حلقة 665: حكم من حلف بالطلاق على شيء فتبين خلافه - طلاق الحامل - حكم التسمية بـ هدى - حكم صلاة من سلم من ثلاث ثم قام فأتم الرابع - النوم بعد صلاة الفجر - الأمراض كفارةٌ للمسلم - هل على الناسي عقوبة - قصر الصلاة للمسافر

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

15 / 50 محاضرة

حلقة 665: حكم من حلف بالطلاق على شيء فتبين خلافه - طلاق الحامل - حكم التسمية بـ هدى - حكم صلاة من سلم من ثلاث ثم قام فأتم الرابع - النوم بعد صلاة الفجر - الأمراض كفارةٌ للمسلم - هل على الناسي عقوبة - قصر الصلاة للمسافر

1-  طالما أنك بعيدٌ عن زوجتك فلا يقع عليك اليمين، وحيث أن الشك لا يزال يخامرني فإنني أرجوا الإفادة من قبلكم جزاكم الله خيراً؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: ما دمت تعتقد حين الطلاق أنك مصيب فلا شيء عليك، ولا يقع الطلاق، بل هو في حكم اللغو؛ لأن الإنسان إذا حلف على شيء يظن أنه واقعاً ويعتقد صدق نفسه أو يغلب على ظنه ذلك فلا يقع عليه شيء، مثل لو قال: والله لقد قدم فلان، والله لقد مات فلان، وهو يعتقد صحة ما قال، ثم بان الخطأ فيمينه لا شيء عليه فيها، لا كفارة عليه، وهكذا لو قال: علي الطلاق ما صار هذا الشيء، أو قال صار هذا الشيء، يعتقد أنه واقع، ما قصد الكذب فإن طلاقه لا يقع، وأنت لا يقع عليك أيها السائل إذا كنت تعتقد صحة ما قلت.  
 
2-   قبل ثمانية أعوام طلقت زوجتي وكنت في حالة غضب علماً بأنها لم تكن موجودةً أمامي بل كانت في بيت والدها، وكانت يومها حامل في الشهر السابع، وقد راجعتها بعد الوضع، وقد سمعت في برنامجكم أن طلاق السنة أن تكون الزوجة في حالة طهر أرجوا إفادتي، هل ما قمت به في السابق يعتبر طلقة أم لا؟ وإذا كان يعتبر طلقة فماذا أفعل وزوجتي معي منذ ثمان سنوات جزاكم الله خيراً؟
إذا كان الواقع كما ذكرت فإنه يقع عليها طلقة واحدة، إذا كان الغضب عادياً لم يشتد كثيراً ولم يغير الشعور فإنه يقع طلقة واحدة. وأما اعتبار كونها طاهراً هذا إذا كانت غير حامل، إما إذا كانت حاملاً فالطلاق لها يقع، وإن كان معها نزيف ما دامت حاملة، ولو كانت غير طاهرة، ولو كانت على جنابة. المقصود من كلام الطهارة إذا كانت غير حامل، ينبغي للمؤمن أن لا يطلق إلا في طهرٍ لم يجامع فيه، هذا هو المقصود. ليست حاملة ولا يائسة. لا يطلق إلا في طهر لم يجامع فيه؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- أنكر على ابن عمر لما طلّق زوجته وهي حائض، وأمره أن يمسكها حتى تحيض، ثم تطهر، ثم قال له ليطلق وهي طاهر أو حامل قبل أن يمسها، يعني في حال كونها غير حامل. أما إذا وطأها وهي حامل ما يمنع الطلاق، ولو وطأها وهي حامل، أو معها نزيف ليس بحيض، وهي بحامل؛ لأن دم الحامل يسمى نزيفاً ليس بحيضٍ على الصحيح، الحامل لا تحيض. المقصود أن طلاق الحامل واقع، إذا كان المطلق عاقلاً معه عقله ولو كان معه غضب لم يشتد به حتى يخرجه عن شعوره، وعن ضبطه نفسه، وإذا كنت راجعتها قبل أن تضع فرجعتك صحيحة، أما إن كنت راجعتها بعد الوضع فالرجعة غير صحيحة؛ لأنها خرجت من العدة بالوضع، إذا كنت طلقتها في حمل ثم تركتها ولم تراجعها حتى وضعت فإنك راجعتها وهي أجنبية، فبقاؤك معها لمدة غلط، وعليك أن تمتنع منها مع التوبة إلى الله - سبحانه وتعالى – من ذلك؛ لأنك لم تسأل، وعليك إذا كنت ترغب فيها وترغب فيك تجديد النكاح، بعقدٍ جديد ومهرٍ جديد؛ لأنها أجنبية، أما إن كنت راجعتها قبل الوضع إن قلت: أنا راجعت زوجتي أو مراجعٌ زوجتي أو ما أشبه ذلك قبل أن تضع الحمل، فهي زوجتك، وإن كنت ما رددتها إلى البيت إلا بعد الوضع إن كنت أشهدت، أو قلت لها راجعتك قبل أن تضع الحمل أو أشهدت على ذلك فرجعتها صحيحة، ولو كانت عند أهلها لم ترجعها إلا بعد الوضع، أما إذا كنت ما راجعتها بالكلية، فسكت ولم تقل شيئاً حتى وضعت الحمل فإنها تكون بهذا قد خرجت من العدة، ومضى عليها طلقة، ولك العود إليها بنكاحٍ جديد بشروط معتبرة شرعاً، يعني بشرط .... وبقية الشروط، وعليكما التوبة إلى الله جميعاً من هذا العمل السيء، وهو بقاؤها معك، وأنت لم تراجعها إلا بعد الوضع، هذا إذا كنت لم تطلقها إلا طلقة واحدة، التي أشرت إليها، أما إن كان قبلها طلقتان حرمت بهذه الطلقة الأخيرة، إن كان قبلها طلقتان واقعتان، أما إن كنت لم تطلقها إلا هذه الطلقة التي وقعت منك وهي حامل فإنها لا تحرم عليك بذلك، ولكن لا تصح الرجعة إلا إذا كانت قبل الوضع، والله ولي التوفيق.   
 
3-  لي ابنةٌ سميتها هدى، وقد سمعت بعض الناس يقولون: إن اسم هدى لم يذكر فما هي نصيحتكم هل أغير اسم البنت؟
لا أعلم في هذا بأساًَ، والحمد لله.  
 
4-   إذا صليت ثلاث ركعات في صلاةٍ رباعية وبعد ثلاث ركعات سلمت، وبعد تسليمي تذكرت أني صليت ثلاث فقط، قمت وأتيت بركعة واحدة فما حكم صلاتي؟
صحيحة، وعليك سجود السهو، عليك أن تسجد سجدتين بعد السلام للسهو، هذا السنة، بعد السلام، تصلى ركعة تكمل صلاتك؛ ثم تسلم، ثم تسجد سجدتين السهو، جبراً لصلاتك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- ثبت عنه أنه صلّى العصر في بعض الأيام ثلاثاً، وسلم، ثم نبه فأتى بالركعة الرابعة ثم سلم، ثم سجد سجدتين للسهو بعد السلام كما وقع لك، وهكذا إذا سلمت من ثنتين رباعية أو من المغرب ثم تذكرت بعد السلام تقوم وتكمل صلاتك ثم تسلم ثم تسجد للسهو، وإذا كنت إماماً ولم ينبهوك فإنه أيضاً يقوموا معك للكمال، ثم يسجد للسهو بعد السلام كما وقع للنبي - صلى الله عليه وسلم-.   
 
5- إني رجلٌ أصلي مع الجماعة في صلاة الفجر، وبعد انتهاء الصلاة أتكئ وأنام حتى طلوع الشمس، هل علي إثمٌ في ذلك؟
لا حرج عليك، ولكن الأفضل من هذا أن تشتغل بذكر الله وقراءة القرآن، والتسبيح والدعاء حتى تصبح، إذا تيسر لك ذلك فهو الأفضل، وأما النوم فلا حرج فيه، لكن كون تعمر وقتك هذا بالتعظيم أول النهار بالذكر والدعاء هو الأفضل.  
 
6-   شرب شخصٌ خمراً ومرض بداء القرحة، ولكنه كان يجهل تحريم الخمر ونتائج تناولها، فهل مرضه هذا ابتلاءٌ من الله أم أنه غير ابتلاء، بمعنى إن صبر على هذا المرض هل له أجر؟
نعم مثل غيره، هذا مرض قد يكون من أسباب الخمر، وقد يكون من أسبابٍ أخرى، والأمراض كفارةٌ للمسلم، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (ما أصاب المسلم من همٍ ولا غمٍ ولا نصبٍ ولا وصب ولا أذى إلا كفر الله به من خطاياه). والمرض من أعظم المصائب والله يكفر به عن المسلم الخطايا وإن كان عاصياً، وعليه التوبة إلى الله من الخمر والندم والإقلاع والعزم على أن لا يعود فيها؛ لأنه من الخبائث ومن أكبر الكبائر، فالواجب عليه التوبة من ذلك، وهذا المرض سوف يجعله الله إن شاء الله كفارةً له، وسبباً لمحو سيئاته فعليه أن يصبر ويحتسب ويسأل ربه العفو، والأمراض للمسلمين كفارةٌ لهم، ومع الصبر والاحتساب يكون فيه أجر مع الكفارة، وعليه التوبة إلى الله، والبدار بذلك، والعزم على أن لا يعود في هذا الذنب العظيم، ويسأل ربه ويتضرع إليه دائماً أن يقيه شره وأن يعافيه من شره، وعليه أن يحذر في المستقبل أن يجالس أهله، لأن مجالسة الخمارين والفساق تجره إلى العودة، فينبغي الحذر، منَّ الله عليه بالشفاء والتوبة.  
 
7-  هل نسيان الشخص للسؤال عن تحريم الشيء يعفيه من العقوبة؟
النسيان ليس باختياره، والله يقول: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [(286) سورة البقرة]. قال الله: قد فعلت - سبحانه وتعالى - ، كما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم-. إذا نسي أن يسأل عن شيءٍ وقع منه فالنسيان عذر شرعي، ولكن ينبغي له أن يجتهد في محاسبة نفسه، والنظر في أعماله حتى يسأله عما أشكل عليه، وحتى يتوب من سيئاته، وحتى يؤدي ما أوجب الله عليه، ولا يتساهل. المؤمن يجب أن يحذر ويجب أن يعتني ويجب أن يراقب ربه، والله يقول - سبحانه وتعالى -: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ [(18) سورة الحشر]. ويقول - سبحانه وتعالى -: وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ [(6) سورة العنكبوت]. ويقول - سبحانه وتعالى -: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [(69) سورة العنكبوت]. والله يقول - سبحانه وتعالى -: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [(16) سورة التغابن]. فالواجب عليه أن يراقب الله، وأن يجاهد نفسه ويحاسبها قبل أن ينزل به الأجل حتى يعرف ما له وما عليه، حتى يعرف أخطاءه وزلاته فيتوب إلى الله منها، وحتى يعرف تقصيره فيتدارك هذا التقصير، ليس له التغافل والتساهل، بل يجب أن يعتني بأمور دينه غاية العناية، وأن يحاسب نفسه في أيامه ولياليه حتى يعلم أنه أدى ما أوجب الله عليه، وحتى يعلم أنه ترك ما حرم الله عليه، وحتى يبادر التوبة مما قد سلف منه من السيئات والخطايا.  
 
8-  سارقٌ أراد أن يتوب عن السرقة بعد أن قطعت يده هل هناك فرصةٌ للتوبة؟
السارق متى قطعت يده فهي كفارةٌ له، الحد كفارة إذا لم يسرق بعد ذلك فالحد كفارةٌ له عن السرقة، وإذا كان مع الحد فهو خير إلى خير وطهرة إلى طهرة، والله جعل الحدود كفارة، فالمقتول قصاصاً كفارة، والمقتول في حد الزنا بالرجم كفارة، والمقطوع بالسرقة كفارة إلا أن يأتي بذنبٍ آخر بعد ذلك، فعليه أن يتوب إلى الله منه، فإذا جمع مع الحد التوبة إلى الله ،والندم صار خيراً إلى خير، ونعمة إلى نعمة.  
 
9-   سمعت عن صلاة المسافر وأن عليه القصر في الصلاة ونحن مسافرون ونقيم، لكن زوجاتنا في بلداننا الأصلية حدثوني عن صلاة السفر تلك لأني لم أسمع بها من ذي قبل جزاكم الله خيراً؟
الصلاة في السفر ركعتان للظهر والعصر والعشاء؛ كما قال الله -جل وعلا-: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ [(101) سورة النساء]. والضرب: السفر. وقوله - سبحانه وتعالى - إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ [(101) سورة النساء]. هذا عند أهل العلم منسوخ، وليس بشرط؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- قصر وهو آمن، فدل ذلك على أنه ليس بشرط وإنما هو أصل وصف أغلبي، أو منسوخ كما قال جماعة من أهل العلم، وليس بواجب القصر مستحب، فلو صلّى أربعاً وهو مسافر فصلاته صحيحة كما صلّى عثمان الخليفة الراشد بالمسلمين في آخر حياته في حجاته، صلّى تماماً فلا حرج في ذلك، ولكن القصرُ أفضل، فإذا كان مسافراً فإنه يصلي اثنتين حال سفره، وهكذا لو مر ببلاد وأقام فيها يوماً أو يومين أو ثلاثاً أو أربع قصر صلاته، فإن عزم على إقامة أكثر من أربعة أيام فإنه يتم عند جمهور أهل العلم وأكثرهم، أما إذا أقام إقامة لا يعرف متى تنتهي، مر بالبلد، يلتمس إنسان له حاجة عنده، أو له خصومة لا يدري متى تنتهي، أو له ضالة ينشدها أو لقطة ينشدها لا يدري متى يجدها فإنه يقصر ولو طالت مدته ما دام لا يدري متى ينتهي، أما إذا عزم على إقامة معلومة أربعة أيام فأقل فإنه يقصر، فإن عزم على إقامة معلومة أكثر من أربعة أيام فإنه يتم عند أكثر أهل العلم.  
 
10-  هل يجوز أن يعقد العقد على زوجة لا تصلي؟
إذا كان الزوج يصلي فليس له أن يعقد عليها حتى تتوب إلى الله، أما إذا كان لا يصلي فهو من جنسها، ولكن إذا كان يصلي وهي لا تصلي فليس له العقد عليها حتى تتوب، وهكذا إذا كان لا يصلي وهي تصلي ليس أن تتزوجه حتى يتوب إلى الله ويصلي؛ لأن ترك الصلاة كفرٌ أكبر عند المحققين من أهل العلم، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة). ولقوله - صلى الله عليه وسلم-: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). ولأدلة أخرى من الكتاب والسنة تدل على كفر تارك الصلاة. فمن تركها من الرجال والنساء وإن لم يجحد وجوبها كفر في أصح قولي العلماء، لكن إن جحد وجوبها أو استهزأ بها كفر عند الجميع- والعياذ بالله-. إذا .... ليست واجبة أو استهزأ بها وسخر منها ومن أهلها إنكاراً لها واستهزاء بها كفر – نسأل الله العافية- عند جميع العلماء؛ لأن الله يقول - سبحانه وتعالى -: قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ* لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [سورة التوبة(65)(66)]. ولأنه قد جحد وجوبها فقد كذب الله ورسوله فيكون كافراً -نسأل الله العافية-، وهكذا لو جحد وجوب الزكاة أو جحد وجوب صوم رمضان أو جحد وجوب الحج مع الاستطاعة أو استهزأ بذلك كفر عند جميع المسلمين، وهكذا لو جحد تحريم الزنا فقال الزنا حلال، أو الخمر حلال، ومثله لا يجهل ذلك، أو عُلم وبين ثم أصر على جحد تحريم الزنا، أو جحد تحريم الخمر يكون كافراً -نسأل الله العافية-. والحاصل أن كل من أنكر ما أوجب الله ومعلوم عند الجميع كالصلاة والصوم ونحو ذلك، أو أنكر تحريم ما حرمه الله بما هو معلوم عند جميع أهل العلم، معلوم من النصوص كالزنا والخمر فإن هذا يكون كافراً عند جميع العلماء -نسأل الله العافية-. ومثل ذلك من ترك الصلاة وإن لم يجحد وجوبها فهو كافر في أصح قولي العلماء؛ لأن الصلاة أمرها عظيم، ليست من جنس غيرها من الواجبات، بل هي أعظم الواجبات وأهمها بعد الشهادتين، فتركها والتساهل بها ليس من جنس غيرها، بل يكون صاحب ذلك كافراً- نسأل الله العافية والسلامة- من الرجال والنساء.  
 
11-  حدثوني لو تكرمتم عن حكم الزواج بالمسيحية؟
يجوز للمسلم أن ينكح المسيحية واليهودية إذا كانت محصنة غير معروفة بالسفاح بالزنا، قال تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ [(5) سورة المائدة]. فإذا تزوجها وهي محصنة غير مسافحة معروفة بالستر وعدم الزنا فإنه يجوز له أن ينكحها المسلم، لكن تركها أفضل، والحرص على المسلمة أسلم له ولذريته، ولأنها لا تجره إلى الكفر وقد تجر ذريته، فالأولى للمؤمن أن لا ينكح الكتابية، وأن يعدل عنها إلى المسلمة احتياطاً لدينه، وخوفاً على نفسه وذريته -نسأل الله السلامة والعافية-.  
 
12-  ماذا يقول المصلي في سجود السهو؟
يقول مثل ما يقول في سجود الصلاة، المصلي في سجود السهو وفي سجود التلاوة مثل ما يقول في سجود الصلاة، يقول: سبحان ربي الأعلى سبحان ربي الأعلى، ويدعوا ربه بما تيسر ويقول أيضاً: اللهم لك سجدت وبك آمنت، ولك أسلمت سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته تبارك الله أحسن الخالقين. ويقول هذا في سجود الصلاة في سجود السهو، في سجود التلاوة، في سجود الشكر.  
 
13-   فسروا لنا قول الحق - تبارك وتعالى - أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ [(89) سورة المائدة]. وهل كفارة اليمين يجب أن تكون بالترتيب؟
الآية الكريمة فسرها أهل العلم، وبينوا معناها، وهي قوله - سبحانه وتعالى – في سورة المائدة: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ [(89) سورة المائدة]. وفي سورة البقرة: وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ [(225) سورة البقرة]. فما عقد عليه القلب، وكتبه القلب، فالعبد مؤاخذٌ به من الإيمان. وكفارتها كما بين الله في سورة المائدة: إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة هذه مخير، ليس فيها ترتيب، إن شاء كفر بإطعام وإن شاء كفر بالكسوة، وإن شاء كفَّر بالعتق هو مخير؛ لأنه أتى بأو، سبحانه وتعالى – وأو للتخيير، فإن عجز عن الثلاث فإنه يعتق رقبة مؤمنة، إذا عجز عن الإطعام والكسوة والعتق، فإنه يصوم ثلاثة أيام، والأفضل أن تكون متتابعة وهذا إذا كان عامداً لليمين، قاصداً لها، كاسباً لها، أما إذا مرت على الإنسان بغير قصد ولا تعمد لليمين فليس عليه فيها شيء، تعتبر لغواً، أو حلف يظن أنه صادق يعتقد أنه صادق، قال: والله ما فعلت كذا والله لأفعلنَّ كذا والله لقد فعلت، كذا يظن أنه فعله، يعتقد أنه فعله، ثم بان أنه لم يفعله ليس عليه شيء، أو قال: والله لقد رأيت فلاناً يظن أنه رآه ثم تبين أنه غيره، فليس هذا على الصحيح، وهذا من لغو اليمين؛ لأنه ما قصد الكذب، وإنما حلف يقصد صدق نفسه، يعتقد أنه صادق، فهو داخل في اليمين اللاغية.  
 
14- نحن الحمد لله مسلمون ولدينا أخٌ مسيحي، هل يجوز الأكل والشرب معه أو لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
المسيحي ليس أخاً لك إذا كنت مسلماً، إلا إذا كان أخاً لك من النسب الكافر ليس أخاً لك، يقول الله -جل وعلا-: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [(10) سورة الحجرات]. ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (المسلم أخو المسلم). فالمسلم هو أخو المسلم، وليس أخاً للكافر، وإن كان من نسبه ليس أخاً له في الدين، سواء كان يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً أو شيوعياً أو قاديانياً أو وثنياً كل هؤلاء كفرة ليسوا إخوة لنا، بل بيننا وبينهم البغضاء والعداوة، وإذا أحسنا إليهم إذا كانوا فقراء ليسوا محاربين لا مانع من أن نحسن إليهم، إذا كانوا أهل ذمة أو مستأمنين نحسن إليهم لفقرهم وندعوهم إلى الإسلام، فلا بأس، لكن ليسوا إخوةً لنا، وليسوا أحباباً لنا، بل نبغضهم في الله حتى يهتدوا، ومع هذا نحسن إليهم وندعوهم إلى الله ونسأل الله لهم الهداية، كل هذا مطلوب، أما إذا كانوا حرباً لنا بيننا وبينهم القتال، ليس بيننا وبينهم ذمة ولا أمان فهؤلاء نبغضهم في الله ونقاتلهم ولا نعطيهم شيئاً ولا نساعدهم على المسلمين، بل نبغضهم في الله ونحاربهم، ونرفع الصلة بيننا وبينهم، ولا نساعدهم بشيءٍ أصلاً، بل إعانتهم على المسلمين كفرٌ وردة،... تؤاكلهم معك أو ضيف لا مانع أن تأكل معه، ولكن لا تتخذه صاحباً ولا بطانةً، بل تتخذه عدواً وبغيضاً في الله - عز وجل – حتى يهتدي، وأما مؤاكلته العارضة بسبب الضيافة أو بسبب أنه نزل معك في محل السكن لعارض فإنك تأكل معه إذا دعت الحاجة، وأن تسعى في الخلاص من صحبته ومساكنته لئلا يجرك إلى بلائه، ولئلا تتساهل فيما أوجب الله عليك من شأنه. 
 
15- يقول أيضاً: هل تجوز الصلاة مع أخينا الجزار وثيابه ملوثة بالدم وهو إمام؟
ليس له أن يصلي في الثياب الملوثة بالدم، ولا أن يكون إمام. الجزار عليه أن يتخذ للصلاة ثياباً طاهرة، أو يغسل ما أصابه من الدم قبل أن يصلي، سواء كان إماماً أو منفرداً، أو مأموماً. ليس له أن يصلي في الناس ولا أن يصلي وحده وفيه النجاسة. وليس لك أن تصلي خلفه، بل يجب أن تنكر عليه، وأن تعلمه، حتى يطهر ثيابه، أو يتخذ للصلاة ثياباً نظيفة، أما مادامت ثيابه نجسة فإنها لا تصح صلاته، بل يجب عليه أن يطهرها، أو يتخذ ثياباً نظيفة للصلاة، هذا هو الواجب عليه، وعلى كل من أصابته إلا إذا وقع في وقت ليس عنده قدرة على غسلها في مكان في البر مثلاً، ما عنده ماء، ويخشى أن تفوت الصلاة، فإنه يصلي على حسب حاله، ولو في الثوب النجس، وصلاته صحيحة حتى يجد ماءً ليغسل هذا الثوب أو يزيد ثوباً بدله، حتى يزيله، مادام مضطراً ليس عنده إلا هذا الثوب الواحد، وهو في البرية أو سجين ما تيسر له أن يعطى له أحداً ثوباً طاهرا، وأنه لا يستطيع غسله، فالله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [(16) سورة التغابن]. فيصلي حتى يجعل الله فرجاً ومخرجاً، فإذا قدر على إبداله أو تغسيله وجب عليه ذلك.  

2K مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply