حلقة 472: الواجب على الإنسان أن يبدأ بالنفقة على عياله - حكم الأطعمة التي تقدم للدواجن - ألفاظ الأذان الشرعي - وقت ذبح الأضحية - هل يؤجر من وزع الحلوى يوم عيد المولد النبوي
22 / 50 محاضرة
1- أن والده بدأ ينازعه على راتبه، وهو أب لأسرة تتكون من أربعة أشخاص، ويقول: إنه دفع نصف المرتب لوالده إلا أن الوالد لم يرتض بذلك، نظراً لأن الوالد نفسه يعول أسرة كبيرة فيها تسعة أنفس، ويرجو من سماحة الشيخ التوجيه، جزاكم الله خيراً.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فقد دل كتاب الله العزيز وسنة رسوله الأمين -عليه الصلاة والسلام- على عظم شأن الوالدين، وعلى عظم حقهما، وعلى وجوب برهما، فالواجب على الولد أن يحرص على بر والديه، وأن يخصهما بمزيد عناية؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- يقول: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) الآية[الإسراء: 23], وفي معناها آيات أخرى، وقال -جل وعلا-: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ[لقمان: 14] وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وأن وأولادكم من كسبكم)، وجاءه رجل يشتكي أن أباه اجتاح ماله فقال: (أنت ومالك لأبيك)، فالواجب عليك أن تتحرى ما يرضي والدك، وأن تحرص على إقناعه بالأسلوب الحسن، والعبارات اللطيفة، فتدع لولدك وأهل بيتك ما يكفيهم، وتعطيه ما يعنيه على نفقة عائلته، وبذلك يحصل لك الأجر العظيم، وبر والدك. أما إن كان النصف الذي يبقى لك لا يكفي حاجتك، أو لا يزيد عن حاجتك، فلا يلزمك، فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ[التغابن: 16]، وقد دل على هذا قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا ضرر ولا ضرار)، فحق الوالدين عظيم، ولكن لا ضرر ولا ضرار، إذا كان الباقي من راتبك بقدر حاجتك من دون إسراف ولا تبذير فلا يلزمك أن تعطيه الزيادة، لكن تعتذر إليه بالعبارات الحسنة وبالأساليب الطيبة، أو توسط بعض أقاربك حتى يعتذروا عنك، وحتى يرضوه عنك، هذا هو الذي ينبغي لك في هذه المسألة. أما إن كان عندك قدرة على الزيادة وأن تخفض النصف وتعطيه زيادة عن النصف، وأن هذا يكفيك ويكفي من تحت يدك حاجةً متوسطة ليس فيها إسراف ولا تبذير فافعل ذلك، والخلاصة أنك تجتهد في إرضاء والدك، لكن من دون ضرر عليك وعلى أهل بيتك، لأن عليك حقاً لزوجتك وأهل بيتك، أولادك، وعليك حقٌ لوالدك، فإذا جاء الضرر قدمت حاجة نفسك وحاجة ولدك، وليس للوالد إلا ما فضل وزاد على هذا لما تقدم من قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا ضرر ولا ضرار) ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ابدأ بنفسك ثم من تعول) فأنت تبدأ بنفسك وأبوك ممن تعول، تبدأ بنفسك وأهل بيتك، ثم تعطي والدك ما زاد مما يسد حاجته ويعينه على نفقة عياله، يسر الله أمرك وأعانك وبارك لك وعليك وأعان والدك.
2- بعد سؤالنا عن ماهية المواد التي تُغذى بها الدواجن؛ أخبرنا المشرف عن مستودعات الأغذية وفني المختبر أن هذه الأطعمة التي تُغذى بها الدواجن تستورد من مجازر أوروبا، وهي عبارة عن مخلفات المجازر من لحوم وجلود وعظام ودماء، وقد يدخل فيها لحم الخنزير بشكل مسحوق، يتم خلطها جميعاً إضافة لحبوب وعظام أسماك، وتوزع على قسمين: قسم للدواجن التي تؤكل، وقسم للدواجن التي تبيض باسم أن هذا بروتين للتغذية، مع العلم أن مزارع كذا -ويسميها سماحة الشيخ - تقوم بتوزيع وتموين هذه الأغذية للمزارع في عدد من المناطق، ويرجو من سماحة الشيخ التوجيه والإرشاد حول هذا، جزاكم الله خيراً.
قد جاءنا نماذج من هذا وأحلناها إلى الجهات المختصة وذكروا أنها سليمة وليس فيها شيء مما يحذر، وإنما هي أشياء من أسماك ومن بذور سليمة ومن أشياء ليس فيها محذور لا من جهة الخنزير ولا من جهة الدماء، وبكل حال فإذا وجد من هذه الأشياء شيء من النجس أو من الحرام كالخنزير إذا كان قليلاً فإنه يعفى عنه، كما يعفى عما تأكله الجلالة من الأشياء الحقيرة القليلة، وإنما الذي يضر أن يغلب النجس والخبيث على طعام الدواجن وشرابها، فإذا كان ما تأكله مما يستقبح إذا كان قليلاً يغلب عليه الطعام الطيب والشراب الطيب فإنه لا يضر. أما الذي جاءنا من النماذج التي بعثت اللجنة من جهات متعددة من الإخوان هنا وأحلناها إلى الجهات المختصة واختبروها فإنه يظهر أنه ليس فيها محذور، وأنها ما بين بذور لا بأس بها، وأشياء أخرى ليس فيها محذور من أسماك وغيرها تغذى بها هذه الدواجن، والأصل السلامة وبراءة الذمة حتى يعلم يقيناً أنها غذيت بما حرم الله ويغلب ذلك، ويكون ذلك كثيراً يعني يغلب على طعامها وشرابها حتى تكون كالجلالة. أما الشيء اليسير فيغتفر. المذيع/ إذاً يرى سماحتكم الوصول إلى تلك المصانع ليرى الإنسان بنفسه الحقيقة؟ هذه الأشياء التي ترد من هذه المصانع لا بد أن تحال إلى الجهات المختصة، على هذه الجهات التي تستوردها إذا كان عندها شك أنت حيلها إلى الجهات المختصة في المملكة، ما دامت المسألة في المملكة تحال للجهات المختصة المختبرات المختصة كوزارة التجارة وهيئة المقاييس وجامعة الإمام محمد بن سعود وجامعة الملك سعود التي فيها المختبرات يختبرونها ويبينون ما فيها، فإنا أحلناها إلى بعض هذه الجهات ورأوا أنها سليمة، فالحاصل أن الوارد يختلف وقد يتنوع، المستورد قد يتنوع فالذين يستوردون هذه الأشياء الواجب عليهم أن يجتهدوا حتى يعرفوا الحقيقة، وحتى لا يغشوا الناس، ولا يدخلوا على الناس ما حرم الله عليهم، وعلى الدولة أن تلزمهم بهذا، على الدولة بواسطة وزارة التجارة وغيرها من المسئولين الذين لهم صلة بهذا الصنف عليهم أن يلزموا أي شركة وأي مزرعة تستورد أن تعرف ما تستورد، وأن يكون ذلك سليماً، وحتى يشهد لهم بذلك المسئولون هناك.
3- لدينا في بعض جوامع قطرنا عندما يؤذنون للصلاة يقولون: الله أكبر الله، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، وأشهد أن علياً ولي الله حقاً وحجة الله، ثم يكملون الأذان، ونسأل: هل صحيح ما يقولون؟ علماً بأننا نسمع أذاناً على صورة أخرى مختلفة عما سمعنا.
الأذان الشرعي المحفوظ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس فيه هذه الزيادة: أشهد أن علياً ولي الله أو حجة الله، هذه الزيادة بدعة لا تجوز، والمحفوظ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وعن أصحابه "الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله" هذا المحفوظ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وعن أصحابه، وهو الذي علمه النبي -صلى الله عليه وسلم- بلالاً وعلمه أبا محذورة في مكة، وهذا هو الثابت في كتب الصحاح بالأحاديث الصحيحة، ويزاد فيه في أذان الفجر الصلاة "الصلاة خير من النوم" الأذان على الصبح الذي بعده الصلاة يزاد فيه "الصلاة خيرٌ من النوم، الصلاة خيرٌ من النوم" بعد قوله: "حي على الفلاح" وقبل قوله: "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله" يعني في أخره بعد الهيعلتين يقول: "الصلاة خيرٌ من النوم الصلاة خيرٌ من النوم" ثبت هذا أيضاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث عبد الله بن زيد وفي حديث أنس وغيرهما، وأما زيادة أشهد أن علياً وليُّ الله فهذه بدعة وليست ثابتة عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، ولا عن أصحابه -رضي الله عنهم-. وهكذا ما يزاد في بعض الأذان عند بعض الشيعة حي على خير العمل، كذلك هذا لا أصل له، كلها بدعة، والواجب على الشيعة وعلى غير الشيعة أن يلتزموا بالأذان النبوي الذي ثبت عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، وأن لا يزاد فيه أشهد أن علياً ولي الله ولا حجة الله، ولا يزاد فيه حي على خير العمل كل هذا منكر وبدعة، فالواجب على جميع المسلمين أن يلتزموا بما ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الأذان وفي غيره، وبهذا قال -عليه الصلاة والسلام-: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) يعني فهو مردود، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، وهذا يعم المحدثات في الأذان وفي الصلاة وفي الصيام وفي الحج وفي غير ذلك. نسأل الله لجميع المسلمين التوفيق والهداية.
4- كيف يتم ذبح الأضحية في عيد الأضحى المبارك، ومتى يبدأ ومتى ينتهي وقتها؟ أرجو منكم أن تبينوا الطريقة التي نبدأ بها في الذبح، ماذا نعمل ونقول قبل الذبح، وأثناءه وبعده، أي إلى أن يتم توزيع اللحم إلى الفقراء؟ لأن طريقة الذبح عندنا هي: قبل الذبح يقرأ المُلاَّ القرآن على أذن الذبيحة، ويجب ألا يأكل صاحب الأضحية من اللحم إلا قطعة صغيرة، هل هذه الطريقة صحيحة، وهل يتم ذبح الأضحية للميت فقط أم للحي، أم للاثنين؟ وفقكم الله.
أما وقت الضحية فهو أربعة أيام على الصحيح من أقوال العلماء: يوم العيد وهو يوم عيد النحر وهو العاشر من ذي الحجة، ثم اليوم الحادي عشر ثم اليوم الثاني عشر ثم اليوم الثالث عشر، وقال بعض أهل العلم: إنها ثلاثة يوم العيد ويومان بعده، والصواب أنها أربعة، يوم العيد وثلاثة أيام بعده، وهي أيام التشريق، وهي أيام النحر، وهي أيام رجم الجمار، وهي أيام ذكر لله -عز وجل- وأكل وشرب، فإذا صلى الناس العيد صلاة العيد بدءوا بالذبح، يبدأ بالذبح بعد صلاة العيد كما أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- فإنه صلى ثم ذبح، وقال: (من صلى صلاتنا ونسك بنسكنا فقد أصاب النسك، ومن ذبح قبل الصلاة فلا ذبح له) فالسنة والواجب أن تكون الضحية بعد الصلاة، إذا كان الإنسان في البلد. أما إذا كان في الصحراء كالبادية فإنهم يذبحون بعد ارتفاع الشمس، إذا ارتفعت الشمس ومضى شيء بعد ارتفاعها مقدار الصلاة، فإنهم يذبحون ذاك الوقت، يذبحون بعد ارتفاع الشمس ومضي قليلٍ من الزمن بقدر الصلاة يذبحون؛ لأنهم لا صلاة عندهم، البادية والمسافرون ليس لهم صلاة عيد وليس عليهم صلاة عيد، فيذبحون بعد ارتفاع الشمس، وهكذا في منى الحجاج في منى يذبحون بعد ارتفاع الشمس؛ لأنهم ليس عندهم صلاة عيد في منى، رمي الجمار يقوم مقام صلاة العيد، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه رمى الجمرة ثم نحر هديه، ولم يصل صلاة العيد في حجة الوداع -عليه الصلاة والسلام-، فإنهم يرمون الجمار ثم يذبحون هداياهم وضحاياهم بعد ذلك الوقت، بعد ارتفاع الشمس، هذا هو المشروع. وعند الذبح يسمي الله يقول: "بسم الله والله أكبر" هذا المشروع " بسم الله والله أكبر" وإن قال: "بسم الله" فقد أجزى لكن الأفضل أن يقول "بسم الله والله أكبر" وإن زاد وقال: قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ[الأنعام: 162-163] أو قال: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ[الأنعام: 79] فهذا مستحب، ولكن يكفي "بسم الله والله أكبر" يكفيه هذا، هذا هو الذي كان يفعله النبي -صلى الله عليه وسلم- "بسم الله والله أكبر" وربما زاد (إن صلاتي...) إلى أخره، والواجب "بسم الله" هذا الواجب، وزيادة "الله أكبر" مستحبة "بسم الله والله أكبر" وما زاد على ذلك من قراءة وصلاة ووجهت وجهي هذا مستحب وليس بواجب. ثم إذا ذبحت الذبيحة يأكل الإنسان ما شاء ما يتقيد بقطعة صغيرة، بل يأكل ما شاء إذا ذبح الذبيحة يأكل منها قليلاً أو كثيراً، هو وأهل بيته، السنة أن يأكلوا ويطعموا ويتصدقوا من هذه الذبيحة، يأكلون منها ما تيسر، ويتصدقون بما تيسر، ويطعمون ويهدون ما تيسر، والأفضل أن تكون أثلاثاً: ثلثٌ يأكلونه، وثلثٌ يهدونه إلى أقاربهم وأصدقائهم، وثلثٌ للفقراء، وإن أكلوا الأكثر، وتصدقوا بالقليل فلا بأس، الأمر في هذا واسع والحمد لله، الرسول أمرهم أن يأكلوا ويطعموا والله يقول: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ[الحج: 27]، فينبغي أن يعطي الفقير ما تيسر من ذلك وإن أعطوا الفقراء الثلث كان أفضل، وإن أهدى الثلث على أقربائه وجيرانه كان حسناً أيضاً، فإن لم يهد ولم يتصدق إلا بالقليل أو ما تصدق بالكلية أجزأت الضحية، صارت الضحية مجزئة وشرعية، لكن ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يجب عليه أن يخرج قليلاً من اللحم حتى يمتثل قوله تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ[الحج: 27]، يخرج ما تيسر من اللحم ولو من غير الضحية، إذا كان قد أكلها، يخرج من غيرها، حتى يكون أدى هذا الواجب، ولكن السنة بكل حال أن يخرج منها: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ[الحج: 27]، فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ[الحج: 36] كما قاله الله -عز وجل-، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (كلوا تصدقوا وادخروا)، فالسنة له أن يأكل، وأن يدخر ما أحب من ذلك، وأن يتصدق على الفقراء بما تيسر هذا هو المشروع، فإن لم يتصدق ولم يهد، بل أكلها صحت وأجزأت ولكنه خالف الأفضل وخالف السنة، وعليه أن يستدرك ولو بالقليل من اللحم حتى يتصدق بها على الفقراء هذا هو الأحوط له، خروجاً من خلاف من قال بالوجوب، وظاهر القرآن وجوب الصدقة؛ لأن الله قال: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا[الحج: 27]، والأصل في الأمر الوجوب لكن ذهب الأكثرون إلى أنه للسنية؛ لأن الله قال: فكلوا، والأكل ليس بواجب، وهكذا الإطعام ليس بواجب ولكنه سنة، السنة أن يأكل ويطعم، هذا هو السنة. والله المستعان.
5- في يوم المولد النبوي الشريف يتم في بعض مناطق قطرنا توزيع الطعام والحلوى على الناس إحياءً لهذا اليوم العزيز، ويقولون: إن توزيع الطعام والحلوى -وبالأخص الحلوى- لها أجر كبير عند الله -عز وجل-، هل هذا صحيح؟
الاحتفال بالمولد هذا مما أحدثه الناس، وليس مشروعاً، ولم يكن معروفاً عند السلف الصالح، لا في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا في عهد التابعين، ولا في عهد أتباع التابعين، ولا في القرون المفضلة، ولم يكن معروفاً في هذه العصور العظيمة، وفي القرون الثلاثة المفضلة، وإنما أحدثه الناس بعد ذلك، وذكر المؤرخون أن أو من أحدثه هم الفاطميون الشيعة حكام مصر والمغرب، هم من أحدث هذه الاحتفالات، الاحتفال بالمولد النبوي، وبمولد الحسين، ومولد فاطمة، والحسن، وحاكمهم، جعلوا هناك احتفالات لعدة موالد: منها مولد النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهذا هو المشهور أنه أول من أحدث في المائة الرابعة من الهجرة، ثم حدث بعد ذلك من الناس الآخرين تأسياً بغيرهم، والسنة في ذلك عدم فعل هذا المولد؛ لأنه من البدع المحدثة في الدين، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وقال -عليه الصلاة والسلام-: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) والاحتفال قربة وطاعة فلا يجوز إحداث قربة وطاعة إلا بدليل، وما يفعله الناس اليوم ليس بحجة، ما يفعله الناس في كثير من الأمصار، في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول، من الاحتفال بالموالد مولد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتوزيع الطعام أو الحلوى، أو قراءة السيرة في ذلك اليوم، وإقامة الموائد كل هذا ليس له أصل فيما علمنا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا عن أصحابه -رضي الله عنهم-، ولا عن السلف الصالح في القرون المفضلة، وهذا هو الذي علمناه من كلام أهل العلم، وقد نبه على ذلك أبو العباس ابن تيمية -رحمه الله- شيخ الإسلام، ونبه على ذلك الشاطبي -رحمه الله- في الاعتصام بالسنة، ونبه على ذلك آخرون من أهل العلم، وبينوا أن هذا الاحتفال أمرٌ لا أساس له، وليس من الأمور الشرعية، بل هو مما ابتدعه الناس، فالذي ننصح به إخواننا المسلمين هو ترك هذه البدع، وعدم التساهل بها، وإنما حب النبي -صلى الله عليه وسلم- يقتضي اتباعه وطاعة أوامره وترك نواهيه، كما قال الله -سبحانه-: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ[آل عمران: 31] فليس العلامة على حبه أن نحدث البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان، من الاحتفال بالمولد، أو الحلف بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، أو الدعاء والاستغاثة به، أو الطواف بقبره، أو ما أشبه ذلك، كل هذا مما لا يجوز، وليس من حبه -صلى الله عليه وسلم- بل هو من مخالفة أمره -عليه الصلاة والسلام-، فحبه يقتضي اتباعه وطاعة أوامره وترك نواهيه والوقوف عند الحدود التي حدها -عليه الصلاة والسلام-، هكذا يكون المؤمن، كما قال الله عز وجل: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ[آل عمران: 31] وقال -عز وجل-: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا[الحشر: 7] وقال -جل وعلا-: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ[النور: 54]، ولو كان الاحتفال بالمولد أمراً مشروعاً لم يكتمه النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإنه ما كتم شيئاً فقد بلغ البلاغ المبين -عليه الصلاة والسلام-، فلم يحتفل بمولده، ولم يأمر أصحابه بذلك، ولم يفعله الخلفاء الراشدون - رضي الله عنهم-، ولا بقية الصحابة -رضي الله عنهم-، ولا التابعون وأتباعهم بإحسان في القرون المفضلة، فكيف يخفى عليهم ويعلمهم من بعدهم؟! هذا مستحيل، فعلم بذلك أن إحداثه من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان، ومن قال: إنه بدعة حسنة، فهذا غلط لا يجوز، لأنه ليس بالإسلام بدع حسنة، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (كل بدعة ضلالة)، وكان يخطب الناس يوم الجمعة ويقول: (إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة) فلا يجوز للمسلم أن يقول فيه بدعة حسنة، يعني يناقض النبي -صلى الله عليه وسلم- ويعاكسه، وهذا لا يجوز لمسلم، بل يجب عليه أن يتأدب مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويحذر مخالفة أمره -صلى الله عليه وسلم-، ومخالفة شريعته في هذا وغيره، فلما قال -صلى الله عليه وسلم-: (كل بدعة ضلالة) هذه الجملة صيغة عامة تعم الموالد وغير الموالد من البدع، وهكذا ما أحدثه بعض الناس من الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج بليلة سبع وعشرين من رجب، أو ليلة النصف من شعبان، هذه أيضاً من البدع؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما فعلها ولا فعلها أصحابه، فتكون بدعة، وهكذا جميع ما أحدثه الناس من البدع في الدين كلها داخلة في هذا النوع، فليس لأحد من المسلمين أن يحدث شيئاً من العبادات ما شرعه الله، بل يجب على أهل الإسلام الاتباع والتقيد بالشرع أينما كانوا، والحذر من البدعة ولو أحدثها من أحدثها من العظماء والكبار، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- فوقهم، فوق جميع العظماء، وهو سيد ولد آدم، وهو الذي أوجب الله علينا طاعته واتباع شريعته، فليس لأحد أن يقدم على هديه هدي أحدٍ من الناس، ولا طاعة أحدٍ من الناس، ثم الله فوق الجميع -سبحانه وتعالى-، وهو الواجب الطاعة وهو الإله الحق -سبحانه وتعالى- وهو الذي بعث الرسول ليعلم الناس ويرشد الناس فالرسول هو المبلغ عن الله عز وجل فلو كان الاحتفال بهذه الأمور مما أمره الله به لم يكتبه بل يبلغه لأن عليه الصلاة والسلام بلغ البلاغ المبين، وهكذا أصحابه لو كان بلغهم وأعلمهم لبلغوا أيضاً فلما لم يأتنا هذا عنه علمنا يقيناً أنه من البدع التي أحدثها الناس وأن الواجب على أهل الإسلام ألا يوافقوا أهل البدع بل عليهم أن يسيروا على النهج الذي سار عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسار عليه أصحابه الكرام رضي الله عنه ثم أتباعهم بإحسان في القرون المفضلة نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
599 مشاهدة
-
26 حلقة 476: الأجساد التي حرم الله على الأرض أن تأكلها - توجيه للطالبة المستقيمة أن تنصح زميلاتها - كيفية صلاة النبي ودعائه بعدها
-
27 حلقة 477: الكيفية الصحيحة للصلاة من الركوع إلى التسليم - حكم الدعاء للميت في الصلاة - الاعتكاف وقته وكيفيته
-
28 حلقة 478: عقوبة المسبل - مخالفة أنظمة البلدية - توجيه لمن يحس بالندم على الخطايا التي ارتكبها - حكم ترك بعض الصلوات - حكم صلاة المرأة عند سماعها الأذان - دعاء الخرف على ولده - حكم الصلاة خلف من يبيع القات
-
29 حلقة 479: ماذا يعمل من بدأ يصلي في سن العشرين؟ - تفسير قوله فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه - تفسير قوله فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ - حكم الصور والتصوير
-
30 حلقة 480: حكم من ترك الصلاة، ويشرب المسكر - تكذيب - حكم المسح على الشراب الخفيف الذي ترى منه البشرة - هل تحتجب المرأة من ابن عمها إذا بلغ خمسة عشر سنة - من اعتمر ولم يودِّعْ هل عليه شيء؟ - الرضاع
-
31 حلقة 481: العذر بالجهل - السلف الصالح تكلموا في مسألة العذر بالجهل - كيفية التصرف في الأرباح الربوية - صفة المداينة على الوجه الشرعي - حكم رد السلام للمرأة إذا سلم عليها رجل لا تعرفه - كيف يبدأ الإنسان الدعاء؟
-
32 حلقة 482: حكم تثويب أجر القراءة للميت - تكفير جميع المجتمعات غير صحيح - مسألة في الطلاق - معنى حديث (من ستر مسلما ستره الله...) - قول علي الحرام، هل يطلق عليها كلمة الطلاق؟
-
33 حلقة 483: حكم الحلف بالذمة أو بالشباب - تحجب الخادمة عن صاحب البيت - توجيه لمن يحس بعد أدائة الصلاة أن صلاته غير مقبولة - حكم الأموال التي تنذر للقبور والأضرحة - من ترك الصلاة لمدة، ثم تاب
-
34 حلقة 484: حكم الكذب والغش على من لا يصلي - حكم شراء اللحم من الجزار الذي لا يصلي - توجيه لمن أصيب بمرض الوسوسة - هل الميت يعرف ما يدور في بيته - توجيه لمن يستعمل العمال الغير مسلمين
-
35 حلقة 485: حكم إمامة المرأة - حكم من تأخير الصلاة بعد الأذان بدقائق - حكم الخمار في الإسلام - حكم تأخير الصلاة عن وقتها - حكم الجهر بالقراءة للمرأة - حكم إكرام الضيف الكافر - حكم التنفل بعد الوتر - الخلوة بالمخطوبة
-
36 حلقة 486: عورة الرجل - حكم استعمال الحناء للحائض - حكم المكياج وحمرة الشفايف - السواك مشروع للرجال والنساء - حكم الغناء وآلات اللهو - حكم قص المرأة شعرها من الأمام - حكم الكلام أثناء التسبيح - الوضوء عند لمس المصحف
-
37 حلقة 487: كيفية وضع الأيدي في الصلاة - حكم صبغ الشعر باللون الأسود - حكم الزواج ممن يشرب الخمر - مدى صحة دعاء الرسول على صاحب التمر - حكم لبس الطالبة للتنورة التي تبين الخصر - نصيحة لمن يسيء معاشرة زوجته
-
38 حلقة 488: حكم استئجار الإمام لشخص ليقوم بالإمامة نيابة عنه - حكم شراء العطور التي بها نسبة من الكحول - حكم الحناء للحائض والنفساء - هل حمرة الشفاه والكحل يمنع وصول الماء في الوضوء - الرضعات المحرمات خمس فأكثر
-
39 حلقة 489: هل يقدم الحج بالوالدة أم تزويج الأخ؟ - توجيه لمن لم يرزق بأولاد - هل يصح أن يخالف الإنسان والديه ويأخذ زوجته معاه - حكم كشف المرأة وجهها عند أبناء عمها - حكم مشاهدة المسلسلات في الفيديو
-
40 حلقة 490: حكم الصلاة في السروال الطويل - سؤال عن كتاب بلغة السالك لأقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك - الدليل على وضع اليدين على الصدر بعد الرفع من الركوع - حكم المذابح الآلية - حكم الذبح بالآلة الكهربائية
-
41 حلقة 491: شروط الزواج من الكتابية - ليس للمهر حد محدود في الشرع - حكم ممارسة النساء للرياضة أمام الرجال - حكم أخذ الزوج تركة زوجته - حكم قول علي الطلاق من ظهر أمك - رجل يدعي علم الغيب
-
42 حلقة 492: حكم جمع الصلاة لمن هو ضخم الجسم - حكم لطم الخدود وشق الثياب ورفع الصوت بالنياحة عند المصيبة - حكم لبس العروس هلالا من الذهب عند الزفة فقط - حكم الشرع في الممثلين والمشاهدين - ظهور النساء في التلفزيون
-
43 حلقة 493: الرد على من يستدل بجواز القراءة عند القبر بفعل ابن عمر - الكلام على حديث صلاة التسبيح - حكم صلاة الخامس عشر من شعبان - حكم كشف المرأة باطن القدم أثناء الصلاة - حكم تخليل المرأة شعرها عند غسلها من الجنابة
-
44 حلقة 494: حكم صلاة المفترض خلف المتنفل - حكم تسديد الدين بعملة غير التي استدانها - حكم قراءة الحائض للكتب الدينية والصحف الإسلامية - هل تُذكر كلمة الفرج في كتاب ربنا ويقصد بها عضو التناسل - الزواج من امرأة مصاب والدها بمرض السكر
-
45 حلقة 495: حكم البيعة على الالتزام بالكتاب والسنة - حكم دفع كفارة اليمين لمسكين واحد - حكم قول صدق الله والعظيم بعد قراءة القرآن - هل هناك بدعة حسنة وبدعة سيئة؟ - مسألة في الطلاق أحالها الشيخ إلى المحكمة
-
46 حلقة 496: حكم استعمال المكياج، وحكم ذهاب النساء إلى الكوافير - معنى عذبة السوط في الحديث - التبرع للمجاهدين الأفغان - التحقق من بعض كرامات مجاهدي الأفغان - الجهاد بالمال هل يكون أفضل من الجهاد بالنفس؟
-
47 حلقة 497: حكم سجود التحية - سجود الشكر وما يقال فيه - حكم وضع الحائض الحناء على رأسها - دعاء سجود التلاوة - سؤال حول كتاب (مشاهد القيامة في القرآن) لسيد قطب - هل يبدأ بالزواج أم بالحج؟ - حكم دعاء الأولياء مع الله
-
48 حلقة 498: نقل الأعضاء والدم لا يأخذ أحكام الرضاع - حكم الطلاق المعلق - حكم الاتجار في السوق السوداء - حكم إعطاء الموظف هدية بعد قيامه بعمل فيه مصلحة للمهدي - تعريف أهل الفتوى - التحذير من الأفلام الخبيثة الخليعة
-
49 حلقة 499: حكم الشرع في الأموال التي تُنذر للأولياء - حكم من غطى رأسه وهو محرم بسبب البرد - حكم ذبيحة تارك الصلاة - حكم الصيام بدل الإطعام في الكفارة في حالة عدم وجود المساكين - تفسير قوله هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ
-
50 حلقة 500: من جاء والإمام في التحيات يدخل معه - حكم دخول السينماء والمسرح - من هداه الله من الجن لا يسمى شيطانا - حكم إتيان الكهنة والمشعوذين - حكم من أدرك الإمام راكعا - حكم صلاة من نسي البسملة
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد