حلقة 266: حكم الإيفاء بنذر - قول الرجل لزوجته أنت مثل أمي - الذكر المطلق لا يحدده إلا الشارع - هل بعد الخلع رجعة - حكم من طلق زوجته قبل أن يدخل بها ثم راجعها - بداية خلق الإنسان واعتراض الملائكة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

16 / 50 محاضرة

حلقة 266: حكم الإيفاء بنذر - قول الرجل لزوجته أنت مثل أمي - الذكر المطلق لا يحدده إلا الشارع - هل بعد الخلع رجعة - حكم من طلق زوجته قبل أن يدخل بها ثم راجعها - بداية خلق الإنسان واعتراض الملائكة

1- قبل ثلاث سنوات نذرت لوجه الله تعالى نذراً، فقلت علي نذر أن أضع ديناراً عراقياً كل شهر في قبر النبي يونس- عليه السلام-، مع العلم أن المبالغ التي توضح في القبر تؤخذ، فهل هذا النذر صحيح وجائز وأستمر على تنفيذه، أم أتوقف، أم أعطيه للفقراء كل شهر، وما الحكم إذا توقفت عن وضعه وعدم إعطائه للفقراء، وما هي كفارة في ذلك؟

بسم الله الرحمن الرحيم ج1/ الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فقد أجمع أهل العلم على أن النذر لا يجوز لغير الله كائناً من كان؛لأنه عبادة وقربة إلى الله - سبحانه وتعالى -، والناذر يعظم المنذور له بهذا النذر، والنذر للأموات من الأنبياء وغير الأنبياء شركٌ أكبر، من نذر أن يقدم دراهم, أو دنانير, أو أطعمة, أو زيتاً, أو غير ذلك للقبور, أو للأصنام, أو لغيرها من المعبودات من دون الله يكون نذراً باطلاً، ويكون شركاً أكبر, فالواجب عليك في هذا أن تدع هذا العمل؛ لأن النذر باطل وعليك التوبة إلى الله - سبحانه وتعالى -، فإن تقديم النذر لقبر النبي يونس مقصوده قربة، التقرب إليه بهذا النذر، وطلب الزلفى لديه، أو طلب شفاعته، أو طلب شفاء المرضى, أو كذا, أو كذا، وهذا كله باطل ولا يجوز النذر إلا لله وحده - سبحانه وتعالى -، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (من نذر أن يطع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصيه)، خرجه البخاري في صحيحه من حديث عائشة - رضي الله عنها-. والله يقول-سبحانه-: وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [(270) سورة البقرة]، فالنذر الشرعي مدح الله الموفين به، كالنذر أن تصلي, أو تصوم, أو تتصدق لله هذا نذرٌ شرعي، قال - سبحانه وتعالى -: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا [(7) سورة الإنسان]، مدح المؤمنين بهذا الوفاء، أما النذور التي للقبور, للأشجار, أو الأحجار, أو للأصنام, أو للكواكب, أو للجن, أو للأنبياء، أو للأولياء كلها نذور باطلة؛ لأنها عبادة والعبادة لله وحده، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ(الإسراء: من الآية23)، وقال - سبحانه وتعالى -: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء (5) سورة البينة)، وقال - سبحانه وتعالى -: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) سورة الذاريات)، وقال - سبحانه وتعالى -: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) سورة الفاتحة)، فبادر بالتوبة إلى الله، واستغفر الله - سبحانه وتعالى -، واحفظ مالك، ولا تقدمه إلا في شيءٍ يرضي الله، كالصدقة على الفقراء والمساكين, وصلة الرحم, وتعمير المسجد، ودورات المياه حولها، ونحو ذلك مما ينفع المسلمين، أما النذور للقبور, أو للجن, أو للأصنام, أو للأشجار أو للأحجار, أو للكواكب كل هذا نذورٌ باطلة لا يجوز تنفيذها بالكلية، وهي قربةٌ لغير الله وعبادةٌ لغير الله, وشركٌ بالله - سبحانه وتعالى -، زرقنا الله وإياك الهداية والبصيرة ومن علينا وعليك بالتوبة النصوح إنه جل وعلا جوادٌ كريم. بالنسبة لصحة مكان قبر يونس- عليه السلام-، هل هو فعلاً في العراق؟ أما يونس فلا يعرف قبره وليس لهذا صحة، بل جميع قبور الأنبياء لا تعرف، ما عدا قبر نبينا - صلى الله عليه وسلم-، فإنه معلوم في بيته في المدينة- عليه الصلاة والسلام-، وهكذا قبر خليل الله إبراهيم معروف في المغارة هناك الخليل في فلسطين، وأما سواهما فقد بين أهل العلم أنها لا تعلم قبورهم، ومن ادعى أن هذا قبر فلان أو قبر فلان فهو كذب لا أصل له ولا صحة له، ودعوى أن قبر يونس موجود في نينوى أو أنه في محلٍ معين فهذا لا أصل له، وينبغي أن يعلم هذا. 
 
2- قبل سنتين تشاجرت أنا وزوجتي، فقلت لها عدة مرات -وأنا في حالة غضب-: أنت مثل أمي، وبعدها بثلاثة أيام تصالحنا دون أن يعلم أحد بمشاجرتنا مطلقاً إلا الله-سبحانه وتعالى-، فهل علينا إثم في ذلك أو كفارة؟
عليك التوبة إلى الله؛ لأن الظهار منكرٌ من القول وزور كما قال-سبحانه وتعالى-: وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً(المجادلة: من الآية2), فالظهار لا يجوز والله - سبحانه وتعالى – أباح الزوجة، ولم يحرمها فجعلها كظهر أمك, وأختك من المنكرات، فعليك التوبة إلى الله - سبحانه وتعالى –من ذلك، وعليك كفارةُ الظهار وهي: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تستطع فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكيناً قبل أن تمسها، هذا هو الواجب في قوله - سبحانه وتعالى -: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ((3) سورة المجادلة), فعليك أن تعتق رقبة إن وجدت ذلك، فإن لم يتيسر ذلك فعليك صيام شهرين متتابعين, فإن لم تستطع فعليك أن تطعم ستين مسيكناً، ثلاثين صاعاً من قوت البلد، كل واحد يعطى نصف الصاع من قوت البلد وهو كيلوا ونصف تقريباً من رز, أو تمرٍ, أو حنطة أو نحو ذلك من قوت البلد، قبل أن تمسها مع التوبة إلى الله والاستغفار, والندم على ما حصل منك، والله -جل وعلا- يتوب على التائبين إذا صدقوا في التوبة. وبالنسبة لما حصل منه قبل أن يعلم بهذا الحكم عليه التوبة إلى الله والامتناع والتوقف حتى يكفر، هذه هي الكفارة. 
 
3- قبل ثلاث سنوات شكوت إلى أحد الرجال الصالحين عندنا من كثرة تذبذبي بين العبادة وبين أمور الدنيا، وعدم اطمئناني إلى عبادتي كالصوم والصلاة؛ لأنني أصوم وأصلي منذ عشرة سنوات، ومغريات الدنيا كثيرة، فقال لي هذا الرجل: اتبع هذه الطريقة لعل قلبك يهدأ، تقول: اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم مائة مرة، وتقول: استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه مائة مرة، وتقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك لهُ له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير، مائة مرة، فهل هذا صحيح أم لا؟ وهل هو المقصود بقوله تعالى: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ[الرعد:28]؟
لا شك أن الإكثار من ذكر الله والاستغفار والصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم- من أعظم الأسباب في طمأنينة القلوب, وفي راحتها, وفي السكون إلى الله - عز وجل -، والأنس به - سبحانه وتعالى -، وزوال الوحشة والذبذبة والحيرة، فالذي أوصاك به هذا الرجل قد أحسن بهذه الوصية، لكن ليس للاستغفار حد محدود، ولا للصلاة على النبي حد محدود، بل تكثر من الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم-، ولا يتعين في المائة بل تكثر من الصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم- وتستغفر كثيراً مائة وأكثر وأقل، أما تحديده بمائة فليس له أصل، ولكنك تكثر من الصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم- قائماً. وقاعداً, في الليل والنهار، وفي الطريق وفي البيت، لأن الله-جل وعلا- قال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) سورة الأحزاب)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (من صلّى علي وحدة صلّى الله عليه بها عشراً)، فأكثر من ذلك وأبشر بالخير وليس هناك حدٌ محدود، تصلي على النبي ما تيسر، عشراً, عشرين, ثلاثين, مائة, ألف، أكثر أقل على حسب التيسير من غير تحديد، وهكذا الاستغفار تكثر من الاستغفار؛ لأنك مأمور بهذا، قال الله - عز وجل -: وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(البقرة: من الآية199), وقال - سبحانه وتعالى -: وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ (هود:3)، فالاستغفار له شأنٌ عظيم، في الحديث الآخر يقول - صلى الله عليه وسلم-: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همٍ فرجاً, ومن كل ضيقٍ مخرجاً, ورزقه من حيث لا يحتسب)، وجاء عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاث مرات غفرت خطاياه)، فهذا له شأنٌ عظيم فينبغي لك أن تكثر من الاستغفار في جميع الأوقات, و تقول بعد كل صلاة أستغفر الله ثلاث مرات من حين تسلم، وبعدها تقول: (اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام)،حين تسلم تستغفر ثلاثاً, وتقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، كان النبي يبدأ بهذا حين يسلم-عليه الصلاة والسلام-، في الصلوات الخمس، وتكثر من الاستغفار في الليل والنهار, أو بين النهار أو بين الليل، وآخر النهار كل هذا مطلوب. أما لا إله إلا الله فقد جاء فيها حديث صحيح، (أن من قالها مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتب الله له مائة حسنة, ومحى عنه مائة سيئة, وكان في حرزٍ من الشيطان في يومه ذاك حتى يمسي، ولم يأت أحدٌ بأفضل مما جاء به إلا رجلٌ عمل أكثر من عمله). هذا شيء ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه – عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة: كانت له عدل عشر رقاب-يعني يعتقها-, وكتب الله له مائة حسنة, ومحى عنه مائة سيئة, وكان في حرزٍ من الشيطان في يومه ذاك حتى يمسي، ولم يأت أحدٌ بأفضل مما جاء به إلا رجلٌ عمل أكثر من عمله).وهذا فضل عظيم, فينبغي المحافظة على هذا كل يوم، زاد الترمذي - رحمه الله – في رواية: (يحيي ويميت) لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير)، بإسنادٍ صحيح، فهذا ذكرٌ عظيم, وفائدته عظيمة, وفضله كبير، تقول كل يوم سواءٌ في أول النهار, أو في آخره, أو في وسطه, أو في الليل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير)، له في هذا فضل عظيم، وهكذا سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم لها فضلٌ عظيم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم)، وهكذا سبحان الله العظيم و بحمده عدد خلقه، سبحان الله رضى نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله ثلاث مرات لها فضل عظيم. دخل النبي - صلى الله عليه وسلم- ذات يوم على جويرية وهي في مجلسها في مصلاها بعد الصبح دخل عليها ضحى، وقال: ما زلت في مكانك الذي تركتك عليه، قالت: نعم، قال: لقد قلت بعدك كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلتي من ذو الليل لوزنتهن، سبحان الله العظيم وبحمده عدد خلقه، سبحان الله رضى نفسه، سبحان زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته. وهكذا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر لها خيرٌ عظيم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: أحب الكلام إلى الله أربع: (سبحان الله, والحمد لله, ولا إله إلا الله, والله أكبر)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إلي مما طلعت علي الشمس)، وقال أيضا- عليه الصلاة والسلام-: (الباقيات الصالحات سبحان الله, والحمد لله, ولا إله إلا الله, والله أكبر, ولا حول ولا قوة إلا بالله)، فعليك يا أخي بالإكثار من هذه الأذكار فبها تطمئن القلوب، وبها تستقيم الأحوال، وبها توفق للأعمال الصالحات والتوبة النصوح من ساير السيئات، فعليك بتقوى الله والاستقامة على دينه، والحذر من المعاصي دائماً, وعليك التوبة إلى الله مما تقدم من المعاصي والسيئات، وعليك أن تكثر من هذه الأذكار, ومن الصلاة والسلام على رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، وأبشر بالخير وأبشر بالعاقبة الحميدة، وأبشر بإصلاح القلب وانشراحه، وزوال الذبذبة والحيرة، هذا وعده - سبحانه وتعالى – لمن استقام على أمره وسارع إلى طاعته، وأكثر من ذكره ومن الصلاة على رسوله-عليه الصلاة والسلام، رزقنا الله وإياك الاستقامة، وأعاذنا وإياك من نزغات الشيطان، وهدانا جميعاً صراطه المستقيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله. 
 
4- أنا شاب أبلغ من العمر خمساً وعشرين سنةً تزوجت من فتاةٍ، وبعد الزواج بثلاثة أشهر حصل بيني وبينها سوء تفاهم ورفضت العيش معي، وبعد محاولة طويلة لإقناعها بالرجوع إلي رفضت، فذهبت إلى إحدى المحاكم بالمنطقة الشرقية فدفعت لي مبلغاً وقدره ثلاثون ألف ريال، عبارة عن المهر الذي دفعته مقابل طلاقها مع الهدايا التي بعثتها لها، وكانت في ذلك الوقت حاملاً، وبعد وضع الحمل ترغب في الرجوع إليّ، وأنا أيضاً راغب في عودتها، علماً أن فضيلة القاضي قد خلعها من ذمتي، فهل يجوز الرجوع بيني وبينها أم لا؟
عليك أن تراجع القاضي الذي خلعها منك، وفي نظره البركة والكفاية فهو يفتيكم في هذا مما يعلم من شرع الله - سبحانه وتعالى -، وإن رأى فضيلته أن يحيلك إليّ ويكتب معك صفة الواقعة فلا بأس. 
 
5- تزوجت فتاةً ولم أدخل بها، وقد حصل نزاع بيننا بسبب رغبتها في الذهاب إلى بيت أهلها ومنعي لها، ولكنها حينما لم تمتنع غضبت منها غضباً شديداً، فقلت لها: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق.. أريدها أن تخاف وترجع، ولكنها لم ترضى، ثم سافرت من بلدي إلى بلد آخر، وبعثت لها بمال ولأهلها، ولما عدت راجعتها دون أن أكفر، فهل علي شيء في ذلك أم لا؟
نرى حضورك معها عند فضيلة القاضي في طرفكم حتى ينظر في الموضوع، ويكتب ما جرى بينكما ويفتيكم بما يرى أو يكتب لي في هذا الموضوع، لأن هذا يحتاج إلى النظر في صفة غضبك وأسبابه، فأنت تحضر عند القاضي في طرفكم وهو إن شاء الله ينظر في الأمر ويفتيكم بما يرى، أو يكتب إلي بصفة الواقع وأنا أنظر في ذلك مع بيان أسباب الغضب وحالك عند الغضب، وشدته. 
 
6- قال الله- تعالى-: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ[البقرة:30]، يقول: هل معنى هذا أن الله خلق الإنسان قبل آدم عليه السلام، إذاً فكيف عرفت الملائكة أن الإنسان يفسد في الأرض ويسفك الدماء وما القصد من أن الله جاعل في الأرض خليفة، وخليفة عمن؟
الآية الكريمة تدل على أن الله-جل وعلا-جعل هذا الإنسان وهو آدم-عليه السلام-خليفة في الأرض عمن كان فيها من أهل الفساد وعدم الاستقامة، وقول الملائكة يدل على أنه كان هناك قومٌ يفسدون في الأرض فبنت ما قالت على ما جرى في الأرض, أو لأسبابٍ أخرى اطلعت عليها فقالت ما قالت، فأخبرهم الله - سبحانه وتعالى – بأنه يعلم ما لا تعلمه الملائكة وأن هذا الخليفة يحكم في الأرض بشرع الله،ودين الله وينشر الدعوة إلى توحيده, والإخلاص له, والإيمان به، وهكذا ذريته بعده يكون فيهم الأنبياء يكون فيهم الرسل, و الأخيار, والعلماء الصالحون, والعباد المخلصون إلى غير ذلك، مما حصل في الأرض من العبادة لله وحده وتحكيم شريعته، والأمر بما أمر به والنهي عما نهى عنه، هكذا جرى من الأنبياء والرسل, والعلماء الصالحين, والعباد المخلصين إلى غير ذلك، وظهر أمر الله في ذلك، وعلمت الملائكة بعد ذلك هذا الخير العظيم، ويقال إن الذي قبل آدم إنهم طوائف من الناس ومن الخليقة يقال لهم الجن والحن، وبكل حال فهو خليفة لمن مضى قبله، وصل قبله في أرض الله ممن يعلمهم الله - سبحانه وتعالى – وليس لدينا أدلةٌ قاطعة في بيان من كان هناك قبل آدم, وصفاتهم, وأعمالهم ليس هناك ما يبين هذا الأمر، لكن جعله خليفة يدل على أن هناك من قبله في الأرض، فهو يخلفهم في إظهار الحق, وبيان شريعة الله التي شرع له، وبيان ما يرضي الله ويقرب لديه، وينهى عن الفساد فيها، وهكذا من جاء بعده من ذريته، قاموا بهذا الأمر العظيم من الأنبياء والصلحاء والأخيار، دعوا إلى الحق ووضحوا الحق وأرشدوا إلى دين الله وعمروا الأرض بطاعة الله وتوحيده والحكم بشريعته، وأنكروا على من خالف ذلك.

443 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply