حلقة 259: قراءة الفاتحة للميت - الاجتماع للقراء في العزاء - من حلف بالطلاق وقصده التهديد - لبس الذهب الذي فيه تصاوير - اختلاف فرضي الإمام والمأموم - قطع الصلاة لرفع الضرر - حكم من حبست أرنباً ونسيته فمات - النذر وقت الغضب - تداوي المرأة عند رجل

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

9 / 50 محاضرة

حلقة 259: قراءة الفاتحة للميت - الاجتماع للقراء في العزاء - من حلف بالطلاق وقصده التهديد - لبس الذهب الذي فيه تصاوير - اختلاف فرضي الإمام والمأموم - قطع الصلاة لرفع الضرر - حكم من حبست أرنباً ونسيته فمات - النذر وقت الغضب - تداوي المرأة عند رجل

1- عندنا بعض العادات في العزاء ومنها أن يرفع الناس أيديهم لأهل الميت ويقولون: الفاتحة ويقرؤون سورة الفاتحة، فهل هذا جائز أم لا؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالمشروع في العزاء هو الدعاء لأهل الميت، بالتوفيق بالصبر والاحتساب، وعظيم الأجر، وغفران الذنوب للميت، أما رفع الأيدي إليهم وقراءة الفاتحة فليس له أصل، ورفع الأيدي على نية مراده، فإن كان المراد المصافحة عند اللقاء هذا لا بأس به، هذا مشروع، كونه يصافح المعزى إذا كان رجل، أو كانت امرأة ذات محرمٍ له، خالته أو عمته وأمه ونحو ذلك؛ فلا بأس أن يصافح المعزى ويقول أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك، وغفر لميتك، وجبر مصيبتك، هذا كله طيب، ويقول هذا للرجل والمرأة جميعاً، ويصافح الرجل ويصافح المرأة إذا كانت محرماً له كأخته أو خالته أما النساء غير المحارم فلا يصافحهن، وما يفعله بعض الناس من مصافحة النساء غلط، لا يجوز، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (إني لا أصافح النساء)، وتقول عائشة - رضي الله عنها-: (ما مست يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يد امرأة قط)، يعني في المبايعة، قالت: ما كان يبايعهن إلا بالكلام، فهذا يدلنا على أن المرأة الأجنبية ليس للرجل أن يصافحها، ولكن لا بأس بمصافحة المرأة ذات المحرم، كأمه وجدته وخالته وعمته ونحو ذلك، عند العزاء وعند اللقاء، لا بأس في ذلك عند المقابلة إذا قابل خالته أو عمته إذا زارها صافحها ودعا لها، عند العزاء صافحها ودعا لها، وهكذا إذا قابل الرجل عند اللقاء في الطريق أو زاره في البيت وصافحه كل هذا طيب، وهكذا عند العزاء يصافحه ويدعو له، أما إن كان رفع الأيدي على غير هذه الطريقة، رفع الأيدي إلى السماء من غير مصافحة هذا لا أصل له، وهكذا قراءة الفاتحة عند لقاء المعزى ليس له أصل، بل هو من البدع. 
 
2- يجتمعون ويقرؤون الكتاب على أساس أن ثوابه يمشي للميت، وأيضاً عندما يمرون بالمقابر يرفعون أيديهم ويقرؤون سورة الفاتحة ترحماً على الأموات؟
وهكذا اجتماعهم على القراءة وقت العزاء هذا كله لا أصل له، إنما يعزي وينصرف، يعزي ويدعو لهم وينصرف، أما اجتماعهم عند أهل الميت على قراءة القرآن، أوعلى قراءة أشياء أخرى، أو للأكل والشرب فهذا ليس له أصل، وإنما السنة أن جيران أهل الميت أو أقاربهم يبعثون لهم طعاماً، كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم-، لما جاء نعي جعفر بين أبي طالب حين قتل في مؤتة في الشام، قال النبي - صلى الله عليه وسلم- لأهله: (اصنعوا لأهل جعفرٍ طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم)، هذا هو الأفضل وهذا هو السنة، أما كون أهل الميت يصنعون طعاماً ويجمعون الناس على قراءة أو على دعاء أو على غير ذلك، هذا ليس من السنة، قال جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه -: (كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام للدفن كنا نعده من النياحة)، هذا يدل على أن هذا لا يجوز ولا ينبعي وليس من المشروع، بل هو خلاف المشروع. بالنسبة لرفع أيديهم وقراءة الفاتحة فوق المقابر؟ كذلك عند المقابر لا يجوز أيضاً وليس له أصل، أنها ترفع الأيدي عند المقابر، ولا يقرأ القرآن بين القبور، ولا عند زيارة المقابر، ليس له أصل، ولكن السنة أن يدعو للموتى ويستغفر لهم، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم- إذا زار القبور دعا للأموات بالمغفرة والرحمة، وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية)، وفي رواية: (يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين..........)، يدعو لهم هكذا عليه الصلاة والسلام، هذا يدلنا على أن السنة في زيارة القبور الدعاء للأموات والترحم عليهم، أما أنه يقرأ لهم القرآن أو يرفع الأيدي إلى السماء أو بأي إشارة هذا شيءٌ لا أصل له.  
 
3- أنا شاب متزوج حصل بيني وبين زوجتي نزاع بسيط، وأرادت أن تذهب إلى أهلها وهي حامل، فانزعجت منها وقلت لها: إذا ذهبت إلى أهلك فأنت مطلقة، بهذا الكلام ولم أزد عليه أبداً، وكنت أقصد بهذا عدم ذهابها إلى أهلها ولا أقصد الطلاق، وقد ذهبت فما الحكم في مثل هذا الأمر؟
إذا كان المقصود من هذا الكلام منعها من الذهاب إلى أهلها، وليس المقصود إيقاع الطلاق فإن هذا يكون في حكم اليمين، هذا الطلاق يكون في حكم اليمين، وعليك أيها السائل كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم والطعام يعطى كل واحد نصف صاع من التمر أو البر أو غيره من قوت البلد، كيلو ونصف تقريباً، أو تعشيهم أو تغديهم، أو تكسوهم كسوة كل واحد يعطى إزاراً ورداءً أو يعطى قميصاً هذا هو الواجب في مثل هذا على الصحيح من أقوال العلماء، قال بعض أهل العلم أنه يقع الطلاق لكن الصحيح أنه لا يقع، إذا كانت النية المنع وليست النية إيقاع الطلاق، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى). 
 
4- حكم لبس الذهب الذي يوجد به صور حيوانات أو إنسان، هل يجوز لبسه أم لا؟
الذهب الذي فيه صورة الحيوان لا يجوز لبسه، بل يجب حك ذلك وإزالته، فإذا كان في قلادة أو في أسورة أو نحو ذلك فإنه يزال بالطريقة التي تزيله، أو يطمس بشيء، ولا يجوز لبسه، وهكذا الثياب، وهكذا الخُمُر، وهكذا القمص، كلها لا يجوز لبسها وفيها صور، بل يجب أن تزال رؤوس الصور، إذا حك الرأس، زال المحذور، المهم أن زوال الرأس، فإذا حك الرأس أو طمس بشيءٍ ما، .... زال المحذور سواء في ذهب أو فضة أو في قميص أو في غير ذلك مما يلبسه المؤمن والمؤمنة. وقد جاء في هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (لا تدع صورة إلا طمستها)، هكذا جاء الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وهكذا الحديث الثاني: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصور في البيت، وأن يصنع ذلك.  
 
5- أتيت إلى المسجد فوجدت الجماعة يصلون المغرب والعشاء جمعاً لسبب ما، وقد انتهى الإمام بالجماعة من أداء فريضة المغرب، وقاموا ليصلوا فريضة العشاء عقب المغرب مباشرةً، وأنا لم أصلِّ المغرب، فهل أصلي العشاء معهم جماعةً ثم أصلي المغرب بعد ذلك، أو ماذا أفعل؟
إذا كان الواقع مثل ما ذكره السائل فإنه يصلي معهم العشاء بنية المغرب، هذا هو الأرجح، فإذا قام الإمام من الثالثة جلس، ينتظر، يتشهد يقرأ التحيات ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم-، ويدعو حتى يسلم الإمام ثم يسلم معه، ثم يصلي العشاء بعد ذلك، فله نيته والإمام له نيته، واختلاف النية في هذا لا يضر على الصحيح من أقوال العلماء، فيدخل معهم في العشاء إذا كانوا مقيمين ويصلي معهم ثلاثاً ثم يجلس والإمام يقوم إلى الرابعة فإذا سلم الإمام سلم معه ثم صلى العشاء بعد ذلك، أما إن كانوا في سفر فإنه يصلي معهم بنية المغرب فإذا سلم الإمام من ثنتين لأنه مسافر يقصر العشاء ثنتين، فإذا سلم الإمام من اثنتين قام وأتى بالواحدة تمام المغرب، ثم صلّى العشاء بعد ذلك، هذا هو الواجب، وإن صلّى معهم العشاء نافلةً، ثم صلّى المغرب والعشاء وحده في الفريضة فلا بأس، ولكن الأولى هو الأول حتى يحصل له فضل الجماعة في صلاة المغرب، فيصلي معهم بنية المغرب فيجلس في الثالثة إذا كانت رباعية إذا كانوا يصلون في الحضر في الإقامة، فإذا سلم الإمام سلم معه ثم صلّى العشاء بعد ذلك، وإن كانوا في السفر صلّى معهم أيضاً بنية المغرب فإذا سلموا العشاء من ثنتين قام وأتى بالثالثة.     
 
6- كنا نصلي جماعة بالمزرعة، وكان أمام أنظارنا بالمزرعة ماكينة رفع مياه، ترفع المياه من البئر وتصبها بحوض بجوارنا، وفجأةً وأثناء تأديتنا للصلاة رأينا دخاناً كثيفاً يخرج من جميع أجزاء تلك الماكينة، فإن تركناها فسوف يكون ضرراً جسيماً، فهل يجوز لأحد منا قطع الصلاة ليطفئها أم ماذا نفعل؟
نعم، إذا وقع مثل هذا الحادث فإنه يقطع الصلاة أحد الجماعة لإزالة الخطر ثم يعود فيصلي معهم ما بقي، والحمد لله، لأن خطر هذا الدخان كبير، وقطع الصلاة لمصلحة مهمة أو لدرء خطر مثل إنقاذ حريق أو إنقاذ غريق، أو دفع صائل أو ما أشبه ذلك، كل هذا لا بأس به، وهذا فيه الحقيقة إنقاذٌ من حريق قد يهلك الماكينة أو يتعدى ضرره إلى غير ذلك، فلا حرج في قطع الصلاة ثم يعود فيبتدئ الصلاة من جديد مع الإمام فيما بقي أو يقضها بعدهم إذا سلموا قبله. وإذا لم يكفي واحد لإطفائها فهل يجوز للجميع أن يقطعوا الصلاة؟ لا بأس إذا دعت الحاجة إلى قطع الصلاة ليتعاونوا فلا بأس، إذا كان الخطر عظيماً فليقطعوها ثم يزيلوا الخطر ثم يرجعون ويصلون.  
 
7- تركت أرانب في برميل للشمس من المغرب إلى المغرب من اليوم الآخر بلا طعام ولا شراب، وخرجت عن البيت غافلةً عنها فماتت، فهل علي إثم بذلك؟
إذا كانت غير متعمدة فلا إثم عليها، إذا كنت غير متعمدة وإنما غفلت عنها ونسيت فلا حرج إن شاء الله، لكن إن كان لغيرك فعليك ضمانها، إن كانت الأرانب لغيرك فعليك الضمان إلا أن يسمح أصحابه عن ذلك، أما إن كانت لك فليس عليك شيء ولكن عليك الحذر من مثل هذا في المستقبل، وأن تفعلي الشيء الذي فيه الاحتياط.  
 
8- حصلت خصومة بيني وبين أخواتي، فكنتُ غاضباً وقلت علي نذرٌ، صيام شهرٍ، إذا أنا تكلمت مع إحداهن، ولكن مضت الأيام وذهب ما كان بيني وبينهن وحادثتهن بعد ذلك، حيث لا أطيق فراقهن، فهن أخواتي، فهل يجب علي صيام ذلك الشهر الذي لم أعينه، وهل أصومه متفرقاً أم لا بد من التتابع؛ لأنني أعيش في مكة المكرمة والجو بها حار، والنذر وقع مني في حالة غضب؟
إذا كان الواقع كما ذكر فإن هذا النذر ليس قربة، وإنما هو نذر ...وغضب والمقصود منه منع نفسه من الكلام لأخواته، فالحاصل أن هذا النذر في حكم اليمين، فعليك كفارة اليمين ولا يلزمك أيها السائل الصوم، بل هذا من أحكام النذر الذي يسمى نذر اللجاج والغضب، وحكمه أنه في حكم اليمين، فعليك كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، هذه كفارة اليمين، فإذا أطعمت عشرة مساكين غداءً أو عشاءً أو أعطيت كل واحد نصف الصاع من قوت البلد كفى ذلك، أو كسوتهم كفى ذلك، وهكذا لو قال الإنسان: عليه الحج أنه لا يكلم فلان، أو عليه كذا وكذا أنه ما يكلم فلان، هذا كله ما فيه إلا كفارة اليمين، لأنه نذر ... وغضب المقصود منه منع الشيء.  
 
9- مضت على زواجي خمس سنوات ولم أرزق بمولود، وقد تداويتُ كثيراً عند طبيبات، ولم أستفد شيئاً فهل يجوز لي أن أتداوى عند طبيب رجل، أرشدوني جزاكم الله خيراً ؟
لا بأس، إذا لم يتيسر طبيبة تعرف الداء، فلا مانع من العلاج عند الرجال إذا كان عندهم دواء، من أهل الخبرة الذين يعرفون مثل هذا المرض، فإنه لا حرج في مثل هذا الشيء، عند الطبيب المجرب المعروف بأنه يتعاطى علاج أمراض النساء وأمراض العقم. 

416 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply