حلقة 501: تبرك الصحابة برسول الله، وحكم قياس الصالحين عليه - الصلاة بالنعلين مع وجود النجاسة فيهما - حكم من تمنى لزوجته بالموت ثم بعد سنة توفيت - الصلاة خلف الكاهن والمشعوذ - إكراه المرأة على الزواج - إكراه المرأة على الزواج

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

1 / 50 محاضرة

حلقة 501: تبرك الصحابة برسول الله، وحكم قياس الصالحين عليه - الصلاة بالنعلين مع وجود النجاسة فيهما - حكم من تمنى لزوجته بالموت ثم بعد سنة توفيت - الصلاة خلف الكاهن والمشعوذ - إكراه المرأة على الزواج - إكراه المرأة على الزواج

1- رأيت في بعض الكتب المنتشرة عندنا في الصومال أن الصحابة-رضي الله عنهم- كانوا يزدحمون على ماء وضوء سيدنا ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام، يتبركون به، وإذا تنخم أو بصق يأخذون ذلك ويتمسحون به، وازدحموا على الحلاق عند حلق رأسه صلى الله عليه وسلم، واقتسموا شعره يتبركون به، وشرب عبد الله بن الزبير دمه صلى الله عليه وسلم لما احتجم، وشربت أم أيمن بوله، فقال لها: صحة يا أم أيمن! فما صحة ذلك؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً، وهل يجوز أن يقيس الناس على مثل هذه الأحوال إن كان ما ورد صحيحاً؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فلا ريب أنه قد ثبت عن رسول الله- عليه الصلاة والسلام-أن الصحابة - رضي الله عنه – كانوا يتبركون بماء وضوئه، وبشعره-عليه الصلاة والسلام-، وببصاقه-عليه الصلاة والسلام-، ونخامته، كل هذا ثابت عنه-عليه الصلاة والسلام-، وعن الصحابة، فقد ثبت في حديث أبي جحيفة في الصحيحين في حجة الوداع أنه لما خرج بلال بوضوئه - صلى الله عليه وسلم - كان الصحابة يتناولون منه ما تيسر هذا يأخذ قليلاً وهذا يأخذ كثيرا من وضوئه- عليه الصلاة والسلام-، وثبت في صلح الحديبية أنه كان إذا تنخ نخاعة أو بصق تلقاها الصحابة وجعلوا يدلكون بها أجسامهم لما جعل الله فيه من البركة, فلما حلق في حجة الوداع قسم نصف الشعر بين الصحابة، والنصف الثاني أعطاه أبا طلحة - رضي الله عنه – كل هذا ثابت عن النبي-عليه الصلاة والسلام-، وليس هناك شك عند أهل العلم في بركة جسمه-صلى الله عليه وسلم – وشعره, وما مس جسمه, ووضوئه, وعرقه-عليه الصلاة والسلام-لكن لا يقاس عليه غيره؛ لأن الصحابة - رضي الله عنهم –ما فعلوا هذا مع الصديق ، ولا مع عمر، ولا مع عثمان، ولا مع علي وهم أفضل الصحابة وخير الصحابة، هم أفضل الناس بعد الأنبياء ، فلو كان هذا مشروعاً, أو جائزاً مع غير النبي - صلى الله عليه وسلم – لفعله المسلمون مع هؤلاء الأخيار؛ ولأن ذلك قد يكون وسيلة إلى الشرك والغلو فلهذا منعه أهل العلم، الصحيح من أقوال أهل العلم أنه لا يقاس على الرسول - صلى الله عليه وسلم – أحد, بل هذا خاص به - صلى الله عليه وسلم – لما قد ثبت وعلم من بركته - صلى الله عليه وسلم – في جسمه, وعرقه, وشعره, وسائر أجزائه-عليه الصلاة والسلام-، ولأنه أقر الصحابة على ذلك, فلولا أنه جائز لما أقرهم, فلا يقاس عليه غيره لأمور كثيرة, أما التبرك بالعلماء, أو العباد الذي يفعله بعض الناس هذا غلط ولا يجوز؛ لأنه خلاف هدي الرسول-صلى الله عليه وسلم-وأصحابه, فلم يفعله المسلمون مع فضلائهم وكبارهم كالخلفاء الراشدين, ولم يفعلوه مع بقية الصحابة ولو كان خيراً لسبقونا إليه؛ ولأن العبادات توقيفية؛ ولأن هذا قد يفضي إلى الشرك والغلوا فلهذا رجح المحققون من أهل العلم منعه مع غير النبي-عليه الصلاة والسلام-، أما شرب ابن الزبير دمه، وأم أيمن بوله فهذا محل نظر قد ورد هذا ولكن صحته فيه نظر فهو يحتاج إلى تمحيص ونظر, ونظر في أسانيد القصة ، والأصل تحريم الدم وتحريم البول هذا هو الأصل، أن الله حرم علينا البول لأنه نجس، وحرم الدم لأنه من الخبائث وهو نجس فإن صح فهذا يستثناء؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - له خصائص، فإذا صح فيكون هذا من خصائصه - صلى الله عليه وسلم – كما قلنا في مسألة العرق, ومسألة الشعر, ومسألة البصاق هذا خاص به فهكذا إذا صح حديث أم أيمن ، وصح حديث ابن الزبير صار من الخصائص, وسوف نبحثه ونعتني به ويكون في حلقة أخرى إن شاء الله.  
 
2-  رأيت في جريدة اللواء الإسلامي أنه يمكن الصلاة بالنعلين، علماً بأن الإنسان يمر ويقف على الأوساخ والنجاسات، فما رأيكم جزاكم الله خيراً حول هذا الموضوع؟
قد ثبت عن رسول الله- عليه الصلاة والسلام- أنه كان يصلي في نعليه, وصلى مرة فيهما فجاه جبرائيل فأخبره أن بهما قذراً فخلعهما وجعلهما عن يساره واستمر في صلاته-عليه الصلاة والسلام-, فلما سلم قال للناس؛ لأن الناس لما رأوه خلع خلعوا فلما سلم قال: (ما بالكم خلعتم نعالكم؟ قالوا: يا رسول الله! رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا، فقال: إن جبرائيل أتاني فأخبرني بأن فيهما قذراً فلهذاً خلعتهما, فإذا أتى أحدكم المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه أذاً فليمسحه ثم يصلي فيهما) هذا هو الدليل وما جاء في معناه على شرعية الصلاة في النعلين، وأنهما يصلى فيهما إذا كانتا نظيفتين ، فلواجب على المؤمن إذا أراد دخول المسجد وعليه النعلان أن ينظر فيهما، ويتأكد من سلامتهما من الأذى, فإذا كانتا سليمتين من الأذى فلا بأس أن يصلى فيهما، بل يشرع الصلاة فيهما كما صلى فيهما النبي - صلى الله عليه وسلم –, وكان المسجد في عهده - صلى الله عليه وسلم – من الرمل والحصى وليس مفروشاً, أم الآن بعدما فرشت المساجد وصارت بها الفرش التي تتأثر بالنعال, وما يكون فيها من تراب فربما قذر ذلك على المصلين ونفرهم من الصلاة فيها فالأولى فيما نعتقد أن يخلعهما ويجعلهما في مكان حتى يصلي حتى لا يتأثر بذلك المصلون, وحتى لا تتأثر الفرش التي في المساجد, وهذا من باب ترك مستحب خوفاً مما هو أشد من ذلك, الصلاة فيها مستحبة في أحد القولين إذا كانتا نظيفتين لكن قد يترتب على الصلاة فيهما مع الفرش ما هو أشد من ذلك وما هو أخطر من ذلك وهو تقذير الفرش وتنفير المصلين لا سيما وأكثر الناس لا يبالي بالنعلين ولا يتفقدهما ولا يعتني بهما, فأكثر الناس عامة لا يعتنوا بهذا الأمر فإذا رأوا زيداً وعمراً دخلا بنعليهما دخلوا ولم يبالوا فأفضى هذا إلى شر كثير, والقاعدة سد الذرائع قاعدة الشرع المطهر سد الذرائع فالذي نوصي به ونراه هو عدم الصلاة فيهما في المساجد التي فيها فرش؛ لأنها قد تتقذر بذلك؛ ولأن أكثر الناس لا يبالي بنعليه ولا ينتبه لما فيهما من الأذى, فلهذا قد يسبب مشاكل كثيرة، وتقذيراً للفرش, وتنفيراً للمصلين من الصلاة في الجماعة، وهذا أمر لا يحبه الله ولا يرضاه من المؤمن.   
 
3- الوالدان غصباني على الزواج من بنت عمي، وتزوجتها خوفاً من معصيتهما، وفكرت فيما بعد في تطليقها لكني خفت أيضاً، ومن شدة غضبي تمنيت لها الموت، وبعد سنة توفيت على ولادة وخلفت بنتاً، ثم إني ندمت عدة مرات وبكيت كثيراً، حتى ظننت أني أنا السبب، هل أنا آثم في ذلك؟ أفتوني جزاكم الله خيراً.
ليس عليك بأس في ذلك إن شاء الله فإن تمني الموت ليس من الدعاء وليس من الظلم بل هذا من شدة غضبك عليها وبغضك لها فلا يضرك ذلك, تمني الموت ما يضر الناس تمني الموت إنما يتعب صاحبه, أما التمني فلا يضر المتمنى له في الشيء فلو تمنيت أن يكون فقيرا قد يقال في هذا أنه من باب تعاطي ما لا ينبغي للمؤمن؛ لأنه مؤمن إنما يحب لأخيه ما يحب لنفسه, والمؤمن لا يحب لنفسه الموت فلا يحبه لأخيه فقصارى ما في هذا أنه لا ينبغي لك تمنيه, ولكن ليس هذا هو السبب في موتها ولا ينبغي لك في مثل هذا أن تجزع بل تحمد الله على ما حصل, وتقول: إنا لله وإنا إليه راجعون, وتستغفر الله على ما حصل منك والتوبة بابها مفتوح والحمد لله, فقصارى ما في هذا أنك تمنيت شيئاً لا ينبغي لك أن تفعله لأن المؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وقد يدخل هذا في هذا, ويقال إنك تمنيت شيئاًَ لا ترضاه لنفسك فكيف تتمناه لأختك في الله, فأكثر ما فيها أن تكون أخطأت في هذا فعليك التوبة والاستغفار والحمد لله. 
 
4- عندنا إمام لمسجدنا ومدرس للمواد الدينية يأتي إليه المرضى فيعمل لهم حرز، أو بيض الدجاجة يكسرها في بيت المريض في محافظتنا، هل تصح الصلاة وراءه؟ حفظكم الله
هذا خطير ومنكره عظيم لا يجوز أن يفعل هذا الفعل، فإن اتخاذ الحروز منكر وهي التمائم، وتسمى الحجب، ويسميها بعض الناس الجوامع فلا تجوز, وقد صح عن رسول الله-عليه الصلاة والسلام-أنه قال: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له), والتميمة هي الحرز وهي الجامعة في عرف الناس اليوم, وهي الحجاب كما يسميها بعض الناس, وهي شيء يعلق على الأولاد, أو على المرضى, أو على الكبار عن العين أو عن الجن يكتبون كتابات في رقع، أو يضعون ودع أو خرز, أو يضعون طلاسم حروف مقطعة لا يدرى ما معناها يكتبونها ويجعلونها في رقع، ويربطونها على الصبيان، أو على المرضى، أو على الكبار يزعمون أنها تدفع العين، أو تدفع الجن كل هذا باطل كل هذا غلط ومنكر؛ لأن الرسول أنكر عليهم، فالواجب على المؤمن أن يحذر ذلك وأن لا يفعل ذلك, وهذا من الشرك, وهو من الشرك الأصغر لكن إذا كان صاحبه يعتقد أنها تنفع وتضر دون الله فهذا يكون شركاً أكبر نعوذ بالله, فالحاصل أن هذا لا يجوز تعاطي هذا الشيء، وهكذا كسر البيضة في بيت المريض أو في بيت زيد أو عمر يعتقد أنها تنفعه هذا خرافة لا أساس لها بل هو من الدجل والكذب والخداع فمثل هذا لا ينبغي اتخاذه إماما، ولا يؤمن أن يكون عنده عقائد خبيثة أكثر من هذا, فينبغي أن لا يصلى خلفه وينبغي أن يبعد من الإمامة ويسعى في ذلك إلا أن يتوب توبة صادقة ظاهرة بارزة واضحة فالتوبة تجب ما قبلها والله المستعان.  
 
5- أجبرني والدي على الزواج من ابن عمي، وكنت مشمئزة ونافرة من ابن عمي ولا أدري ما هو السبب، وتم الزواج وأنا قلبي نافر وأحس بضيق شديد وهموم وغموم، ولم يكن لي أي نية موجهة إلى رجل آخر هذا، ولم أجد مخرجاً من هذا الأمر، وقد أنجبت ثلاثة أولاد وكلهم بكم الألسنة صم الآذان، وقد قيل لي إن السبب أنه قد حصل رضاعة ما بيني وبين ابن عمي المذكور، وقد سألت أمي فأفادت أنه قد حصل بيني وبينه عدة رضعات، وأفادت أنها أخبرت والدي أثناء زفافي على هذا الرجل، بل أثناء خطبتي عليه، فلم يصدقها بل ظن أنها تريد ني لرجل آخر، وأنا في حيرة، كيف أعمل الآن؟ أرجو التوضيح والتفصيل والإرشاد إلى ما فيه الخير.
لا شك أن الواجب على الرجل أن يستأذن البنت في الزواج, وليس له إجبارها على من تكره سواء كان ابن عمها أو غيره, لقول النبي - صلى الله عليه وسلم – في الحديث الصحيح : ( لا تنكح الأيم حتى تستأمر, ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله! وكيف إذنها؟قال : أن تسكت, وقال-عليه الصلاة والسلام-:( البكر يستأذنها أبوها، وأذنها صماتها), فالواجب على الوالد أن يستأذن البنت إذا كانت قد بغلت تسعاً فأكثر وإذنها سكوتها إذا سكتت كفى، وإذا كنتي سكتي إرضاءً لوالدك فالنكاح صحيح والحمد لله, وأما ما حصل من الأولاد البكم الصم هذا أمر من الله- عزوجل-وقدر منه-سبحانه وتعالى-, فالحمد لله على كل حال وعليك أن تقولي: إنا لله وإنا إليه راجعون قدر الله وما شاء فعل, الله سبحانه يقول : الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (البقرة:156), قال سبحانه : أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (البقرة:157), وقال النبي-عليه الصلاة والسلام-: (ما من عبد يصاب بمصيبة فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم آجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها). 
 
6- أجبرني والدي على الزواج من ابن عمي، وكنت مشمئزة ونافرة من ابن عمي ولا أدري ما هو السبب، وتم الزواج وأنا قلبي نافر وأحس بضيق شديد وهموم وغموم، ولم يكن لي أي نية موجهة إلى رجل آخر هذا ولم أجد مخرجاً من هذا الأمر، وقد أنجبت ثلاثة أولاد وكلهم بكم الألسنة صم الآذان، وقد قيل لي إن السبب أنه قد حصل رضاعة ما بيني وبين ابن عمي المذكور، وقد سألت أمي فأفادت أنه قد حصل بيني وبينه عدة رضعات، وأفادت أنها أخبرت والدي أثناء زفافي على هذا الرجل، بل أثناء خطبتي عليه، فلم يصدقها بل ظن أنها تريد ني لرجل آخر، وأنا في حيرة، كيف أعمل الآن؟ أرجو التوضيح والتفصيل والإرشاد إلى ما فيه الخير.
لا ريب أن الواجب على كل رجل أن يتقي الله في بناته, وأن لا يزوج بنته إلا عن رضاها, وأن لا يجبرها بأحد لا ترضاه, هذا هو الواجب على الأولياء الأب, والأخوة, والأعمام, وغيرهم الواجب عليهم جميعاً أن لا يزوجوا مولياتهم إلا بإذنهن, والأب بالأخص قد يتساهل في هذا؛ لأن بعض أهل العلم يجيز له أن يزوجها بغير اختيارها إذا كانت بكراً, ولكن هذا القول وإن قال به بعض العلماء فهو قول ضعيف قول مرجوح, والصواب أنه ليس له أن يزوج بناته أبكاراً كن أو ثيبات إلا بإذنهن إذا بلغن التسع فأكثر, لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا تنكح الأيم حتى تستأمر، قالوا : يا رسول الله ! البكر تستحي، فكيف إذنها؟ قال: إذنها سكوتها), وقال-عليه الصلاة والسلام-: ( البكر يستأذنها أبوها وأذنها صماتها), فقد صرح النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه ليس للأب ولا غيره أن يزوج المولية إلا بإذنها, والأب هو المقدم ومع ذلك نهي عن التزويج إلا بإذن, فالأولياء الآخرون من باب أولى، لكن إذا كان حين أمرك بالزواج، أطعتِ ووافقتِ إرضاءً له ومحبة له وتعظيماً لأمره وإن كنت كارهة فلا حرج الزواج صحيح, وما وقع من وجود البنين الثالثة الصم البكم هذا أمره إلا الله قد يكون له أسباب غير ما ذكرت من الرضاع قد يكون له أسباب أخرى، وأنتِ ليس عليك من هذا بأس لأنك لم تعلمي الرضاع، وإنما البأس على أبيك الذي علم الرضاع وتساهل, فالأثم عليه وعليه التوبة إلى الله من ذلك, وإذا كانت الأم قد حفظت خمس رضعات فإنه يكون أخاً لك وليس لكي الزواج عليه والنكاح باطل, ولكن أنت ليس عليك إثم؛ لأنك لم تعلمي والأولاد أولادكما لاحقون بأبيهم للجهل وعدم العلم ببطلان النكاح, والواجب على أبيك التوبة إلى الله عزوجل من ذلك إذا كانت أمك ثقة, وشهدت بخمس رضعات أو أكثر حال كون ابن عمك في الحولين فإن النكاح يكون باطلاً والإثم ثابت على أبيك وعلى أمك نصيب من ذلك؛ لأنها لم تعلمك ولم تعتني بالأمر ولم تشدد فيه فعليها نصيبها من الإثم ولكن إثم الأب أكبر, أما إن كان الرضاع أقل من ذلك رضعة, أو رضعتين، أو ثلاثاً, أو أربعاً فالنكاح صحيح؛ لأن التحريم إنما يحصل بخمس رضعات فأكثر معلومات في الحولين على أن تكون الشهادة ثقة بذلك, والرضعة هي أن يمسك الصبي أو الصبية الثدي ويمتص اللبن ثم يطلق ذلك هذه يقال لها رضعة, فإذا كان ابن عمك قد رضع من أمك خمس رضعات فأكثر يكون في كل رضعة يمسك الثدي ويمتص اللبن ويذهب إلى جوفه ثم يعود بعد ذلك ويرضع حتى يكمل خمساً في مجلس, أو في مجالس, في يوم أو في أيام, فإنك أخته, والنكاح باطل وأسال الله أن يشفي أبناءك الثلاثة, وأن يعظم أجرك, وأن يعفوا عن أبيك عما حصل منه من الخطأ والتقصير, وعن أمك عما حصل منها من التقصير نسأل الله أن يعفوا عن الجميع, وأن يعوظك خيراً من ابن عمك إذا ثبت الرضاع, أو طلقك لأنك تكرهينه على كل حال هذه مصيبة, والدنيا هي دار المصائب ونسأل الله أن يحس العاقبة للجميع.     
 
7- تصديق النساء فيما يخصهن، في أمر الرضاع وما أشبهه، ما رأيكم فيه؟
الصواب أنها تصدق المرأة إذا كانت ثقة بما يفيد الصدق, والأمانة, والديانة فقد شهد عند النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرة في إرضاع عقبة ابن الحارث فأمره بفراقها, وقال :(دعها كيف وقد قيل), فطلقها عقبة وقد نكحت غيره فارقها عقبة ونكحت غيره, وهو من باب الخبر الديني كما يقبل الأذان من الواحد هذا خبر ديني يتعلق حرمة الأبضاع, و.... يحتاط له فلهذا ذهب جمع من أهل العلم إلى قبول الواحدة, وذهب آخرون إلى أنه لا بد من الثنتين, وآخرون قالوا: لا بد من أربع بالنسبة لأمر الرضاع ولكن الصواب أن الواحدة تكفي إذا كانت ثقة مأمونة لا شك فيها. إذا كان الأمر مشكوك فيه بالنسبة لعدد الرضاعات؟. لا ينفع ما يحكم بالرضاع لا بد من خمس معلومات متيقنات في الحولين . كون الأبناء كما تفضلتم صم بكم ليس لهذا علاقة؟ الله أعلم لا يلزم بهذا؛ لأنها لم تعلم والولد لم يعلم فالإثم على الأب, الله لا يعاقب أحداً بذنب غيره الله-سبحانه-يقول: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى(الأنعام: من الآية164) لكن لحكمة بالغة وقع ما وقع له أسباب اقتضتها حكمة الله-عزوجل-ولا هي أول من أصيب بهذا قد أصيب غيرها بأكثر من هذا. 
 
8- كثير من الزيجات تفشل سماحة الشيخ، وإذا فكر الزوجان في أسبابها وجدوا أن لذلك أصلاً فيما يعتقدون، فمثلاً تزوجت وهي كارهة، أو تزوج وهو كاره، فإذا فشل الزواج أعادوا ذلكم إلى تلكم الأسباب التي ذكرت؟
الفشل له أسباب: منها عدم حب الرجل للمرأة, ومنها عدم حبها للرجل وأن تظن أنها تصلح معه ولا صلحت معه؛ لأنها رأت من أخلاقه ما نفرها منه, وأن يكون رأى من أخلاقها ما نفره منها فيحصل بغضاء والكراهة، ومنها المعاصي المعاصي في الرجل أو المعصية في المرأة قد يكون الرجل سكيراً سيئ الأخلاق فتنفر المرأة ولا تريدة, و قد تكون هي كذلك سيئة الأخلاق فينفر منها الرجل ولا يريدها, وقد تكون ارتكبت المعاصي والتساهل فيما حرم الله عليها, فالأسباب كثيرة أسباب النفرة بين الزوجين كثيرة.   
 
9- إذا صادف أن أصيب الزوج أو الزوجة بآفة أو بمرض مزمن أو ما أشبه ذلك، هل للكراهة أو لإجبار النفس على ذلكم الزواج علاقة بهذا المرض أو بتلكم الآفة سماحة الشيخ؟
هذا لاشك أنه منفر إذا وجد آفة مثل خرس المرأة, مثل صمم في أذنيها بعد الزواج, مثل برص, مثل عماء مثل كذا قد ينفر منها الزوج ويريد غيرها فلا بأس عليها إذا طلقها, إن صبر عليها واحتسب وأنفق هذا أفضل وخير, وإن طلقها فلا حرج جعل الله الطلاق للحاجة, وهي كذلك قد ترى من زوجها آفة قد يصاب بجنون, وقد يصاب ببرص، وقد يصاب بأشياء أخرى قد تنفرها منه فلها العذر في الفراق, وأن تعطيه ماله الذي دفعه إليها, وقد لا يكتب الله بينهما محبة فتنفر منه وتبغضعه كما جرى لمرأة ثابت بن قيس فخالعت زوجها على حديقة أعطاها إياها, فالحاصل أن له أسباب فإذا وجدت أسباب جديدة بعد الزواج في الزوج نفرت المرأة منه أو في الزوجة نفرت الزوج فلا حرج في الطلاق, وإذا كان البلاء من الزوج يعني كان فيه شيء كرهته بسبب ذلك فإنها تعطيه حقه إلا أن يسمح في حقه ويرضى بالطلاق بدون شيء فهذا إليه؛ لكن إذا كانت هي التي أبغضته وكرهته لأسباب خلقية, لأسباب سوء عشرة, لأسباب بغضاء وقعت في قلبها فإنها تعطيه ماله, أما إن كانت الأسباب منه ظلمها تعدى عليها, أو تعاطى المسكرات, أو أشبه ذلك مما ينفرها منه فلا حق له في المال, ولها أن تنفر منه ولها أن تطالب بالطلاق لأنه أساء عشرتها، بما تعاطاه من ظلمه لها، وسوء عشرته لها، وتعاطيه المسكرات، أو سهره بالليل فلا ينام معها إلا يسيرى وما أشبه ذلك من الآفات التي تنفر المرأة من زوجها وهو الظالم لها في ذلك فإن هذا عذر لها في طلب الطلاق ولا حق له في المهر لأنه هو الظالم، وأعظم من ذلك إذا ترك الصلاة فإنه يكفر بذلك وليس لها البقاء معه بعد ذلك حتى يتوب إلى الله.   
 
10- إحداهن أكرهت على الزواج وتزوجت من رجل معين، ودعت على نفسها بدعاء، ثم قُدر أن تستمر الحياة الزوجية فترة معينة وتصاب تلك المرأة بمرض مزمن أقعدها لمدة عشر سنوات، وهي الآن تفكر في ذلكم الموضوع إلى اليوم ولاسيما وهي مقعدة مريضة ،نصيحتكم لها؟
أنصحها أن تتوب إلى الله وتستغفر من الدعاء على نفسها، لأنه لا يجوز للمسلم أن يدعو على نفسه لا يجوز للرجل أن يدعو على نفسه ولا المرأة أن تدعو على نفسها لا بالموت ولا بالعمى ولا بالمرض ولا بأشباه هذا مما يضره فالمؤمن لا يدعو على نفسه، والمؤمنة كذلك لا تدعو على نفسها فإذا قدر أنها أصيبت بشيء دعت به أو بغيره من المصائب فعليها التوبة و الاستغفار والحمد لله باب التوبة مفتوح.

411 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply