حلقة 658: التسمية في الوضوء - صلاة المفترض خلف المتنفل - حلف كاذبا مضطراً على شيء فما حكمه - صحة حديث من قتل يقتل ولو بعد حين - تعجيل الزكاة - من طلق بنية أمر من الأمور هل عليه شيء - قراءة الفاتحة على المأموم

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

8 / 50 محاضرة

حلقة 658: التسمية في الوضوء - صلاة المفترض خلف المتنفل - حلف كاذبا مضطراً على شيء فما حكمه - صحة حديث من قتل يقتل ولو بعد حين - تعجيل الزكاة - من طلق بنية أمر من الأمور هل عليه شيء - قراءة الفاتحة على المأموم

1-  (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه). فما الحكم لو أن أحدا توضأ في دورة المياه ونحن نعلم أنه لا يجوز ذكر اسم الله فيها؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعـد: نعم قد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم- من عدة طرق عن جماعةٍ من الصحابة - رضي الله عنهم - أنه قال : (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه). ولكن أسانيدها فيها بعض الضعف، ومجموعها يرتقي إلى درجة الحسن، فينبغي للمؤمن عند الوضوء أن يسمى الله في ابتداء الوضوء ، فيقول : بسم الله عندما يغسل كفيه لقصد الوضوء ، أو عند ابتداء المضمضة والاستنشاق يسمي الله - جل وعلا - عملاً بهذه الأحاديث ، ولو كان في دورة المياه، فإن تيسر له أن يكون وضوئه خارجها فعل و إلا فلا مانع ، كأن يقول: بسم الله عند الوضوء ولو كان في الدورة، وذكر الله في الدورة ليس بحرام إنما يكره كراهة فقط عند بعض أهل العلم، لكن إذا دعت الحاجة إلى ذلك زالت الكراهة كالتسمية عند بدء الوضوء. أما إن نسي ذلك أو جهل ذلك فلا حرج عليه وضوئه صحيح ، لكن لا ينبغي له أن يتعمد ذلك ، بل ينبغي له أن يسمي الله في أول الوضوء حتى وإن كان في الدورة ؛ لأن شدة الحاجة إلى ذلك ، وقول بعض أهل بوجوب ذلك يمنع من الكراهة حينئذٍ وتزول الكراهة بذلك، ويسمى الله عند بدء وضوئه. أما إذا كان ما هناك حاجة فيكره له ذكر الله في حاله، في حال وجوده في الدورة التي هي محل قضاء الحاجة تعظيماً لذكر الله - سبحانه وتعالى - وتقديساً له. ولو ترك المتوضئ التسمية عند الوضوء جهلاً منه أو نسياناً منه فوضوئه صحيح. أما إن تركها عمداً مع العلم، مع العلم بالحكم الشرعي، فالأحوط له أن يعيد الوضوء لأن بعض أهل العلم ذهب إلى وجوب ذلك لهذه الأحاديث وإن كان فيها ضعف لكن يشد بعضها بعضا - نسأل الله للجميع التوفيق -. 
 
2-  ما حكم صلاة المفترض خلف المتنفل؟
لا حرج في ذلك صلاته صحيحة، فلو أن إنساناً متنفل وأمّ الناس وهم مفترضون صحت صلاته وصلاتهم، وقد ثبت في الصحيحين أن معاذ - رضي الله عنه - كان يصلي مع النبي العشاء ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة فهو متنفل وهم مفترضون، ولم ينكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم- ذلك ، ومثل هذا لا يخفى عليه - عليه الصلاة والسلام -، كما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى صلاة الخوف بطائفةٍ ركعتين ثم سلم ثم صلى بآخرين ركعتين، فكانت الأولى فرضه والثانية نفل له، وهي فرض للصحابة - رضي الله عنهم وأرضاهم - ، وبهذا يعلم أنه لا حرج في ذلك أن يكون الإمام متنفلاً والمأموم مفترض. 
 
3-   كنت قد حلفت بالله كاذباً، ولكن كان هذا الحلف لابد منه، فلو لم أحلف كاذباً - والله أعلم - كان قد أصابني ظلم، فماذا تعد هذه اليمين؟
إذا كنت مضطراً إليها فلا شيء عليك، تسمى يمين غموس إذا كان الإنسان مضطراً لها، فإذا اضطر إليها فلا حرج في ذلك، كأن يطلب منه أن يقر بشيءٍ وهو بريء منه فيحلف أنه لم يفعله وهو يعتقد أنه فعله ، لكن لو أقرّ به لأقيم عليه الحد فلا حرج أن يحلف ويستر على نفسه. المقصود أنه إذا حلف يميناً اضطر إليها ولو لم يحلف لأصابه شيء يضره، وليس فيها حق لمسلم فإنه لا حرج عليه ليدفع عن نفسه الضرر، ومن ذلك لو قيل له :احلف أنك ما زنيت ، أو ما شربت الخمر ، أو ما أشبه ذلك ، فحلف على ذلك لئلا يقام عليه الحد فلا حرج عليه في ذلك وعليه التوبة إلى الله فيما بينه وبين ربه - سبحانه وتعالى -، ومن تاب تاب الله عليه إذا صدق في التوبة. أما إذا كان في حق المسلم كأن يحلف أنه ما عنده دين عند فلان، ما عنده حق لفلان، وهو يكذب فهذه هي اليمين الغموس، هذه عليه فيها الإثم العظيم، ولا تبرأ ذمته وعليه أن يسلم الحق لصاحبه ولو حلف، عليه أن يتوب إلى الله ، ويسلم الحق لصاحبه من مالٍ أو قصاص، أو غير ذلك. 
 
4-  أخبروني عن هذه الجملة هل هي حديث: (من قتل يقتل ولو بعد حين)؟
جاء في حديث لا أعرف حال صحته الآن يحتاج إلى تأمل : (بشّر القاتل بالقتل ولو بعد حين). لكن لا أعرف حاله الآن يحتاج إلى تأمل ، وإلى التماسه في كتب التخريج ، وكتب الحديث ، وهذا معنى ما سألت عنه : (بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين). المشهور ويغلب على ظني أنه ورد في حديث لكن لا أعلم حاله الآن ، ويحتاج ذلك إلى تفتيش عنه ومراجعة. 
 
5-   هل يجوز إخراج الزكاة قبل حلول موعد إخراجها بشهر أو شهرين؟ وهل يصح أن تكون راتبة لبعض المحتاجين بصفة دائمة، خاصة وأنهم لا يزالون بحاجة إليها؟
نعم لا حرج في إخراج الزكاة قبل موعدها للمصلحة الشرعية، قد تعجل النبي - صلى الله عليه وسلم- زكاة عمه العباس قبل موعدها، فإذا أخرج الإنسان الزكاة قبل موعدها لوجود فقراء محتاجين عجّل لهم الزكاة، أو للمجاهدين ، أو لفقراء من أقاربه اشتدت حاجتهم ، أو نحو ذلك ، فكل هذا لا بأس، بل ذلك مشروع ، وفيه خير كبير. ويجوز أن تكون الزكاة راتباً لبعض المحتاجين يدفعها إليه كل سنة ، صاحب الزكاة إذا عرفت حاجته وأن حاجته مستمرة ، فيعطيه إياها كل سنة، عادة سنوية، لعلمه بحاجته ، وأنه من أهل الزكاة ، لا حرج في ذلك، بل هذا في محله ، وصاحبه مأجور إذا تحرى حاجة إخوانه المساكين ، وأعطاهم إياها كل سنة لحاجتهم وفقرهم حتى تزول الحاجة. 
 
6-   لظروف ما أقيم أنا وزوجتي وأولادي في منزل الأهل، وحدث خلاف في المنزل كان على أثره أنني قمت بحلف يمين الطلاق على زوجتي بعدم تركها للمبيت بمنزل الأهل بنية الذهاب بها إلى منزل والدها، إلا أن زوجتي وقعت على الأرض فاقدة النطق والحركة، وحملتها وذهبت بها إلى الطبيب في نفس اليوم، وأحضرت لها علاجاً، وشعرت أنني لا أستطيع تنفيذ يميني، وخوفاً من وقوع يميني حملتها ولأنها لا تقدر على الحركة جعلتها تبيت عند إحدى الجارات بنفس المنزل، فالسؤال هل يقع يمين الطلاق بسبب عدم الذهاب بها إلى منزل والدها أو عند حملها للمبيت عند إحدى الجارات، قد تفاديت وقوع اليمين لعدم مبيتها معي في نفس الغرفة التي تقيم معي فيها، وهل إذا وقع اليمين له رد أو كفارة، وكيف أرد اليمين أو أؤدي الكفارة؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
سؤالك هذا فيه اشتباه من جهة أولاً فإذا كان مقصودك أنك طلقتها على أنك تنقلك إلى بيت أبيها ، وبسبب الحادث الذي أصابها لم تتمكن من نقلها إلى بيت أبيها فهذا يرجع إلى نيتك، فإن كان مقصودك بالطلاق حث نفسك على نقلها إلى بيت أبيها ، وعدم مبيتها في بيت أهلك، إذا كان هذا قصدك أنك تنقلها من بيت أهلك إلى أبيها للمبيت عند أبيها تلك الليلة، وليس مقصودك فراقها إن لم تنقلها إنما أردت حث نفسك على نقلها على بيت أبيها، بسبب ما حدث في بيت الأهل فهذا له حكم اليمين ، وعليك كفارة اليمين ؛ لأنك لم تحقق ما حلفت عليه. أما إن كان قصدك فراقها إن لم تنقلها في نيتك، وفي قصدك إذا لم تنقلها إلى بيت أبيها تلك الليلة فإنه يقع عليها الطلاق ، فإنه يقع عليها طلقة واحدة، ولك مراجعتها ما دامت في العدة، إذا كنت لم تطلقتها قبل هذا طلقتين، إذا كنت لم تطلق قبل هذا الطلاق طلقتين فلك أن تراجعها وتقع واحدة، إذا كنت قصدت إيقاع الطلاق إن لم تنقلها إلى بيت أبيها. فأما إن كان المقصود هو حث نفسك على نقلها ، والتشديد على نفسك أنك تنقلها ، وليس مقصودك فراقها إن لم تنقلها فهذا له حكم اليمين. وإذا كنت في الرياض قريباً ففي الإمكان أن تأتي ، ونسألك من الرأس عما نويت وقصدت في هذا الطلاق وعن صفة الواقع بالتفصيل - نسأل الله للجميع الهداية -. 
 
7-   هل أقرأ سورة الفاتحة إذا كنت مأموماً أم لا؛ لأن بعض الشيوخ يقولون: يجب الاستماع والإنصات لقراءة القرآن الكريم والفاتحة أولى؛ لأن الفاتحة أم القرآن، والله - سبحانه وتعالى - يقول: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204]. فوجب الاستماع والإنصات سواء في الصلاة أو في غير الصلاة؛ لأن الذي يقول آمين كأنه يدعو، مثل قوله تعالى: قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا [يونس:89]، وهارون - عليه السلام - كان يقول: (آمين) فقط، وبعض الشيوخ يقولون: يجب قراءة الفاتحة للإمام وللمأموم؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب). ما هو التطبيق بين القرآن والحديث؟ أفيدونا بأدلة كاملة، جزاكم خيراً؛ لأن الأولين يقولون: حديث: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب). للإمام والمنفرد فقط لا للمأموم؟
هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم - رحمهم الله - فمنهم من قال أن المأموم ليس عليه قراءة الفاتحة كما أخبرك هؤلاء الذين أخبروك ، وقالوا إن عليه أن ينصت في حال الجهرية، وأنه يتحمل عنه الإمام القراءة حتى في حال السرية. وبعضٌ آخر من أهل العلم قالوا أنه يقرأ في حال السر ولا يقرأ في حال الجهر ، بل يستمع وينصت للآية الكريمة التي تلوت، وهي قوله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [(204) سورة الأعراف]. ولحديث: (إذا قرأ الإمام فأنصتوا). والقول الثالث أنه يلزمه أن يقرأ الفاتحة في السرية والجهرية جميعاً، للحديث الذي ذكرت وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب). ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: (لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟). قلنا : نعم! قال: (لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها) أخرجه الإمام أحمد وأبو داوود والترمذي وجماعة بإسناد جيد وله شواهد. وهذا القول أصح، أصح الأقوال الثلاثة، وأن المأموم يقرأ الفاتحة في السرية والجهرية مع إمامه، ثم ينصت ، ويكون هذا الحديث وما جاء في معناه مخصصاً للآية الكريمة: وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا هي عامة والحديث يخصها، والقاعدة الشرعية أن الخاص يقضي على العام ويخصه، وبهذا تعلم أنه لا معارضة بين الحديث والآية، فالآية عامة والحديث في قراءة الفاتحة للمأموم خاص، والخاص يحكم به على العام ويقضى به على العام ، فنصيحتي لك ولكل مسلم أن يقرأ خلف الإمام الفاتحة مطلقا في الجهرية والسرية ، ثم ينصت بعد قراءة الفاتحة ، ينصت لإمامه، وإذا كان للإمام سكوت قرأ في حال السكوت، وإن كان ما له سكوت قرأ ولو كان إمامه يقرأ ، فإذا فرغ من الفاتحة أنصت لإمامه - وفق الله الجميع -. 
 
8-   في حج الإفراد في طواف القدوم طفنا الشوط السادس من داخل الحطيم بعذر، ولكن نسينا أن نكمل السبع بالشوط الثامن، فما الحكم جزاكم الله خيراً؟.
يكون الطواف غير صحيح، ما طفتم إلا ستة، لأن الطواف من داخل الحجر لا يجزئ ولا يصح، لابد أن يكون الطواف من وراء الحجر، هذا الطواف الذي فعلتم لا يجزئ، وإذا كان هو طواف الوداع فعليكم دم عن ترك طواف الوداع يذبح في مكة للفقراء. 
 
9-   المرأة التي تسكن مع أهل زوجها في بيت واحد وللزوج إخوة ذكور بالغين، هل يحق لها أن تبدي شيئاً من زينتها أمامهم، أي: هل يحق لها التبرج أمامهم، وهل الكحل من التبرج المنهي عنه؟
الواجب عليها التحجب عن إخوان زوجها، وأن لا تبدي لهم شيئاً من زينتها ؛ لقوله سبحانه وتعالى: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ [(31) سورة النــور]. الآية من سورة النور.. وليس إخوان الزوج من هؤلاء، والبعولة هم الأزواج، وإخوان الزوج ليسوا من هؤلاء، وهكذا أعمامه، وهكذا أخواله، وهكذا أزواج الأخوات ليسو من هؤلاء ، فليس للمرآة أن تبدي زينتها لهؤلاء، لا الوجه ولا الحلي التي في العنق ، ولا في اليد، ولا القدم، ولا الساق، عليها أن تستر الجميع بجلبابها أو بعباءتها أو نحو ذلك حتى لا يرى إخوان زوجها منها شيئاً كما في الآية الأخرى يقول الله - سبحانه وتعالى -: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [(53) سورة الأحزاب]. فالتحجب أطهر لقلوب الجميع النساء والرجال جميعاً. أما السلام بالكلام فلا بأس لكن من دون مصافحة، تسلم على أخي زوجها وعم زوجها ، وخال زوجها بالكلام، ترد عليه السلام، تسأله عن حاله وحال بيته ، ......، لكن لا تصافحه ، ولا تكشف له عن زينتها ، بل تحتجب. 
 
10-  ما رأيكم فيما يجري في حفلات الزواج من إسراف وتبذير، حيث تستمر هذه الحفلات عدة ليالٍ؟
الواجب الحذر من الإسراف والتبذير، أما الوليمة فهي سنة، سنة للعرس، الوليمة سنة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبدالرحمن بن عوف: (أولم ولو بشاة). وقد أولم النبي - صلى الله عليه وسلم - على زينب وليمةً عظيمة، ودعا إليها الناس من الخبز واللحم - عليه الصلاة والسلام - ، وأولم على صفية بحيس من التمر والسمن والأقط ، الوليمة سنة، تارةً تكون باللحم والطعام من الخبز والرز وغير ذلك ، وتارةً تكون بالحيس ونحوه من غير لحم، كالتمر والسمن والأقط ، يقال له حيس، أو بـالثريد ، أو بغير هذا على حسب حال الناس وقدرتهم، لكن لا يجوز الإسراف والتبذير ، بل يجب الاقتصاد حتى لا يضيع الطعام ، ولا يصرف في غير محله. أما إذا صنع طعاماً للناس وبقي شيء فإنهم يتصدق به على الفقراء والمحاويج ، ولا يلقى في القمائم ، ولكن يتصدق به على المحتاجين ، وإذا لم يوجد محتاج يوضع في محلٍ نظيف طيب حتى تأكله السباع ، أو الدواب ، أو يأخذه الناس لحاجته إلى بهائمهم ، ولا يلقى في القمامة ، ولا في محلٍ ممتهن، بل يوضع في محلٍ نظيف، محلٍ بعيد عن الامتهان حتى يأخذه من يحتاج إليه ، أو تأكله الدواب، إذا بقي شيء من الوليمة، مع تحري الاقتصاد ، وتحري عدم إضاعة المال. 
 
11-   ما هو رأيكم - أيضاً لو تكرمتم - في استعمال العروس للثوب الأبيض الذي أصبح عادة في أغلب البلدان، خاصة وأن هذا الثوب غالي الثمن، وتستعمله العروس ليلة الزفاف فقط؟
لا أعلم له أصلا، وينبغي للناس أن يدخلوا العروس في الثياب المعتادة التي ليس فيها تكلف، وليس فيها إسراف ، ولا تأسٍ بأعمال الكفرة ، بل ينبغي للمؤمن والمؤمنة وجميع المؤمنين أن يتحروا الشيء الذي ليس فيه تكلف، وليس فيه مشابهة لأعداء الله، ولا مشابهة للرجال، وهذا الثوب الأبيض إذا كان ليس فيه تشبهاً بالرجال ولا بالكفرة ، ولكنه من لبس النساء على طريقة النساء ، وتفصيل النساء وخياطة النساء فلا حرج فيه ، أما إذا كان فيه تكلف وغلا ، أو تشبه بأعداء الله ، أو تشبه بالرجال فلا يجوز، - والله المستعان -. 
 
12-  هل يمكن للمرآة أن تختلي عند الضرورة برجل تأمنه كزوج الأخت مثلاً ، عندما يقوم بتوصيلها من مكان لأخر؟
لا يجوز للمرآة أن تختلي بالرجل، سواء كان زوج أختها ، أو كان أخ زوجها ، أو غيرهما ؛ لأن ذلك فيه خطر عظيم ، ومخالفة للسنة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- حيث قال عليه الصلاة والسلام: (لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما). وقال عليه الصلاة والسلام: (لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم). فالواجب على المرأة أن تحذر الخلوة بالرجل مطلقاً ولو كان ثقة، ليس لها الخلوة بالرجل؛ لأن هذا مخالف لصريح السنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولأن الشر لا يؤمن على الجميع، فالواجب الأخذ بالسنة ، والتمسك بما شرع الله ، والحذر مما حرم الله، وأن لا تخلو برجل لا في طريقها إلى المدرسة ، ولا في طريقها إلى وليمة، بل يكون معهما ثالث إما امرأة ثقة، أو رجل ثقة، أو نحو ذلك مما يزول به حكم الخلوة، وقد خطب النبي - صلى الله عليه وسلم – ذات يوم فقال - عليه الصلاة والسلام- : (لا يدخلن أحد بعد يوم هذا على امرأة إلا ومعه أو رجلان). والقصد من هذا البعد عن الخلوة ، وعن الريبة. فالحاصل أن دخول الإنسان على المرأة ، أو الجلوس معه وحدهما، أو حملها في السيارة وحدها ليس معها ثالث فيه خطر ، وفيه خلوة لا تجوز. المقدم: سواء كان ذلك داخل المدينة أو خارجها؟ الشيخ: نعم، ولكن إذا كان في السفر يكون أشد تحريماً، إذا كان سفراً يكون أشد في التحريم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم-: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم). أما في داخل المدينة فلا بأس بأن يكون معهما ثالث ؛ لأنه لا يسمى سفرا ولو كان غير محرم، كالسواق ومعه أمه ، أو معه أخوه ، أو معه رجل آخر ، أو امرأة أخرى تزول به الخلوة، على وجه ليس فيه ريبة، يعني على طريقة ليس ريبة ولا شبهة..  

569 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply