حلقة 657: هل تجوز قراءة القرآن بدون تجويد - تعليق الآيات القرآنية في محلات بيع الأحذية - قراءة القرآن الكريم في محلات البيع والشراء - هل يغني الاغتسال عن الوضوء - مصافحة الأجانب - تحنيط الحيوانات والطيور

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

7 / 50 محاضرة

حلقة 657: هل تجوز قراءة القرآن بدون تجويد - تعليق الآيات القرآنية في محلات بيع الأحذية - قراءة القرآن الكريم في محلات البيع والشراء - هل يغني الاغتسال عن الوضوء - مصافحة الأجانب - تحنيط الحيوانات والطيور

1-  هل تجوز قراءة القرآن بدون تجويد، علماً بأنني لا أعرف التجويد؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ، ومن اهتدى بهداه. أما بعـد: فلا حرج في ذلك والحمد لله، لك أن تقرأ وإن كنت لا تعرف التجويد، إنما التجويد مستحب لمن استطاع ذلك، وتيسر له ذلك؛ لأنه يعطي الحروف حقها، ولأنه يحسن الصوت بالقراءة ، فإذا تيسر ذلك فهو مطلوب، وإن لم يتيسر فلا حرج في ذلك، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ، والذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق ويتتعتع فيه له أجران). فهذا من فضل الله - جل وعلا -، أخبر أن له أجران وإن كان يتتعتع ما يحسن القراءة كما ينبغي له أجران؛ لأنه في جهاد، مجاهد لنفسه في قراءة كتاب الله يتدبر ويتعقل ويتعلم حتى يؤدي ما استطاع من القراءة، لكن إذا تيسر لك - أيها الأخ - من يعلمك ويعينك فافعل ذلك حتى تكون القراءة أجود إن شاء الله وأكمل، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه). فخيار الناس هم أهل القرآن الذين يتعلمونه ويعملونه الناس حتى يستفيد الناس ، وحتى يقرؤوه كما ينبغي ، وحتى يعملوا بذلك، والمقصود من التعلم هو العمل، العلم وسيلة فالمقصود هو أن تعمل بطاعة الله ، وأن تدع معصية الله، وأن تقف عند حدود الله، حتى تستحق من الله الثواب الجزيل والعاقبة الحميدة فضلاً منه وإحسانا - سبحانه وتعالى -، ولكن لا يلزمك أن تؤدي القراءة على الطريقة المتبعة عند أهل التجويد، أدها كما يسر الله لك ، والحمد لله. 
 
2-  هل يجوز تعليق الآيات القرآنية في محلات بيع الأحذية؟
لا نعلم مانع من تعليق آيات في المكاتب وفي المجالس وفي الدكان للتذكرة والعظة، ولو كان يبيع الحذاء ، أو يصنع الحذاء لا يضر ؛ لأن هذا ليس فيه امتهان له، مادام معلق كأن يذكر الناس بشيءٍ ينفعهم: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [(55) سورة الذاريات]. أو يكتب آيات : وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ [(43) سورة البقرة]. أو : حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ [(238) سورة البقرة]. وما أشبه ذلك من الآيات التي فيها ذكرى وعظة، ولا يسمى ذلك امتهاناً، هذا هو الأرجح من أقوال العلم.  
 
3-  هل تجوز قراءة القرآن الكريم في محلات البيع والشراء؟
نعم، لا حرج في ذلك، يقرأ الحمد الله، يقرأ في دكانه، في مبسطه ، وإذا جاءه الزبون كلمه ، وإذا فرغ قرأ، يجمع بين المصلحتين، القراءة والذكر ونحو ذلك، وإذا جاء صاحب الحاجة كلمه، وقف عن القراءة وكلم صاحب الحاجة ، وإذا ذهب أصحاب الحاجة واشتغل بالقراءة والذكر فهذا خير عظيم، وفضل كبير. 
 
4-   رجل اغتسل غسل الجمعة وصلى مع الجماعة وهو لم يتوضأ وضوء الصلاة، ولم يذكر ذلك إلا وهو في الصلاة، لم يذكر أنه لم يتوضأ بعد الغسل، فصلى معهم، فهل صلاته صحيحة، أما ماذا يجب عليه إذا كانت صلاته غير صحيحة بعد مضي وقت طويل؟
عليه أن يعيد الصلاة ظهراً، يصلي ظهرا؛ لأن الغسل لا يكفيه عن الوضوء، غسل الجمعة لا يكفي، بل لابد من الوضوء الشرعي، لكن لو كان غسل الجنابة ونوى الحدثين أجزأ، أما غسل مستحب، غسل الجمعة، هذا لا يكفي بل عليه أن يعيد الصلاة ظهراً ، لأن الجمعة لا تقضى إلا ظهرا. المقدم: إذاً الغسل المستحب لا يجزئ عن الوضوء حتى لو نوى؟ الشيخ: لا يجزئ عن الوضوء ، لا ، إلا إذا رتب؛ غسل وجهه ، ثم يديه ، ثم مسح رأسه وأذنيه ، ثم غسل رجليه في أثناء الغسل لا بأس يكفي، المقدم: يعني كأنه توضأ؟. الشيخ: نعم توضأ وهو يغتسل بالترتيب والنية. 
 
5-   رجل صلى مع جماعة فريضة، وهذا الرجل فاتته ركعة واحدة من الفريضة، فسها الإمام وصلى ركعة زيادة على المكتوبة، هل الرجل المتأخر يسلم مع الجماعة أو يكمّل الركعة التي فاتته؟
هذا الرجل لا يقوم في الزيادة إذا كان يعلم أنها زيادة، لا يقول يجلس مع الناس، وهكذا الجماعة لا يقومون، ينبهون سبحان الله ، سبحان الله، ولا يقومون معه، فإن رجع فالحمد لله، وإن لم يرجع صبروا حتى يسلم، لأنه قد يعتقد بأنه مصيب، فإذا سلم سلموا معه، إذا كانوا يعتقدون أنه مخطئ لا يقومون معه، وهكذا الذي فاتته ركعة لا يقوم معه إذا كان يعلم أنها زائدة، فإذا سلم إمامه قام وقضى الركعة التي فاتته؛ لأن القضاء إنما يكون بعد السلام، بعد سلام الإمام، فإذا قام معه جاهلاً ما درى عنه أنها زيادة فإنها لا تجزئه على الصحيح، وإنما يقضي بعد ذلك إذا سلم إمامه قضى، هذا هو الصواب.  
 
6-   عند كثير من النساء عادة وهي: إذا جاء قريب لأبيها أو قريب لأمها وهو لم يكن محرماً تقوم بمصافحته باليد بدون حاجز، أو بدون أن يكون هناك على اليد شيء، هل هذا جائز؟
لا تجوز مصافحة الرجال من النساء إذا كانوا غير محارم، الواجب أن تمتنع من هذا، أما السلام بالكلام فلا بأس، يسلم بالكلام لا بأس، مشروع السلام بالكلام، أما بالمصافحة فلا، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (إني لا أصافح النساء). وتقول عائشة - رضي الله عنها -: والله ما مست يد رسول الله يد امرأةٍ قط ما كان يبايعهن إلا بالكلام. فكان عليه الصلاة والسلام ما كان يصافح النساء غير المحارم، أما المحرم لا بأس، يصافح أخته، أمه، عمته، لا بأس، أما ابن عمه ، أو ابن عم أمه، أو ابن خاله، ابن خالها ، وابن عم أمها لا تصافحه، ابن خالها أو ابن عم أمها أو جارهم لا ، ولو كان قريباً لأمه إذا كان ليس بمحرم، أو قريباً لأبيها، إنما تسلم عليه بالكلام، حياك الله، وعليكم السلام، كيف حالك يا فلان؟ كيف أولادك؟ كيف أهلك؟ طيب، أما المصافحة فلا ، ولو من دون حائل، لا تصافحه أبداً، ولو من دون حائل، المصافحة لا تجوز مع الرجال الأجناب، إنما تصافح محرمها كأخيها وزوجها وعمها وأبيها ونحو ذلك ، أو النساء تصافح النساء لا بأس، أما أن تصافح رجلاً أجنبياً كأخي زوجها ، أو عم زوجها ، أو زوج أختها، أو أحد جيرانها كل هذا لا يجوز، وفيه فتنة وشر.  
 
7-  أنا وبنت أختي رضعنا من أختي، فهل يجوز لأولادنا أن يتزوجوا أولاد بنت أختي التي رضعنا أنا وهي من أختي؟
هي صارت أماً لكما، أختك صارت أماً لكما، وبنتها وبناتها أخوات لكما، وعمات لأولادك ، وخالات لبنت الأخت التي رضعت معك، فليس لأولادكم أن يتزوجوا من بناتها لأنها صارت بهذا الرضاع أماً لك ولبنات أختك التي رضعت معك، وكأنه ..... الأخرى. فالحاصل أن هذه المرضعة التي هي أختك صارت أماً لكما، وجدةً لأولادكما، فأولادها أخوال لأولاد البنت، وأعمام لأولادك أنت، فليس لأولادك أن يتزوجوا من بناتها.  
 
8- هل يجوز تحنيط الحيوانات والطيور؟ وهل يجوز اقتناء هذه الحيوانات والطيور المحنطة في البيت؟
لا يجوز ذلك لأمرين: أحدهما: أنه عبث ، وإضاعة مال. والثاني : أنه يفضي إلى اعتقادات باطلة في ذلك. وربما أهوى أيضاً إلى تعليق الصور لذوات الأرواح تأسياً بمن علق هذه الحيوانات المحنطة ، فالذي نفتي به المنع من ذلك لهذين الأمرين : لأنه إضاعة مال ، ولأنه قد يفضي إلى اعتقادات فاسدة، وهناك علة أخرى ثالثة قد يفضي أيضاً إلى تعليق الصور ؛ لأن من رآهم ظن أنها صور ، فيقتدي بهم ، ويصور مثلهم. فالحاصل أن هذا العمل ليس بجائز. 
 
9-   ما حكم من سب الدين، أو سب الرب في إحدى الساعات، ولما حان وقت الصلاة توضأ وصلى الفريضة، فهل أداء الفريضة في ذلك الوقت يعتبر بمثابة إعلان التوبة؟
سب الدين وسب الرب ردة عظمى، ردة عظمى عن الإسلام - نعوذ بالله -، فالواجب على من فعل ذلك أن يبادر بالتوبة، والندم ، والإقلاع ، ولا تكفي الصلاة، فعل الصلاة ما يكفي، بل لابد من توبةٍ صادقة ، وندم على ما وقع منه، وعزم صادق أن لا يعود في ذلك، لأنه جريمة عظيمة، فلا يجوز له أن يتساهل في هذا الأمر، بل يجب أن يبادر بالتوبة، وحقيقتها الندم على الماضي منه، الندم الحقيقي ، والحزن على ما وقع منه، والعزم الصادق أن لا يعود في ذلك، وقبل أن يفعل هذا صلاته غير صحيحة ؛ لأنها صلاة كافر، فلابد من توبةٍ قبل الصلاة. 
 
10-   هل يجوز استعمال الميش، وهو عبارة عن مادة كيماوية توضع على الشعر فيصبح الشعر ذا لونين، يعطي نوعاً من الجمال للشعر، وهذه المادة لا تزول إلا مع مرور الزمن أو قص الشعر، ولا يزول بأي مادة منظفة، طبعاً يعمل ذلك للزوج، وليس للتبرج أمام الناس؟
لا نعلم مانعاً من ذلك إذا كان لا يصبغ سواداً ، أما إذا كان يصبغ سواداً فلا يجوز؛ لأن النبي - عليه السلام - قال : (غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد). فإذا كان هذا الميش يصبغ حمرةً أو صفرةً فلا حرج في ذلك، إذا كان طاهراً ليس فيه نجاسة ، وليس فيه من المخدرات ، ولا المسكرات فلا بأس في ذلك، إذا كان شيئاً طيباً طهوراً لا حرج فيه ولا محذور فيه ولا نجاسة فيه فلا بأس. المقدم: ماذا عن الغسل يا سماحة الشيخ إذا كان هذا الدهان يبقى إلى الأبد على الشعر؟ الشيخ: هذا مثل المشاط ، لا يمنع ، مثل ما يقع في الرأس من المشط، من المشاط والحناء ونحو ذلك لا يمنع، لا يمنع المسح. ما يوضع على الرأس من ما تحتاجه المرأة من زينة الرأس من حناء أو حاجةٍ أخرى في الرأس وقت فتل الشعر وظفره لا حرج فيه، لا يمنع، كانت نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - يمسحن على ما يفعلن على رؤوسهن من أنواع المشاط. المقدم: لكنه يمنع الماء إلى الشعر الأصلي؟ الشيخ: المقصود مسح الرأس فقط، ما هو بمقصود أصول الشعر، المقصود مسح ظاهر الرأس. المقدم: الشعر نفسه؟ الشيخ: ظاهر الرأس، وإذا كان عليه شيء مما يحتاجه النساء فلا يمنع، ما يضر. 
 
11-  هل في لبس المرأة للذهب على شكل أساور أو دائرة مغلقة حرمة، أم أن جميع أشكال الذهب حلال لبسه بالنسبة للمرأة؟
جميع أنواع الحلي جائزة للمرأة من الذهب والفضة ولو كانت محلقة، ولو كانت أسورة، ولو كانت قلائد. المقصود جميع أنواع الحلي محلقة وغير محلقة كالخاتم والسوار والقلادة في العنق ، وغير ذلك، كلها حلال، بل قد حكى غير واحد من أهل العلم إجماع العلماء على ذلك، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ما يدل على ذلك، فلا حرج في ذلك ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - : (أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورها). قد لبست زوجاته الخواتم من الذهب والفضة ، ولا حرج في ذلك، والحمد الله. أما قول من قال أنه من المتأخرين أن المحلق يحرم هذا قول لا أصل له، ولا صحة له، بل هو قول مرجوح غير صحيح، بل باطل، والصواب أن المحلق من الذهب والفضة كل ذلك حلال للنساء سواء كان أسوارة أو خواتم أو غير ذلك. وما تعلق به بعض الناس من أحاديث وردت في ذلك كلها منسوخة غير صحيحة، بعضها غير صحيح، وبعضها منسوخ، بعضها منسوخ بالأحاديث الصحيحة الدالة على حلّ الذهب والحرير لإناث الأمة ، وبعضها غير صحيح. 
 
12-   هل يجوز للمرأة أن توفر النقود من مصروفها ومصروف البيت والأولاد دون علم زوجها، مع العلم أن ذلك لا يؤدي إلى بخل أو تقتير بل من باب عدم الإكثار والإسراف في المصاريف، يعني: الاقتصاد في المصروف؟
إذا كان ذلك لمصلحة شرعية وعدم الإسراف ، وعدم التبذير ، فهي مأجورة، لكن تخبر الزوج بذلك، تخبر الزوج بذلك حتى يصرف المال في جهةٍ أخرى، أما أن تدخره لنفسها دون علم الزوج فلا، فإذا كان الاقتصاد لمصلحة البيت، ومصلحة الزوج، وعن علم الزوج فلا بأس في ذلك، لأن الاقتصاد مطلوب والإسراف محذور، والتبذير كذلك، فينبغي للمرأة أن تكون مقتصدة فإذا كان الزوج يستاهل فينبغي لها أن يكون عندها عناية بالمصاريف حتى لا تصرف إلا في الوجه المناسب، وحتى تبتعد عن التبذير والإسراف ، وإذا كان الزوج يتساهل فلا ينبغي لها أن تتساهل ، والمال سوف ينفعهما جميعاً. المقدم: أما دون علم الزوج كما تقول؟ الشيخ: لا ، ما يجوز، لا، لابد أن تخبره بذلك حتى يكون على بينة، وليس لها أن تأخذه لنفسها المال ، بل يكون للزوج ، ومصلحة الزوج والأولاد وأهل البيت حتى يكون على بينة هو، لأنها إذا لم تخبره قد يزين لها الشيطان أن تصرفه في حاجاتٍ أخرى لها، تخص بها نفسها. 
 
13-   يجري في بعض المعارض التجارية أو معارض الألعاب السياحية سحب على أرقام بطاقات الدخول، حيث لمن أراد دخول المعرض يدفع ثمن بطاقة الدخول ويدخل ويشاهد ما في المعرض أو يشارك في بعض الألعاب، ومن فترة لأخرى يجري السحب على أرقام بطاقات الدخول، وتوزع جوائز، هل يجوز أخ هذه الجوائز، علماً بأن الداخل للمعرض لم يخسر شيئاً، بل شاهد ما في المعرض أو شارك في بعض الألعاب مقابل ثمن بطاقات الدخول؟
هذا من القمار ما يجوز هذا ، هذا قمار وميسر ما يجوز، وأكل أموال بالباطل نسأل الله العافية، قد يخسر ولا يستفيد شيء- نسأل الله العافية -. 
 
14-  أنه يشاهد بعض المصلين يتكلف في المباعدة بين القدمين أثناء الصلاة، ويرجو من سماحة الشيخ التوجيه؟
السنة للمؤمن في هذا أن يقارب بين قدميه ولا يؤذي جيرانه، وهكذا الآخر والآخر كلهم يتقاربون ويسدون الخلل بينهم والفرج ولا يؤذي بعضهم بعضا، فيكون قدماه في مكانهما المناسب بحيث لا يؤذي من عن يمينه وشماله، وهكذا الآخر والآخر كل واحد يلصق قدمه بقدم صاحبه حتى لا يكون بينهما فرج من غير أذى ولا محاكاة ولا أذى، هكذا .. أما أن يكشح حتى يؤذي من حوله فلا يجوز هذا، الواجب أنه يجر صاحبه إليه والآخر يجر صاحبه إليه حتى يسدوا الفرج، ويتقاربوا من دون أن يؤذي بعضهم بعضا، تكون مقاربة ، يسد بها الخلل ولكن ليس فيها إيذاء ولا مضايقة للمصلي، كل واحدٍ يلاحظ أخاه ولا يضايقه ولا يؤذيه ، ولكن مع هذا يسدون الخلل ، ويتقاربون من غير حاجة إلى أن يكشح هذا ويكشح هذا، بل يتقاربون حتى يسدوا الخلل بينهم، هذا هو المشروع ، وهذا هو الواجب. 
 
15- من الأشياء التي يلاحظها على بعض المصلين أمور، ذكر منها مثلاً: مجافاة المرفقين بشدة، الامتداد الفاحش حال السجود، الجلسة الخفيفة قبل القيام للركعة الثانية، وهل هي لازمة، أيضاً يلاحظ أن هناك من يبالغ في الالتفات إلى الوراء عند التسليم، والتورك للمأموم في الصف المزدحم، والتماوت - كما يقول - في الصلاة، ووضع الكف على الكف لا على الرسغ في القيام، يرجو التوجيه حول هذه الأمور سماحة الشيخ؟
السنة للمؤمن أن يلاحظ عدم الأذى، فلا يؤذي جيرانه بمرافقه ، بل يتضام بعض الشيء حتى لا يؤذي أحدا ، وإن كان مشروع له المجافاة بين عضديه وجنبيه ، ولكن لا يضايق إخوانه ، إذا كان الصف فيه ضيق حال السجود ، فيفرج حسب الطاقة من غير أذى، كل واحد يلاحظ عدم الأذى، يفرج مهما أمكن من غير حاجةٍ إلى الإيذاء، وإذا لم يستطيع فلا يؤذي جيرانه، ولو ضم عضديه إلى جنبيه إذا لم يستطع فإنه لا يؤذيهم ، ولا يشق عليهم ، بل يرفق بهم: (المؤمن أخو المؤمن). والله يقول - سبحانه وتعالى -: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا [(58) سورة الأحزاب]. فالمسلم لا يؤذي أخاه ، ولا يضره. وهكذا الامتداد في حال السجود غير مشروع، السنة أن يعتدل في السجود ، ويجافي عضديه عن جنبيه وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، أن يكون معتدل، ويرفع ذراعيه من الأرض، ويعتمد على كفيه في السجود، ويكون معتدل اعتدالاً تاماً لا شبه المنبطح، يمد نفسه كالمنبطح، يعتدل ويقيم ظهره وبدنه بإقامةٍ تامة حتى يكون معتدلاً على كفيه رافعاً بطنه عن فخذيه، وفخذه عن ساقيه حال السجود، هكذا ينبغي للمؤمن ، ولا يكون متماوتاً في الصلاة ، بل يكون عنده العناية التامة بالصلاة، ، والخضوع فيها، والإقبال على الله - عز وجل - حتى تكون صلاته صلاة خشوع وإقبال على الله وطمأنينة كفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه - رضي الله عنهم وأرضاهم -. وكذلك لا يبالغ المبالغة الزائدة، السنة كان النبي إذا التفت في السلام يلتفت حتى يرى بياض خده - عليه الصلاة والسلام - يميناً وشمالاً، فلا يلتفت أكثر من هذا، يلتفت هكذا وهكذا، حتى يُرى خده لا بأس، يراه من وراءه لا حرج؛ كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم-، فالإمام يلتفت إلى المأمومين، والمأموم يلتفت عن يمينه وعن شماله إلى من عن يمينه وعن شماله حتى يرى من يمينه ومن شماله خده إذا التفت. المقدم: ماذا عن الجلسة الخفيفة قبل القيام؟ الشيخ: أما الجلسة فهذه سنة مستحبة ، ويقال لها جلسة الاستراحة، وهي ليست واجبة، من فعلها فقد أحسن ومن لا فلا حرج، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه كان يفعلها في صلاته – صلى الله عليه وسلم- ، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنها غير مستحبة، وأن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم- محمول على أنه كان بعدما كبرت سنه ، وثقل ، والصواب أنها مستحبة مطلقاً، هذا هو الصواب ؛ لأنها ثبتت النبي- صلى الله عليه وسلم- عن جماعةٍ من الصحابة - رضي الله عنهم وأرضاهم - فدل ذلك على استحبابها بعد الأولى والثالثة في الرباعية، بعد الأولى في جميع الصلوات ، وبعد الثالثة في الرباعية، جلسة خفيفة مثل الجلوس بين السجدتين. وهكذا السنة أن يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد إذا كان واقفاً، يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى ، وعلى الرسغ والساعد تكون اليد بعض الكف على الكف ، وبعضه على الرسغ وبعض الأصابع على الساعد ؛ كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم-، كما ثبت هذا في حديث وائل بن حجر - رضي الله عنه -. المقدم: ماذا عن التورك للمأموم في الصف المزدحم؟ الشيخ: إذا دعت الحاجة إلى التضام وعدم التورك لا يتورك، التورك سنة مستحب في التشهد الأخير ، فإذا كان يؤذي به إخوانه فلا يتورك، يجلس على رجله اليسرى كجلوسه بين السجدتين وفي التشهد الأول ؛ لأن إيذاء إخوانه محرم، فلا يستبيح المحرم بالمستحب، يترك المستحب حتى يتوقى المحرم، فإيذاء إخوانه والتعدي عليهم أمر لا يجوز، فإذا كانت مضايقة في الصف فإنه لا يتورك، بل يجلس على رجله اليسرى كحاله بين السجدتين إذا استطاع ذلك ، أما إذا كان مريض أو عاجز لا يستطيع فيعمل ما يستطيع، ويتوقى الإيذاء مهما استطاع. المقدم: يقول إن بعضهم يتماوت في الصلاة؟ الشيخ: تقدم الكلام في التماوت، تقدم أنه ينبغي له أن لا يتماوت، المشروع أنه يقبل على صلاته ، ويقبل عليها بقلبه، مع الإقبال عليها ، والخضوع فيها لله - عز وجل - ، لا يتماوت كالنائم ، بل يقبل على صلاته إقبال الحي، حاضر القلب، المنتبه لصلاته، المعظم لحرمات الله - عز وجل -. المقدم: ثم يقول إنه يلاحظ على البعض التقصير الفاحش للثياب؟ الشيخ: السنة النصف، نصف الساق إلى الكعب، هذا السنة أزرة المؤمن إلى نصف والساق، وإن نزل إلى الكعب فلا باس. 
 
16-   كنت قد خلعت ضرساً في أول شهر رمضان ، وبعدما خلعته كان يأتي بدم وأنا صائم ، ولاشك انه كان يدخل في جوفي دم بسيط ، ولم أفطر حين ذاك ، فما الحكم؟
قلع الضرس لا يبطل الصوم إذا احتاجه له للمؤمن، لا يبطل الصوم، إذا قلع ضرسه وهو صائم لا يضره لكن يتوقى دخول الدم إلى جوفه، يلفظه ويتمضمض حتى لا يذهب إلى جوفه شيء، وإذا ذهب شيء من غير عمد ولا قصد لا يضر الصوم. أما إن تعمد ابتلاع الدم فإنه يبطل صومه وعليه القضاء، لكن ليس له أن يتعمد ذلك ، بل يتوقى ذلك ويجتهد كما يتمضمض ويجتهد أن لا يذهب شيء على جوفه، فلو غلبه شيء من غير قصد لم يضر صومه. انتهى.  

497 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply