الحمل, وقد استمرت في أخذ مانع الحمل دون علمه, هل يجوز لها ذلك؟
إذا كان عليها مشقة كبيرة فلا حرج، وإلا فالأفضل والأحوط عدم ذلك، لأن النسل كل ما كثر فهو المطلوب في تكثير الأمة ولها أجر كبير في ذلك، إذا أحسنت التربية هي والزوج لهم أجر كبير، النبي- عليه الصلاة والسلام- يقول: (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)، فإذا تيسر الصبر على ذلك، والقوة ففيه خير عظيم، من تكثير الأمة, وحصول الأولاد الذين ينفعون والديهم إن شاء إذا صلحوا, فالحاصل أنها إذا كانت المشقة كبيرة فلا حرج.
 
12- سماحة الشيخ ما هو مذهب أهل السنة والجماعة في العلو؟
مذهب أهل السنة والجماعة الإيمان بعلو الله, وأنه- سبحانه- فوق العرش فوق جميع الخلق، كما قال- جل وعلا-: فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ(غافر: من الآية12)، وقال -جل وعلا-: وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (البقرة:255) ، وقال-سبحانه-: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ(لأعراف: من الآية54)، وقال-سبحانه-: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (طـه:5) ، وقال-جل وعلا-: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ(فاطر: من الآية10)، والآيات في هذا المعنى كثيرة، أهل السنة والجماعة يؤمنون إيماناً قطعياً بأن- سبحانه- في العلو فوق العرش فوق جميع الخلق، ليس بينهم خلاف في هذا والحمد لله.
 
13- لماذا شرع الجهر بالتلاوة في صلاة المغرب والعشاء والفجر دون بقية الفرائض، وما الدليل على ذلك؟
الله أعلم، لكن يغلب على الظن والله أعلم أن هذه الأوقات يكون فيها الاستماع متيسرا والفهم المغرب والعشاء والفجر فينتفع بها المأمومون بالقراءة, بخلاف الظهر والعصر فإنها أوقات مشاغل بحاجات الدنيا, وقد لا يكون عندهم من الاستماع والإنصات والفهم ما عندهم في المغرب, والعشاء, والفجر، فمن حكمة الله أن جعل القراءة السرية حتى يتأمل هذا ويتأمل هذا الإمام يقرأ ويتأمل والمأموم كذلك، بخلاف المغرب والعشاء فإن مجيء الليل هو أول النهار هو وقت الراحة ووقت الهدوء فالأقرب والله أعلم أنه يتيسر لهم من الاستماع والإنصات والاستفادة ما لا يتيسر لهم في الصلاتين النهاريتين الظهر والعصر، والحكمة في هذا لله- سبحانه- والله أحكم وأعلم-جل وعلا-، هو الحكيم العليم- سبحانه وتعالى-في ذلك، ولكن الأقرب والله أعلم أن هذا هو السر في الجهر في المغرب والعشاء في الأولى والثانية، والجهر في المغرب والجهر في الجمعة؛ لأنها صلاة يجتمع فيها الناس من كل مكان, فمن الحكمة أن يجهر فيها بالقراءة حتى يستمعوا ويستفيدوا, وهكذا صلاة العيد, وصلاة الاستسقاء؛ لأنها صلوات يحصل فيها الاجتماع والكثرة؛ فمن رحمة الله أن شرع فيها الجهر.  
 
14- هل ورد أحاديث وآيات تدل على فضل التبكير لصلاة الجمعة –شيخ-؟
نعم التبكير لها سنة، ومن ذلك الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان في الصحيحين أنه قال- صلى الله عليه وسلم-: (الرائح إلى الجمعة في الساعة الأولى كمقرب بدنة، وفي الساعة الثانية كمقرب بقرة، وفي الساعة الثالثة كمقرب كبشا، وفي الرابعة كمهدي دجاجة، وفي الخامسة كمهدي بيضة)، فهذا يدل على أن شرعية التبكير متفاوتة, وأن السنة في المؤمن أن يبكر بالصلاة لما في هذا من الخير العظيم، يصلي ما يسر الله من الركعات, يقرأ القرآن، يشتغل بالتسبيح، والتهليل والاستغفار فيه فوائد جمة في التبكير، فالسنة التبكير إليها لما في ذلك من الخير العظيم والفوائد الجمة.
 
15- رجل صلى ركعة منفرداً خلف الصف, فلما سلّم الإمام أتى بخامسة؟
الذي يظهر لنا لا تصح صلاته؛ لأن الرسول- صلى الله عليه وسلم- قال: (لا صلاة لمنفرد خلف الصف)، فإذا صلى ركعة فأكثر فلا صلاة له، أما لو صلى بعض الشيء مثل قام خلف الصف ثم جاء معه آخر أو دخل في الصف, أو ركع ثم دخل في الصف, أو اجمع هو وآخر لا بأس، أما إذا كمل الركعة فإنها لا تصح لقوله- صلى الله عليه وسلم-: (لا صلاة لمنفرد خلف الصف)، وأقر أبا بكرة لما ركع في الصف ثم دخل في الصف ولم يأمره بالقضاء, فدل على أنه إذا كان الانفراد في الركوع أو في القيام قبل الركوع هذا يجرئ, ثم دخل في الصف أو صف معه أحد، أما إذا سجد وليس معه أحد، أو أتى بأكثر من ذلك فإن الصلاة غير صحيحة، وقد رأى النبي-صلى الله عليه وسلم-رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد الصلاة، وقال: (لا صلاة لمنفرد خلف الصف)، اللهم صلى عليه وسلم.
 
16- هل تحية المسجد مشروعة في جميع الأوقات وفي أوقات النهي -سماحة الشيخ-؟
نعم، تحية المسجد مشروعة في جميع الأوقات؛ لأنها من ذوات الأسباب فإذا دخل المسجد بعد العصر ليجلس حتى ينتظر المغرب, أو للدروس, أو لأسباب أخرى يصلي تحية المسجد، وهكذا لو جاء بعد الفجر يصلي تحية المسجد؛ لأنها من ذوات الأسباب، النبي- صلى الله عليه وسلم-يقول: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)، فالأفضل أن يركع ركعتين قبل أن يجلس, وهكذا لو كسفت الشمس بعد العصر صلي لها؛ لأنها من ذوات الأسباب, وهكذا لو طاف في مكة طاف في الكعبة بعد العصر, أو بعد الفجر فإنه يصلي ركعتين، لقوله- صلى الله عليه وسلم-: (يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت فصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار).
 
17- بالنسبة لقراءة القرآن أثناء القيام بأعمال البيت هل يجوز لها هذا -سماحة الشيخ-؟
لا نعلم بأساً، كونها تعمل وتقرأ في المطبخ أو في بقية البيت، في حاجاتها تقرأ وتعمل لا حرج, إلا في محل الحمام في محل القذر كالحمام وغيرها لا، لكن في المحلات السليمة كالمطبخ, وكالمجلس لا بأس أن تقرأ وتعمل في حاجاتها.
 
18- إذا زارت المرأة مدينة الرسول- صلى الله عليه وسلم- فمرت بشهداء أحد وأهل البقيع, علماً بأنها لم تدخل إلى القبور, بل من خلف الشبك الموجود, وتردد الدعاء الوارد, وعند زيارة القبور هل يجوز لها ذلك؟
ظاهر الأحاديث المنع؛ لأنها ممنوعة من زيارة القبور، وهذا يشبه الزيارة وسيلة إلى الزيارة فإذا مرت على القبور لا تسلم عليهم، لما جاء في الحديث أن الرسول لعن زائرات القبور، فالاحتياط لها ألا تسلم عليهم قد تسمى زيارة, فالأفضل والأحوط ألا تسلم عليهم وإن كان مروراً، كما أنه لا يجوز أن تقصد الزيارة إنما الزيارة للرجال.
 
19- أنا أحب معلمتي في الله, وفي نهاية الدراسة أهديت لها هدية من باب التآلف والمحبة بيننا, هل يجوز لي هذا؟
ترك الهدية أحوط؛ لأنه قد يسبب الميل إليك دون بقية التلميذات، ترك الهدية أولى وأحوط؛ لأن المدرسة من العمال ولا تنبغي الهدية للعمال، فالأحوط لك والذي ينبغي لك ألا تهدي شيئاً؛ لأن هذه الهدية قد تسبب ميلاً من المدرسة إليك، وحيفاً على البقية بسبب الهدية, فالأحوط والذي يظهر من الأدلة عدم الهدية للمدرسات والمدرسين.
 
20- لي أولاد أخ من أب، غير شقيق, هل يجوز أن أصرف لهم الزكاة من باب أولى لك فأولى، وهل يجوز أن أعمل لهم راتب شهري من هذه الزكاة وليس دفعة واحدة, أي: على مدار العام؟
إذا كانوا فقراء فلا بأس، وليسوا في حضانتك وليسوا في حيالك بل هم مستقلون وهم فقراء لا مانع أن يعطوا من الزكاة، أما ترتيبها لهم فلا بأس إذا كانت معجلة, أما تأخيرها فلا، لأن الواجب البدار بصرف الزكاة, لكن إذا كان معجلة تعجلها لهم قبل وقتها فلا بأس، أما التأخير لا بل متى حال الحول وجب صرف الزكاة فيهم وفي غيرهم من المستحقين للزكاة وعدم تأجيلها.
 
21- تنقسم حياة الإنسان إلى ثلاثة: حياة الدنيا وهي التي نعيشها, وحياة الآخرة وهي معروفة, وبين الحياة الدنيا وبين الآخرة حياة البرزخ, فما هي حياة البرزخ، وهل الإنسان يكون بجسده وروحه فيها؟
حياة البرزخ على حسب حياته في الدنيا، المؤمن ينعم في البرزخ وروحه في الجنة وجسده يناله بعض النعيم, والكافر روحه تعرض على النار، ويناله نصيب من العذاب, وينال جسده نصيب من العذاب, هذه حال البرزخ، المؤمن في سعادة ونعيم، وأخبر النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه روح المؤمن في الجنة تسرح في الجنة حيث شاءت, وأما الكفار فبما أخبر الله عن آل فرعون، النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (غافر:46) ، فالكفار أرواحهم معذبة وأجسادهم ينالها نصيبها من العذاب حتى يبعث الله الجميع، ثم تسير أرواح المؤمنين إلى الجنة وأرواح الكفار إلى النار، نسأل الله العافية، مخلداً فيها، هؤلاء مخلدون في الجنة وهؤلاء مخلدون في النار، نسأل الله العافية.
 
22- كم الوقت -يا سماحة الشيخ- الذي يفصل بين الحج والحج, وبين العمرة والعمرة الأخرى؟
لا أعلم بهذا حد، الحج معروف كل سنة، وليس فيه حد محدود، فإذا تيسر الحج كل سنة فالحمد لله, والعمرة ليس فيها حد محدود، يقول الرسول- صلى الله عليه وسلم-: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)، فإذا اعتمر كل شهر, أو كل شهرين, أو أكثر أو أقل لا حرج في ذلك و الحمد لله، إذا تيسر له ذلك.
 
23- إنها اعتمرت لوالدها المتوفى، وفي نهاية العمرة نسيت أن تقصر من شعرها, ثم قامت مباشرة بالطواف لأختها -أي: أخذت سبع لها- وتقول: أختي مقيمة في الرياض, وزوجها قام بمنعها من العمرة, هل يجوز لي هذا؟
الحج عن الميت والعمرة عن الميت لا بأس به، لا بأس أن تحج عن الميت وأن تعتمر عن الميت لا حرج في ذلك، والحمد لله, وهكذا الشيخ الهرم والعجوز الهرمة العاجزين لا بأس أن يحج عنهما، أو يعتمر عنهما أبناؤهما أو غيرهم؛ لأنهما كالميت، وأما الحي القادر فلا يعتمر عنه ولا يطاف عنه، فالطواف عن الحي القادر لا، لا يطاف عن الحي، إنما يحج عنه أو يعتمر، والميت كذلك، إنما يحج عنه ويعتمر، أما الطواف كالصلاة لا يصلى عن زيد ولا يطاف عن زيد، ما نعلم دليلاً على هذا الشيء، لكن تطوف لنفسها، الإنسان يطوف عن نفسه, والمرأة تطوف لنفسها, أما أنها تطوف عن أمها, أو أبيها, أو تصلي عنهما هذا لا دليل عليه ولا يشرع، وأما إذا نسيت التقصير تقصر متى ذكرت والحمد لله ولو في بلدها ولو في الطريق. ولو قصرت في وقت طويل يا شيخ؟ ولو متى ذكرت تقصر، بنية العمرة. 
 
24- ما حكم الحجاب عن المدرس الأعمى؟
ج/ الحجاب إنما يكون عن البصير، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الاستئذان من أجل البصر) ولأنه صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة بنت قيس لما طُلقت أن تعتد عن ابن أم مكتوم، وكان رجلاً أعمى، قالت تضعين ثيابك عنده فلا يراك. أما حديث أنه قال لزوجتين من زوجاته لما دخل ابن أم مكتوم أمرهما أن يحتجبا عنه، وقالاتا إنه أعمى، قال: (ألستما تبصرانه) فهو حديث ضعيف، والصواب أن الحجاب إنما يكون عن البصير، أما الأعمى فلا يحتجب عنه.
 
25- بالنسبة لبعض الشباب يضعون في السيارة المصحف وذلك خشية من العين؟
هذا لا أصل له، بل بدعة، من جنس التميمة، من جنس الحروز، ولكن يقرأ يقول أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، يسأل ربه العافية، أما وضع المصحف أو آيات تدل على الحرز هذا لا أصل له، بل هذا من البدع وهذا من جنس تعليق التمائم لا يجوز، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله. جزاكم الله خير سماحة الشيخ.... 

632 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply