حلقة 660: الأذان بحي على خير العمل - الجهر بالبسملة في الصلاة - القنوت في صلاة الفجر - قراءة سورة الإخلاص في الركعة الثانية بشكل دائم - تعجيل الإقامة في المغرب وترك الركعتين - تغيير المنكر بالقلب كيف يكون

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

10 / 50 محاضرة

حلقة 660: الأذان بحي على خير العمل - الجهر بالبسملة في الصلاة - القنوت في صلاة الفجر - قراءة سورة الإخلاص في الركعة الثانية بشكل دائم - تعجيل الإقامة في المغرب وترك الركعتين - تغيير المنكر بالقلب كيف يكون

1-   ما هو حكم الإسلام في زيادة : (حي على خير العمل) في الأذان وهل ثبتت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ وما حكم الصلاة في المساجد التي يؤذّن بحي على خير العمل فيها؟ وهل صحيح أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - أذّن بها في إحدى الغزوات، الرجاء إيضاح ذلك بشكل واسع؛ لأنها منتشرة في بلدنا بشكل كبير، ويدّعون أنه لا شيء فيها؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعـد: فقد ثبتت الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيان صفة الأذان، وقد علمه بلالا ، وعلمه أبا محذورة، والأحاديث في ذلك ثابتة في الصحيحين وغيرهما، وليس فيها : حي على خير العمل، وليس فيها أشهد أن علياً ولي الله، بل هاتان الجملتان من البدع المحدثة في الأذان بعد النبي - صلى الله عليه وسلم- ، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). يعني مردود، رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين. وقال عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). أخرجه مسلم في الصحيح. وأخرج مسلم في الصحيح عن جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول في خطبة الجمعة: (أما بعـد : فإن خير الكتاب كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعةٍ ضلالة). فالواجب على المؤذنين أن يدعو هذه الزيادة ؛ لأنها غير ثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بل هي من البدع، والآذان الشرعي : الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله. هكذا علم النبي - صلى الله عليه وسلم- بلالاً، وكان عبد الله بن زيد ابن عبد ربه قد رأى الآذان هكذا ، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يلقيه على بلال وكان بلال يؤذن بهذا بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى توفاه الله، وعلم أبا محذورة لما فتح الله عليه مكة علمه الآذان هكذا، إلا أنه زاد في حديث أبي محذورة الترجيع، وهو أن يأتي بالشهادتين بصوتٍ منخفض ثم يعيدها بصوتٍ مرتفع، وليس في آذان أبي محذورة ولا في آآذان سعد القرض الذي يؤذن في قباء، ليس في آذانهم هذه الزيادة: حي على خير العمل. ولا الزيادة الأخرى التي يزيدها بعض الناس: أشهد أن علياً ولي الله، هاتان الزيادتان بدعتان. فالواجب على المؤذنين في اليمن وغيره وفي كل مكان ترك هذه البدعة، وأن يكتفوا بالآذان الشرعي الثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الذي علمه مؤذنيه - عليه الصلاة والسلام -، ونسأل الله للجميع التوفيق والهداية. وفي آذان الفجر زيادة: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، هذه ثابتة أيضاً من حديث أنسٍ وغيره في أذان الفجر الذي يؤذن به عند طلوع الفجر: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، بعد قوله حي على الفلاح ، وقبل قوله : الله أكبر، الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم مرتين في آذان الفجر الذي يؤذن به عند طلوع الفجر. أما الآذان الأول الذي يؤذن به قبل طلوع الفجر للتنبيه فهذا الأفضل ترك هذه ؛ لأن المراد به التنبيه على قرب الفجر، لكن في الآذان الذي يؤذن به عند طلوع الفجر هذا يقال فيه: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، ثم يقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله. وقد ثبت في الصحيح عن البخاري من حديث عائشة - رضي الله عنها - ما يدل على أن قوله الصلاة خير من النوم يقال في الآذان الذي عند طلوع الفجر ويسمى الأول، ويسمى هذا الآذان الأول ؛ لأن بعده الإقامة وهي الآذان الثاني، الإقامة تسمى الآذان الثاني، وهذا الآذان الذي عند طلوع الفجر يسمى الآذان الأول. أما الأول الذي يؤتى به في آخر الليل قبل الصبح فهذا يؤتى به للتنبيه، ليعلم الناس أن الفجر قريب حتى يرجع القائم وينتبه النائم، كما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم-، قال عليه الصلاة والسلام : (إن بلال يؤذن بليل ليرجع قائمكم ، ويوقظ نائمكم) - عليه الصلاة والسلام-. المقدم: بالنسبة للآذان الثاني في يوم الجمعة يا سماحة الشيخ؟ الشيخ: الآذان الثاني يوم الجمعة هو الإقامة، والأول هو الذي يؤتى به بين يدي الإمام إذا دخل الإمام وصعد المنبر وجلس على المنبر يؤذن بالآذان الأول، كان هذا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي عهد الصديق - رضي الله عنه - وفي عهد عمر - رضي الله عنه - ، ثم لما كان عثمان وكثر الناس أمر بآذن ثالث، ويسمى الأول أيضاً حتى ينتبه الناس أن اليوم يوم الجمعة، هذا يسمى الآذان الأول في عهد عثمان، ويسمى الآذان الذي بين يدي الإمام يسمى الثاني، بعد ما حدث الآذان الذي أتى به عثمان - رضي الله عنه- لمصلحة المسلمين. ويقال للآذان الذي بين يدي الإمام إنه الأذان الأول بالنسبة إلى أنه الموجود في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم-؛ ولأن بعده الآذان الثاني وهو الإقامة. ويقال بعدما أحد عثمان الآذان الثالث يقال للآذان الذي عند المنبر الآذان الثاني بالنظر إلى الآذان الذي رائه عثمان مصلحةً للمسلمين ، ويسمى الأول، وهذا يسمى أول وهذا يسمى أول. يسمى أول أذان عثمان لأنه يؤتى به أولاً، ويسمى الآذان الذي عند المنبر أول ؛ لأنه هو الموجود في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي عهد الصديق وفي عهد عمر ، فهو أول بالنسبة إلى الإقامة ، وهو ثانٍ بالنسبة إلى الآذان الذي رائه عثمان - رضي الله عنه وأرضاه -. المقدم: إذاً لم يثبت أنَّ الرسول - عليه أفضل الصلاة والسلام - زاد في الآذان في إحدى الغزوات جملة : (حي على خير العمل)؟ الشيخ: لا، ليس له أصل، هذا محدث. 
 
2-   ما هو الحكم في الجهر بالبسملة في الصلاة، وبما نرد على من يقول: إن ذلك هو مذهب الإمام الشافعي - رضي الله عنه -، وهل هي آية في سورة الفاتحة، وإذا لم تكن آية فلماذا هي مرقمة بالرقم واحد، في سورة الفاتحة في المصحف؟
الصواب أن البسملة ليست آيةً من الفاتحة، ولا من غيرها من السور، ولكنها آية مستقلة أنزلها الله فصلاً بين السور، علامة أن السورة التي قبلها انتهت وأن التي بعدها سورة جديدة، هذا هو الصواب عند أهل العلم، وترقيمها في بعض المصاحف أنها الأولى غلط، ليس بصواب، والصواب أنها ليست من الفاتحة، وإنما أول الفاتحة الحمد لله رب العالمين، هذه الآية الأولى، الرحمن الرحيم الثانية، مالك يوم الدين الثالثة، إياك نعبد وإياك نستعين الرابعة، اهدنا الصراط المستقيم هي الخامسة، صراط الذين أنعمت عليهم هذه هي السادسة، غير المغضوب عليهم ولا الضالين هي السابعة. أما التسمية فهي آية مستقلة فصل بين السور، ليست من الفاتحة ولا من غيرها من السور في أصح قولي العلماء إلا أنها بعض آية من سورة النمل من قوله تعالى: إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم فهي بعض آية من سورة النمل. ولكنها آية مستقلة أنزلها الله فصلاً بين السور، وليست آية من الفاتحة، وليست آية من غيرها ، ولكنها بعض آيةٍ من سورة النمل هذا هو الصواب الذي عند أهل العلم. أما الجهر بالقراءة، أما الجهر بها فالأولى عدم الجهر؛ لأن الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان لا يجهر بها، ثبت في الصحيحين من حديث أنس - رضي الله تعالى عنه- قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر يفتتحون القراءة : بالحمد لله رب العالمين، وفي رواية أهل السنن : لا يجهرون بـبسم الله الرحمن الرحيم. فالمقصود أنهم يبدؤون بالحمدلة، الحمد لله رب العالمين، فدل ذلك على أنهم كانوا يسرون ، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - والصديق وعمر ، كان يسرون بالتسمية. وجاء من طريق أبي هريرة ما يدل على أنه قد يجهر بها لأنه جهر - رضي الله عنه - بالتسمية، ولما صلّى قال : إني أشبهكم صلاة بالرسول - صلى الله عليه وسلم- فاحتج بهذا بعض الناس على أنه يجهر بها، ولكن ليس حديثاً صريحاً بذلك، ولو ثبت التنصيص على ذلك فيحمل على أنه كان في بعض الأحيان، في بعض الأحيان ، والأكثر منه صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يجهر جمعاً بين الروايات . والأفضل والأولى عدم الجهر إلا إذا فعله الإنسان بعض الأحيان، جهر بها ليعلم الناس أنه يسمى، وليعلم الناس أنها مشروعة أن يسمي الإنسان سراً بينه وبين ربه هذا حسن. المقدم: أخونا يقول بم نرد على من يقول أن ذلك هو مذهب الإمام الشافعي؟ الشيخ: هذا يحتاج إلى مراجعة نصوص الشافعي - رحمه الله - فلعل الشافعي - رحمه الله - إذا ثبت عنه أنه قال ذلك أخذ برواية أبي هريرة حين سمى وجهر ولما فرغ من الصلاة قال: إني لأشبهكم صلاةً برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهذا ظاهره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جهر؛ لأن أبا هريرة جهر، وقال : إني أشبهكم صلاةً برسول الله. فالجهر بها جائز ، ولكن الأفضل عدم الجهر، الأفضل عدم الجهر. المقدم: إذاً لا تستوجب أن يكون هناك خلاف بين المسلمين؟ الشيخ: لا، ما ينبغي فيها النزاع، ينبغي أن يكون الأمر فيها خفيفاً، والأفضل تحري سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعدم الجهر ، وإذا جهر بعض الأحيان من أجل حديث أبي هريرة ، أو من أجل التعليم، وليعلم الناس أنها تقرأ، فلا بأس بذلك، وقد جهر بها بعض الصحابة - رضي الله عنهم -. 
 
3-   ما حكم الإسلام في القنوت في صلاة الفجر، وهل تجوز الصلاة خلف الأئمة الذين يقنتون، وبما نرد على من يقول: إن ذلك هو مذهب الشافعي، حيث يتهموننا بأننا نبدّع الشافعي؟
الخلاف مشهور في القنوت، بعض أهل العلم رأى أنه يستحب في صلاة الفجر دائماً، وبعض أهل العلم قال لا يستحب إلا في النوازل، إذا حدث حادث بأن قامت حرب ضد المسلمين يقنت المسلمون في الصلاة يدعون على العدو الذي حدث ضرره على المسلمين كما قنت النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوازل فإنه قنت صلى الله عليه وسلم شهراً يدعو على أحياء من العرب اعتدوا على بعض أصحابه - عليه الصلاة والسلام-، فالقنوت في النوازل سنة، مشروع ومعروف. أما القنوت في الفجر دائماً فالأفضل تركه؛ لأنه ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن الصديق وعمر وعثمان وعلي أنهم كانوا لا يقنتون في الفجر، قال سعد بن طارق الأشجعي قلت لأبي: يا أبتِ إنك صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني محدث. فهذا يدل على أن السنة تركه إلا من حاجة إذا في حاجة من الحوائج فهذا يقنت في النوازل، أما الاستمرار فالأفضل تركه، والأولى تركه لهذا الحديث الصحيح. ومن قنت من الأئمة في الفجر كالشافعية وغيرهم، ممن قنت في الفجر فقد احتجوا بأحاديث وردت في ذلك أنه - عليه الصلاة والسلام - قنت في الصبح من حديث أنس ، وأنه داوم على ذلك، ولكنها أحاديث ضعيفة، التي فيها المداومة ضعيفة، وإنما قنت في النوازل في الفجر وغيره عليه الصلاة والسلام، وهذا هو المعتمد، والأفضل أن لا يقنت في الفجر إلا في النوازل، وهكذا في المغرب والعشاء في النوازل، وفي الظهر والعصر في النوازل، أما الدوام على قنوت الفجر فالأولى تركه، الذي ينبغي تركه لحديث سعد بن طارق الذي سمعت. وإذا صليت مع أناس يقنتون فلا حرج؛ لأنهم قد تبعوا بعض الأئمة ولهم شبهة في بعض الأحاديث التي فيها ذكر القنوت، فالأمر في هذا واسع إن شاء الله، إلا أن تركه هو الأولى ، وهو الذي ينبغي عملاً بالحديث الصحيح الذي سمعت وهو أنه محدث، يعني الاستمرار. أما فعله في النوازل فلا بأس. المقدم: أخونا يقول إذا أنكرنا مثل ذلك يتهموننا بأننا نبدع الشافعي؟ ماذا نقول لهم؟ الشيخ: يعلمون أن هذا ليس تبديعاً للشافعي ، ولكن من باب تحري الأرجح من الأقوال، من باب تحري الأرجح ؛ لأن من قال إنه بدعة احتج بحديث طارق بن أشيم الأشجعي ، ومن زعم أنه سنة ومستحب احتج بأحاديث أخرى فيها ضعف، والأخذ بالشيء الثابت الصحيح أولى وأحق عند أهل العلم مع عدم التشنيع على من قنت ، فإن هذه المسألة مسألة خفيفة لا ينبغي فيها التشنيع والنزاع، وإنما يتحرى فيها الإنسان ما هو الأفضل والأقرب للسنة. 
 
4-  ألاحظ أن الأئمة يقرؤون سورة الإخلاص في الركعة الثانية بشكل دائم، فهل ذلك مشروع؟
الأمر في هذا واسع، والسنة تحري قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن يقرأ الإمام كما كان النبي يقرأ عليه الصلاة والسلام ، يطول في الفجر، وفي الظهر ، ويخفف في العصر، وفي المغرب تارةً وتارةً، تارةً يطول وتارةً يخفف في القراءة، والعشاء يتوسط فيها كالظهر والعصر إلا أن الظهر أطول وهي أقرب إلى الفجر، هكذا جاءت السنة عن النبي - عليه الصلاة والسلام- فالمؤمن يتحرى قراءته - صلى الله عليه وسلم -، فيقرأ في الفجر بمثل ق والذاريات والطور وأشباهها من طوال المفصل، وفي الظهر أقل من ذلك ، وفي العصر أقل من الظهر، وفي المغرب تارةً وتارةً، قرأ فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - بالطور، وقرأ فيها بالمرسلات ، والغالب أنه يقرأ فيها بقصار المفصل - عليه الصلاة والسلام - مثل : والشمس وضحاها، والضحى، والليل إذا يغشى، وإذا زلزلت، والقارعة، وإذا طول بعض الأحيان كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - كان هذا من السنة. والعشاء بأوساط المفصل مثل هل أتاك حديث الغاشية، والسماء ذات البروج، والسماء والطارق، إذا السماء انفطرت، وأشباه ذلك، كما أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذاً بذلك - عليه الصلاة والسلام -. المقدم: الذين يقرؤون بعض السورة - يا سماحة الشيخ - هل في ذلك شيء؟ الشيخ: لا حرج في ذلك؛ لأن الله يقول : فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ [(20) سورة المزمل]. فإذا قرأ بعض سورة، أو آخر سورة فلا حرج في ذلك، وإذا قرأ بعض الأحيان في الثانية : قل هو الله أحد ، أو قرأها مع غيرها فلا بأس ، فقد قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم - إن بعض أئمة الأنصار يقرأ: قل هو الله أحد مع قرائتة الأخرى ، فسألهم النبي عن ذلك فقال : إني أقرأ فيها لأني أحبها لأنها صفة الرحمن وأنا أحبها، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: حبك إياها أدخلك الجنة. وفي لفظٍ قال: أخبروه أن الله يحبه. يعني كما أحبها، فإذا قرأها مع غيرها فلا بأس، أو قرأها وحدها بعد الفاتحة فلا بأس ، ولكن تحري سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - والسير على منهجه في القراءة أولى وأولى. 
 
5-  كذلك ألاحظ أنهم يقيمون الصلاة بعد الآذان مباشرة في صلاة المغرب دون صلاة ركعتين، فهل هذا صحيح؟
الأفضل عدم العجلة قليلاً، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبكر بالمغرب أكثر من غيرها- عليه الصلاة والسلام -، وكان لا يجلس بعد الأذان إلا قليلاً، بقدر ما يصلوا ركعتين، فالسنة أن يصلي ركعتين بعد الأذان ثم يقيم الإمام بعد ذلك، لا يعجل، يتأنى شيئاً حتى يدرك الذي في الطريق الصلاة، والذي يتوضأ يدرك الصلاة، ولكن لا يكون مثل الظهر والعصر والعشاء والفجر ، لا، بل يتقدم بها أكثر، يسرع بها أكثر ؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان لا يتأخر فيها إلا قليلا، وكان الناس يصلون ركعتين ثم يقيم - عليه الصلاة والسلام -.  
 
6-   ما حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكيف يكون تغيير المنكر بالقلب كما ورد في الحديث المعروف مع التوضيح بالأمثلة ما أمكن؟ جزاكم الله خيراً.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض على المسلمين رجالاً ونساء، وهو من أهم واجبات الإسلام ، ومصلحته تدعو إلى ذلك، والناس في حاجة إلى القيام بهذا الواجب، قال الله - سبحانه -: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [(71) سورة التوبة]. هذا يدل على أنه فرض على الجميع، من المؤمنين والمؤمنات. وقال تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ [(110) سورة آل عمران]. وقال عز وجل: وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [(104) سورة آل عمران]. فالواجب على المسلمين ولاسيما العلماء والأمراء والأعيان، الواجب عليهم أن يأمروا بالمعروف وأن ينهوا عن المنكر، وهكذا يجب على النساء ولاسيما من لها أمر ولها قدرة فإن هذا متعين على الجميع، تأمر أهل بيتها، تأمر بناتها، خدمها، تأمر أخواتها، تأمر من ترى يقع منه منكر، تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر حتى تأمر الرجال، كما أن الرجل يأمر المرأة بالمعروف وينهاها عن المنكر كذلك المرأة تأمر الرجل، زوجها وأخاها وابنها وغيرهم، تأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر، فهذا واجب على الجميع ، لكن بالكلام الطيب ، والأسلوب الحسن ، الذي يرغب بالحق ، ويسبب قبوله، ولا ينبغي الشدة في هذا لأنها قد تنفر من قبول الحق، يقول الله - جل وعلا - : ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [(125) سورة]. ويقول سبحانه: وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ - وهم اليهود والنصارى - إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [(46) سورة العنكبوت]. يعني إلا من ظلم فله جواب آخر. وقال تعالى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ [(159) سورة آل عمران]. فالآمر والناهي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، بالأسلوب الحسن ، والكلمات المناسبة التي تدعو إلى قبول الحق، وترغب في الخضوع للاستجابة. والإنكار ثلاثة مراتب كما بينه - عليه الصلاة والسلام - ، يقول عليه الصلاة والسلام : (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطيع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان). فباليد للأمراء والرؤساء ، وشيوخ القبائل ، والهيئة التي أسند إليها ذلك، عليها أن تنكر باليد، بإراقة الخمر، كسر المزمار، تفريق المجتمعين على باطل، أمر الناس بالقوة إلى الصلاة إذا أذن المؤمن أن يقوموا إلى الصلاة، إلى ما أشباه ذلك. وهكذا صاحب البيت يأمر أولاده وآل بيته ، وينكر عليهم المنكر باليد، وهكذا صاحبة البيت تنكر بيدها إذا رأت المنكر على أهل بيتها ، إذا كان لها السلطان في البيت، بإراقة الخمر إذا وجدته، بكسر آلات اللهو.. إلى غير هذا من الإنكار باليد، إتلاف الدخان إذا وجد في البيت، إلى غير هذا إذا كان لها سلطان وقدرة، كما يفعل الرجل. فمن عجز عن هذا كغالب الناس وسائر الناس ينكر باللسان ، ولا يُقدم بيده إذا كان ذلك يسبب فتنناً ونزاعاً وشراً بينه وبين الناس، بل يدع هذا لولاة الأمور، ومن أسند إليه الأمر، ولكن ينكر باللسان فقط: يا أخي اتق الله، هذا لا يجوز، يا أمة الله هذا لا يجوز، يرى رجلاً يتعاطى الخمر ينكر عليه، يقول له هذا لا يجوز، منكر، حرام، يرى امرأةً متبرجة سافرة في الأسواق ينكر عليها يقول: يا أمة الله اتق الله احتجبي، اتركي التبرج، يرى إنساناً يسب، يتكلم بفحش ينكر عليه ويقول يا عبد الله اتق الله ، لا يجوز السب والفحش، هكذا ينكر باللسان ما سمع من المنكر ، أو شاهد من المنكر، لا فرق بين الرجل والمرآة في ذلك. أما من عجز عن ذلك، لا يستطيع الإنكار لا باللسان ولا بالفعل، يخشى أن يضرب أو يقتل أو يسجن، ما يستطيع أن يتكلم في أي مكان فإنه ينكر بقلبه، يكره المنكر بقلبه، ويفارق المكان، هذا الإنكار بالقلب، يكره بقلبه المنكر ويتغير ، يعلم الله من قلبه إنكاره ، والتغير عن رؤية المنكر ، ويغادر المكان إذا استطاع أن يغادر المكان غادر المكان، ترك المكان حتى لا يشاهد المنكر، هذا هو الإنكار بالقلب، كراهة المنكر وبغضه ومحبة إزالته، والمغادرة إذا استطاع أن يغادر المكان حتى لا يشاهد المنكر. 
 
7-  هل إذا قام الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يسقط الإثم عن الباقين، وهل يعد ترك هذا الأمر من الكبائر ؟
نعم، إذا قام المسلمون في أي بلد بإنكار المنكر، قامت جماعة سقط الإثم عن الباقين في البلد؛ لأن المقصود حصل، فإذا كان جماعة تصدوا لهذا الأمر وأنكروا المنكر وأزالوه حصل لهم الأمر العظيم، وسقط الإثم عن الباقين في القرية أو في البلد أو في القبيلة، لكن يبقى على القرية الثانية وعلى المدينة الثانية واجبها، كل مدينة ، وكل قرية، وكل قبيلة مسؤولة ، فإذا قام جماعة في بلد من البلدان أو قرية من القرى أو قبيلة من القبائل بإنكار المنكر وزال على أيديهم سقط الإثم عن الباقين، وفاز المنكرون بالأجر العظيم، والخير الكثير، وهكذا كل قرية، وكل بلد، وكل قبيلة عليها أن تقوم بالواجب، وإذا قام به بعضها سقط الإثم عن الباقين. المقدم: إذاً هو فرض كفاية والحالة هذه؟ الشيخ: نعم، فرض كفاية، لكن إذا كان في مكان ما فيه إلا هو، ما في من ينكر إلا له وجب عليه عيناً، يعني شاهد المنكر في حيٍ من الأحياء ما عنده أحد، أو في قبيلةٍ من القبائل ما عندها أحد ينكر عليه وجب عليه هو أن ينكره إذا استطاع ذلك بيده أو لسانه. المقدم: من قسم هذا الأمر إلى ثلاثة أقسام - سماحة الشيخ - وقال إن الإنكار باليد للسلطة والإنكار باللسان للعلماء، والإنكار بالقلب لعامة الناس؟ ماذا تقولون؟ الشيخ: ما هو بصحيح، ليس بصحيح، الإنكار باليد لمن قدر، حتى غير الأمراء، من جعله له الأمراء كالهيئة التي تعين في البلاد لها ما عين لها من الإنكار باليد ، وهكذا لو جعلوا لغير الهيئة أشخاصاً معينين غير الهيئة ينكرون لهم ذلك. فالمقصود أن من قدر باليد أنكر، من جهة الأمراء أو في بيته، في بيته وقبيلته، مثل شيخ القبيلة، قد يكون له حكم الأمير في بلده، في قبيلته، يستطيع أن ينكر. المقصود الحكم مناط بالاستطاعة ؛ كما قاله - عليه الصلاة والسلام- سواء كان شيخ قبيلة، أو أميراً ، أو رئيس حارة يستطيع أن يفعل ذلك بنفسه ، أو قد وكل له ذلك من جهة ولاة الأمور فهذا يستطيع بنفسه، وهكذا صاحب البيت الذي هو رئيس البيت أو صاحب البيت يستطيع أن ينكر على أهل بيته بيده ما وقع عندهم من المنكر. ثم البقية ينكرون باللسان سواء علماء ولا ما هم علماء حتى العامة ينكر باللسان إذا رأى منكر ؛ لأن المنكرات بعضها ظاهر ما هو بخفي ، يعلمه العامة والخاصة ، مثل تبرج النساء معروف عند الجميع، مثل السب والشتم معروف أنه منكر عند الجميع، مثل التخلف عن الصلاة كونه يجلس وقد أذن المؤذن وهو جالس لم يقم يصلي يعرفه العامة والخاصة، يُنكر عليه. وهكذا ما أشبه ذلك كالخمر المعروف عند الجميع إذا عرف هذا المؤمن ولو ما هو بعالم ، عرف أن هذا منكر وأنه يشرب هؤلاء ينكر عليهم ، مثل حلق اللحية منكر معروف، يقول يا أخي اتق الله ارخي لحيتك ، لا تحلقها لا تقصها ، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (قصوا الشوارب واعفوا اللحى). (قصوا الشوارب ، وفروا اللحى، خالفوا المشركين). مثل إسبال الثياب منكر معروف يعرفه العامة والخاصة، فإذا قال له: يا أخي اتق الله ارفع ثيابك ، لا تسبل ، هذا كلام حق..

536 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply