حلقة 524: حكم استعمال الكحل للصائم - حكم تدريس مكفوف البصر من الرجال للبنات - حكم تصوير النساء في الصحف والمجلات - تفسير قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ ) الآية - نصحية إلى مشايخ وعوام الطرق الصوفية

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

24 / 50 محاضرة

حلقة 524: حكم استعمال الكحل للصائم - حكم تدريس مكفوف البصر من الرجال للبنات - حكم تصوير النساء في الصحف والمجلات - تفسير قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ ) الآية - نصحية إلى مشايخ وعوام الطرق الصوفية

1- ما حكم الشرع في نظركم في استعمال الكحل للصائم، حيث أنني بحثت عن الأدلة في ذلك فوجدت أدلة التحريم ضعيفة، وهل هناك فرق في استخدامه قبل الصوم أو في أثنائه؟ ولكم جزيل الشكر؟

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله ، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فاستعمال الكحل للصائم لا حرج فيه في أصح قولي العلماء؛ لأن العين ليس بمنفذاً معتاداً فلا يضر استعماله ، وإذا تركه الإنسان في الليل من باب الإحتياط والخروج من خلاف العلماء فهو حسن - إن شاء الله - وإلا فلا يضر ، سواء استعمله في النهار عند الصوم ، أو في أثناء النهار كل ذلك لا حرج فيه إلا أنه في الليل أفضل.  
 
2- تسأل - سماحة الشيخ - عن حكم تدريس البنات من قبل الرجال مكفوفي البصر؟
لا حرج في ذلك أن يدرس مكفوف البصر للنساء، أو من طريق الآلة التي تسمعهم، ولا يرى من وراءها من النساء لا بأس بذلك، ولو كان بصيرا، فإذا درسهم بطريقة لا يراهم، أو من طريق المكفوف فلا بأس بذلك، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (إنما جعل الإستئذان من أجل النظر). وقال عليه الصلاة والسلام لفاطمة بنت قيس لما طلقت: (اعتدي عند بن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فلا يراك). أخرجه مسلم في صحيحه. أما حديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال، حديث نبهان عن أم سلمة أنه قال لابن أم مكتوم لما دخل عليه ذات يوم وعنده اثنتان من زوجاته قال: (احتجبا منه، فقالتا إنه لا يبصرنا فقال: ألستما تبصرانه). فهو حديث ضعيف؛ لأنه من رواية نبهان، ونبهان ليس بذاته، وليس ممن يعتمد عليه، ثم هو شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة، مخالف لحديث فاطمة بنت قيس، ومخالف لحديث سهل: (إنما جعل الاستئذان من أجل النظر). وهو في الصحيحين. فالصواب أنه لا حرج في ذلك، وأن الكفيف لا بأس أن يراه النساء، ولا يلزمهن الإحتجاب، ولا مانع من تدريسه لهن، لكن ليس له أن يخلو بامرأة، الخلوة ممنوعة، ليس له أن يخلو سواء كفيفاً أو بصيراً، ليس له أن يخلو بامرأة ليست محرماً له، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما). فإذا كان التدريس لثنتين أو ثلاث أو أكثر فلا حرج في ذلك، أو كان معه شخصٌ آخر من محارم المرأة، أو من غير محارمها ممن لا يكون فيه تهمة فإن الخلوة تزول. والحاصل أنه لا يجوز التعليم الذي معه خلوة، أما التعليم لا خلوة فيه فلا بأس به. هل هذا الحكم لكل كفيف أم لنوع خاص من الأكفاء؟ لمن لديه علم، ولا يخشى منه الشر، أما من لا علم لديه، أو معروف بأسباب الفتنة والشر، أو يفتن به النساء، فلا ينبغي أن يكون معلماً لهن، ينبغي لولي الأمر أو لولي المرأة أن يراعي هذه الأمور، وأن لا يتولى ذلك إلا من لا تخشى منه فتنة. إذاً رغم أن الحكم كما تفضلتم بالجواز لكن له شروط؟ لابد من مراعاة ما قد يخشى منه. تتفضلون بإعادتها لأهمية الموضوع يا شيخ عبد العزيز؟. كون المكفوف يعلم المرأة هذا لا بأس به بشرط عدم الخلوة، وبشرط آخر وهو أن يكون ممن يعرف بالعلم والفضل، والسيرة الحميدة، وعدم تعاطيه أسباب الفتنة، أما إذا كان يخشى من شره لضعف إيمانه، أو لجهله، أو لأسباب أخرى، فنبغي أن لا يولى ذلك.  

 

3- رجل زوج موليته على رجل من قبيلة أخرى، وعند الزواج طلب منه مبلغاً من المال يساوي ثمانية آلاف ريال غير المهر؛ ليدفعه ولي الزوجة إلى قبيلته بحكم العادة، حيث أن الذي تزوج ليس من القبيلة نفسها، فهم يأخذون مثل هذا المبلغ على كل من يزوج موليته خارج القبيلة، ويضعونه في صندوق القبيلة للطوارئ، وسؤالي هو: هل هذا جائز أم هو من قبيل المكس المحرم في الشرع، وبماذا تنصحون الناس؟ جزاكم الله خيراً؟
هذا العمل لا يجوز ، لا يجوز أن يلزموا الخاطب من غير قبيلتهم أن يدفع للقبيلة ثمانية الآف ، أو أكثر أو أقل ؛ لأن هذا يسبب تعطيل النساء، ولأنه أخذ مال بغير حق ، المهر للمرآة وليس للقبيلة ، فلا يجوز تعاطي هذا العمل ، بل هو منكر ، يجب تعطيله ، ويجب على ولي الأمر في البلد التي فيها هذا أن يعطل ذلك ، وإذا أرادوا أن ينفعوا أنفسهم فليبذلوا من أموالهم لما يقع بينهم من الحوادث من أموالهم ، أما أن يأخذوا من أموال الناس الذين يخطبون بناتهم من غير القبيلة فهذا غلط، وتنفير من الزواج ، وتعطيل للنساء ، فالواجب منع ذلك منعاً باتاً ، - والله المستعان-.  

 

4- لأخينا ملاحظة على كثير من المجلات والصحف، يقول: إنها تتزين بصور النساء وهن على أشكال مزينة ومجملة - كما يقول - ويرجو من سماحتكم توجيه المسؤولين، جزاكم الله خيراً؟
تصوير النساء في الصحف والمجلات، أو في المؤلفات أمر منكر، لا يجوز، وقد صدر من الدولة التعميم بمنع ذلك، والواجب على المسؤولين عن مراقبة الصحف أن يراقبوا هذا، وأن يمنعوا هذا، وعلى وزير الإعلام أن يعنى بهذا، وينفذ الأوامر؛ لأن هذا شره عظيم، وخطره كبير، فإن وجود صور النساء في المجلات والصحف يضر المجتمع، ويسبب فتناً بهذه الصور، وربما قادت الكثير من الناس إلى الفاحشة، فالواجب الحذر من ذلك، والواجب على القائمين على الصحف العدول عن ذلك، والحذر من ذلك، والواجب على مسؤولين الإعلام أيضاً منعهم من ذلك منعاً باتاً ولو بالعقوبة، تنفيذا ًلحكم الله - عز وجل -؛ لأن هذا منكر، والواجب منعه، وتنفيذا أيضاًً لأمر ولاة الأمور بمنعه، وكل من له أدنى مسكة من دين يعرف مضرة هذا، ولا يشك فيه إلا من له هوى في هذه المسائل. المقصود أن تصوير النساء في المجلات والصحف اليومية، وفي النشرات، وفيما يعلن عن الصحف، أو يعلن عن مراكز إسلامية، أو مراكز تجارة، أو شركات، أو غير ذلك كلما يقع في هذه المسائل في هذه النشرات أو في هذه الإعلانات من تصوير النساء كل ذلك منكر، يجب منعه، والقضاء عليه، ولو بالتعزير والتأديب لمن فعل ذلك من جهة ولاة الأمور - نسأل الله أن يمنحهم التوفيق، وأن يصلح بطاناتهم، وأن يعين من وكل إليهم هذا الأمر، نسأل الله أنه يعينه على التنفيذ والصدق. سماحة الشيخ لعل لكم توجيه، لماذا يستخدمون النساء في هذه الأوجه بالذات؟ واضح يستخدمونه؛ لأنهم تروج بضاعتهم بذلك، فالصحيفة تشترى يتمتع بها الشباب وغير الشباب، والنشرة كذلك تلفت الأنظار نحوها الناس حتى يتمتعوا بهذه الصورة، وربما جرهم هذا إلى المشاركة في هذا المركز، أو المشاركة في هذه الشركة، أو شراء هذه السلعة، أو ما أشبه ذلك، فالمصالح واضحة دنيوية، المصالح الدنيوية في هذا الأمر واضحة، لا من جهة المجلات والصحف، ولا من جهة النشرات الأخرى، لكنها ترويج للبضاعة، وفيها مكسباً لأهلها؛ لأنه يشتريها من لا يريدها إلا لأجل الصورة، فلهذا روجوا الصحف وروجوا النشرات وروجوا أشياء من الكتب بهذه الصورة، ولا شك أن هذا منكر يجب تلافيه، ويجب إنكاره. هناك من يدعي أنهم يكرمون المرأة بينما هم يضعونها في مثل هذه الصور، بل وضعوها حتى على كفرات السيارات، هل هذا احترام للمرآة أو إهانة لها؟ هذا - والله - إهانة لها في الحقيقة، ودعوة إلى الفساد، وإلى انتهاك الأعراض، وإلى نبذ أحكام الشرع وراء الظهر، فإن الله حرم علينا تعاطي أسباب الشر، وحرم علينا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وتصوير النساء من الفواحش التي نهى الله عن قربانها، حيث قال سبحانه: وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ [(151) سورة الأنعام]. فالواجب على المسلم الذي يخاف الله أن يحذر هذه الأشياء من أنها يترتب عليها من الفساد ما لا يحصيه إلا الله - عز وجل -، وليس من إكرام المرأة أن توضع صورتها في المجلات وفي الصحف اليومية، أوفي النشرات أو على غير ذلك من أنواع المتاع، بل هو إهانة لها في الحقيقة، وجلب لأسباب الفتنة، ودعوة إلى الفواحش، وإعلان لأسباب الزنا، فهذا ليس بإكرام، ولكنه إهانة، ودعوة إلى الباطل، وتحريض على إتيان ما حرم الله - عز وجل - من هؤلاء وهؤلاء - والله المستعان -.  
 
5- يقول الله - سبحانه وتعالى - في كتابه المبين في سورة الصف الآية الرابعة عشرة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ [الصف:14] . أورد هذه الآية الكريمة مستمع من السودان هو: عمر سمير داود، يسأل عن تفسير هذه الآية الكريمة، ويقول: بالذات كيف قال عيسى من أنصاري، ثم قال الحواريون نحن أنصار الله، ولم يقولوا نحن أنصارك؟
الآية واضحة ؛ لأن الله قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ. فأمر المؤمنين أن يكونوا أنصار الله ، وأنصار الله هم أنصار دينه ، الله ليس بحاجة إلى أحد من الناس ، الله - سبحانه - غني عن العباد ليس بحاجة إليهم ، فأنصار الله هم أنصار دينه ، والدعاة إليه ، وحماته حتى يظهر بين الناس، وحتى يلتزمه الناس ؛ كما قال - عز وجل-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [(7) سورة محمد]. تنصروا الله أي تنصروا دينه وشريعته، وما أمر به ، وتنصروا ترك محارمه ، وهكذا قوله سبحانه : وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ [(41) سورة الحـج ]. هذا نصر الله ، بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والدعوة إلى الله - عز وجل - ، وإقامة الجهاد في سبيل الله ، وردع المبطلين عن باطلهم ، وإقامة الحدود عليهم ، إلى غير ذلك ، هذا هو النصر لدين الله ، ومنها حديث بن عباس المشهور : (احفظ الله يحفظك) يعني احفظ دين الله ، باتباعه والاستقامة عليه ، (يحفظك الله) سبحانه. (يحفظك الله) سبحانه ؛ لأن الجزاء من جنس العمل ، فمن حفظ الله باتباع دينه حفظه الله ، ومن نصر الله نصره الله ، فمعنى قوله سبحانه : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ يعني كونوا من أنصار دين الله ، كونوا من أتباع الشرع ، ودعاة الحق ، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ثم ذكر عيسى - عليه السلام - أنه قال للحواريين : من أنصاري إلى الله أي من أنصاري إلى التوجه إلى الله ، والدعوة إليه ، واتباع شريعته ، هكذا ينبغي لأهل الإيمان أن يكونوا أنصاراً لله ، وأنصاراً للرسل ، وأنصاراً لدعاة الحق ، فمعنى: من أنصاري إلى الله يعني من أنصاري في الدعوة إلى الله ، والتوجيه إليه ، وإقامة دينه ، فقال الحواريون وهم الأنصار ، الحواري هو الناصر ، سمي حواري لنصرته للحق ، وقيامه بالحق ، مثل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (لكل نبي حواري، وحواريي الزبير) يعني ابن العوام ، لما انتدب إلى الأحزاب بأمره - عليه الصلاة والسلام - ، فالحواريون هم الأنصار ، هم أنصار الحق ، فقالوا هم في هذه الآية : نحن أنصار الله ؛ لأنهم يعلمون أن نصر النبي نصرٌ لله ، فلم يقولوا الأنصار ، الأنصار أنصارك ك ، أتوا بالأمر الأعلى الذي هو المقصود عيسى - عليه السلام - ، فلهذا قالوا : نحن أنصار الله يعني نحن الأنصار الذين دعوتهم إلى أن نكون معك في نصر دين الله ، فقال : من أنصاري إلى الله [قالوا نحن أنصار الله. يعني نحن الأنصار الذين ينصرون دين الله ، وينصرون الدعاة إليه ، ومنهم عيسى - عليه الصلاة والسلام - ، فهم أتو بعباراتٍ أكمل وأعظم وأشرف في حقهم ، حيث قالوا : نحن أنصار الله؛ لأن أنصار الرسل هم أنصار الله ، من نصر الرسول فقد نصر الله ، ومن نصر الحق فقد نصر الله ، فهم اختاروا هذه الكلمة التي هي مقصود عيسى- عليه الصلاة والسلام - .  

 

6- هنالك طرق كثيرة جداً، مثل الطريقة البرهامية، والطريقة الشاذلية، والطريقة الدسوقية، والطريقة التيجانية، إلى آخر هذه الطرق، ومن بينها جماعة أنصار السنة المحمدية، وهي جماعة التوحيد التي تقتدي بسنة المصطفى، أرجو من سماحة الشيخ أن يتفضل بنصحية مطولة إلى مشائخ وأعوام هذه الطرق لكي يسيروا في درب المصطفى - صلى الله عليه وسلم-؛ كما جاء في حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (ستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة)؟
الطرق الصوفية كثيرة لا تحصى ، وهي تزيد على طول الزمان ، وأكثرها فيه من الشر والفساد والبدع ما لا يحصيه إلا الله - عز وجل -، وكل طريقة فيها قسطٌ من الباطل وقسطٌ من البدع ، لكنها متفاوتة بعضها شر من بعض ، وبعضها أخبث من بعض ، والواجب على جميع المتصوفة أن يرجعوا إلى الله ، وأن يتبعوا طريق محمد - عليه الصلاة والسلام - ، وأن يأخذوا بما جاء في الكتاب والسنة ، ويسيروا على نهج سلف الأمة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتباعهم بإحسان ، بطاعة الأوامر ، وترك النواهي ، والوقوف عند حدود الله ، وعدم إحداث أشياء ما شرعها الله ، ليس لهم أن يوجدوا طرقاً يتعبدون بها لم يفعلها الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه ، بل يجب أن يحاسبوا أنفسهم ، وأن يدعو كلما خالف الشرع المطهر من طقوسهم وأذكارهم الاجتماعية ، وغير هذا مما أحدثوه في الدين سواء كانوا من القدامى في القرن الثالث والرابع ، أو من المحدثين ، الواجب على الجميع من المسلمين أن يلتزموا بالطريق الذي بعث الله به نبيه - عليه الصلاة والسلام - ، وهو توحيد الله ، والإخلاص له ، وطاعة الأوامر ، وترك النواهي ظاهراً وباطناً ، وأن يلتزموا بذلك ، وأن يحذروا البدع والخرافات التي أحدثها الناس ، فقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). وقال في خطبة يوم الجمعة : (إن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة). سواء كانت الطرق التي أحدثها الناس قديمة أو جديدة ، الواجب تركها واعتناق الطريق الذي سلكه المسلمون في عهده - صلى الله عليه وسلم - إلى يومنا هذا ، وهو إتباع الكتاب والسنة ، والاستقامة على دين الله ؛ كما جاء عن الله وعن رسوله ، من غير زيادة ولا نقصان ، وأما إحداث طقوس ، أو طرائق جديدة لم يفعلها الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه فهذا لا يجوز ، هذا هو الذي يسمى البدعة ، وأنصار السنة من خيرة الناس في مصر وفي السودان ، أنصار السنة هم الذين يدعون التمسك بكتاب الله وسنة رسوله - عليه الصلاة والسلام - ، وليسوا من الفرق الضالة ، بل هم من فرقة إتباع الكتاب والسنة ، ولهذا قال - عليه والصلاة والسلام - في الفرق : (ستفترق أمتي على اثنتان وسبعون فرقة كلها في النار إلا واحدة) قيل : من هي يا رسول الله؟ قال : الجماعة). إي الذي اجتمعوا على الحق ، وساروا على نهج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم الصحابة ومن سلك سبيلهم. وفي الرواية أخرى : (هم من كانوا على ما أنا عليه أنا وأصحابي). يعني هم الذين تمسكوا بطريق النبي - صلى الله عليه وسلم - وطريق أصحابه وساروا عليه ، فالواجب على المسلمين أن يلزموا هذا الطريق ، وهو طريق النبي - صلى الله عليه وسلم - بإتباع الأوامر وترك النواهي ، وعدم إحداث أي شيء من الحوادث لا في الأذكار ولا في الصلوات ولا في الصوم ولا في غير ذلك ، بل يجب السير على ما سار عليه الصحابة - رضي الله عنهم - وأتباعهم بإحسان ، هذا هو الحق ، ولما تفرق الناس كثرت بينهم البدع والأهواء ، وكلٌ اخترع لنفسه طريقة من كيسه لم يشرعها الله له ، ولهذا تعددت الطرق حتى وصلت إلى ثنتين وسبعين فرقة غير الفرقة الناجية ، ومنهم الجهمية والمعتزلة والروافض ، وجماعات أخرى كثيرة كلها داخلة في هذه الفرق الضالة ، فيجب على المؤمن أن يحذر كل بدعة أحدثها الناس ، وأن يلزم طريق النبي - صلى الله عليه وسلم - وطريق أصحابه ، وما سار عليه صحابته- رضي عنهم وأرضاهم - وأتباعهم بإحسان في طاعة الأوامر وترك النواهي ، والوقوف عند حدود الله ، وعدم إحداث ليس له أصل في الشرع.  

 

7- يسألن عن اللقاء الزوجي في رمضان ولاسيما إذا كانت الزوجة مكرهة، والواقع الرسائل مطولة جداً شيخ عبد العزيز، ولعل فيما قلت توضيح؟
الواجب على المؤمن والمؤمنة احترام أوامر الله ونواهيه في رمضان وفي غيره ، وليس للمؤمن أن ينتهك حرمة رمضان ، ولا أي حرمة حرمها الله ، بل الواجب على المسلم وعلى كل مسلمة الالتزام بشرع الله ، والحذر من محارم الله ، وقد حرم الله على المسلمين تعاطي الجماع في رمضان في نهار رمضان في الصيام ، فليس للزوج أن يطأ زوجته لا بالرضا ولا بالإكراه في نهار رمضان ، وليس لها أن تطيعه في ذلك ، بل يجب أن تمتنع غاية الامتناع ، وأن لا تمكنه من ذلك سخط أو رضي ، ويجب عليه الامتناع من ذلك ، وليس له الإقدام عليه ؛ لأنه محرم على الجميع ، وفي الليل غنيته والحمد لله ، حرمه في النهار وأباحه في الليل ، ففي الليل منية والحمد لله ، وإذا فعلا ذلك وتعمدا ذلك وجب عليهما التوبة ، ووجب عليهما الكفارة مع قضاء اليوم ، إذا جامعها في رمضان وجب عليه قضاء اليوم ، وقد أتى معصية عظيمة ، وكبيرة من الكبائر ، وإذا كانت راضية كذلك شاركته في الإثم والمعصية ، وعليهما التوبة جميعاً، وقضاء اليوم الذي فعلا فيه الفاحشة ، فعل المعصية ، وعليهما الإمساك ، لا يأكلان ولا يشربان ، يمسكان ؛ لأن الوقت محترم ، الواجب الإمساك مع قضاء اليوم ، مع التوبة الصادقة عما وقعا فيه والعزم أن لا يقعا منهما ذلك في المستقبل ، وعليهما الكفارة وهي عتق رقبة مؤمنة على كل واحد ، فإن عجزا فصيام شهرين متتابعين على كل واحد ، فإن عجزا فإطعام ستين مسكينا على كل واحد ، ثلاثين صاع لستين مسكينا ، لكل مسكين له نصف الصاع ، كيلو ونصف تمر أو رز على كل واحد منهما ، يعني ستين صاع على الاثنين، إذا عجزا عن الصيام والعتق، وعليهما التوبة الصادقة مما فعلا. وإذا كان أكرهها إكراهاً لا شبهة فيه ، بالقوة والضرب ، أو بالقيود فالإثم عليه وليس عليها هي شيء، وهو الذي عليه الكفارة ؛ لأنه هو الظالم ، أما إذا تساهلت معه فعليهما الكفارة جميعاً ، والقضاء جميعا، ًوالتوبة إلى الله - سبحانه وتعالى - توبة صادقة أن لا يفعلا هذا في المستقبل ، مع قضاء اليوم ، وإمساكه ، إمساك اليوم الذي فعلا فيه المنكر ، ومع قضائه بعد ذلك - والله المستعان -. الواقع سماحة الشيخ كل واحدة منهن تذكر أنها مكرهه لكن أنتم تذكرون أن الإكراه لا بد أن يكون عن طريق الضرب أو عن طريق القيود ، وما أشبه ذلك؟. الإكراه الحقيقي. إذا لم يصل الإكراه إلى هذا المستوى؟ مجرد أن كرهت وطاوعت ما تصير مكرهة. إذاً لا بد من الكفارة والحال كذلك؟. الواجب أن تأبى عليه إباءً كاملاً حتى لا يتمكن من جماعها. بحيث تغلق الأبواب على نفسها؟. المقصود تستطيع، المرأة تعرف كيف تمتنع. إذا ًلا بد من الكفارة والحالة كذلك؟. نعم ، إلا أن يكون أكرهها إكراها ًجبرياً لا حيلة لها فيه ، والله يعلم منها أنها لا حيلة لها. 

 

8- هل يجوز دخول الحائض إلى المقبرة؟ وهل يجوز أن تقرأ العزائم من سور القران على الغير وهي على تلكم الحال؟
أما ذهابها إلى المقبرة فلا، لا يشرع لها الذهاب إلى المقبرة ؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعن زائرات القبور، سواء كانت حائضاً أو طاهراً، ليس للنساء زيارة القبور. لكن لو مرت بالمقبرة لحاجة في الطريق فلا فرق بين كونها حائضا أو غير حائض، مرورها بالمقبرة لحاجة الطريق، ذاهبة إلى جهة، أو راجعة من جهة ما يضر ذلك. أما أن تزورها لقصد الزيارة فلا يجوز، سواء كانت طاهرة أو حائضا أو نفساء، فليس للنساء زيارة القبور مطلقاً. وأما كتب العزائم، أو قراءة العزائم من القرآن فاختلف العلماء في ذلك، هل لها أن تقرأ القرآن وهي حائض و نفساء على قولين ذكر بعضهم التحريم، وهذا القول الأكثر من أهل العلم لأنها محدثة حدثاً أكبر يلزمها في غسل إذا طهرت فهي مثل الجنب والجنب لا يجوز أن يقرأ القرآن ولا يمس المصحف حتى يغتسل فشبهوها بالجنب وهكذا النفساء وقال آخرون من أهل العلم لا ليس مثل الجنب، الجنب يغتسل في الحال ويقرأ، أما الحائض فليست تشبهه لأنها تبقى مدة وهكذا النفساء في حال أن تقرأ القرآن، والصواب أنه يجوز لها أن تقرأ عن ظهر قلب وهكذا من طريق لمس المصحف من وراء حائل كأن يكون عليها قفازان أو رداء أو غيرة تمسك المصحف به يكون من وراء الحائل للحاجة إلى ذلك أما مسه مباشرة فليس لها مس المصحف كالمحدث الحدث الأصغر ليس له مس المصحف، وأما ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن) فهو حديث ضعيف عند أهل العلم لا تقوم به الحجة والصواب أن لها تقرأ وهكذا النفساء لأن مدتهما تطول فليستا مثل الجنب، أما الجنب فليس له أن يقرأ لا من المصحف ولا عن ظهر قلب حتى يغتسل هذا هو الصواب والله ولي التوفيق. 

515 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply