حلقة 509: حكم قضاء الصلاة المتروكة عمدا لمدة من الزمن - حكم الوصبة للوارث - حكم الانتساب إلى مذهب من المذاهب الأربعة المعروفة - هل رأى رسول الله ربه ليلة الإسراء والمعراج؟ - الإرشاد إلى أفضل الكتب في العقيد الإسلامية الصحيحة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

9 / 50 محاضرة

حلقة 509: حكم قضاء الصلاة المتروكة عمدا لمدة من الزمن - حكم الوصبة للوارث - حكم الانتساب إلى مذهب من المذاهب الأربعة المعروفة - هل رأى رسول الله ربه ليلة الإسراء والمعراج؟ - الإرشاد إلى أفضل الكتب في العقيد الإسلامية الصحيحة

1- منذ ولادتي حتى سن الخامسة عشرة لم أؤدي فرض الصلاة، ولكن الآن فإني مواظب على الصلاة منذ سبعين سنة، وقد قضيت عن المدة التي فاتتني، غير أن سادتنا العلماء قالوا: إن ذلك لا ينفع! أرشدوني أثابكم الله.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالحمد لله الذي منَّ عليك بالاستقامة حتى أكملت هذه المدة الطويلة وأنت تحافظ على الصلاة، أما تركته من الصلوات قبل إكمال الخمسة عشر سنة، فهذا فيه تفصيل: فإن كنت قد بلغت الحلم بإكمال خمس عشرة سنة أو بإنبات الشعر الخشن حول الفرج وهو الشعرة أو بإنزال المني عن احتلام أو بتفكير أو نظر أو نحو ذلك فأنت بذلك قد بلغت الحلم، والذي تركته من الصلوات بعد ذلك معفواً عنه إذا كنت قد تبت إلى الله من ذلك وندمت فالتوبة تجب ما قبلها، فإذا كنت تبت إلى الله وندمت على ما قصرت فيه من ترك الصلاة وعزمت على ألا تعود ثم استمررت في ذلك كما ذكرت فالحمد لله، وكل ما تركته من ذلك قد محي عنك بالتوبة، فالتوبة تجب ما قبلها، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (الإسلام يهدم ما قبله والتوبة تجب ما قبلها) يعني تمحو ما كان قبلها. والذي قال لك من العلماء أن التوبة ما تنفع هذا كلام باطل غلط، وليس هذا من العلماء، فالتوبة يمحو الله بها الكفر ويمحو الله بها جميع الذنوب، أما إن كنت لم تبلغ بأن تبت إلى الله واستقمت على الصلاة قبل كمال الخامسة عشرة سنة ولم يكن سبق منك إنزال ولا إنبات قبل خمس عشرة سنة فأنت في حكم الأطفال وليس عليك صلاة واجبة؛ لأن الصلاة إنما تجب بالبلوغ بلوغ الحلم، فإذا كنت لم تبلغ حين تركت الصلوات فليس عليك شيء؛ لأنك غير مكلف بها تكليف الوجوب، وإن كنت مأمورا بها وعلى وليك أن يأمرك بها ويضربك إذا تركتها لكنها لا تجب عليك وجوب المكلفين، لا. وإنما يشرع لك فعلها والمحافظة عليها ويجب عليك أن تعتاد ذلك وعلى وليك أن يحاسبك عن ذلك لكن لو تركت منها شيئاً قبل البلوغ فلا شيء عليك لا قضاء ولا توبة لأنك حينئذ لست من أهل التكليف إنما التكليف بعد بلوغ الحلم، فاحمد الله على ما منَّ به عليك من التوبة واطمئن واعلم أنك بحمد الله على خير، وأن توبتك عما تركته من الصلوات قبل خمسة عشر سنة سواء كنت قد بلغت أو لم تبلغ فهو معفو عنه وممحي عنه بالتوبة، التوبة يمحو الله بها ما قبلها من الذنوب كما قال الله سبحانه وتعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(النور: من الآية31)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم – لعائشة :(يا عائشة التائب من الذنب كمن لا ذنب له) فنسأل الله أن يمن علينا وعليك وعلى جميع المسلمين بالتوبة النصوح، وأن يتقبل منا ومنكم ومن كل مسلم.  
 
2- لي أربع بنات وثلاثة أولاد، أولادي الكبار بنيت لكل منهم منزلاً خاصاً به، وابني الصغير لم استطع أن أبني له منزلاً، وعندي منزل قديم سبق وأن منحته لزوجتي وبناتها الأربع في وصية رسمية، فهل للابن الأصغر حق شرعي في المنزل مع أمه وأخواته أم لا؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الواجب عليك يا أخي التعديل بين أولادك الذكور والإناث؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم) فإذا كنت حين بنيت لأبنائك الكبار منازل وقد وجد لك الولد الصغير والبنات وجب عليك التعديل، أما إن كنت بنيت لهم وأعطيتهم قبل وجود البنات وقبل وجود الصغير فلا شيء عليك؛ لأنك ما عندك أولاد ذاك الوقت غيرهم، أما إن كان إعطائك لهم المنازل بعد وجود الابن الصغير وبعد وجود البنات فالواجب التعديل، فإما أن تعطيهم مثل إخوانهم للذكر مثل حظ الأنثيين، وإما أن ترجع في المنازل التي أعطيتها إخوانهم وتجعلها للجميع بين الجميع أو لنفسك وتبقى إرثا لهم بعدك، وأما أن تخص أولئك بالمنازل أو البنات هذا لا يجوز، بل عليك أن تعدل، وإذا أعطيت الأم وهي الزوجة شيئا من مالك في صحتك فلا بأس، تخصها بشيء لا بأس أن تخصها بشيء، وأما الأولاد ذكورهم وإناثهم فلا بعد من التعديل بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين في الأراضي وفي النقود وفي غير ذلك، هكذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (اتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم) وليس لك أن توصي للزوجة ولا للبنات ولا غيرهم من الورثة وصية؛ لأن الورثة ليس لهم وصية، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث) ولكن لا مانع أن تعطي الزوجة في صحتك شيئا من مالك في مقابل خدمتها ومعاشرتها الطيبة، وإذا كانت لك زوجة أخرى تعطيها مثلها، وأما البنات وإخوتهم فلا بد من التعديل بينهم في المنازل وغيرها إلا إذا سمحوا، إذا سمحت البنات عن إخوانهم قالوا: ما نرى فيه شيء وأنت مسامح فلا بأس وهكذا الابن الصغير إذا بلغ الحلم وسمح، إذا كان رشيدا وسمح وقال: أنا سامح عن إخواني ولا ألزمهم بالتعديل فلا بأس، الحق لهم، فإذا سمحوا سقط الوجوب الذي عليك، أما إن لم يسمحوا أو سمحوا سماحا خافوا منك ما هو بسماح عن رضى وطيب نفس لكن لأنك توعدتهم أو يخشون من أمر يضرهم منك فالسماح الذي ليس له سند واضح بل حصل عن خشية أو خوف لا يعتبر، لا بد أن يكون سماح واضح من دون خوف منك ولا وعيد منك، بل عن طيب نفس من أنفسهم فلا بأس بذلك.  
 
3- هل يجوز التمسك بمذهب واحد من المذاهب الأربعة في أمور الفقه وغيرها؟
لا مانع من الانتساب إلى مذهب من المذاهب الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية، لكن لا يجوز التمسك به في كل شيء سواء أصاب أو أخطأ، لا، بل يسأل طالب العلم وينظر إن كان عنده بصيرة فإذا وجد مسألة الحق فيها خلاف المذهب أخذ بالحق؛ لأنه ما من مذهب إلا وفيه مسائل مرجوحة، فإذا كان الحنبلي أخذ بمذهب المالكي أو الشافعي أو الحنفي في مسألة رأى أن الحق معهم وأن الدليل معهم هذا هو الواجب عليه، وهكذا المالكي وهكذا الشافعي وهكذا الحنفي، المقصود لا مانع من الانتساب إلى المذاهب لكن بدون تعصب ومن دون جمود على المرجوح إذا عرفت الراجح إذا كنت طالب علم تفهم فعليك أن تأخذ بالأرجح بما يقتضيه الدليل ولو خالف مذهبك الذي انتسبت إليه أو نشأت عليه، وعليك أن تنظر في مسائل الخلاف بالأدلة فما قام عليه الدليل وعرفت أنه الأرجح أخذت به، وإلا سألت أهل العلم عما أشكل عليك، سألت من تطمئن إليه من أهل العلم في علمهم وفضلهم وورعهم واستقامتهم حتى يوضحوا لك ما هو الأرجح في مسائل الخلاف. وهذا يشمل الفقه والعقيدة وكل شيء سماحة الشيخ؟ ج/ نعم، نعم يشمل الجميع، ولكنه في العقيدة أشد وآكد.  
 
4- هل رأى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ربه ليلة الإسراء والمعراج؟ علماً أني سمعت رجلاً يقول في قوله تعالى: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى* عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى* عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى[النجم:15] أن جبريل -عليه السلام- لا يستطيع الوصول إلى هذا المكان إنما هو الله سبحانه، أرشدوني جزاكم الله خيراً.
الصواب أن نبينا -صلى الله عليه وسلم- لم ير ربه ليلة الإسراء والمعراج، وإنما رأى جبرائيل، كما قال الله سبحانه وتعالى: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى* مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى* وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى* عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى هذا جبرائيل عليه الصلاة والسلام ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ذو مرة يعني ذو قوة وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى* ثُمَّ دَنَا يعني جبرائيل فَتَدَلَّى*فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى يعني من محمد عليه الصلاة والسلام فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ يعني أوحى جبرائيل إلى عبده يعني إلى عبد الله الضمير يعود على الله لأنه معروف من السياق فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى*مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى* أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى*وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى*عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (1-14) سورة النجم، كل هذا في جبرائيل هذا هو الصواب، المقام كله في جبرائيل لا في الله -عز وجل- هذا هو الحق. وقد وقع في رواية شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بعض الغلط وذكر ما يدل على أنه هو الله سبحانه وتعالى، ولكن أهل الحق من أئمة الحديث غلَّطوا شريكاً في ذلك، فالصواب أن الآية في جبرائيل وأنه هو الذي رآه محمد عليه الصلاة والسلام، ورآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى، فهذا هو جبرائيل عليه الصلاة والسلام، وكان رآه مرتين في صورته التي خلقه الله عليها رآه في الأفق ورآه عند السدرة وله ستمائة جناح كل جناح منها مد البصر! وهذه من آيات الله العظيمة سبحانه وتعالى، وفي صحيح مسلم عن أبي ذر -رضي الله عنه– قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- هل رأيت ربك؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (رأيت نوراً) وفي اللفظ الآخر قال: (نور أنى أراه؟!) فبين - صلى الله عليه وسلم – أنه لم ير ربه وإنما رأى نورا، وسئلت عائشة عن ذلك فأفادت أنه لم ير ربه وتلت قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ.. (الأنعام:103) يعني في الدنيا، وأما في الآخرة فيراه النبي - صلى الله عليه وسلم – والمؤمنون، يرونه يوم القيامة ويرونه في الجنة كما يشاء سبحانه وتعالى، هذا بإجماع أهل السنة والجماعة أن المؤمنين يرونه يوم القيامة في عرصات القيامة، ويراه المؤمنون أيضاً في الجنة كما تواترت به الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أنه قال للصحابة: (هل تضارون في رؤية الشمس صحوة ليس دونها سحاب؟) قالوا: لا، قال: (هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟) قالوا: لا، قال: (فإنكم سترون ربكم كذلك) أي ترونه كما ترون هذه الشمس وهذا القمر، يعني رؤية حقيقة، هذا واضح في إثبات الرؤية وأن المؤمنين يرون ربهم جل وعلا يوم القيامة وفي دار الكرامة كما تُرى الشمس وكما يُرى القمر وهذا تشبيه للرؤية بالرؤية لا بالمرئي، ليس تشبيها المرئي بالمرئي ربنا لا شبيه له سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء سبحانه وتعالى، ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم – شبه الرؤية في وضوحها وأنها يقين كرؤية الشمس والقمر، يعني أنها رؤية واضحة ثابتة يقينية لا شبهة فيها، أما المرئي سبحانه فليس له شبيه ولا نظير جل وعلا، وهذا هو قول أهل الحق قول أهل السنة والجماعة، وقد ثبت هذا في الصحيحين من حديث أبي هريرة ومن حديث جرير بن عبد الله البجلي ومن أحاديث أخرى كثيرة متواترة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في إثبات رؤية الله جل وعلا يوم القيامة، يراه المؤمنون ويراه المؤمنون أيضاً في الجنة أما الكفار فإنهم محجوبون عن الله -عز وجل- كما أخبر بهذا سبحانه في قوله : كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ*كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ (14-15) سورة المطففين، فهم محجوبون عن رؤية الله -عز وجل- لا يرونه، أما أهل الإيمان فيرونه، وهذا معنى قوله سبحانه: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (القيامة:23)، (وجوه يومئذ ناضرة) يعني من البهاء والحسن، ناضرة من النضارة وهي البهاء والحسن والجمال، (إلى ربها ناظرة) إليه سبحانه تنظر إليه سبحانه وتعالى كما يشاء، فضلا منه وإحسانا سبحانه وتعالى، وكما قال -عز وجل-: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ (يونس:26) المعنى للذين أحسنوا في الدنيا الحسنى في الآخرة وهي الجنة (وزيادة) وهي النظر إلى وجه الله سبحانه وتعالى. فالواجب على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة أن يعتقد ذلك وأن يؤمن بذلك وأن يبرأ إلى الله من طريقة أهل البدع الذين أنكروا الرؤية ونفوها كالجهمية والمعتزلة ومن سار في ركابهم، هذا القول من أبطل الباطل وأضل الضلال، وجحد لما بينه الله في كتابه وما بينه رسوله عليه الصلاة والسلام. نسال الله أن لا يحجبنا من رؤيته وأن يوفقنا وجميع إخواننا المؤمنين لرؤيته سبحانه وتعالى والتنعم بذلك في القيامة وفي دار الكرامة، إنه جل وعلا جواد كريم، ونسأل الله العافية من حال أهل البدع الذين حرموا هذا الخير وحرموا هذا التوفيق، نسأل الله العافية، وحرموا أن يقروا بالحق الذي أقر به المؤمنون، وهم جديرون بأن يمنعوا من هذا يوم القيامة لجحدهم إياه، نسأل الله العافية.      
 
5- أرشدني وفقكم الله على أصح كتاب في العقيد الإسلامية الصحيحة؟.
أصح كتاب وأشرف كتاب وأعظم كتاب في العقيدة وفي غيرها هو كتاب الله القرآن، هذا أعظم كتاب وأشرف كتاب وأصدق كتاب، وهو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. فالوصية لك أيها السائل ولكل مسلم ولكل مسلمة التمسك بكتاب الله والعناية بكتاب الله والإكثار من تلاوته وتدبر معانيه والحرص على حفظ ما تيسر منه، فهو الكتاب العظيم المنزل الذي نزله الله على عباده ليحفظوه ويستقيموا عليه ويعملوا به، وفيه الحق الواضح والهدى المستبين كما قال -عز وجل-: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (الإسراء:9) وقال سبحانه وتعالى: وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (فصلت:42) وقال سبحانه : وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (النحل: من الآية89). فالوصية: العناية بهذا الكتاب العظيم والإكثار من تلاوته وتدبر معانية والمذاكرة فيه مع زملائك ومع إخوانك، ومراجعة كتب التفسير المأمونة مثل كتاب ابن جرير والبغوي وابن كثير - رحمة الله عليهم – وأشباههم من أئمة الهدى؛ لأنهم أوضحوا معاني الآيات وأوردوا ما جاء فيها من الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فعليك يا أخي أن تُقبل على كتاب الله وأن تعتني بكتاب الله ثم سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم – فيها الهدى والنور أيضا مثل صحيح البخاري وصحيح مسلم والكتب الستة وهكذا الكتب الأخرى التي فيها بيان الحق كموطأ مالك - رحمه الله- وسنن الدارمي وصحيح ابن خزيمة وصحيح ابن حبان والحاكم وغيره من الكتب التي فيها الخير الكثير. وإذا كنت من أهل العلم بالحديث أمكنك أن تميز بين الصحيح والسقيم من الأحاديث التي في الكتب المنثورة ماعدا الصحيحين فإنهما قد تقبلتهما الأمة بالقبول، وأجمعت على الأخذ بما فيهما، فعليك أن تسير على نهج الأخيار من أئمة الحديث وأئمة السنة، فالصحيحان كل أحاديثهما معتمدة، وهي محل اعتماد أهل السنة والجماعة، وقد تلقتهما الأمة بالقبول، فعظ عليهما بالنواجذ وتمسك بهما مع كتاب الله سبحانه، وهكذا بقية الكتب الستة وما ذكرنا من الكتب عليك بها والاستقامة على ما فيها، وما وجد فيها من ضعيف فقد بينه أهل العلم وأضحوا أسباب ضعفه، أما الكتب المؤلفة في العقائد فهي كثيرة، من أحسنها: (كتاب التوحيد) لابن خزيمة، و(كتاب السنة) لعبد الله بن أحمد بن حنبل ، (منهاج السنة) لشيخ الإسلام ابن تيمية، الرد على المعتزلة وأهل البدع، (زاد المعاد) لابن القيم فيه خير كثير من جهة العقيدة والأحكام (اجتماع الجيوش الإسلامية) لابن القيم في الرد على أهل البدع، (الصواعق المرسلة) لابن القيم في الرد على أهل البدع، (العقيدة الواسطية) لشيخ الإسلام ابن تيمية كتاب مختصر عظيم مفيد على طريقة أهل السنة والجماعة أوصي بحفظه وأوصي أن يحفظه طالب العلم لما فيه من الخير العظيم ولما فيه من بيان عقيدة أهل السنة والجماعة وله أيضا كتاب (الحموية) أجاب فيه أهل حماة عن أسئلتهم فيما يتعلق بالصفات والأسماء والعقيدة وهو أيضاً جواب عظيم مفيد، وهكذا له رسالة أخرى سماها (التدمرية) أجاب به أهل تدمر وهي رسالة عظيمة أيضا في بيان العقيدة الصحيحة. وهكذا (عقيدة الطحاوي) -رحمه الله تعالى- عليها شرح عظيم لابن أبي العز شرح جيد وهي جيدة في نفسها مفيدة سوى كلمات يسيرة نبه عليها الشارح، وهي عقيدة مهمة والشرح هذا شرح عظيم مفيد، وهكذا (كتاب التوحيد) لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله تعالى – كتاب طيب ومهم و(الثلاثة الأصول) له - رحمه الله تعالى – رسالة مختصرة، وهكذا (كشف الشبهات) له أيضا رسالة مختصرة مفيدة في العقيدة، وهكذا (فتح المجيد شرح كتاب التوحيد) لحفيده: الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب هذا كتاب مفيد وعظيم، وهكذا شرحه الثاني لحفيد المؤلف: الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب سماه (تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد) وهو أيضاً كتاب مفيد وعظيم. فهذه الكتب وأشباهها من الكتب الطيبة المؤلفة في العقيدة وهي مفيدة ننصح بمراجعتها والاستفادة منها، لكن أعود فأبين أن أعظم كتاب وأشرف كتاب وأصدق كتاب هو كتاب الله، فيه الكفاية العظيمة لمن استكفا به لمن اعتمد عليه، كان السلف الصالح ليس عندهم هذه الكتب الجديدة عندهم كتاب الله وعندهم سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وكفتهم، والحمد لله، عند الصحابة والتابعين القرآن العظيم وأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم – ففيهما الكفاية والهدى، ولكن لا مانع من الاستعانة بكتب أهل العلم المعروفين بالخير مثل ما تقدم، لا مانع من الاستعانة بكتبتهم والاستفادة منها ودعوة الناس إلى الاستفادة منها؛ لأن بعض الناس قد لا يثق بفهمه من الكتاب والسنة وقد لا يطمئن إلى فهمه فإذا استعان بكتب أهل العلم المعروفين ووافق ما عندهم ما فهمه من الكتاب والسنة ازداد نورا وازداد بصيرة واطمئن قلبه، والله ولي التوفيق.  
 
6- هل أصلي تحية المسجد والإمام يخطب؟
نعم، إذا دخلت المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب فصلِّ الركعتين وتجوَّز فيهما، ثم اجلس تستمع؛ لأنه صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (إذا جاء أحدكم والإمام يخطب فليصلِّ ركعتين وليتجوَّز فيهما) رواه مسلم في الصحيح، فهذا واضح من كلامه - صلى الله عليه وسلم – في الأمر بصلاة الركعتين ثم الجلوس، وأنت بهذا قد أخذت بالسنة.  
 
7- دخلت المسجد أريد أن أصلي صلاة الجماعة وعند دخولي إلى المسجد انتهت الصلاة، سؤالي: هل أصلي تحية المسجد أم أبدأ بالفرض؟
أنت مخير: إن بدأت بالفرض كفى عن تحية المسجد؛ لأن المقصود ألا يجلس المؤمن في المسجد إلا بعد صلاة، وصلاة الفريضة أعظم من التحية، إذا دخل الإنسان فيها كفته عن تحيه المسجد، كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي من البيت إلى المسجد ويبدأ بالفريضة وتكفيه عن تحية المسجد عليه الصلاة والسلام وهكذا الأئمة هكذا الأئمة في الغالب يأتون من بيوتهم ثم يقصدون محل الفريضة فتقام الصلاة ويبدؤون بالفريضة ومن صلى ركعتين قبل ذلك تحية المسجد ثم أقام الصلاة فلا بأس، إلا الجمعة فالأفضل أنه يتأخر في بيته فإذا جاء بدأ بالخطبة وتكفيه الفريضة عن تحية المسجد، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يأتي فيدخل المسجد ويقصد المنبر فيجلس عليه ثم يؤذن المؤذن ثم يخطب عليه الصلاة والسلام ولم يحفظ عنه ولم مرة واحدة أنه صلى ركعتين حين يدخل يوم الجمعة، لأن جلوسه جلوس خفيف ثم يشرع في الصلاة، جلوسه لانتظار الأذان وجلوسه بين الخطبتين وكلاهما جلوس خفيف دعت إليه الحاجة حتى يؤدي الخطبة عليه الصلاة والسلام، فالأئمة مثله، الأئمة بعده مثله يتأسون به عليه الصلاة والسلام. 

368 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply