حلقة 388: حكم الشك في الزوجة - أيهما أولى تزويج الإخوة أم الحج للوالدين - حكم من صلى ثلاث ركعات في صلاة التراويح سهوا - مدى صحة حديث: ليس للنساء نصيب في الجنازة - حكم البقاء مع مرأة لا تصلي

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

38 / 50 محاضرة

حلقة 388: حكم الشك في الزوجة - أيهما أولى تزويج الإخوة أم الحج للوالدين - حكم من صلى ثلاث ركعات في صلاة التراويح سهوا - مدى صحة حديث: ليس للنساء نصيب في الجنازة - حكم البقاء مع مرأة لا تصلي

1- أنه متزوج منذ فترة وأنه يصلي ولله الحمد وكذلك زوجته، إلا أنه يشك فيها بما توجهونه سماحة الشيخ؟

بسم الله الرحم الرحيم، الحمد لله, وصلى الله وسلم على رسول الله, وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فالواجب على المؤمن اجتناب سوء الظن إلا عند وجود أمارات واضحة, ودلائل بينة تدل على ذلك؛ لأن الله يقول-سبحانه-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ(الحجرات: من الآية12)، ويقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث)، فالواجب على الزوج إحسان الظن بزوجته وحملها على أحسن المحامل, ونصيحتها إذا شك في شيء, وتوجيهها إلى الخير، وعدم طاعة الشيطان في ظن السوء الذي لا أساس له ولا بينة عليه ولا شواهد له، أما إن كان هناك شيء يشهد لبعض الظن فينبغي به النصيحة والتوجيه والتحذير مع المراقبة حتى يزول الشك، نسأل الله للجميع الهداية.  
 
2- أنا سوداني متعاقد أعمل بالمملكة، كلما ذهبت إلى وطني في إجازة طلبت مني والدتي الحج، وأصبحت تكرر وتلح في الطلب كلما نزلت في إجازتي السنوية، أنا لا أرفض بخلاً؛ فقط هناك أشياء أقدمها على حجها كإصلاح الدور وتعميرها، وكذلك إصلاح الأراضي الزراعية من أجل أشقائي وتزويجهم حفظاً لهم وصوناً لدينهم.
أولاً: هل كل الأمور التي ذكرتها تقدم على طلب الوالدة للحج، علماً بأن الحج أصبح يكلف في بلادنا تكلفة كثيرة، أم أمضي قدماً في تنفيذ إصلاح حال الأهل بيوتهم وزراعتهم؟
ثانياً: هل يدخل في طاعة الوالدين الاستجابة لطلبها الحج؟
ثالثاً: والدي شيخ كبير مسن ومريض لا يقوى على الحج والأسفار، فأخشى إذا قمت بإحضار الوالدة للحج أن يؤثر ذلك في نفسياته، سيما وهما يسكنان لوحدهما منذ فترة طويلة، ولا أخت لنا تقوم بخدمة الوالد إلى حين رجوع الوالدة من الحج.
رابعاً: تقول لي دائماً: إذا لم تحججوني سوف أقوم ببيع أملاكي من أراضٍ زراعية وأؤدي منها الفريضة.
أخيراً: هل قيامي بتزويج أشقائي أو تجهيزهم للزواج أفضل من حج الوالدة، أم أيهما أفضل؟ أفتوني حول هذه المواضيع جزاكم الله خيراً.
الجواب: بر الوالدين من أهم المهمات ومن أعظم الواجبات، ومراعاة نفس الوالدة والحرص على رضاها وعلى هدوء قلبها ونفسها أمر مهم جداً، ولكن لا يجب الحج عليها إلا إذا كانت قادرة مستطيعة من جهة المال، لقوله جل وعلا: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97]^، ولا يجب عليك أيضاً تحجيجها؛ لأن الحج عليها هي ليس عليك، لكن من مكارم الأخلاق ومن محاسن الأعمال ومن البر العظيم أن تراعي طلبها وأن تحقق لها رغبتها حسب الإمكان، وتؤجل ما يتعلق بالزواج بتزويج من ذكرت إلى رجوعك من الحج؛ لأن الحج أمره عظيم وفائدته كبيرة، والوالدة نفسها معلقة به، فإذا أحسنت إليها وأخذت بخاطرها وحجتها كان ذلك من أفضل القربات ومن أعظم الطاعات، أما والدك فلعله يسمح، تقول له: إن الحج يشق عليك وأنت في هذه الحال، فلعله يسمح حتى تحجج أمك، أو تسمح هي بالصبر حتى يشفى فيحجا جميعاً أو يسمح لها بالحج بعد ذلك.
المقصود أن عليك أن تراعي هذه الأمور، وأن تجتهد في سماحها حتى تؤجل الحج، أو سماح الوالد حتى تحج بها من دون مشقة عليه، وأما تركها وعدم المبالاة بها فهذا شيء لا ينبغي؛ لأن إصلاح المزارع وتزويج من ذكرت فكل هذا في الإمكان بعد الحج، المدة ليست طويلة، فمراعاة خاطر الوالدة وتلبية طلبها، والحرص على تحجيجها أمر مطلوب، ولا سيما إذا كان الحج واجباً عليها؛ لأنها مستطيعة، فإن كانت غير مستطيعة فتلبية حج طلبها وتحجيجها ولو كانت غير مستطيعة فيه خير لك وفضل عظيم وبر لها وإحسان إليها وتطمين لقلبها، فاحرص على ذلك وابذل وسعك في تحقيق رغبتها، إلا إذا كان الوالد يريد الحج معها وأنت لا تستطيع، فاستعمل الكلام الطيب والأسلوب الحسن في تأجيل حجهما جميعاً إلى وقت آخر، لعله يشفى ولعل الأمور تكون أيسر في الوقت المستقبل، بعبارات حسنة وأسلوب حسن، أو بتوسيط من ترى من الأقارب والأصدقاء حتى يشيروا عليها وحتى ينصحوها بالتأجيل؛ رفقاً بوالدك ورفقاً بك، فإذا فعلت ذلك فأنت إن شاء الله على خير ومأجور.
المقدم: بارك الله فيكم، سماحة الشيخ يذكر أن والدته لها تركة وهي تقول: إن لم تحججوني فسوف أبيع أملاكي وأحج منها، فهل هو الحج واجب عليها؟
الشيخ: إذا كانت أملاكها تتسع لهذا ولا تحتاجها في نفقتها فلا بأس، إذا كان الوالد يقوم بحاجاتها وهو غني يستطيع أن يقوم بحاجاتها والنفقة عليها، وإلا فنفقتها في مالها إذا كان عاجزاً، وأخشى أن تكون هذه الأموال لا تدر عليها شيئاً له أهمية حيث يفضل منه ما يحججها، فإذا كان المال هذا يحججها مع ما تحتاج إليه في نفقتها إن كان زوجها عاجزاً؛ فإنها يجب عليها الحج، لكن يراعى في ذلك مسألة المحرم في السفر، إذا كان ليس لها محرم إلا ولدها فهي في حاجة إليه لا حج عليها إلا بوجود محرم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) فوجود المحرم من شروط وجوب الحج عليها، فإذا كان مالها يتسع للحج فلا مانع أن يحج بها من مالها، أو يحج بها من ماله ويدع مالها لها كما هو ظاهر كلامه، وله في هذا الأجر العظيم إذا لاحظها وأكرمها وحججها من ماله فهو خير له، ومن أعظم البر لها، ومن تطييب نفسها، لكن يراعى في ذلك مسألة والده لئلا يشق على والده الحج وهو بهذه الحال التي ذكر من المرض، وهكذا يشق على الولد أيضاً كونه يقوم بذلك مع كونه عاجزاً بسبب المرض الذي هو فيه حالياً.
فالحاصل مثل ما تقدم أنه يوسط من يرى من الأخيار، حتى ينصح الوالدة ويشير عليها بالتأجيل إلى أن يشفى والده وإلى أن تكون الأمور أيسر من هذا الوقت.
 
3- نرجو بيان الحكم إذا صلى الإمام بنا في التراويح ثلاث ركعات وسلم على اعتبار أنها ركعتين، هل هناك سجود للسهو في السنة أو لا؟
نعم يسجد السجود، إذا نوى ركعتين كالعادة؛ لأن السنة صلاة الليل مثنى مثنى فإذا قام إلى ثالثة ينبه يقال: سبحان الله سبحان الله، وعليه أن يرجع ويكمل قراءة التحيات والصلاة على النبي-صلى الله عليه وسلم- والدعاء ثم يسجد للسهو ثم يسلم، فإن مضى ولم يجلس نبهوه حتى يجلس ولو بعد الثالثة, فيجلس ويقرأ التحيات وما بعدها من الصلاة على النبي والدعاء ثم يسجد للسهو، كما أنه مشروع في الفريضة و مشروع في النافلة.
 
4- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس للنساء نصيب في الجنازة )، ما هي الأمور التي تجتنبها المرأة في موضوع الجنازة؟
هذا الحديث الذي ذكرته السائلة ليس للنساء نصيب في الجنازة، لا نعلم له أصلا، ولا نعلم أحداً أخرجه من أهل العلم، وإنما الوارد عنه-صلى الله عليه وسلم-في هذا: (أنه صلى الله لعن زائرات القبور، والمتخذين عليها مساجد والسرج، ولعن أناس آخرين كبناء المساجد على القبور ونحو ذلك، ونهى عن اتباع الجنائز للنساء من دون لعن، بل نهى اتباع الجنائز، قالت أم عطية- رضي الله عنها-: نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا أي لم يؤكد علينا), فدل ذلك على أنها لا تتبع الجنازة إلى المقبرة, ولا تزور القبور وإنما هذا من خصائص الرجال، لكنها تصلي على الجنازة، تصلي عليها في البيت أو في المسجد تصلي مع الرجال على الجنائز كما صلت عائشة-رضي الله عنها- على جنازة سعد بن أبي وقاص في مسجد النبي-صلى الله عليه وسلم-, فالحاصل أن المرأة تصلي على الجنائز مع الرجال لا بأس، أما ذهابها مع الجنازة إلى المقبرة, أو زيارة القبور فهذا هو الذي نهي عنه فلا يجوز لها ذلك.   
 
5- المعروف بالنسبة للنساء في العراق إذا شخص مات تلبس عليه ثوباً أسوداً لمدة سنة كاملة، وإذا لم تلبس يقولون عليها بأنها فرحة بموت ذلك الشخص، وكلام الناس لا ينتهي ولا يدعون الناس في حالهم، وأنا علمت أن هذا لا يجوز، فماذا تقولون لو تكرمتم في هذا عسى أن يستفيد الناس ويعملون؟
هذا الذي ذكرت هو مثلما ذكرت لا يجوز، كونها تحاد سنة كاملة في ثوب أسود هذا لا أصل له، هذا من عمل الجاهلية، كانت الجاهلية تحاد المرأة فيهم إذا مات زوجها سنة كاملة، فأبطل ذلك الإسلام, وأخبر النبي-صلى الله عليه وسلم-أن هذا من سنة الجاهلية وأوجب الله على المرأة بدلاً من ذلك أربعة أشهر وعشرا إذا كانت غير حامل، أما إن كانت حبلى فإنها تنتهي من العدة بوضع الحمل ولو بعد موت زوجها بساعات أو أيام، أما أن تعتد سنة, أو في لباس خاص أسود فقط هذا لا أصل له، بل هو من عمل الجاهلية، فلها أن تلبس الأسود, والأصفر, والأخضر, والأزرق لكن تكون الملابس غير جميلة، تكون عادية لا تلفت النظر؛ لأنه-صلى الله عليه وسلم-نهى المحادة أن تلبس شيئاً من الثياب الجميلة المصبوغة, قال: (إلا ثوب عصب) وقال أهل العلم أن ثوب العصب ليس فيه جمال، فالمشروع لها أن تلبس ثياباً ليس فيها جمال؛ لأنها تعرضها للفتنة، تكون ملابسها ملابس عادية لا تلفت النظر هذا هو المشروع في المحادة، كما أنه يجب عليها أن تتجنب الطيب مدة العدة، وكذلك الحلية من الذهب, والفضة ونحوها كاللؤلؤ, والماس وأشباه ذلك، مدة العدة، وهكذا تترك الكحل لعينيها والحناء كل هذا مما تمنع منه المحادة، والحاصل أن الحادة تؤمر بخمسة أمور: الأمر الأول: أنها تبقى في بيت زوجها الذي مات وهي ساكنة فيه حتى تنتهي من العدة، لقوله -صلى الله عليه وسلم- للمحادة: (امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله) هكذا قال- عليه الصلاة والسلام-: (امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله)، لكن لا بأس أن تخرج للحاجة, حاجة إلى السوق تشتريها من طعام وغيره، أو إلى الطبيب لحاجتها للطبيب لا بأس بهذا. أما خروجها لغير ذلك للزيارات ونحو ذلك فلا، بل تبقى في بيتها ولا تسافر أيضاً، لا لحج ولا لغيره حتى تنتهي من عدتها. الأمر الثاني: أنها لا تلبس الملابس الجميلة بل تلبس ملابس عادية ليس فيها جمال يلفت النظر، سواء كانت سوداء, أو صفراء, أو خضراء, أو رزقاء أو غير ذلك. الثالث: عدم الحلية من الذهب, والفضة, ونحوها كاللؤلؤ, والماس وما أشبه ذلك، لا تلبس هذا؛ لأن الرسول نهى عن ذلك،- عليه الصلاة والسلام-. الرابع: عدم الطيب؛ لأن الرسول قال: (لا تمس طيبا)، يعني المحادة، فلا تمس الطيب سواء كان من البخور أو غير ذلك من العود والورد وأشباه ذلك، إلا إذا كانت تحيض الشابة فإنها لها أن تتبخر عند طهرها من حيضها كما أمر بهذا النبي- صلى الله عليه وسلم- وأجاز فيه-صلى الله عليه وسلم-. الخامس: الكحل، ليس لها أن تكتحل ولا أن تضع الحناء؛ لأنه جمال، فتجتنب ذلك وما أشبهه هذه الأمور الخمسة هي التي يلزم المحادة أن تراعيها وتعتني بها، أما ما سوى ذلك فهي مثل بقية النساء، لها أن تغتسل متى شاءت وتتروش متى شاءت, وتغير ثيابها متى شاءت، تستعمل الدواء إذا كان عندها ضعف النظر في عينيها أو غير من الأدوية، تطبخ حاجتها في البيت تخدم بيتها تصعد إلى السطح في الليل لرؤية القمر، تخرج إلى الحوش وإلى الحديقة في بيتها، كل هذا لا بأس به، تكلم من شاءت ممن يكلمها من جيرانها أو من غير جيرانها عن طريق الهاتف في التلفون أو غيره كل هذا لا بأس به، إذا كان الكلام ليس فيه ريبة ولا منكر، فهي مثل بقية النساء.    
 
6- هل يحرم على النساء زيارة القبور إذا كان المتوفى أعز شخص؟ قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (لعن الله المرأة النائحة والمستمعة) صدق رسول الله، لكنني في الحقيقة لم أفهم معنى المستمعة في هذا الحديث، هل يقصد المرأة الفضولية التي تتنصت على كلام الناس، أم المرأة التي تستمع الأغاني، أم التي تستمع التلفاز والراديو؟ نرجو التوضيح عن هذا جزاكم الله خيراً.
زيارة القبور للنساء تقدم أنها لا تجوز، النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: (زورا القبور فإنها تذكركم الآخرة) يعني للرجال، كان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا ..... هناك قطع في الشريط (طعن في الأنساب, والاستسقاء بالنجوم, والنياحة على الميت)، وقال: النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب) أخرجه مسلم في صحيحه، فبين- صلى الله عليه وسلم- أن النياحة على الموتى من أمر الجاهلية المذموم والواجب تركه، وقالت أم عطية: أخذنا عن رسول الله في البيعة ألا ننوح، وروى أبو داود-رحمه الله- في سننه عن أبي سعيد- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- :(أنه لعن النائحة والمستمعة) وفي سنده ضعف، ولكن معناه له شواهد فالنوح محرم ومنكر، فلا يجوز للمرأة أن تنوح ولا للرجل أيضاً، ليس للرجال ولا للنساء النياحة، والنياحة رفع الصوت بالبكاء، هذه النياحة, وهكذا قوله: وآ عضدها وآ كاسياه وآ حر قلباه برفع الصوت كل هذا من النياحة، وأما المستمعة فهي التي تستمع إلى للنوح وتشجع على النوح، تجلس معهن تستمع نياحتهن وتشجعهن على النياحة، هذه داخلة في ذلك؛ لأن جلوسها نوع من التشجيع، فلا يجوز لها أن تستمع بل إذالم تسكت النائحة وجب أن تفارق وألا يجلس معها من باب الهجر لها، ومن باب الإنكار عليها، فإذا جلست تستمع صار في ذلك نوع من المساعدة، ونوع من التشجيع فلا يجوز أن تستمع للنائحة بل تنكر عليها تنهاها فإن أقلعت وإلا تركتها ولم تجلس معها تستمع لها. أما سماع الأغاني والأشياء الأخرى هذا بحث آخر، ليس مع النياحة، سماع الأغاني منكر على الرجال والنساء، فالأغاني من المنكرات ومن أسباب ضعف القلوب, وقسوتها والضلال عن الحق كما قال الله-عز وجل-في كتابه العظيم: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ (لقمان:6)، هذا دليل على أن اشترى لهو الحديث، يعني اعتياظه سواء بغير ثمن أو بالثمن فيكون من المنكر المذموم، والله ذكر هذا على سبيل الذم لهم والعيب لهم، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي يعني يعتاض لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، قرئ ليضل بالضم وقرئ ليضل بالفتح، فهذا يدل على أن اشتراء لهو الحديث من أسباب الضلال والإضلال بغير علم، ومن أسباب اتخاذ الآيات هزوا, ولهذا قال بعده: وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً(لقمان: من الآية6) يعني سبيل الله يعني دين الله، وهذا خطر عظيم ولهو الحديث الغناء كما قال جمهور أهل العلم، قال أكثر أهل العلم من المفسرين وغيرهم إنه الغناء، فإذا كان معه آلة عزف، كالعود, أو الكمان, أو الدف أو الطبل كان التحريم أشد والإثم أكبر، فلا يجوز ذلك وليس للمرأة ولا للرجل تعاطي ذلك، سواء كان ذلك في التلفاز, أو في الإذاعة, أو في المسجلات, أو في غير ذلك، أو في الفيديو كل هذا ممنوع ولذلك كان مع ذلك في الفيديو مظاهر منكرة في اجتماع النساء والرجال, واختلاط النساء بالرجال, أو رؤية الرجل مع زوجته أو ما أشبه ذلك كان التحريم أكثر وكان الإثم أعظم, فلا يجوز مثل هذا أبدا لا للرجال ولا للنساء، ولكن مسألة النياحة شيء آخر، فالنياحة لها تعلق بالميت سواء كانت النياحة هذه في البيت, أو عند القبر, أو في أي مكان فلا يجوز الاستماع للنائحة, ولا تشجيعها على عملها السيء بل يجب الإنكار عليها وتحذيرها ومنعها من ذلك، والله المستعان.  
 
7- إن والديَّ يرغبان في زواجي، لكني في الحقيقة لم أفكر في هذا الموضوع أصلاً، ولا أريد أن أتزوج للأبد، فإني أرفض طلبهما، وأنا خائفة من الله سبحانه تعالى حيث في الآية -كما تقول-: (سخط الله من سخط الوالدين)، فهل هذا يعتبر نوع من عقوق الوالدين، وماذا أعمل؟
ليست هذه آية (سخط الله من سخط الوالدين)، إنما هذا حديث عن ابن عمر عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين)، فليس هذا من القرآن بل هذا من حديث الرسول- صلى الله عليه وسلم- من رواية ابن عمر عن النبي- صلى الله عليه وسلم-، المقصود أن هذا ليس من القرآن ولكنه من الحديث، فالواجب عليك أن تنظري في الأمر فإن الزواج فيه مصالح كثيرة، وهو سبب للعفة لغض البصر, وحفظ الفرج، ومن أسباب تكثير الأمة ووجود النسل, فينبغي لك أن تنظري في الأمر ولا تتركي الزواج بل عليك أن تطيعي أبويك في ذلك فقد نصحا لك، والنبي- صلى الله عليه وسلم- يقول: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)، وهذا يعم البنين والبنات فكما يجب على الابن التزوج إذا تيسر له ذلك، فهكذا البنت يجب عليها ذلك إذا تيسر لها الزوج المناسب, واختلف العلماء في هذا هل يجب وجوباً أو يستحب و يتأكد, أو فيه تفصيل إن خاف الزنا وجب وإلا فلا، على أقوال لأهل العلم، والأظهر أنه يجب متى تيسر الأمر وجب؛ لأن الرسول أمر بهذا- عليه الصلاة والسلام-: قال: (فليتزوج) والأصل في الأمر للوجوب هذا هو الأصل؛ ولأن طبيعة الإنسان وفطرته تدعوه إلى ذلك، وفي ترك الزواج خطر كبير على الذكر والأنثى جميعاً, فربما وقعا كل منهما في الفاحشة بسبب ذلك, وربما أطلق بصره بسبب ذلك، فالواجب هو التزوج مع القدرة على الزواج، إذا كان له شهوة في النكاح, وكانت لها شهوة في الرجال, فالواجب هو الزواج، اللهم إلا أن يكون هناك مانع يمنع من ذلك لعدم وجود ما يستطيع به جماع المرأة؛ لأنه ليس له أرب في النساء، أو فيها هي مانع من عيب يمنع من الزواج هذا شيء آخر، المقصود أن ما دام الرجل سليماً والفتاة سليمة فالواجب الزواج مع القدرة، لما فيه من المصالح العظيمة التي منها غض البصر للجميع, ومنها حفظ الفرج, ومنها تكثير نسل الأمة الذي أخبر بها النبي- صلى الله عليه وسلم-أنه يباهي بها الأمم يوم القيامة، ومنها مصالح أخرى في الزواج، فلا ينبغي للبنت ولا للابن ترك ذلك، بل ينبغي الحرص عليه عند القدرة.  
 
8- إنه متزوج من حرمة وله منها أربعة أولاد، وهي الآن حاملة بالخامس ، لكن حرمته لا تصلي منذ أن تزوجها حتى الآن ، بما تنصحونه سماحة الشيخ ؟
هذا منكر عظيم؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، وهي أعظم الفرائض وأهمها بعد الشهادتين كما قال الله- جل وعلا-: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (النور:56)، وقال-سبحانه-: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (البقرة:43)، وقال-سبحانه-: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (البقرة:238)، وقال-جل وعلا-: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ(التوبة: من الآية5)، فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ(التوبة: من الآية11)، فدل ذلك على أن من لم يصل لا يخل سبيله بل يقتل، وهكذا ليس أخاً في الدين من لم يصل، فالواجب استتابتها وتأديبها حتى تصلي ومن تاب تاب الله عليه، فإن أبت لم يجز بقاؤها في حباله، بل يرفع في أمرها إلى المحكمة حتى تستتيبها فإن تابت وإلا قتلت مرتدة عن الإسلام في أصح قولي العلماء، لقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، وقال جماعة من أهل العلم: أنها تقتل حداً لا ردة، وبكل حال فالواجب استتابتها فإن تابت وإلا وجب على ولي الأمر وهو القاضي النائب عن ولي الأمر أن يأمر بقتلها إذا لم تتب، وعلى الزوج أن يفارقها إذا لم تتب؛ لأنها كافرة والمسلم لا يتزوج كافرة ولا يبقي في حباله كافرة، فهي كافرة في أصح قولي العلماء, وقال قوم أنه كفر دون كفر، ولكن الصواب أنه كفر أكبر، فلا ينبغي للزوج ولا يجوز له أن يبقي في حباله امرأة لا تصلي، بل يجاهدها ويؤدبها ويقوم عليها لعلها تتوب، ولعلها تصلي، فإن لم تفعل فارقها، وسوف يعوضه الله خيراً منها، والواجب عليه أن يؤدبها هو وأبوها وأهلها حتى تقوم بالواجب، حتى تصلي، فإن دعت الحاجة إلى رفعها إلى ولي الأمر أو المحكمة رفعت إليه إلى المحكمة حتى تستيبها فإن تابت وإلا قتلت مرتدةً كافرةً عند جمعٍ من أهل العلم، أو حداً عن آخرين من أهل العلم، كما هو معلوم، ولا حول ولا قوة إلا بالله. جزاكم الله خيراً الواقع سماحة الشيخ المدة طويلة جداً كونها تنجب خمسة أو أربعة وإلى الآن لم يفكر في هذا الموضوع، يبدو لي أنه مقصر كثيراً، لكن لعله يستدرج ما فاته ويتوب، فجزاكم الله خيراً إذ نصحتم. لا شك أنه مقصر، لا شك أن سكوته عنها وعدم القيام عليها منكرٌ عظيم، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من رأى منكم منكراً فلغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) وهو قادر على أن ينكر بلسانه ويده جميعاً، والله يقول جل وعلا في كتابه العظيم: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ (71) سورة التوبة، فإنكار المنكر أمرٌ لازم على الرجال والنساء جميعاً، نسأل الله للجميع الهداية. جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ في ختام...

453 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply